رواية أسير عينيها الفصل الثالث والعشرون 23 والرابع والعشرون 24 الجزء الرابع بقلم دينا جمال


رواية أسير عينيها

الفصل الثالث والعشرون 23 والرابع والعشرون 24 الجزء الرابع

بقلم دينا جمال

- أنا عمري ما هتجوزك ابداا، أنا بكرهك

تلك الجملة الوحيدة التي نطقتها ليسود بعدها صمت طووووويل من جهته وجهها، لا يُسمع سوي صوت بكائها الخافت، شهاتقها التي تتعالي شيئا فشئ، تختق روحه العاشقة، صدمه فتت قلبه، لما لا تتم فرحته تهاوي جالسا على الفراش يده تمسك بالهاتف ينظر للاشئ عينيه متسعتين من هول ما سمع، بلع لعابه ليخرج صوت هادئ حزين:

- ليه!، أنتي كنتي موافقة، وافقتي تديني فرصة، ليه سحبتيها.


سمع صراخها المصاحب له نحيبها العالي الحاد:

-عشان أنا عمري ما هنسي، عمري ما هنسي اللي عملته وكنت عايز تعمله فيا...

ارتفع جانب فمه بابتسامة حزينة ساخرة متألمة

قبض على كفه الآخر ليهمس لها بهدوء:

- لينا افتحي الكاميرا، عايز اشوفك لآخر مرة

غص قلبها ألما مع جملته الأخيرة لتبعد الهاتف عن اذنها فتحت كاميرا هاتفها تنظر له بعينيها الحمراء المشتعلة، شهقاتها الحزينة المتتالية.


يقابلها نظراته العاشقة المعذبة، رأته يبتسم متألما ابتسامة صغيرة معذبة اشار إلى قلبه بسبابته يكمل مبتسما:

- انتي هنا لو اذيتك ابقي بأذي نفسي، قسما بربي أنا عمري ما لا اذيتك ولا حتى فكرت في كدا، انتي ما تعرفيش انتي عندي إيه

انساب طفوان دموعها تشعر بغصة مؤلمة تعتصر قلبها من كلماته العاشقة تضرب بلا رحمة اوتار قلبها الخائفة لتثبته امانا، شهقت من عنف بكائها تكمل:

- مش هقدر، صدقني مش هقدر.


رسم ابتسامة حانية على شفتيه يصارع بها قلبه يخرس عقله ليهمس لها بحنو:

- أنا مش هغصبك، أنا قولتلك بدل المرة الف اني ما عمري ما اذيتك، مستعدة تاخدي الخطوة دي معايا تخرجي برة دايرة خوفك، هكون عندكوا، مش مستعدة ومش عايزة هتصل بخالي واقوله يلغي كل حاجة، قولتي ايه

بلعت لعابها تنظر له حدقتيها ترتجفان من الفزع.


مسحت بيسراها دموعها بعنف لحظات صمت تنظر له في هدوء ظاهر وصراع خفي بين القلب والعقل، رافض ومؤيد، هالة غريبة تجذبها له وهالة اخري سوداء تجذبها عنه، حسمت امرها يكفي خوفا لتحرك رأسها إيجابا تهمس بارتعاش:

- ااانا، اناااا خايفة

اوعي تخافي، اي كان قرارك ما حدش يقدر يغصبك على حاجة، أنا مستعد أحارب الدنيا كلها عشانك: هتف بها بانفعال، قوة استمدتها منه لترتسم شبح ابتسامة باهتة على شفتيها تهمس متوترة:.


- ممم، ماشي ممم، موافقة، بس أنت مش هتأذيني صح

ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيه لتتعالي قهاقته السعيدة نظر لها تدمع عينيه فرحا ليقول في مرح:

- نحن رجال افعال لا رجال أقول، مسافة السكة وهتلاقيني قدامك، يا وردة مكانها في البستان انتي

قالها بتلهف ليغلق الخط يهرول سريعا ليكمل ارتداء ملابسه، بينما ابتسمت هي تتنهد حائرة تكرر مع نفسها، زيدان جيد لن يؤذيني، حادثة قديمة لن تتكرر.


التقطت فستانها تشرع في ارتداءه تفكر قلقة.


صوت دقات على باب المنزل الصغير، قام من مكانه بخمول يفتح الباب ليطل حارسه الخاص ينظر ارضا احتراما يغمغم بأدب:

- خالد باشا، الباشا الصغير وصل لبيت حضرتك، تؤمرني بحاجة تانية

ابتسم خالد يربت على كتف حارسه ليتجه ناحية الاريكة جلس مرة اخري يضع ساقا فوق اخري ابتسم يغمغم ساخرا:

- قولي يا حسن، ايه رأيك في غسيل السجاجيد دي حلو.


نظر الحارس إلى قطع الفراش ليجد رجل وامرأة يحكانها بعنف اثار الصابون تغطي معالم البساط بلع لعابه يغمغم في ارتباك:

- لاء طبعا يا باشا وحش جدا

تعالت ضحكات خالد الساخرة، ليتحرك من مكانه متجها ناحية دلو ماء كبير حمله يلقيه بأكمله فوق أسامة الجاثي أرضا يغسل البساط، شهق أسامة بعنف من برودة المياة بينما ابتسم خالج يقول ساخرا:

- غسيلك ما عجبش حسن، وأنا اهم حاجة عندي رأي رجالتي، عيد من الاول للمرة التاسعة.


عند ذلك الحد وقفت والدة أسامة، ترفع فمها بحركة سوقية قديمة تصيح غاضبة:

- هو ايه اللي عيد من الاول احنا ايدينا باشت، الله يخربيتها المخفية بدور، كان يوم اسود يوم ما ابني شافها

اختفت الابتسامة من فوق شفتي لتتجهم ملامحه بطريقة ارعبت تلك الواقفة، وقف يشير بيده لحارسه ليخرج من المنزل مغلقا الباب خلفه، بينما اقترب خالد من سماح يدس يديه في جيبي بنطاله يفكر بسخرية:.


- قوليلي يا ست سماح هو مين الاكبر أنا ولا أنتي، بيتهيئلي انتي، ابنك شحط داخل على الاربعين اهو، يعني أنا وافقت اجوز بنتي لواحد اكبر منها بعشر سنين، ابن أمه، أخلاقه نيلة، وفي الآخر كان يوم اسود، والمخفية بدور

شهقت سماح متألمة تشعر بفكها تحطم من الألم حين هوي كف خالد على وجهها بعنف سقطت على الأريكة خلفها تضع يدها على خدها تنظر للواقف امامها، عينيه سوداء مخيفة ملامحه.


قاسية باردة، متجهمة، دني برأسه ناحيتها قليلا يهمس بهسيس مرعب:

- دا القلم اللي اديتيه لحفيتدي، ولو كانت ايدك اترفعت على بنتي كنت قطعتهالك، مش كل الطير اللي يتأكل لحمه

التفت لذلك الاسامة الذي يقف بعيدا ينظر لخالد مذعورا ابتسم ساخرا كان محقا حين نعته بأنه شبه رجل، لو كان رجلا حقا ورأي والدته تضرب امامه لاقام الدنيا فوق رأسه، خلع خالد ساعته وسترة حلته الفخمة يشمر اكمام قميصه الاسود ابتسم يقول متوعدا:.


- بقالي كتير اوي ما ضربتش حد، يلا اهي جت فيك، إنت مش غريب بردوا.


في لحظة كان خالد يقبض على تلابيب ملابس أسامة والباقي لا داعي لذكره، صفعات ركلات لكمات، كل لكمة تنزل من قبضته على وجه أسامة تجدد شبابه الثائر من جديد، ابتسم مستمتعا ينظر لأسامة الملقي أرضا تقريبا ملامح وجهه لا تظهر من وجهه المغطي بالدماء، ولكن العقاب لم يتنهي بعد، قبض على تلابيب ملابسه يجره خلفه لخارج المنزل القاه إلى أحد الحراس يأمره بحدة:.


- ارميه معاكوا في العربية واطلعوا ورايا بسرعة، هتأخر على كتب كتاب بنتي.


توسعت عينيها في ذهول وضعت يدها على فمها تكبح شهقتها الفزعة هل أخبرت والدها للتو أنها تحب عثمان كيف فعلت ذلك، دون دوعي تحرك لسانها يصرخ بكل ما يجيش في صدرها المثقل انتفضت من حضن والدها تبعد رأسها عن صدره تنظر له بصدمة تحرك رأسها نفيا بعنف، لترتسم ابتسامة حانية على شفتيه يربط على وجنتها برفق يقول مطمئنا:.


