قصة انت حقى انا البارت التاسع عشر19 بقلم نورهان حسني


قصة انت حقى انا
البارت التاسع عشر19
بقلم نورهان حسني


لم تشعر حنين بعيونه التي تراقبها منذ أن خرجت من القاعة..لم تشعر بألم قلبه عندما سمع حديثها..اقترب منها ببطء وقال:حنين 
التفت حنين بقلق و استجمعت قواها وقالت:أدهم؟؟نعم؟؟ 
أدهم:واقفه لوحدك ليه؟؟ 
حنين بتنهيده:عادي 
أكملت حنين باستفهام:هو ممكن أسألك سؤال؟؟ 
أدهم:أكيد 
حنين:أنت قولتلي بحبك ليه؟؟؟ 
تنهد أدهم بقوة وجلس علي صخرة موجودة علي الشاطئ ونظر إلي أمواج البحر المضطربة وقال:عشان أنتي الوحيدة اللي قدرتي ببرائتك تهدمي كل حصون قلبي اللي وهبت عمري أبنيها..عشان أنا حرمت علي نفسي كل بنات حواء من أول لحظة قلبي دق بحُبك.عشان أنا فضلت سنين بحاول أكره إحساس الأبوة لما أشوف ولد مع أبوه من خوفي من إن تكون أم أولادي زي غادة هانم بس لما شوفتك أتمنيت أكون أنا طفلك مش بس إني أجيب أطفال منك.عشان بغير من نسمة هوا زيادة يترعش ليها جسمك عشان رعشة جسمك دي بس تكون ليا لما ألمس إيدك 
أعاد أدهم بنظره إلي حنين التي تنظر له في صمت وقال:عشان بحس إنك حتة مني 
تنهدت حنين بقوة وحركت رأسها يمينا و يسارا بخجل وأعادت نظرها إلي أدهم وقالت:أوقات بحس إنك بتحبني بجنون لدرجة إني بخاف 
أدهم بفهم:عشان اللي حصل إمبارح يعني 
هزت حنين رأسها بمعني "نعم" ليقول أدهم:أنا فعلا وصلت لمرحلة إني بحبك بجنون وصلت لمرحلة إني بغير من أي نظرة تكون ناحيتك بغير من أخوكي عشانه قريب ليكي أكتر مني ما بالك بقي باللي كان عايز يتقدملك لولا إن إمبارح كانت حنة عز كنت ممكن أدفنه مكانه عشان يفكر إنه ياخدك مني 
جلست حنين بجانب أدهم وتنهدت قائلة:كلامك علي اد ما بيفرحني بس بحس إنه ممكن كتر الغيرة تقلب شك 
أمسك أدهم بيد حنين و شابكها مع يده وقال:أنا عمري ما أشك فيكي لأنك اللي رجعتيلي ثقتي للحب بس أنا عارف إن غيرتي صعبة بس أنا مبقدرش أتحكم فيها 
تنهدت حنين بقوة لتشعر بيد أدهم تحيط كتفها برفق..نظرت حنين إلي عز وقالت:ممكن متقساش عليا يا أدهم ؟؟ 
أدهم بابتسامة:محدش بيقسي علي روحه بس ممكن تتحملي غيرتي المجنونة دي 
حنين بمرح:ممممم أديني فرصة أفكر؟؟ 
رفع أدهم حاجبه الأيسر وقال:و الله؟؟ 
ضحكت حنين بخفوت وقالت:خلاص خلاص وبعدين يا أدهم بصراحة بصراحة يعني غيرتك دي أحلي ما فيك 
أدهم بنظرة ذات معني:أنتي كلك علي بعضك أصلا زلزل كياني 
زادت أنفاس حنين بتوتر لإحساسها بأنفاس أدهم التي تقترب منها.
ابتعدت حنين عن أدهم بسرعة قبل ان يقترب من شفتيها وقالت بتوتر:يلا بقي إحنا كدا اتاخرنا علي الفرح ماشي سلام سلام 
سارت حنين اتجاه القاعة بسرعة وهي تلملم شتات نفسها من أنفاس أدهم التي اخرقت كيانها.. 
تنهد ادهم بقوة ومسح علي شعره ببطء وشبح الإبتسامة يغزو وجهه ليقوم من موضعه ليتجه إلي قاعة الشباب و تتسع عينيه دهشة من اختفاء عز لغمز له ماهر و ينظر له نظرة ذات معني ليضحك أدهم بقوة ويكمل حديثه مع شادي.. 
.......... 
سقط شعاع ضوئي هادئ من القمر علي العاشقان اللذان يترقصان علي انغام الموسيقي الهادئة علي مركب يتهز من فعل أمواج المياه التي تداعبه..دفنت رأسها في صدر زوجها وتنهدت بقوة وقالت:أنا بحبك أوي يا عز 
زاد عز من ضمته لزوجته وقال:و أنا بعشقك يا جهاد 
رفعت جهاد نظرها إلي عز وقالت:تعرف كنت خايفة مرقصش معاك وأنا بفستان الفرحة الرقصة اللي بحلم بيها 
عز بابتسامة:و أنتي مفكراني إني ممكن أفوت رقصة يوم فرحنا أصله مش معني إن الفرح منفصل إني أمنعك من الرقصة دي أنا حلمت بالرقصة دي زيك و يمكن أكتر بس حلمت بيها إننا نكون أنا وأنتي وبس من غير عيون تراقبنا 
جهاد بمرح:أيوة عندك حق عشان محدش يشوفنا و البنات تفضل تبصلك وأنا أقوم سيباك وأروح أضرب فيهم 
عز بضحك:رومانسية طول عمرك يا حبيبتي 
ضحكت جهاد بقوة وأعادت دفن رأسها بين أحضان زوجها ليكملوا رقصتهم الهادئة.. 
بعد ما يقارب العشر دقائق رجع المركب الذي يحمل العاشقان إلي الشاطئ وأوصل عز زوجته إلي قاعة السيدات و عاد إلي قاعة الرجال ليكمل فرحته وسط أصدقائه و أهله 
............. 
بعد ما يقارب الثلاث ساعات..سمح لدموعه بالهبوط وهو يضم شقيقته بكل قوته ليقول من بين دموعه:خالي بالك من نفسك 
تنهدت حنين بقوة لتهبط دموعها في بذلة عز وهي متعلقه في رقبته قائلة:هتوحشني أوي 
زاد عز من ضمته لحنين ليرتفع صوت بكائها بأنين و دموع عز خانته و باتت تهبط بقوة أكثر.. و كيف لا تخونه دموعه و عيونه تأبي أن تترك أخته تبيت بعيد عنها..كيف لا ينفطر قلب التؤامان بألم علي أنه بعد ما يقارب 24 سنة تأتي الليلة التي يبيت كلا منهما بعيد عن الآخر..شعر عز أنه سيبعد عن أمه و أخته و ابنته وأنه سيترك دنياه الصغيرة بمفردها بينما شعرت حنين أنها تفقد الإحساس بالأمان مع كل دقيقة يقترب منها موعد أن يكون عز في بيته بمفرده..ألم فراق الأخت لأخيها ليلة زفافه مؤلم ولكن ألم التؤامان كان أضعاف مضاعفة لأن روحهم التي ظلت سنين متحددة بقوة ستتفرق في تلك الليلة.. 
تنهد عامر بقوة ومسح دموعه وأفلت يده من علي ابنته واقترب من عز وحنين وقال:خلاص يا ولاد أهدوا دا البيت جمب البيت مفيش مسافة دقيقة مشي 
 
