قصة عشقت امرأة خطرة البارت الخامس 5 بقلم ياسمينا احمد

قصة عشقت امرأة خطرة

البارت الخامس 5

بقلم ياسمينا احمد


فى الصباح

تسللت "صبا " ركضا نحو غرفة "زيد" لم تقصد "زيد" ابدا كانت وجهتها الاساسيه "مريم " اشتاقت لها


ولتسليتها معها،من فرط حماسها دخلت الغرفه دون أن تطرق الباب كادت أن تخلعه ،دخولها المفاجئ


على "زيد" كان أشبه بعمليه إقتحام غاشمه لم تدركها إلا وهى تنظر بعينه الغاضبه وهو جالس على


طرف فراشه أمامه وعاء يضمد به جراحه بنفسه تطلع إليها بقسوة هو يسألها مستفسرا :


_إزاى تدخلى عليا بالشكل دا؟


أزاحت طرف خصلتها المتدلى للخلف وأجابته بحرج متعلثمه :


_انا فكرتك نزلت وكنت عايزه مريم


ضيقت عينها وهى تنظر حولها ثم تحول حرجها إلى إتهام وسألت بجديه


وكأن لها الاحقيه فى دخول أى مكان دون إذن :


_ ثوانى كدا مش دى أوضة مريم لوحدها


إعتدل فى جلسته ليوضح لها بضيق :


_لاء دى أوضتى


لم يهدأ فضولها وسألت من جديد :


_ اومال أوضة مريم فين ؟


لم يعجبه استمراها بالوقوف فى وسط غرفته بهذا الشكل الذى أصرت عليه


اشاح وجه عنها وهو يجيب بضجر :


_مالهاش اوضه مريم مش بتخرج من اوضتى ممكن تتفضلى


رغم حرجها منه إلا أنها هتفت بإنصياع :


_ حاضر


لكنها تراجعت عن التنفيذ لتسائل من جديد بفضول :


_ اومال هى فين ؟


زفر "زيد" بحنق لا يريد إطالة الحديث معها دون سبب ربما هى عادته لكن معها


هى تحديدا كان مبالغا :


_ مع نجلاء بتفطر


كادت تطير نحو إشارته واستدارت قائله :


_ أوك


لم تصل قدمها إلى الباب حتى عادت إليه مما أثار إندهاشه مستنكرا فى نفسه تصرفاتها الغريبه


والغير مبرره فى بعض الاحيان ،تابعها تتقدم نحوه ببطءوبتركيز شديد جعله يردد فى نفسه بسخريه :


_لاء دى جايالى انا بقى !


اقتربت منه لتدقق النظر بجروحه التى لازالت واضحه فى جانب فمه وكذلك جبهته لم تبالى


بنظراته المندهشه ولا بحجم المسافه التى أوشكت على الانعدام بينهم وسألته مستفسره :


_ بتوجعك


لم يجيبها بل ظل يرمقها ببرود ودهشه من تصرفاتها الغريبه جلست إلى جواره دون إستشارته


ومدت يدها إلى قطعة القطن الموجوده إلى جواره على طبق صغير غمستها بالمطهر وهمت


بتطبيه بإهتمام بالغ اقتربت من جبهته لكنه تراجع يسألها بجديه بالغه :


_ إنتى مجنونه حضرتك ؟


انتشلها من تعاطفها معه لسانه السليط فضيقت عينها وبادلته السؤال بأخر مستفزه إياه :


_إنت شايفنى مجنونه ؟


التف لينظر حوله ويلفت نظرها بشكل غير مباشر إلى موقعها لكنها لم تفهم فإضطر للشرح قائلا بإستهزاء :


_ الصراحه تصرفاتك بتدل على حاجه من الاتنين ياإما مجنونه يا إما ما إتربتيش


وكزته فى صدره بغلظه لتنهره بغضب عارم من وصفه لها :


_ تصدق بالله إنك جلف وانا غلطانه إنك صعبت عليا من اساسه


نهضت فورا من جواره بعدما نجح فى إستفزها لكن هذا لم يهدأغضبها تجاه إلتفت لتسترسل وهى


