قصة مزيج العشق البارت الخامس والاربعون 45 بقلم نورهان محسن


قصة مزيج العشق

البارت الخامس والاربعون 45 

بقلم نورهان محسن


البارت الخامس والأربعون

كيف تأكدتي انه يحبك ؟

_ كان دائما يري سعادتي مسؤليته ، و لا يقوي ان يراني حزينه ..

حتي عندما كان مشتتا كان يربت علي كتفي و يشعرني بالامان ،

اهتمامه في عز انشغاله يثبت لي اني في حضرة عاشق ..!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عند نادين

سرعان ما صعدت نادين السلم عندما لم تستطع الصعود في المصعد لوجود عطلا ما فيه.

وصلت إلى الطابق الذي تعيش فيه ميرنا ، ومشت بخفة نحو الشقة بينما كانت تتطلع حولها للتأكد من عدم وجود آثار لأي شخص ، ونزلت برفق على ركبتها أمام المشاية على عتبة الباب و رفعتها حتي ظهر المفتاح الاحتياطي للمنزل ، التقطته بسرعة واستعدت لفتح الباب على عجل ، شاكرة حظها على معرفة مكان المفتاح ، و إلا كانت سوف تنتظرها على السلم.

دخلت نادين المنزل بخطوات هادئة ، تنظر عن كثب ، ربما تلمح صديقتها ، لكن الصمت يخيم على المكان بقوة.

تحركت صوب الكنبة وجلست عليها ، بإرهاق واضح ، وأعصابها قد خارت مما حدث وما سيحدث ، لابد أن الشرطة علموا الآن أنها وراء ما حدث ، وأن أدهم سينتقم منها هذه المرة بلا رحمة.

رمشت نادين في تعجب ، وهي تستمع لأصوات ضحكات مكتومة قادمة من غرفة نوم ميرنا ، زمت شفتيها بفضول ونهضت ببطء من مقعدها لتتجه نحو الغرفة بخطوات صامتة ، حيث نزعت عنها الحذاء ذو كعب حالما دخلت المنزل.

★★★

بداخل الغرفة

كانوا مستلقين على السرير ، يلهثون لالتقاط الأنفاس ، بعد عاصفة المحرمات التي كانوا يغرقون في بحارها منذ لحظات ، قبل أن يغمغم قاسم بتفكير : عارفه بعد ما نتلايم علي الكاشات من ورا العملية دي هاخدك و نسافرلنا يومين حلوين نمتع فيهم نفسنا

التفتت ميرنا إليه بجسدها ، ووضعت كفها تحت خدها على الوسادة ، لتقول بنظرات ساخرة : لا والله وهتسيب نادين بتاعتك

زمجر قاسم بخشونة ، قائلا بإستخفاف : اسيب ابوها هي ماتلزمنيش اصلا لولا انها ماسكة فيا وبستفيد منها كل فترة بقرشين كنت رميتها من زمان

عقدت ميرنا حاجبيها بقوة ، وهي تقول بتهكم : وعايزني اطمنلك ازاي بعد ما قولت كدا .. يمكن يجي عليك يوم وتشوفني مصلحة وبس

قام قاسم متكئًا على مرفقه ، ومد ذراعه خلف رقبتها ، يجذبها من شعرها بلطف ويقبلها بخشونة رجولية لذيذة على شفتيها ، قبل أن يهمس بعيون براقة من الرغبة التي إشتعلت من جديد في جسده : انتي حاجة تانية بتعجبني قوتك و تقلك عليا وبعدين أنا لو بفكر فيكي كدا ماكنتش قولتلك الكلام دا

سألته ميرنا وهي تمرر يدها في شعرها بتنهيدة ناعمة : تفتكر إمتي هنرتاح من كل الدومات دي؟

قال قاسم بثقة : هانت قربنا اول ما نستلم الفلوس من طليق نادين هنسافر و تخلصي من ورثة جوزك اللي مات و نعيش برا حياتنا كلها

قالت ميرنا بلهفة : ياريت يحصل دا بسرعة..

أردفت بنبرة حقد واضحة : بس قبلها لازم اشوف ذل نادين اكتر من كدا بعد ما تعرف انك رميتها عشاني

عند هذه النقطة ، دفعت نادين الباب بعنف لتظهر منه ، مشيرةً مسدسًا نحوهما ، قائلةً بحدة ، وعيناها تومضان بجنون وغضب بعد أن فهمت ما كان يدبر من وراءها : اه يا كلبة بقي انتي وهو يا حثالة عاملين عليا خطط و عايزين تغدرو بيا يا اندال

نهض قاسم عاري الصدر ، مرتديًا سروال قصير فقط ، واقفًا بجانب السرير ، صارخًا من الفرغ والارتباك ، وعيناه تبرزان من مكانها بصدمة : اهدي يا نادين انتي فاهمه غلط

صاحت نادين بتحذير شرس ، وهي تمسك المسدس جيداً بكلتا يديها عندما وجدته يحاول الاقتراب منها : انا دلوقتي فهمت صح خليك عندك انت وهي المسدس متعمر

بينما على الجانب الآخر من السرير ، وقفت ميرنا بملابسها الداخلية فقط ، وشحب وجهها من الذعر ، كما أن أطرافها تخدرت ممَ يحدث أمامها ، والذي لم تكن مستعدة له على الإطلاق.

قالت ميرنا بنبرة هادئة ومهزوزة لا تخلو من اضطراب شديد : قالك اهدي يا نادين انتي مش مش فاهمه حاجة تعالي نقعد و نتفاهم مع بعض

إبتسمت نادين علي كلماتها بجنون ، وتزمجر عليها بحدة ، بعد أن بصقت عليها في اشمئزاز : الوقت فات يا حلوة انسي .. ادهم خلاص عرف اني انا اللي ورا خطف مراته و بيدور عليا

تمتم قاسم بذهول : ازاي!!

هتفت نادين بسخرية بينما تشتعل عيناها بالغضب : ما انت لو بترد علي تليفونك كنت عرفت .. لكن كويس اللي حصل دا كله عشان اعرف اني كنت لعبة في ايديكو .. عايزة تذليني يا صاحبتي!!