أنزل عز أخته بتردد و مسح دموعها ودموعه وقال:خالي بالك من نفسك مفهوم

هزت حنين رأسها بمعني "حاضر" لتقول سناء:متقلقش يا بني عليها وهي معانا 
ابتسم لها عز وأعاد نظره إلي أخته و ضمها إلي صدره بقوة وحنين تحاول جاهدة أن تمنع دموعها من الهبوط مرة أخري.. 
صعد ماهر مع فرح إلي منزلهم..و أمجد مع رقية إلي منزلهم..بينما تشابكت يد عز وجهاد بقوة و ودعوا أهلهم بابتسامة هادئة وعز يتابع أخته في كل خطوة يخطوها إلي أن وصلوا إلي مصعد العمارة و اتجهوا إلي منزلهم. 
بمجرد أن أغلق باب المصعد علي عز وجهاد حتي انفجرت حنين باكية وهي تدفن رأسها علي كتف سناء التي احتضنتها بقوة وهي تحاول أن تهدأ من روعها.. 
أدهم بهمس:عمو بعد أذنك هقعد مع حنين في الجنينة 
عامر بحزن:اتفضل يا بني بس خليها تهدي شوية 
اتجه أدهم ناحية سناء وحنين وقال:حنين حبيبتي أهدي بس وتعالي معايا 
رفعت حنين رأسها من بين احضان سناء وقالت:أنا عايزه عز يا أدهم 
أمسك أدهم بيدها وقال:تعالي مع حبيبك بس 
أطاعت حنين أدهم وسارت معه إلي الحديقة ليجلسوا علي كرسي خشبي أمام حمام السباحة وحنين مسنده رأسها علي كتف ادهم الذي حاول جاهدا أن يخفف من حزنها و يمنع دموعها من الهبوط.. 
.......... 
بعد ما يقارب النصف ساعة..في منزل "عز وجهاد" أنهي عز و جهاد صلاتهم الأولي في منزلهم وتناولوا طعام خفيف بسرعة وهما يتحدثان فيما حدث في الزفاف.. 
قامت جهاد من موضعها وهي تحمل الأطباق ليقول عز:سيبي الأطباق أنا هوديها 
جهاد بإحراج:بس... 
عز مقاطعا بهدوء:عادي يا جهاد دول طبقين متتعبيش نفسك 
ابتسمت له جهاد شاكره و اتجهت إلي حجرتهم بينما حمل عز الأطباق واتجه إلي المطبخ.. 
وضع عز الصحون في غسالة الصحون ليتنهد بقوة و يرفع رأسه لأعلي و يقول محادثا نفسه "حنين من يوم ولادتها وهي أمانة في رقبتي وعلي أد فرحتي النهاردة علي أد خوفي " 
تنهد عز بقوة و رفع يده لأعلي وقال بصوت خافت:اللهم إني استودعتك أختي حنين فأنت الحافظ الحامي الذي لا تضيع عنده الودائع 
مسح عز علي شعره ببطء و ارتشف قليل من المياه وقال مشاجعا نفسه "يلا يا عز يلا يا بطل" 
بينما داخل الحجرة تقف جهاد أمام المرآة بقميصها الحريري باللون الزهري..أطلقت جهاد لشعرها العنان علي كتفيها وابتسمت لنفسها بتوتر..احتضنت جهاد دبلة عز التي تزين يدها و أغمضت عيونها بقلق وهي تزيد من ضمتها للدبلة..لتشعر بيده الدافئة تحيط بها من خصرها..لتشهق بخوف و تحاول الإبتعاد عنه ليحكم عز قبضته عليها ويقول بنظرة ذات معني:هو أنا بحب اللون الزهري من فراغ 
جهاد بقلق ممزوج بخجل:عز..

قاطعها عز عن الكلام بقٌبلة هادئة رومانسية تحمل أرقي معاني الحب لتذوب جهاد بين يدي عز و تزداد عشقا له من شفاهه التي تضخ الحياة إلي كيانها في قٌبلته الحانية..ابتسم عز إلي جهاد بحنان ليبدأ حلمه مع زوجته في لمسة حانية في الحلال ليصحب عز زوجته إلي عالمهم الخاص..عالم تعلوه لغة الحب فقط. 
...... 
في صباح اليوم التالي..خرجت إلي الحديقة تبحث عن "أدهم و حنين" بعد أو وجدت غرفة كل منهما فارغة و القلق يسيطر علي أوصالها..انتبهت إلي شعاع الشمس الذهبي الذي يظلل بأشعته الهادئة علي العاشقان اللذان يجلسان علي الكرسي الهزاز وهم في أحضان بعضهم..اقتربت منهم سناء لتجد أدهم يحيط كتف حنين بيده و رأس حنين مدفونة في صدره.. 
سناء بهدوء:أدهم..حنين يا ولاد 
لم تتلقي سناء أي إجابة منهم لتحرك يد حنين بهدوء قائلة:يا ولاد يا حنين يا أدهم 
فتح أدهم عيونه ببطء وضم حنين أكثر ببطء وأكمل نومه.. 
ضحكت سناء بخفوت وقالت:قوم يا أدهم عشان عز لو شافك كدا هيموتك قوم يا بني الله يهديك 
فتحت حنين عيونها بكسل ممزوج بتعجب..لتجد نفسها بين أحضان أدهم وسناء تنظر لهم.. 
شهقت حنين بخضة وابتعد عن أدهم و هي تنظر حولها بخوف ممزوج بإحراج.. 
أدهم بنصف عين:ينفع كدا يا طنط سناء !! يرضيكي تقوم كدا من غير إذن 
ضحكت سناء قائلة:اتلم يا ولد و أنتي يا حنون أجهزي عشان جهاد رنت عليا إنهم صحوا وعز عايز يطمن عليكي 
هرولت حنين إلي حجرتها بسرعة وهي تشعر بأن كيانها سينفجر من كثرة خجلها من سناء و أدهم.. 
أما أدهم صعد إلي حجرته و دخل إلي حمامه الملحق وأبدل ملابسه وألقي بجسده تحت المياه الباردة وأغمض عيونه براحة وهو يتذكر ليلة أمس عندما غفت حنين بين ذراعيه..شعر في تلك اللحظة أنها كالطفلة بين يده..قبضة يدها الصغيرة التي تتمسك بقميصه أعطته الشعور بأنه ليس حبيبها فقط بل و والدها التي تتعلق بأحضانه..رأسها المدفونة في صدره شعر بأنها أخترقت ضلوعه و استقرت في قلبه لتستمع إلي دقات قلبه.. ابتسم أدهم لطفلته النائمة بين ذراعيه و ضمها أكثر له و أسند رأسه علي رأسها فرحا بقربها منه..
فتح أدهم عيونه بسعادة واحتضن القلادة التي تزين صدره و رفع رأسه لتقابل قطرات المياه الدافئة قائلا بهمس:ملكتي قلبي يا طفلتي 
...... 
سكبت الكابتشينو في كوب بني اللون تزينه نقوش باللون السكري..أرجعت شعرها للخلف و أمسكت بقطع الكيك لتضعها في الصحن..لتشعر بيده تحيط بخصرها لتبتسم بخفوت و تلتفت برأسها ناحيته بخفة قائلة:ينفع كدا كل شوية تخضني ؟؟
ضحك بخفوت وقال:مممم مفروض تتعودي يا حبيبي