- ما تخافيش، أنا عارف أنك قولتي من غير وعي، انتي بتحبي عثمان، بس تفتكري عثمان يستحق الحب دا، عثمان كلنا عارفينه من دي لدي لدي، يستحق حب نقي وبرئ زي حبك، صدقيني قلبك يستحق واحد أحسن تكوني أول واحدة في قلبه، ما هو أول واحد في قلبك

انسابت خيوط دموعها تغرق وجهها لتخفي وجهها بين كفيها تحرك رأسها نفيا بقوة تجهش باكية:

- أنا بحبه، بحبه هو، كتير عليا اني الاقي حد يحبني.


شعرت بيدي والدها تمسك كفيها برفق تبعدهما عن وجهها نظرت له تبكي من القهر لتجده يبتسم، صحيح أنه غاضب، دمائه الشرقية ثائرة وابنته تخبره انها تحب ولكن فقط ابتسم يحاول بهدوء لم يعهده من نفسه قبلا مداوة جراح ابنته، احتضن وجهها بين كفيها، يهمس لها بحنو:.


- لاء مش كتير، انتي تستاهلي كل حاجة حلوة في الدنيا، بس ما يكفيش دلوقتي حب بابا، لحد ما نكبر شوية، أنا عارف اني غلطت في حقكوا كتير، بس هعوضكوا عن كل لحظة كنت بعيد فيها عنكوا، ودلوقتي هنروح المول، نتغدي ونشوف انتي عايزة تشتري إيه.


ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتيها تحرك رأسها إيجابا ليقبل عمر جبينها، اعاد تشغيل سيارته ليتجه معها إلى ذلك المجمع التجاري القريب كثيرا من النادي، دقيقتين بالقرب منه، وقف في الجراش الخاص بالمجمع، لينزل من سيارته، فتح لها الباب ينحني بحركة مسرحية مضحكة لتضحك بخفة تنزل من السيارة، نزلت ليسمك يدها يشعر بكف يد ابنته الصغير داخل كفه جزء من الكل يجتمعان، دخلا معا إلي أحد المطاعم يطلبان الغداء لتبدأ وصلة مرح خاصة بهما.


- البربجر بالجبنة بتاعي يا بابا

- مين قال كدة البرجر بتاعي وانتي كلي سلطة عشان ما تتخنيش، قالها ليقضم قطعة كبيرة من تلك السيطرة يبتسم لها باتساع.


- عااا مين دي اللي تتخن، هات يا بابا البرجر بتاعي، صرخت بها بغيظ لتنتزع من يده تلك الشيطرة تقضم منها ليضحك هو بقوة، أحمق هو، غبي أدرك في تلك اللحظة التي شاهد فيها ابنته تأكل وهي تبتسم أنه حرم نفسه من سعادة لم يعشها يوما، يركض خلف سعادة السراب الواهية، انتهيا من الاكل ليأخذها في جولة في ذلك المجمع لم يشتريا بقدر ما ضحكا نسيت اوجاعها واعاد هو روحه الضائعة بقربها.


انهي دوام عمله في المستشفي منذ الأمس وهو لم يعد إلى منزله، جداله مع والدته يبدو تافها لا يستحق المبيت خارج المنزل ولكنه يكره حقا فرض والدته لتلك الفتاة عليه رغما عنه يشعر بأنه عاجز وهو يكره حقا ذلك وقف بسيارته الصغيرة أمام باب منزله من الخارج ليلتقط حلته الجديدة، اليوم زفاف صديقه المقرب، يكاد يطير فرحا، أخيرا زيدان سيتزوج من من أحب قلبه بلا منازع، حمل حلته متجها بها إلى منزله، يستعد لجدال أحر مع والدته ولكن على عكس المتوقع وجد المنزل هادئ تماما، تحرك يبحث عنها هنا وهناك، لتقع عينيه على اطباق الطعام الموضوعة على طاولة السفرة بجوارهم ورقة صغيرة خط عليها ( أنا في السوق بجيب طلبات للبيت ).


ابتسم يتنهد يكشف عن الأطباق المغطاة ليجد أكثر شئ يكرهه في حياته امتعضت ملامحه يهتف مشمئزا:

- يعععع سبانخ ايه القرف دا، ماشي يا ماما هو عشان متخانقة معايا تعملي سبانخ.


ترك المطبخ بأكمله ليتجه إلى غرفته اغتسل سريعا ليرتدي حلته السوداء، وقف أمام مرآه زينته يمشط خصلاته السوداء الكثيفة، يعدل من وضع رابطة عنقه السوداء، التقط زجاجة عطره الصغيرة بضع رشات، ساعته السوداء نظر لانعاكسه في المرآه بضع لحظات وشعور غريب غزو كيانه، يشعر بأنه روح لجسد آخر شخص ليس هو، حائر مشتت ضائع، مد يده ناحية وجهه يود أن، ، لينفتح باب غرفته بلهفة، ظهرت والدته تنظر له للحظات تعاتبه بنظراتها الصامتة، لتعقد ذراعيها امام صدرها تصيح فيه غاضبة:.


- حمد لله على سلامة البيت، كنت بايت فين يا حسام وحصل ايه يعني عشان تبات برة البيت، كل دا عشان رشا بنت

قطمت كلامها حين التفت لها حسام هادئ مرح شخصية محببة بشوشة ولكن غضبه هو أسوء ما فيه نفرت عروق رقبته يزمجر غاضبا:

- لاء مش عشان زفتة عشان طريقتك في فرضها عليا، عيزاني اتجوزها بأي أشكل قولتلك بدل المرة ألف ما بحبهاش، أنا مش عيل صغير عشان تفرضي عليا كفاية بقي، أنا زهقت.


اكتسي الألم قسمات وجهه والدته تشعر بقبضة قاسية تعتصر قلبها، صراخه، صوته، غضبه، بلعت لعابها ابتسمت متألمة تهمس له بخفوت:

- أنا بس كنت عايزة افرح بيك مش قصدي افرضها عليك، منين جبت قسوة القلب دي منين، ابوك الله يرحمه كان أحن بني آدم على وش الأرض، إنت ليه كدة

ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتي حسام ليعاود النظر إلى مرآه زينته ركز عينيه على انعكاس وجهه يبتسم بلا حياة يهمس في برود:.


- أنا ليه كدة، مش عارف تفتكري ليه، سنين عايش وأنا حاسس اني واحد تاني، سنين ببص لصورتي في المرايه بحس اني ببص لواحد تاني، انتي عمرك ما عرفتي اللي جوايا وصدقيني ما تحبيش تعرفيه

تعالت في تلك اللحظة دقات هاتفه الموضع على مكتبه اقترب من ليجد رقم زيدان صديقه اغلق المكالمة يضع الهاتف في جيب سرواله يغمغم بهدوء:

- أنا نازل عن إذنك.


قالها ليغادر بهدوء مغلقا الباب خلفه، بينما تقف والدته جامدة شاحبة تنظر في اثر ابنها لينساب دمعة واحدة من عينيها تهمس لنفسها متألمة:

- ما تقلقش يا مختار حسام مش هيبقي، ابنك شبهك في طيبتك هو بس، هو بس، هو بس، مش عارفة حصله إيه، يا رب

نزل حسام إلى صديقه بالأسفل ابتسم يحاول إستعادة تلك الشخصية المرحة، استقل السيارة جوار صديقه اطلق صفيرا طويلا يقول ضاحكا:.


- ايه يا عم زيدان الحلاوة دي، لاء البدلة شياكة شياكة

فقط ابتسامة صغيرة شاحبة لاحت على شفتي زيدان يحرك رأسه إيجابا ليقطب حسام جبينه متعجبا يسأله قلقا:

- مالك يا زيدان أنت كويس، شكلك مهموم

التفت برأسه ينظر لصديقه يرغب فقط في البوح عل صديقه يخفف عنه قليلا، اسند ذراعه على المقود ليسند رأسه على ذراعه تنهد يهمس في حزن:

- هقولك

قص له ما حدث خلال مكالمة لينا، انتهي ليغمض عينيه يهمس بثقل:.


- هو أنا ما عنديش كرامة، أنا عايز ابعد عنها يا حسام بس مش عارف، كل ما ابعد الاقي نفسي بقرب أكتر وهي بتلعب بمشاعري شوية آه وشوية لاء، أعمل ايه يا صاحبي

تنهد حسام ضجرا يود خنق تلك الفتاة لم يكذب حين نعتها بالبومة يقسم أن البومة نفسها أكثر مرحا منها، رسم ابتسامة زائفة على شفتيه يغمغم في مرح:.


- ولا اي حاجة هتروح تحط ايدك في ايد خالك وبارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير، ولما تبقي مراتك طلع على جتتها القديم والجديد أنا لو منك اصبحها بعلقة ومسيها بعلقة، علقها في النجفة، طفي السجاير تحت بطاها، هو صحيح خالك هيعمل منك بقايا فراخ بانية بس تبقي خدت حقي عشان أنا مبقوق منها البومة النكدية إله النكد عند القدماء المصريين.


