
رواية أمان مزيف الفصل السابع 7 والاخير بقلم شروق فتحي
في الجهة الأخرى عند عم صبري كان التوتر يجتاح جسده كله وهو يردد بصدمة:
_ايه أنتَ بتقول ايه يا دكتور؟! اكيد...أكيد أنتَ غلطان...بنتي عايشه(اندفع نحوها بخطوات متعثّرة، وجثا على ركبتيه بجوار جسدها، يحتضنها كما لو كان يحاول أن يمنع روحها من الرحيل) وسع قومي يا "سعاد" يا حبيبتى هجبلك كل اللي أنتِ عايزاه علشان خاطري قومي(انهالت دموعه بغزارة، وصوته يتهدج بين البكاء والنحيب) أنا ما ليش حد غيرك أنتِ روحي اللي عايش بيها مش ينفع روحي تبعد عني(وهو يهز في جسدها) أرجوكي متسبنيش قومي ونبي مقدرش على فراقك أنتَ كمان كفايا مامتك راحت(ليضحك ضحكة مكسورة، مليئة باليأس، خرجت منه رغماً عنه) أنا عارف أنك بتعملي فيا مقلب بتشوفي غلاوتك عندى...صح؟(وهو يمرر يده المرتجفة على شعرها، يناديها بحنان يائس) يلا بقى قومى مش بتردى ليه(التفت نحو الطبيب بعينين زائغتين، كأنه يستجديه أن ينفي ما يحدث) هى مش بترد ليه؟!
أخذ الطبيب نفسًا عميقًا، وأجاب بصوت يثقله الحزن:
_وحد الله ، الله يرحمها هي راحت مكان أحسن من هنا!
لينفجر في بكاء هستيري، صوته يخترق جدران المكان:
_ااااه يارب كنت تاخدني وتسبها!
ليقترب منهُ وهو يربّت على كتفه مواسيًا:
_لا _حول ولا قوة إلا بالله_ ربنا يعينك على فراقها!
🥰✨🖋بقلم شروق فتحي🖋✨🥰
......
في صباح اليوم التالي، جلست "أميرة" في المقعد الخلفي للسيارة، ذراعاها متشابكتان وصوتها ممتلئ بالاستفهام:
_إنتَ كنت فين؟! وإزاي تمشي كده من غير ما تعرفني؟!
كانت عيناها تتفحصان وجه "عم صبري" عبر المرآة الأمامية، ولاحظت انتفاخ جفونه واحمرار عينيه وكأنهما لم تذوقا النوم طوال الليل:
_وإيه اللي عامل في شكلك كده؟! إزاي هتوصلني وأنتَ شكلك كده؟!
ضغط "عم صبري" بكلتا يديه على مقود السيارة، حتى بدت مفاصله بارزة من شدة القبضة، قبل أن يخرج تنهيدة عميقة كأنها تحمل ثِقَل ليلة كاملة:
_معلش يا أستاذة… جالي مكالمة طارئة…(ليتوقف لثوانٍ، كأنه يجمع شجاعته لينطق الكلمة التالية، ثم قال بصوت مبحوح) بنتي… الله يرحمها.
ساد الصمت داخل السيارة، ولم تعد "أميرة" قادرة على النطق، بينما كان هو يرمق الطريق بعينين غارقتين في الحزن، وكأن كل ما حوله اختفى إلا صورتها.
ترددت الكلمات على لسانها، وكأنها ثقيلة لا تريد الخروج:
_ايه ده البقاء لله وحد الله(لتبتلع ريقها بصعوبة، ثم أضافت بصوت منخفض) لو عايز تروح تاخد عزاها ممكن تمشى (في نفسها: ايه اللي أنا عملته ده، كده أنا السبب)(مدّت يدها سريعًا إلى حقيبتها، أخرجت بعض المال، وأشارت بيد مرتعشة في اتجاهه:) خد دول!
رمقها بنظرة عجزت عن فك شفرتها، مزيج غريب بين السخرية والألم العميق:
_ها جايه تديني فلوس بعد ما روحي مشيت وسابتنى؟!(توقف لحظة، وكأن الكلمات تكوي حلقه، ثم أكمل بسخرية ثقيلة تتسلل من بين أنفاسه) لا بجد تعبتك معايا! تعالى هوصلك وأروح عزاها...
