قصة انصهار قلب البارت الحادي عشر11بقلم فاطمة سلطان


قصة انصهار قلب
البارت الحادي عشر11
بقلم فاطمة سلطان


يقول الشاعر إيليا أبو ماضي: صبراً على هجرنا إن كان يرضيها غير المليحة مملول تجنّيها فالوصل أجمله ما كان بعد نوى والشمس بعد الدّجى أشهى لرائيها أسلمت للسّهد طرفي والضّنى بدني إنّ الصبابة لا يرجى تلاقيها
_________________________________________
أمام بيت عائله العدوي
ركن مصطفي سيارته امام البيت وهبط من السيارة وكذلك رحمة وزينة فأعطي مصطفي ميدالية المفاتيح حتي تفتح بوابه المنزل، وذهب عند حقيبة السيارة وفتحها وأخذ يخرج تلك الحقائب الصغيرة التي تناسب المدة التي أقاموا بها هُناك، فمدت زينة يدها لتأخذ حقيبتها هي ورحمة
فأردف مصطفي بنبرة هادئة  " ادخلي انتِ وانا هجيبهم "
زينة بإصرار وكأنه من الصعب فعل أي شيءٍ بسيط يريده
- لا انا هشيلهم شكرا
وأخذتهم بلا مبالاة وما إن سارت خطوتين حتي تعثرت في طوبة صغيرة لتصطدم بجبهتها في البوابة الحديدية، ففزعت رحمة التي كانت تحاول ان تفتح الباب ولا تعلم لما لا تستطيع .
فاقترب مصطفي واستعادت توازنها بعدما تركت الحقائب التي تجرها وتأوهت زينة متألمة وتحاول ان تخفي جبهتها بأصابعها، فأردفت قائلة
-انا كويسة   
ليأخذ مصطفي المفتاح من رحمة التي لا يعلم ما بها وفتح الباب بكل سهولة فدخلت رحمة فأردف مصطفي " الحمدلله الباب سليم "
زينة بسخرية  وغيظ
- الباب سليم !!!! علي أساس اني هكسر الحديد
مصطفي بنبرة هادئة ومستفزة بالنسبة لزينة " ممكن والله دماغك تكسر الحديد، هو الحديد يجي فيها ايه "
زينة جاولت تجاهله، فهم يقفوا في الشارع حاولت ان تحمل الحقائب مره اخري مصطفي بغضب ونبرته ارتفعت قليلا " ما خلاص بقا اتفضلي ادخلي وخلصينا "
لتدخل زينة بغضب ويدخل خلفها بعد ان حملهم وتأكد من انه اغلق السيارة من المفتاح ( central lock  ) وكانت بالفعل رحمة قد فتحوا لها الباب، ليستوقفها مصطفي ناظراً علي جبهتها ويتأكد انها لم تتأذي   
زينة بتوتر من وقوفه امامها 
-خلاص والله دماغي متفتحش كويسه 
ابتعدت عنه واخذت أنفاسها ودخلت الشقة ودخل خلفها لتقابلهم همس ونجاح بكل حب بالأحضان فقط اشتاقت همس لزينة ورحمة كثيراً وبالفعل قد أخذت علي وجودهم، أما رجب كان يقضي أحد مشاويره الخاصة لشراء بعض مستلزماته فهو سيسافر مره اخري وينقصه بعض الاغراض ويقابل اصدقائه  .
