قصة ساتزوج منحرفا البارت التاسع والعشرون29 البارت الثلاثون30 بقلم امانى عطيه


قصة ساتزوج منحرفا
البارت التاسع والعشرون29
البارت الثلاثون30 
بقلم امانى عطيه 

تنبهت ليلى من شرودها وأسرعت تجفف عبراتها المنهمرة عندما دلف ممدوح إلى الحجرة ونظر إليها فى تساؤل فأمسكت برأسها قائلة :
- لدى مغص شديد 
ضحك وهو ينظر إليها قائلاً :
- كنت أظن أن المغص يصيب البطن لا الرأس ، أم أنه نوع جديد من المغص ؟
أشاحت بوجهها قائلة :
- إنه الصداع 
نظر إليها فى ريبة قائلاً :
-  مغص أم صداع  ؟ 
ـ الاثنين معاً ، أرجوك اتركنى الآن وحدى 
تنهد بعمق وقد أدرك تقريباً ما يصيبها لكنه لم يقل شيئاً ، اتجه إلى خزانة ملابسه وأخرج منها سترة أنيقة للسهرة فهتفت فى انفعال :
- أين ستذهب ؟ 
قال دون أن ينظر إليها :
- ليلى .. هناك بعض الأسئلة التى لا أحب أن أسمعها ، على رأسها هذا السؤال 
اتسعت عيناها وهى تنظر إليه فى شئ من الصدمة ، كيف استطاع أن يخدعها برومانسيته الزائفة ورقته المصطنعة طيلة الأيام الثلاثة الماضية ، ماذا حدث لها ؟ هل ذهب عقلها لتصدق مستبد مثله ؟ ما هذا الضعف الذى يسرى بأوصالها ويخدر مشاعرها ويسلبها القدرة على رد إهانته ..؟!
انتهى من ارتداء ملابسه وراح يصفف شعره فى عناية زادتها غضباً ، جلست تتأمله صامتة ، عطره الثمين كاد أن يخنقها  ، حتى الدبوس الصغير فى رابطة العنق لم يهمله ، فكيف أهمل مشاعرها بهذا الشكل ؟ 
 قالت أخيراً بصوت حاولت أن تجعله ساخراً بقدر استطاعتها ، لكنه خرج رغماً عنها مختنق تطل الغيرة واضحة مع كل حروفه :
- هل أنت ذاهب إلى حفل زفاف ؟ 
 قال دون أن ينظر إليها :
- ألست عريساً بالفعل ؟ 
أجابته وهى تحاول أن تتحكم فى انفعالاتها الثائرة :
- عجباً كونك تتذكر هذا وتنسى كونى العروس ؟ 
التفت إليها وظل يتأملها قليلاً قبل أن يقول فى نبرة بدت حانية بعض الشئ :
- هل تريدين المجىء معى ؟
حدقت فيه بعينين أنهكهما الدمع قائلة :
- هل ستذهب بمفردك ؟ 
زفر بضيق قائلاً :
- يبدو أن أسئلتك لن تنته يا ليلى ، هل ستأتين معى أم لا ؟
لم تكن فى حاجة إلى إجابة لسؤالها الأبله ، كانت على يقين من أنه سيخرج للنزهة برفقة هذه المرأة ، فلماذا يحتاج إليها إذاً ؟ هل يريدها أن تتعامل مع وجود هذه الساقطة فى حياته كأمر حتمى ؟ أهو فى حاجة إلى المزيد من الغطرسة ليجمع بين زوجته وعشيقته على نفس المائدة ؟ وبعد أسبوع واحد من الزواج !!
استيقظت من شرودها حين انتهرها قائلاً :
- ليلى ،  لماذا سكت ؟ هل ستأتين معى أم لا ؟  
هزت رأسها فى عصبية قائلة :
- لا أستطيع ..... لا أستطيع 
أربكتها عيناه التى تسمرت على وجهها فتابعت :
- أخبرتك أننى متعبة 
غمغم فى تهكم :
- نعم ، لديك صداع فى بطنك و مغص فى رأسك 
قال وهو يستعد للمغادرة :
- سأضطر للذهاب وحدى إذاً 
هتفت دون وعى :
- لا أظن هذا  ، معك من الصحبة ما يكفى 
نظر إليها وقد أيقن سر تحولها وثورتها ، أخبرتها سعدية إذاً .. 
اتجه إلى الباب قائلاً فى قسوة :
- اخلدى للنوم يا ليلى ولا تنتظرين عودتى ، فربما أتأخر لوقت طويل 
لكنه ما كاد يصل إلى الباب حتى وجدها ترتمى بين ذراعيه وهى تنتحب قائلة :
- كلا ، ابق معى ، ليس عدلاً أن تذهب وتتركنى هنا مريضة 
ضمها إليه وقبل رأسها فى حنان لم يستمر طويلاً .. بل عاد ليقول فى قسوة من جديد:
- يمكن فى هذه الحالة أن تكون سعدية أكثر نفعاً منى
 
