قصة ساتزوج منحرفا البارت التاسع والثلاثون39 البارت الاربعون 40 بقلم امانى عطيه


قصة ساتزوج منحرفا
البارت التاسع والثلاثون39
البارت الاربعون 40
بقلم امانى عطيه


لم يرفع ممدوح عينيه عن وجه الدكتور مسعود الذى راح يجرى على ساقه فحوصات لا حصر لها ، فى محاولة يائسة لرؤية ليلى من جديد .. أخيراً قرر أن يذهب فنظر إلى ممدوح قائلاً :
- غداً سأجرى الفحص الأخـ .....
قاطعه ممدوح فى حسم قائلاً :
- غداً لن أكون بالمنزل 
سأله فى لهفة أقرب إلى البلاهة :
- أين ستذهب ؟
حدق فيه ممدوح صامتاً مما أصابه ببعض الحرج فغمغم قائلاً :
- لا بأس .. فقط حاول أن لا تجهد نفسك أكثر من اللازم 
ما أن غادر الغرفة حتى تنهد قائلاً :
- هذا الأبله لا يطاق 
ابتسم أشرف بمكر قائلاً :
- اعذره يا ممدوح ، فهو يبدو متيماً حد الجنون 
حدجه ممدوح بنظرة غاضبة وهو ينادى على سعدية التى سألها عن ليلى فأجابته قائلة : 
ـ لا أدرى يا سيدى ربما فى الحديقة 
ضاقت عيناه قائلاً :
- ماذا ؟
نهض من فراشه فجأة وهو يصرخ باسمها كالمجنون ، حاول أشرف أن يهدئ من روعه لكنه ثار قائلاً : 
ـ سأقتلها هذه المرة يا أشرف 
تحرك بلا وعى غير مبال بتحذيرات الطبيب ، اصطدمت ساقه المصابة فى ذروة انفعاله فاتجه إلى أحد الكراسى فى ألم بينما التفوا حوله فى قلق ، وجدها تهبط الدرج مسرعة وتتجه إليه فى لهفة قائلة : 
ـ ممدوح ماذا حدث ؟ 
هدأت ثورته وهو يتأملها قائلاً :
- أين كنت ؟ 
ـ كنت نائمة ، ما الذى يزعجك إلى هذا الحد ؟ 
تنبه فجأة إلى قميصها العارى ، وإلى العيون التى تجمعت فوق جسدها وانقسمت ما بين حالمة وحاسدة فانتهرها قائلاً :
- اذهبى وبدلى ملابسك 
تلفتت حولها وتخضب وجهها خجلاً ثم أسرعت تغادر إلى حجرتها ، عادت بعد قليل مرتدية ثوباً أحمر ينسجم مع عينيها الناريتين ، وتبارى كل من كمال وعادل للترحيب بها غير مبالين بتحذيرات ممدوح لهما ، نظرت إلى المقعد المجاور إلى ممدوح وتصنعت الأدب قائلة :
- هل يمكننى الجلوس بجوار زوجى ؟
حدقت نجوى فى وجهها بشراسة لكنها لم تجد مفراً من ترك مقعدها لها ، التفتت إلى ممدوح الذى كان يرقبها صامتاً وابتسمت قائلة :
- كيف حالك اليوم يا حبيبى ؟
أجابها فى اقتضاب :
- بخير 
ثم عاد ليقترب منها هامساً :
- لم أكن أعلم أن التمثيل أيضاً أحد مواهبك التى لا تنتهى 
ابتسمت وهى تزداد اقتراباً منه هامسة :
- أنت لم تر شيئاً بعد 
همس :
- حذار من الجنون يا ليلى ، لن تتكرر المعجزات وتبقين على قيد الحياة فى كل مرة