همس أردفت بابتسامة وهي تنظر لزينة  " والله وحشتوني جدا خدنا علي وجودكم في البيت والله كان ناقص من غيركم  "
زينة وهي مازالت تشعر بألم رأسها ولكن تقاوم وتغير لونها أثر الكدمة فبادلتها الابتسامة قائلة
- وانتِ كمان وحشتينا يا همس
نجاح رُبما بها صفة لم تتغير وهي التركيز في الآخرين ليس لانتقادهم ولكنها تكون واعيه لكل شيء سواء بداخل النفس او ما يظهر للجميع
- مال دماغك يا زينة
مصطفي بمرحٍ لتضحك بعده رحمة بتلقائية هي وهمس بينما ابتسمت نجاح بهدوء
- خبطت الباب يا ماما بس الحمدلله سليم
همس تصنعت القلق " متأكد انه سليم يا مصطفي ؟؟  "
فابتسم مصطفي بغضب لترمقه بغضب فهي لم تغضب علي اي احد قد ابتسم غيره، اخذت نجاح ابنها بالأحضان بعدما انتهت من الترحيب بالفتيات فهي قد اشتاقت له ولا تحب ان يغيب أولادها عنها فوالله غياب رجب تحاول ان تتأقلم عليه لسنوات ولكن الأم أم، فالواقع كان عقلها هي وهمس مشغول فكيف يخبروه بما حدث وما الشيء الذي من الممكن ان يكن أهون
نجاح وهو يقبل يديها بعدما ابتعدت عن حضنه
-حمدالله علي السلامة يا حبيبي
مصطفي بابتسامة " الله يسلمك يا ماما "
ثم أردف متسائلاً  " زين فين وحشني جدا "
نجاح " نايم جوا "
تركهم ودخل الغرفة ليقبل طفله، ثم خرج حتي لا يزعجه في نومه وحينما خرج استأذن منهم انه ذاهب الآن الي المعرض فخالد يريده فعلمت والدته ان خالد جعلها تتخلص من عبء إخباره بالسرقة ليتبقى لها حينما يعود الخبر الاخير، دخلت رحمة وخلدت الي النوم بعد ان استأذنت منهم فهي تشعر بالتعب ولم تنم جيداً ليله امس، كانت همس تتساءل عما حدث في تلك الفترة التي كانوا بها هُناك 
همس بفرحه  " طب كويس ختي حقك يعني منهم "
زينة بنبرة هادئة " اه الي حد ما يعني في النهاية عرفوا غلطهم ربنا يشفي كل مريض بس اعذارهم وانهم رجعوا حقنا مش هيغير اللي راح "
همس أجابت باعتراض ولكن بلطف أيضا فلم تتحدث بحدة النقاش الجاد او حتي وجهه النظر الصارمة
-بصي يا زينة لازم تصفي قلبك وتكوني متسامحة، صدقيني لو كل حاجة هتفضل معلمه في قلبك ومش بتنسي انتِ اللي هتتعبي لان مهما قابلنا ناس وادونا عينيهم هيجوا في يوم يزعلونا، احنا بشر ممكن نزعل بعض من غير قصد او حتي نندم المهم يفضل في حياتنا ناس بتحبنا وعملت الحلو اكتر من الوحش صدقيني الحياة من غير تسامح بين الام وبنتها او الإخوات او الصحاب او المتجوزين او اي علاقه مهما كان نوعها الدنيا هتخرب
لو مش بنسامح بعض مش هنعرف نتعايش أساسا ولا نبص في وش بعض
زينة حاولت ألا تقتنع بحديث همس رغم انه لمس قلبها ولكن رفض العقل ذلك
-يمكن عندك حق بس بتفرق من شخص لشخص انا مبعرفش انسي  
همس نظرت علي نجاح التي كانت تنظر لهم وتستمع لحديثهما فأردفت همس قائله
-طبعا بتفكري لما مصطفي يعرف ايه اللي هيحصل اهو خالد انقذك في الخبر الأول
زينة باستغراب " خبر ايه هو ايه اللي حصل ؟ "
نجاح قالت في نبرة تحمل بداخلها الكثير رُبما لا نحمل هم السرقة أكثر من ايتن لا تريد يومًا ان تشك في ابنها او في تربيته ولكن مهما مرت الأيام تتأكد من عينيه بأن هناك شيءً يخفيه، وتتأكد من نظراته لزينة انه مُجبر
-المخزن الجديد اتسرق في نفس اليوم اللي مشيتوا فيه اتسرق منه حاجات متقلش عن خمسين الف جنية ومرضناش نقوله وهو بعيد
