رواية مجرد خيانة الفصل الاول 1بقلم رحمات صالح

رواية مجرد خيانة

الفصل الاول 1

بقلم رحمات صالح ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

في واحدة من أكتر الأحياء شعبية بالعاصمة القومية أمدرمان .. في تقاطع أربعة شوارع ترابية ضيقة .. فيها حفر صغيرة مليانة من موية مطرة نزلت قبل اسبوع و جفت من كل الشارع الا الحفر دي احتفظت بيها مع شوية من البقع اللزجة الخضرا ....

على التقاطع ده كان أبرز معلم في الحلة بسبب قلة المعالم لأنو كل البيوت تتشابه في بساطتها و قدمها .. كان دكان خليفة الفاتح ناصية جزء من بيت ما بزيد شي عن بقية البيوت ... 

اتفتح باب البيت ... و على صوت الباب هجعت أصوات الشباب الكانو بضحكو بأعلى صوت ....

واحد فيهم زحف بصندوق البيبسي الكان قاعد فيهو و قرب من أصحابو القاعدين في شكل دايرة و في نصهم طاولة الضمنة ... وقال :

- أمممممك قريبك ده جايينا عديل ....!!

و قبل ما يستوعبو الصدمة كان حاج حسين وصل عندهم و قال :

- استحو على دمكم شوية .. نحن لمن كنا في سنكم كنا شباب مكافح .. شباب دؤوب .. ماعندنا وقت للفارغة حقتكم دي .. كل همنا نأمن مستقبلنا و نرفع الهم من على كتوف أهالينا ... لكن انتو يا جيل الموبايلات و الانترنت خربتو البلد .. 

قال محاضرتو الكانت تقريبا بتتقال ليهم يوميا ... و مشى الدكان ...

نصر الدين الملقب ب(نصري) كتم ضحكتو و قال بهمس :

- (أها يااااا النفيدي ههههااااي البسمع مستقبلنا مستقبلنا ما يقول ياهو البيت و الدكان الباقي ليهو مطرتين و يقع هههههههههه) كمل ضحكو الخافت لكن سكت لمن ما شاف تجاوب من أصحابو .. و بالعكس عيونهم بتعكس نظرات غريبة ... اتلفت وراهو بذعر و شاف حاج حسين واقف وراهو و مكتف ايدينو و قال :

- (قوم يا عاطل منك له ... بدل المسخرة دي قومو أردمو الحفر دي جابت البعوض و التلوث للحي)

كان نفسو يضحك تاني لأنو أصلا الحي ملوث بسبب البالوعات الكل يوم بتتغرف و تتفضى في الشارع .... 

- (يلا ... سريع... و انت قوم جيب الحفارات من بيت عمك الضو)

قام بملل و مشى ببطء وهو خاتي يدينو الاتنين في جيوبو الورا ... و العم حسين نهرو بصوت عالي :

- (يا ولد.... صلح مشيتك دي)

وصل بيت الضو وجاب الحفارة و الكوريك و رماهم لي أصحابو و قال :

- (أنجزو سريع .. أنا ماشي آخد لي حمام و جاي)

أمين قال :

- (تعال هنا ده)

اتلفت عليهو و قال :

- (بدون اعتراض ... خلصو عشان عندي ليكم برنامج ظااابط الليلة)

أمين استسلم و اتناول الكوريك و بدا يردم في الحفر بمعاونة باقي الشباب .....

......

بعد ساعة و نص ... في الخرطوم ... قريب من صينية الكبري

(نصري حبيبي مالك جبتني على ملا وشي .. قلقتني شديد)

رد بصوت مليان حزن مفتعل :

(أمي ......)

(لااااا... ماتقول لي الكلى قامت عليها تاني)

(للأسف أيوة ... و داير آخد منك العربية عشان أرجع أمدرمان أسوقها وأجيبها المستشفى)

فتحت الباب و نزلت و قالت 

(تعال أركب سريع)

(اركبي أوصلك البيت)

(لا .. أنا حآخد لي أمجاد)

(أركبي يا قمر .. أصلا ماشي جهة العربي عندي أمانة عند زول قريبي لازم أجيبها ... يلا أقدمك في طريقي)

بدون تردد فتحت شنطتها و طلعت ربطة مكونة من خمسينات ما تقل عن 3 مليون .. وقالت 

(شيل دي و حصل أمك)

قبل وشو الناحية التانية و قال بغضب 

(يعني عشان شلت منك العربية تفتكري حأقبل أشيل منك قروش ؟ أنا لا يمكن أمد يدي لي بت مهما كنت بحبك ... و قريبي ده اصلا أنا عايز منو قروش ....)

