وكفى بها فتنه
البارت الواحد الاربعون 41
بقلم مريم غريب
ظلت "سلاف" مع جدتها بقية اليوم ...
لم تتركها إلا في ساعة متأخرة من الليل و قد غفت بصعوبة ، كانت مفتقداها بشدة و لم تود مفارقتها
إبتسمت "سلاف" و هي تشد الغطاء عليها و تقبلها علي رأسها ...
هذه المرأة الوقورة تصرفت بطفولة كبيرة اليوم ، لكن لا يهم .. لا أحد يلومها فهي علي رأس الجميع و لها أن تفعل ما تشاء
أطفأت "سلاف" نور الغرفة و أغلقت الباب بهدوء و حذر ، ثم مضت صوب غرفة "أدهم" ..
كانت الحركة هادئة أثناء سيرها ، لقد ذهب الجميع للنوم ... ولجت إلي الغرفة و إستدارت لتري "أدهم" واقفا في الشرفة
بدا نافذ الصبر جدا عندما إلتفت لها
قال بحنق :
-كل ده ؟؟؟؟
لسا فكراني دلوقتي يا هانم ؟
من الصبح و إنتي قاعدة جمب تيتة و ماكلفتيش نفسك تسألي عليا أنا فين حتي
إبتسمت "سلاف" و قالت بلطف :
-إهدا شوية يا حبيبي
مين قالك إني ماسألتش عليك ؟
أومال أنا عرفت إنك هنا في أوضتك إزاي !
أدهم بغيظ :
-إنتي مابقتيش مهتمة بيا أصلا
زهقتي مني و ماصدقتي رجعنا
خلاص براحتك خآاالص
سلاف بدهشة :
-إيه إللي بتقوله ده يا أدهم ؟
معقول مقموص أوي كده عشان كنت قاعدة مع نناه طول النهار ؟؟!!
نظر لها بتجهم و لم يرد ، لتمشي ناحيته و تقول و هي تطوق عنقه بذراعاها :
-عيب كده يا حبيبي إحنا مش صغيرين
و بعدين دي نناه
معقول بتغير من نناه !!
أدهم بضيق :
-من فضلك إوعي
سبيني في حالي دلوقتي
أنا لا بغير و لا نيلة و لو عايزة تروحي تباتي معاها كمان روحي مش هقولك حاجة
سلاف و هي تضحك :
-لأ ده إنت فعلا غيران بقي
بس بجد إنت تقدر تبعد عني ؟
عايزني أسيبك و أنام في مكان تاني ؟
ده أنا حبيبتك
أهون عليك يعني ؟؟؟؟
نظر لها من جانب عينه ، و إبتسم رغم عنه ..
سلاف برقة :
-أيوه كده
إضحك يا حبيبي
مش بحبك تكشر خآالص
إتسعت إبتسامته قليلا و هو ينظر لها بحب ... لتبادله الإبتسامة و هي ما زالت تطوق عنقه
قرب شفتيه من فمها ، لثمها ، لتقبله
فيأخذ شفتها السفلي بين شفتيه و يضغط عليها حتي لانت ، و إلتصقت شفاههما تنهلان بعضهما من بعض ...
شعرت "سلاف" بحرارته ترتفع و أحست بعمق حركاته
أمسكت بيده التي حاولت خلع ردائها و إرتدت بوجهها للخلف و هي تتمتم من بين قبلاته :
-أدهم !
ماينفعش هنا يا حبيبي
نظر لها بعينيه اللاهثتين و قال بغلظة :
-ليـه ؟؟؟
سلاف : ليه إيه !
إنت عايزنا نتفضح ؟ إستني يا حبيبي لما نطلع شقتنا
أدهم بإنفعال :
-و هنطلع إمتي سيادتك ؟
هي تيتة هتسيبك ؟؟؟؟
سلاف بثقة :
-هنطلع بكره و هبقي أنزل أقعد معها بالليل شوية
خلاص إتفقنا ؟
زفر بقوة و تركها و ذهب إلي الفراش دون أن يضيف شيئا أخر ..
إستلقي و أغلق نور الأباچورة التي تجاوره ، بينما كانت "سلاف" تضحك في صمت
و ها هو طفل أخر اليوم ..