ضحكت فى ميوعة وكأنه يغازلها ، وامتنع فى صعوبة من أن يصفعها ، حانت منها التفاتة إلى أشرف الذى كان يحدق فيها مصدوماً فابتسمت :
- أنت أشرف ، أليس كذلك ؟
هز رأسه إيجاباً وكأنه فقد النطق ، فاتسعت ابتسامتها قائلة : 
ـ أريد أن أشكرك على ذوقك الرفيع فى تصميم غرفتى 
ابتسم قائلاً :
- لو كنت أعلم أن من ستشغلها على هذا القدر من الجمال لبذلت المزيد 
شاركت عيناها شفتيها الابتسام قائلة :
- يبدو أن لك ذوقاً رفيعاً فى كل شئ
التفت أشرف لا إرادياً إلى ممدوح الذى تعلقت عيناه بوجهها وهو يحاول التكهن بما تدبره فى رأسها العنيد هذا ، والذى تراوده أفكاراً مجنونة بتكسيره حتى يستطيع الكشف عن مكنونه ، اقترب منها كمال وراح ينشدها أحد قصائده قائلاً أنه كتبها خصيصاً من أجلها ، ولدهشته وجد ممدوح نفسه وللمرة الأولى مرغماً على التوحد مع كمال حين قال :
لو لا يعاقبنى الله من أجــــــــلك 
جعلتك إلهة فى الأرض وقدستك 
معابداً من نـور فى عينىَ شيدتك 
آه ٍ ... حبيبتى بكل الحب أحببتك
وما أن أنهى كمال قصيدته حتى دوى فى الحجرة تصفيق لم يعهده ، وصيحات من الإعجاب والاستحسان جعلت وجهه يتخضب احمراراً .. فى محاولة لتخفيف شدة توتره أشار إلى أشرف قائلاً : 
ـ أشرف أيضاً يجيد الرسم ، ويتمنى أن يرسم لك صورة يتنبأ بأنها ستكون أفضل لوحاته 
نظرت ليلى إلى أشرف وابتسمت قائلة :
- وأنا أوافق 
استدار أشرف إلى ممدوح الذى كان يحدق فيهم بنظرات نارية جعلت أشرف يقول فى قلق :
ـ ينقصنا إذاً موافقة الزعيم 
التفتت ليلى إلى ممدوح وما أن تلاقت عيونهما حتى أيقنت أنه لن ينتظر طويلاً حتى يقتلها ، فكرت بمغادرة الغرفة حين اقترب منها عادل وانهمك معها فى حديث طويل شاركهما فيه كمال عن كثب بينما اكتفى أشرف بالمداخلة من حين لآخر حتى تلاشت تلك الرهبة التى تحول بينهم ، فراحوا يضحكون فى مرح وكأنهم يعرفون بعضهم البعض منذ زمن بعيد .
تنهدت نجوى بضيق قائلة :
- سأذهب إلى الحديقة ، فالجو هنا لم يعد يحتمل 
ضمد ممدوح جراحاتها دفعة واحدة حين قال :
- انتظرى سآتى معك 
ابتسمت نجوى فى سعادة بينما نظرت ليلى إليه فى غضب لم تستطع إنكاره ، أما هو فقد تنهد بارتياح بعد أن كاد يجن وهو يفقد ثقته بنفسه للمرة الأولى فى حياته ...