زينة بانزعاج وحزن عليهم فهي تعلم أن مصطفي يحب عمله ويحب تكبير اسم والده حتي انه لا يضع اسمه ابدأ علي اي محل او اي مخزن يضع فقد اسم والده لطالما قص لها تعلقه بوالده وانه يريده ان يفتخر به ويفتخر بالشيء الذي عمل به طوال حياته فكان في بداية حياته ما هو الا مُصلح للأجهزة
-ازاي ده حصل بس يعني مفيش حراسة هناك او غفير او اي حد
نجاح تنهدت وأخذت نفسٍ عميق " هو الحرامي بيغلب، ضربوا الرجالة اللي كانت هناك الحمدلله مفيش حد فيهم مات او حاجة  وسرقوا اللي سرقوه وراحوا مشيوا لما حسوا ان الحرامية جم "
زينة " طب الكاميرات اكيد حاطين كاميرات يعني اكيد صورت مين عمل كده "   
همس " الموضوع ملعوب يا زينة الكاميرات متعطلة من قبلها بيوم ورجب شايف انها مش سرقة عادية او حرامي داخل يقلب عيشه في اي مكان دي كل حاجة محسوبة "
زينة بانزعاج "  ربنا يعوض عليه يعني كل حاجة تتعوض  "
همس " هي خساره الفلوس سهله  بس يعني "
زينة باستغراب " بس ايه "
فأردفت همس بتوتر " ما تتكلمي يا ماما قوليلها "
زينة باستغراب " تقول ايه مش فاهمة في حاجة حصلت تاني وله ايه "
صمتت نجاح فهي تعبت من الأحاديث فأردفت همس متسائلة
- ايتن فوق رجعت وقالت كلاك مش راكب علي بعضه
زينة شعرت بالغبطة ولا تعلم لما ؟؟ هل كانت ستتوقع انها ستذهب الي الأبد او أتي في خاطرها انها ستخجل بعدما قالته فليلعنها الله جعلتها تحزن أكثر، ليتها لم تخبرها اي شيء، تصنعت اللامبالاة قائلة 
-كويس انها رجعت اكيد شافت ان الي عملته غلط انها سابت الولد وانا أساسا جبت شقة وهمضي عقدها قريب جدا وهشتغل واخلصكم من المشاكل اللي حصلت بسببي كده كده الدنيا اتعدلت معايا الحمد لله 
_________________________________________
كانت ايتن جالسة مترقبه مجيئه في اي لحظة حينما دخل المنزل ولكن حينما  تأكدت انه غادر المنزل مره اخري تنفست الصعداء فهي قلقه منه تعلم ان نجاح وافقت علي صعودها فقط لانها مازالت علي ذمه ابنها  وتعلم ان مصطفي بالتأكيد علم من زينة ما تفوهت به فلعنت حماقتها وكل ما فعلته من البداية
رن هاتفها مُعلناً عن اتصال من إيمان، فهذا الهاتف اعطته لها إيمان في الفترة التي كانت تتواجد فيها عندها
ايمان بغضب وقلق  " الو ايوه يا ايتن انتِ فين يا بنتي انا سافرت يومين ارجع الاقيكي مش موجوده وايه اللي حصل ده "
-انا في البيت
ايمان باستغراب "  بيت ايه "
-في بيتي يا ايمان في بيت مصطفي انا رجعت 
- وترجعي كده فجأة كده ومن غير ما تقوليلي وكمان ....
ايتن قاطعتها قائلة بانزعاج " متقلقيش يا ايمان واسفه علي اللي حصل انا بس عايزه لو اتصلت بيكي تقولي اني عملت حادثه تمام "
ايمان بانزعاج شديد " والله انا مش عارفه اخر كدبك ده هيوصلك  لفين ايتن مدخلنيش في مشاكلك انا بقف جنبك وهفضل واقفه جنبك بس مدخلنيش في حوارات "
______________________________________
في المساء
  كان يجلس مصطفي في المعرض بعد  ان انتهي من ذهابه الي القسم والي المستشفي ليطمئن علي صحة الرجال فخرج منهما اثنان والآخر مازال لديه أصابه في المخ ولكن اخبره الطبيب انه يتحسن ثم ذهب الي المخزن وعلم التفاصيل من خالد وحمصه ثم عاد مره اخري الي المعرض حاول، ألا يغضب ويرضي بقضاء الله
خالد حاول ان يهون عليه " خلاص مضايقش نفسك يا مصطفي اللي حصل حصل  ان شاء الله يلاقوا اللي عمل كده  "
مصطفي بخيبه امل وكأنه زهد في الدنيا لا شيء يفرق معه
