قصة عشقت امرأة خطرة
البارت الرابع والاربعون 44 جزء أول
بقلم ياسمينا احمد
انتقلت "صبا" مع زيد إلي مقر المعرض الجديد فى القاهرة
كانت سعيدة بانتقالها معه من جديد واصتحابه معه كانت أروع فكرة خاصتا و"ونيسه"مشتعله من اعمال صبا الخيريه.
الآن تجلس معه فى شرفة الفندق الذي استقر فيه مؤقتا حتى ينتهي من التعديلات على المعرض وينظم إحتفال كبير للافتتاح.
استمتعت بالعوده للاجواء الصاخبه التى افتقدتها من مدة طويلة انتهت كل معانتها وهى تنظر للسيارات التى تسير باتجاهين مختلفان وتستند بظهرها على صدر "زيد" خير سند تشتم الهواء الذى حرمت منه الذي يخالطه انفاس زيد الهادئه .
تحدثت بحماس لتقطع تلك اللحظات الهادئه:
- زيد هو ما ينفعش ناخد شقه هنا ونيجى كل ما نحب ان شاء الله كل شهر مره
افكارها المجنونه وجموح احلامها جعله يبتسم وهو يسند طرف ذقنه على كتفها ويده تحاوط خصرها بتشبث ،رد ملوعا :
- إي حنيتى للدوشه اللى بتحبيها !
حركت رأسها وهى تؤمئ بالرفض وأجابت :
- لأ...انا ما بحبش حاجه في الدنيا دلوقتي دى كلها قدك
نفسي نبقي لوحدنا بقى نفسي نبعد عن كل المشاكل ان شاء الله فى اوضه وصاله عايزه يبقى عندى عيلة تانيه بعيد عنهم عايزه احافظ على حبنا .
وضع قبلة رقيقه على وجنتها وعاد يسند طرف ذقنه على كتفها اغمض عينه قليلا ثم هتف بجدية وبقول واحد صادق لا يقبل الشك :
- وغلاوتك عندى يا صبا لأعملك كل اللى نفسك فيه واحققلك المستحيل .
لم تصدق ما سمعته والتفت لتحدق له دون أن تستدير بكامل جسدها أمسك بيده المحاوطه خصرها،هتفت مذهوله:
-انت بتكلم جد يا زيد
نظر الى عينيها وحسها قائلا :
- اضحكى انتى بس وشوفى أنا عشان الضحكه دي أنا ممكن اعمل إيــه
رغما عنها ابتسمت ابتسامتها التى تخفى عينيها وترفع وجنتيها وتجعلها قابله للاكل ،ابتسم هو الآخر ومسح طرف انفه بأنفها وتحدث كالمحموم :
- لو تطلبى عيني ما تغلاش عليكي
سكت قليلا ليسترسل:
-اتأكدي إني مش مانعنى عن تنفيذ طلبك دا غير جــدو
بس أول ما الزمن يسمح هتلاقينى أسيب الدنيا كلها وأخـتـارك .
شعورها بحبه دون حدود واستعداده التام الذهاب معها الى اخر العالم كان كافي للتحمل نتيجة فشل حلمها ، رفعت يدها لتحاوط وجنته برقه .
وتحدثت برضاء:
-وحبك دا كفايا عليا هحاول لحد ما نحقق حلمنا ولو ما تحققش مش مهم هستحمل عشان خاطرك وادى ونيسة مسليانى
اردفت بشقاوة تقفز من عينيها دون أدنى مجهود وابتسامتها اللعوب تترسم على فمها:
-حظ أمك وحش أعمل إيه ؟
قهقه عاليا على مزحتهاواعترافها بقدرتها على التفادي والتلاعب للعيش كما تريد ضحكت معه بلا توقف فحتى الضحك معه له طعم آخر .
عاد للحديث قائلا:
- ان شاء الله بعد ما نعمل الافتتاح الرسمي للمعرض جدو هيشتري شقه هنا للمدير اللى هيقعد هنا
اهتمت بما قال وسألت دون أن تغفل عن السؤال:
-مين المدير؟!