-يا ربي أعمل إيه في الناس دي بس ؟! .. تمتمت "سلاف" لنفسها
ثم تنهدت و لحقت به
إستلقت بجواره و زحفت لتدخل في أحضانه ، أحاطت به و تداخلت فيه لدرجة لم تمكنه من التحمل
ليبعدها عنه و هو يقول بضيق شديد :
-الله لا يسيئك من بعيد
نامي بعيد عني الساعة دي
أنا مش ناقص
ضحكت "سلاف" بقوة حتي أدمعت عيناها و قالت :
-أوك خلاص
نام يا حبيبي أنا مش هقرب منك خالص
هز رأسه مستنكرا ضحكاتها في موقف كهذا ، ثم أخذ وسادة و وضعها علي رأسه و هو يلف و يعطيها ظهره
و بعد عدة دقائق هدأت "سلاف" و إسترخي جسم "أدهم" المتوتر ، و راحا في سبات عميق و هما متباعدان لأول مرة منذ زواجهما ...
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
ينتشر خبر وصول "أدهم" و "سلاف" من شهر العسل ...
علمت "راجية" بالأمر و أصرت علي السؤال عنهما ، كانت تريد جمع كل الأخبار و لكن "أمينة" لم تعطيها ما يشفي حقدها و كراهيتها .. أخبرتها أن إبنها و زوجته بخير و أنهما قضيا عطلة مميزة
إشتعل حنقها أكثر من هذه الأخبار و فكرت بسرعة في الخطة التالية و القاصمة ، فهذه فرصتها الأخيرة و لا يجب أن تضيعها
تساءلت متي يفتح الزوجين بابهما للزيارة لتذهب و تبارك لهما ..
كانت "سلاف" مرحبة بهذه الفكرة و أرادت جمع العائلة كلها في بيتها بيوم ، و لكن "أدهم" كان مشغولا عندما عاد إلي عمله
وجد تراكمات هائلة
إستغرقه الأمر إسبوعا حتي إستطاع التنسيق مع "سلاف" ..
إتفقا علي يوم الجمعة ، و جهزت "سلاف" كل شئ بمساعدة عمتها .. إشترتا معا المأكولات و الحلويات و كل ما يلزم
و كانت سعادة "راجية" لا توصف ، فقد شعرت بدنو مآربها
أخيرا ستحقق خطتها نجاحا ، دائرة الشر ستغلق تماما علي تلك الدخيلة التي جاءت لتأخذ مكان إبنتها
و لكن هل ستنجح ؟ و هل ستتأثر علاقة "أدهم" بزوجته أو العكس ؟ الشر دائما ينتصر
غالبا تكون هناك إستثناءات و لكن ليس علي الدوام ...
.................................
آتي يوم الجمعة ...
و بينما بدأ الجميع يستعد للتوافد علي منزل العروسين ، كانت "أمينة" تقف بمطبخ "سلاف" و تضع اللمسات الأخيرة علي الغداء
عاونتها "سلاف" في الأشياء القليلة المتبقية ، ثم تركتها "أمينة" لتنزل إلي شقتها و تأخذ حماما و تبدل ملابسها ثم تعود مجددا ..
كانت "سلاف" تقف أمام الموقد ، تتذوق الطعام لتتأكد من ضبط كل شئ ... ليأتي "أدهم" من خلفها خلسة
أمسك بخصرها و جذبها ناحيته بسرعة ..
شهقت "سلاف" بذعر و قالت :
-إيه ده يا أدهم ؟
حرام عليك خضتني
أدهم بإبتسامة :
-بعد الشر عليكي من الخضة يا روح أدهم
إيه القمر ده يا سوفي ؟
هو إللي واقف بيطبخ بيبقي حلو أووي كده ؟؟
سلاف : هنبتدي بكش بقي ؟
إنت فاضي و مش وراك حاجة و جاي ترخم عليا
سبني دلوقتي بليز عشان لسا محتاجة أخد شاور
أدهم و هو يغازلها بحرارة :
-شاور إيه بس !