أسرع يغادر الغرفة ربما هرباً من دموعها التى انهمرت وهى تحدق فى وجهه ولا تصدق هذا الكم من القسوة التى ليس لها ما يبررها ..!
ما أن أغلق الباب خلفه حتى كاد الصداع يفتت رأسها ، والمغص ينهش أحشائها بالفعل وكأنها كانت تتنبأ بالمرض فأطلقت لجنونها العنان وراحت تنتحب فى هستيريا ، ماذا حدث لها ؟ لمَ كل هذا الألم الذى تشعر به ؟ لمَ الغضب ؟ لمَ الغيرة ؟!  كان زواجها منه وسيلة وليس غاية ،  تجربة وخطوة في طريق مستقبلها ليس إلا ، كان تعلم بأنه ليس أكثر من منحل فاسد ، تركها تجن وذهب ليتنزه مع أخرى وربما يعود بصحبة امرأة ثالثة 
هتفت في لوعة 
- كلا .... كلا  ، ليس هذا الرجل يا قلبى  ، ليس هذا الرجل 

******

همست نجوى وهى تميل على ذراع ممدوح فى دلال :
- حبيبى .. ماذا بك ؟ 
تصنع ابتسامة قائلاً :
- هل تريدين الرقص ؟
أومأت برأسها فى سعادة وهى تنهض لتراقصه ، لكنها لاحظت شروده من جديد فعادت تهمس : 
ـ ممدوح ... يبدو أننى حسدتك هذا الصباح ، أنت مهموم جداً 
ابتسم قائلاً :
- أليس هذا ما ترغبين به ؟  
صاحت مستنكرة :
- ليس وأنت معى 
عاد لصمته من جديد فثارت غاضبة :
- يبدو أنك لم تعد تشتاق إلىَ ، فأنت حتى لم تقبلنى منذ وصولى 
ضحك وهو يقربها منه قائلاً :
- أهذا ما يغضبك ؟ 
أجابته فى مرارة :
- لم أعتد هذا التبلد منك نحوى 
طبع على شفتيها قبلة طويلة ثم همس قائلاً :
- أما زلت غاضبة ؟ 
ضحكت قائلة :
- قليلاً 
عاد يقبلها من جديد هامساً :
- دعينا نمتص هذا القليل إذاً 
ضحكت بعد فترة قائلة :
- كفى ، لقد انتقلت مساحيقى إلى وجهك 

