
رواية همس بلا صوت الفصل الخامس عشر 15 والاخير بقلم نور محمد
نور: " ايه رايكم يا بنات نعمل حاجه بدل ماحنا قاعدين كده
تمارا: " نعمل ايه يعني
نور بخبث قالت وهي مبتسمة: "هقولك...
البنات كلهم بصّوا لها باهتمام، سيلا كانت قاعدة على الأرض وملفوفة في بطانية خفيفة، شعرها سايب وعينيها فيها لمعة خفيفة من الضحك اللي لسه ما راحش.
تقى قالت وهي رافعة حواجبها:"إيه في دماغك تاني يا نور؟ أنا بقلق منك والله
نور ضحكت وقالت وهي تمسك الموبايل بتاعها:
"متقلقيش يا أختي المره دي مش هزار... المرادي هنعمل حاجة مفيدة
تمارا حطت الفشار على الترابيزة وقالت باستغراب:
"مفيدة...انتي هتخلينا ننظف البيت ولا ايه
نور بغيظ: " هو التنظيف مفيد
بانه بسخريه: " عيب كده يا تمارا انتي بتغلطي في البت ...نور والنظافه في جمله واحده يعني بجد عيب عليكي
نور بصتلهم بقرف وبعدين قعدت بالنص بينهم وقالت بجدية بسيطة مخلوطة بحماس: "بصوا بقى.أنا كنت بفكر نساعد غيث والشباب في القضية دي بدل ما نقعد مكتوفين كده... يعني نعمل حاجة احنا كمان
سيلا اتجمدت للحظة ملامحها اتبدلت خفيفة كأن الكلمة لمستها من جوه بس ماقالتش حاجه
تمارا بسرعة قالت: "نساعد إزاي؟
دي عملية كبيرة والمجرمين اللي فيها خطرين جدًا
نور قربت منها وقالت:"عارفة بس مش لازم نروح نحاربهم بإيدينا يعني نقدر نعرف عنهم معلومات أي حاجة تساعد الشباب
تقى ضحكت بسخرية: "آه طبعًا وإنتي هتعرفي المعلومات منين يا أذكى أخوتك ...من Ai
ولا شات جي بي تي
نور لمعت عينيها وقالت وهي تلوح بالموبايل:
"من الموبايل طبعًا، بس مش موبايلي أنا... هكلم حد يعرف ناس ممكن يفيدونا
سيلا رفعت راسها بسرعة وقالت بصوت متوتر شوية:
"حد؟ مين يعني
نور بابتسامة هادية:
"كيڤن... أخو ريان. هو ليه معارف كتير وممكن يعرف حد من الناس دي. كنت بفكر أسأله يدور لنا على أي أثر عن اللي كانوا بيعملوا فيكي التجارب
سيلا وشها اتغير لونها فتح كأن الدم هرب من ملامحها، وبصوت مهزوز قالت:
"نور... انتي مش عارفة ان ده خطر
تمارا بخوف: "استني وهو في إيه يعني؟ إنتي تعرفي حاجة يا سيلا
سيلا عضت شفايفها ولفت وشها بس نور مدت إيدها ومسكتها بلطف:
"سيلا، لو في حاجه انتي عارفاها قوليها يمكن نقدر نساعدك نوصلك ليهم
سيلا قعدت ثواني ساكته أنفاسها متقطعة وعينيها بتتهرب وبعدها بصت لنور وقالت بهدوء كأنها استسلمت: "أنا بصراحة فاكره شويه حاجات مقلتهاش لي غيث لاني خايفه عليه ليعملوا في حاجه بس بصراحه أنا فاكرة وشوش التلاتة اللي كانوا هناك... وأسماءهم
كل البنات انتبهوا ونور قربت أكتر وقالت بصوت منخفض:"قولي أسمائهم وأوصفي شكلهم كده
سيلا خدت نفس عميق وقالت وهي عينيها بتلمع:
"أمجد، زين، وأحمد... كانوا دايمًا بيتكلموا مع حد اسمه عزت بس أنا مشوفتوش بعيني. كان هو الكبير بتاعهم اللي الكل بيسمع كلامه
نور لمعت عينيها حماس وقالت: "تمام...كده بقي عندنا خيوط نبدأ منها
تمارا بخضة: "نور إنتي ناوية تعملي إيه بالظبط
نور وهي بتفتح الموبايل: "هكلم كيڤن دلوقتي. هخليه يدورلي على أي معلومة عن الأسماء دي
سيلا بسرعة قامت وشدت الموبايل من إيدها وقالت بخوف: "لاااااا! متكلمهوش
الكل اتفاجئ.