-وله محدش لقاه يعني هو من امته في حاجة بترجع زمان اللي سرقهم اتصرف فيها يعني مفيش اسهل من بيع الاجهزة وبعدين اللي عمل كده حد مرتب كل حاجة حتي الكاميرات فيها عيب انا عايز افهم البهايم دول ازاي سكتوا ان يوم يعدي في حاجة بايظه   
خالد أردف بنبرة هادئة " والله هما بلغوا فعلا واتصلنا بالشركة كالعادة لما بيحصل حاجة تيجي تشوف السيستم وكده وملحقناش يعني مجاش في بالنا ان تاني يوم هنتسرق "
مصطفي أردف ساخراً " لا وكمان ايه راكبين عربية مسروقه أساسا لما الكاميرا بتاعت المحل اللي علي اول الشارع جابتهم بصراحة كل حاجة محسوبة حتي وشهم مخفي تماما "
خالد  " حسبي الله ونعم الوكيل "
مصطفي " اللي عمل كده شخص عارفنا يا خالد ده مش بعيد الناس اللي اضربت يكون واحد منهم الله اعلم بس اللي عمل كده حد قريب مني "  
خالد بتفكير " والله انا برضو بفكر في كده بس احنا مش معانا ناس غُرب يا مصطفي ده كلهم بقالهم سنين معانا ده في ناس من أيام ابوك الله يرحمه وحمصه برضو غلبان انا مقدرش اشك في اي حد كلنا واكلين في طبق واحد مع بعض وبعدين الناس اللي هناك دي غلبانة وواخدين علقه وفي اللي اضرب علي دماغه وحصله نزيف وكويس انه اتلحق يعني شبه هيموتوا  " 
مصطفي بحيره شديده " انا تعبت من التفكير وتعبت من كل حاجة "   
خالد بنبرة حانية " أتفاءل يا مصطفي ربنا مش هيضيع تعبك ان شاء الله هيلاقوا اللي عمل كده "  
أردف مصطفي بيأس
-هو بقي في حاجة علشان اتفاعل عشانها كل حاجة بتخرب كل حاجة بقي ملهاش طعم استغر الله العظيم يارب
خالد بنبرة متسائلة
-ليه يعني هو حصل حاجة وانتَ مسافر
- لا محصلش حاجة
-اومال مالك حد عمل معاكم حاجة هناك طيب من أهل زينة
مصطفي أجاب بلا مبالاة وهو عاقداً ساعديه
-ابدا دول حتي رجعوا لزينة ورثها
خالد بتفسير سبب انزعاج صديقه
-وانتَ زعلان بقا علشان كده هتسيبك ومبقتش محتجالك اكيد طلبت الطلاق
- لا مطلبتش الطلاق، و قفل علي السيرة دي 
خالد " طيب يا سيدي قفلنا علي السيرة دي، انا عايز اقولك اني هرجع اقف مع أبويا في الصيدلة فتواجدي هيقل هنا شويه "
-اشمعنا يعني ايه اللي غير رايك
خالد بنبرة مرحة تصنعها وهو يخبره سبب هذا التغيير
-اهو بحاول اعمل حاجه صح واريحهم في حاجة بعد ما فسخت خطوبتي من هبه
مصطفي باستغراب " هو انتَ سبت هدي امته ؟؟ "
- من فتره كده زنانه ياعم بنت نكدية وانا موتي وسمي الست النكدية هتقصف عمري بدري
-دي خامس عروسه تسبها ده انتَ عملت تارجت محدش حققه، هيطلعوا عليك سمعه وربنا
خالد بغرور " سمعه ايه ياعم انا راجل وبعدين مفيش احلي من السنجله لكن انا مش وش مسؤولية كمان مع مره نكدية  "
مصطفي بسخرية  " جدع يا خالد فخور بيك جدا  "
خالد بتساؤل " هو انتَ صحيح عملت ايه مع ايتن لما رجعت  "
_________________________________________
دخل مصطفي البيت بغضب
وصعد علي الدرج بسرعة حتي وصل الي الشقة وفتح الباب واغلقه بعنفٍ شديد وجدها جالسة علي الاريكة بتوتر وضعت الهاتف الذي يتواجد في يديها علي الطاولة الصغيرة ليقترب مصطفي ناحيتها والشرار يتطاير من عينيه وقذف الطاولة بعيدا
ايتن بتوتر شديد نهضت وتحدثت بتوتر شديد وتلعثم
- والله العظيم اسمعني
جذبها من  شعرها فتأوهت هذه المرة اكثر حتي من المرة الماضية 
مصطفي بغضب شديد ونبرة صارخة  " انا عايزه اقولك انا سمعت عن الزبالة والوساخة والبجاحة كتير، لكن في بجاحتك وقذارتك مشوفتش ولا هشوف "
ايتن بألم شديد فهو سيقتلع شعرها في يده
-اااه اسمعني بس
مصطفي بغضب كان يكتمه في قلبه