ضحك زيدان بصخب، ليصدم رأس صديقه بقوة، اعاد تشعيل محرك السيارة ينطلق لوجهته فقد سعادته التي طلما حلم بها.


تأنقت أمام مرآه زينتها بفستان ازرق باكمام من الشيفون الابيض تغطي ذراعيها وضعت شعرها المجدول على أحد كتفيها، لم تكن بحاجة للكثير من مستحضرات التجميل ابنه لينا وخالد ورثت جمال والدتها ووسامة والدها الشرسة جدتها لبنانية والجدة الكبري من اصول تركية، ابتسمت متوترة تفرك يديها بقوة بقي القليل وتصبح زوجة زيدان، اجفلت حين انفتح باب الغرفة لتدخل لينا، نظرت لابنتها لتدمع عينيها تنظر لصغيرتها عروس ستتزوج بعد قليل، اقتربت منها تقبل جبينها أمسكت كفي يدها تتساقط دموعها تصاحبها ابتسامتها الواسعة:.


- زي القمر، احلي من القمر نفسه، ربنا يسعدك يا حبيبتي، ما تبقيش ضعيفة، بلاش تبقي نسخة مني وأنا قدك، أنا كنت إنسانة سلبية جدا في حق نفسي، لو بابكي ما كنش اتعالج ما كنتش عارفة ايه هيحصلي، خلي كرامتك فوق كل اعتبار، اوعي تسمحي لقلبك أنه يلغي كرامتك، عشان خاطري اوعي تتكرري غلطتي، اوعديني.


ادمعت عينيها تنظر لوالدتها تبتسم ممتنة لتحرك رأسها إيجابا تعانق والدتها بقوة لتلف لينا ذراعيها حول ابنتها تضمها لصدرها كأنها فقط طفلة صغيرة، قبلت جبينها تمسح دمعات ابنتها بيديها برفق تغمغم في مرح باهت:

- اوعي تعيطي الميكب هيبوظ، اسيبك تجهزي، واشوف ابوكي اختفي فين تقريبا راح يقتل أسامة.


خرجت ضحكة خافتة من بين شفتي لينا، التفتت لتغادر لتسمع كلتاهما صوت صراخ خالد الحاد باسم بدور، نزلت لينا تهرول وخلفها ابنتها إلى أسفل ليجدا خالد يقف وامامه ملقي أرضا أسامة يكاد لا يظهر وجهه، شهقت الابنه خوفا لتسرع لينا تضم ابنتها تخفي وجهها عن ذلك المشهد، نزلت بدور بعض لحظات تعرج في مشيتها البطيئة تحرك جسدها بصعوبة الألم يغزو بعنف روحها قبل جسدها، ما إن نزلت اقترب خالد منها يلف ذراعه حول كتفها نظر لها ابتسم بهدوء يغمغم في حدة ؛.


- عشر سنين، متجوزة الحيوات دا بيغضبك في السنة اكتر من عشر مرات دي المرات اللي أنا بعرفها غير اللي بداريها عني، سابك بتموتي وانتي بتولدي خالد وقال ايه مسافر في شغل وهو كان مسافر يتفسح مع أصحابه، ومعلش يا بابا وعدتها، سابك في المستشفى لما ولدتي سيلا ما رضيش يسجلها عشان جت معلش يا بابا أصله كان عاوز يخاوي خالد بولد وعشان خاطرك عديتها، كام مرة ضربك وأنا ضربته بس نقول ايه جبلة ما بيحسش كان لازم اوصله للمنظر دا، لآخر مرة يا بدور، انتي لسه باقية عليه.


اتجهت بعينيها لأسامة الملقي ارضا بالكاد يتنفس، لتتذكر يمر امام عينيها شريط سريع متتابع حياتها معه لم تكن سوي عذاب مغلف بلمحة من السعادة الباهتة، كرهته وكرهت الزواج كرهت حياتها إلى متي ستتحمل انسابت دموعها تنظر لوالدها تهمس باكية:

- خليه يطلقني يا بابا عشان خاطري.


فما كان منه الا أن ابتسم، قبل جبينها تركها متجها ناحية ذلك الاسامة ركله في معدته بقدمه بعنف ليتأوه الأخير من الالم بينما صدح صوت خالد الحاد:

- سمعت يا حبيب ماما، ارمي اليمين يلا

رفع أسامة وجهه قليلا ينظر لبدور حانقا نظرات كارهة مليئة بالغيظ ليقول ساخرا:

- انتي طالق يا ست بدور هانم

اتسعت ابتسامة خالد ليجلس على أحد المقاعد يضع ساقا فوق أخري يغمغم ساخرا:.


- حلو كدة نخش في الجد، الشركة اللي كنت مشغلك فيها عشان خاطر بنتي اعتبر نفسك مطرود وابقي قابلني لو لقيت شغل تاني، الشقة التمليك اللي كنت شاريها وخليت بدور تتنازل عنها وبعتها يا حيوان، أحب اقولك أن بدور حاضنة يعني شقتك الحلوة اللي فوق امك من حقها، وابقي فكر ادخلها، ما تنساش طبعا النفقة والقايمة ووصل الأمانة ومصاريف العيال دا أنا همشيك في الشارع تغني ظلموه اصبر عليا يا حبيب امك، حسسسسن.


دخل الحارس مسرعا، ليشير خالد باشمئزاز إلى الملقي ارضا يهتف بقرف:

- ارمي الزبالة دي برة وعلى الله يقرب من باب الفيلا

جذب الحارس أسامة يلقيه خارج الفيلا في لحظة دخول سيارة زيدان نظر حسام ينظر لذلك الشاب بفزع خاصة حين هتف زيدان بدهشة:

- دا أسامة جوز بدور ايه اللي عمل فيه كدا، هتلاقيه ضايق خالي

توسعت عيني حسام في فزع ينظر لبقايا ذلك الرجل اقترب من زيدان يهمس في خوف:.


- هو اللي بيضايق خالك بيعمل منه ممسحة والنبي فكرني ما اضايقوش أنا مش مستغني عن زهرة شبابي

ضحك زيدان بخفة ليتحرك للداخل هو وحسام الخائف ومعهم المأذون...


بينما في الداخل وقفت بدور تنظر في اثر زوجها قلبها تحطم بل تفتت نادمة على كل لحظة اضاعتها من عمرها وهي زوجة له، كيف أحبت في يوم شخص معدوم المشاعر لاقت منه ما يكفي ويزيد وتحملت لأجل طفليها والآن ماذا انتهي كل شئ، اجفلت على حركة يد خالد يلف ذراعه حول كتفها نظرت له لتجده يبتسم بحنو:

- في داهية راح كلب يجي سيد الرجال، مش دا اللي يتزعل عليه.


سار معها يجلسها على أحد المقاعد يربت على رأسها برفق، دخل زيدان ومعه حسام، وقعت عيني زيدان على تلك الواقفة بعيدا طلتها سحرها الجذاب، أراد الابتعاد كاذب يود أن يضمها بين ذراعيه يخفيها داخل، ما حدث بعد ذلك كان شبه حاضر فيه، لم يقف سوي وهو يجلس على الاريكة الناحية الاخري من خاله في المنتصف المأذون وضع يده في يد خاله عينيه تبحث عنها، أذنيه عاجزة عن التصديق انها قالت موافقة أمام المأذون، يسمع كل كلمة تصدر من خاله ليأتي دوره للرد حين قال:.


- قبلت زواج ابنتك البكر الرشيد على مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان وعلى الصداق المسمي بينا

وقعت وبصمت هي اولا لياتي دوره خط حروف اسمه بسرعة ليضع بصمته على الورقة، هب من مكانه يهرول ناحيتها دون أن تنطق بحرف كانت بين ذراعيه يضم جسدها لجسده يشد عليها يلهث من عنف مشاعره يهمس لها بلوعة:

- اخيراااا، مراتي، بحبك مش هتبعدي عني ابدااا

يا من سكنتي فؤادي اخيرا

عدتي بين قلبي وروحي واحضاني.


عاد ضلعي لمكانه ليدوي فيه صدي نبضي

عادت روحي تنعش كياني

اخيرا عدتي

ابتسمت لينا والدتها تنظر لابنتها بسعادة تدمع لها عينيها، بينما اشتعلت عيني خالد غضبا وهو يري ذلك الأحمق يعانق ابنته يتوعد له!