(نصررررري ... أنا و إنت واحد .. و أمك أمي ... و عارفاك ما عايز تشيل مني بس أكسب الزمن و أرجع لي أمك .... يلا .... بسرعة)

(أنا ما عارف أشكرك كيف على وقفتك جنبي ... أصيلة و بت رجال .. الله يخليك لي يا أم أولادي)

حاولت تداري خجلها الكان باين على وشها الدائري المتسم بملامح طفولية بريئة ... و قالت 

(يلا ... بعدين أبقى طمنني على ماما رقية)

....

ركب العربية و قفل الباب و أنطلق بسرعة جنونية بعد ما قفل الشبابيك و رفع التكييف و فتح كليب على الشاشة الصغيرة المعلقة فوق و بقى يرقص و هو سايق و يدق على الدركسون بلحن الأغنية الأجنبية 

Oooh ..Ohoohwoo .. Oooh .Ooohhwoo 

Nobody wanna see us together 

But it don't matter no 

Cause I got you 

Nobody wanna see us together 

و كل شوية يعاين لي نفسو في المرايا و يبتسم بفخر و رضا عن شكلو الجذاب ... بسمرتو المميزة و ملامحو الاكتسبت طابع الجدية بسبب حواجبو الكثيفة المقرونة ... و في لحظة اتأمل نفسو كأنو عايز  يسأل نفسو سؤال : إنت راضي عن حياتك دي ؟ لكن قبل ما يتعمق في أفكارو طردها من راسو .... و طلع موبايلو من جيبو واتصل على أمين :

(أنا قطعت الكبري .. ربع ساعة و أكون عندكم)

______

دقت باب الشارع الضخم برااحة .. فتح ليها الجنايني و قال (آنسة قمر؟ مالك جاية برجلينك خير؟)

(اششش ياعمو خليني ادخل بس)

و مشت بخطوات سريعة قطعت الحديقة الواسعة الكانت بتفصل بين باب الشارع و البيت جوة ... فتحت باب الهول و دخلت .. ما لقت زول في هول الاستقبال .. طلعت بالسلم الحلزوني المكون من 6 درجات و المزين بالدرابزين الدهبي الفخم البطلع على جلسة فخمة مطلة على هول الاستقبال وفيها صفرة كبيرة .. قعدت في كرسي الصفرة و طلعت موبايلها من الشنطة :

(روز .. جيبي لي كرواسون بالجبنة و عصير أناناس بالحليب)

جاها من تحت صوت أخوها 

(إنتي جيتي متين ؟ و ليه عربيتك برة مافي)

عاينت ليهو من فوق و هو بقفل في باب الهول ...و اتجاهلت سؤالو ... و بقت تقلب في موبايلها بقلق وهي منتظرة أي خبر يطمنها على أم حبيبها المريضة حسب كلامو ....

شهقت بخلعة لمن حست بيد مسكت كتفها بعنف 

(يابت مابتردي مالك؟)

(يوووه يا بودي خلعتني)

(بودي في عينك.. أنا راجل ملو هدومي تقولي لي بودي؟) 

(خلاص عبود ... و مابغيرها)

(المهم ... عربيتك وينها؟)

(سايقاها وحدة صحبتي)

(صحبتك اسمها منو ؟ و ساكنة وين؟)

(عبد الرحمن ما تحقق معاي كده ..)

(مشكلتك ما عايزة تفهمي إنو صحباتك ديل بستغلو وضعك .. و القروش الكتيرة البقيتي تصرفيها دي أنا متأكد بتصرفيها عليهم ... يا قمر أنا مابعترض لو كانو محتاجين ليك .. لكن أنا ماعايز زول يستغلك)

(ماتخاف .. أختك ما عبيطة)

عاين ليها بطرف عينو ... و مشى وخلاها بتفكر في نصر ... وأمو ...