حرك كتفه بخفه وهو يجيب:
-ممكن يكون يحيي او بلال التوسعات دى بنحط رئيس شرفى إنما الإدارة بالكامل بتكون فى المقر الرئيسي هنا مجرد فرع .
لف رأسها ودار فهل سيسمح لها الزمان بالفوز بالشقة والظفر بالوظيفة هذه لزيد حتى تحقق حلمها ،لاحظ زيد شرودها وهتف وكأنه قرأ مايدور داخل عقلها :
-ما تفكريش كتير مش هينفع الإدارة بالكامل هناك عند جدو ،وصدقينى انا هعمل كل اللى فى ايدى عشان اخلى دماغك دى ما تسرحش كدا
انهى جملته بأن وضع طرف اصبعه على جانب جبهتها .
ابتسمت له وقالت بمرح:
-خلاص مش هسرح تانى
نظر الى ساعة يده وانتفض من جلسته وهو يهتف بتعجل:
-انا اتاخرت العمال زمانها مستنيه فى المعرض
نهضت هى الآخري متعجبه من تحركه السريع نحو الخارج وجمع اغراضه هتفت بتأثر:
-انت هتمشي وتسيبنى لوحدى ،هو انت جايبنى تحبسنى !
استدار لها وامسك برأسها ليضع قبله حانيه من بعدها هدر واعدا:
-ما تقلقيش هنزل اقبض العمال وارجع اخدك وننزل المعرض عشان نجهز ديكورات الافتتاح .
غادر" زيد "وتركها وحيده امسكت الكمبيوتر المحمول لتنظم عملها الخاص بزيد وترتب مواعيد الزيارات فى الفرع الرئيسي
وتنشر عبر الصفحة اللائحة الخاصة بالمعروضات من قطع الاثاث وتنقل البيانات فوق كل تصميم.
انتهت من كل هذا وبقيت فارغه تماما يتملكها الضجر
فجأه تذكرت متابعينها عبر الجروب وامسكت هاتفها وفتحت بثا مباشر كما اعتادت ،لكن هذه المره غير كل مره كان يبدوا على وجهها السعاده والفرحه تقفز من عينها استمرت بالتحدث لكل من يكتب لها تعليق وانجرفت معهم بالحديث حتى هتفت بعفوية شديدة:
-اي رايكم نتقابل كلنا فى الافتتاح بتاع المعرض
وانهالت عليها التعليقات المرحبه بالفكره والمستعده للنزول لمقابلتها وجها لوجه زادت سعادة وحماس وبلغتهم بالعنوان واسم المعرض "معرض الواصل للاثاث"
وفتحت لزيد باب واسع للشهره بتلك الدعاية الغير مقصودة بل بنت له اسما قبل أن يضع حجر الاساس
ومنها بدات تعرض عليهم تصميماته للاثاث من الصور التى معها وترد على استفساراتهم سواء بالسعر او بالون او باختيار الاذواق لتفتح "صبا"بوابه كبيره لم تكن تعرف كيف تستغلها ولا تدرك حتى أنها أصبحت شخصية مؤثره .
"فى القصر "
ما كانت ونيسه لتجلس وحيده بعدما ضج المنزل بمها وبثينه واخرهم مشاكسات صبا، احيانا وجود شخص يشاكسك خير من الوحده التامه وها هو القصر الكبير
فرغ الا من فايز وهى.
وضعت اطباق الطعام فوق الطاولة الكبيره ل"فايز" ولها
وبعد صمت طويل تحدثت بضيق :
-يعني زيد هيفضل ساحب صبا معاه فى كل حته زى الشنطه
لم يرفع "فايز" وجهه عن الطبق الذي امامه يعرف انها اصابها الملل لذا ردع قولها ب:
- مش مراته،هنحكم عليه يسافر ويبات لوحده وهى تبات هنا لوحدها
ردت بانفعال دون قصد منها:
- وهنا برضوا لوحدها ؟
منحها نظرة ساخره " فايز " وهو يجيب :
-وهي صبا كانت بتعمل ايه ؟شغل البيت بتعملوا البنات والمطبخ مش بتعتبه، كنتى عايزها تقعد عشان ايه؟!