سعادة تلك الكلمة سمع عنها كثيرا ولكنه حقا لم يجرب شعورها لم يتذوق لذتها لم تتشبع خلاياه بها، الان فقط ذاق طعم السعادة حلو كماء عذب من نهر سلسبيل يروي ظمأ عابر السبيل المنهك التعب يروي جوفه الجاف وهي بين ذراعيه يعانقها يشعر بها يتنفس عبقها، زوجته كلمة ترددت في ثنايا روحه بسرعة لتنعش ما قتله الدهر منه، في خضم موجة مشاعره الهائلة شعور تسرب اليه يغص فرحته هو فقط من يعانقها هي حتى لم ترفع يدها تبادله العناق، تقف هادئة صامتة تماما كأنه يعانق تمثال من حجر، ابتعد عنها ينظر لها ليري حدقتيها المضطربة الشاردة تفكر، تري هل هي نادمة على زواجهم الآن، يعشقها ولا ينكر ولكنه لن يجبرها على العيش معه أن كانت لا ترغب، فقط فرصة يريدها لاثبات عشقه وإن لم تقتنع سينهار بملئ إرادته بعيدا عنها لن يؤذيها حتى لو دفع حياته الثمن، ابتسم في شحوب ليبسط يده برفق أسفل ذقنها يرفع وجهها برقة يسرق لحظات لهما نظر لمقلتيها يغمغم بوله عاشق:.


- مبروك يا بندقتي

ابتسامة طفيفة لاحت على شفتيها لتشهق مصدومة حين وجدته يُجذب من امامها بعنف، جذبه والدها يعانقه بحدة يربط على ظهره بعنف يهمس من بين أسنانه مغتاظا:

- مبررروك يا حبيب خالك مبروك، نبطل أحضان بقي مش مولد هو

لفظه خالد بعيدا عنه ليرتد ناحية حسام الذي اسنده يهمس له سريعا بذعر:

- يا عم يلا نجري أنا خايف منه أوي والله.


يفر وصل توا لغنيمة حربه القاسية ولن يتنازل عنها بتلك السهولة ابتسم في هدوء وهو يري خاله يعانق ابنته يشدد على عناقها للحظة شعر بأن رأي دمعة تسقط من عيني خاله، لم يراه يبكي أبدا، يعرف أنه يغار بشدة على زوجته وابنته، اتسعت ابتسامته حين وجد والدته ليس شرطا أن تكن والدته من انجبته، فحقا من انجبته لم تكن سوي عاهرة باعته بأرخص الأثمان، أما لينا زوجة خاله والدة روحه طبيبة قلبه الحزين، معه بخطوة منذ صغره حتى صار ما هو عليه اليوم، تمني فعلا ان تصبح هي والدته حين يلقي نفسه بين ذراعيه في اشد حالته يضع رأسه على قدميها يشكو لها همه، ولكن الآن باتت والدة زوجته من محارمه، ود وبشدة أن يعانق والدته للمرة الأولي تحرك ناحيتها بات قريبا منها ينظر لها وهي تبتسم لها ابتسامتها الحنونة الدافئة ليرفع كف يدها يلثمه بقبله ممتنة، رفع وجهه يقبل رأسها حين مدت يدها تبسطها على وجنته تهمس بسعادة باكية:.


- مبروك يا حبيبي ألف مبروك مش أنا قولتلك هتكبر وهتنجح وهتبقي احلي عريس في الدنيا، صدقتني دلوقتي

توترت ابتسامته لن يبكي لن يبكي لن يبكي خالد علمه أن دموع الرجل ليست عيبا ولكن ما لا تهبط في اصعب حالتها وليست هناك أصعب من حالته في تلك اللحظة انسابت دمعتين من عيونه يهمس لها ممتنا:

- ربنا يخليكي ليا يا ماما وما يحرمني منك ابدااا.


كانت على وشك أن تضم طفلها الصغير لحضنها لتشعر بأحد يجذبها من الخلف لترتطم بصدر تعرف صاحبه جيدا تنظر لخالد حانقة لتجده ذراعه اليسري حول كتف ابنته ويمناه حول خصرها هي ابتسم باصفرار ينظر لزيدان يقول ساخرا:

- ايه مش البيه خلاص كتب الكتاب اتفضل بقي عشان بنام بدري ولا مستني تتعشي، مش عاملين عشا

تعالت ضحكات الجميع حتى بدور الحزينة خرجت منها ضحكة صغيرة خفيفة ليميل حسام على إذن زيدان يهمس له:.


- احنا بنطرد بالطريقة، قوم بينا نجمع اشلاء كرامتنا ونخلع

التفت زيدان لحسام يبتسم في ثقة يحرك رأسه نفيا بعنف، حرك رأسه ينظر لخالد يقول مبتسما باتساع يود اغاظة خاله بأي شكل:

- أنا عريس جديد ومن حقي أخد مراتي ها مراتي ونروح نتعشي برة

تجهم وجه خالد لتقدح عينيه شررا غاضبا يتذكر ما كان يفعله في جاسم قديما

« مراتي ها مراتي، يا مراتي يا حبيبتي يا مراتي يا قلبي، ها يا مراتي يا مررررراتي ».


اهو دين سيوفي منه الآن، التفت برأسه ناحية زوجته حين صفقت تقول بحماس مبتسمة:

- والله فكرة هايلة في مطعم تحفة في الزمالك فاكرة يا خالد

مش فاكر حاجة، هتف بها فجاءة بحدة ينظر لزيدان غاضبا يشدد على يده حول كتف ابنته بينما يبتسم الأخير في تلذذ مستمتعا بما يحدث...

ابتسم خالد يحاول إخفاء غيظه يقول بمرح زائف:.


- أنا رأيي اننا نتعشي كلنا هنا ونفرح مع بعض وبعدين الوقت أتأخر بقت تسعة ونص وأنا ما عنديش بنات تخرج بعد 3 العصر

اتسعت ابتسامة زيدان ينظر لخاله ليدس يديه في جيبي بنطاله يغمغم ببراءة:

- بس لسه حضرتك قايل أن ما فيش عشا

جذب ابنته وزوجته ناحية غرفة المكتب يهتف ساخرا:

- هناكل فول بقوطة

ادخل ابنته وزوجته إلى غرفة المكتب وقف عند باب الغرفة من الخارج يهتف بحدة:

- ما فيش واحدة منكوا تخرج لحد ما اجي.


- فتتتحية حضري العشا

- أنت والحيوان صاحبك محبي البوم، استنوني في اوضة السفرة على الله المح كلب فيكوا برا الأوضة مش هخلعك دا أنا هرملها

ضحك زيدان متشفيا مستمتعا ليجذب حسام المذهول الفاغر فمه حتى آخره متجها به إلى غرفة الطعام ليتمتم حسام مدهوشا:

- دا طلع مجنون...

اتجه خالد ناحية بدور جلس على المقعد المقابل لها ابتسم يغمغم مرحا:.


- اديني سربتهملك كلهم مالك بقي يا ست البنات، يا بنتي ما يتساهلش تزعلي عليه 3 دقايق، لو فازة اتكسرت ازعلي عليها بس ما تزعليش على دا

ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها لتنساب دموعها على وجهها اختنقت بغصتها تتمتم باكية:.


- أنا زعلانة على نفسي يا بابا، استحملت عشر سنين بهدلة وقرف كان بيضربني كل يوم تقريبا ويخاف لاقولك فيجي جري يصالحني كان دايما يقولي اوعي تقولي لابوكي، قد إيه كنت غبية عشان حبيت واستحملت واحد زيه

رفعت وجهها لتنهمر فيضان دموعها تغمغم باكية:

- أنا ما اذيتوش عمري ما اذيته ليه عمل فيا، كسرني وكرهني في حياتي، فكرت كتير في الانتحار، كرهت الرجالة كلهم بسببه، عمري ما هتجوز تاني، أنا هعيش عشان خاطر ولادي وبس.


ابتسم في رفق ليقم من مكانه يجلس على المقعد المجاور لها يقول ضاحكا:

-صبرك عليا دا أنا همشهولك في الشوارع يقلد محمود عبد العزيز وآه يا حوستي السودا يا أنا يا أما، أما انتي بقي عايز اسمع الهبل دا تاني، راح كلب يجي سيد الرجال زي ما قولتلك المرة دي أنا اللي هختاره، ثواني يا بدور

قالها حين قاطع كلامه معها صوت رنين هاتفه التقطه من جيب سرواله أبتسم باتساع يفتح الخط سريعا:.


- ايوة يا حمزة، وأنت كمان واحشني، بكررة، مستنيك طبعا، تيجي على هنا، محضرلك كل اللي قولت عليه ما تقلقش، صحيح في حتة مفاجأة لما تيجي هتعرفها، خلي بالك من نفسك، سلام يا حبيبي

اغلق الخط مع شقيقه ينظر لابنته يبتسم ليمد كفه يمسح دموعها برفق يغمغم في مرح:

- قومي يلا اغسلي وشك عشان نتعشي

حركت رأسها نفيا وقفت تهمس له بخفوت:.


- مش جعانة يا بابا، أبلة لينا قامت بالواجب كله لما جيت قعدت جنبي لحد ما خلصت الاكل كله، أنا هطلع أنام تصبح على خير

قالتها لتميل تقبل رأسه ليربت على رأسها بحنو، تحركت متجهه لأعلي لتختفي ابتاسمته ينظر لغرفة الطعام في شر.


