رواية أين ابنائى الفصل الاول 1 بقلم سوزان محمد عبدالغني


رواية أين ابنائى
الفصل الاول 1
بقلم سوزان محمد عبدالغني 


أنا حبيبة
امرأة من أسرة ثرية وعائلة كبيرة ومعروفة في المنطقة التي أعيش فيها 
نشأت في أسرة محترمة تحافظ على الدين وتتمسك بالأخلاق والتقاليد 
أنجبت خمسة أبناء أربعة منهم ذكور وواحدة من الإناث كانت هي الصغري
و جاءت بعد سبع سنوات من آخر ولد أنجبته
اسميت ابنتي شجن ولم أكن أعلم أن الإنسان له نصيب من اسمه فابنتي عاشت قصة حزينة كلها دموع وألم لأكثر من 25عاما بسبب غلطة واحدة كانت بسبب سذاجتها
وجعلت حياتها وحياتنا تتغير للأبد 
فقبل أن تحدث تلك المصيبة
  كان الجميع يدللها  وخصوصاً والدها  فلقد تزوج ابنائي الذكور كلهم وانتقل كلا منهم لمحافظة مختلفة ولم يتبق معنا في المنزل سوى شجن
 لذلك كان والدها يحضر لها كل ماتطلبه 
ولم يكن يحرمها من أي شيء 
 حتى أنه اشترى لها سيارة موديل حديث كهديه نجاحها في الثانوية العامة لتذهب بها إلى الجامعة
 كما قدم لها في إحدي الجامعات الخاصة وهي الجامعة الأمريكية 
وبعد دخولها الجامعة بعدة أشهر 
 تعرفت ابنتي على شاب أخبرها أن اسمه مهاب و أنه
في السنة الأخيرة في نفس الجامعة   
بينما هي كانت في السنة الأولى وقتها
ظل مهاب يلاحقها في كل مكان تذهب إليه  ويبدي لها أعجابه بها حتى تعلقت به
 ثم أخذ يكلمها عبر الانترنت حتى أحبته
ولأني كنت أثق في تربيتي لها على العفة والاحترام لم أكن أراقبها
فلقد كنت صارمة جداً معها وخصوصاً في أمور العلاقات
 ودائما احذرها وأهددها ألا تتقرب من أحد لذلك كانت تخاف منى ولم تحكِ لي شيئا عن علاقتها بمهاب
ولم أتصور أن ابنتي  بعد كل هذه التحذيرات قد تنخدع بهذه السهولة 
فقد أحبت مهاب لدرجة أنها كانت تثق به ثقة عمياء
وذات مرة 
طلب منها أن تذهب معه  لمنزله ليعرفها على والدته لأنها مقعدة وتريد أن تراها على الطبيعة وتتعرف عليها 
 قبل أن يتقدم لها رسميا
ولأن ابنتي ساذجة وافقت دون أن تخبرني
وإلا كنت منعتها ووفرت علي الجميع المعاناة التي حدثت بعد ذلك 
وللأسف ذهبت معه 
وفي الطريق أعطاها قطعة شيكولاته من النوع الذي تفضله ولكنه وضع بها مادة مخدرة 
وأصر على أن تأكلها وهما يصعدان السلم ويتجهان للشقة
وعندما دخلوا الشقة كانت شجن تصلب طولها بصعوبة وأخبرها مهاب أنه سيعد لها كوبا من القهوة حتى تستفيق 
ولكنها تفاجأت بعد أن جلست في غرفة الاستقبال
بخروج شاباً آخر  من إحدى الغرف وكان مخمو..را تماماً
 وعندما سألت مهاب عن الشاب
 أخبرها بأنه أخوه 
 وأن أمه نائمة بالداخل وسيأخذها ليعرفها عليها بعد أن تستريح من السلم وتشرب القهوة
ثم بدأت شجن تشعر بدوار شديد فطلبت من مهاب أن يعيدها لمنزلنا فقد تركت سيارتها ذلك اليوم في موقف الجامعة وحضرت معه للشقة في سيارة أجرة 
 ولكن مهاب تجاهل طلبها
حاولت شجن القيام والخروج لكنها سقطت أرضا
ثم خرج شاب آخر يلبس كمامه من إحدي الغرف
وحملها وإعادها للأريكة مرة أخرى
ثم توجه مهاب لإحدي الغرف 