نور وقفت وقالت باستغراب:"ليه ....في إيه يا سيلا؟"
سيلا بصت في الأرض وقالت بصوت واطي:
"علشان لما يعرفوا إن في حد بيدور عليهم... ممكن يتحركوا قبل ما نلحقهم وكيڤن الي بتتكلمي عليه ده ممكن يتأذي بسببي
نور بابتسامة خفيفة وهي بتحاول تطمنها:
"ما تقلقيش عليه هو اصلا متعود علي الحاجات دي ده شغله عباله عن كده اصلا أنا هخليه ياخدها بسرية تامة وبعدين احسن حاجه في جنانه وتهوره
البنات ضحكوا بخفة لكن سيلا كانت لسه متوترة ودماغها بتلف بعد لحظه من التفكير قالت بجدية:
"خلاص... لو هتكلميه يبقى لازم أقولك كل اللي أعرفه عنهم قبل ما يعمل أي حاجة غبية
نور قعدت تاني وقالت بحماس: "تمام يا ستي احكيلي كل حاجة وأنا هتصرف
سيلا بدأت تحكي، وصوتها كان هادي بس كل كلمة كانت تقيلة، فيها وجع وذكريات بتوجع القلب
البنات كلهم قاعدين حواليها، بيحسوا بكل كلمة
وبين كل جملة والتانية، نور بتكتب ملاحظات في موبايلها نظراتها بقت جادة عقلها بيشتغل بسرعة
بعد ما سيلا خلصت الكلام ساد صمت غريب في القعدة
كل البنات كانوا غارقين في التفكير وكأن كل واحدة بتحاول تستوعب اللي سمعته
نور كانت أول واحدة كسرت الصمت رفعت الموبايل وقالت: "خلاص أنا كده فهمت كل حاجة... دلوقتي بقي اكلم كيڤن
تمارا بسرعة قالت: "نور انتي بجد هتعملي كده
نور بابتسامة واثقة:
"هو دايمًا صاحي في الوقت ده هو بيبقي نايم طول النهار وبيصحي بليل علشان شغله
دانا: " هو شغال ايه
نور بفخر: " مافيا
سيلا: " انتي بتتريقي
نور: " وانا اتريق لي يعني لا هو ده شغله الحقيقي
مع أن ريان مقدم ... سبحان الله نفس الشكل وكل حاجه بس عكس بعد في الشغل
ضحكوا البنات لكن سيلا كانت لسه ملامحها متوترة.
نور ضغطت على اسمه في الموبايل والمكالمة بدأت ترن... مرة واتنين وتلاتة
ولا رد
نور رفعت حاجبها بضيق وقالت:"ما بيردش
الجان الكسلان ده نايم ولا بيطنشني
بانه ضحكت وقالت بمزاح: " متعرفيش يا نور بيحبك قد ايه
نور بسخرية: " مش مهم هو المهم اخوه...طب اتصلي انتي يا دانه كده تلاقي لسه نايم أو معكنن علشان كده مردش
بانه رفعت موبايلها بتردد وقالت: " طب لو طلع متعكنن أنا ماليش دعوة
ضغطت الاتصال وأول رنّة...
صوت كيڤن طلع من السماعة بنبرته الهادية اللي فيها حده: "فيه إيه يا بانه في مصيبة ولا إيه؟"
قبل ما بانه تفتح بؤها نور خطفت منها الموبايل وقالت بنبرة غيظ: "آه في مصيبة إنك بتطنشني! أنا كلمتك من موبايلي 3 مرات وما رديتش
كيڤن بسخرية: " انا قولت برضوا انكم قاعدين مع بعض خير يا ست نور صدعني
نور بغيظ وهي تقف قدام البنات اللي بيتفرجوا عليها وهما بيكتموا ضحكهم: "صداع!! طب اسمع يا اخ علشان مش فاضيالك أنا مش بكلمك عشان نرغي.... في موضوع مهم وخطير جدًا
كيڤن ضحك بخفة وقال وهو واضح عليه الإعياء:
"الموضوع الخطير ده لو مش عن قتل ولا جريمه خطف يبقى اتكلمي بكرة يا نور أنا مرهق حرفيًا
نور رفعت صوتها شوية وقالت بحدة:
"طب تصدق إنه فعلاً عن جريمة؟ جريمة كبيرة كمان!"