وقفت سيارة والدها أمام عمارتهم السكنية، لا تصدق في أسعد احلامها أن تعش يوما كهذا مع والدها تخرج تضحك، سعيدة كانت تظن انها لن تشعر بذلك الشعور ابداااا ابداااا، نظرت لوالدها ما أن توقفت السيارة تحتضن الكثير والكثير من حقائب الشراء ابتسمت في سعادة تقول بحماس:

-اشتريت حاجات كتير اوي وجبت لسارة معايا

اقترب يقرص خد ابنته برفق يبتسم بحنو:

- المرة الجاية بإذن الله سارة تبقي معانا وتجيب كل اللي هي عيزاه.


اختفت ابتسامتها تبلع لعابها الجاف لتدير وجهها ناحية النافذة تغمغم بغصة حزينة متألمة:

- وتفتكر سارة هترضي دي بتترعب بس من اسمك، حضرتك بتحبنا وخايف علينا وهي غلطت بس دا مش سبب عشان تعرضها لموقف بشع زي دا

قبضة من حديد مشتعل امسكت قلبه اعتصر مقود السيارة في قبضته أحمق يستحق ما جري له، غامات عينيه بسحابة سوداء قاتمة ليغمغم في خفوت متألم:.


- شيطان كان لابسني مش هقدر اسامح نفسي حتى لو اختك سامحتني في يوم، اطلعي يلا يا عشان ما تتأخريش

ابتسمت تحرك رأسها إيجابا خرجت من السيارة رآها تغرق في بحر تلك الحقائب لا تقدر على حملها جميعا ابتسم ينزل سريعا من سيارته اقترب يأخذ منها الحقائب يقول مبتسما:

- هاتي هاتي، هطلعك وامشي.


ابتسمت باتساع تحرك رأسها ايجابا استقل معها المصعد إلى الطابق المحدد لهم لينزلا منه تقدمته إلى شقتهم، ما كادت تدق الجرس فتحت تالا الباب سريعا تنظر لعمر بأعين حمراء مشتعلة من الغضب، جذبت تالا لداخل المنزل بعنف لتنظر له تصيح غاضبة:

- أنت عايز ايه تاني يا عمر أبعد عني وعن حياتي وعن بناتي إياك يا عمر تقرب من البنات تاني، كفاية سارة مش هتبقي سارة وسارين، مش عايزة اشوف خلقتك تاني.


قالتلها لتصفع الباب في وجهه ابتسم متألما ليضع الحقائب جوار الباب المغلق نظر للباب للحظات ليستدير ويغادر في هدوء عكس قلبه العاصف من الألم...


اتجه إلى غرفة المكتب فتح بابها بهدوء ليجد لينا وابنته يشاهدان احد الفيديوهات المضحكة على هاتف ابنته، تضحكان فقط ضحكاتهم تنعش قلبه، ما إن دخل إلى الغرفة هبت زوجته متجه إليه تعاتبه:

- ايه يا خالد اللي عملته دا كنت سيب لينا تخرج مع زيدان

ابتسم باتساع ساخرا يحرك رأسه نفيا اتجه ناحية ابنته يعانقها بقوة يقول بغيرة واضحة:

- حبيبة بابا ما تبعدش عني ابداا.


ضحكت لينا على افعاله لتقترب منه جذبته بعيدا قليلا عن ابنتهم تهمس له بخفوت:

- لما نروح نتعشي سيب لينا تقعد جنب زيدان خلاص بقي جوزها مش غريب

ابتسم ببراءة يحرك رأسه إيجابا كطفل مطيع، اخذهم متجها إلى غرفة الطعام ليجد زيدان وحسام يتعاركان بسكين المائدة الصغيرة كأنها حرب طاحنة بين جيشين، نظر لهما باشمئزاز ليعاود النظر لزوجته يقول ساخرا:

- أنا اجوز بنتي الاهبل دا.


لكزته لينا في ذراعه ليتوقف عما يقول، بينما جلس زيدان وحسام بعيدا عنه يفسح المكان للينا، ما كادت تخطو خطوتين وجدت يد والدها تجذبها يشدها لتجلس جواره على الجانب الآخر من الطاولة يبتسم ببراءة:

- حبيبتي ما بتعرفش تاكل غير وهي قاعدة جنبي.


نظرت لينا زوجته له حانقة أهذا ما اتفقت عليه مع قبل قليل، جلس في المنتصف بين زوجته وابنته ينظر لزيدان يبتسم باستفزاز لنتفجر أنفاس الأخير غيظا وضعت الخادمة الطعام ورحلت ليبدوا جميعا في الأكل، وزيدان يحاول اختلاس نظرات عاشقة لزوجته اصطدمت عينيها بعينيه في أحد المرات ليري وجنتيها تشتعل خجلا.


ارتسمت ابتسامة صغيرة خبيثة على شفتيه ينظر لها، وهي تجلس على الجانب الآخر من الطاولة جوار والدها يحجبها عنه طاولة الطعام الكبيرة التي تحوي ما لذ وطاب، ضيق عينيه يرميها بنظرة خاطفة ماكرة فكرة خبيثة طرقت في رأسه ستجلعه يري تلك الحمرة القانية التي يعشقها تغزو وجنتيها النضرتين من جديد مد ساقه يحركها برفق وببطئ على طول ساقها ينظر في الطبق أمامه ياكل ببراءة وكأنه لا يفعل شيئا، توقفت لقمة الطعام في حلقه حينما سمع صوت خالد يهتف ببرود.


:

زيدان شيل رجلك من على رجلي يا حبيبي عيب يا بابا!تبع

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الرابع والعشرون


وقفت أمام مرآه زينتها تخلع اقراط أذنيها الزرقاء اللامعة ابتسامة صغيرة تشق شفتيها تنظر لانعاكسها في المرآه مبتسمة ضحكت بخفة تفك رباط شعرها لينساب بنعومة كالشوكولاتة الذائبة، تنهدت حائرة تنظر لانعاكس عينيها في المرآة، بين ذراعيه تشعر بالأمان حضنه القاسي بعد عقد قرانهما كان كنسيم هواء عليل اثلج قلبها، صحيح انها وقفت متجمدة بين يديه ولكن لا تنكر شعورها بالأمان افلتت منها ضحكة خافتة حين تذكرت جملة والدها.


« زيدان شيل رجلك من على رجلي يا حبيبي عيب يا بابا!».


حين إذا توسعت عينيها تنظر له مذهولة ماذا تفعل قدميه فوق قدمي والدها لحظات وبدأت تفهم الامر ذلك المنحرف كان يود التحرش بها الآن فهمت لما همس لها والدها أن تربع ساقيها على المقعد دون أن تظهر، حدجته بنظرة غاضبة حانقة، لتجد ذلك المدعو حسام صديقه يغص في طعامه يسعل بعنف، بينما زيدان مصفر الوجه لا يقدر على رفع عينيه من مكانهما، فما مكان من ذلك الحسام الا ان هب سريعا يجذب زيدان من ذراعه يجذبه للخارج ابتسم يقول ببلاهة:.


- طب يا جماعة تصبحوا على خير الوقت اتأخر وأنا أمي عملالي جوافة بلبن الحق اشربها وأنام

جذب زيدان حرفيا كانا يفران من الغرفة تحت أنظار والدها الحارقة...

حسام صديق زيدان ذلك الغريب المرح الشبه في وجهه مخيف، سألت والدتها عنه لتقول لها ببساطة:

- يخلق من الشبة أربعين يا حبيبتي.


بالفعل تتذكر حين خرجت من الجامعة في أحد الأيام رأت شابا يشبه جاسر بشكل كبير حتى أنها راكضت ناحيته تعانقه كما تعودت أن تفعل، ليبعدها الرجل عنه يصيح فيها بأنها مجنونة او سارقة تود سرقة أمواله انتهي الموقف بتدخل حراس والدها وفض المشكلة

تنهد تجلس على فراشه تهمس بحيرة:

- على رأي ماما يخلق من الشبه أربعين.


قطبت جبينها غاضبة حين تذكرت صديقتها سهيلة، التقطت هاتفها تطلب رقمها لحظات تسمع صوت رنين هاتفها ما أن فتح الخط صرخت فيها بحدة غاضبة:

- تصدقي يا سهيلة إن أنا هقطع علاقتي بيكي نهائي، هروح ألبس واجي يا لينا وما شوفتش خلقتك، دي الصحوبية يا سهيلة

صمت طااال من ناحية صديقتها قاطعه صوت شهقة باكية من طرف سهيلة توسعت عيني لينا فزعا على اثرها لتنتفض واقفة تسألها بذعر:.


- سهيلة انتي بتعيطي، خلاص والله مش زعلانة منك، في ايه يا سهيلة ما تقلقنيش عليكي

وكانت القشة التي قطمت ظهر البعير انفجرت سهيلة باكية عبر الهاتف، جل ما سمعته من صديقتها من بين شهقاتها العنيفة:

- الحقيني يا لينا أنا في مصيبة.