تغيرت ملامح ميرنا إلى الشراسة ، حيث تمكن منها شيطانها ، وصرخت في وجهها بينما تلمع عيناها بالكراهية ووالحقد ، وللمرة الأولى تخلت عن قناع الطيبة الذي كانت تتصنعه معها : ايوه عايزة اذلك و اخليكي تتوجعي مية مرة و انتي تستحقي اكتر من كدا بسبب تكبرك و انانيتك اتعلمت الحقد منك انتي

وجهت نادين نظرتها الزائغة نحو قاسم ، وهي تشعر الألم الشديد يعصف بقلبها من صدمتها في من يقف أمامها ، لكنها ابتسمت ساخرة في نفسها ، كيف تتوقع منهم الوفاء ، وهي في الأصل أكثر خيانة منهم ، فمن يكافئ الناس بالمكر يجازونه بالغدر ، قائلة بإنفعال : وانا ليك مصلحة ولما قربت تنتهي عايز ترميني زي الكلبة مش كدا!!

ابتلع قاسم لعابه ، وهو يحاول أن يفكر في طريقة لإيقافها عن ذلك الجنون ، قائلاً بلطف كاذب : اهدي يا نادين بلاش جنان

ابتسمت نادين بسخرية ، لتقول بهستيرية ، وصوتها محتقن بالإختناق : انت جبت المفيد انا هموتكو دلوقتي و مش هتحبس فيكو يوم عشان مجنونة

أنهت جملتها ، ودون أن تدرك كيف فعلت ذلك ، وجدت نفسها تضغط على الزناد ، وتوجه المسدس إلى قاسم الذي إندفعت الرصاصة في صدره.

ثم حركت المسدس في يديها ، ووجهته نحو ميرنا التي جحظت عيناها مرعوبة عند رأيتها سقوط قاسم غارق في دمائه.

نظرت إلى نادين ، وهي تصرخ في هلع ، لكن صراخها تجمد عندما أصيبت في بطنها برصاصة من مسدس نادين التي تسمرت لحظات في مكانها ، وهي تراهم مستلقين على الأرض ، والدماء تحتهما مثل بحيرة صغيرة.

ابتلعت نادين لعابها بصعوبة ، ثم هرولت نحو حقيبة ميرنا بتعثر ، وبحثت عن مفاتيح سيارة ميرنا حتي وجدتها وحملت حقيبتها الخاصة ، ووضعت المسدس فيها ، ثم ركضت إلى الخارج وهي ترتجف بعنف.

ركبت نادين السيارة بعد أن تمكنت من فتح الباب بصعوبة ، لأن أصابعها كانت ترتعش من الخوف.

إنطلقت بالسيارة بعد أن ادارت المحرك بأقصى سرعة محاولة الهرب ، بينما كانت عيناها تنزف بدموع كثيرة ، وهي تهذى بكلمات غير مفهومة من شدة خوفها.

في ذلك الوقت ظهرت شاحنة ضخمة على الجانب الآخر أمام سيارة نادين ، والتي لم تنتبه لها بسبب كثرة البكاء.

حاول السائق تفادي السيارة ، وأطلق جرس الإنذار ، لتحذير من كان جالسًا في السيارة الأخرى ، لكن نادين أدركت ذلك في الوقت متأخر كثيرا ، لأنه بمجرد أن إنحرفت بالسيارة بعد أن فزعت من رؤية تلك الشاحنة أمامها فقدت السيطرة علي السيارة.

انقلبت السيارة عدة مرات قبل أن تصطدم بعمود كهرباء ، وانفجرت على الفور مسببة حريق هائل و مفزع ، لكل السائرين في ذلك الطريق.

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

عند أدهم

 

وصل أدهم إلى المكان حسب الموقع الجغرافي الذي لم يكن سوى أحد المستودعات الخاصة ، لشركات مراد التي احتفظ فيها ، بهؤلاء الأوغاد حتى وصول الشرطة.

ظهر أدهم الذي خلع سترته ، وألقاها بإهمال في السيارة بالخارج ، وطوي أكمام قميصه رغم برودة الطقس استعدادًا لأي شيء.

بجانبه سار مالك أيضًا ودخلو المخزن ، وخلفهم كان حراس أدهم ، الذي أصر مالك على أن يكونوا معهم ، فلا أحد يعرف ما إذا كان هذا فخًا أم حقيقة.

همس أدهم بصوت أجش مصدوم من رأيته لمراد الذي تذكره من الوهلة الأولى : انت بتعمل إيه هنا!!

كاد مراد أن يرد عليه ، لكن سبقه صوت حاتم مبادرًا الحديث لإنقاذ الموقف ، فهو أفضل من يعرف جيداً بلسان مراد اللاذع ، قائلا بهدوء وهو يشير إلى الجانب الآخر بإصبعه : ممكن تهدي يا أدهم بيه مراتك حضرتك كويسة جدا .. اهي اطمن عليها بنفسك وبعدها نتكلم

★★★

....: أدهم

أدار جسده للجهة الآخري فور أن سمع اسمه ، الذي صرخت به كارمن بصوت متلهف مرتجف ، والتي ما زالت مذعورة ممَ حدث معهم.

قبل لحظات قليلة

كارمن جالسة على كرسي عريض ، وركبتيها مضمومة نحو صدرها ، ورأسها مخبأة بين ساقيها من الخوف بينما تتمسك بيد نسمة التي تجلس بجانبها ، وتحاول أن تخفف عنها ، وهي أيضًا مذعورة بعد أن شاهدت الضرب العنيف الذي تعرض له هؤلاء المجرمون من حراس مراد ، الذي لم تترك عيناه ملامحها ، ممَ جعلها متوترة للغاية.

توجه أدهم إليها فورًا متجاوزًا رغبته في استجواب مراد حاليًا حول ما يحدث ، بالتزامن مع قيامها من الكرسي بضعف من تأثير المخدر.

انتظرت كارمن حتى وصل إليها ، ودون سابق إنذار قفزت في حضنه ، متشبثة في عنقه بكل ما أوتيت من القوة ، وتغمر رأسها في تجويف رقبته.

أطلقت العنان لدموعها التي ظلت حبيسة طوال تلك الفترة ، وعندما شعرت أخيرًا بالأمان الذي فقدته خلال الساعات الماضية ، انفجرت في بكاء مرير بسبب خوفها الشديد ، والوقت الصعب الذي مرت به أثناء بعده عنها.

بينما أدهم إحدى يديه على شعرها يربت عليه بحنان ، وذراعه الأخر يحيط به جسدها بإحكام و حماية ، ويضمها بقوة إليه ، هامسًا بإسمها بصوت مختنق ، متألماً من شعوره بالذنب لأنه لم يتمكن من حمايتها كما يجب.