زاغ بصرها وهى تبتلع ريقها وزفرت بملل فعاد يسألها مبتسما :
-هو بلال فين ؟
اجابت :
-فى المعرض مع عمه حسين وابن عمه وليد ويحيي فى المخزن ما حدش بيدخل البيت الا الساعه ١٢، وطول اليوم لوحدى لما طهقت .
نظر بمكر وسأل مبتسما :
-عشان كدا بتسألى عن صبا؟
لم تخشي نظره السخريه له،فأردف مقهقها:
-عندك حق البت ما كنتيش بتبطلى معها نقار وعمالك حس وقلبان فى البيت هى والناس اللى بتزورها فضيتى الناس من جانبك وقعدتى .
نفخت "ونيسه"بضيق وادارت وجهها لعلها تمحي تلك الحقيقة المؤلمة لكن لمعت فى رأسها فكرة فسألت باستعطاف:
- طيب ما تخلى بثينه ترجع تيـجـ......
قاطعها بحده وهو يلطم الطاولة بقوة متزامنا مع هبوبه واقفا من مجلسه :
-انتى مخك دا اي اللى خرج من القصر دا مش راجعلوه تانى
نظرت له نظرة ذات مغزى فأكمل:
- ولا عماد عاد يرجع هنا انا طرته بلا راجعه
تجمدت الدماء فى عروقها واتسعت عيناها غير مصدقه ما آلت اليه الأمور ظلت تنظر له بدهشه تحاول استيعاب ما
سمعته وكأن سنوات المرار التى عاشتها تحت ظل هذا الرجل سقطت واصبحت حطام هذا السور العالي الذي لم تكن تجرأ لتخيل القفز فوقه أزيل تماما وبقيت حياتها مفتوحه لها ولأولادها الحياه التى تمنتها بدونه ،راعي فايز ما مرت به وراعي ايضا صمتها وعدم التفاعل أو الحزن على مفارقته حول نظره عنها فما عاد يحزن له أو يتأثر على هوانه على زوجته لقد بنى بأفعاله ما يجعله لا يلومها
على عدم التأثر منها أو تلك الفرحه المقيده التى لا تعرف كيف تخرجها .
"فى بيت بثينه"
دخل "حكيم "الى زوجته بثينه خانع الرأس مكفر الوجهه لم يلقى تحيه أو حتى رفع رأسه بإهتمام بها مما جعلها تسأله بدهشه:
- فى ايه وشك جايب الوان كدا لي وداخل لاسلام ولا كلام
جلس بجوارها واسند يده لركبتيه وقال متحيرا :
- شاكر رد عليا وقال مش موافقين على عامر
انتفضت مذعوره تهتف بجنون:
-نعم بت شاكر البايره اللى استنت زيد خمس سنين ترفض ابنى .
اجاب وقد علا صوته :
- مش انتى السبب فى النكبه اللى احنا فيها مافيش بيت فيكى يابلد الا وعرف إن ابوكى غضبان عليكى والكلام عمال يروح بشكل وييجى بشكل وكل واحد بيقول على مشتهى بالوا .
اختنقت من فداحة الامر ان يكون اسمها فى فم كل القريه بنبذ ابيها ليها جعل كل ما فى رأسها يتطاير فصرخت بصوت عال وبجنون .
نهض حكيم ليسكتها وهو يعنفها صارخا:
-كفايا بقى فضايح الله يخرب دماغك اللى خرب بيتنا
ظلت تصرخ كالمجنونه ولا تعرف كيف تسكت صراخها كانت مقهورة من غباء تصرفاتها التى عادت بالسلب على حياتها واول المأذين كان ولدها الذي لم تخرج من الدنيا سوى به فلم تجلب سوى الخراب الى بيتها ولحياتها فنار الحقد لن تحرق سوى صاحبها .