على جانب آخر في شقة تالا، وقفت خلف الباب المغلق تستند بظهرها عليه تكور قبضتها تغرز اظافرها في لحم كفها تكاد تدميها من الغضب لا يحق له، لا يحق له بعد أن تركهم، بعد أن باعهم بأرخص الأثمان أن يأتي بكل بساطة يأخذ ابنتيها منها، رفعت وجهها تنظر لسارين الواقفة أمامها ليغص قلبها، نظرات عمر تتجسد في مقلتيها كأنها تري زوجها أمامها، طالعتها سارين بنظرات باردة لبضع لحظات قبل أن يعلو صوت هاتفها برسالة من رقم والدها محتواها.


« سارين حبيبتي أنا حطتلك الشنط جنب بابا الشقة، تصبحي على خير يا حبيبتي خلي بالك من نفسك ».


ابتسمت تقرأ محتويات الرسالة لتعاود النظر لتالا، اختفت ابتسامتها تتجه إلى باب منزلهم المغلق لتبتعد تالا عنه تنظر قلقة إلى ما تفعل ابنتها، هل ستتركها وتذهب لوالدها، تسارعت دقات قلبها حين فتحت سارين باب المنزل لتجدها تلتقط الكثير من الحقائب الموضوعة جوار الحائط، حملتهم متجهه إلى الداخل دون أن توجه لوالدتها نظرة واحدة عادت لصمتها من جديد لتنساب دموع تالا ألما راقبت ابنتها وهي ترحل تنظر لها بقسوة نفس نظرات عمر، تلك عينيه التي ورثتها ابنته وضعت يدها على فمها تكبح صوت بكائها، انتفضت حين علا صوت هاتفها اقتربت تفتح الخط تهمس بصوت متحشرج باكي:.


-ايوة يا خالد...

سمعت صوت شقيق زوجها الكبير يتحدث برزانة اعتادتها منه:

- أنا لاقيتلك شغل، هعدي عليكي بكرة ونروح، تمام

حركت رأسها إيجابا ربما العمل هو الوسيلة الوحيدة لتخرج مما هي فيه حمحمت تجلي صوتها لتهمس بهدوء:

- تمام، شكرا يا خالد.


ودعها يغلق معها الخط لتترك هاتفها اتجهت ناحية غرفة ابنتها لتجد الكثير والكثير من الملابس تغطي فراش ابنتها وسارين تقف أمام المرآه تنظر لانعاكسها بأحد ملابسها الجديدة تبتسم سعيدة، لتدهل تالا إلى الغرفة جلست على الفراش جوار تلك الملابس امتعضت ملامحها تهمس حانقة:

سارين انتي لما قولتيلي أنا خارجة مع بابا قولتلك لاء تعالي، ممكن اعرف ما سمعتيش كلامي ليه.


اختفت ابتسامة سارين لتلفت لوالدتها عقدت ذراعيها أمام صدرها تهتف في هدوء:

- وأنا قولت لحضرتك أن أنا خارجة مع بابا مش مع راجل غريب

هبت تالا واقفة تنظر لابنتها شرزا لتتجه ناحيتها قبضت على ذراعي ابنتها المعقدوين بكفيها تصيح غاضبة:

- بابا، بابا اللي طول عمره ما بيسألش فيكوا، بابا اللي عمره ما راح مع واحدة فيكوا في اي مشوار، بابا اللي باعنا بالرخيص أوي.


لم تتغير تعابير وجه سارين جل ما فعلت أنها انتزعت ذراعيها من كفي والدتها عادت للخلف خطوة تنظر لعيني والدتها تقول في هدوء صادم:

- عشان حضرتك طول الوقت منعاه، رافضة أنه يتدخل في اي حاجة تخصنا، كل الهدوم اللي قدامك دي ذوق بابا، شوفتي ذوقه حلو إزاي، النهاردة بجد حسيت يعني إيه فرحة، لو حضرتك ما كنتيش منعتيه من الأول ما كانش كل دا حصل، بابا مش غلطان لوحده، عن إذنك هروح أذاكر مع سارة.


قالتها لتغادر في هدوء تام تاركة خلفها عيني والدتها التي اتسعت في صدمة لا تصدق أن ابنتها تقول ذلك الكلام تهاوت على فراش ابنتها تنظر لقطع الملابس بغيظ شدت على أسنانها تهمس متوعدة:

- مش هسمحلك تاخدهم مني يا عمر، مش هسمحلك ابداا.


أنهت مكالمتها القصيرة مع صديقتها لترتمي بجسدها على الفراش تحدق في سقف حجرتها شاردة تفكر خائفة على صديقتها الوحيدة لن تسمح بحدوث ذلك ابداا ستخبر والدها وهو سيقوم بحل تلك المشكلة دون اي اضرار لصديقتها المقربة، قطبت جبينها قلقا ترفع رأسها قليلا حين وصل إلى اسماعها صوت حركة خفيفة قادمة من شرفة غرفتها المطلة على الحديقة بلعت لعابها لتهب من فراشها تتجه بخطي حذرة تمشي على أطراف أصابعها تجاه الشرفة دخلتها تنظر حولها هنا وهناك لتشهق بصوت مكتوم حين شعرت بأحدهم يلف ذراعه حول خصرها ويده الاخري انتفض فؤادها فزعا تلوت بين يديه بعنف تحاول الصراخ بصوت مكتوم قلبها كان على وشك التوقف من الخوف لتهدأ تماما حين سمعته يهمس لها بعشق:.


- اهدي يا لينا أنا زيدان..

هدأت حركتها بين يديه هدأت دقاتها المذعورة لتجده يبتعد عنها وقبل أن تقدم على النطق بحرف جذب يدها للداخل يغلف الشرفة خلفه، ابتعدت بقدر كافي تنظر له متوترة قلقة، لم تعتد على قربه بالقدر الكافي ليصبح في غرفتها لما آتي، بتلك الطريقة، في ذلك الوقت، بلعت لعابها متوترة حين رأته يجلس على طرف فراشها يربت على الجزء الفارغ جواره ينظر لها مبتسما لتسمع صوته يهمس بشغف:.


- تعالي يا حبيبتي ما تخافيش مني

بتوتر ظاهر تقدمت تجلس جواره بعيدة بقدر كافي عنه اتسعت عينيها فزعا تشهق ذعرا حين شعرت به يجلس ملتصقا بها حاولت القيام ليمسك يدها سريعا التفت له تنظر له بأعين جاحظة فزعة، ليمد هو يده يعيد خصلتها الثائرة خلف أذنها يهمس لها:.


- بلاش البصة دي بتموتني، ما تخافيش مني أنا وعدتك اني مش هأذيكي أنا بس مش مصدق نفسي أنك اخيرا بقيتي مراتي، ابوكي من غيرته عليكي أنا عارف ما خلنيش اشبع من فرحتي بيكي فقولت لازم اشوفك.


هدأت ارتجافة حدقتيها تتدفق مضختها الخاصة بعنف ليس خوفا او فزعا بل شعور رائع كلماته كموج هادئ يحرك مشاعرها، أطالت النظر لوجهه لأول مرة تنظر لزيدان بتلك النظرة تطالع قسماته عن ملامح وجهه وسيمة بشكل يعجز عن التغاضي عنه يكفي خصلات شعره البنية عينيه الزرقاء، رغبة غريبة لا تعرف لما تسربت إليها ترغب في عناق زيدان، قلبها يرغب وبشدة في طي صفحة معاذ للأبد والبدء من جديد بين ذراعي زوجها العاشق، لن تدع عقبة الماضي تقف في طريقها وعدها بحياته الا يؤذيها لم تفكر في اي شئ وهي تلقي بنفسها بين ذراعي زيدان تخبئ رأسها في صدره لتتوسع عينيه في ذهول للحظات جمدت الصدمة جسده بالكامل، ليسرع بضمها لذراعيه لن يضيع تلك الفرصة ابدااا، لينا تأتي لاحضانه بملئ ارادتها حدث يكتبه التاريخ، حرك يمناه على طول شعرها واليسري يضمها لها بها بقوة، زوجته حبيبته عشقه الأول والأخير بين ذراعيه، كيف يسيطر على زمام مشاعره وهي بين يديه القي حسابات العقل والمنطق وهو يدفعها ناحية الفراش وهو معها، تنصل عقله من العقل نفسه لا يرغب في اي في تلك اللحظة سوي بها حتى لو انتهت حياته بعد ذلك، كان على وشك أن تصبح زوجته قولا وفعلا ولكن دقات باب غرفتها ايقظهما من تلك الدوامة الغريبة التي جذبتها قبله، توسعت عينيها ذعرا تنظر لحالتها، لتدفعه بعيدا ابتعدت عنه تجذب الغطاء تحاول تغطيه ما يظهر من جسدها، تنظر له بذهول عينيها متسعتين من الصدمة لا تصدق أنها استسلمت لزيدان!، لولا دقات الباب لكان أكمل ما يفعل وهي لم تكن لتعترض بينما زيدان يحاول الا ينظر اليها خوفا من أن يري نظرة خوف او نفور في عينيها أحمق ولكنه أحمق عاشق التقط قميصه يرتديه يعدل هيئته جيدا، بلع لعابه يود قول شيئا ليسمع صوت باب الغرفة انفتح وصوت شهقة مصدومة يعرف صاحبتها، نظر سريعا للصوت ليجد لينا زوجة خاله تقف بالقرب منهم تنظر لهما في صدمة عينيها على وشك الخروج من مكانها تضع يدها على فمها، حركت رأسها نفيا ازاحت يدها تهمس لهما في ذهول:.