......

في مطعم من مطاعم الخرطوم ...

(2 بيتزا كبيرة .. 3 طلب دجاج مشوي ... 2 طلب كباب.. كيلو سمك .. امممم ... و تاني شنو ... 2 كيلو حلويات مشكلة ... و 7 عصير مانجو 4 محلي و 3 سفري)

الويتر أخد الطلبات و مشى .... و واحد من الشباب اسمو مصطفى قال :

(نصررري ...!، ده شنو الأكل الكتير ده ؟؟ نحن 4 حناكل ده كلو؟)

(منو القال كلو ليكم؟ .. وبعدين إنتو دافعين حاجة من جيبكم؟)

أمين ضحك و قال 

(يعني إنت الدافع ؟)

صاحبهم الرابع لؤي قال 

(نفسي أعرف يا نصري إنت بتحنك المزز كيف)

نصري قال ببرود (ولا بحنكهم و لا حاجة .. براهم بجوني لغاية عندي)

أمين الكان قاعد جنبو لكزو وقال (البيان بالعمل... شوف البت ديك شكلها هنا براها .. قوم ورينا شغلك)

اتأفف وقال (ياخي ماعندي مزاج حسي .. و بعدين البت دي ما سمحة ياخ)

مصطفى قال (والله نجاااضة عديل بس ما بتعرف تلبس)

لؤي (يخوانا سيبو البت ... شكلها بت مسكينة و على قدر حالها)

نصري عاين ليهو بطرف عينو وقال (شنو يا عم الشيخ داير تقوم لينا لحركاتك دي)

لؤي (ما حركات و لا شي .. لكن دي ما نوعية البنات البتعرفوهم .. باين من لبسها البسيط)

نصري عاين ليها شديد و قال بتحدي (شفت البت دي الإنت شايفها بسيطة و ما زي البنات ... والله دي مصيبة عديل ماتشوفها كده .. دي نوعية البنات العاملات فيها دايشات ساي و هي أكتر وحدة شفتة و مفتحة)

مصطفى ضحك وقال (معلم يا نصري هههههااااي الود خبرة في البنات)

نصري فجأة .. رجع بالكرسي لورا و وقف ... صلح قميصو و ظبط كفة أكمامو وعلق النضارة الشمسية في جيب القميص ... و شال مفتاح العربية ... و قال لي أمين (أسمع يا فردة ... عد من 1 لي 10 و أضرب لي) و مشى تجاه ما البت كانت قاعدة و هو بعد في نفسو 1 ، 2 ، 3 ... لمن وصل 10 كان بالضبط جنبها .. و في اللحظة دي موبايلو رن .. وقف جنبها وطلع الموبايل .. و عملو صامت وقال من غير ما يرد (آيوة يا غازي .. أنا في مطعم (.....) إنت وين ؟ ياخ معقولة انت لسه في بحري ؟ أنا منتظرك داير أديك الشيكات دي و أمشي لأني مستعجل ... لا لا مابقدر أتعشى معاك لأني لاقيت بالصدفة شباب كده بعرفهم و عزمتهم على العشا باكل معاهم سريع و بطلع ... أسمعني .. بكرة اجتماعنا مع شركة الألبان ... شد حيلك لو الصفقة دي وقعت لينا حأديك 10 مليون عمولة )

ورجع الموبايل في جيبو و طلع الشارع ... ووقف على يمين الباب و طلع من جيبو سيجارة وولعها .. وبقى يعد في نفسو ببطء 1 ، 2 ، 3 ، 4 ، 5 ، 6 ، 7 ابتسم بخبث و قال لي نفسو (قبل الزمن المتوقع بتلاتة ثواني)

(لو سمحت ... بسأل من صيدلية اسمها المنى .. قالو في الشارع ده)

رد بدون مايعاين ليها (لا ما هنا .... على بعد 3 شوارع)

قالت بقلق (يعني بعيدة ..! معليش أصلي ما من هنا و مابعرف الشوراع)

طلع السيجارة من خشمو و نفخ الدخان وقال (أركبي ركشة و قولي ليهو صيدلية المنى حيوصلك) و اترقب ملامحها الاتحولت للإحباط .. و واصل (و لا إذا ما مستعجلة ... أنا أصلا ماشي كده ..)