سقطت ارضا بألم مدوى فى الرأس وغابت عن الوعى تماما لم يتلهف عليها زوجها فقد كان يشعر بالضيق حيالها
جل ما فعله هو أن رفع هاتفه ليتصل بولدها "عامر" ليغيثها.
"فى المعرض "
وقفت صبا بجوار زيد لتري اخر ما تم عرضه في المعرض استعدادا للافتتاح وتقترح تبديل الاماكن حسب ذوقها
كان زيد ينفذ برضاء ودون مراجعتها يثق تمام الثقه بها
وأثناء وقوفهم بداخل المعرض تفاجي زيد بفتاتان مقبلاتان عليهم بابتسامه عريضه وفور اقترابهم هتفت احداهم بسعادة:
-انتى صبا ؟!
-شكلك احلى من الايف
حاولت صبا الاستيعاب لأول مره تشعر بأنها مهمه لشخص غريب عنها حتى يأتي لها خصيصاً لمقابلتها
نظر زيد لهم بدهشه وحاول حماية صبا بأن وقف بوجهم ومنعهم من الاقتراب منها متسائلا بتحفز :
-انتوا مين ؟!
خرجت صبا من خلفه لتعفيهم من الحرج واحتضنتهم بفرح وهى تهتف غير مصدقه :
- معقول جيتوا عشانى
فرح البنتان بترحيبها ولطفها الشديد وقف يمدحانها تحت انظار زيد المتعجبه كان يود ان ينتزعها من احضانهم ويبعدها عنهم بشده ،استمرت الفتاتان بالحديث وحتى اشارت صبا نحو زيد قائله:
-دا زيد ابن عمى معقول ما عرفتهوش انا ورتكم صور الفرح
ابتسمت الفتاتان وقال بتشبيه :
-الصراحه انتوا الاتنين كاميرا التليفون ظالمكم شكلكم فى الحقيقة احلى
وعاد يتحدثان وزيد يرفع احد حاجبيه بتعجب
قالت الفتاه :
-احنا هنيجى الافتتاح كمان ،انهارده قولنا نعدى عليكى ونديكى هديه بسيطه
قدمت لهم احدهما علبه صغيره من الشيكولاتة وفرحت صبا بها كثيرا وانصرفوا .
التفت صبا الى زيد الذى كان يقف بعلامات من الدهشه جعلت حاجبه لازال مرفوعا وفمه مضموما وكأنه يحبس سيل من الأسئلة التى لا آخر لها .
عندها اكتشفت صبا انها فى مأزق لم تكن تحسب الاعتراف بهذا تخيلت انه امر شخصى وقد لا يخصه لكن بعدما طال معجبيها عتبة عمله فتحتم عليها التوضيح.
اذدرات ريقها وهى تنظر اليه فارق الطول بينهم جعلها تشعر بضائلة حجمها إن قرر مهاجمتها فهى تشعر وكأنها تنظر لجبل شامخ .
كان اول من بادر بالحديث متسألا :
-مين دول ان شاء الله ؟واى لايف بيحكوا عليه ؟
هزت كتفيها بخفه موضحه :
-لايف ،بث مباشر يعنى
حرك رأسه متجاوبا وبغضب شديد قال :
- ايوا ما انا فاهم يعنى ايه لايف ؟السؤال الى عايز اعرفه اي علاقتك بالايف
ازدات توتر فما كانت تحسب لهذا حساب ردت بإرتباك:
-انا بطلع على جـروب لايف
سرعان ما تحول وجه لاحمرار ولاحظت كم الغضب الذى انتشر على وجهه كالجنود فى المعركه ،فوضحت بسرعه وبنبره تستجدى فيها عطفه مشهره إصبعها:
- جـروب بنات بس والله العظيم
أشاح بوجهه عنها وابتعد خطوتين نعم غاضب منها لاخفائها شئ مهم كهذا واخذ قرارات متهوره دون الرجوع إليه كمم فاه ممانعا نفسه من الانفجار فيها .
