
رواية مجرد خيانة
الفصل الثاني والثلاثون 32
بقلم رحمات صالح
ناجي دق الباب بعد ما خليفة سيد الدكان كلمو انو حاج الضو وصاهو بمجرد ما يشوفو جاي على البيت يجيهو .. فتح الباب حاج الضو .. و دخلو الاتنين قعدو في الحوش .. و الضو بدا يتكلم وقال (شوف يا إبني ،، إنت ولد فاضل و الكل يشهد على كده ، و عقلك يوزن بلد .. و داير أسألك في موضوع كده)
ناجي قلبو انقبض من الكلام رغم انو مامتوقعو (اتفضل ياحاج)
الضو قال (نصر الدين أخوك ،، دايرك تقول لي كل شي عنو )
ناجي (ليه في شنو ياعم ... ما يكون عمل شي)
الضو قال (لا أبدا .. بس يهمني أعرف .. فات من البيت ليه و مشى وين .. و القروش الجاتو فجأة دي حكايتها شنو)
ناجي قال بصدق (والله يا حاج لا أنا لا الوالدة ماعارفين شي عن شغلو ده .. لكن هو بقول الشغل بحتم عليهو يسكن قريب لأنك عارف حلتنا دي بعيدة حبتين من وسط الخرطوم)
الضو (يعني ما كان في خلاف بينو و بين المرحوم ؟ زي ما الناس بتقول؟)
ناجي (الخلافات بتحصل في أي بيت .. لكن يا حاج انت بتسأل ليه)
الضو قام من مكانو و قال (الشاي جاهز .. لحظة أجيبو)
......
امين فتح عينو بعد ما كانت معصوبة طول الطريق بقطعة ... عاين حوالينو لقى نفسو في بيت .. الزول الفك منو القطعة قال (خليك مكانك)
أمين قال (إنت منو ؟ إنتو ما شرطة ..)
الزول بدون مايرد طلع .. وقفل الباب بالمفتاح .. أمين بقى يرفس في الباب و يصرخ .. و يمشي للشباك يحاول يفتحو .... بعد 10 دقائق اتفتح الباب ... و أمين قال بدهشة (إنتو ؟)
لؤي لمن شافو اتنفس بي راحة و قال (الحمد لله إني شفتكم)
مصطفى قال بي ذعر (ده شنو البحصل ده و ديل منو ونحن وين)
أمين قال (والله ماعارف شي ... ماعارف)
......
زهراء فتحت التلفزيون بناء على الرسالة الجاتها من نادية انها لازم تشوف الحلقة دي ... بقت تتفرج في الاستديو و الديكور و لبس نادية و مكياجها و ما كانت مركزة في موضوع الحلقة و كمان بالها مشغول بي وليد و الاتفاق العملتو معاهو .. و في نفس الوقت بتفكر في نصري الجاي بكرة و حتسافر معاهو .... مامعروف وين و فترة كم ... قطع تفكيرها كلام نادية : (و هنا لازم ننبه إنو الكلام على وجه العموم و القصص الحنذكرها مجرد نماذج حنستفيد منها في تشخيص حالات التكسب الغير مشروع للشباب .. و كيفية العلاج من الوباء الاتفشى في الاونة الأخيرة .. و بقول للمشاهدين سلطو معايا بقعة ضو على القضية دي .، و ادعمو البرنامج بمشاركاتكم البناءة عشان نكون كلنا يد وحدة تبني مجتمع نضيف و تخلق شباب شريف)
سكتت ثواني و حركت شاشة الكمبيوتر الكفي الصغيرة الماسكاها بشمالها و قالت (معانا مجموعة رسائل وفي الحقيقة أنا استقبلت كتير من الرسائل بعد الإعلان عن مضمون القضية الجديدة و ده بيأكد أهمية الموضوع و تفاعل المشاهد ... اخترت ليكم رسالة حنقراها مع بعض :
التحية للأستاذة نادية و التحية للمشاهد الكريم وكل متابعي بقعة ضو .. أنا شاب في ال25 من العمر .. أخ ل3 أخوات جميعهن في مراحل دراسية مختلفة .. أمي مريضة .. و أبي أعمى .. أحب فتاة و تركتني بسبب عدم قدرتي على الزواج منها .. و تركت دراستي الجامعية في العام الأخير لعدم تمكني من سداد الرسوم .. رغم ذلك لا أفكر إلا في الكسب الحلال .. و رسالتي الى الشباب هي .......)
زهراء وطت الصوت لأن تلفونها رن ..، ردت و كان وليد (مساء الخير يا عسل .. ها .. على اتفاقنا ؟)
قالت (أكيد ، من الصباح طوالي .. تحب أبدا من ياتو جامعة؟)
وليد (زي ماتحبي .. و كمان اعتبري أول وحدة دي هدية مني .. و شدي حيلك الجامعات فيها شغل تمام)
زهراء قالت (أوكي .. بس انا مسافرة و راجعة)
وليد (ده شي يخصك .. أصلا نسبتك حسب شغلك)
قفلت منو و هي ماعاوزة تفكر في الموضوع .. و رجعت رفعت الصوت ... في اللحظة المناسبة تماما ... اللحظة البدت نادية تقرا الرسالة الغيرت مجرى حياتهم كلهم .. أخطر رسالة وردت في برنامج بقعة ضو ..... على الإطلاق .......
......