 وطلب من الشاب الذي يلبس الكمامة أن يحرسها  حتى تفقد القدرة على المقاومة ثم يحضرها للغرفة حالما يشرب بعض المشروب
وبعد دقائق 
كانت شجن قد فقدت القدرة على الحركة تماماً
 فحملها الشاب صاحب الكمامة للغرفة التي دخلها مهاب منذ قليل  ولكنها وقبل أن تفقد وعيها
بسبب المخدر كانت آخر مارأته 
  مهاب والشاب المخمو..ر يشربان ويجلسان في انتظارها  
بينما يلقيها الشاب صاحب الكمامة على السرير
ثم قاموا بالاعتداء عليها وهي غائبة عن الوعي
وبعدها تركوها في تلك الشقة وهي غارقة في الدماء  وهربوا  
وعندما أفاقت شجن لم تجد أحداً في الغرفة ولا أي مكان في الشقة 
ووجدت ثيابها ملقاة على الأرض بجوار السرير 
فدخلت لحمام الشقة واغتسلت  لتزيح تلك الدماء التي خضبت جسدها وهي منهكة تماماً 
ثم لبست ثيابها بصعوبة 
وغادرت الشقة
واستطاعت أن تجد تاكسي وعادت للبيت وهي في حالة إعياء شديد 
ثم تسللت لغرفتها دون أن يراها أحد 
فقد كنت أنا ووالدها في غرفة المكتب
 وبعد أن بدلت ثيابها  
جلست على سريرها وهي تبكي 
وبعد أن أستعادت القدرة على التفكير
و أدركت ماحدث لها
حاولت الاتصال بمهاب لتطلب منه أن يكفر عن ذنبه ويتزوجها حتى لا تتعرض للف..ضيحة ولكن هاتفه كان مغلقا 
فظلت تبكي بحرقة حتى نامت
وعندما جاء وقت الغداء سألت إحدى الخدمات عنها
فأخبرتني أنها قد عادت منذ قليل وهي في غرفتها
فأرسلت من ينادي عليها من أجل تناول الغداء
ولكن العاملة حضرت و أخبرتني أنها نائمة
فلم نشأ أن نوقظها
ولم تجلس معنا باقي اليوم فقد ظلت نائمة 
وأنا لم أشكّ في شئ لأنها عادة ما تنام بعد عودتها من الجامعة ولا نرها إلا في اليوم التالي 

وفي الصباح 
عندما جلست معنا على مائدة الإفطار
 سألها  والدها عن سبب نومها باقي النهار
فأخبرته أنها كانت في رحلة ميدانية تابعة للجامعة وأنها  حضرت متعبة لذلك نامت
وبعد أن غادر والدها إلى عمله 
 جلست معها في غرفتها وأخذت استجوبها حتى إنهارت
 و أخبرتني بالحقيقة 
كاد يغمى علي من الصدمة 
وأخذت ألط..م على وجهي مرة وأضربها بكلتا يدي على ظهرها مرة أخرى حتى ألامتني يداي من الضرب
وأغمى على شجن
**
لم أنم تلك الليلة
 واحتفظت بالسر لنفسي فزوجي مريض قلب ولن يتحمل الخبر 
وكان على أن أتصرف بسرعة
فأخذت أبحث سرا عن الشاب لأضغط عليه حتى يتزوج من ابنتي ويداري على هذه الفضيحة 
فذهبت للشقة التي حدثت فيها المصيبة
فعرفت من صاحبها أن الشقة كانت مستأجرة ليومين ولم أستطع التوصل للمستأجر لأنها شقة مفروشة تأجر بالليلة
لذلك لا يأخذ صاحبها أي ضمانات من المستأجر 
فقررت البحث في الجامعة
وذهبت لشئون الطلاب وجعلتهم يشاهدون صورته التى كانت على هاتف شجن 
فقد أخبرتني شجن أنه طالب في السنة الأخيرة 
ولكني أكتشفت أن مهاب ليس مقيدا في هذه الجامعة من الأساس لا في الفرقة الأخيرة ولا أي فرقة أخرى 
حتى حسابه على مواقع التواصل الاجتماعى الذي كان يكلم شجن من خلاله أغلقه 
***
 ومرت الأيام
و قد يئست تماماً  من الوصول لأي خيط يوصلني لمهاب 