تصر على أسنانها وقد بدأ صوتها يرتفع رغما عنها :


_انا ما إتربتش يالوح انت، لوح تلج والله ما عندك دم وبارد وهقول لجدوإن شاءالله تموت


اتسعت عيناه وهو يستقبل وابل كلماتها الصاعقه والتى بات من الصعب إخراسها فهب من مجلسه سريعا


لتتراجعت تلقائيا وتزيد من تراجعها عندما وجدته يتجه صوبها


من جانبه هو إنطلق نحوها عينه كانت ترمقها بتحذير لكنها لم تفهمه غضبها كان كالغشاوة على عيناها


رفعت يدها لتحذره :


_ انت لو ما إتلمتش انا...


فجأه قاطع كلماتها بأن أغلق الباب عليهما معا دب الرعب فى أوصالها عندما تصادمت بعينه الغاضبه


ولاحظت تحذيراته المتواليه لكن فات الاون هى الآن حبيسه فر غرفته وأسفل يده .


فى منزل إبراهيم شاكر"


كانت ليله مظلمه عليهم عندما قضوا معظمها بالمستشفى لتطبيب يد "ياسر" لكن بالنهاية


عادوا للمنزل ولم يغمض لاحد فيهم جفن بسب ما سببه "زيد" من اضطراب شامل


والذى عبر عنه "ياسر " غاضبا :


_ برضوا دفعت عنه وما رضيتش تخلينى أعمله محضر


سحب "ابراهيم " ملابسه وكاد أن يشجها صائحا بضيق :


_ اقطع هدومى ..احنا من ساعة ما رجعنا من المستشفى وانت مش عايز تنيمنا واللى نعيده نزيده


نشتكى مين؟ "زيد" إنت عارف لو رجله خطت المركز إحنا مش هيبقلنا خاطر عند جده


تدخلت "نهى " لتردع أخيها المغلول من ضربه وكسر يده :


_ وبعد ما تدخله يا ياسر تفتكر جده هيجى يطلبنى إزاى ؟


التف إليها "ياسر " وصب ضيقه عليها :


_ إنتى غبيه يا بت إنتى البعيده ما بتفهمش مش هيتجوزك دا ميل بختك وموت أختك خلاص


هبت من موضعها تزمجر بتخبط :


_ يا سيدى عارفه بس عندى أمل انا تعبت من إنتظاره ما تجيش انت فى الاخر وتخربها خالص


تقرب إليها "ياسر" ورفع يده الملفوفه بالشاش الابيض وقال بتعصب:


_ يعنى حتى بعد ما ضربنى وكسر ايدى عايزاه


اجابته بتحدى :


_ ايوا عايزاه اومال هقعد هنا زى قرد قطع اللى قدى والاصغر منى إتجوزه


التفت لتوضح وجه نظرها للجميع :


_ انتوا كلكم عارفين إن بيت ابراهيم شاكر مرهون بإشاره من عيلة الواصل ولو حد عايز يفلت


من الاشاره دى يبقى يقبل بأقل واحد فى البلد واحد اقل مننا انا خدت قرارى يا إما زيد يا إما لاء


تدخلت والدتها "مروه " لتثنيها عن قراره بالزجر :


_ وانا لسه هأدى بنات تانى لعزرائيل اللى اسمه "زيد" بعد ما خد "غاليه" ورده مفتحه ورجعها


فى نعش


إندفع "إبراهيم " ليحذرها من جرئتها الزائده فى طلب الزواج ونهرها وهو يدفعها من يدها نحو احد الزوايا :


_ اتلمى يا بت واقفلى بقك دلوقتى وما اسمعش صوتك


تفاقم الغضب بداخلها لعدم شعور احد بها ولا بتقدم عمرها الذى ربط بإسم "زيد"للابد


دخلت إلى غرفتها ووقفت امام المرآه تتطلع الى وجهها الذى بدأ يظهر عليه علامات تقدم السن


وتلك اللمعه النضره تختفى شيئا فشئ تخشى أن يضيع العمر هبائا دون أن تحمل بطفل طفل يخصها