فى حين كان الخوف من فقدانها لا يزال يكتنفه بألم رهيب في قلبه ، بدأ يهدأ قليلاً وهو يضمها على صدره.

قام بتمرير يده برفق على ظهرها محاولاً بث الطمأنينة في نفسها ، رغم أنه كان هو من كان يحتاج ذلك الشعور ، فقد جن جنونه من تخيل شيء سيء يحدث لها ، وتفاقم غضبه على نفسه عندما ذاق المرارة والعجز لأول مرة في حياته ، ثم همس بحنو بالغ : اهدي يا قلبي خلاص انا معاكي

همست كارمن بصوت مكتوم خنَّقته العبرات التي بدأت تزرفها بإرتجافة وتحاول شرح ما حدث معهم ، وهي لا تزال متعلقة بشدة بعنقه كما لو كانت طفلة صغيرة : انا اسفة يا ادهم .. والله كنت عايزة اجيبلك هدية .. وماكنتش عايزاك تعرف عشان كدا .. مخدتش غير نسمة معايا .. في العربية لحد ما طلعو علينا الناس دي وخرجونا من العربية بالعافية و حطو منديل علي بوقي ماحسيتش بنفسي غير وانا هنا

أدار أدهم رأسه إلى مكان ما أشارت برأسها ، وكأنها لفتت انتباهه الآن فقط لأولئك الذين ملقي بهم بإهمال في أحد أركان المخزن ، وبدا أنهم جميعًا في حالة يرثى لها ، وكانت وجوههم منتفخة ومتورمة مليئة بالدماء بعد تلقيهم ضربات عنيفة وهم مقيدون أيديهم.

دفع أدهم جسد كارمن بلطف بعيدًا عنه ، لتتمسك فى نسمة ، وهي تنظر إليه بقلق ممَ ينوي زوجها القيام به ، الذي ركض نحو من يرقدون على الأرض.

★★★

اندفع أدهم نحو أحدهم ، وجذبه بعنف من ياقة قميصه ، مغمغمًا في أذنه ، و يجز علي أسنانه بقسوة : انطق منك له قبل ما اخلص عليكو قبل حتي ما البوليس يوصل و مالكوش ديه عندي .. عملتو كدا ليه ومين اللي وزكوا !!؟

ابتلع سمير لعابه بخوف من نظرة رجب الحادة إليه ، لكن نظرة أدهم أثارت الذعر فيه بقوة ، خاصة حالما تحدث بجدية عن القتل ، فهو قادر على ذلك ، واستشعر ذلك من هالته المخيفة أمامه ، لذا نطق بسرعة : يا بيه احنا عبد المأمور جه واحد اسمه قاسم اتفق معانا علي خطف وحدة واننا نراقبها مترح ماتروح من غير ماحد يحس وفي اول فرصة نخطفها عشان يساومك بها

سأله أدهم مزمجرًا فيه بشراسة ، أرعبت سمير الذي كانت عيناه مغمضتين تقريبًا بسبب تورم الكدمات الزرقاء والسوداء على جفنيه : يطلع مين قاسم دا انت هتنقطني ما تقول اللي عندك كلو وتخلصني يا حيوان

حدق به سمير في ذعر من لهيب الغضب اللامع في عينيه ، وهو يهز رأسه مستسلما ، وأجابه بصوت مرتعش يلهث : حاضر حاضر اللي اعرفو انه اسمه قاسم و هو فهمنا ان كل دا من تدبير وحدة ست اسمها نادين وهي اللي كانت بتتواصل معانا من التليفون حتي الرقم موجود علي موبايل رجب اللي خطط لكل حاجة يا باشا

صرخ رجب عليه بشتم بسبب إعترافه عليهم بتلك البساطة : يا ابن الكل*ب اما انك خسيس بصحيح

ظهرت على مُحيّا أدهم علامات الغضب الناري ، وهو الآن تأكد من شكوكه ويقسم بداخله أن يقتلها ، ولن يوقفه شيء هذه المرة مهما كان.

سرعان ما نفض ذلك الأحمق من يده في اشمئزاز ، واستدار عندما سمع صوت نسمة التي هتفت باسم كارمن ، ورآها تسقط بشكل ضعيف ، وأصبحت ساقاها مثل الهلام بين ذراعي نسمة التي حاولت بقوتها الضعيفة أن تساندها ، لكنها لم تستطيع الصمود أكثر ، فصاحت عليها بخوف.

ركض الجميع نحوهم ، وأخذها أدهم بين ذراعيه ، ورفعها على صدره لتستريح عليه ، وهو ينظر إليها بلهفة ، لتضع رأسها وعينيها مغلقة ، بينما تعتلى شفتيها شبح ابتسامة من تصديقه للعرض التمثيلي الذي قدمته الأن حتى تشغله عما يفكر فيه ، حالما سمعت اسم نادين ، واثقة من أنه سيفعل شيئًا متهورًا ، وقد يؤذي نفسه بسبب تلك الأفعى التي لا تريد أن تترك حياتها بسلام.

هتف أدهم بها بذعر : كارمن حبيبتي انتي كويسة حاسة بإيه ردي عليا!!

تحدثت نسمة بسرعة بقلق : اكيد ضغطها وطي من الخوف اللي حست به

تنهد مراد قبل أن يقول بهدوء : انا رأيي انك تاخدها و تخرج من هنا الشرطة خلاص علي وصول

نظر إليه أدهم بنظرة حادة ، وقال بإصرار بعد أن اطمئن قليلاً إنها بخير : مش همشي من هنا قبل ما افهم انت بتعمل ايه هنا بالظبط!؟

في الوقت الذي كان مراد يشرح فيه ما حدث ، كان رجب يحاول فك الأربطة حول يديه ، ونجح بالفعل باستخدام أداة حادة التقطها من الأرض دون أن يشعر به أحد ، عازمًا على الانتقام منهم لكرامته ، كما أنه لديه عدة أحكام تمكن من الفرار منها ، حتى وصلت خمسة عشر عامًا ، وقد أوقعه ذلك الوغد الملقب بمراد.

كما أهان أدهم رجولته ، حالما بصق عليه أمام رجاله وقت كان يعنف سمير ، ممَ جعله علقة في أفواههم ، فأثار غضبه الجحيمي عليه ، وأراد أن يحرق قلبه ، فلا يوجد لديه شيء ليخسره.