-اسمع ايه ؟؟؟؟؟ كسرتي كلامي ونزلتي من الشقة وقولتلك هكسر رجلك لو فكرتي تخرجي برا باب الشقة لا وفوق كده وكده ببجاحتك الي ميمتلكهاش راجل ده الراجل يتكسف عنك، تنزلي وتقولي لزينة علي غلطتنا
ليشد شعرها اكثر ويستكمل حديثه بغل
-انا اتجوزتك علشان اتحملت غلطي وحتي مكنتش ندل معاكي وسبت الوحيدة اللي حبتها ومرضتش اكون قليل في نظرها او في نظر حد من اهلي، فانتي روحتي تعملي فضيحة في ثانية واحدة بكل بجاحه،  انتِ فاكرة ان زينة اضايقت لما عرفت يعني ؟؟؟ تبقي عبيطة انتِ طلعتينا زباله مش اكتر كل القرف والحقارة دي مكفتش  تروحي سايبه ابني وغايره في داهية حادثة ايه بقا ان شاء الله اللي فاكرة انها هتدخل عليا
ليبعد يده عن شعرها ويفك رباط يديها ففلتت منه
- اسمعني والله
مصطفي بغضب وسخرية
-اخرسي خالص يا ايتن مش هصدق كدبه منك تاني انتِ فاهمه ولا حادثة ولا زفت كنتِ قاعدة في فيلا واحدة صاحبتك انتِ فاكره اني مش هعرف
ايتن باستغراب  " عرفت منين "
مصطفي " عرفت من اي داهيهه تاخدك وروحتي تألفي علي امي "
- والله العظيم  انا لما مشيت كنت حاسة بالغيرة وبعدين انا مقولتش ليها كده  الا لما قالت انها هترميني وناوية تخليك تطلقني
مصطفي " اخرسي يا ايتن علشان لو فاكره اني هسمع كلامك او اصدقك اساسا تبقي هبله،  مش فارق معايا تغوري فين بس لما تغوري تكوني مش علي ذمتي "
- انا بعتذرلك والله العظيم ما هعمل حاجة تاني تضايقك، فرصة عشان زين
-اه زين اللي  سبتيه ومشيتي، بكرا تسبيه في الشارع انتِ واطيه يا ايتن 
- انا بحبك  يا مصطفي وده عرفته متأخر والمفروض تديني فرصة  اثبت اني زوجه ليك والله اسفة
ليصرخ بها صرخات خرجت من قلبه قبل شفتيه
-  انتِ شيطان اتسلط علي حياتي واكتر حد دمرني بتسعي علشان تخلي سمعتي في الأرض انا مش فاهم أصلا انا عملت ايه في حياتي معاكي علشان تعملي كده بتفرحي لما تخربي حياتي اكتر وسط الناس وتقللي مني
ليبدا في فش غضبه في مقاعد السفرة ليسمعوا في الأسفل ما يحدث
ايتن بشفقه عليه فهي والله أحبته صدقاً برغم ما فعلته تعلقت به هو الشخص الوحيد المختلف
- خلاص يا مصطفي اهدا طيب واللي انتَ عايزه هعمله
مصطفي بغضب وهو يخبرها بقراره فلن يتركها تضره في سمعته وفي كل شيء
-انتِ طالق يا ايتن والله العظيم ما هتقعدي علي ذمتي يوم كمان، واسبوعين ملهمش تالت ترجعي شقة ابوكي ولوحدك ابنك مش هتاخديه انتِ سامعه
خرج مصطفي من الشقة صافعاً الباب خلفه وهو يشعر ان يريد ان يصرخ لساعات متواصلة  ويغضب علي أي شيء حتي يهدا لينزل وجد نجاح تقف أمام شقتها علي وشك الصعود له فزادت الأصوات هذه المرة   
نجاح " في ايه بس يا مصطفي اهدا يا ابني "   
مصطفي أردف وهو يتجه الي البوابة  " متلمسش الولد ولا تشوفه  " 
نجاح " طيب يا ابني اهدا بس وكل حاجة هتتحل رايح فين  "   
مصطفي  " رايح مكان ما اروح سبوني لوحدي "
ليذهب دون ان يجيب علي نداء والدته وهي تترجاه ان ينتظر فهي تخاف ان يذهب وهو في هذه الحالة كانت زينة تقف خلف الباب وحينما سمعت صوت البوابة علمت انه قد ذهب، فحاولت ان تدخل نجاح الذي بدائت تبكي جعلتها زينة تدخل وتجلس علي احد المقاعد فهي تحاول ان تهدأ من أعصابها رغم انها هي من تحتاج ذلك
-اهدي يا طنط
-اهدي ازاي بس شكل ابني مش طبيعي
حاولت ان تتصل به ولكنه كان قد اغلق هاتفه فور خروجه واتصلت بخالد  ساعه واخبرها انه في المعرض ولم يذهب الي البيت بعدما تركه ولكنه لم يأتي له وأخبرها انه سيتصل بالأشخاص الذي من الممكن ان يتواجد معهم