صوته اتغير فورًا، بقى جاد وهادئ في نفس الوقت:
"اتكلمي... إيه اللي حصل
البنات اتبادلوا نظرات فيها قلق وترقب وسيلا كانت قاعدة في مكانه بتكتم أنفاسها وهي بتراقب الموقف.
نور خدت نفس وقالت بثقة: " بص يا سيدي
وسردت عليه كل الي تعرفوا
سكت كيڤن لحظات صوته بعدها جه بنبرة جاده: "
بصي هكلم حد من معرفي وهشوف هيعرف يجيب حاجه عنهم ولا لا
نور بابتسامة خفيفة وحماس"ياريت بسرعه وبجد بجد لو عرفت حاجه عنهم ليك هديه كبيره عندي
كيڤن بسخرية: " كفي نفسك .....كمان اي عرفت حاجه دي انا يا ماما اجبلك مكنهم لو عايزه
نور بغيظ: " انا مش هرد علي اشكالك...وكمان هنشوف انت بؤ علي الفاضي اصلا....الو...الو..
نور وهي بتقفل الموبيل: " شكل الشبكه وحشه
تقى بسخرية: " الشبكه برضوا
ضحكوا كلهم عليها ونور بصتلهم بغيظ
سيلا كانت لسه قاعدة هادية، بتقلب في البطانية بين إيديها، عينيها رايحة جاية ناحية الموبايل كأنها خايفة من اللي ممكن يحصل بعد المكالمة دي.
بعد حوالي ساعة، كانوا البنات خلاص قرروا يجهزوا للعشا، ونور وقفت في المطبخ تقطع خضار وهي بتكلم نفسها: "أكيد هيبعتلي مسج أو يتصل بس مش عارفه اتاخر كده لي
لكن في اللحظة دي، على الناحية التانية من المدينة، في مكتب مظلم مضاء بنور خافت، كيڤن كان واقف قدام شاشات كبيرة، وصوت رجاله في الخلفية بيقولوا: "الاسماء اللي طلبتها يا باشا، لقينا عنهم تحركات في الصحراء من فترة، واحد اسمه عزت رجع مصر امبارح الفجر، وراح فيلا في أطراف طريق السويس، معاه تلاتة - أحمد، وزين، وأمجد
كيڤن وقف ثابت ثواني، عينيه ضاقت وهو بيقول بصوت منخفض فيه حدة:
"عزت... يبقى هو الكبير
الراجل اللي جنبه سأله: "نعمل إيه دلوقتي يا باشا؟"
كيڤن حط يده في جيبه وقال بابتسامة خبيثة:
"نروح نزور الحبايب... بس الأول لازم اروح مشوار
خرج من المكتب، لبس الجاكيت الجلدي الأسود بتاعه، وركب عربيته، صوت الموتور دوّى في الشارع الفاضي وهو رايح ناحية بيت نور.
---
في البيت، كانت البنات قاعدين بيأكلوا وبيتكلموا، والجو رجع طبيعي شوية.
تمارا قالت:
"يعني يا نور، لو الراجل ده فعلاً جابلك عنوانهم، ناوية تعملي إيه؟"
نور بلعت لقمة وقالت بثقة:
"مش عارفة، بس مش هسيب اللي عملوا كده في سيلا يعيشوا مرتاحين."
سيلا رفعت نظرها وقالت بهدوء:
"أنا مش عايزة انتقام... أنا عايزة عدل. بس لو حد هيقرب منكم عشان الموضوع ده، أنا مش هسامح نفسي."
قبل ما نور ترد، سمعوا خبطة قوية على الباب.
البنات كلهم اتجمدوا، ونور بصت ناحية الباب بحذر وقالت:
"مين اللي جاي في الوقت ده؟"
دانا بخوف: "يمكن حد من الشباب
نور مشيت ناحية الباب بخطوات بطيئة، ولما فتحته، لقت كيڤن واقف، شعره مبعثر ووشه جاد، بس عينيه فيها شرارة حادة.قال بنبرة ساخره: " ها يا ست نور مش عايزه تعرفي عملت ايه
نور فتحت الباب أكتر وقالت بحماس: "ها يا كيفن عملت ايه عرفت حاجه عنهم
دخل بخطوات بطيئه والكل كان باصص له في صمت.