فلم أستطع التوصل إلي أي معلومة تخصه فلا أحد يعرفه في الجامعة ولم يتعرف أحد على صورته
مر ثلاثة أشهر 
وساءت حالة شجن الصحية 
وذبلت كما تذبل الزهور 
كنت في تلك الفترة أعملها بقسوة 
بسبب غضبي منها فلو حكت لي عن علاقتها كانت وفرت علينا كل هذا العناء 
وكان والدها على عكسي تماماً فقدكان يؤنبني على شدّتي معها ويحاول أن يسرّي عنها 
 معتقدا أن الدراسة صعبة عليها
وفي نهاية الأشهر الثلاثة 
قررت أن أتخطي الأمر واعتبر كأن شيئا لم يحدث 
وقلت في بالي
بعملية بسيطة ستعود بكرا كما كانت
و لن يعرف أحد بماحدث
وبعدها من المؤكد أنني سأجد لها شاباً مناسباً 
تتزوج منه وينتهي الأمر 
ولكن كل خططي قد فشلت قبل أن تبدأ 
 فقد حدثت المصيبة الكبرى التي كنت أخاف منها
والتي كنت أحاول طرد الفكرة بمجرد أن تخطر ببالي 
فقد أخذت شجن تستقئ بلا سبب
وعندما يصر والدها على أن يكشف لها 
 كانت ترفض بشدة  الذهاب للطبيب بحجة أنها أخذت برداً في معدتها 
وأنها يجب أن تقلل طعامها حتى ترتاح معدتها
ولكن ذات يوم
 أصر والدها أن تتناول العشاء معه
فقد خسرت الكثير من وزنها وظهر عليها الهزال والضعف
 ولكنها قبل أن تصل للمائدة فقدت الوعي 
وسقطت أرضا 
فحملها والدها للسيارة وذهبنا لمشفى خاص 
وهناك 
 أخبرنا الطبيب بالطامة الكبرى الذي جعلت زوجي يصاب بأزمة قلبية ويسقط مغشياً عليه
فقد أخبره الطبيب أن شجن حامل في الشهر الثالث 
نزل الخبر علي كالصاعقة أنا أيضا 
ولكني حاولت أن أتمالك نفسي من أجل أن أقف بجانب ابنتي وزوجي في هذه المصيبة
وبينما أخذ الأطباء زوجي لعلاجه من الأزمة القلبية وقاموا بتركيب دعامتين له 
وقفت مع طبيب ابنتي وطلبت منه التخلص من الجنين بأي شكل وسأعطيه أي مبلغ يطلبه
 وأن يظل هذا الأمر سرًا بيننا
 وأخبرته أن سبب الحمل نتيجة إعتداء وقع عليها 
  لم أفكر وقتها في الحلال والحرام
 وأن ماأطلبه من الطبيب يعتبر قتل نفس لاذنب لها  ولكني فكرت فقط في مستقبل ابنتي
 وفي الفضيحة التي تنتظرنا لو علم أولادي وأقاربنا بالخبر
 فمن سيصدق أنه تم الاعتداء عليها رغما عنها
وحتى إن صدقوا كيف سينظرون إلينا؟
وكيف سنتعامل مع المجتمع الذي يعتبر الاعتداء فضيحه تتحمل الفتاة نتائجها بالكامل؟
  وهل سيفكر أحد في الارتباط بفتاة مثلها لتكون زوجة له بعد ماحدث لها؟
كل هذه الأفكار كانت تجول في رأسي وأنا أنتظر إجابة الطبيب على عرضي
ولكن ماقاله الطبيب كان مفاجأة صادمة بالنسبة لي
فقد أخبرني أنه لا يمكن إنزال الحمل لعدة أسباب أهمها
 أن الحمل أصبح في نهاية الشهر الثالث وهذا خطر على الأم قبل أن يكون خطرا على الجنين لو حاولت الإجها...ض
بل قد يتسبب الأمر في وفاتها 
ولكن الشيء الذي صعقني وكاد قلبي أن يتوقف عندما سمعته من الطبيب 
 أن شجن حامل في ثلاثة توائم ذكور
كدت ألطم على وجهي من هول الصدمة 
وأخذت ألح على الطبيب أن يجد وسيلة لإسقاط الأجنة عن طريق أدوية تساعد على الإجها..ض 
ولكنه رفض وأخبرني بأن ذلك الأمر خطير على صحة الأم أكثر من خطورته على الأجنة 
وساعتها أخبرته أنني مستعدة للمخاطرة ببنتي