وحدها،أى لعنه سقطت عليها ليقع حظها مع رجلا يرفض الزواج بتاتا أى لعنه جعلت منزلهم لا يرتاده


أى شخص ليتقدم لها أى شخص حتى وإن كان ليس على وزن وهيبة "زيد الواصل" إذداد حزنها


وأوشكت على البكاء لكن قطعها فى ذلك دخول "ياسر " أخيها إليها ابتعدت عن المرآه وجلست


فى زويه غرفتها تأبى النظر الى وجهه جلس هو على مقربه منها وقال بعد صمت قصير :


_ يا عبيطه انا مش عايز غير راحتك إنتى عارفه أنا بحبك قد إيه إنتى واختك غاليه الواد دا ما ينفعكيش


إلتفت له لتسأله وقد أوشكت على البكاء:


_ عندك حد تانى ينفع ؟


زفر بقلة حيله فهو يعرف انه لا مفر من "زيد" لقد تقدمت اخته بالسن ولم تسمح لها الفرصه بتفضيل


شخص عن شخص ولم تعد فى المقدمة الخيارات لقد تغيرت المقايس وفى بلده كهذه لا يفضل بها


الزواج من فتاة كبيره فى سنها سوى الارامل والطاعنين فى السن تحدث مجبرا ليرضيها :


_ والله انك احلى منه واحلى بت فى البلد كلها والواد دا ما يستاهل ضفرك اصلا


علم أنه لن ترضيها كلماته فهم ليربت على كتفها ويجبر قلبها قائلا :


_ ما تزعليش اهو ابوكى راح لجده وهيحل معاه بيقول ان فى حكايه تانيه كمان هيقوله عليها ويمكن دى


اللى تجيب داغه


بدى عليها الاهتمام وهى تسأله :


_ حكاية ايه ؟


اجابها مبتسما وهو يعود مقعده :


_ اخوه بلال كان ماشى امبارح فى نص البلد ببت مش مظبوطه والبلد كلها فى سيرته


ضمت حاجبيه وتسألت :


_ بت مين دى ؟


مط شفتيه وهو يجيبها بشك :


_اظاهر كدا بنت عمه حسين


أردف بجديه اشعلت فيها الحماسه :


_ابوكى بقى هيدق على الحديد وهو سخن


فى غرفة "زيد"


ساد الصمت وهو يقف بوجهها ويده ممتده بجوارها تستند للباب لا تعرف كيف فرت شجعتها


وما بقى لها إلا الخوف ،النظر فى عمق عيناه مخيف وكأنها ضاعت وسط غابه حالكة الظلام


والتواجد معه بمكان واحد بهذا القرب مرعب إذدرأت ريقها وهى تسأله مرتعبه :


_ فى إيه ؟


أشار بعينه إلى ما ترتدى وشعرها الذى عقصته بعشوائيه لتتدلى خصلاتها المتساقطه على عنقها


وجبهتها تعرف أنه ينزعج من كشف شعرها وكذالك منامتها القطنيه منتصفت الاكمام لكن هذا ليس داعى للقتل


الذى تخشاه من فرط غموضه الذى تراه، لم يطل صمته وأجاب ساخرا :


_ إنتى قاعده فى اوضتى وعلى سريرى وبتعلى صوتك كأنك بتقولى لكل البيت تعالوا شوفوا الفضيحه


اللى احنا فيها


حاولت الهدوء وهى تسأله ببلاهه :


_ فضيحه لى مش انت ابن عمى


أجفل ليستدير عنها ولا أول مره يكن هادئا وهو يخبرها عن شئ هام كهذا :


_ بصى إحنا إتربينا على إن كل خطوة بحساب وكل تصرف غلط عليه عقاب


إحنا شباب عيلة الواصل الغلطه مننا بقطع رقاب مش معقول يعنى هيبقى جدى


ماسك البلد كلها ومش عارف يحكمنا


التف ليفتح الباب ولكن سبقها ليأمن الطريق لا يضمن من قد يمر من الخدم ليعلم بوجودها ،هنا


لااحد يقدم حسن الظن الجميع فى إنتظار الخطأ لتهويله .