لكمته في صدره بخفة وقالت:بقي كدا !! طب ابعد بقي 
نظر لها نظرة ذات معني وهو يتفحصها قائلا:زهري تاني؟؟؟ دا أنتي قاصده بقي 
وضعت يدها علي وجهها بخجل لتداري ضحكتها وقالت:علي فكرة بقي مليش دعوة دي عباية الصباحية وأختك اللي مختاراها معايا 
غمز لها عز قائلا:و الله أختي دي جدعة عارفه إني بعشق اللون الزهري و لا أنتي رأيك إي 
قطع كلامهم صوت رنين جرس المنزل لتضحك جهاد قائلة:أنا هروح أفتح لحنين 
ذهبت جهاد لتفتح باب المنزل بينما خطف عز قطعة من الكيك قائلا بهمس:و الله حلو اللون الزهري برده 
فتحت جهاد باب المنزل لتجد حنين أمامها تنظر لها بإحراج... 
جهاد بابتسامة:أدخلي يا حنون تعالي تعالي 
حنين بإحراج:معلش يا جهاد إني جيت بدري بس طنط سناء قالت إنكوا صحيتوا وعز عايزني 
جهاد:يا بنتي و فيها إي؟؟أدخلي أدخلي 
دخلت حنين إلي المنزل بينما أغلقت جهاد الباب و احتضنتها قائلة:وحشتيني يا بت والله 
حنين بابتسامة:و أنتي كمان والله البيت بقي فاضي والأكل بقي كتييير 
جهاد بضحك:بجد؟؟ طب تمام يلا ننزل أخلص عليه أقصد أطمن علي ماما و بابا 
قطع كلامهم صوت عز وهو يتجه ناحيتهم قائلا بفرحة:حنين 
ابتعدت حنين عن جهاد و هرولت إلي اخيها و تعلقت برقبته كالطفلة...انسحبت جهاد بهدوء لتتركهم علي راحتهم بينما جلست حنين بين أحضان أخيها علي أريكة بالمنزل.. 
عز بتساؤل:عرفتي تنامي كويس و لا حصل كوابيس و كدا ؟؟؟ 
حنين بإحراج وقلق حاولت إخفائه:الحمدلله عدت المهم أنت أخبارك إي؟؟ 
عز بابتسامة:تمااام 
طبعت حنين قٌبلة علي رأس أخيها وقامت من موضعها قائلة:أمشي أنا بقي ماشي؟؟ 
عز:لا يا حنون خليكي شوية والله وحشاني 
حنين:و الله يا زيزو وأنت كمان وبعدين انت عريس بقي أسيبكوا براحتكوا 
دخلت جهاد وهي تحمل الكيك و الكابتشينو قائلة:تمشي فين يا بنتي أقعدي بقي أنا عملت حسابك في الكابتشينو وبعدين جربي الكيك اللي ماما عملاه 
ضحكت حنين قائلة:متعودة عليه يا اختي أسيبكوا براحتكوا بقي 
اتجه عز مع أخته إلي باب المنزل وقال لها بهمس:متأكدة إنك بخير؟؟؟ 
حنين بابتسامة وهمس:متقلقش عليا خليك مع مراتك بقي وخالي بالك من نفسك 
ابتسم لها عز مودعا و بعد أغلق الباب اتجه إلي جهاد قائلا:مش ملاحظة حاجه غريبة
جهاد بتعجب:مظنش في حاجه غريبة حنين شكلها تمام أهو

عز بنظرة ذات معني:لا مش حنين؟؟؟ 
جهاد بتعجب طفولي:مش عارفه ؟؟ هو أنت تقصد إي 
جذبها عز من يدها قائلا:إني بعشق اللون الزهري جدااااااااااااااااا 
ضحكت جهاد بقوة بينما جذبها عز إلي حجرتهم بعد أن أغلق الباب بقدمه 
................... 
مر أسبوع علي زفاف "عز و جهاد" سافر فيه العاشقان إلي دبي لقضاء أيام أسبوعي العسل..بينما انشغل أدهم و الشباب في مشاريع جديدة بالمجموعة.. 
و في صباح يوم العطلة المقرر للشباب..سألت حنين عن أدهم لتتلقي الإجابة بأنه في مرسمه ينهي بعض التصميمات..أعدت حنين كوب من العصير و اتجهت إلي مرسمه..لتفتح الباب ببطء و ينبعث من المرسم صوت كوكب الشرق..بحثت حنين بعيونها عليه لتجده جالس علي كرسيه الخشبي..جسده منحني علي اللوحة التي أمامه..كأنه في عالم منعزل عن الجميع.. 
لم يشعر أدهم بدخول حنين و لا بخطواتها التي تتقدم ناحيته..بحث بيده عن فنجان القهوة وهو يعدل التصميم ليجد مكان الفنجان فارغا..رفع أدهم نظره بتعجب ليجد حنين تقف أمامه مبتسمه له وتقول:مهو بصراحة مش كل شوية قهوة قهوة جرب مرة العصير دا 
أدهم بابتسامة:تسلميلي 
أمسك أدهم بكوب العصير وأعاد نظره إلي التصميم بينما ظلت حنين تتجول بين روسوماته بخفة.. 
تعجبت حنين من كشكول صغير يبدو عليها القدم يعلو طاولة الألوان التي تبعد عن أدهم بمسافة بسيطة لتمسكه بحذر وتقول:أدهم ممكن أبص فيه 
نظر لها ادهم مطولا نظرة لم تفهمها حنين مطلقا بل زادت من تعجبها ليقول أدهم بتنهيده:اتفضلي 
أعاد أدهم نظره إلي التصميم بينما فتحت حنين أول صفحة من الكشكول لتجد العنوان "مذكراتي أنا نبيل السيوفي" 
فتحت حنين أول صفحة لتقرأ ما بين السطور.. 
"معرفش ليه وصلت للمرحلة إني أكتب همومي بين سطور الورق؟؟بس دا يمكن لأن محدش بيسمعني !! أو لأني وصلت لمرحلة إني مبقتش عارف أنا الإنسان اللي جوايا مات ليه ؟؟
أول مرة أحس إن جوازي من غادة غلطة يمكن عجبني جمالها و شياكتها أول مرة شوفتها فيها..حبيت تكون ملكي أنا و الجمال دا كله يبقي ليا لوحدي..
بس للأسف بعد مرور السنين الجميلة اللي اتجوزتها اتحولت لوحش بيتغذي علي الفلوس.. 
مع إني عمري ما حرمتها من حاجة بس حتي وهي في حضني بحس إن معايا جسد بس من غير روح" 
تنهد حنين بقوة و نظرت إلي أدهم الذي يرتشف العصير لتعيد النظر إلي المذكرات مرة أخري..
"معرفش إزاي طاوعتها و بقيت بعامل أخويا كدا؟؟ معرفش إزاي سمعت كلام الشيطان دا و شككت في عرض أخويا و شرف مراته..بس أنا اللي غلطت من الأول أنا اللي غلطت لما اختارتها زوجة ليا..نسيت كل حاجة حسن عملها عشاني نسيت ليالي كتير كنت بقضيها وسط صحابي و في حضنها و هو مطحون في الشغل و بيسافر من هنا لهنا عشان يجيب الفلوس اللي أصرفها من غير حساب..معرفش إزاي قلبي بقي حجر علي أخويا ؟؟ إزاي عايز أحرمه من إنه يسمع كلمة "بابا" إزاي أحرمه من فرحته في الدنيا دي وهو كان بيفرحنا من غير ما يطلب تمن أو يستني كلمة شكر"