لم يمض وقت طويل حتى اقبل رفاقه الثلاثة للانضمام إليهما فى الحديقة فقالت نجوى فى لهجة تهكمية لا تخلو من الغيرة :
- هل انتهيتم من وصلة الغزل العفيف ؟ 
ابتسم أشرف وهو ينظر إلى ممدوح قائلاً :
- ما أن ذهب الزعيم حتى تبدل الوضع تماماً 
تراقصت ابتسامة رضا على وجه ممدوح بينما نهضت نجوى قائلة :
- سأذهب كى أستعد للسهرة
هتف أشرف مستنكراً :
- بهذه السرعة ، لمَ لا تنتظر حتى تستريح ؟! 
أجابه ساخطاً :
- لقد مللت الراحة 
ابتعدت نجوى فنظر أشرف إلى ممدوح قائلاً :
- وماذا عن ليلى ؟ 
حدق فيه ممدوح فتابع :
- هل ستأتى معنا ؟
ازداد فيه تحديقاً ، فهتف أشرف مستنكراً :
- لا تنظر إلىَ هكذا ، كلنا على يقين من أنها لا تريد سواك 
أطلق ممدوح تنهيدة ارتياح فأردف أشرف :
- لا تقل أنك كنت تجهل هذا !!
ـ كيف أجهله وهذه البلهاء لا تجيد إخفاء مشاعرها !
ـ ولماذا يأكلك القلق إذاً ؟ 
ـ كان من أجلكم وليس من أجلها 
ابتسم أشرف قائلاً :
- كادت أن تفقدك عقلك أليس كذلك ؟
نظر إليه صامتاً ، فاتسعت ابتسامة أشرف قائلاً :
- عندما حدثتنا عنها ، لم أكن أتخيل أبداً أنها على هذا القدر من الجمال ، لقد ظننتها فتاة حمقاء تجرب اللعب مع الكبار كما تقول ، دون أن أدرى أن لديها ما يمكنها من اللعب بجدارة ، حتى أمام ممدوح سالم 
اقترب منه قائلاً فى عناد :
- لم تولد بعد هذه المرأة التى تتحدث عنها 
ـ ماذا تسمى ما أنت فيه إذاً ؟
زفر ممدوح بضيق شارداً :
- ليلى ليست أكثر من امرأة تريد أن تمتلكنى كالعادة ، ربما لديها من المقومات ما يفوقهن ، لكنها فى النهاية ستسلم للأمر الواقع وترضخ لمَ أريده أنا .. ربما الأمر فى حاجة إلى بعض الوقت 
ـ هل وجود نجوى هو ما سبب المشكلة بينكما ؟ 
نظر إليه صامتاً فتابع :
- لمَ لا تستخدم الحيلة ؟ فليس جيداً أن تجتمع العشيقة والعروس معاً فى هذا الوقت المبكر 
اسود وجهه قائلاً : 
- أسمع يا أشرف .. أنا لن أصل أبداً إلى الحد الذى يجعلنى أكذب من أجل امرأة 
هتف أشرف مستنكراً :
- تكذب ..! منذ متى وأنت تعتبر هذا كذباً ؟
ـ ماذا تعنى ؟
ابتسم أشرف وهو يتأمله قائلاً :
- أخشى أن تصل إلى الحد الذى تخشى فيه أن تخدعها حتى بينك وبين نفسك 
حدق فيه ممدوح بعصبية قائلاً :
- كفى هراءً