تحركت خلفه وحاولت اقناعه وتهدئته فى آن واحد:
- دا موضوع قديم من قبل حتى ما نتجوز
ابتعد عنها فتبعته من جديد وهى تسترسل :
- انا ما كنتش بلاقى حد اكلمه كنت بتخنق من الوحده
سأم من كبح جماح نفسه فى السيطرة على غضبه وصاح بها :
-صبا ابعدى عن وشى السعادى
ارتعبت من مهاجمته ورفعت يدها لتقول بإستسلام :
-فى يا زيد انت هتحول ولا ايه ؟
سحق الكلمات اسفل فمه وهو يقول امرا :
-قدامى من غير ولا كلمه
"فى المستشفى"
تم توجيه "بثينه"الى غرفة الانعاش على الفور لتشخيص حالتها والتى بدأت بالاشتباه فى جلطه وتوابع مضاعفات غير معروفة.
انتشر الخبر حتى وصل لأذن فايز والذي لم يستطع تجاهله ووقف فى الممر كالمقيد لا يعرف اين يتجه
ابنته تصارع للبقاء على قيد الحياة كما صارع هو من قبل
بسببها لكن قلب الاب أوسع من أن يرد الإساءة بالإساءة والعدوان بالعدوان .
اسرع "حسين " بإسناده ولامه قائلا:
-ايه جابك بس ياحاج ؟
عينه كانت تائهه واجابته كانت متحيره:
- اومال اعمل ايه ؟اعمل ايه وبنتى فى المستشفى
امسك "حسين"بيده ولأول مره يشعر بالشفقه عليه انه يحمل نفسه فوق طاقتها ويملئ صدره بملا يطيق فقط من أجل عائلته
دفع نفسه لنصحه بهدوء:
-اصفح عن عماد وبثينه يا حاج انت قلبك كبير
جلس "فايز" على اقرب كرسي فما عادت قدماه او عكازه يتحملا جسده المتعب والمرتخى،جلس بجواره "حسين"
وانتظر بعد شروده وصمته شيئاً مهم يليق بتعابير وجهه الشارد .
تحدث وقلبه يتمزق بشدة وكأن يسحب فى جهتان متضاضتان :
-ضربه الغدر جات من ولادى يا حسين تخيل تضيع عمرك كله عليهم وتعب وتشقى عشان يبقوا فى أحسن مكان وهما يعملوا كدا ،انا كل يوم بسأل نفسي أنا غلطت فى إيه ؟
ارتسمت على وجهه شبه ابتسامه حالمه وهو يرجع بذاكرته للوراء متذكرا حينما كانوا اطفال أقسي ما يزعجه منهم المشاغبه
-عماد وبثينه كانوا عيال صغيرين كانوا دايما قريبين لبعض البيت ما كانش يبقى هادي طول ماهما فيه كنت اضايق منه واقولهم هزعل منكم لو عملتوا كدا تانى
تحولت ملامحه للغضب وكأن ما كان ليذكر وإستأنف حديثه بحده غير مسبوقة :
- كانوا زى القرود إذا اتخاصموا قلعوا الزرع وإذا اتصالحوا أكلوا المحصول.
وتحول عيناه الشارده لعين يقظه وكأنها فتحت عن شئ كانت غافله عنه رفع رأسه لحسين الذى كان يستمع إليه بإنصات واهتمام ،وقال مدهوشا :
-النفس دى أكبر من الشيطان الشيطان ربنا بيحوشه عنك مرة واتنين وتلاته لكن لما بيأس منه بيسلط عليه نفسه ونفسه هى اللى بتكون سبب هلاكه مش شيطانه.
-وعماد وبثينة نفسهم هي اللى ضرتهم مش شيطانهم ولا حتى أنا أنا واجبى أحمي عيلتى مش أكل حق البرئ عشان ظالم انا وجبى يا حسين الـعـدل مـش الـعـطف وبس.