مسحت حنين دمعة داعبت عيونها و طوت بعض الصفحات إلي أن وصلت لعنوان صفحة جذب انتباها "ضعفي" 
"أول مرة أحس إني ضعيف..النهاردة كنت ناوي إني أطلق غادة و أصحح الغلطة اللي ارتكبتها بجوازي منها بس حصل اللي مكنتش متخيله..أنا كنت مفكر إنها وحش فلوس بس أو مرة أحس إني أجوزت إبليس مش متصور إنها بتهددني بقتل ولادي اللي من صلبي ومنها عشان الفلوس مش متصور إنها حرقت جسم ابن قدامي عشان حست بإني ناوي أطلقها و بهددها..الله يرحمك يا حسن كان عندك حق لما قولتي بلاش منها..ياريتك كنت جمبي ياأخويا و دلتني أعمل إي" 
رفعت حنين عينيها بصعوبة و بلعت ريقها ببطء في محاولة لفهم ما هو مكتوب في المذكرات و نظرت إلي أدهم الذي دفن رأسه بين يديه..اتجهت حنين ناحيته بتردد إلي أن وقفت خلفه وقالت:أدهم هو إي اللي مكتوب دا 
لم يرفع أدهم نظره علي حنين و إنما وضع يده المرتعشه علي التيشرت الذي يرتديه و رفعهه ببطء.. 
لتشهق حنين بصدمة و هي تنظر إلي ظهر أدهم الذي يعتبر أنه متشوه من كثرة الحروق.. 
أغمضت حنين عيونها و فتحتها عدة مرات في محاولة لتصديق ما تراه أمامها..ليقول أدهم بنبرة منكسرة:مستغربة أوي اللي شوفتيه و قرأتيه 
التفت أدهم بنظره إلي حنين الواقفة خلفه وقال بألم:في المكان دا من 20 سنة كنت طفل لسه مكمل خمس سنين من أسبوع و كنت قاعد مع أبويا بلعب بالألوان وهو ماسك مكوا بيصلح أسلاك الكهربا بتاعت لعبة ابنه فجأة دخلت مراته و قالتله عايزه فلوس و لما زعق وهددها إنه هيطلقها لو مبطلتش جشعها دا 
أكمل أدهم بدموع متحجرة في عيونه و وجه:شدت المكوا من إيده و راحت لإبنها اللي مركز مع الألوان و لسعت ظهره كله بالمكوا 
أدهم بألم و هو يضرب علي صدره بقوة:شوهت ظهر ابنها بالمكوا عشان الفلوس عشان ترضي جشعها و قالت لأبويا وهي مش مهتميه بصراخي إنه لو فكر يطلقها أو يحاول يإذيها مصير عيااله التلاته التعذيب وهي مش مستوعبة إنها بتتكلم عن ولادها 
دفن أدهم رأسه بين كفيه مرة أخري وقال بألم:شوفتي بقي الأم 
مسحت حنين دموعها التي أغرقت وجهها و اتجهت ناحية ادهم و لمست بيدها المرتعشة الجروح التي تغطي ظهره و تنهدت بقوة لتحاوط أدهم بيدها الصغير و تسند راسها علي ظهره بحنان ليشعر أدهم بدموعها الدافئة تخترق جروحه لتفتح جروجه من جديد و يشعر بالألم يخترق كيانه لينفجر باكيا كالأطفال..
زاد صوت أنين بكاء أدهم و حنين لتشعر حنين برعشة جسد أدهم بين يدها لتقول من بين دموعها:خلاص يا حبيبي عشان خاطري أنا معاك أهو

ابتعد حنين عن ظهر أدهم و وقفت أمامه و ازاحت يده برفق ومسحت دموعه قائلة:أدهم 
أدهم بوجع:أنا بكرها أوي يا حنين بكرها من صغري وانا بكرها 
أكمل أدهم بألم و هو يضع يده علي صدره:قلبي بيتحرق في كل مرة بشوفها فيها بدل ما تربيني علي حبها ربتني علي كرها كانت السبب في كسر كل فرحة ليا 
أكمل أدهم بوجع و هو يمسح دموعه:مش دي اللي تبكيني يا حنين مش دي اللي دموعي تنزل عشانها دي خيانة وكدابة دي شيطان 
حنين بخوف من حالة أدهم:أهدي يا حبيبي خلاص أهدي أنا آسفة 
ضرب أدهم الطاولة بكل قوته وقال:متقوليش أهدي أهدي إزاي و انا كل ما أغير هدومي أشوف حرق ظهري بسببها أهدي أزاي وأنا كل لما أعدي من قصاد أوضتها افتكر آخر مرة سمعتها فيها بتتفق علي قتل ابويا أهدي إزاي وأنا كنت ضعيف ومعرفتش ادافع عنه و خوفي سيطر عليا 
قام ادهم من موضعه و ضرب الكرسي بقدمه ليتحطم إلي جزيئات صغيرة قائلا:أهدي إزاي وأنا فضلت سنين عايش في خوف أهدي إزاي وانا يوم ما أبويا مات شوفتها بتضحك ومعرفتش أكلم 
سقط أدهم علي ركبتيه قائلا بوجع وهو يضرب علي صدره:أهدي إزاي وأنا عايش سنين منظرها وهي في حضن راجل غير أبويا بيقتلني 
جلست حنين علي ركبيتها أمام أدهم وأمسكت بيده المرتعشة قائلة:أدهم أنت تقصد إن.. 
أدهم مقاطعا بدموع متحجرة في عيونه:بعد موت بابا فضلت مراقبها شهور لحد ما في يوم و أنا براقبها لاقيتها خارجه من النادي و راحه بيت في منطقة مقطوعة 
نظر أدهم إلي الحائط المقابل له و شرد في ذكرياته .. 
FLASH BACK... 
وقفت غادة بسيارتها قدام فيلا صغيرة في شارع مهجور و اتجهت إلي الفيلا و فتحت بابها الحديدي تحت عيون أدهم اللي بتراقبها..دخلت غادة الفيلا بينما ظل أدهم يبحث مطولا عن طريقة يدخل بيها الفيلا حتي لا يشعر به أحد إلي أن تسلل إلي الفيلا من علي السور الخلفي لها..أخفي أدهم وجهه تحت الكاب الذي كان يرتديه وظل يتجول في حديقة الفيلا بحذر خوفا من أن يسمعه أحد..تسلل أدهم إلي داخل الفيلا من خلال باب المطبخ الخلفي و تعجبه يزداد من حالة الفيلا المزرية وكأنما يتجول بين المقابر..بمجرد دخول أدهم إلي المطبخ سمع ضحكة عالية تهز أركان الفيلا..زفر أدهم بقوة وظل يتتبع صوت الضحكات الذي يزداد مع كل لحظة إلي أن وصل إلي غرفة بابها شبه مغلق..بلع أدهم ريقه بصعوبة و تسلل النظر من الباب شبه المغلق ليري المنظر الذي لم يكن في حسابته مطلقا..والدته بين أحضان إسماعيل وهما شبه عارييان و يتفوهان بأفظع الكلمات..
ابتعد أدهم عن الباب بصدمة وركض مسرعا إلي خارج الفيلا