نجاح أردفت بأسي وانزعاج " كده برضو يا مصطفي تقلقني عليك يا ابني "
زينة حاولت التهوين عليها رغم انها قلقه جدا وقلبها يعتصر من الألم
-خير ان شاء الله يعني  متقلقيش هتلاقيه راح يقعد في اي حته لوحده يعني مش هيعمل حاجة في نفسه يعني  
جاء رجب بعدما علم ما حدث كان في بيت عائلة همس فستنتهي إجازته غدا ولم يذهب ليري حماته، فهي كانت مريضة فترك همس وذهب يبحث عنه
فحاولت همس التهوين علي نجاح بينما زينة كانت تنتقل بين الشرفة والنافذة علي امل ان تلمحه، ولكن جاء رجب بعد ان بحث في أماكن كثيرة قد يتواجد فيه ولكنه عاد حينما ارسل له مصطفي رساله وأخبره أنه  بخير ولكن يريد الجلوس بمفرده والا يبحثوا عنه عبثا ليطمئن قلب نجاح قليلاً علي الأقل
ثم صعد رجب الي شقته وتركهم، ونزلت ايتن من الأعلي  وبالفعل حزينة وباكية لم تكن متصنعة فتحت لها همس الباب فأردفت بنبرة منخفضة وهي تنظر لها وتمنعها من الدخول
-الدنيا مولعه خلقة  فبلاش تشوفك ماما نجاح دلوقتي
ايتن بانزعاج " ابعدي انتِ مالك أساسا "
دفعتها ثم دخلت وهي تبكي وجثت علي ركبتيها وامسكت يد نجاح التي حاولت ان تبعدها  ولكنها ارادات تقبل يديها
نجاح بانزعاج " ابعدي يا ايتن قومي اقفي انا مبحبش كده
ايتن " والله انا غلطانة يا مرات عمي غلطانه بس عرفتم مصطفي فين ؟؟  "
همس كانت تشعر التوتر الشديد لم يكن باستطاعتها  سوي النظر الي زينة التي كانت تقف بعيداً اما رحمة في الغرفة جالسة مع زين
نجاح بنبرة جافة من الحنان التي تعطيه للجميع
-مصطفي بعت رساله انه مش عايز حد يدور عليه
ايتن  " الحمدلله انه بخير ، مصطفي طلقني وانا مش زعلانة هو عايز يرجع لزينة " 
زينة بانزعاج من تلميحاتها بأنها هي من افسدت العلاقة بينهما
- لو سمحت مدخلنيش في مشاكلكم ومش هرجع لحد وعموما انا اسفة ليكم كلكم اني خربتلكم الدنيا 
ثم دخلت الي غرفتها هي ورحمة التي كانت تداعب زين، تريد ان تقتل قلبها  الذي مازال يقلق عليه ويحمل همه فليذهب الي الجحيم حتي ما شانها؟؟ اعترفت بصدق حديث مادونا الآن هي أخطأت بموافقتها علي هذه الزيجة ومازال قلبها يقلق عليه فهذا هو العذاب
حاولت النوم واستسلمت اخيرا لساعتين تقريبا افاقت من نومها وهي تحاول التقاط نفسها تجده مُحاط بكثير من الثعابين التي تلدغه، حاولت ان تلتقط أنفاسها وجدت رحمة نائمة في السرير الآخر
أخذت تردد
"  اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم "
زينة وهي تضع يدها علي قلبها التي تسارعت دقاته ويتصبب وَجْهِهَا عِرْقًا، أردفت بهمس وكأنها تحدث نفسه  
-ده شيطان اكيد علشان بفكر فيه، مش حتي هتشغل أحلامي يارب انا عملت ايه في نفسي ياريتني ما قربت منه تاني ولا وافقت اني اجي هنا كان فين عقلي وانا بوجع قلبي اكتر يااارب 
سمعت صوت أذان الفجر ولأول مرة تنهض من نومها علي صوته لطالما كانت تصلي ركعتين الصبح او تكسل أحيانا واذا كانت سهرانة كانت من الممكن ان يغلبها شيطانها ولا تصلي الفجر ولكنها تبحث عن الراحة
خرجت من الغرفة وأغلقت الباب خلفها  حتي لا تستيقظ رحمة وتقلق نومها وجدت نجاح تجلس علي الأريكة علي ما يبدو لم تستطع ان تتذوق النوم وهي قلقه علي ابنها وكانت تمسك مصحفها وتقرأ سورة الحجر بِصَوْتٍ مَسْمُوعٍ
قال الله تعالي "وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ".