كيڤن بص لهم كلهم وقال:
"الناس اللي بتدوروا عليهم، عزت والتلاتة اللي وراه... كلهم في فيلا في الصحراء، ولسه راجعين مصر النهارده. يعني الوقت مناسب جدًا إننا نتحرك قبل ما يختفوا تاني."
تمارا شهقت وقالت بخوف:
"يعني إيه نتحرك!؟ انت ناوي تعمل إيه بالظبط؟"
كيڤن ببساطة وهو بيرمي المفاتيح على الترابيزة:
"أعمل اللي محدش غيري هيعمله. أخلص اللعبة دي من جذورها."
سيلا قامت واقفة بسرعة، عينيها فيها خليط من خوف وإصرار: "أنا جايه معاك
نور بسرعة قالت:
"سيلا لا! الموضوع خطر، احنا ممكن نساعد من بعيد!"
سيلا بصت لها بحدة:
"أنا مش هستنى حد يا نور. الناس دي سرقوا مني كل حاجة، ومش هقدر أعيش وأنا سايباهم عايشين عادي."
كيڤن ضحك بخفة وقال: "شكلها طلعت أشجع منكم كلكم
نور بصت له بغيظ وقالت:
"مفيش حد أشجع مننا، بس احنا بنفكر بعقل مش بتهور زيك
هو ابتسم وقال بسخرية خفيفة:
"بس التهور هو اللي بيجيب النتايج يا ست نور
وبعدين انتي بذات متتكلميش عن الموضوع ده
نور بصتلوا بغيظ
الجو بقى مشحون، وكل واحدة من البنات كانت بتبص للتانية بخوف وتردد.
في اللحظة دي، بانه قالت بحزم: "طيب خلاص، لو في حد رايح، احنا كلنا هنروح سوا. محدش هيواجه الخطر لوحده
سيلا بصت لها بابتسامة صغيرة وقالت:انا بشكركم جدآ علي وقفتكم جنبي بس لحد كده كفايه مش عايزه حد يتأذي بسببي
نور بمرح: " يتأذي!! انتي شكلك متعرفنيش
تقى بسخرية: " مهي فعلاً متعرفكيش دي اول مره تشوفك انهارده الصبح
نور بغيظ: "ملكيش دعوة محدش اخد رايك اصلا
كيڤن بنفاذ صبر: " هتيجوا معايا ولا لا اخلصوا
نور بحماس: " هنيجي معاك يا باشا
سكت الكل وكأنهم حسّوا إن اللي جاي هيبقى أكبر من أي حاجة حصلت قبل كده.
كيڤن مسك الموبايل وقال: "أنا هجهز كل حاجة الفجر نتحرك
نور قالت بجدية: "نكمل العشا بقي اتفضل معانا يا كيڤن
ميڤن: " شكرا مش عايز
نور وهي بتاكل: " احسن برضوا وفرت دي كانت عزومه مركبيه اصلا
------
الساعة كانت قربت على الخامسة، صوت الأذان بدأ يتسلل من بعيد، يمتزج بهواء الفجر البارد اللي بيخترق الصدر.
البيت كله في صمت، غير صوت خطوات خفيفة للبنات وهم بيجهزوا نفسهم.
نور لابسة جاكيت أسود وتيشرت اسود وبنطلون جينز ووشها جاد لأول مرة
سيلا وقفة قدام المراية، عينيها فيها لمعة مشاعر متناقضة… خوف، إصرار، وانتقام.
كيڤن واقف عند الباب، بيلبس الجوانتي الجلدي بتاعه، وقال بنبرة حاسمة: "العربيات جاهزة… نتحرك دلوقتي قبل ما الشمس تطلع
نور وهي بتربط الشوز بتاعها قالت بسخرية خفيفة تحاول تخفف الجو:
"ماشي يا فان ديزل، بس ما تتأخرش وإحنا وراك
كيڤن رمقها بنظرة حادة وقال:
"اللي ورايا يلتزم، مفيش هزار النهارده يا نور
الكل سكت، الجو فعلاً بقى تقيل.
خرجوا من البيت، والهواء البارد ضربهم على وشوشهم.
---
بعد نص ساعة الموكب الصغير ماشي على طريق السويس.