- ايه اللي انتوا عملينه دا وقعتكوا سودا، دا لو خالد اللي كان دخل كان ضربكوا بالنار

نظرت لابنتها لتجدها تنظر ارضا في خزي بينما زيدان لا يقدر على النظر إليها، لتبتسم ساخرة اشارت لزيدان تردف متهكمة:

- تربية خالد السويسي

اشارت لابنتها تكمل:

- وبنته، الحمد لله اني قولت لخالد خليك وأنا هروح اشوف لينا

قام زيدان متجها تاحيتها امسك بيديها يهمس في حذر:

- ماما صدقيني ااا، ما حصلش حاجة، أنا.


سحبت لينا يدها من يد زيدان تنظر له حانقة لتمتم في حدة:

- أنت ايه يا زيدان، إنت عارف خالد بيثق فيك قد إيه، صح ولا لاء وأنت بكل بساطة بتلف من الشباك، هي آه مراتك بس لسه ما بقتش في بيتك، شهور وأنا قاعدة في بيت عم محمود الله يرحمه وبابا مسافر بس خالد كان قد الأمانة وما فكرش ابدا يخون ثقة لا والدي ولا والده.


اخفض رأسه يشعر بالخزي مما فعل وكاد يفعل أحمق انجرف خلف مشاعره دون اي حساب تنهد في ألم ينظر لزوجته الصامتة ليعاود النظر لزوجة خاله يهمس في خزي:

- أنا آسف واوعدك اني هكون قد الأمانة، بس ارجوكي ما تقوليش لخالي، أنا مش خايف منه أنا خايف على زعله.


امتعضت ملامح لينا ضيقا منه وشفقة عليه، تعرف بحيرته، عشقه للينا من جهة واحترامه وتقديره لخالد من جهة، حركت رأسها إيجابا ليبتسم لها ممتنا، قبل جبينها ليتحرك بخفة يهبط من الشرفة راقبته لينا قلقة وهو يهبط لأسفل لتبتسم تتمتم ضاحكة:

- خليفة الفهد بصحيح نفس حركات خالك المجنونة.


أخفت ابتسامتها تعقد جبينها في حدة اتجهت لابنتها جلست جوارها على الفراش تربع ساعديها تنظر لها في حزم، لتبلع الصغيرة لعابها قلقا من نظرات والدتها، حمد لله أنه لم يكن والدها من دخل، الغريب في الأمر انها لم تشعر بالخوف من زيدان، أليس هو من حاول الاعتداء عليها قديما ولكن يد التي كانت تحتضنها تعزف على اوتار قلبها تختلف كل الاختلاف عن تلك اليد الآثمة التي حاولت اغتيال براءتها، اجفلت على صوت والدتها تعاتبها بحدة:.


- ممكن افهم بقي ايه حصل زيدان حاول يغتصبك، هدوءك ما بيقولش كدة

بلعت لعابها تحرك رأسها نفيا بعنف تهمس لوالدتها بارتباك:

- لاء، ممم، مش عارفة

ادمعت عينيها يليها انهيار دموعها لتلقي بنفسها بين ذراعي والدتها تبكي تخرج ما كل ما يجيش في قلبها:.


- مش عارفة يا ماما أنا مش عارفة، لسه بفكر في معاذ قلبي ما قدرش ينساه بالسرعة دي، وزيدان مش عارفة ايه بيحصلي ما بقتش اخاف منه، اقولك الحقيقة أنا اصلا ما كنتش بخاف منه كنت بحاول اوهم نفسي قبلكوا بكدة، زيدان ما حاولش يغتصبني أنا اللي اترميت في حضنه، أنا آسفة.


تنهدت لينا حزينة على حال ابنتها لترفع يديها تعانقها بحنو تربت على خصلات شعرها الطويل، تشعر بذلك الصراع الحاد الذي يدور داخلها، ابقتها بين أحضانها تربت على رأسها فقط دون كلام لدقائق طويلة لتهمس لها في حنو:.


- شوية شوية وقلبك هيخرج معاذ براه خالص، لما تفتكري أنه باع حبك، زيدان بيحبك بس اللي حصل دا ما يتكررش تاني يا لينا انتي مش رخيصة هو آه جوزك بس انتي لسه في بيت بابكي، لسه ما عملناش فرح كبير، لسه ما اشهرناش يا لينا...

حركت رأسها إيجابا لتبعدها لينا تمسح دموع ابنتها برفق، قبلت جبينها تقول مبتسمة:

- يلا يا حبيبتي غيري هدومك ونامي.


قامت لينا إلى غرفتها تفكر شاردة حائرة، اقتربت تفتح مقبض الباب لتجده ينفتح من الداخل ظهر خالد ابتسمت متوترة ما أن رأته ليبادر هو قائلا:

- ايه يا لينا كل دا عند البنت أنا كنت لسه جايلك

تنهد تحمد الله أنه لم يأتي، افسح لها المجال لتدلف إلى الغرفة وهو خلفها اغلق الباب ينظر إليها لتقترب منه تقول بابتسامة كاذبة:

- ابدا يا حبيبي كنا بنرغي شوية، قولي اجبلك العشا.


رفع حاجبه الايسر ينظر لها متهكما ليعقد ساعديه أمام صدره يتمتم ساخرا:

- واللي لسه واكله تحت، اللي واخد عقلك يا قمر

بلعت لعابه متوترة لما لا يجاريها فقط لما يجب أن تعش مع جهاز ردار يلتقط أدق الاشياء، ابتسمت ابتسامة مهتزة مرتبكة لتقول في مرح زائف:

- ايوة صح معلش فرحتي بلوليتا خلاص كبرت وبقت عروسة واتجوزت ملغباطاني.


اختفت الابتسامة من على وجه خالد لتري للحظات الحزن يسكن مقلتيه، تركها متجها ناحية الشرفة يقف فيها يتنفس الهواء القادم من الخارج بعنف عله يثلج نيران قلبه، لتقطب جبينها متعجبة من ردة فعله الغريبة، اقتربت من الشرفة تعانقه تضع رأسها على ظهره تلف ذراعيها حول بطنه تهمس له بحنو:

- مالك يا حبيبي اتضايقت ليه فجاءة

سمعت صوت زفرته الحادة لتسمعه يهمس حزينا:.


- حاسس أن لينا راحت مني، انتي عارفة اني ماليش في الدنيا غيرك انتي وهي مش سهل انها تتجوز وتبعد

التف لها ليصبح رأسها على صدره بينما يضم هو جسدها بين ذراعيه يكمل بهمس متألم حزين:

- مش سهل افتح اوضتها ما القيهاش، ما تستنيش وأنا جاي من الشغل عشان تاخد الشوكولاتة، مش سهل يا لينا والله ما سهل عليا.


ادمعت عينيها ترفع وجهها تنظر له تبتسم باكية لتشب على أطراف أصابعها قبلت وجنته تلف ذراعيها حول عنقه تهمس له برفق:

- بس هتبقي سعيدة، زيدان هيساعدها تكسر حاجز خوفها من الناس، هتعيش حياة طبيعي، مين قال انها هتمشي، بص أنا عندي فكرة لما يرجعوا من شهر العسل وتخلص من جلسات علاجها تقنع زيدان أنه يجي يعيش هنا هو ولينا وهو مش هيقولك لاء

قطب جبينه غاضبا ليحرك رأسه نفيا بعنف يتمتم غاضبا:.


- لاء طبعا، بقي أنا ابقي قاعد عادي وعارف أن الواد دا في اوضة بنتي دا أنا أقتله، هي تخلص جلسات علاجها وترجع بيتها وهو يبقي يجي يشوفها جمعة وسبت وساعة ويمشي

توسعت عيني لينا في ذهول للحظات قبل أن تنفجر ضاحكة على ما يقول خالد هو خالد لن يتغير ابدااا، نظرت له بعمق تترقب لحظة تحوله من حال لآخر كما يفعل دائما لتجده يقبل جبينها يتمتم ناعسا:

- تصبحئ على خير يا حبيبتي، أنا هنام عشان تعبان اليوم كان طويل اوي.


