رواية اوقات لا تدوم الفصل الرابع عشر 14 بقلم الكاتب مجهول


رواية اوقات لا تدوم
الفصل الرابع عشر 14
بقلم الكاتب مجهول 

وصلنا بورسعيد واخذنا موظف المكتب وذهبنا الى احد الفنادق الفاخرة وتقابلنا مع احدى العاملين على السفينة، اعطاه الموظف مبلغ من المال وجواز سفري فنظر فيهما الرجل واخرج من جيبه كارنيه واعطاني اياه وطلب مني ان اكون على المركب في العاشرة مساء لان السفينة ستتحرك في الحادية عشر، خرجنا من عنده وتوجهنا الى احد المقاهي فمتبقي على الميعاد خوالي ساعة ونصف. 
الموظف : اطمنت يا سيدي؟ 
قلت : الراجل دا هو اللي هيشغلني هناك؟ 
الموظف : ايوة.. بس عايزك تشد حيلك هناك في الشغل لان الناس دي معندهاش هزار، وان شاء الله تدعيلنا على الخير اللي هتبقى فيه. 
قلت : ياريت لحسن انا بيعت اللي ورايا واللي قدامي. 
ناصر : يلا بقى الساعة داخلة على عشرة اهي. 
مشينا فنظر لي ناصر. 
قال : عماد.. شد حيلك واول ما تستقر ابعتلي عنوانك. 
قلت : الشيء الوحيد اللي ناقصني في الرحلة دي... انت. 
قال : الجوابات هتقرب بنا بردو. 
ولمحت في عينه بريق غريب.. بريق الفراق بين الاخوة والمحبين. 
وصعدت الى سطح المركب و ودعني ناصر و رحل مع موظف المكتب مع بدء تحرك السفينة، واخذني ذلك الرجل الذي قابلته في الفندق ويدعى انطونيو الى الغرفة التي سأقيم بها لحين الوصول، ومن شدة تعبي نمت نوما عميق. 
قمت في الصباح الباكر.. وصعدت الى سطح السفينة فوجدت انطونيو جالس في اعلى مكان على السطح ويبدو انه يأخذ حمام شمس، فصعدت اليه. 
قلت : صباح الخير. 
قال : يارب تكون نمت كويس. 
قلت : اه دنا نمت نوم. 
قال  : شوف بقى يا سيدي.. ان شاءالله لما توصل هعرفك على الناس اللي هتشتغل معاهم، وهما ناس كويسين اوي.. والشغل نفسه هيعجبك اوي. 
قلت : صحيح شغلي على مركب؟ 
قال : ايوة بس المهم الاقيلك مكان كويس بعيد عن المطبخ. 
قلت : مكان كويس زي ايه؟ 
قال : مثلا جرسون.. او على البار، ودي حاجات كلها مكسب وتبس. 
قلت : واساسي المرتب قد ايه؟ 
قال : مش هيقل عن 500 دولار ودا بالتبس بس الميزة.. ان الاقامة والاكل عليهم، ودا بيوفرلك كتير وبيحميك من مشاكل مع البوليس. 
قلت : يعني المفروض متحركش كتير؟ 
قال : في الاول لغاية ما تعمل علاقات مع رجل شرطة. 
قلت : هي المحسوبية في كل مكان؟ 
قال : العادات مش بتتغير بالمكان.. الانسان هو الاساس. 
قلت : اكيد طبعا هتيجي تزورني. 
قال : في كل اجازة.. انا ببقى شبه مقيم في المركب دا، واي حاجة تعوزها من مصر او تودي حاجة انا تحت امرك. 
قلت : الله يخليك.. انت ريحتني اوي. 
قال : في ناس كتير زيك هتقابلهم وتعرف ان احنا زي ما بناخد فلوس بندي شغل سليم يعوض الفلوس. 
جلست مع انطونيو نتناول العشاء في غرفته وحذرني من المجتمع الجديد الذي سأعيش فيه بمفردي، وانه يجب علي ّ ان اهيئ نفسي لذلك المجتمع حتى لا اعيش في غربة مع ذاتي.