عربيتين: الأولى فيها كيڤن، نور، وسيلا
والتانية فيها بانه وتمارا وتقى ودانا.
صوت الموتور بيقطع الصمت، والطريق فاضي إلا من نور لمبات الإشارات البعيدة.
الساعة ٥:٣٠، العربيتين وقفوا على بعد كيلو من الفيلا.
كانت محاطة بسور عالي وضوء خافت خارج من الشبابيك.
كيڤن نزل أول واحد وقال بصوت منخفض:
"اسمعوني كويس... أنا هدخل من الباب الرئيسي، ونور انتي وسيلا تدخلوا من الجنب. لو حصل أي صوت أو مقاومة، ابعدوا فورًا وانا هتعامل
نور بعيون متحدية: "مش هنسيبك لوحدك جوه، فاهم
كيڤن اتنهد وقال بسخرية: " انتي لو حد نفخ فيكي هطيلي
نور بصتلوا بقرف: " انا مش هرد علي اشكالك
كيڤن بسخريه: " انتي طبيعي تقولي كده هتردي تقولي ايه يعني ..
نور: " اخلص بقي واقتحم عايزه اروح انام
كيڤن: " مش عارف مين الي معلمك الشجاعه دي
سيلا قاطعته بنبرة جادة:"من نفسها خلينا نركز بقي
اتحركوا بخفة وسط الضلمة، الرياح كانت بتهز أوراق الشجر، والهدوء كان يخوف أكتر من أي صوت.
كيڤن كسر القفل بسهولة ودخل، والبنات وراه.
الفيلا من جوه كانت غريبة... حيطانها متشققة والأضواء واطية
الظلام كان خانق، والهواء واقف كأنه بيراقب اللي بيحصل.
كيڤن أشار بإيده للجميع يسكتوا، وصوت نفسه المتقطع كان بيتخنق مع نبضاتهم المتسارعة.
نور لمست سلاحها الصغير اللي مخبيه في الجاكيت، عينيها مركزة على باب الفيلا اللي متشقق وبيصدر صوت مزعج كل ما الريح تهزه.
دانا وقفت جنبه لابسة لبس أسود ميدّيها هيبة وقالت بهمس: "في حركة جوه… سمعت
كيڤن أومأ، وبص على نور وقال بحزم: "خلي البنات ورايا. أول ما أدخل متتحركوش غير بإشارة مني
نور بابتسامة متحدية:"احنا جايين نساعد مش نتفرج
لكن قبل ما يرد
فجأة طلع أمجد، وراه زين وأحمد.
وشوشهم ثابتة، بس نظراتهم كلها شر.
أحمد ابتسم وقال ببرود:
"واضح إن عندنا زوار... ما كنتش متوقع إن الستات ييجوا برجليهم
نور بخبث: " مفاجاه حلوه صح
احمد بصلها بسخرية وتجاهلها
كيڤن رفع سلاحه، لكن قبل ما يتكلم، سمعوا صوت باب حديدي بيتفتح من وراهم.
رجالة كتير دخلت، مسلحين
المكان اتقلب في ثواني.
كيڤن نط ناحية أقرب واحد وضربه في وشه بكوعه، وقع على طول.
دانا كانت أسرع، خدت عصا من الأرض وضربت بيها واحد تاني في بطنه لحد ما وقع.
نور مسكت كرسي وضربت بيه زجاج المعمل عشان تشغلهم، الزجاج اتناثر في الهوا والناس اتشتتت.
بس وسط الزحمة… تقى كانت بتحاول تحمي تمارا، واحد من الرجالة شدها من دراعها بعنف، وجرّحها بسكين في كتفها.
صرخت بصوت عالي، والدم نزل على هدومها.
نور صرخت: "تمارا
كيڤن بص بسرعة، وشه اتغير، راح ناحية الراجل اللي ضربها، مسكه من هدومه ورفع سلاحه على رقبته.
صوته طلع غاضب جدًا: " انت الي جنات علي نفسك
لكن قبل ما يضغط الزناد، الباب الرئيسي اتفتح بقوة، وصوت عربيات الشرطة دخل المكان.
غيث: "الكل مكانه!!!"
صوت الطلقات بدأ من بره، الشباب دخلوا، غيث أول واحد ومعاه فهد ومراد وريان.
الدنيا اتقلبت صريخ، ضرب نار، وزجاج بيتكسر.
رجالة عزت بدأوا يهربوا ناحية المخرج الخلفي.