قالت (لا ماعايزة أتعبك معاي .. بس وصف لي)

قال (أنا مافارق معاي لأنو أصلا طريقي .. لكن براحتك)

قالت بسرعة (لا لا ما مشكلة بنتظر .. أصلا البلد بقت تخوف)

دخل جوة و مشى على أصحابو و قعد و هو بقول (أوع واحد فيكم يعاين تجاها)

لؤي قال بدهشة (أموت و أعرف كيف خليتها تطلع وراك كده)

رجع بضهرو لورا و خلف رجلو و قال بابتسامة (الخبرة تلعب دورها .. و كل بت تعرف تدخل ليها من وين) 

جا الويتر و نزل الطلبات و مشى ... و نصري طوالي بدا يقسم في الأكل .. و نادى الويتر وقال (لو سمحت اعمل لي ديل سفري) و بدو ياكلو هو و أصحابو التلاتة تحت عيون البت الكانت بتراقبهم و هم غافلين عنها .. إلا نصري ... كان شاعر بيها جدا .

خلص أكل و قال لأصحابو (حأمشي مشوار قريب و أرجع ليكم)

و قام غسل يدينو و مشى للبت و قال (يلا أوديك .. زولي ده إتأخر و إنتي بت ما صح تتأخري أكتر من كده)

و مشى قدامها قبل ما يسمع ردها .. و هي جات وراهو .. و وقفت ثانيتين و هي منططة عيونها لمن شافتو بفتح العربية السنتافي الرصاصية موديل السنة .. و بعدين انتبهت لي روحها و مشت ركبت ...

اتحرك وهو بقول (إسمك منو؟)

ردت بتوتر حقيقي لأنها شعرت إنو الموقف أكبر منها (زهراء)

(زهراء .. شكلك بت على نياتك و قلبك أبيض .. لكن الزمن ده بقى كعب .. أعملي حسابك و ما تطلعي تاني مرة بالليل .. و ماتثقي في زول غريب مهما كان يبدو ليك إنو زول كويس)

اتحرجت و سكتت .. و هو شعر بالإنتصار لأنو حقق غرض معين ... 

بعد شوية قال (قلتي لي إنك ما من هنا ..)

بدت تشعر بالراحة و قالت (ما من الخرطوم .. جيت أفتش شغل)

خاف تكون بتلمح تطلب منو يشغلها عندو عشان كده قال بسرعة (والله الشغل بقى صعب يتلقي .. و أغلب الشركات و المؤسسات الخاصة مكتفية بناسها)

اتنهدت و قالت بصدق (الله كريم)

وقف العربية و قال (أهي صيدلية المنى)

اتلفتت على مكان بأشر و عاينت للافتة الصيدلية .. و رجعت قالت ليه (أنا ماعارفة أشكرك كيف)

ابتسم ابتسامة بجنبة وحدة كانت مميزة عندو .. و قال (بس حافظي على نفسك ماعايز منك أكتر من كده)

فتحت الباب ببطء و نزلت رجل وحدة بنفس البطء كأنها منتظراهو يقول شي .. لمن ما قال اتلفتت عليهو و قالت (ممكن أطلب منك طلب؟)

(اتفضلي)

(أنا غريبة هنا و قاعدة مع خالي ود عم أمي و ماعندو غير بت وحدة .. و .. انا ما بعرف شي في البلد .......)

هز راسو بهيبة مفتعلة و قال (زهراء ..لو إحتجتي أي شي إتصلي على طول) و دخل يدو في جيوبو و قال (للأسف ما معاي كوبي من الكرت بتاعي ...) طلعت ورقة و قلم من شنطتها ... و بدت تدون في الرقم الكان بمليهو ليها ... و قبل ما تنزل ... قال (بنتظر منك مكالمة .. يلا .. خلي بالك من نفسك).....




                  الفصل الثاني من هنا 

   لقراءة جميع فصول الرواية من هنا


تعليقات
×

للمزيد من الروايات زوروا قناتنا على تليجرام من هنا

زيارة القناة