تسلل من خلف رجاله دون أن يلاحظه أحد ، وأخرج سلاحه الناري الذي كان يخفيه تحت سرواله ، و لحسن الحظ لم يتمكن الحراس من العثور عليه معه.

سمع الجميع أصوات سيارات الشرطة ، وكان حاتم أول من تكلم قائلا بارتياح : اهو البوليس وصل

كان أدهم لا يزال محتفظا بجسد كارمن بين ذراعيه ، مسندة هي رأسها على صدره ، تحيط بذراعيها خصره ، ونسمة تقف بجانبها ، وتفكر بضيق في والدها.

لقد تجاوزت الساعة ميعاد إنتهاء العمل ، و الآن هو قلق عليها بالتأكيد ، بينما كانت عينان مراد الثاقبة تراقبها لا يدري ما الذي يجعله يتصرف هكذا ، لكنها كالمغناطيس تجذبه نحوها دون جهد منها.

رفعت نسمة عينيها تجاهه تلقائيًا ، سرعان ما نظر بعيدًا عنها ، لكن فجأة جحظت عيناه إلى الأمام بصدمة ، حالما رأى ذلك المجرم يوجه سلاحه نحوهم ، وتحديدا تجاه أدهم الذي يقف موليا ظهره على تلك الجهة التي يقف فيه هذا المجنون ، ويشعر ببعض التشوش في عينيه جراء الضرب الذي تعرض له منذ قليل.

أخرج مراد سلاحه الذي لا يتركه من جنبه ، وتحرك بسرعة الفهد واقفا أمام ظهر أدهم مصوبًا سلاحه نحو رجب.

وفي الوقت نفسه ، دوى صوت عيارين ناريين ، تزامنا مع دخول الشرطة المكان ، وصراخ نسمة التي أصابها الذعر ممَ حدث أمامها ، وانكماش جسد كارمن ممَ جعلها تزيد تلقائيا من إحاطة جسد زوجها بحماية وخوف عارم.

تهاوي جسد مراد الذي شعر أن الأرض بدأت تميد به ، والدماء تفر هاربة من جسده ، فسارعت نسمة إليه التي كانت تقف بالقرب منه حتي تسند جسده قبل أن يصل إلى الأرض ، لكنها شعرت برعشة قوية سرت في كامل جسدها ، وإنهارت به على الأرض فور أن رأت الدم تذرف منه بغزارة.

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

في إحدي المستشفيات

جاءت مريم وليلي ركضتين نحو الجالسين أمام غرفة الطوارئ.

مريم بلهفة وخوف : حبيبتي اللي سمعنا دا مظبوط!!

حاولت كارمن التحدث بهدوء : الحمدلله ماحصلش حاجة يا ماما اهدوا

أردف أدهم يستكمل باقي الأحداث بإختصار : اللي اتصاب هو اللي انقذنا كلنا وهو جوا حالا مستنين الدكتور يطلع يطمنا عليه

ليلي بضيق : يا ساتر يارب

اتسعت عينان كارمن بذعر ، وهتفت بلهفة : ماما فين ملك؟

مريم بهدوء : ماتقلقيش سيبناها مع كريمة يا بنتي

خرج الطبيب من غرفة مراد ، ووقف الجميع أمامه في انتظار حديثه ، فقال بجدية : الحمدلله الجرح كان سطحي في كتفه الشمال واحنا عملنا اللازم وخيطنا الجرح

أدهم بهدوء : الحمدلله شكرا يا دكتور

ابتسم الطبيب وقال بهدوء : العفو بعد اذنكم

زفرت مريم براحة لتقول : الحمدلله انه بخير

نظر مالك إلى أدهم بنظرة يفهمها الآخر جيدًا ، ليقول بجدية : لولاه كان ممكن الرصاصة تيجي فيك الحمدلله انه ربنا نجاك و نجاه

أومأ أدهم برأسه في خفة ، وقال بنفس الجدية : عشان كدا هنفضل هنا معه لحد ما نطمن عليه بنفسنا

ابتسمت له كارمن بهدوء مؤيدة لرأيه أيضًا.

بينما ابتسمت نسمة بفرح وراحة ، لم تعرف سببها ، لكنها كانت تدعي من صمام قلبها ألا يصيبه مكروه ، والحمد لله أنه بخير.

....: نسمة

التفتت نحو الصوت ، فوجدت شاهين يجري نحوها ، وقال بلهفة وهو يضم وجهها بيده راغب في الاطمئنان عليها : حبيبتي انني بخير ايه اللي حصل و ايه الدم دا!!؟

نظرت إلى ملابسها المليئة بالدماء ، لكنها شبه مغطاة بسترة مراد التي أعطاها إياها ، قائلة بابتسامة هادئة : اطمن يا بابا والله صدقني انا كويسة دا مش دمي دا دم استاذ مراد

شاهين بتساؤل : مين مراد دا؟

نسمة بإرهاق : هقولك بعدين يا بابا

جاءت كارمن واقفة أمامهم ، وخلفها واقف أدهم ، قائلة بإحراج من شعورها بالذنب : انا اسفة اوي علي اللي حصل كان بسببي

نسمة قالت على الفور قبل أن يتكلم والدها ، لأنها تعرفه جيدا ، يخاف بشدة إذا حدث لها شيء ، حتى لو كان شيئا بسيطا : بابا استاذ أدهم صاحب الشركة و مدام كارمن مراته وصحبتي و والدته و والدتها

شارهين بهدوء : اتشرفت بحضراتكم و كان نفسي نتقابل في ظروف احسن من كدا

إبتسم أدهم قائلا بإحترام : اهلا بحضرتك و متأسفين للبهدلة للي حصلت

نسمة بضيق : الحمدلله انها عدت علي خير

تحدث شاهين بإصرار : مش هتقولي الدم دا جه منين يا بنتي وايه اللي لابسه دا!!

أغلقت الجاكيت جيداً الذي أشار إليه شاهين ، وقالت بحرج : احم دي بتاعت استاذ مراد اللي انقذنا انا و كارمن من اللي خطفونا وللاسف هو اتصاب برصاصة لكن الدكتور طمنا عليه من شوية

هز شاهين رأسه في استسلام ، وسحبها من يدها يسير بها إلى أحد الكراسي القريبة ، وقال : لا حول الله يارب .. طيب تعالي اقعدي هنا لحد ما نطمن علي الراجل ونشكره دا الواجب بعدها نروح عشان ترتاحي

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

داخل غرفة مراد

نهض حاتم من الكرسي ، ومشى نحو السرير ، ناظرًا نحو الشخص المستلقي والابتسامة تعلو وجهه ، متذكرًا نظرة الخوف في عينيها والجنة التي شعر أنه وقع فيها ، حالما سقط بين ذراعيها.