سيلا بصت لغيث وسط الفوضى وقالت بصوت عالي: "هم دول… دول التلاتة اللي عذبوني!!"
غيث سمع الكلمة، عينيه اتغيرت، ورمى نفسه ناحية أحمد وضربه في وشه بقوة.
أحمد وقع على الأرض، وغيث كان هيكمل لولا أن فهد مسكه وقال:"سيبني أنا، هنهتم بيهم بعدين.
ريان بص على نور وقال بسرعة وحده: "خدي البنات واطلعوا بره، هنا مش آمن!"
نور بصت له وقالت وهي بتسند تقى: "مش همشي غير لما أتأكد إنهم اتقبض عليهم
كيڤن ضحك بخفة رغم الدم اللي على وشه وقال: "عنيدة
واحد جه من ورا بانه ولسه هيضربها نور هجمت عليه ومسكته من شعره وقعتوا علي الارض وفضلت تضرب في وهي بتقول: " كله الا بانه يا معفن شعلك ده مستفزني من الصبح شبه الكلب الجربان كانت بتقول كده وهي بتشد في شعره
دانا كانت بتغطيهم بالنار من الناحية التانية، ضربت طلقة فوق راس زين خلت الكل يوقف لحظة.
غيث رفع صوته: "الكل يرمي سلاحه أحسنلوا
رجالة عزت بدؤوا يستسلموا، صوت صفارات الشرطة بدأ يملأ المكان الأضواء الزرقا بتلمع على الحيطان المتهدمة للفيلا، والهواء مليان دخان وريحة بارود.
رجالة عزت وقعوا واحد ورا التاني، صراخهم اتلاشى وسط أوامر الضباط وصوت السلاح، لكن عزت نفسه… كان بيجري.
بيجري زي الحيوان الجريح، هو وأمجد وزين، ووشوشهم مليانة تراب وخوف
ركبوا العربية بسرعة، والعجلات صرخت على الأرض الرملية، والعربية اندفعت في طريق الصحراء.
غيث كان لسه بيصرخ:
"سيلا! استني! في تعزيزات جاية!"
بس سيلا ما سمعتش.
ركبت العربية قبله، قلبت المفتاح، وضغطت على البنزين لحد الآخر.
غيث قفز جنبها في آخر لحظة، وصوت الموتور علا، والعربية طارت على الطريق الترابي بسرعة جنونية.
عينيها كانت مركزة على نور أضواء عربيتهم اللي بتبعد، وكل عضلة في جسمها متوترة.
قال غيث وهو ماسك الباب بيده:
"سيلا، اهدي! هنمسكهم بطريقتنا—"
قاطعته ببرود:
"النهارده مفيش طرق رسمية، النهارده في حساب."
صوت الرمل بيخبط في جسم العربية، الهوى بيصفع وشوشهم، والظلمة ما بينقطهاش غير نور العربيتين.
غيث شاف في المراية لمعة غريبة في عينها، نفس اللمعة اللي شافها زمان في المستشفى قبل انفجارها الأول… بس المرة دي فيها سيطرة، فيها وعي.
عربية عزت قدامهم بدأت تترنح، أمجد كان بيصرخ للسواق: "زيد السرعة! زيدها يا مجنون!"
لكن سيلا كانت أقرب مما يتخيلوا.
خبطت أول مرة في الجنب، العربية اهتزت.
غيث اتزن بصعوبة وقال من بين أسنانه:
"سيلاااا!!"
ما ردتش، زودت السرعة أكتر، صوت الموتور بيزمجر.
خبطت تاني…
والتالتة كانت القاضية.
العربية اتقلبت على جنبها، تدحرجت مرتين قبل ما تقف على وش الرمل، والدخان طالع منها.
سيلا فرملت بعنف، نزلت قبل حتى ما العربية تقف تمامًا.
غيث نزل وراها، بس وقف، سابها تمشي… سابها تواجه.
الهواء ساكن، إلا من صوت الشرارات اللي بتطلع من العربية المقلوبة.
أمجد كان بيزحف على الأرض، دمه سايح على وشه.
وزين بيحاول يقوم، وعزت بيكح وهو بيخرج من باب العربية المكسور.