عاد ليشير لها بالخروج ويسترسل محذرا :


_ اوعك بعد كدا تدخلى اوضه من غير ما تخبطى سبق ونبهتك إن البيت كله شباب


زمت فاه بحرج وهمت لتوضح صدق نيتها حتى وإن كان اخر ما ستقول :


_ انت صعبت عليا عشان كنت متعور وماكانش قصدى حاجه وبعدين كنت عايزه اقولك


برافوا عليك عشان اللى عملته عشان "مريم " ومش ذنبى إن مافيش حد عرفنى الاوض من بعضها .


إستدارت لتنطلق من امامه دون إنتظار رده بالاساس كان لا يجد إجابه مناسبه لهذا الكلام


وقف كما هو مكانه إلى ان إختفت لا يبدى أى تعبير أو حتى تفاعل داخلى


إهتزاز هاتفه فى جيب بنطاله ما جعله يتحرك اخرجه ليطالع المتصل فإذد دهشه "جده فايز"


رفع الهاتف على أذنه وإستمع إلى صوته الجهور يهتف بجده :


_ تعالالى دلوقت حالا


لم ينتظر "فايز " إجابته واغلق الخط بينهما ظلت عين "زيد" متعلقه بالهاتف لثوان يحاول إكتشاف


سبب غضبه العارم وظن أنه بسبب ما حدث أمس لذا إستعد لمواجهته التى لن تكون بالطبع سهله .


فى مكتب "فايز الواصل "


احتد حديثه مع "إبراهيم "حتى وصل معه إلى هذه النقطه :


_إنت كل ما هتشوفنى هتحكى فى نفس الموضوع قولتلك كلمته


احتد "إبرهيم "هو الاخر وبدأ يرد عليه بغير رضا على دمار اسرته :


_ اومال اكلمك فى إيه ياحاج مش انت الكبير حللى المشكله دى ابن إبنك ضرب إبنى


وموقف حال بنتى والبلد كلها بتكلم على اخوه اللى ماشى مع بت شمال


لا إنتوا راضين تتمموا الجوازه من بنتى ولا راضين تدونا "مريم "


زعق "فايز " بحده من إتهامه احد أحفاده بالفسق امامه وجها لوجه :


_ خلى بالك من كلامك يا إبراهيم انت بتكلم على شباب عيلة الواصل مافيش حد فيهم بيغلط


دس "ابراهيم" يده فى جيبه ليخرج هاتفه ويفتحه على صوره معينه ويسأله وهو يريها إياها :


_ اومال دى تبقى مين ؟


ضيق "فايز" عينها عندما رأى "صبا "بيد "بلال " بمظهر غير لائق كما رأى تعمد "بلال" فى ايضاح انها


صديقته وليست إبنة عمه اجاب من أسفل اسنانه ليخفى غضبه وحرجه من الامر :


_ دى بت عمه حسين.


اعاد "ابراهيم " الهاتف إلى جيبه وتشدق ساخرا :


_ اه يبقى الحكايه صحيح ولما هى ماشيه كدا فى الشارع فى البيت بتلبس إيه


وثب "فايز " من جلسته لينهره بصوته الغليظ :


_ إوعى تنسي إنى انا الكبير


نهض الاخر من مجلسه ليقول بتعند :


_ والكبير ما بقعدتش بنات الناس تحت امره وما يرضهوش إن إبن إبنه يضرب الناس فى بيوتهم


وبت إبنه تمشى فى شوارع البلد المحافظه بالشكل دا إن كان كدا نشوف كبير تانى يخلص ما بينا


خرج ولم يلتفت له لم يكن يتجرأ إلا بعدما رأى اولاده جميعا فى خطر بسبب عائلة الواصل .