لمست الآية قلبها بشكل لا يوصف وكأنها تخاطبها فهل هناك شخص يشعر بالضيق اكثر منها ؟ ولا يستطيع بشر او أي مخلوق ان كان ان يعطيها الأمان 
فقط الله وحده تجد عنده ما تحتاجه تركت نجاح تستكمل قراءتها في المصحف وتوجهت الي المرحاض لتتوضأ وتصلي صلاة الفجر
_________________________________________
بعد مرور ثلاثة ايام الوضع كما هو يرسل لوالدته واخيه رساله يوميا حتي يطمئنوا عليه ولا يشغلوا بالهم  وكذلك خالد ثم يغلق هاتفه تماما ويبتعد عن الجميع استأذنت زينة من نجاح بانها ستذهب الي مركز التجميل اليوم بعد ان توصل رحمة الي المدرسة اولا فهي تفعل ذلك مثلما كان يفعل اخيها كل صباح وأخبرتها همس أن تعود مبكراً ولا تذهب عند مادونا حتي تُعرفها علي قريبتها
بالفعل اوصلتها حتي المدرسة وودعتها ثم ذهبت ذهبت الي المركز بعدما أرسلت لها مادونا العنوان
 دخلت الي المركز وهي تشعر بالرهبة والقلق لا تعلم هل تقلق من بداية شيء جديد في حياتها ؟ ام تقلق علي من ينسحب فجاءة ويغيب تَارِكًا قلبها مُحَطِّم وكأن الِانْسِحَاب خُلِقَ لِأَجْلِهِ فَقَط .
كانت تجلس في الاستقبال بعدما اخبروها بان ابراهيم لم يأتي حتي الان وهو من يستقبل العاملين فجلست تنتظره، فقد اخبرتها مادونا أن اليوم هو الفرصه الاخيرة لها 
كانت جالسة وتضع السماعة في أذنيها وتتحدث مع مادونا بنبرة منفعلة ورُبَّمَا هذه هي طبيعتها حينما تنفعل
زينة بغضب " الحيوان في المترو مش قادره اوصفلك الموقف لف فجاءه ودلق القهوة اللي كان شايلها عليا لا وبيقولي انا اللي غلطانة لا والنهاردة قولت بلاش اروح لابسة اسود في اسود ولبست بلوزه كشمير واتنيلت خالص "
-  معلش يا زينة حصل غير وعملتي ايه 
-  دخلت محل وجبت بلوزه تانية سوداء قولت ده اسلم حل اناغلطت في الاول 
- معلش يا قلبي  بتحصل معايا كتير والله بطلي خنقة بس عشان مصطفي وهدي نفسك بلاش تاخدي كل حاجة بعصبيه 
- الله يخربيتهم كلهم سواء كان الحيوان ده او شاطر اوي انه ينسحب في دقيقة ويقلقني وخلاص حسبنا الله ونعم الوكيل فده صنف بس انامبقتش عارفة انام زي الناس الطبيعية كل يوم كوابيس شكل 
لتغلق مادونا في ثواني بعد ان اخبرتها ان الاجتماع سيبدأ، كانت زينة نبرتها مرتفعة جدا غافلة عما حوله ربما لم يكن يتواجد الكثير ولكن كان يجلس وائل بجانبها تقريبا ويستحي قهوته فأردف ساخرا فلم يستطع الصمت بسبب هذه المجنونة ويلح عليه سؤاله عن هويتها وماذا تنتظر اليوم 
- هو مش حرام برضو اكون قاعد في أمان الله بشرب قهوة الاقي واحدة بتدعي علي الصنف كله 
زينة باستغراب  " هو حضرتك مدخل نفسك في كلامي ليه انا مش فاهمة "
وائل  " هو حضرتي  مبحبش ادخل في كلام جدا بس صوتك عالي جدا "