شعور غريب أحبه كثيرا ، وظل يتكرر في ذهنه مرارا وتكرارا.

هتف حاتم بغيظ : ايه يا بني هتفضل مستموت كدا كتير .. الناس برا عايزة تطمن عليك!!

استيقظ مراد من أفكاره ، ودمدم بانزعاج : فصلتني دا الملافظ سعد

هتف حاتم فيه بذهول ساخط : ماهو مش معقولة تصرفاتك العجيبة دي فضلت لازق في البت وعامل نفسك دايخ واصابتك خدش بسيط اصلا

اتسعت الابتسامة علي شفتيه ، وقال ببرود : قول للدكتور اني هخرج بليل .. هي لسه برا ولا مشيت!!

برم حاتم فمه ، وقال بقهر : لا انت فعلا هتجيبلي شلل ببرودك دا  من امتي بتطيق تقعد في المستشفيات

غمز مراد بمشاكسة وقال بتلاعب : حبيتها دلوقتي

نظر حاتم إليه بإشمئزاز وقال بيأس : سخيف وانا هعرف ازاي انها برا ولالا وانت مقعدني جنبك هنا .. شوية وهيجي الظابط ياخد أقوالك صحصح كدا معايا

★★★

انقطعت محادثتهم بقرع على الباب ، وسمح لهم حاتم بالدخول ، حيث جاء الجميع للاطمئنان على مراد.


وبعد التحية.

كانت عينان حاتم تحدقان بصدمة للأمام وهو صامتًا ، لكن قلبه ينبض بجنون ، لا يصدق ما تراه عيناه أمامه.

لاحظ مراد عينيه الثابتين تجاه إحدى النساء الواقفات ، والتي لم تكن سوى والدة كارمن ، مريم التي بدورها ظلت تنظر إليه بصدمة ودهشة أيضا ، و ذلك لفت الانتباه الواضح من الجميع عليهم ، حتى كسرت مريم الصمت وقالت بتردد ، وكأنها تخشى أن تكون هذه خدعة من عقلها : حاتم!!

ابتسم حاتم ، وعيناه تتلألآن بالدموع من تأثير اسمه من شفتيها ، وقال بإنشداه : لسه جميلة زي ما انتي!!

شعرت مريم للحظة بالخجل من كلماته التي خرجت منه بعفوية قصوى ، فيما أدرك متأخراً ما قاله ، فتنحنح بإرتباك من نظرات مراد المستفهمة نحوه ، وقال : صدفة عجيبة اننا نتقابل بعد السنين دي كلها

ظهر بريق حزين في عينيها عندما سمعت منه هذا الكلام ، و ردت بنبرة خافتة : فعلا صدفة ماتتصدقش انت بتشتغل مع استاذ مراد دلوقتي!!

رد حاتم بإقتضاب : ايوه

دخل الشرطي الغرفة للتحقيق في تلك الواقعة ، مقاطعا علي الجميع فهم ما حدث الآن أمامهم ، قائلاً برسمية : مساء الخير .. عارفين انك تعبان يا مراد بيه لكن دا تحقيق رسمي ولازم نقفلو معلش قولنا انت ايه علاقتك بالحادث ؟!

أجابه مراد بما حدث بنفس ثقته المعتادة : الحادثة حصلت قريب من مكان شركتي تقريبا و رجالتي شافو الناس دول وهما بيخطفو البنات من عربيتهم مشيوا وراهم وبلغوني باللي جرا وانا امرتهم انهم يهجموا علي العربية وياخدوهم للمخرن بتاعي واتصلت بيكم وبلغت جوز مدام كارمن وبعدين حصل اللي انت شايفو بعينك دلوقتي

أومأ إليه الشرطي قائلا بتفاهم : تمام متشكرين لوقتك و الف سلامة عليك

واضاف موجها حديثه نحو ادهم الذي كان يقف بجانب كارمن تتكئ عليه بضعف ، وهو يحيط جسدها بحماية : استاذ ادهم عندنا اخبار لحضرتك

إنتبه إليه أدهم قائلا بهدوء : خير يا حضرة الظابط!!

قال الشرطي بنفس الهدوء : اتفضل معايا برا لو سمحت الأول

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

خارج الغرفة بعد عدة لحظات

قال الشرطي بعد أن خرج أدهم وكارمن وليلي ومريم ومالك معه أمام غرفة مراد : بعد استاذ مالك مابلغنا بعنوان مدام نادين طليقة حضرتك بعتنا قوة لهناك لكن مالقنهاش

الضابط مردفًا بعملية : بس في نفس التوقيت جاتلنا انها عملت حادثة في **** وانها كانت راكبة عربية مش بتاعتها واتحرقت وهي جواها

همست كارمن برجفة : ماتت!!

هز رأسه مسترسلاً حديثه : ايوه وفي عمارة قريبة من مكان الحادثة جالنا بلاغ من السكان عن وجود جثتين لراجل و ست و البواب شهد أن مدام نادين كانت موجودةفي الشقة دي وقت ارتكاب الجريمة وانها صاحبة القتيلة اسمها ميرنا و كان معاها واحد اسمه قاسم طبعا اتعرفنا عليه من بطاقته و دا نفس الاسم اللي قالوا عنه الرجاله اللي قامو بعملية الخطف واعترفو عن اتفاقهم معاهم

هتف ادهم بصدمة واستنكار : يعني نادين هي اللي قتلتهم!!

أجابه بتأكيد : بالظبط .. احنا اتأكدنا أنهم مقتولين بنفس رصاص مسدس نادين اللي كان معاها في عربية ميرنا اللي ركبتها بعد ما نزلت علي طول من شقة صاحبتها

ثم أضاف : وبكدا تكون قتلت صحبتها وعشيقهم

هتفت ليلي بعدم إستيعاب : عشيقهم إزاي!!