BACK.. 
أدهم بألم:كنت ضعيف أوي خوفي خلاني اتراجع منعني من إني أقتلهم هما الإتنين 
أدهم بصرخة مكتومة:ااااااه اااااااااااه شوفتها في حضنه يا حنين و منظرهم مغبش لحظة عن بالي و لا صوتهم القذر وكلامهم ااااااه 
لهثت حنين أنفاسها بصعوبة وهي تشعر أنها في كابوس..نظرت لأدهم بعيون مدمعة غير مستوعبة أنه استحمل هذا الألم سنين بمفرده لا تعلم من أين آتي بتلك القوة ليكمل تلك الحياة بعد ما شاهده بعينيه؟؟ 
اقتربت حنين من أدهم وضمته إلي أحضانها كالطفل لتعيد بناء قوته التي تحطمت لما رآها..تمسك أدهم بأحضان حنين وهو يبكي بكل ما به من ألم إلي أن شعر بأن أنفاسه ستتوقف من كثرة الوجع.. 
مسكت حنين وجهه بخوف وقالت بصوت مرتعش:أدهم حبيبي اتنفس براحة عشان خاطري 
أدهم بصوت ضعيف:أنا عطشان 
هرولت حنين إلي الثلاجة الصغيرة الموجودة بالمرسم وأحضرتها له و جلست علي ركبتيها مرة أخري وهي تمسك زجاجة المياه بيد مرتعشة وتضعها علي شفتيه التي ترتعشان من كثرة البكاء.. 
أحضرت حنين تيشرت أدهم و ساعدته في ارتدائه ليضع أدهم راسه علي كتفها كأنه يطيح بكل همومه بعيدا عنه بعدما ظلت سنين تحطم كيانه.. 
أدهم بتنهيدة وجع:حاسس إني ضعيف و جبان أوي 
قامت حنين بخفة و وقفت أمام أدهم وقالت بقوة:لا يا ادهم أنت عمرك ما كنت ضعيف أو جبان أنت اللي ساعدت عز إن الحقيقة تبان أنت اللي فضلت سنين تدور حوالين غادة وإسماعيل لحد ما عرفت جزء من الحقيقة وقدرت تجيب صورة من عقدهم العرفي 
أكملت حنين وهي تشير إلي قلب أدهم قائلة:قلبك دا جواه قوة كبيرة وإصرار و عند وكبرياء قلبك دا اللي مدك بالقوة إنك تعيش سنين شايفها قدامك وساكت لحد ما الحقيقة بانت ومسكتها حطتها في عربية البوليس بإيدك 
مدت حنين يدها لأدهم قائلة:أوعي تقول إنك ضعيف عشان انا قوتي بستمدها من قوتك أوعي أشوف نظرة ضعف في عيونك لأن مفيش حد يضعف أدهم 
تنهد أدهم بقوة و وضع يده علي يد حنين وقام من موضعه و وقف أمام حنين مباشرة وقال:عيونك دي اللي بتضعفني 
ابتسمت حنين بخجل قائلة:أوعي تبعد عني يا أدهم 
تنهد أدهم بقوة قائلا:محدش هيبعد عن دنيته 
....... 
قام من علي فراشه وهو يرتدي قميصه القطني..نظر إلي زوجته النائمة بجواره ليبتسم بهدوء و يغطي كتفها العاري و يتجه إلي الشرفة..تنهد بقوة وكأنه يجدد الهواء في رئتيه ويده تتحسس قلادة والده التي تزين رقبته ليحادث نفسه قائلا:وحشتني أوي يا بابا و ماما وحشتني أوي..فرحتي مش عايزه تكمل من غيركوا..قلقي علي حنين بيعكر فرحتي..أول مرة أحس إنها بنتي مش أختي بقيت بخاف من اللحظة اللي أدهم يجي يطلب فيها تحديد ميعاد الفرح"
مسح عز علي شعره بهدوء ونظر إلي السماء ليحادثها قائلا "بقيت خايف من الحياة اللي أنا فيها خايف حكاية حسن وفيروز تتكرر تاني معايا أنا..عقلي بيسيطر علي كياني و بيمنعه إنه يفرح"

فاق عز من شروده علي صوت جهاد تقول:زيزو 
التفت لها عز و دخل إلي الحجرة بعد أن أغلق شرفتها وقال:صباح الخير يا حبيبي 
جهاد بكسل:صباح النور يا حبيبي 
أكملت جهاد بمرح:ها هتفسحني فين بقي؟؟ ها !! ها !! ها !! 
ضحك عز قائلا:غيري هدومك بس وأنا هوديكي المكان اللي نفسك فيه 
جهاد بمرح طفولي:بس كدا!! دقيقة وتلاقيني جاهزة 
....... 
في يوم..أنهي أدهم و حنين عملهم وساروا إلي طريقهم للقصر في سيارة أدهم..أغلقت حنين هاتفها وقالت:عز بيسلم عليك 
أدهم:الله يسلمه..أخباره إي؟؟ 
حنين:الحمدلله تمام 
أدهم بغمزة:عقبالنا كدا لما نسافر لشهر العسل 
ابتسمت حنين بخجل وقالت:طب ركز في الطريق 
ارتفع صوت هاتف ادهم معلن اتصال من "شادي"..فتح أدهم الخط قائلا:أيوة يا .. 
شادي مقاطعا بسعادة:ألحق يا أدهم أنا بقيت أب 
أوقف أدهم السيارة بسرعة وقال بدهشة:أنت أهبل يا بني؟؟مش نغم ليه في السابع!! 
شادي بضحك:مهو البيه شرف بدري 
أدهم بتنهيده سعادة لصديقه:مبروك يا شادي ألف مليون مبروك 
أغلق أدهم الهاتف وأدار سيارته و في الإتجاه المعاكس.. 
حنين بتعجب:في إي يا أدهم ؟؟ 
أدهم بسعادة:نغم ولدت 
التقطت طفلها بحنان و وضعت رأسه الصغيرة علي صدرها ليهدئ الطفل عن البكاء و يرتاح لسماعه دقات قلب أمه..تحسست ملامحه بحنان و دموع الفرحة متجمعه في عيونها لتقول بصوت هامس:أنت حلو كدا إزاي؟؟ 
آتاها صوت زوجها وهو يقترب منها ويجلس بجوارها قائلا:طالع لمامته 
ابتسمت نغم بألم وقالت:لا يا شادي دا هيبقي نسخة مصغرة منك 
قًبل شادي جبين زوجته و أمسك بيد طفله ليقول بفرحة:نورت يا أدهم باشا 
نغم بتعجب:أدهم!!! 
شادي:أيوة يا ام أدهم 
قطع كلامهم صوت طرقات طفيفة علي باب الحجرة..رفعت نغم حجابها علي شعرها واتجه شادي لفتح الباب ليجد أدهم و حنين.. 
أدهم بابتسامة:كبرت و بقيت بابا 
ابتسم شادي بفرحة و احتضن صديقه بقوة وهما يضحكان بسعادة..أغمض أدهم عينيه بسعادة وهو غير مستوعب أن صديقه الذي عاش معه سنين الفرحة و الحزن صديقه الذي يتشاجر معه علي هدف في لعبة البلايستشن..ها هو الآن أصبح أب..
ابتعد أدهم عن شادي و نظر في الأرض قائلا:مبروك يا مدام نغم

نغم:الله يبارك في حضرتك 
دخلت حنين إلي نغم و احتضنتها بفرحة قائلة:مبروك يا نغومتي 
نغم بابتسامة:الله يخليكي يا حنون 
حملت حنين الطفل بحذر..بينما قال أدهم :ها بقيت أبو إي 
شادي:أبو ادهم 
اتسعت عين أدهم و حنين دهشة بينما ابتسم أدهم تدريجيا وطبطب علي كتف صديقه قائلا:أصيل والله 
اتجه أدهم إلي حنين وتحسس وجه الطفل بحذر و طبع قٌبلة علي جبينه..ليرفع نظره تدريجيا إلي حنين قائلا بهمس:عقبالنا 
........... 
بعد حوالي أربعة أشهر..ارتفعت أصوات صراخهن بوجع وسط حالة من القلق تسود من بخارج حجرة الولادة.. 
يتحركان امام الحجرة ذاهبا و غيابا وهما ينظران لبعض بقلق..إلي أن انقطع صوت الصراخ و ارتفع صوت بكاء صغير..لتقول حنين بخضة:هما سكتوا ليه؟؟ 
عز:الدكتور زهق منهم وكتمهم النفس 
حنين:أنت بتتريق!!! 
عز:لا بستعبط أنتي مش سامعه صوت الأطفال 
خرجت الدكتورة من الحجرة تحمل البشري السارة لكل من أمجد الذي وضعت زوجته "أنس" و البشري لماهر الذي وضعت زوجته "منه" 
علت أجواء البهجة في المشفي لقدوم أول الأحفاد من نسل نبيل و عامر.. 
... 
يتبع 
#أنتي_حقي_أنا 
التاسع عشر...ج2 
مر ما يقارب الشهر علي وصول الطفلين "أنس و منه"..أجواء من البهجة كانت تسود القصر بالطفلين رغم صوت بكائهم المستمر الذي قضي علي النوم من عيون الجميع لكن الفرحة زادت أضعاف مضاعفة لإقتراب موعد زفاف "أدهم و حنين" 
و في احد الأيام..وضع طفله بحذر في فراشه بعد أن تاكد من أنه استسلم لنومه..و جلس بجوار كرسي بجانب فراش طفله و بدأ في مراجعة بعض ملفات عمله.. 
سمع صوت ضعيف يقول:أمجد أمجد 
اتجه أمجد إلي فراش زوجته وقال:أيوة يا روءه مالك ؟؟ 
أغلقت رقية عيونها بألم قائلة:أنت هنا؟؟ فكرتك روحت المجموعة 
أمجد بابتسامة:مش أنا قولتلك لما تفتحي عيني هتلاقيني قدامك و بعدين النهاردة الأجازة 
رقية بقلق:أنس فين؟؟ 
أمجد:أنس في سابع نومه 
رقية بأسف:معلش يا أمجد أنا عارفه إني بتعبك معايا اليومين دول 
أمجد:عارفه لولا إنك لسه تعبانة كنت عملت إي؟؟؟ 
رقية بدلع:إي!!
أمجد بهمس:كنا جينا أخت لأنس