 فلو ماتت أيضا سيكون أفضل من جلب العار لأخوتها ووالدها
وقف الطبيب مذهولا من كلامي
ونظر لي باحتقار 
ثم أخبرني بأن شخصاً مثلي يخاف من الفضيحة أكثر من خوفه على لحمه ودمه لا يستحق الكلام أو الرد عليه
وتركتني وانصرف
كنت أعرف أن ما قلته للطبيب أمر خال من الإنسانية ولكني لم أشعر وقتها بالندم على كلمة واحدة مما قلته
ولم أعرف مدى قسوتي إلا بعد ما فعلته لاحقاً مع أحفادي فهو أمر لا يمت للإنسانية بصلة
فهو شئ بشع بكل المقاييس 

بعد ثلاثة أيام 
 تعافى زوجي وابنتي 
فتركنا المشفى 
وعدنا لمنزلنا دون أن نخبر أحد من أولادي بالأمر وكان زوجي لا يتكلم أبدا طوال الفترة الماضية عندما كنا في المشفى 
كأنه فاقد للنطق
ولكن بمجرد دخولنا من باب المنزل
 رأيت زوجي أصبح رجلاً آخر غير الذي كنت أعرفه طوال حياتي 
فقد تحول الرجل الهادئ الذي لا ينفعل أبدا  والذي كان يعمل على تهدئتي كلما تعصبت أو عاملت الأولاد بقسوة إلى أسد ها..ئج  
ثار..ت ثائر..ته  وكأن بركانا قد انفجر بداخله
وصدق القائل
 اتق شر الحليم إذا غضب
فقد أخذ يلقي بأي شيء يراه أمامه على الأرض ويحطمه
وأخذ يسب بأقزع الشتا..ئم التي لم أسمعها منه طيلة 35 عاماً من الزواج
 حتى أن الخدم تجمعوا ليعرفوا السبب 
فعنفتهم وطلبت منهم أن يغادروا المنزل بلا رجعة 
لأننا استغنينا عن خدماتهم
وأشرت لشجن أن تذهب لغرفتها
ثم أخذت العمال للمطبخ وبررت لهم ماحدث 
 بأننا نتعرض لضغوط اقتصادية كبيرة ولا نستطيع دفع رواتبهم
صدّق الخدم ماقلته وغادروا فوراً 
بينما عدت لغرفة المعيشة وأخذت أحاول أن أهدأ زوجي فقد أمسك بسكين 
وأخبرني أنه سيقضي عليها ليتخلص من الفضيحة
فحاولت أن أحول بينه وبين الذهاب لغرفتها
 لا امنعه من دخول الغرفة التي أغلقتها  شجن بالمفتاح من الداخل 
لأنها خائفة من والدها
ولكنه دفعني بعيداً عنه وأخذ يضرب الباب بقدمه يريد أن يكسره
  ولكني أخذت السكين من يده وألقيته من أقرب شباك 
ثم شددته بالقوة  نحو غرفة بجوار غرفة شجن وأغلقت الباب علينا
وأخبرته أن ابنتنا لم تفعل ذلك بإرادتها وإنها تعرضت للخط..ف والاغت..صاب 
ولكني أخفيت عنه جزءا من الحقيقة 
 فلم أخبره أن شجن كانت تعرف الشاب الذي خدعها
وأنها ذهبت معه الشقة بإرادتها
 وأنها حتى لم تكن تعرف اسمه الحقيقي 
لذا أخفيت كل ما يتعلق بعلاقة شجن العاطفية 
هدأ زوجي قليلاً بعد ما قلته له
وطلب مني أن أعطيه أي معلومة عن  الشاب
شكله طوله أي شيء تتذكره شجن 
وإنه سيبحث عنه في كل مكان حتى يمسك به ويعاقبه ولو كان في باطن الأرض
حمدت الله أن زوجي بدأ يهدأ وتنفست الصعداء
ولكن فجأة فتح باب الغرفة 
ودخلت شجن قائلة
لقد كنت تريد معرفة الحقيقة وأنا سأخبرك بكل شيء ياأبي ومستعدة لأي عقاب تختاره لي
وبمجرد أن سمعت كلام شجن
شعرت كأن الدنيا تدور بي
 وكدت أسقط أرضا فلقد صدمت من كلامها ولم أعد أعرف ماذا سأفعل ؟ 
فلو عرف زوجي الحقيقة إما سيقت..ل ابنته الوحيدة أو يموت بالسكتة القلبية 
وكان الحل الوحيد أن أمنع شجن من قول الحقيقة بأي ثمن


تعليقات