قصة ساتزوج منحرفا البارت السابع7 بقلم امانى عطيه


قصة ساتزوج منحرفا
البارت السابع7
بقلم امانى عطيه

تعلقت عينا والدة ممدوح به وهو يذرع الردهة  ذهاباً وإياباً فى غضب قبل أن يتحرك فى عصبية نحو الغرفة التى يرقد فيها والده .. أمسك بمقبض الباب وما كاد يستدير فى يده حتى ابتعد عنه من جديد وعاد يهتف فى والدته قائلاً :
- لماذا لم تتصلى بى من قبل ، لماذا أهدرت كل هذا الوقت حتى ساءت حالته ؟
ـ أنت تعلم أن والدك كان يمنعنى ، وكنت أخشى أن أغضبه 
غمغم ساخطاً :
- هذا المستبد ، ثم يعود ويسألنى من أين أتيت بالعناد والقلب المتحجر ؟!

مضى الوقت كالسلحفاة ، أقبل أشرف الذى ما أن رأى ممدوح حتى احتضنه وهو يهتف قائلاً : 
ـ ممدوح ، ماذا حدث ؟
أجابه ممدوح فى قلق بلغ ذروته :
- يبدو أن الأمر لا يبشر بالخير يا أشرف ، منذ الصباح وفريق من الأطباء معه بالداخل ، ولم يخرج أحدهم حتى الآن ليخبرنا عن حالته 
ـ ولماذا لم تدخل أنت إليه ؟
ـ أخشى أن يرانى فتزداد حالته سوء 
ـ دعنى أجرب أنا إذاً 
طرق أشرف الباب طرقاً خفيفاً وما أن دلف إلى الداخل حتى صدمته كل تلك الأجهزة والأدوية والمحاليل التى جعلت الغرفة وكأنها إحدى غرف العناية المركزة فى مستشفى كبير ، إزداد قلقاً وهو يتأمل هذا الفريق المكون من خمسة أطباء ، أحاطوا بالسرير الذى يرقد عليه الحاج سالم بلا حراك ، التفت أحد الأطباء إلى أشرف ما أن رآه قائلاً :
- هل أنت ولده ؟  هل أنت ممدوح ؟ 
غمغم أشرف وهو ينظر إلى ممدوح الذى دلف تواً إلى الغرفة وراح يحدق فى والده وقد تشبع وجهه ألماً :
-  هذا هو ممدوح 
التفت الطبيب إلى ممدوح قائلاً :
- فى اللحظات القليلة التى يفيق فيها من غيبوبته لا يكف عن ترديد اسمك
غمغم ممدوح دون أن يرفع عينيه عن والده :
- ماذا به .. هل سينجو ؟
نظر إليه الطبيب قائلاً :
- كلنا ندعو الله من أجله ، وإن كان هذا يتوقف على معاونتك لنا 
التفت ممدوح إليه فى دهشه وتساؤل فجذبه الطبيب إلى الخارج .. نظر إليه قائلاً : 
ـ ما فهمته من الكلمات القليلة التى يتفوه بها والدك من حين لآخر ، بأن لك دوراً مباشراً فى كل ما يحدث له ويهدد حياته
ظل ممدوح يراقبه صامتاً فأردف :
- لماذا لا تريد أن تتزوج وتنجب له الحفيد الذى ينتظره ؟
حدق فيه ممدوح مستنكراً قبل أن يغمغم فى نبرة تهكمية لا تخلو من الضيق : 
ـ يبدو أن حياتى الخاصة قد أصبحت محور اهتمام الجميع فى هذه القرية 
شعر الطبيب ببعض الحرج قائلاً :
- آسف لم أقصد المضايقة ، كنت أعتبرها نصيحة عفوية من أخ لأخيه ، على أية حال ، فبرغم حبى الشديد للحاج سالم ، لا أظن بأننى أحبه أكثر منك 
عاد الطبيب إلى الحجرة التى يرقد بها مريضه .. اقتربت والدة ممدوح منه وهى تبكى فى توسل قائلة :
-  بالله لا تقتل والدك يا ممدوح ، نفذ ما يريده منك لأجلى ، إن كنت تحبنى حقاً 
زفر بضيق قبل أن يهتف ساخطاً :
- لماذا يضع هذا الرجل حياتى مقابلاً لحياته ..؟
قبلته والدته قائلة :
- والدك يحبك يا ممدوح ، فهو لم يذق طعماً للنوم والراحة منذ أكثر من شهرين ، منذ تركتنا غاضباً فى المرة الأخيرة 
أقبل أشرف نحوهما قائلاً :
- لقد بدأ يستعيد وعيه 
تبعاه إلى حيث يرقد الحاج سالم الذى راح يتأوه فى ألم وضعف .. وما أن وقع بصره على ممدوح حتى بدأ يصيح فى عصبية قائلاً :