****
لم تستطع ليلى التحكم فى أعصابها وهى تصرخ فى سعدية قائلة :
ـ اذهبى واخبرى سيدك ، أن من يريد شيئاً عليه أن يأتى ليأخذه بنفسه
نظرت إليها الفتاة فى تردد وكأنها تحذرها .. فعادت لتصرخ فيها من جديد :
- اذهبى ونفذى ما أمرتك به 
وما أن ذهبت الفتاة ساخطة حتى وجدت نفسها تتحسس وجهها فى ذعر ، يا له من ديكتاتور متوحش ، كيف يريدها أن تختار له الملابس ليتنزه بها بصحبة امرأة أخرى..؟ فليأت ويقتلها إن شاء ، لكنها لن تفعل هذا أبداً ، لكنها لا تريده أن يأتى إلى الغرفة ، فهى لا تريد رؤيته ، أسرعت إلى الخزانة وأخرجت منها أول بدلة وقع بصرها عليها وكذلك الحذاء ، اتجهت فى عصبية إلى الباب ، ستطلب من سعدية أن تلقى بهما فى وجهه ..
ما كادت تفتح الباب حتى وجدته فشهقت مذعورة ، أبعدت وجهها سريعاً حتى لا يرى اضطرابها وهى تلقى بين يديه بما معها قائلة :
- كنت سأرسلها لك مع سعدية ، لكن يبدو أنك متلهفاً جداً لهذه النزهة 
قال بعد فترة من التحديق فيها :
- عجباً ، لقد أخبرتنى سعدية شيئاً آخر 
القت عليه نظرة سريعة عادت بعدها لتشيح بوجهها من جديد ، لكنها كانت كافية لتخبره بمدى اضطرابها ، فابتسم فى مكر قائلاً :
- على أية حال أنا لم أصدقها ، كنت على يقين من أنك لست حمقاء إلى الحد الذى يغريك بعصيانى مرة أخرى 
انفجر ضاحكاً حين التفتت إليه فى ثورة قائلة :
- تباً لك أيها المتغطرس ، من تظن ذاتك ؟ كيف تريدنى أن .....
اختنق صوتها فلم تكمل عبارتها ، تأملها قائلاً :
- هل تأتى معى ؟
قالت بسرعة :
- معك وحدك 
ابتسم فى تهكم ، فتابعت بانفعال :
- لا تنس أننى ما زلت فى شهر العسل 
هتف فى مزيج من السخرية والاستنكار :
- عسل ، أين هذا العسل ؟ أنا فى أسوأ فترات حياتى 
انهمرت دموعها التى حجزتها طويلاً فتنهد قائلاً :
- حسناً .. لا تغضبى .. لا بأس من يوم سئ آخر 
بدت كالطفلة وهى تحدق فى وجهه فى غضب والدمع ما زال يتلألأ فى عينيها ، ابتسم وهو يمسح وجنتيها بأصابعه قائلاً :
- استعدى غداً سنذهب فى نزهة ، بمفردنا أيتها الجشعة
ابتسم حين لاحظ سعادتها التى تحاول إخفاءها ، وسادت فترة من الصمت أشعلت الجو بينهما .. أحنت وجهها وعضت على شفتيها فى ارتباك .. توقعت فى حنين أن يقبلها ولكنه لم يفعل بل اتجه لتبديل ملابسه التى ما كاد ينظر فيها حتى هتف مستنكراً :
- يا إلهى ، كيف استطعت جمع كل هذه المتناقضات دفعة واحدة ؟!!
أطلقت ليلى ضحكة مستنكرة وهى تحدق فى الملابس التى أخرجتها بنفسها من الخزانة وكأنها تراها للمرة الأولى ، لقد كان محقاً فى صدمته ، البدلة كحلية اللون ، الحذاء بنى ، ورابطة العنق بلون ثالث لا يمت للآخرين بصلة ..
هز رأسه استنكاراً وابتسم فى مكر قائلاً :
- حمداً لله أنك لم ترسليها مع سعدية ، ولو أن ذلك حرم نجوى من متعة كبيرة 

أصابها ذكر غريمتها بالضيق وكذلك باستفزاز خفى ، فأسرعت إلى الخزانة وأخرجت منها أجمل ما فيها وأكثره تناغماً ، تأملت ابتسامته الواسعة التى زادتها غضباً وشعوراً آخر أنكرته حتى على نفسها وهى تهمس ساخطة :
- هل رأيت حماقة أكثر مما أنا فيها ، أفعل كل هذا لتتنزه مع غيرى ؟!
تمادت فى جنونها وراحت تساعده فى ارتداء ملابسه ، تفرس فى ملامحها صامتاً حين همست فجأة :
- هل تفعل نجوى هذا ؟ 
ابتسم دون أن يرفع عينيه عن وجهها قائلاً :
- ليس دائماً 
تأوه فى ألم حين جذبت رابطة العنق بقوة كادت أن تخنقه ، قبل أن تبتعد عنه قائلة فى سخط :
ـ يا لها من صديقة !
ابتسم وهو يدلك عنقه قائلاً :
- الغيرة جيدة ، ولكن ليست لهذا الحد 
هتفت غاضبة :
- ماذا تعنى ؟
ابتسم متسلياً وهو يصفف شعره أمام المرآة قبل أن يقول مودعاً :
- شكراً ، على المساعدة ، أتمنى لك أحلاماً سعيدة 
ضحك فى مرح عندما غمغمت فى سخط بلغ مسامعه :
- وأنا أتمنى لك نزهة تجعلك أسوأ حالاً منى


تعليقات