بالاسفل


إتجهت "صبا " إلى الاسفل تطوى الدرج بنشاط لتذهب للونيس الوحيد الذى تألفه فى هذا المنزل


وعندما لمحت طيفها بركض فى طرف الساحه ركضت بسرعه اكبر وفور وصولها مالت بجزعها


لتسند على ركبتيها قائله :


_ مريم صباح الخير ...هاا قوليلى بقى وحشتك ولا لاء


بالطبع لم تجيبها لكنها ابدت همهمات غريبه وهى تشير نحو صدرها وتعلقت بقلادتها المتدليه


الرقيقه تماما كرقة "مريم" شخصيه كرتونيه صغيره الحجم لها أجنحه "تنكربيل" أو"تنه" كما هى معروفه تميل


للامام لتبرز أجنحتها الذهبيه وسط دائره هذه السلسله الرقيقه كانت تشبه "صبا" بتركبيتها المعقده


تجاهلت تعلقها بها وسحبتها من يدها لتجذب إنتبها :


_ ها ردى الاول قولى وحشتك ولا لاء وبعدين ممكن أفكر أديهالك


عبست الطفله من تصرفها واصدرت زمجره صحبتها بالبكاء،على الفور تدخلت "نجلاء " لتهدئها


قبل أن تستمر فى نوباتها المستمره والتى من الصعب إيقافها، حملتها بين ذراعيها وهى تلوم على


"صبا" :


_ يادى النيله ..هو كان لازم تصرى تتكلم ما انا قايلك انها ما بتكلمش انتى تحمدى ربنا انها بترضى


تتعامل معاكى اصلا دى ما بتروحش لحد بالسهل


أردفت متذمره وهى تلتفت "مريم" بتوتر :


_اسكتها إزاى دى بس يارب؟


بدأت تهتز بها وتربت على ظهرها لتمد "صبا" يدها لها وتهتف بإنزعاج :


_ هاتيها وانا هسكتها اصلا اللى بتعملوا دا غلط لازم حد يخليها تتكلم


جذبتها عنوه من احضانها لتحادثها بمرح وتحاول تشتيت ذهنها عن البكاء مشيره نحو السماء :


_ بصى الغيمه دى هتمطر دى ولا ايه ؟


تجاوبت معها "مريم" ونجحت حيلتها بصرف نظرها عن البكاء نظرت للاعلى صوب إشارتها


وإسترسلت "صبا" بالشرح :


_ الله فى عصافير كمان طالما العصافير بطير يبقى مش هتمطر


عين "زيد" الثاقبه كانت تتابع الحدث من بدايته اثناء هبوطه من الدرج فى بدايه الامر كان ينوى زجرها


على بكاء طفلته لكنه ما إن تريث ورأى تصرفها الحكيم تراجع تماما عن هذه الفكره يبدوا أنها تجد تسليتها


معها دون عبث تبطأت خطواته وهو يمر من جوارهم فتهللت طفلته بسعاده لرؤيته ابتسم لها ومسح على رأسها


مداعبا شعرها الاسود المموج :


_ هتوحشينى


لم ينظر إلى "صبا" التى تحملها وتجاهلها تماما كما لو لم تكن موجوده رغم أنها حدقت به لعمق حتى تفهم


صدى تبريراتها له لكنها ابدا لم تفهمه رحل فجأه كما أتى فجأه وأصدر تنبيها لنجلاء بحزم :


_ خلى بالك على مريم عينك ما تغبش عنها


وأجابته الاخرى بخنوع وإبتسامه :


_ حاضر يا سعادة البيه فى عنيا


عادت "مريم" للامساك بقلادة "صبا" يبدوا أنها أعجبت بها فابتسمت لها "صبا" وهتفت مرحبه :


_ تعالى افرجك على الفيلم هيعجبك اكتر


اشارت "لنجلاء " بعنقها وهى تضم "مريم" بين أحضانها :


_ انا هاخد مريم ونطلع اوضتى نتفرج على فيلم وروحى اعمليلنا فيشار


لم تترك "لنجلاء " الخيار وركضت بها للاعلى واستمرت بملاعبة "مريم"لكنها كانت منشغله تماما


بالقلاده وتقلبها بين أطراف أصابعها الصغيره بإندماج


وصلت "صبا "إلى غرفتها ووضعت "مريم" على الفراش وفتحت احد حقائبها لتخرج جهاز لوحى


متوسط الحجم وبدأت بالبحث سريعا عن الفيلم الكرتونى "تنه ورنه " وضعته بزويه مناسبه وجلست إلى جوارها


تتضمها إلى أحضانها وتتابع معها تتر البدايه الذى جذب على الفور أعين "مريم" وأشعل بداخلها الحماس


الذى لن يقل عن ما بدر من "صبا " نفسها لينغمس الاثنان فى المشاهده والابتسامه الشارده


على وجهيهما ...