ده إنتي قمر في كل حالاتك
تعالي بس نخطف ربع ساعة و لا حاجة قبل ما الناس دول يجوا و لا تعالي نعتذرلهم خالص
سلاف و هي تضحك :
-إنت مش طبيعي
و الله من يوم ما إتجوزنا مابقتش إنت
حاسب يا أدهم الله يكرمك مايصحش أقابل الضيوف بالمنظر ده
أدهم : طيب إستني لحظة
في حاجة هنا عايز أشيلهالك
سلاف بإستغراب :
-حاجة إيه ؟
فين ؟
حني "أدهم" رأسه ببطء ، و أخذ شفتها العليا بين شفتيه و ضغط عليها مرتشفا من ذلك الرحيق المسكر الذي أدمنه ..
رفع رأسه بعد لحظات ، و نظر لها هامسا :
-كان في بواقي Sauce علي شفايفك
يـآااااااااااه كان أحلي Sauce دوقته في حياتي .. و إبتسم بإلتواء
أحمـَّرت "سلاف" خجلا و قالت :
-طيب
ممكن تسبني دلوقتي بقي ؟
بليز الوقت بيجري يا أدهم مايصحش كده
تنهد "أدهم" و قال :
-ماشي
المرة دي بس عشان خاطرك
إتفضلي .. و حررها مفسحا لها الطريق
إبتسمت "سلاف" و طبعت قبلة خاطفة علي خده ، ثم إنطلقت مسرعة إلي غرفتها
بينما وقف يحدق في إثرها و البسمة تزين ثغره ...
............
عند الرابعة مساءً ... دق باب المنزل
كانت "سلاف" في الغرفة تضبط أحمر شفاهها عندما سمعت صوت الجرس
صاحت منادية علي "أدهم" و أسرعت بإرتداء النقاب علي هذه العباءة المنزلية الأنيقة .. إرتدت خفيها ، ثم خرجت لتقابل ضيوفها
لم يكن "أدهم" هناك ، نزل برفقة "عمر" و "مالك" ليحضروا "حليمة" ..
دخلت "راجية" أولا و هي ترسم علي وجهها تلك البسمة الودية المزيفة ، و دخلت "لبنة" خلفها ، ثم "أمينة" و فتيات العائلة
دعتهم "سلاف" إلي غرفة الطعام مباشرةً و لكن ظلت عند الباب حتي صعدت الجدة ..
راقبتها و هي تخرج من المصعد علي الكرسي المتحرك ، كان "أدهم" يدفعه و "عمر" و "مالك" يتحكمان بإنحرافاته
وصلت إليها ، فإحتضنتها "سلاف" بقوة و هي تقول :
-نناه حبيبتي
نورتيني
أيوه كده أنا دلوقتي بس بقيت مبسوطة فعلا
أخيرا طلعتي عندي !
حليمة بإبتسامة و هي تجول بعيناها عبر الشقة :
-ما شاء الله
شقتك جميلة أوي سلاف
ربنا يباركلك فيها إنتي و جوزك و تملوها عيال يا رب
بدلت "سلاف" مع "أدهم" و تولت توصيل جدتها للداخل ، بينما ذهب رجال العائلة إلي الصالون حيث الغداء ينتظرهم هناك ..
إستطاعت "سلاف" أن تخلع النقاب الآن و تستعرض بهاء وجهها الفتان ... كانت توزع إبتساماتها الرقيقة علي الجميع و إهتمت بضيوفها علي أكمل وجه
و بعد الغداء إنتقل الجميع لغرفة المعيشة ، و جلبت "سلاف" الحلوى و المشروبات الساخنة و الباردة ... و أخيرا جلست متحاملة علي تعبها
إنهالت عليها التعليقات المشجعة علي الطعام و عبارات الثناء و المجاملات ..