نصري شعر بالقلق لمن حاول يتصل بأصحابو التلاتة و مافي رد .. و بعد ما يئس اضطر يتصل بي جلال رغم إنو ما كان عاوز يحسسو بالقلق و انو بضاعتو حتصلو ... جلال بمجرد مافتح الخط قال (بتعرف الفار سموهو كده ليه؟)
نصري استغرب .. وقال (الفار ؟؟؟)
جلال (لأنو بفرفر .. بجري .. حركتو سريعة و يهرب من هنا لي هنا بسرعة .. لكن ما بقدر يخفي نفسو .. و لو المكان فيهو فار واحد بتعرف .. و كمان بتقبض)
نصري بدا يفهم بس قال (بتقصد شنو)
جلال (ما اتوقعتك رغم دهاءك تسلم بضاعتي المهمة دي .. لي شوية فيران)
نصري خت ايدو في راسو و قال (اتقبضو؟؟)
جلال (لا أنا دايما الأسرع)
نصري قال (يعني هم وين حاليا)
جلال (معاي .. بس خليهم يتعلمو .. ويتأدبو حبة ، عشان لمن يطلعو مني ينسوني تماما .. يمحوني من ذاكرتهم)
نصري قال (أرجوك .. عشان خاطري .، ديل أخواني)
جلال ضحك (ههههه ماتخاف ما حأذيهم .. رغم اني مابعرف شي اسمو أخوان .. خاصة في الشغل .. و للمرة التانية والأخيرة بذكرك .. انا ماعاوز شوشرة .. يا تشتغل عديل و تجيب ناس تعرف تشتغل .. و لا تمحيني من ذاكرتك زيهم)
نصري قفل الخط و شال الموبايل رماهو بقوة على الحيطة ... و بقى برفس في أساس الغرفة و يرمي في كل شي يلقاهو قدامو ... بعد شوية وقف وبقى يتنفس بسرعة ... وقعد في الأرض في ركن الغرفة .. وبدا يبكي ... ويبكي .... ماعارف الخلاهو ينهار كده شنو ... بس كان حاسي انو محتاج يبكي نفسو و يبكي أبوهو .. ويبكي شبابو الضايع بدون هدف ... و أصحابو الممكن يضيعو بسببو .. و يبكي ضميرو المات .. و قلبو البقى زي الحجر ..
رن تلفونو رغم انو مرمي بعيد ... زحف على ركبو شالو كان متوقع انو في شي بتعلق بأصحابو .، لقاها قمر .، كان ناوي يطنش .. بس فجأة .. لقى نفسو عاوز يرد يمكن يخفف شوية من تأنيب الضمير الكان بقطعو في اللحظة دي :
(اي يا قمر)
قمر مما سمعت صوتو قالت (نصري .. مالك)
قال (تعبان . في شنو)
استعادت كبرياءها المزيف و قالت بغرور (بس .، كنت عاوزة أشوف بكرة حنتلاقى في المطار و لا حتمر علي في الفندق عشان تشيل لي حاجاتي)
قال بهدوء بعد ما اتذكر انهم مسافرين مع بعض (التشوفيهو انتي)
قالت (خلاص تعال علي ،، بس ما تأخرنا بالله)
قال بسرعة (قمر ،، أنا آسف)
قالت بعد ماصوتها ضاع وسط حيرتها و وسط شوقها و حبها وكل المشاعر البتخفيها (على شنو)
قال (على كل شي .. أنا محتاج لي عفوك .. يمكن المصايب البتنزل علي دي بسبب العملتو فيك)
قمر دموعها سالت وقالت (البحب عمرو ما يشيل في قلبو .. و أنا عافية ليك كل شي ... لأني بحبك)
...........
..
زهراء رفعت الصوت وهي مركزة في كل حرف من الرسالة الغريبة جدا البتقراها نادية (أنا واحد من متابعين البرنامج .. لمن شفت اعلان الحلقات الجديدة ما قاومت رغبتي اني أرسل الرسالة دي رغم اني متوقع انها ما حتتعرض أصلا على التلفزيون .. التكسب غير المشروع للشباب .. طبعا المتوقع انو الناس بترمي اللوم على الظروف .. الحالة الاقتصادية .. الضغوطات الاجتماعية .. لكن أنا بقول لأ .. و الدليل .. حبوباتنا و أجدادنا .. عاشو كيف ؟ أكلو الكسرة البايتة بالموية .. عانو من المجاعات .. العيش كان بختفي شهور .. مرت عليهم سنوات الناس كانت بتاكل وجبة واحدة .. ماتو من الجوع و المرض .. مافي صحة مافي علاج مافي اطباء مافي تغذية .. لكن .. في ضمائر حية .. و مجتمع نضيف ... شبابنا البتقولو انهم معرضين لي ضغوط ديل الواحد فيهم بياكل الوجبات الجاهزة .. بيشحن رصيد .. بفعل الانترنت .. شايل أحسن موبايل .. و يقول ليك مضغوط .. لا .. العلة مافي الظروف .. و المشكلة جات من رؤوس الفساد .. تجار الممنوعات .. مروجين الفواحش ... الطبقة الفوق العايشة على أكتاف الطبقة الأقل منها ... ديل بستغلو الشباب و طموحهم و تطلعاتهم .. عندك مثال بسيط .. أنا ... كنت شاب عادي و أعيش حياة مستقرة وسط أسرتي الفقيرة .. غررو بي .. انجرفت ورا حب المال ... كانت النتيجة شنو ؟ اني حاليا ......... أفسد ... زول في السوق ....... و أغلب الشباب البتتكلمي عنهم ديل .،،.... تحت سلطتي ..... بحركهم زي الأرقوزات ... شغال فيهم زي المرض الخبيث البدمر فيهم واحد ورا التاني ....... اللوم على منو ؟ ماتقدري تقولي على الظروف ....... اللوم كلو على الضمير ......