بعد مده قصيره ....


ودخلت "نجلاء" عليهم تحمل بيدها اطباق الذره المحمضه توقفت لتشاهد سكون " مريم" بدهشه، لم تراها


من قبل بهذه السكينه مع غرباء ولم تعتاد على مطالعة الهواتف أو حتى مشاهدة التليفازما زاد من دهشتها


هذه الكبيره "صبا" كيف لها هذا التحول الرهيب الى طفله فى نفس عمر "مريم" تقريبا لم تنتبه "صبا" اصلا لوجودها


فهتفت متعجبه :


_ والله اللى يشوفكم وانتوا بتتفرجوا وسرحانين كدا يقول عليكم قد بعض


هبت "صبا" من مكانها بحماس حتى إلتفت" مريم" وإنجذبت معها عندما هللت بسعاده:


_ الفشار وصل


قدمته ليها وبدأت بتناوله معها عادت للمشاهده والتدقيق لكن ضحكات نجلاء ارتفعت على هذه الطفوله


المتأخره


"فى مكتب فايز "


صوته كان منفعلا وهو يحادث "زيد" وكأنه المسؤل عن الفعل يقول بإهتياج :


_ انا شفت صورته كان قاصد يستعرض بيها اخوك قصر رقبتى انهارده


خلى البلد كلها تعايرنى بيه وابراهيم شاكر يصغرنى وعايز يدخل حد ما بينا


حد يحكم عليا انا وانت كنت عارف ومدارى عليه


لم يعرف "زيد " بما يواسيه يعرف انه يحمل نصف الذنب كاملا من هذه المشكله لانه من سمح


له بالعوده له معها دون القلق من تهوره وجنونه


فاجأه "جده " بإتهامه هو الآخر وبإنفعال شديد زجره :


_ وانت كمان رايح تضرب ابنه فى بيته انتوا خلاص فلتوا يا ولاد الواصل ما بقاش ليكم كبير


هو للدرجادى انا ما بقتش مالى عينكم


رغم يقين "زيد" انه لم يخطئ فى شئ لكنه هتف مهدئا :


_ حاش لله يا جدى


ثم إستأنف حديثه ليوضح :


_بس انا ما بدأتش خناق معاه هو اللى ,,,,,,,


قاطعه جده بعنف:


_ سيبك من الكلام الفاضى دا دلوقت شفلى اخوك فين وخليه يجى على البيت عايز اروح


باليل الاقيه هناك و انت كمان ليك عندى حساب ويتعدلوا ياأتبرى منكم


لم يتمهل جده خرج تماما من مكتبه متجها صوب سيارته ليأمر السائق بالانطلاق


يعرف "زيد" أنه لن يذهب للمنزل الآن هو ذهب ليستقصى جيدا حتى يعطيه الجزاء المناسب


لا احد يتكهن ماذا سوف يفعل وهو فى ذروة غضبه لكن بالتاكيد سيحدث شئ سيئ


لن يقوى عليه احد .


"فى القصر "


إنتهت "صبا" ومريم " من مشاهده الفيلم الكرتونى وعادت "صبا " لتشاكس مريم التى كانت


مبهوره من خوض هذه التجربه إنطلقت نحو غرفتها لتستغل كميه العابها فى اللهو معها


ونجلاء تنتقل معهم دون مشاركه لوحت لها صبا بالهاتف وهى تقول :


_ ايه رايك نتصورسواء


وجهت الهاتف لكيهما وفتحت الكاميرا وتابعت ابتسامه "مريم" وقامت بضغط زر الالتقاط


واستمرت بتغيرتعبيرات وجهها ودفعت مريم لتقليدها


_ بصى اعملى كدا


مدت شفاها كى تقبلها واستمرت بتغير وضعيات مجنونه لاضحاكها عادت الصغيره تعلق عينها


يالقلاده وقد زاد إعجابها بها بعد مشاهده الفيلم الذى يخصها اشارت نحو القلاده فى الكاميرا