و فجأة أتي تعليق "مايا" علي شئ مختلف تماما :
-بس براڤو عليكي يا سلاف
قدرتي تاخدي علي طبع أدهم بسرعة .. و أشارت إلي عباءتها و النقاب الملقي بحجرها
نظرت لها "سلاف" و قالت بإبتسامة واثقة :
-أيوه طبعا خدنا علي بعض بسرعة و الحمدلله متفاهمين
بس هو عمره ما أجبرني علي حاجة
كل خطوة ختها كانت بإرادتي
من الحجاب للنقاب
مايا بإبتسامة بسيطة :
-كمان براڤو
إنتي أثبتي إنك أد المسؤولية
ربنا يوفقكوا
سلاف برقة :
-ميرسي
بس المسؤولية أدهم شايلها معايا بردو
لولا صبره و مشاعره الرقيقة و شخصيته إللي مافيش زيها ماكنتش قدرت لوحدي
هو فعلا هدية من ربنا
ربنا يحفظه ليا يا رب و يكرمه دايما
الجميع : أميـن
و هنا قالت "راجية" بنبرتها المتكلفة :
-مش هتفرجيني علي باقية شقتك و لا إيه يا سلاف
أنا بحب أوي أتفرج علي شقق العرايس
سلاف برحابة :
-طبعا يا طنط .. و قامت مكملة :
-إتفضلي . إتفضلي إنتي كمان يا طنط لبنة
راجية بإسراع :
-لالا لبنة مالهاش في الحاجات .. ثم قالت بضحك :
-بتخاف أحسن تحسد الناس غصب عنها
نظرت "لبنة" لأختها نظرة إستخفاف و قالت :
-أنا عيني باردة يا راجية
روحي إنتي بس ربنا يستر و الشقة ماتولعش بينا كلنا
إنفجر الجميع بالضحك و لكن "راجية" لم تعبأ ، فهناك الهدف الذي جاءت من أجله
ها هو يقترب ...
أدخلتها "سلاف" الصالون الصغير أولا ، ثم أخذتها في جولة عند المطبخ و عرضت لها محتوياته الحديثة ، ثم ذهبت بها إلي الحمام الواسع و المزود بغرفة السونا و مغطس الچاكوزي
تظاهرت "راجية" بالتأمل و الإهتمام ، و حثتها بعد ذلك لرؤية غرفة النوم
إصطحبتها "سلاف" إلي هناك و تحرجت عندما تعثرت العمة في كومة ثيابها الداخلية الملقاة علي الأرض ..
غمغمت "سلاف" بأسف و هي تسرع لجمع أشيائها المبعثرة هنا و هناك :
-أنا أسفة
الأوضة مكركبة شوية
بس إحنا تقريبا عايشين فيها
أنا و أدهم مش بنحب نبهدل الشقة
قعدتنا هنا أو برا في الليڤنج بس
راجية بإبتسامة تخفي ورائها براكين غيرة :
-ربنا يهنيكوا يا حبيبتي .. ثم بدأت خطتها :
-آاااه !
هرعت "سلاف" إليها و هي تقول بقلق :
-إيه يا طنط مالك ؟
حضرتك كويسة ؟؟؟
راجية و هي تمسك برأسها :
-مش عارفة يا حبيبتي
بقالي يومين و الدوخة مسكاني
بتروح و تيجي كده و مش عارفة أعملها إيه !
سلاف : طيب ثواني هقول أدهم يجي يشوف حضرتك
راجية : لأ يا حبيبتي مالوش لزوم
أنا هبقي كويسة دلوقتي
بس هاتيلي كوباية مايه إلهي يسترك
سلاف : حاضر ثواني بس ! .. و ركضت لتحضر لها كأسا من الماء
نظرت "راجية" علي باب الغرفة و تأكدت من ذهابها ، ثم أخرجت من جيبها بسرعة تلك اللفة السوداء ..
أخذتها و مضت صوب السرير ، رفعت الشراشف و ركعت علي ركبتها ، ثم وضعتها أسفل موضع رأسيهما مباشرةً ..
قامت و عدلت كل شئ ، لتأتي "سلاف" في هذه اللحظة حاملة كأس عصير بدلا من الماء
وجدت "راجية" جالسة علي طرف الفراش ، إقتربت منها و مدت لها الكأس و هي تقول :
-إتفضلي يا طنط
ده عصير لمون هيفوقك بسرعة
تناولت "راجية" منها و قالت بإبتسامة منهكة :
-تسلمي يا حبيبتي
و أخذت ترتشف بهدوء و داخلها ترقص من الفرحة ... لقد حققت هدفها ، بات الأمر وشيكا ....... !!!!!!!!!!!