وصلنا اثينا وذهبت مع انطونيو الى حيث العمل وتعرفت على المسؤول عن العمل، ويدعى ايفان وهو رجل يبدو على ملامحه الجديه واستطاع انطونيو ان يقنع الرجل بان اعمل جرسون واوصاه علي، وتركني ومضى على ان يراني في المساء واخذني ايفان الى غرفتي في المركب سوف اشارك شخص يدعى مروان جزائري جنسيه في الغرفه، وتركني ايفان استريح على ان افهم طبيعه العمل من مروان شرح لي مروان ان العمل يبدا في 9:00 مساء حتى صباح اليوم التالي، وهي عباره عن رحله في المركب من مركزه الى اخر حدود اثينا والعوده وطاقم العمل بالكامل خصوصا المغتربين يقيمون في المركب، وعددنا سته اشخاص اربع رجال وفتاتان والباقي يقيمون في منازل خاصه بهم في اثينا، واوضح لي ان اللغه ليست مشكله اطلاق لان طاقم العمل كله من العرب كما ان الزبائن معظمهم يجيد الانجليزيه، وسالني عن مدى محادثتي في الانجليزيه فقلت له معقول فقال لي لا يهم انا الذي سوف يكون معك في الصاله ..والفتاتان على البار ..والاثنين الاخرين في المطبخ، والفتاتان واحده منهم من تونس والاخرى من المغرب والولدان بالمطبخ من الاردن فسالته عن العطلات فقال يوم الاربعاء عطله المركب. 
و ابتديت اولى خطوات عملي الجديد في المساء وكانت بداية مبشرة للغاية، حيث ان ايفان وجميع طاقم العمل ابدى ارضائه عليّ في العمل.. ومر اليوم الاول بسلام، وبعد انتهاء العمل جلسنا نتناول الافطار فبدأ مروان يعرفني بالجميع. 
مروان : دي زينة من تونس.. ودي فرح من المغرب ودا احمد وعبدالله من الاردن. 
زينة : ان شاءالله ترتاح معانا. 
قلت : ان شاءالله. 
احمد : على فكرة كلنا جايين تبع انطونيو، بس زينة الوحيدة اللي قدرت تاخد الجنسية لانها قديمة هنا. 
فرح : يا ترى انت متجوز؟ 
قلت : لا لسة. 
فرح : يعني بقينا 3 عزاب.. انا وانت وزينة. 
قلت : يعني الباقي كله متجوز؟ 
عبدلله : الحمدلله يا سيدي. 
قلت : وبتنزلوا لاهلكوا ازاي؟ 
مروان : مع انطونيو بردو بس التكلفة بتقل طبعا. 
قلت : انا سعيد اوي اني وسط ناس كويسة زيكم. 
فرح : على فكرة احنا زي العيلة الواحدة، غير بقى الطقم كله.. يعني قعادنا مع بعض قربنا اكتر من بعض. 
يمر اول اسبوع عليّ في اثينا وانا سعيد للغاية ويوم الاربعاء جلست على سطح المركب اكتب الى اسرتي والى ناصر، احكي لهم عن وضعي الحالي ومدى سعادتي من الطقس والناس هنا وفي خطابي الى ناصر، شكوت له من عدم نسياني لانتصار.. فهي لا تفارقني الا قليل وطلبت منهم ان يعجلوا في الرد لاني في شوق للجميع. 
جائت زينة ومروان وجلسوا معي... 
مروان : اول جواب دا بيبقى له معاني كتير عند اهلك. 
قلت : مش فاهم. 
زينة : يعني حتى لو تعبان هنا، مش لازم تحسسهم عشان ميقلقوش عليك. 
قلت : بالعكس.. انا سعيد جدا واكتر حاجة بيسعدني وجودكم معايا. 
مروان : كويس.. ايه رأيك تنزل معانا البلد، اهو تغير جو وتشوف اثينا. 
قلت : والشرطة؟ 
مروان : طالما بتعرف تجري مفيش مشكله، هروح اغير هدومي واجي. 
زينة : على فكرة انت انسان مريح اوي. 
قلت : والسبب يا ترى؟ 
زينة : من غير سبب.. مجرد احساس. 