لتهتم "صبا" بهذه الاشاره وهى تسأل :


_ ايه عايزه ايه ؟


تؤمئ لها "مريم" بحماس معتقده أنها ستحصل عليها فضمت "صبا" حاجبيها متصنعه عدم الفهم


وتكرر بحزن طفولى إسطنعته لتنال عطفها :


_ مش فاهمه نفسى تقولى عايزه ايه ؟


اشارت نحو عينها وقالت :


_ دى اسمها عينى ودا بق ودى مناخير ودى رقبه ودى سلسله


تحفزت "مريم" عندما امسكتها لكن سرعان ما تملكها الاحباط وهى تسألها من جديد :


_عايزه إى فيهم


كررت "صبا" مع الاشارات لتختبر مدى إدراكها للامور ثم عادت تشير نحو نفسها :


_ انا صبا انتى عايزه صبا ولا عين صبا ولا بق صبا ولا السلسله


اشارت الطفله نحو القلاده من جديد لتنطق بحروف متعلثمه غير مفهومه :


_سا سا


اعتدلت "نجلاء" فورا فى جلستها غير مصدقه انها نطقت اولى كلماتها بعد بابا


قالت بانبهار:


_ ايه دا اتكلمت معقول يا ابله


شعرت "صبا" بالفرح والانجاز لما وصلت له كانت تعلم ان الصغيره ليس بها مشكله عضويه


بل امر نفسي سيذهب مع الوقت ومع استمراريه المخاطبه وخاصتا مع ثرثاره مثلها


امسكت "صبا" بقفل قلادتها لتفتحه وهى تقول لمريم بفرح :


_ انتى عايزه السلسله خديها يا قلبى السلسله هتبقى جميله عليكى


بالفعل استشعرت سعادة مريم وعينها الغير مصدقه انها ستحصل على العروسه المعلقه بالقلاده


وضعتها حول عنقها الصغير لتصل الى منتصف صدرها وتقفز فرحا وتدور سعادة بحصولها


عليها وضحكات "صبا" تجلجل معها فى ارجاء الغرفه


بالنسبه لصبا كانت "مريم" طوق النجاه فى هذه الدومه الكبيره التى تعيش بها تطمس بها على طفوله


معذبه وحاضر مؤلم تماما كمسكن قوى لكل ما تفكر به وكل ما لا ترغبه .


اخيرا وبعد مدة طويله من اللعب اصاب "مريم" الارهاق فأسندت رأسها الى قدم "صبا" المرتكزه ارضا


وسكنت تماما حتى غفيت فى النوم تركتها وتطلعت إليها بإبتسامه لم تحرك ساكنا ولم تبعد نظرها عنها


كانت تعاملها كما كانت تتمنى أن تتعامل تحبها كما كانت تتمنى أن تُحب ،تنظر إليها أنها هى نفسها تعاملها


وكأنها الطفلة "صبا" وتتمنى لها أن لا تعيش ما عاشته ولا تذوق ما تذوقته .


هناك أشخاص عاشوا اوقاتا صعبه فقرروا إذاق غيرهم ما أذقوه وأشخاص اخرين تعرضوا للقسوة


فباتوا يشعرون بغيرهم ولا يريدون أن يتالم أحد مثلما تألموا فتجدهم يمدون يد العون للمحتاج والمسكين


وكل من يمر بنفس معاناته ،تماما كما قيل الناس معادن والخطأ ليس بالظروف بل النفوس فالبشر ليسوا انماط واحده


نهضت نجلاء لتلقطها وهى تتهامس مع صبا :


_ انا هنيمها على السرير واغطيها كفايه عليكى كدا بقالك مده قاعده بيها


استجابت "صبا" وتركتها ترفعها عن الارض لتضعها بفراشها وتغادر هى الاخرى نحو غرفتها تمتلى بالسعاده والرضا


لإحراز نتائج متقدمه بعلاقتها بمريم ....


               البارت السادس من هنا 

        لقراءة جميع حلقات القصه من هنا

تعليقات