.......
كانت أميرة جالسة في مكتبها، غارقة بين الملفات، عيناها تتنقل بين الأوراق بعناية.
دخل عم ناصر حاملًا كوب القهوة، فابتسمت لهُ:
_شكرًا يا عم "ناصر"… أمشي أنتَ، حط القهوة هنا واتفضل.
ترك الكوب أمامها وخرج بهدوء. مدّت يدها نحو القهوة، أخذت أول رشفة، ثم الثانية… وما هي إلا لحظات حتى تجمّد وجهها فجأة، وشعور حارق بدأ يشتعل في معدتها:
_آااه… بطني…!
سقط القلم من يدها وهي تنحني، تمسك بطنها بكلتي يديها، والعرق يتصبب من جبينها. ارتفع صوتها يقطع صمت المكتب:
_الحقوني…!!
.....
كانت هبة تتحرك جيئة وذهابًا أمام باب غرفة العمليات، خطواتها سريعة وقلبها يخفق بعنف. فجأة، فُتح الباب وخرج الطبيب، جبينه يلمع من العرق، وملامحه مشدودة. هرولت نحوه قبل أن يلتقط أنفاسه:
_طمنا يا دكتور، في ايه اللي حصل؟!
دكتور ابتلع ريقه، وصوته يخرج بثقل:
_أسف وحدى الله مش لحقنها بقاء لله الاعمار بيد الله!
وكأن عقلها توقف، ولم تستوعب ما يُقال، عيناها تتسعان في ذهول وهي تلهث:
_أنتَ بتقول إيه؟! فين "أميرة"؟!
اندفعت تركض نحو الغرفة التي تتواجد فيها، فتحت الباب بعنف، وهرولت إلى السرير، تهز جسدها بعنف:
_أميرة! قومي يا حبيبتي… يلا فوقي!
كانت يدها ترتجف وهي تلمس وجهها البارد، رفعت نظرها إلى كريم وعينيها تبحثان عن بصيص أمل:
_"كريم"… صح هي عايشة! صح؟!
ظل واقفًا، شفتيه ترتعشان لكن لا يخرج منه صوت، وعيناه تمتلئان بالدموع. اقتربت منه بخطوات متعثرة، تهز في جسده:
_اتكلم! أنت ساكت ليه؟! هي عايشة… صح؟!
لكن الصمت كان أبلغ من أي جواب.
كريم وهو يحاول استجماع شتات نفسه، صوته مبحوح والدموع تحاصر عينيه:
_دكتور لو سمحت هو ايه سبب اللي حصل ده؟!
تنهد الدكتور بأسى، وكأنه يحاول اختيار كلماته بعناية، لكنه نطق بالحقيقة كطعنة مباشرة؛
_خدت جرعه كبيره من السم...والسم كان قوى جدًا...ف..مش لحقنا نلحقها!
كريم وكأن تلك كلمة نزلت عليه كالصاعقة، لينظر لهبه:
_ايه سم؟! "هبه" ردى عليا "أميرة" كانت ليها أعداء؟!
هبة، ودموعها تتلألأ في عينيها حتى حجبت الرؤية، كانت تهز رأسها وكأنها ترفض تصديق ما أمامها:
_دي كانت أطيب خلق الله، عمرها ما أذت حد...هى الوحيده اللي أتأذت الكل جه، عليها حتى أقرب ناس ليها(وهي مازالت تهز في جسدها، لتضع رأسها على صدر أميرة وهي تبكي) قومي بقى يا "أميرة"، قومي أرجوكي، متسيبنيش لوحدي!
حسن، وهو يحاول أن يبعد جسد هبة عن جثمان أميرة برفق لتهدئتها:
خلاص… أهدّي يا "هبة"، كده هتتعبّي نفسك… اللي بتعمليه ده غلط!
لكن قبل أن يكمل كلماته، شعر بثقل جسدها يتهاوى بين ذراعيه، ووجهها شاحب كالقمر المطفأ:
_"هبة"! "هبة"! فوقي!
ارتفع صوته بالذعر، في اللحظة التي هرع فيها الممرضون نحوه، وأخذوها منه بسرعة.
التفت نحو الطبيب بوجه مرتبك وقلق:
_هي مالها يا دكتور؟!