عادا إلى المائدة حيث يجلس كمال ولحق بهما أشرف بعد قليل ،  بينما استمر عادل يراقص سميرة فى وصلة أخرى .. استأذنتهم نجوى فى الذهاب إلى دورة المياه لإصلاح أصباغها فمال أشرف على ممدوح هامساً : 
ـ احذر يا زعيم ، فأنت الآن رجل متزوج 
ابتسم ممدوح فى لامبالاة قائلاً :
- وزوجتى تعلم ما أفعله وتزوجتنى راضية 
ـ هذا لا يعنى أنها لن تغضب إذا علمت بأمر هذه القبلات الساخنة 
أخذه الحديث عن ليلى إليها وعجز هذه المرة فى التحرر من هذا الشعور الذى يملأه حنيناً إليها ، ويدفعه دفعاً إلى البقاء حيث تكون .. فوجد نفسه يهتف بلا وعى :
- أشرف ، عندما تعود نجوى من الحمام ، أرجو أن تطلب منا الرحيل متعللاً بأى شئ 
صاح أشرف مستنكراً :
- محال ، ربما تقتلنى نجوى 
ثم حدق فيه قائلاً فى مكر :
- يبدو أنها جميلة بالفعل ، مضى أسبوع كامل ولم يصبك السأم منها 
تنهد ممدوح قائلاً :
- ليس الأمر هكذا ، لقد تركتها مريضة 
قبل أن يعلق أشرف على ما قاله ، عادت نجوى إلى المائدة وهى تبتسم قائلة :
- هل تأخرت عليكم ؟
بادلها ممدوح الابتسام صامتاً ، ثم عاد ينظر إلى أشرف ويحثه على فعل ما طلبه منه ولكن الأخير هز رأسه فى رفض قاطع ، مما دفع كمال للتدخل فى محاولة لتقديم المعونة فقال وهو يتثاءب : 
ـ أشعر برغبة ملحة فى النعاس ، دعونا نعود إلى المنز.....
وقبل أن يكمل جملته انفجرت فيه نجوى قائلة :
- عد بمفردك إن شئت 
بدت الصدمة واضحة على وجه كمال كمن تلقى دشاً بارداً .. ابتسم أشرف وهو ينظر إلى ممدوح الذى ابتسم مرغماً ، نظر كمال إلى نجوى قائلاً :
- لماذا هذه الثورة ؟ 
نظرت إليه فى ثورة أشد قائلة :
- ما يجرى فى عروقك ليس ماءًا  فقط  ، بل ماءًا مثلجاً أيضاً
تصاعدت الدماء إلى وجه كمال قائلاً :
- نجوى هذا يكفى 
التصقت بممدوح قائلة :
- أتعلم منذ متى لم أر ممدوح ؟ ، منذ أكثر من شهرين ، لو كنت تشعر بمقدار شوقى إليه لمَ تفوهت بمثل هذه الحماقات وطلبت منا الرحيل وسهرتنا لم تبدأ بعد . 
قال كمال محاولاً الدفاع عن نفسه :
- اعذرينى يا نجوى ، ما قلت ذلك إلا شفقة على زوجته المريضة 
ضاقت عينا ممدوح وهو ينظر إلى كمال فى ثورة مكبوتة .. بينما نظرت إليه نجوى قائلة فى حدة : 
ـ أحقاً ما يقوله ؟ 
أجابها باقتضاب :
- نعم                            
صاحت فى ضيق :
- أهذا ما يجعلك مهموماً هكذا ؟ 
تنهد وهو يخرج علبة سجائره صامتاً ، فعادت تسأله من جديد :
- مما تشكو جلالتها ؟
أشاح بوجهه ساخطاً فأردفت فى عصبية :
- هل شارفت على الموت ؟  لماذا الضيق إذاً أليس هذا ما نريده ؟ 
قال محذراً :
- نجوى ... يكفى هذا 
لكنها لم تصمت بل تجرعت كأسها دفعة واحدة وصاحت فى انفعال قاتل :
- ألم تستطع تحملك أكثر من هذا ؟ أسبوعاً واحداً فقط .. كم سنة تحملتها أنا.... ولم ألمس خلالها حنانك هذا الذى تولد فجأة !!
زفر ممدوح بضيق قائلاً فى لهجة يملؤها التحذير :
- كاد جنونك أن ينتقل إلىَ يا نجوى .. اخفضى صوتك
انهارت باكية وهى تهتف فى لوعة :
- الجنون هو ما فعلته من أجلك ، لقد ضحيت بكل شئ لمن لا يستحق 
قال ساخطاً :
- لقد سأمت حديثك عن التضحية ، تعلمين جيداً أنك لم تخسرى شيئاً يذكر ، إن كنت تريدين الزواج من كهل ثرى ، اخبرينى بذلك ، وغداً سوف أحضر لك زوجاً أكثر ثراءًا من هذا الذى ضحيت به من أجلى 
تدخل عادل الذى جاء للتو بصحبة سميرة قائلاً وهو يتصنع ابتسامة :
- ماذا حدث ؟ صراخكما وصل إلينا رغم الموسيقى الصاخبة
تنهد أشرف قائلاً :
- لاشئ يستحق كل هذا 
أخذت نجوى تنتحب بصوت مرتفع جذب إليهم أنظار رواد الملهى ،  فاقترب منها أشرف قائلاً : 
ـ هيا بنا يا نجوى لنعود إلى المنزل 
أزاحته فى عنف قائلة :
- كلا ، لن أذهب معكم سأعود إلى الإسكندرية 
همس عادل قائلاً :
- حسناً تعالى الآن معنا ، وغداً سأوصلك بنفسى إلى الإسكندرية 
صرخت فيه قائلة :
- كلا ، سأسافر الآن ، وبمفردى ،  اتركونى وشأنى
التفتت سميرة إلى ممدوح الذى جلس يدخن سيجارته صامتاً وصرخت فيه مستنكرة  :
- ألن تفعل شيئاً ؟
القى بالسيجارة أرضاً وراح يسحقها بقدمه قبل أن يتوجه إلى نجوى فى صبر نافذ قائلاً :
- هيا بنا يا نجوى 
صرخت فيه قائلة :
- ماذا تريد منى ؟ اذهب إلى هذه القروية التى سلبتك عقلك فى أسبوع واحد 
جذب ذراعها وهو يضغط على أسنانه محذراً ، لكنها أزاحته فى حدة صارخة :
- ابتعد عنى ، لا أريد أن ....
صرخت حين صفعها بقوة قبل أن يجذبها خارج الملهى غير مبال بصيحات الاستنكار التى أطلقها رواده بينما راحت سميرة تلكمه فى ضيق صارخة :
- أهذا ما استطعت فعله ؟ هل جننت ؟ 
استدار إليها بعينين ناريتين ، فالتصقت بأشرف فى فزع قائلة : 
- لن أركب معه فى سيارته  
ابتسم أشرف قائلاً :
- يبدو أن العنف هو الدواء الأمثل للنساء جميعاً 




تعليقات