كتمت رقية صوت ضحكها في وسادتها بينما وضع أمجد يده علي فمه حتي لا يرتفع صوت ضحكه و يستيقظ أنس.. 
أمجد من بين ضحكاته:قومي بقي بلاش كسل عشان أنا جعان 
رقية بمرح:علم و ينفذ يا فندم 
.......... 
رفع حاجبه بتعجب وهو ينظر حوله قائلا:أومال حنين فين؟؟؟ 
جلست جهاد علي الكرسي المجاور لعز قائلة:خلصت صلاة و أدهم رن عليها 
زفر عز قائلا:أدهم !! 
جهاد بابتسامة:لسه بتغير علي حنين !! كلها أسابيع و هتبقي في بيته 
مسح عز علي شعره قائلا:نفسي الزمن يقف يا جهاد و تفضل حنين معانا هنا..مش متخيل إن البنوتة الصغيرة اللي كنت بسرحلها شعرها و ماما مش فاضيه كبرت و بقيت عروسة مش مصدق إن حد ممكن ياخد بنتي مني 
جهاد:أدهم بيحبها وهيحافظ عليه وهي كمان بتحبه متقلقش يا زيزو علي حنين..حنين طيبة و ربنا بيحبها وأكيد بدل لأدهم خير فيها مكنش قربه منها بعد كل دا 
عز بتنهيده و هو ينظر لحجرة أخته:ربنا يفرحها 
جهاد:يارب 
شرع عز في الإفطار و جهاد تلعب بالشوكه بتردد ليلاحظها عز و يقول:في إي يا جهاد مالك ؟؟ 
جهاد بابتسامة طفولية:مفيش 
عز:لا والله ؟؟ 
جهاد بنبرة هامسة:هو أنا لو قولتلك في ضيف هيجي يقعد معانا تقول إي؟؟؟ 
رفع عز حاجبه الأيسر بتعجب قائلا:ضيف!! مين و ليه و إزاي؟؟ 
جهاد بنفس النبرة الهامسة:هتقول إي بس 
عز:مش لما اعرف هو مين؟؟؟ هو أي حد يدخل بيتي؟؟؟ 
جهاد بطفولة:لا مهو دخل بيتك خلاص و بيأكل معانا 
عز بنصف عين:بت يا جهاد أنتي جايبه عفاريت في البيت 
ضحكت جهاد بقوة ليقول عز:و الله شكلك عفرتي البيت وأنا في الشغل 
تنهدت جهاد بقوة من بين ضحكاتها قائلة:لا لا مش كدا لا لا 
عز:أومال إي؟؟ 
قامت جهاد من موضعها و وضعت يدها علي بطنها قائلة:الضيف هنا و هيشرف بعد 7 شهور 
اتسعت عين عز دهشة في محاولة لإستبعاب ما تقوله جهاد لتبتسم جهاد قائلة:أيوة أنا حامل 
احاسيس كثيرة غزت كيان عز في تلك اللحظة..سعادة..شوق..دهشة..قلق.توقف نظر عز علي جهاد التي تنظر له بسعادة مختلطة بحب لتتجمع دمعة فرحة في عينيه و يتمتم قلبه بالحمد..قام عز من موضعه و حمل زوجته بين يديه كالطفلة و دموعه تهبط في صمت..بينما جهاد متعلقه برقبته تستنشق رائحته التي أصبحت إدمانها إلا أن شعرت بقطرات مياه دافئة تخترق ملابسها..لتتخلص من قبضة عز بسهولة و تنظر له بتعجب من الدموع التي تخفي ملامحه وجهه..
جهاد بقلق:حبيبي!! في إي!! أنت بتعيط؟؟؟

تنهد عز بقوة و أمسك رأس جهاد بحنان و قربها من رأسه وقال بصوت خافت:حاسس إني بحلم يا جهاد قلبتيني شخص تاني بحبك..لما كنت بشوفك قبل ما نجوز كان جوايا صراع كبير قلبي محتاج يحفر ملامحك جواه و عقلي بيقول لا أرجع 
تحسس عز وجه جهاد بيده الحانية قائلا:و لما بقيتي مراتي قولت مفيش سعادة أكتر من إنك تباتي في حضني مبقتش قادر أشوفك و محضنكيش 
لامست أصابع عز شفاه جهاد الوردس وقال:و لا قادر أشوف شفايفك قدامي و ضمهاش لشفايفي 
تنهد عز و أكمل كلامه قائلا:لما كان بيحصل بينا مشكلة بسيطة زي أي زوجين كنت ببقي مضايق عشان بشوف الملامح اللي عشقتها مكشره..سعادتي كانت في ضحكتك و قربك مني و عمري ما تخيلت إن في حاجه تفرحني أكتر من كدا 
أكمل عز كلامه وهو يضع يده علي بطن جهاد قائلا:لكن لما قولتيلي إنك حامل دقة قلب غريبة لجمت كياني و إحساس فرحة غريبة سيطر عليا..حسيت كاني مالك الدنيا مش مصدق إن جواكي جزء مني هيبقي أول نبته في حبنا 
سقطت دمعة من جفون عز وقال:افتكرت بابا و ماما و أتمنيت يكونوا معايا وأقولهم هيبقي ليكي احفاد خوفت أسيب اللي في بطنك دا غصب عني زي ما بابا سابني 
مسحت جهاد دموع عز بيدها الصغيرة و تحاملت علي قدمها لتصل لمستوي طول عز قائلة:حبيبي..مش أنت كنت دايما تقول إنهم معانا و فرحانين لينا أكيد هم الوقتي حاسين بفرحة قلبك ومبسوطين و بإذن الله لما ابننا أو بنتنا تشرف و تكبر شوية هنروح نزورهم سوا..بإذن الله ربنا هيفضل مجمع بينا و نربي ولادنا سوا و هتفضل معايا تحميني و مع أختك تخلي بالك منها 
أكملت جهاد وهي تتمسك برقبة عز:عز أنت حلم عمري..من أول يوم شوفتك فيه وأنت قلبت كياني..لما كنت بشوفك بتضحك كنت بحس إن كل حاجه حواليا بتضحك..يوم ما اجننت و طلبت تتجوزني وإحنا في المستشفي علي أد ما اتخضيت علي أد ما حسيت إن قلبي ممكن يقف من دقاته 
أكملت جهاد بابتسامة:و لما اتجوزنا و من أول ما دخلنا البيت دا و من أول لمسة منك من أول حضن أول لمسة لشفايفك حسيت إني في عالم تاني..عالم ليا أنا و أنت وبس عالم أنت فيه كل رجالة آدم بالنسبالي و لما عرفت إني حامل سعادة غريبة ملكت كل حاجه فيا وقولت أخيرا هيبقي جوايا حتة منك هحافظ عليها جوايا لحد ما تخرج للدنيا دي 
تنهدت جهاد بقوة قائلة:ربنا قادر زي ما جمعنا يخليك ليا و تفضل معايا محاوط عليا بحبك..عز أنا مقدرش أعيش من غيرك أنا بعشقك 
انتهت لغة الكلمات و علت لغة الشفاه..لتصمت جهاد عن الكلام بقٌبلة هادئة رومانسية من عز..قٌبلة فريدة من نوعها تحمل في طياتها أجمل معاني الشوق و الحب..تمسكت جهاد برقبة عز و استسلمت لقبلاته الهادئة التي تخدرها كليا..
ظلل عليهم شعاع ذهبي من الشمس يخترق زجاج النافذة ليسلط أشعته الدافئة علي العاشقان المغيبين عن العالم في قٌبلتهم...