زينة بسخرية " خلاص اسفة والله اني ازعجت حضرتك بصوتي "
وائل " هو أنتِ جاية تعملي ايه هنا "
زينة  باستغراب " جاية اقدم علي شغل وبعدين انا مسالتش حضرتك مين يعني، واسفة عموما لو ضايقت جنابك بصوتي "
وائل  نظر علي الملف التي تضعة علي قدميها ولمح اسمها لم ينسي ان الفتاة التي اخبره صديقه عنها تدعي زينة ويعلم أنه اليوم لا يتواجد اشخاص لتقدم علي وظائف فقد انتهي ذلك ليلة امس فلن يكن مُجرد تشابه 
- أنتِ زينة تبع الدكتور جرجس 
زينة أصفر وجهها فعلي ما يبدو انها فعلت شيء خاطيء جدا 
- هو أنتِ تعرفني ؟
أردف وائل بنبرة هادئة ربما لم يود احراجها ولكن لم يعجبه الوضع فظن انها ستأخذ حديثه كنصيحة 
 - انا الدكتور وائل اللي كلمني عنك الدكتور جرجس بس واضح ان حضرتك مبتعرفيش تفصلي بين الناس اللي بتكلميهم في مكان الشغل ومشاكلك في حياتك الشخصية 
احرجها لتاتي احدي الفتيات تخبره بمجيء احد من موظفين الحكومة بخصوص الترخيص فتركها وذهب لتخبرها الفتاة بعدها
عن اعتذار استاذ ابراهيم فقد عطلت سيارته ومن الممكن ان تاتي غدا خرجت من المركز غاضبة بسبب كل شيء وكأن الجميع يتعاون عليها 
السبب الاساسي من يتغيب علي المنزل ويقلقها وبسبب الاحراج التي سببته لوالد صديقها وقررت ان تعتذر لمادونا ووالدها وتري عمل بمكان اخر ولن تأتي هنا وذهبت لتسير فالشوارع  لعل التجول بمفردها  قد يفيدها للتفكير بأي شيء وهي تتوعد لمصطفي ذلك الهارب الذي لا يعبئ بأحد 
_________________________________________
كانت ايتن تجمع اغراضها في حقائب وتستعد للرحيل فهي أحبته حقاً ويكفي أن تكون سبب في ألمه وأن تضره، اضاءت شاشة هاتفها باسمه لعنته قبل ان تجيب عليه 
ايتن بانزعاج شديد " نعم "
خالد بسخرية " نعم الله عليكي خربتي الدنيا صح "
ايتن بضيقٍ ملحوظ
-  بقولك ايه هتتكلم كلام ملوش لازمة يبقي هقفل في وشك 
خالد بانزعاج من غبائها فهي سبب فشل كل شيء
- مطوليش لسانك عليا انتِ اللي مش عارفة تحافظي علي جوزك ومن الاول من ساعه ما فضلتي تتكلمي مع الجيران وانتِ خربتي الدنيا
محافظتيش علي جوزك انتِ كل اللي عملتيه خلتيهم يقربوا من بعض اكتر واديتهم الفرصة وكل الحجج لكده
ايتن بغضب " خليك في نفسك ومتتصلش بيا تاني ومصطفي طلقني، وانا مش ناوية ابوظ حياته اكتر من كده وانتَ السبب وخلتني ارجع علي الفاضي وغصب عني وانا كنت عارفة انه مش هيسكت
ده كان زي المجنون، مصطفي عمل كل حاجة حلوة معايا ومش ناوية اضره اكتر من كده وهسيب الولد وهمشي "
- والله انتِ غبية ولا فاهمة حاجة وبوظتي كل حاجة بغيرتك دي
- اه بوظت كل حاجة انا حرة وريح نفسك لو عملت اللي ميتعملش ولو انطبقت السماء علي الارض مصطفي لزينة وزينة لمصطفي


تعليقات