سيلا قربت بخطوات تقيلة صوتها طالع واطي بس مرعب: "فاكرني يا دكتور امجد
عزت حاول يتكلم، بس صوتها غطى عليه:
"كنتم دايمًا بتضحكوا وأنا بصوت من الوجع، صح؟"
رفعت السلاح اللي أخدته من أحد رجالة الفيلا، وسحبته ببطء.
غيث اتقدم خطوة، صوته واطي: "سيلا، كفاية… هو انتهى
بصتله لحظة، والدمع نزل على خدها، بس ابتسامتها كانت مؤلمة: "انتهى ...هو بنسباكم انتهي بنسبالي انا لسه
أطلقت الرصاصة الأولى…
أصابت الأرض جنب عزت، ثم الثانية في كتف أمجد، صرخ بصوت عالي.
وزين حاول يجري، لكنها خبطته برجليها وأسقطته على الرمل.
قعدت تضربوا برجلها وضرباته ما كانتش مجرد غضب… كانت سنين ألم.
غيث سابها، كان عارف إنها محتاجة اللحظة دي، محتاجة تحس إنها خدت حقها وترتاح
هوقفت أخيرًا، كانت بتتنفس بصعوبة عينيها باهتة من التعب والدموع.
غيث قرب منها بصوت واطي جدًا: "خلصتي
ردت بخفوت وهي تبص للسماء الرمادية: "لأ… بس قلبي ارتاح
مد إيده ولمس خدها بلطف، وقال بنبرة فيها سخرية خفيفة تخفي خوفه الحقيقي:
"تمام… دلوقتي دوري أنا. اللي فاضل هيتحاسب بطريقتي
ابتسمت بخفة، وقالت وهي تمسح دمها من على وشها:
"ماشي يا حضرت ضابط … خلينا نختمها سوا
العربيات الشرطه ظهرت في الأفق، والهواء الصباحي بدأ يتحرك من تاني
غيث بص لي سيلا وابستم بحب
---------
بعد خمسه اشهر
كانت الساعة تقترب من الثامنة مساءً، والبيت هادي إلا من ضحكات خفيفة جاية من غرفة المعيشة.
سيلا كانت قاعدة على الكنبة، لابسة فستان قطني واسع تلامس بيدها بطنها الصغيرة الي بالكاد بدأت تظهر تبتسم ابتسامه خفيفة كلما شعرت بحركه خفيفه بداخلها وهي بتتفرج على فيلم كارتون مع زياد اللي كان قاعد ملزّق فيها
دخل غيث من المطبخ حامل صينية فيها عصير وكوب لبن وسيلا قالت وهي بتضحك:"أنا مش قلتلك بلاش تعب كنت أنا اللي أعمل كده
رد غيث وهو بيحط الصينية على الترابيزة بابتسامة دافئة: "ده تعب... دي فرصة أعمل حاجة ليكم... أنتو الاتنين
رفع زياد راسه بفضول وسأل ببراءة: "بابا هو البيبي بيشرب اللبن كمان
ضحكت سيلا وقالت وهي تمرر يدها على شعره:
"آه يا حبيبي كل ما ماما تشرب اللبن البيبي بياخد منه
اتسعت عيون زياد بدهشة:"يعني البيبي بياكل كمان؟ طب لو أنا أكلت شوكولاتة... البيبي هيحبها
ضحك غيث بصوت عالي، جلس جنبهم وسحب زياد لحضنه: "يبقى لازم نأكل ماما شوكولاتة كل يوم، عشان البنوته دي تطلع بتحبها زيك
سيلا هزت راسها ضاحكة وهي تحاول تخفي خجلها من طريقته، ثم قالت بنعومة: "بنوته؟
مين قال إنها بنت
غمزها غيث وقال بثقة: "إحساسي بيقول كده... وعندي إحساس تاني إن زياد هيبقى أكتر حد بيخاف عليها
زياد رفع رأسه بفخر وقال: "أكيد! أنا هبقى أخوها الكبير، وهضرب أي حد يضايقها
ضحكوا هما الاتنين، وغيث شد سيلا ناحيته، يمرر يده بلطف على بطنها، وقال بصوت منخفض لكنه مليان دفء: "انتم أغلى حاجة في حياتي... نفسي الزمن يقف كده من غير مشاكل وتعب
سيلا بصت له بابتسامة هادئة وحب وزياد غطس أكتر في حضنها، والجو كله كان مليان حنية وسكينة، كأن كل التعب والذكريات القديمة اتنسوا في اللحظة دي
تمت بحمد الله ❤️