أردف موضحا كلماته إليهم : لما طلع قرار من النيابة بتفتيش شقة قاسم لقو علي لابتوبه فيديوهات مع بنات كتير منهم مدام نادين وتم التحفظ عليها جميعا

أكمل حديثه برسمية : طبعا هنحتاج استاذ أدهم و استاذ مراد بعد خروجه من المستشفي عشان نقفل المحضر

أدهم بهدوء مفتعل بعد الذي إكتشفه حاليا : تمام يا حضرة الظابط

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

بداخل غرفة مراد

لا يبدو علي حاتم أنه مرتاحًا على الإطلاق منذ أن رآها ، الأمر الذي زاد من فضول مراد ، لكنه تغاضى عن سؤاله الآن ، وركز عينيه على نسمة التي تجلس على الكرسي أمام السرير ، ووالدها يجلس بجانبها الذي ، قال بإبتسامة صافية : حمدلله علي سلامتك يا ابني

إبتسم مراد بجاذبية قائلا بهدوء : الله يسلم حضرتك متشكر

قال شاهين بامتنان وود ، غير مدرك لما دخل ذلك الرجل في قلبه : انا اللي متشكر علي معروفك و شهامتك الحمدلله ان ربنا بعتك للبنات نجدة

إبتسم مراد بإحترام : دا الواجب ماعملتش حاجة

نهض شاهين من الكرسي وقال بلطف : الف سلامة عنك مرة تانية و تسمحلنا نمشي نسمة تعبت جدا انهاردة

هز رأسه بتفاهم وقال بسخرية : اكيد اتفضلو حمدلله علي سلامتك يا انسة نسمة

نظرت نسمة إليه بهدوء مفتعل من نبرة التهكم التي شعرت بها في صوته ، قائلة بصوت خفيض : متشكرة علي ذوقك

ثم خفضت نظرها إلى السترة التي كانت ترتديها وكانت على وشك خلعها ، لكن صوته أوقفها ، حينما قال ببرود وبنبرة أوامر كالعادة : خليها عليكي ماتقليعهاش

نظرت له بدهشة ، لكنها قالت بإستسلام من شدة إرهاقها : طيب

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

بعد قليل

تمتمت مريم بضيق : لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم معقولة كل اللي حصل دا !!

ردت ليلي بقسوة ، بينما قلبها يغلي من القهر : الحمدلله اننا خلصنا منها الفاجرة .. دي ما سابتش غلط ماعملتوش دي أخرة المعروف فيها

قالت ليلي وهي تربت علي كتفها : استغفري ربنا يا ليلي هي عند ربها دلوقتي يحاسبها ماتشليش ذنوبها

ليلي بتنهيدة عميقة : استغفر الله العظيم .. الحمدلله انه طلقها قبل ما كانت تبقي فضيحة لينا احنا .. تفتكري الناس كانت هتقول ايه لما يعرفو انها زانية و هي علي ذمة إبني!!

أومأت برأسها تؤيدها وقالت بمواساة : قدر الله وماشاء فعل احمدي ربنا انها جت من عنده

همست ليلي بعيون دامعه : الحمدلله ان ولادنا بخير الف حمد وشكر ليك يارب

نظرت مريم أمامها بشرود فيما حدث في الداخل منذ قليل ، و ثمة أسئلة كثيرة تدور في رأسها.

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

عند أدهم

رفعت رأسها عن صدر أدهم الجالس بجانبها على أحد الكراسي ، وسألت بقلق من صمته : أدهم انت كويس!!

أغمض عينيه وهو يضم كتفها أكثر إليه ، ورد بحزن : لا يا كارمن مش كويس أبدا

مسحت براحة يدها على صدره لأعلى ولأسفل ، وقالت بحنان : حاسة بيك ربنا يعدي الايام دي و الموضوع دا مايأثرش عليك

فتح عيناه ونظر إليها قائلا بعدم فهم : موضوع ايه!!

كارمن بحذر : اللي حصل من نادين؟

صاح بصوت عالٍ نسبيا من إنفعاله ، حالما تذكر ما كادت أن تتسبب به تلك الحقيرة : هي اصلا مش فارقالي ولو لسه عايشة انا كنت قتلتها بإيدي للي عملته فيكي لكن الموت كان اسرع مني

انقطع حديثهم بسبب قدوم مالك بمشروبات ساخنة ، وقال بعد أن مدها إليهم : ادهم لازم نتحرك دلوقتي علي البيت نوصلهم و نتطلع علي النيابة نخلص الاجراءت هناك مع المحامي

أدهم : ماشي

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

بعد مرور يومان

في مكتب كارمن

سألت نسمة بدهشة ، وهي تجلس على الكرسي أمام مكتب كارمن : ليه جيتي يا كارمن الشركة باين عليكي لسه مرهقة!!

كارمن بلا مبالاة : لا انا كويسة اهو

تطلعت نسمة إليها ، وقالت بشك : متأكدة يعني انا قلبي وقع في رجلي لما دوختي واحنا في المخزن

إبتسمت كارمن بمحبة إليها ، وقالت بحرج : ماتخافيش انا اهو قدامك اساسا انا مادوختش ولا حاجة بس اضطريت اعمل كدا عشان اشغل ادهم عن المصايب للي كان ممكن يوقع نفسه فيها في لحظة غضب

هتفت نسمة بقهر : حرام عليكي انا دمي نشف وقتها بسببك

كارمن بندم : انا كنت خايفة عليكي اوي من اللي حصل وزعلت من نفسي جدا اني كنت السبب في اللي جرالك و البهدلة اللي حصلتلك بسببي

وبختها نسمة بلطف : اخس عليكي ماتقوليش كدا عارفه بأمانة انا كان نفسي من زمان يكون ليا أخت بس عارفة لو كان عندي أخت فعلا .. ماكنتش هتبقي طيبة وحنينة زيك كدا

كارمن بإبتسامة صافية : ربنا يخليكي ليا و مايحرمنيش منك يااارب

نسمة بهدوء : امين يارب

نفخت كارمن بضجر وقالت بإحباط : بت انا حاسة اني منحوسة كل ما احاول اعمل حاجة عشانه حلوة بتبوظ مني حتي المناسبة اللي فرحت انها جت عشان احتفل معاه بيها ذهبت ادراج الريح لانه كان مشغول اوي اليومين اللي فاتو

نسمة بمواساة : معلش ولا يهمك انتي حاولي تقفي جنبه وبس دا كل اللي محتاجلو دلوقتي

إبتسمت كارمن بمكر : انا علي قلبه مش جنبه بس

غمزت إليها قائلة بمرح : يا واد يا رومانسي

قوست شفتيها قائلة بضيق : انا مضايقة اوي

كارمن بتعجب من تغيير مزاجها هكذا : ليه خير تاني!