أما علي مسافة منهم..تحديدا في الحجرة التي تجلس بهاحنين.. 
زفرت حنين بقوة وقالت بهدوء:يعني إي يا أدهم؟؟ إزاي يا حبيبي مش هروح أختار العفش 
أدهم بضيق:بليل هجيبلك ألبومات الصور و اختاري اللي انتي عايزاه 
حنين:طب ليه بس يا أدهم!! و حتي إمبارح لما روحنا مكملناش خمس دقايق و أنت قولتلي يلا 
زفر أدهم بقوة قائلا:مرتحتش للعمال اللي عنده 
حنين:يا حبيبي الراجل دا الكل اتعامل معاه وهو محترم والله وبيكلمنا بهدوء ملناش دعوة بقي بحد 
أدهم بضيق:لا برده 
حنين بعند:طيب يا أدهم براحتك و أنا مش هختار من البوم و خالي الفرح يتأجل بقي 
أدهم بعصبية خفيفة:حنين متعليش صوتك عليا 
حنين بعند:أنا مش بعلي صوتي يا أدهم بس دا مش أسلوب إحنا كدا مش هنخلص الشقة و لا بعد سنين و بعدين إحنا مالنا مين بص و مين عمل الغيره ليها حدود يا أدهم 
أدهم بعصبية:أنا كدا يا حنين وأنتي عارفه و عند بعند بقي براحتك وخالي الفرح يتأجل 
ألقت حنين بهاتفها علي فراشها و وضعت رأسها بين كفيها لتهبط دمعة هادئة من عيونها لتمسحها حنين بقوة قائلة بصوت خافت:متعيطيش مفهوم متعيطيش 
حركت حنين دبلة أدهم التي تزين يدها قائلة بصوت غير مسموع:إي حكاية صاحبك بقي؟؟ مبقتش عارفه أعمله إي؟؟ و لا هو قادر يتحكم في غيرته 
زفرت حنين بقوة و اتجهت إلي باب حجرتها لسماعها طرقات خفيفة عليه لتجد عز يقول بابتسامة واسعة:باركيلي 
ابتسمت حنين من بين أحزانها وقالت بمرح:إي أجوزت علي جهاد؟؟ 
آتاها صوت جهاد من بعيد تقول:سمعتك يا حنين تعالي خرجيني بقي 
حنين بتعجب:في إي أنت حابس البت؟؟؟؟؟ 
عز بابتسامة:لا أصلها حامل و حبستها في الأوضة عشان ترتاح 
اتسعت عين حنين دهشة قائلة:نعم؟؟؟ 
عز بمرح:هتبقي عمتو يا أوزعه 
و كأن ابتسامة عز وسعادته التي تزين وجهه و الخبر السار الذي حمله لحنين ضرب بأحزانها عرض الحائط لتقفز حنين بسعادة وتتعلق بأحضان عز قائلة بطفولة:هييييييه هبقي عمتو حنين و عز هيبقي بابا هيييييه مبروك يا زيزو ألف مليون مبروك يا بابا 
ابتسم عز بفرحة وقال بهمس:المهم أنا قعدت جهاد في الأوضة عشان ترتاح أصلها مجنونة زيك وهي الوقتي جعانة و أنتي عارفه أخوكي
غمزت له حنين وقالت بصوت قوي مصطنع:فهمتك يا ريس أدخل اقعد معاها وأنا هجهز حاجه ليكوا

عز بغمزة:أحبك وأنتي فهماني 
......... 
في المساء..بعد أن بارك الشباب لجهاد هبطوا إلي الحديقة مع عز بينما ظلت الفتيات مع جهاد.. 
بينما حنين منشغله في هدهدة "منه" الساكنة بين ذراعيها إذ ارتفع صوت جرس الباب لترفع رقية الحجاب علي رأسها و تقوم من موضعها وهي تحمل أنس و تتجه لفتح الباب..لتجد أدهم و عز.. 
رفع عز صوته بالسلام كي ينبه الفتيات بأن تضع كل فتاة حجابها بينما حمل أدهم "أنس" قائلا:أنوس وحشتني يا واد أنت والله 
رقية بزعل طفولي:طب و بالنسبة لأمه 
ابتسم أدهم و قًبل رأس اخته قائلا:أمه دي الحب الأول بس أنوس حاجه تانية برده 
رقية بضحكة خافته:بقي دي أخرتها طيب شكرا 
سار أدهم بجانب رقية بينما عز يتقدمهم و دخلوا إلي حجرة الإستقبال التي تتجمع فيها الفتيات.. 
أدارت حنين وجهها عن أدهم وأكملت هدهدتها لمنه بينما انحني أدهم علي ادهم الصغير المنشغل باللعب و قًبل رأسه و ألقي سلاما سريعا علي الجميع و هنئ جهاد علي خبر حملها... 
انحني عز علي أذن حنين قائلا:عايزك بره يا حنون 
حنين بهمس:بنيم منه يا زيزو 
عز بهمس:شكلها نامت وديها في أوضتك و تعالي بره في الصالة عايزك 
قامت حنين من موضعها بحذر وقالت بصوت خافت:فروح "منه" نامت هوديها في أوضتي عشان متصحاش من الدوشة 
فرح:تمام يا حنون تسلميلي 
اتجهت حنين إلي حجرتها و وضعت "منه" علي الفراش و وضعت حولها وسادات كي تتاكد من سلامتها... 
خرجت حنين إلي الصالة لتجد "أدهم" يقف أمام الشرفة المطلة علي الحديقة و ظهره لها.. 
زفرت حنين بقوة و سارت باتجاه المطبخ لتسمع صوت أدهم يقول:حنين 
وقفت حنين مكانها و لم تلتفت له و لكن قالت:عن أذنك عز عايزني 
تقدم أدهم اتجاهها و وقف علي مسافة منها قائلا:طب أستني برده 
عقدت حنين يدها أمام صدرها وقالت:ليه خير ؟؟ مينفعش أروح لأخويا كمان !! 
ضغط أدهم علي يده وقال:حنين بلاش الأسلوب دا 
حنين بضيق:أي أسلوب يا أدهم!! أسلوب الغيره الزيادة كل شوية حتي و إحنا بنجهز للفرح !! و لا أسلوب العصبية في كل حاجه!! و لا إي بالضبط!! حيرتني معاك يا أدهم 
أدهم:حنين انا عارف إني زودتها النهاردة بس أنتي عارفه غيرتي يا حنين و عارفه غني مبستحملش حد يبصلك حتي لو بالغلط حاولت كتير أتحكم في غيرتي وعصبيتي دي بس مقدرتش
تنهد ادهم بقوة ثم اكمل كلامه قائلا:حنين أنتي الوحيدة اللي قدرتي تخليني أثق فيها و احبها أنا اللي شوفته من غادة و سمعته خلاني أتاكد إن كل بنات حواء بيخونوا ماعدا رقية وفرح و جهاد و نغم عشان عرفتهم كويس لكن أنتي خلتيني أثق تاني في بنت غيرهم خلتيني أثق في حبك وإنك مستحيل تعملي فيا زي ما غادة عملت