تركها متجها ناحية الفراش القي بجسده لينام بعد دقائق بينما تقف هي مكانها متجمدة من الصدمة حين ظنت انها فهمت تقلبات مزاجه فاجئها من جديد، توجهت لفراشها اقتربت منه تندث بين ذراعيه، ركزت مقلتيها على وجهه لتبتسم عاشقة لا تعرف إلى متي ستظل تسقط في عشق ذلك الرجل كل يوم لحظة دقيقة ساعة، تقع في عشقه من جديد كأنها لا تزال تلك المراهقة التي عشقت ابن جارهم تنهدت بحرارة تهمس بوله:.


- بحبك يا لودي، بحبك أوي، ربنا يخليك ليا وما يحرمني منك ابدااا، عمري ما هقدر انسي اللحظة اللي قالولي فيها أنك مت، بعد الشر عليك، كان إحساس بشع اوي يا رب ما يتعاد تاني

كانت تبكي دون تشعر لتجفل على يده تتحرك على وجهها تمسح دموعها، نظرت له سريعا لتجده ينظر لها يبتسم كعادته، مال يقبل جبينها يهمس لها:

- بحبك يا روح فؤادي، اوعي تعيطي اللي حصل زمان انسيه يا لينا عدي وقت طويل اوي.


حركت رأسها نفيا بعنف تدفن رأسها في عنقه تبكي بعنف تتمتم من بين شهقاتها:

- حاولت صدقني، ما تعرفش شعوري وقتها كان عامل ازاي مهما اوصفلك مش هيجي واحد في المية من وجعي ومحمد بيقولي وهو منهار البقاء لله يا لينا، شدي حيلك خالد بطل مات شهيد

ابتسم متألما تلك الحادثة لن تنساها بتلك السهولة لا يعرف ماذا يفعل ليخفف عنها موجة حزنها تلك، فقط يحرك يده على شعرها قبل جبينها يهمس له عبثا:.


- احكيلك حدوة الشاطر خالد والعيوطة لينا

ضحكة صغيرة شقت دموعها، ليبدأ في سرد حكايته الخاصة.


في صباح اليوم التالي كان لا يزال الوقت باكرا للغاية الساعة لم تتجاوز السادسة، كانت هي تجلس في الحديقة على أحد المقاعد تنظر للفراغ تبكي في صمت عشر سنوات من عمرها ضاعوا هباءا منثورا، مع زوج اناني قاسي لا يحب سوي نفسه، يتفنن في انتقادها وتجريحها وهي فقط تصمت لأجل حبها له ولكن ما تشعر به الآن هو الكره الخالص كره له ولقلبها الذي أحبه ولسنوات عمرها الضائعة في حبه الواهم، هي فقط خائفة من أن تكره اطفالها لأنهم منه...


بينما على صعيد بالقرب من فيلا كانت سيارة حمزة التي يقودها أدهم تشق الطريق لمنزل عمه، مايا تجلس بالخلص تأخذ لنفسها العديد من الصور بوضع « السلفي » أدهم يقود بنصف عقل والنصف الآخر بتابع كل حركة من معشوقته المجنونة أما حمزة فشارد يفكر في تلك المكالمة التي تلقاها من وهدان يشعر أن خلفها شيئا لم يقتنع بما قال ابدااا لذلك عليه أن يأخذ حذره جيدا، وقفت السيارة أمام فيلا خالد لتصيح مايا في حماس:.


- عمو خالد وانطي لينا وحشوني اوي، وهضايق عمو خالد وأنام في حضن انطي

ضحكت في شر طفولي لينظر حمزة لها يبتسم حزنا مايا تحب زوجة أخيه لأنها تعاملها كأنها ابنتها، تحب المجئ إليهم حتى تنام فقط بين أحضانها كأنها تعوضها عن حضن والدتها التي لم تعرف حنانه قط، حرك رأسه نفيا يقول لها في حزم:

- مايا خليكي مع أدهم احنا لسه هنسافر أسيوط، أنا هنزل لعمك خالد أخد منه حاجة وأرجع على طول، ولما نخلص أسيوط نبقي نرجع هنا.


تقصلت ابتسامة مايا تحرك رأسها ايجابا لينظر حمزة إلى أدهم يحادثه بهدوء:

- خلي بالك من اختك وما تخليهاش تيجي ورايا.


حرك الأخير رأسه إيجابا لينزل حمزة من باب السيارة ازاح نظراته الشمسية لتظهر عينيه الخضراء كغابات الزيتون، اغلق زر حلته السوداء ذات القميص الرمادي ليتحرك لداخل الفيلا، فتح الحراس البوابة سريعا ما أن رأوه ليخطو إلى الداخل يتحرك بهدوء ورزانة في طريقه لمنزل أخيه، سمع صوت بكاء خفيض نظر حوله ليجد تلك الفتاة ابنه أخيه كما يقول خالد دائما بدور، وقف بعيدا ينظر لها ليقطب جبينه قلقا لما تبكي، تلك الصغيرة تنهد يبتسم ساخرا يسخر من حاله، لم يشعر بنفسه وسوي وهو يقترب منها احتل المقعد أمامها يبتسم لها في خفة:.


- ايه يا درة بتعيطي ليه

اجفلت تشهق من وجوده المفاجئ لتنتفض من مقعدها واقفة مسحت دموعها سريعا تتمتم متعلثمة:

- أنا آسفة ما كنتش أعرف أن حضرتك هنا، ازاي حضرتك، على فكرة أنا أسمي بدور مش درة واضح أن حضرتك نسيت اسمي

ضحك بخفة ينظر لها للحظات يشعر بشعور لا يفهمه هو فقط يحب مشاكستها، قام من مكانه وقف ينظر لها ليتمتم لها بابتسامته الجذابة وهو يرحل:

- سلام يا درة!


اخذ طريقه لمنزل أخيه دق الباب لتفتح الخادمة التي رحبت به أشد ترحيب، عرف منها أن أخيه في مكتبه فأخذ طريقه لمكتب اخيه فتح الباب يستند بجسده على إطاره ابتسم في شراسة يتمتم متوعدا:

- جهزت اللي قولتلك عليه

ترك خالد كوب القهوة من يده يبتسم نفس الابتسامة التي ارتسمت على وجه حمزة حرك رأسه إيجابا يقول في خبث:

- جاهز يا دون ومستنيك.


في الخارج حاول ادهم أن يشغل عقله عن تلك المصيبة الجالسة خلفه بهاتفه قدر الإمكان دون فائدة رفع وجهه عن هاتفه ليجدها كالعادة تلتقط الصور لنفسها حمحم يسألها:

- بقولك يا مايا واحد صاحبي عايش برة بس هو عربي، المهم يعني هو بيحب بنت ابوة

قطبت مايا جبينها متعجبة مما قال لترفع وجهها عن هاتفها تهتف باشمئزاز:

- بيحب اخته يعني إيه القرف دا، دا مريض اقطع علاقتك بيه.


اصابته كلماتها في مقتل، يشعر بقبضة من نار تعتصر قلبه ليحرك رأسه نفيا يضحك بزيف:

- يا بنتي استني اكمل هو مش ابن الراجل دا متبنيه، هو يعرف انها مش اخته بس هي ما تعرفش يعمل ايه بقي عشان يوصلها أنه بيحبها هو سألني بس أنا ما عرفتش اقوله ايه فقولت اسألك

التقطت مايا لنفسها صورة من هاتفها ومن ثم بدأت تعبث بهاتفها تقول بهدوء دون أن تنظر لادهم:.


- بردوا شخص مريض لانهم المفروض متربيين مع بعض على انها أخته ليه بقي يحبها، خليه ينتحر أسهل

ابتسم ساخرا ينظر لها من خلال مرآه السيارة يحرك رأسه نفيا يهمس في نفسه بعذاب:

- هو فعلا مريض، يا ريت يقدر يعالج نفسه من المرض دا، يا أما ينتحر أسهل زي ما قولتي.


بعد قليل خرج حمزة اشار لادهم بالتحرك، ترافقهم ثلاث سيارات دفع رباعي ضخمة، لا أحد يفهم ما يحدث سوي حمزة فقط، بعد قليل ملت مايا من هاتفها لتلقيها جوارها اقترب من مقعد والدها تستند عليه من الخلف ابتسمت تقول في حماس:

- صحيح يا بابي احكيلك حكاية صاحب أدهم دا مجنون

توسعت عيني أدهم ذعرا ينظر لها فزعا ليس من الصعب أن يفهم حمزة مغزي الحكاية انتهي كل شئ يا أدهم...


      الفصل الخامس والعشرون من هنا 

لقراءة جميع حلقات الرواية الجزء الرابع من هنا

تعليقات