رواية أسير عينيها
الفصل الرابع عشر 14 الجزء الرابع
بقلم دينا جمال
ظلام لف قلبه بأكمله كأن صاعقة من السماء ضربت اوصاله تجمد مكانه يشعر بالدوار كأنها في دوامة تلتف به بعنف هو ثابت وقلبه يصرخ وعقله ثآر، عينيه مجمدة ثابتة عليها ابنته هي من كانت تتوسل لذلك الفتي، صور عارية لابنته بصحبة ذلك الفتي، مقاطع فيديو لها، ماذا كانت تفعل بها اي جرم بشع ارتكبته في حقه، ابنته اغرقت رأسه في التراب لوثت شرفه لم يشعر بنفسه سوي وهو يصرخ باسمها بعلو صوته:
- ساااااااااااااارة.
انتفضت تلك المسكينة فزعا نظرت لمصدر الصوت لتشخص عينيها ذعرا شهقة فزعة خائفة مرتعدة خرجت من بين شفتيها والدها هنا، انسابت دموعها تشق وجنتيها، تحرك رأسها نفيا كأنها تنفي لعلقها ما تراه عينيها، هب تامر سريعا يود الهرب ليلحق به عمر قبل أن يخرج من باب المطعم، امسكه من تلابيب ملابسه ينظر لها بغضب ادمي مقلتيه ليصرخ فيه:
- بتساوم بنتي يا حيوان، صور وفيديوهات إيه.
أنا ومن بعدي الطوفان تلك الجملة التي ترددت في عقل تامر لن يخسر بمفرده ذلك الرجل لن يتركه حيا ليهمس سريعا بتلجلج:
- بنتك بتحبني ويا اما جاتلي البيت وأنا وهي على علاقة مع بعض.
خنجر نصله مسموم شق قلبه تفتت إلى شظايا صغيرة ابنته البريئة منغمسة في علاقة محرمة مع ذلك الشاب أطاحت بشرفه، زمجر كاسد جريح لينفض على ذلك الفتي اسقطه ارضا يكيل له باللكمات، تجمع رواد المطعم يحاولون إبعاد عمر عن ذلك الفتي ليصرخ فيها غاضبا:
- اللي هيقرب مني هموته، ابني وبربيه.
وقف يجذب تامر من تلابيب ملابسه خلفه بعنف، متجها إلى سيارته فتح صندوق السيارة الخلفي ليلقيه بداخله، يغلقه عليه من الخارج، ليعود إلي المطعم وجدها كما هي تجلس على الكرسي متجمدة مكانها تنظر لها بذعر يصرخ في حدقتيها، تحرك رأسها نفيا فقط، اقترب منها إلى أن صار أمامها مباشرة لا تفصلهم فاصلة دماء تشتعل في اوردته نيران صارخة تحرق جسده بأكمله ينظر لها لا يصدق أنها تفعل ذلك، جذب حقيبتها ليقبض على كف يدها يجذبها خلفه بعنف، يهمس متوعدا:.
- هقتلك ورحمة ابويا لاقتلك
وصل بها إلى سيارته ليلقيها فيها على المقعد المجاور للسائق، سريعا استقل جوارها ما أن جلس مكانه صرخت متألمة من تلك الصفعة العنيفة التي سقطتت على وجهها من يده ليقبض على شعرها يصرخ فيها:
- دي عينة من اللي هعمله فيكي لما نوصل ادي آخرة تربية أمك، لفظها من يده بعنف ينظر لها باشمئزاز ليدير محرك السيارة منطلقا إلى وجهته.
في فيلا خالد السويسي
في غرفة بدور
تجلس على فراشها تبكي في صمت بينما يجلس هو جوارها يمسك بيدها يربط على رأسها تنهد قلقا عليها ليهمس لها في حنو:
- بتعيطي ليه طيب..
حركت رأسها نفيا تمسح دموعها بقوة لتهمس من بين شهاتقها المتتابعة:
- دا مش متمسك بيا خالص يا بابا أنا سمعته وهو بيقول خاليهالكوا، أنا غلطت اني اتجوزته من الأول
مسح على شعرها برفق يقبل قمة رأسها ليهمس له:.