ظل ينظر اليه "حسين" بفخر واعتزاز هذا الرجل ما كان يصل الى مكانته الا بقول الحق تلك والله اختصاص من الله له قول الحق صعب وخاصتا على اولاده .
سأله حسين متعجباً:
-يااا يا حاج العدل حتى على اولادك .
اتسعت عين" فايز " واستنكر سؤاله وهجاه قائلا:
- دا الرسول نفسه قال : إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وايم الله : لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها } .
وربنا قال :
بسم الله الرحمن الرحيم
وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
صدق الله العظيم
مين انا عشان اخرج عن حدود الله ويل لقاضي الارض من قاضي السماء الا الظلم يا حسين الا الظلم
صدق "حسين" وامسك برأسه ليقبلها ،ندره فايز فى هذا الزمان جعلت من العالم غابه لم يكن ذو مكانه عاليه الا بكلمه الحق التى اشتهر بها واحاطته بأمور الدين وكذالك علوم الدنيا فالحكم بين الناس يحتاج مهارات متفرده ودارايه كامله بالشريعه الإسلامية وان لا يكون الحكم من الهوي .
اخيرا خرج اليهم الطبيب وانهالت عليه الاسئلة من عامر وحسين وحكيم:
-طمنا يادكتور
- مالها عندها ايه
سكت الطبيب أسئلتهم بإحباط شديد:
-الفحوصات المبدأيه ما تبشر بخير ما أخبيش عليكم حالتها متأخره واحنا هنعمل اقصى جهدنا انا هدخلكم ليها
دلوقتي لانها عايزه تشوف والدها
تحرك فايز بخطوات متلهفه وبطييه فى ذات الوقت
وراح يخطوا تجاه جسدها الملقى على الفراش دون حول ولا قوه مال اليه يحبس دموعه مناديا بإسمها بقلق:
-بثينه بثينه
فتحت عينها وتطالعت عليه حركت يدها بصعوبه لتمسك بيده وفمها الملتوي تحدث بضعف وانهيار:
- سـ ....سـ.ــمـ …ــحـ…ـنـى
حرك رأسه وهو يطبق على يدها بقوة :
-لو عليا انا مسامح فى حقى يا بنتى بس انا ما اقدرش أسامح فى حق ناس تانيه هما اللى لازم يسامحوكى
ظهرت نظرة الانكسار في عينيها بعد كل العدوة التى حملتها فى قلبها لصبا ولوالدتها وما جلبت سوى الخراب لحياتها مجبورة اليوم ان تطلب السماح من زيد ومن صبا
اما من ماتت فستقابلها عند ربها "فى كتاب لا يضل ربي ولا ينسي"
أومأت بحزن وفمها الملتوي لم ينطق بحرف فناب عنها والدها متسائلا :
-أكلملك أنا صبا وزيد
حرك رأسه ليحثها على القبول وبالفعل استجابت وحركت رأسها بعدما ادركت ان الدنيا فانيه وان الصحه قد تخون فى أى لحظه و أن لقاء الله ليس بعيد بل هو أقرب ما يكون الإنسان لكن الإنسان نساى فى كل ليلة ينام على وسادته ينام معه ملك الموت فكلنا كلمات وكشوف من الأسماء لا احد سيتاخر عن موعده ابدا ولن يفوته شئ
ولن يسبقه شئ، الموت قادم لا محالة كقدوم اليل كل ليلة
فإن لم تحرص عن كف أذاك عن الناس وتنام صدرك خالى من الحقد والغل والحسد فقد تستيقظ وليس لديك فرصة للإعتذار وتنهى حياتك بمعصيه لا يغفرها الله .أن الله يُعاقب عقاباً شديد من ضرّ إنسَان ولو بشِق كلمة .. "مابيني وبين عبدي أغفَره..ومابين عبدي والآخر لا أغفرَه..حتى يغفره أحدهَما.