زفرت حنين بقوة و أدارت رأسها يمينا و يسارا ثم أعادت النظر إلي أدهم قائلة:مش أنت دايما تقولي حاولي مرة واتنين و عشرة وميه كمان لما تبقي عايزه حاجه و متقدريش تحقيقها..أنا بقي بطلب منك تحاول تاني يا أدهم إنك تقلل من غيرتك دي عشان الغيرة ممكن تطور لشك و لو وصلنا لمرحلة الشك كل حاجه حلوة في حياتنا هتروح بلمح البصر 
زفر أدهم بقوة وقال:حاضر يا حنين بس ممكن تستحملي غيرتي دي بقي 
حنين بمرح:أمري لله هستحمل 
رفع ادهم حاجبه الأيسر قائلا:لا والله !! علي اساس تقدري تقولي غير كدا 
حنين بعند:أيوه هقدر 
خرج عز من المطبخ و هو يحمل كوب العصير قائلا:بس كفاية كفاية انتوا هتتاخنقوا تاني 
أدهم:لا خلاص مفيش خناق بعد كدا بإذن الله 
حنين بتنهيده:بإذن الله 
عز:يا سلام علي العقل ما شاء الله المهم متتأخروش يا أدهم 
أدهم:بإذن الله 
حنين بتعجب:هو في إي؟؟ 
أدهم:هنروح نختار العفش يا حبيبي 
حنين بنصف عين:بتتكلم جد يا أدهم 
هز ادهم رأسه بمعني "نعم" بينما قال عز بضحك:بس خودي بالك مش هتلاقي أي عامل هناك مفيش غير الحج وائل صاحب المكان 
حنين بتعجب اكثر:ليه !! 
أدهم:مش أنتي عايزه تيجي تختاري يبقي مفيش مشكلة بس و العمال مش موجدين 
رفعت حنين كتفها بحركة طفولية وقالت:هعمل فيك إي؟؟ مفيش فايدة منك 
اصطحب أدهم "حنين" إلي معرض الأثاث و أيقن أدهم فائدة إصرار حنين لاختيار اثاث منزلهم بنفسهم لروعة السعادة التي غمرت كيان العاشقان وهما يختاران كل قطعة بمنزلهم ويتناقشون في خفوت علي مكان وضع هذا و لون هذا.. 
بعد أن أنهي أدهم وحنين اختيار أثاث منزلهم..ذهبوا إلي أحد المطاعم المطلة علي شاطئ البحر الأبيض المتوسط ليمضوا وقت هادئ وهما يتحدثان عن حياتهم المستقبلية.. 
...... 
بدأت الترتيبات لزفاف "أدهم و حنين" المنتظر تزداد بمرور الأيام..من وصول أثاث المنزل وتجهيز قاعة الزفاف المنفصلة و اختيار فستان الزفاف واختيار ديكورات المنزل و اختيار بذلة العريس..فجأة..وجدت حنين نفسها في دوامه من التجهيزات لا تعلم نهايتها و لكن رغم آلامها الجسماني من الذهاب هنا وهنا و الحيرة بين اختيار هذا و ذاك؟؟ كانت لمسة يد أدهم تداوي كل آلامها بل و تحولها إلي سعادة بوجوده بجانبها في كل تفصيله..
بداخله غصة حزن تعكر عليه صفو فرحته بطفلته المدللة أو ابنته الأولي التي ستزف إلي عرسيها بعد أيام..لم يصدق أن بعد سنين عاشتها تحت رعايته و أمام عينيه أنه سيسلمها بيده إلي زوجها..احساس بالمسئولية القصوي تملك كيانه وهو يساعدها تجهيزات الزفاف..شعور بالأبوة تملكه وهو يراها تناقشه في اختيار هذا أم ذاك؟؟

كان هذا هو حال عز الذي لم تكف دموعه عن التجمع في عيونه وهو يري موعد زفاف أخته يقترب..فبرغم فرحته برؤيته لسعادة أخته إلا أن شعوره بأنه سيفقد جزء من كيانه يسيطر عليه.. 
أما هذا الغامض "أدهم" الذي ظل ليالي يخفي آلامه..مكث ليالي بمفرده ينازع وجعه بمفرده لم يتصور أن يكافئه الله علي تحمله سنين بنعمة مثل "حنين" في كل سجدة له بين يد ربه كان يشكره علي نعمته و يطلب منه أن يمده بالطاقة لإسعادها و رسم البسمة علي شفتيها..رغم انشغالاته التي تزداد مع كل لحظة من اقتراب موعد الزفاف إلا أنه لم يستطع أن يتأخر علي موعد مع حنين سيذهبون فيه لاختيار شئ في منزلهم.. 
....... 
بقيت ساعات قليلة علي إتمام الزفاف و في يوم "الحنه" تجمعت الفتيات في الطابق العلوي للقصر كعادتهم و أدهم و الشباب في الطابق السفلي..و بين اصوات الغناء و الضحك و الرقص و المزاح و التراشق بالوسادات و رسم الحنة للعروس و خفة ظل شادي مع أدهم..بين كل هذا تسللت حنين من بين الفتيات بحذر خوفا من ان يكتشفها أحد و سارت إلي الجهة الخلفية للقصر لتفاجئ بيد تخفي عينيها..شهقت حنين بخوف ولكن سرعان انخفض صوتها لإستنشاقها رائحة العطر التي تكسي اليد.. 
حنين بهمس:حرام عليك خضتني يا أدهم 
أدهم بهمس:مش أنا قايلك إني هستناكي هنا 
حنين بهمس:المهم في إي؟؟ مش عايزة حد يحس بغيابي 
أدهم بنصف عين:في إي يا حنين!! دا أنا جوزك يا بابا 
حنين بدلع وهي تسير للخلف:لا لسه لو سمحت الفرح لسه متعملش 
اقترب أدهم منها بخفة قائلا:طب ما تيجي نعمل بروفه للفرح 
ابتسمت حنين بخجل وتصنعت الجدية قائلة:أدهم !! في إي بقي 
كتم أدهم ضحكاته علي منظرها الطفولي وقال:مفيش يا ستي كنت وحشاني وعايز أشوفك 
اخفضت حنين رأسها بخجل قائلة بصوت منخفض:و أنت كمان وحشتني بصراحة 
اقترب أدهم من حنين و رفع رأسها بأنامله قائلا بصوت هادئ:بصراحة بصراحة 
ابتسمت حنين ابتسامة سحرت كيان أدهم وقالت بنبرة أنوثية:أيوة بصراحة بصراحة 
ابتسم أدهم بهدوء و اقترب من شفاه حنين و قبل أن يلامسها بشفاهه تحررت حنين منه و هرولت إلي داخل القصر قائلة:أنا اتأخرت علي البنات 
زفر ادهم بقوة و ابتسم لها مودعا و هو يمسح بيده علي رأسه.. 
.............. 
مرت ساعات "الحنه" سريعا في جو من البهجة و المرح..ليسدل الليل أستاره و يعلن حلول الظلام..بينما وقف "أدهم" في شرفته..تخترق نسمات الهواء الدافئة صدره العاري..تنهد ادهم بقوة و نظر إلي السمماء لتعلو ابتسامة تدريجية علي وجهه وهي يتأمل البدر الذي زين السماء وما حوله من نجوم..تنهد أدهم بقوة وتحسس دبلة حنين التي بيده و اعاد النظر إلي السماء و حادث نفسه قائلا "هي زي القمر في تمامه "البدر" و أي بنت تانيه حواليها زي النجوم ليها منظر جميل بس مش زي سحر البدر" 
بينما في حجرة عز و جهاد..وضع عز كوب المياه بجانبه قائلا:كدا الدوا خلص 
جهاد بملل:مش عارفه إي كمية الدوا دي أنا زهقت 
داعب عز بطن?


تعليقات