قالت بعد أن ابتلعت غصة تشكلت في حلقها : سلسلتي ضاعت في الحادثة كانت غالية عليا عشان بتاعت ماما وشكلها وقعت من رقبتي لما الكلاب دول خطفونا

ربت علي يدها تحاول أن تواسيها : قولي الحمدلله ان ربنا عدها علي خير وانها جت علي قد كدا

ثم أردفت بتردد : الحمدلله كنت عايزة اقولك علي حاجة كمان

كارمن بتحفز : ايه قولي!!

نسمة بهدوء : فاكرة الشخص الوقح اللي ضايقني في الحفلة

أجابت كارمن بعيون واسعة : اه مالو اوعي تقولي انك شوفتيه تاني

ردت نسمة بهمهمة : ممم شوفته

سألت كارمن بفضول : شوفتيه فين و ايه اللي حصل!!؟

إبتسمت نسمة بسخرية ، وأجابت ببساطة : طلع هو مراد بيه اللي لحقنا انا وانتي

صرخت بصوت منخفض ، متمتمة بصدمة : يا خبر ابيض بتهرجي ولا بتكلمي جد

هزت نسمة رأسها صعودا ونزولا بسرعة ، وقالت بنبرة متحسرة : لا بجد و شوفتي سخرية القدر المرتين كنتي انتي السبب فيهم

انفجرت كارمن ضاحكة على تعابيرها العابسة اللطيفة.

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

في مكتب أدهم

دلف مالك بعد أن استدعاه أدهم على عجل قائلًا بحيرة : في ايه يا ادهم وشك مش طبيعي؟

قال أدهم بنبرة باردة : عايزك تعرفلي كل حاجة عن واحد اسمه احمد راشد رجل أعمال

تحدث مالك بعد جلوسه على الكرسي متسائلاً بلا فهم : ماشي بس يطلع مين دا!!

أجاب أدهم بهدوء ، وهو يعبث بقلمه بين أصابعه : كارمن كانت حكتلي من فترة عن موضوع اخت امها و عيلتها اللي ماتو في حادثة

رد مالك يحثه بالمزيد من المعلومات ، حيث زاد الفضول داخله : وبعدين!

أجابه أدهم مفسرا كلماته المبهمة : ام كارمن قالتلي بعد حادثة الخطف أن مساعد مراد اللي اسمه حاتم كان هو نفسه مساعد جوز اختها قبل مايموتو

ثم قص عليه ما يدور في ذهنه.

هز مالك رأسه قائلا بعدم تصديق و استنكار : يا بني اللي بتقولو دا مايتصدقش و مستبعد اصلا انه يبقي حقيقي!!

رد أدهم بثقة : بس انا مش مستبعدو خالص .. اربط الاحداث ببعض و هتوصل للي وصلتلو

مردفًا بنبرة متزنة : الاول عملو حادث سير اتقيد ضد مجهول وقالو ان الكل مات فيه ونفس الشخص اللي كان مساعد احمد راشد .. يطلع هو هو مساعد مراد عزمي اللي هو تقريبا في نفس سن ابن احمد لو عايش .. يبقي ايه!!

شعر مالك ببعض التشوش ، وهو يجمع هذه الأحداث معًا وقال باستنكار ، وهو ينظر أمامه في الفراغ : ازاي يعني!! انت عايز تقول ان مراد دا هو نفسه يحيي ابن خالة كارمن .. طيب ايه اللي غير اسمه و ليه اتقال انه مات!!!

حدق فيه في صمت لبضع لحظات قبل أن يقول بيقين : حاتم المساعد بتاعه هو اللي عنده الاجابة علي كل الاسئلة دي

هز رأسه بتأكيد قائلا بتساؤل حائر : انا برده مش فاهم انت ليه شاغل دماغك بيه!!

أجابه أدهم وهو يكور قبضته بقهر : لان مراد بيه كان حاطط حراسه علي كارمن 24 ساعه بقالو فترة طويلة وانا مش واخد بالي تفتكر ليه ها!

نظر مالك إليه غير قادر على فهم كل تلك الأحداث التي وقعت على رأسه في نفس الوقت : اهدا كدا وبلاش عصبية الله يخليك وبراحة عشان انا تهت منك

صرخ أدهم عليه بغضب ، حالما بدأ يفقد السيطرة على هدوءه : يراقب مراتي بأمارة ايه حتي لو هو ابن خالتها مالوش حق و لازم اوقفو عند حدوده .. من وقت ما كذب علي المباحث و قال ان الموضوع حصل صدفة وانا مش مرتاحلو .. اللي سكتني أنه هو اللي انقذنا من الرصاصة اللي جت فيه

هتف مالك بسرعة محاولا تهدئته بالمنطق : ادهم بلاش تتسرع فكر شوية بهدوء دا أنقذ حياتك و لولا الحرس اللي انقذو كارمن من ايد الحيوانات دول الله اعلم كانت هترجع سليمة و لالا

زفر أدهم بغضب ، متمتما على مضض : استغفر الله العظيم .. خلاص يا مالك بس لازم نتأكد الاول وبعدين هبلغ مامت كارمن

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

ليلا في فيلا مراد عزمي

كان جالسًا في غرفة نومه بعد خروجه من المستشفى حاملاً قلادة رقيقة الشكل بين أصابعه.

يتذكر عندما رآها تلمع تحت جسد نسمة ، وهي مخدرة في المستودع فأخذها ، ووضعها في جيب سرواله دون تفكير.

ظل ينظر إليها بشرود ، ولم ينتبه لدخول حاتم الذي شاهد ما يحدث أمامه بدهشة : مش مطمن لهدوئك دا يا مراد؟

فاق من افكاره وهو يحدق فيه ، قائلا بإستغراب : عشان ايه!!