قضينا اليوم بالكامل خارج المركب، و اعجبت بأثينا كمدينة.. فهي شبه المدن الساحلية عندنا بمصر من ناحية الطقس، كما ان وجوه الناس لا تشعر انها غيرية. 
عدنا للمركب وصعدنا الى سطح المركب بعد ان ابدلنا ملابسنا فالطقس كان مناسب، والتففنا حول احدى الطاولات 
فبادرني احمد : انت كنت بتشتغل ايه في مصر؟ 
قلت : مندوب مبيعات لفترة، وبعد كدا فتحت مشروع ليا. 
فرح : انت منين في مصر؟ 
قلت : من القاهرة. 
عبدالله : ايه يا جماعة احنا في استجواب؟ 
احمد : ادينا بندردش. 
قلت لاحمد : شوف يا سيدي انا اسمي عماد عبدالرحيم، حاصل على دبلوم والاخ الاكبر لاحمد ومنار..و كنت خاطب ودا ملخص لحياتي. 
مروان : وسبتها ليه يا ترى؟ 
قلت بعدما بدى عليّ التوتر : والله دي قسمة ونصيب واحنا مكانش لينا نصيب مع بعض. 
فرح : ان شاءالله ربنا يعوضك باللي أحسن منها. 
قلت : كله على الله. 
مروان : يلا بينا ننام. 
وتحرك كل منا الى غرفته. 
وتمضي الايام جميلة سعيدة الى ان وصلني اول خطاب من مصر وكان خطاب من منار وخطاب من ناصر، قرأت خطاب منار في عجالة.. وكان خطاب عادي لا جديد فيه، كل شيء كما تركته في المنزل، وقرأت خطاب ناصر يخبرني ما جد من احداث على الاصدقاء والمعارف، وانه يفتقدني كثيرا في حياته.. كما انه اوصاني بأن تركيزي في العمل سينسيني انتصار للابد..وطلب مني ان اكتب له بالتفصيل عن حياتي ، وكانت لهذه الرسائل سحرا كبيرا في نفسي وفي المساء كتبت لهم الرد مع شرح لكيفية عيشتي هنا. 
في احد الايام كنت صاعد الى سطح المركب فوجدت زينة جالسة تكتب خطاب الى اهلها ولتوها منتهية من الكتابة.. حيث وضعت الخطاب في الظرف. 
بادرتها : شيء غريب ان تبقى الورقة هي اللي تربطنا بأهلنا. 
قالت : احنا اللي اختارنا دا بارادتنا. 
قلت : مش عارف حاسس انك على طول زعلانة.. دايما لوحدك.. كلامك قليل.. نظرتك حزينة. 
قالت : يا ترى دا اهتمام ولا فضول؟ 
قلت : عمري ما كنت فضولي.. دا اهتمام على اساس اننا بقينا اهل مع بعضنا. 
قالت : انا هحكيلك لاني مرتاحة ليك من اول ما شوفتك. 
قلت : يعني اللي هتحكيه محدش يعرفه؟ 
قالت : لا عارفينه بس حكيته بعد مدة من وجودهم معايا. 
قلت : انا سامعك احكي. 
قالت : ابويا وامي اتوفوا وانا صغيرة في حادثة وابتدى عمي هو اللي يرعاني، والحقيقة كان بيعاملني معاملة كويسة جدا.. لكني ملقتش نفسي، فقررت اجي هنا. 
قلت : انت عندك كام سنة؟ 
قالت : 22
قلت  : والجواب كان لمين؟ 
قالت : لبنت عمي فاطمة. 
قلت : ظروفك صعبة فعلا بس... مش لازم تستسلمي لحزنك. 
قالت : تعرف ان غربة الانسان عن نفسه اسوء من غربة الاهل والوطن. 
قلت : احيانا كنت بمر بالحالة دي لكني مش من النوع اللي يستسلم بسهولة. 
قالت : اكيد.. بدليل انك ولفت نفسك بسرعة هنا. 
قلت : انا بسهل الامور بدل ما تفرض هي نفسها عليا. 


تعليقات