تردد الطبيب لحظة، وكأنه لا يعرف أيبتسم بأسى أم يترك الحزن يعلو ملامحه:
_جالها حالة أنهيار عصبى وده غلط على الجنين؛ علشان كده أدنها مهدئ!
تنهد بعمق، ونبرته انكسرت في آخر كلماته:
_لو كانت عايشه كانت عملت لينا فرح ربنا يرحمك يا "أميرة".
كريم، وصوته ممتزج بالغضب والوجع، وعينيه وكأن حجابًا أسود غطاهما:
_أنا مش هسكت… مش هسيب حقها! لازم أعرف مين الحقير اللي حط السم في قهوتها… ولازم يدفع التمن.
(يتقدم أحد الضباط بخطوات ثابتة) أيوه يا باشا الدكتور قال دي حالة تسمم كبيرة، وجرعه كانت كبيرة، يعني اللي حط سم قاصد يخلص عليها!
الظابط بنبرة حاسمة ولكن فيها تعاطف:
طيب… إحنا هنعمل تحرياتنا، وهيوصلنا مين اللي حط السم، ووقتها مش هيفلت من العقاب.
كريم، وكأن قوته انسحبت فجأة، أسند ظهره للحائط، ثم انزلق ببطء حتى صار جالسًا على الأرض. أغمض عينيه بشدة، محاولًا يحبس دموعه، لكن وجعه كان أكبر من قدرته على الاحتمال.
(في نفسه: آه… وجعتي قلبي يا "أميرة". بعد ما لاقيتك، القدر ييجي ويفرقنا؟! على الرغم إننا شوفنا بعض مرتين بس… قدرتِ تملكي قلبي وعقلي وروحي كلها… آه يا "أميرة")
.....
بعد يومين، وبعد تحريات مكثفة…
رن هاتف كريم، ليأتيه صوت الضابط عبر الخط:
_أيوه يا دكتور" كريم" أحنا عايزينك علشان تسمع حاجه تهمك....(لم يضيع كريم لحظة، أسرع بخطوات ثقيلة حتى وصل. دخل المكتب، ليجد الضابط جالسًا، وعلى الكرسي المقابل يجلس "ناصر" متوترًا، يعبث بيديه، وعينيه تهرب من أي نظرة.
الضابط أشار لكريم بالجلوس)أتفضل يا دكتور (ثم التفت نحو "ناصر" بنبرة حادة) ها مش ناوى تتكلم يا "ناصر" ولا ايه؟!
كريم وهو ينظر لذلك الواقف الذي يرتجف رعبًا، وهو يتجهُ في أتجاهُ:
_أتكلم وألا قسمًا بالله اوريك مين كريم حسين؟!
ظابط وهو يحاول السيطره على غضب كريم:
_أهدى يا دكتور "كريم"...أتكلم يا ابنى، أتكلم وإن شاءلله الحكم هيتخفف!
عم "ناصر" بصوت متقطع وجسده يرتجف، محاولًا السيطرة على حروفه:
_عم "صبري" جه وقالي إنه عايز يحط السم للأستاذة "أميرة"… علشان هي السبب – من وجهة نظره – في موت بنته. كان بيقول إنها رفضت القرض اللي كان طالبُه، رغم إنه اتذلل ليها علشان توافق… وهي رفضت تمامًا، وقالت له: "لو فتحت الموضوع ده تاني، هيكون الرفض نهائي".
كان محتاج الفلوس دي علشان عملية خطيرة لبنته… لكن لما ماتت، قال لي بالحرف: "لازم أنتقم منها"!
الظابط بابتسامة هادئة:
_كده تمام...أهدى يا دكتور اللي حصل حصل!
تم إلقاء القبض على "عم صبري"، وصدر الحكم عليه بالإعدام، بينما حُكم على "عم ناصر" بالسجن المؤبد......
تمت بحمد الله
وأيضا زرونا على صفحة الفيس بوك
وايضا زورو صفحتنا سما للروايات
من هنا علي التلجرام لتشارك معنا لك
كل جديد من لينك التلجرام الظاهر امامك
وايضا زورو صفحتنا سما للروايات
من هنا علي التلجرام لتشارك معنا لك
كل جديد من لينك التلجرام الظاهر امامك