وقد ورد عن النبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"مَن كانَتْ له مَظْلَمَةٌ لأخِيهِ مِن عِرْضِهِ أَوْ شيءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْ هُ منه اليَومَ، قَبْلَ أَنْ لا يَكونَ دِينارٌ وَلا دِرْهَمٌ،
إنْ كانَ له عَمَلٌ صالِحٌ أُخِذَ منه بقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وإنْ لَمْ تَكُنْ له حَسَناتٌ أُخِذَ مِن سَيِّئاتِ صاحِبِهِ فَحُمِلَ عليه"
فتوبوا الى الله توبه نصوحه وقدموا الى آخرتكم كأنكم ستمتون غدا.
"زيدوصبا"
لم يتجاوب معها طوال الطريق حاولت حتى ان تناوله شيكولاته مما قدمت اليها بدلال :
-طيب دوق الشيكولاته دى طعمها جنان
رمى لها نظره غاضبه جعلتها تسحب يدها بهدوء ومن بعدها قالت بعبوس:
- نويت تعكنن علينا يعنى يا زيد ،ما انا عارفه حظى اطلعله على السلم ينزل بالاسانسير
ظل صامته ينفخ انفاسه بضيق وهى تثرثر بحنق وتحاول استفزاز وهى تقطم قطع الشيكولاته:
- يعنى الواحد يهرب من نكد ونيسه يقعد لى فى ابنها
رفعت يدها الى السماء بتمنى واسترسلت:
-يارب يارب انت عارف انى طيبه وغلبانه عوض صبرى خير وادينى على قد نيتى والهى اللى يجى عليا ما يكسب ولا يريح .
اختطف زيد لها نظره مدهوشه وهازئه فنظرت له بغيظ وهى تعتدل فى جلستها قائله:
-ادينى داعيت اهو ورينى هتيجى عليا ازاى
نظرت له نظره ثاقبه واضافت وكأنها اكتشفت شئ جديد:
-تصدق انا ظلمت امك !ايوا والله ظلمتها
-بختى انا اللى مايل شوف بينى وبينها مسافات والنكد جاى جري ورايا تقولش مش لاقى غيري لأ امك فعلا مظلومه مش هى السبب
عادت ترفع يدها الى السماء هاتفه تحت نظراته المتعجبه من فرط جنونها :
-سامحينى يا ونيسه سامحينى ياام الغالي انا فقر انا فقر ولسه عارفه حالا و......
-إســـكـــتي
قاطعها زيد زاعقا بعنف فسكتت تماما من فرط الفزع
عام الصمت فعادت تمد يدها بقطعت شيكولاته بحرص نحو فمه فزفر بصوت عالى جعل يدها ترتد بسرعه
قال بضيق قبل ان يصتف سيارته اسفل الفندق:
- شكل الشيكولاته دى فيها حاجه طيرت مخك
اجابت ببرائه :
-طعمها حلو
نظر لها قليلا فزمت فاها بأسف ،اطاح براسه وامرها بجديه:
-انزلي ..
نزلت عن السيارة وسبقته للاعلي دون نقاش محتضنه علبة الشيكولاته التى ابت تركها تبيت إلا فارغه .
صدح هاتفه واضائت الشاشه بإسم جده ففتح على الفور ووضع الهاتف بين كتفه واذنه وهو يلملم اغراضه من السيارة:
- ايوا يا جدو عامل إيه ؟
هتف "فايز" وصوته يمتلئ بالاسف والحزن:
- الحمد لله على كل حال
ضم" زيد" حاجبيه متعجباً من نبرة صوته الواضح أنها حزينه فسأل بقلق:
-في إيه يا حاج ؟صوتك مالوا ؟
دخل "فايز" فيما يريد سريعا وقال وصوته يغلب عليه الحزن:
-عمتك بثينه تعبانه وحالتها حرجه
لم يكن "زيد" ليتاثر بها بعدما كانت سبب فى قتل مريم لن ينسي ابدا انها ذهبت بقدمها لساحر كى تقتل زوجته واصابت إبنته .
فهم "فايز "سبب صمته وعدم تفاعله مع الامر لكن كان لديه امل ان ينجي ابنته من العذاب فهتف يرجوه :
-لو تكلم صبا و تيجوا بعد حفل الافتتاح وتسامحوها
وعفي الله عما سلف .