جلس بجانبه علي الفراش وقال مفسرًا : اصلك خالفت توقعاتي ماكنتش مصدق وانا شايفك بتكلم أدهم بنفسك عشان تسلمه مراته و كمان فديته بحياتك

حدق به في حزن قائلا بضيق : انت ليه بتكلمني علي اساس اني وحش الغابة مش انسان وبحس وانا فهمتك قبل كدا مابقتش بفكر فيها اصلا

إبتسم حاتم وقال بحنان : بصراحة وقتها ماكنتش مصدقك بس حاليا اقتنعت لأن واضح أن حد تاني اخد عقلك منك والسلسلة اللي بين صوابعك من وقتها تشهد بكدا

خرجت منه تنهيدة حارة ، ليقول بهدوء : مش هنكر اني معجب بيها بس انا مش هفرض نفسي عليها خصوصا اني لسه مش متأكد اذا حد بيرقدلي علي حاجة ولالا مش عايز اعرضها لخطر بسببي

حاتم بتأكيد : كلامك دا دليل علي ان اللي جواك اكبر من الاعجاب انت حبيتها بجد يا مراد

نظر له بدهشة ، وقال بتهكم : ايه الثقة الزايدة دي في كلامك!!

أجاب حاتم بشرود : لمعة عينك دي بتفكرني بحد عزيز عليا اوي لما حب كان زيك كدا محتار و بيعاند نفسه لكن في الاخر كان عنده الشجاعة واعترف بحبه

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••

في جناح أدهم

دخل ادهم غرفته ، ليتفاجئ بالضوء الخافت المنبعث من الشموع التي ملأت الغرفة بطريقة مزخرفة ، ورائعة تضفي على الغرفة جواً رومانسياً هادئاً.

همس أدهم في ذهول بما رآه ، وظهر بريق في عينيه من مظهرها الجميل أمامه بفستان أحمر جعلها آية في الجمال والأنوثة ، وأبرز جسدها بطريقة مثيرة وأنيقة في نفس الوقت : حبيبي!!

استدارت كارمن ، التي كانت واقفة أمام المرأة ووضعت أقراطها في أذنها ، قائلة بنعومة وهو يقترب منها بخطوات ثابتة : ادهم

: قلبه و روحه

أجابها بعفوية ، بينما عيناه الشاردتان مثبتتان عليها ، يرى الحمره التي لطخت وجنتاها بإغواء غير مقصود ، وشفتيها المكتنزة مغطاة بأحمر شفاه قاني ، ورموشها الطويلة تحرس عيناها التي أبرزها الكحل وجعلها فاتنة للغاية.

قالت بإرتباك وهي تفرك أصابعها ببعضها البعض : احم احم انت مش قولت هتقعد في المكتب تحت شوية!

ابتسم أدهم بخفة وسحبها نحوه ، ثم لف ذراعيه حول خصرها بحنان ، وانحني برأسه يسند جبهته علي جبهتها ، قائلا بهمس : وحشتيني

ظهرت ابتسامة حب على فمها ، لتقول باستسلام : كل سنة وانت طيب

اتسعت ابتسامته بسعادة ، وهي تقطف قبلة ناعمة على خده بعد أن أدرك ما كانت هي تخطط إليه ، قائلا بلطف : وانتي طيبة و معايا علي طول

أنزلت ذراعيه برفق من حولها ، وهي تركض نحو الطاولة ، وتلتقط منها صندوقًا كبيرًا إلى حد ما من عليها ، ثم عادت واقفة أمامه ، وقالت بنبرة رقيقة : كان نفسي احتفل بأول ميلاد ليك واحنا متجوزين واجيبلك هدية أحلي من كدا

حمل عنها الصندوق الثقيل قائلاً بصدق : قولتلك قبل كدا انتي هدية ربنا ليا مش محتاج غير وجودك معايا

أشارت إلى العلبة التي تحتوي على آلة صنع القهوة بتصميم أنيق للغاية ورشيق للغاية حيث تعرف زوجها جيداً ، الذي يحب القهوة ، وهي شرابه المفضل في الصباح قائلة برقة : يارب تعجبك دي .. ماكينة قهوة هنحطها هنا في الجناح عشان لو حبيت تشرب قهوة في اي وقت ماتحتاجش تنزل تحت يعني

برم شفتيه بمكر وقال بحب : انتي بتخططتي انك تخليني احب القعدة هنا بقي

تمتمت كارمن بخجل : صراحة اه يعني انا شايفة ان القعدة هنا احلي من المكتب اللي تحت

وضع الصندوق على السرير بجانبه ، وقال بصوت أجش ، بينما يمرر إبهامه على خدها الناعم : تعرفي اني ماكنتش بحب قعدة البيت اصلا خالص علي طول برا بس بسببك بقيت بيتوتي اوي

همست كارمن بعفوية ، وارتفعت خفقات قلبها داخل صدرها من الشعور المفرط بالحب الذي طغى على حواسها : انا بحبك اوي يا ادهم

همس أدهم وحنى رأسه قليلا ، ليغمرها بين تجاويف عنقها المرمر مقبلا بشرتها الناعمة بشغف رقيق : وانا كمان بحبك يا قلب أدهم ونفسي بجد أعوضك عن كل حاجة حصلت الفترة اللي فاتت

أغمضت كارمن عيناها بتأثير من لمساته الحانية ، وقالت بنبرة مهتزة قليلا : مش انت قولت .. اننا مع بعض هنعدي كل حاجة خلاص عايزاك تنسي أي حاجة فاتت و نبدأ صفحة بيضة مع بعض

إحتجز جسدها أكثر بين ذراعيه ، و ضمها بقوة قائلا بهمس متعب : عايز أفضل حضنك اوي

مررت يديها برفق على ظهره ، وهي تعانقه بقوة ، لتقول بحنان وهي تخرج من أحضانه : حبيبي محضرالك عشوه بسيطة كدا كإحتفال تعالي معايا

شبكت كارمن أصابعها بأصابعه وشدته معها ، ثم غادروا الغرفة ووصلوا إلى ركن بجانب النافذة ، حيث كانت هناك منضدة مزينة بفرش طاولة أنيق ، وعليها مجموعة شموع تفوح منها رائحة جميلة ، وهناك أطباق بها عشاء خفيف لكليهما.

قال أدهم بهدوء بعد فترة ، وهم يتحدثون بينما يأكلون : حبيبي عندي موضوع عايز أعرفك به

كارمن بتعجب : موضوع إيه دا!

نظر إليها بتمعن ، ورأى الفضول يلمع في عينيها الواسعتين ، وتنهد بعمق وبدأ يخبرها بكل ما وصل إليه ، بينما عيناها تتبعه في صدمة وعدم تصديق...


       البارت السادس والاربعون من هنا 

   لقراءة جميع حلقات القصه من هنا

تعليقات