ـ ما الذى أتى بك إلى هنا ، اخرجوه خارجاً لا أريد أن أراه بعد اليوم 
استدار ممدوح ليغادر الغرفة ولكن أشرف أمسك به وقال مبتسماً : 
ـ ممدوح ولدك يا حاج والظفر لا يخرج من اللحم أبداً 
صاح الرجل فى ثورة رغم معارضة الأطباء :
- ليس لى أبناء ، سوف أتبرع بكل أموالى للجمعيات الخيرية ، لن أترك له جنيهاً واحداً 
لم يستطع ممدوح التحكم فى أنفعالاته فبادله عصبيته قائلاً :
- لم آت إلى هنا طلباً لأموالك 
ـ اذهب وحاول استعادة الأموال التى بذرتها تحت أقدام الراقصات ، لا أريد رؤيتك مرة أخرى ، لا تدخل بيتى مرة أخرى 
اندفع ممدوح كالسهم خارجاً ولم تفلح المحاولات المستميتة التى قام بها أشرف والأطباء فى إقناعه بالعدول عن الذهاب ، لكنه ما كاد يخطو خارج المنزل حتى بلغ مسامعه صراخ والدته المتواصل فاستدار جزعاً ليرى والده قد رقد ساكناً من جديد والأطباء من حوله يحاولون إسعافه ، لم يلتفت إليه أحد سوى والدته ونظراتها المتوسلة ، ربت على ظهرها صامتاً بينما عيناه قد تسمرتا على وجه والده حتى تحركتا عينا هذا الأخير قبل أن يفتحمها فى بطء ، تنفست والدته الصعداء وهى تتمتم بالحمد والشكرلله ، انحنى ممدوح يقبل يده ولكن والده جذبها منه وهو يشيح بوجهه بعيداً عنه
 أسرعت المرأة تقول : 
ـ اطمئن يا حاج ، ممدوح سيفعل كل ما تريده ، لقد جاء ليخبرك بهذا لكنك لم تمنحه الفرصة
 نظر ممدوح إلى والدته غاضباً لكنها أردفت وهى ترمقه فى توسل :
- أليس كذلك يا ممدوح ؟
نظر الرجل إلى ولده قائلاً بضعف :
- أحقاً يا ممدوح ، هل ستتزوج العروس التى اخترتها لك وتنجب لى الحفيد الذى طالما انتظرته ؟
نظر أشرف إلى ممدوح الذى وقف صامتاً ولم يجب بالنفى أو الإيجاب متجاهلاً كل العيون التى تسلطت عليه فى توسل واستعطاف 
 قال أشرف وهو ينظر إلى ممدوح ليحثه على الحديث : 
ـ طبعاً يا حاج ، ومن هذا الذى يستطيع أن يخالف لك أمراً ، خاصة ممدوح فهو يحبك حباً كبيراً 
نظر ممدوح إلى صديقه ثم إلى والده الذى راح يحثه فى لهفة وهز رأسه إيجاباً ، كاد الرجل أن يقفز من فراشه فرحاً لولا أن أحد الأطباء انتهره قائلاً :
- مهلاً يا حاج حتى يكتمل شفاؤك
تهلل وجه الرجل قائلاً :
- لقد شفيت 
ثم أردف وهو يمد يده إلى ممدوح قائلاً :
- سآخذ ولدى ونذهب لبيت العروس فى الحال 
تنهد ممدوح قائلاً :
- انتظر أولاً حتى يتمم الله الشفاء ، وبعدها نناقش أمر هذا الزواج 
نظر إليه الرجل فى ريبة وقد عاد وجهه للتجهم من جديد ، فابتسم أشرف قائلاً : 
ـ ممدوح يقصد ترتيبات الزواج يا حاج 
ـ انتظر أنت يا أشرف ، أريد أن أسمع هذا الكلام من ولدى 
عادت العيون كلها لتحدق فى ممدوح من جديد فزفر فى ضيق قائلاً : 
ـ أشرف يقول ما أريد قوله يا أبى 
نهض الرجل ليغادر فراشه قائلاً :
- هيا بنا إذاً ، يكفى ما أهدرناه من وقت زاد على الشهرين حتى الآن 
لكن أحد الأطباء اقترب منه ليعيده إلى فراشه وهو يغمز له بعينيه قائلاً : 
ـ ليس الآن يا حاج ، يجب أن تستريح فى الفراش أسبوع على الأقل ، أى انفعال قد يتسبب لك فى انتكاسة ربما يكون لها مضاعفات خطيرة 
تنهد ممدوح فى مرارة قائلاً :
- استرح الآن يا أبى ، لن تفسد العروس إذا انتظرت أسبوعاً آخر 
ابتسم والده قائلاً :
- حين تراها ستكون لهفتك أكبر من لهفتى

                     البارت الثامن من هنا 

تعليقات