هنا زعق زيد بحده قاطعه:
-اسامحها على ايه بعد ما دمرت حياتي وكانت سبب فى موت مريم
هتف "فايز" ليخفف وطاة الامر عليه:
- لكل اجل كتاب وايه عرفك ان موت مريم شر مايمكن خير واهو ربنا هيطعمك تانى انما هي بتعذب دلوقت على الاقل نرحمها نفسيا
ظل "زيد "صامتا يجز على أسنانه بغضب لم يعد يريد ان يكن ضعيفا يسمح بالدهس على رأسه ويقبل بإعتذار واهي.
عاد فايز ليقول مستدل بأيه لعلها تجعل قلبه يرق:
-وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"صدق الله العظيم سورة النور
لم يرفض "زيد" ولم يقبل ظل صامتا حتى أغلق فايز الخط بعد أن قراء الايه فما كان له ان يجبره على العفو إن لم تكن نابعه من قلبه فلن تجدي نفعا لذا اغلق دون إضافة شي اخر .
لا زالت" صبا "تاكل بنهم من الشيكولاتة حتى لطخت فاها بالكامل وزاد سعادتها للضعف واصبح من المستحيل ان يغضبها اى رده فعل من زيد .
دخل اليها ورأها فى تلك الحاله فصاح بحده:
-هتجيلك تخمه كفايا اكل من البتاعه دى هتعبي
نهضت واتجهت صوبه وهى تمسك بأحدهم وعينها نتظر له باشارات تحسه على مجارتها وهى تقول:
- بالعكس دى عملتلى دماغ حلوة اوى عايزنى أبطل كُل معايا وانا ابطل .
انهت جملتها وقطمت قطعه اخري ، عض طرف فاه وبات مستعدا لفعل اى شئ لتكف عن ايذاء نفسها .
رفع يده وحاول ان يختطفها من يدها لكنها ابعدت يدها لتشير له بالاقتراب حتى ياتى اليها .
اجفل قليلا فالقرب منها خطورة فهو يعرف انها نقطة ضعفه وأن ليس لديه أى سبل للمقاومه امامها إن سايرها فقد ضاع وضاع عقابه ،اخرجته من هذا بصوتها الرقيق المتسائل :
- تعال دوقها
فتح عيناها وراقبها وهى تحاول إغرائها ثم اقترب منها ليلتقط منها القطعة لكنها كانت مصره على أن تبعد يدها عنه وتناولها لفمه بيدها هي .
قطم قطعه صغيره وهو ينظر لعيناها بعمق من بعدها هى لمست شفاه بأطراف أصابعها لتخفي بقايا ماعلق بها وتلعقه هي قائله بهدوء:
- حلوه مش كدا
كاد أن يذوب من طيش تصرفاتها يعرف نفسه لايقاومها ابدا هى من تجعله مراهق لا يحسب أى حساب رمي كل اسلحته ارضا وتشبث بها وبدأ يتذوق الشيكولاته الحقيقة التى تناثرت بقايها حول فمها.
يقال ان حواء أخرجت آدم من الجنه لكن حواء ذات نفسها هى من أرته الجنة على الأرض ،المجرمه الخطيره جعلته ينساق اليها وينسي كل شئ مهما كان فلن تتركه ليلة واحده ينام وهو غاضب منها فقد تعاهدا على السير معا ولا يليق بالطريق الخصام .
نسي كل شئ كان لم يكن وانساق خلف مشاعره الفياضه لها والتى لا تعرف سوي أنها عشقه الأبدي وحبيبة قلبه المدلله مهما بدر منها يغتفر
فهي الخطر، النار التي تلجم قلبه، وذات النار التي تنير عتمة دنيا وتذيب الصقيع المتراكم في جنبات قلبه
هي من روضت الوحش، هي الخطيرة التي يكون وحشا لأجلها وحملا وديعا بين ذراعيها وكيف لا وهي
امرأة خطرة......