- إنت ما غلطتيش يا بدور هو اللي حيوان، انتي عيزاه ولا لاء
صمتت للحظات تتحاشي النظر إلى عيني خالد فركت يديها بعنف تهمس بارتباك:
- ااا، أنا لسه بحبه
ابتسم يحرك رأسه إيجابا يربط على وجنتها برفق ليهمس في حزم:
- يبقي تسبيني اربيه أنا هعرفه أنه كان عايش في نعمة واتبتر عليها، بس أنا عايز الفت نظرك لحاجة مهمة
نظرت له باهتمام ليتنهد بحرج يحاول ان يبدو جادا وحازما:.
- أنا عارف أنك بتتعبي طول النهار في البيت بس ما تنسيش جوزك، الراجل لما يبدأ يحس بالاهمال هيصورله عقله أنه بقي غير مرغوب فيه، هيبدا يدور على اللي تحسسه أنه مرغوب فيه، هو آه لو بص برة أنا هخلعلك عينيه بس بردوا ما تبدأيش انتي بالغلط فهماني يا حبيبتي
ابتسمت تحرك رأسها إيجابا ليقم من جوارها ابتسم يسألها باهتمام:
- أنا رايح شغلي عايزة ايه اجيبه وأنا أجي..
ابتسمت بامتنان تربت على يده تهمس ف سعادة:.
- عايزة سلامتك يا بابا خلي بالك من نفسك
ودعها ليخرج من الغرفة متجها إلى أسفل حيث الجميع
لينا زوجته تجلس سيلا ابنه بدور على قدميها تطعمها من زجاجة الحليب الصغيرة تعشق تلك الطفلة تعوضها عن شعور قديم كانت قد تناسته ولم تنساه ابدا.
جاسر يقف أمام المرآه الضخمة يصفف شعره يصفر باندماج، زيدان عينيه معلقتين بهاتفه لا تنزاح عنها ولينا تختلش النظرات له بينما هو حقا لا يبالي يقتلها الفضول لتعرف ما يشاهد بذلك التركيز لم تكن تعرف أن كاميرا هاتفه الخلفية تركز عليها يصور مقطع فيديو لها ليحتفظ به في قلبه قبل هاتفه، وصل إلى أسفل ليراه جاسر من خلال انعكاس المرآه ليبتسم في خبث وضع يده على صدره ليصرخ يتصنع الألم:
- ااه اه اه.
هرع اليه الجميع، اقترب خالد منه يسند جسده يصيح فيه قلقا:
- مالك يا جاسر في إيه، زيدان اطلب الإسعاف بسرعة
قبض بكفه على صدره يهتف بقوة متألما:
- اه اه اه، ابطال الجمهورية عدوا حدود العالمية عاملين فكرة جهنمية هنغليكوا تحت الماية
نطق جملته الاخيرة بمرح ليضحك بصوت عالي
جذبه خالد من تلابيب ملابسه من الخلف كالمجرمين يجز على اسنانه بغيظ ليصفعه على رقبته بعنف يصيح:
- يا تافة يا اهبل، حد يعمل كدة.
ابتسم جاسر باتساع ليحتضن خالد بقوة يغمغم بسعادة:
- حبيبي يا عمي كنت خايف عليا صح
لفظه خالد بعنف بعيدا عنه ينظر له بغيظ يتمتم حانقا:
- عيل تافه اصبر عليا يا ابن رشيد اخلص من اللي أنا فيه وهفضالك...
خرج من المنزل غاضبا ليتبعه زيدان بينما نظرت له للينا بغيظ للحظات قبل ان تبدأ في الغناء وهي ترقص بشكل مضحك:
- هربانين من العباسية مريحين بعد العملية القطة بتاعتي مشمشية.
اطلق جاسر صفيرا طويلا ليفتح هاتفه يشغل تلك الاغنية ليبدأ بالرقص هو الآخر لينضم اليهم خالد الصغير يرقص بشكل طفولي مضحك.
في الخارج استقل خالد المقعد المجاور للسائق الذي احتله زيدان ليهتف في الأخير بهدوء:
- اطلع على بيت خالك عمر
قطب زيدان جبينه متعجبا ليسأله في تعجب:
- خالي عمر ليه
تنهد بارهاق يمسح وجهه بكف يده، استند برأسه لظهر الكرسي يغمغم ساخرا:
- خالك شكله اتهطل على كبر، مراته كلمتني امبارح بتعيط وبتقول أنه بات برة وفي مشاكل وبتاع خلينا نروح نشوف في إيه.
دون كلمة اخري ادار محرك السيارة متجها إلى بيت خاله الحماس يكاد يقتله يتمني أن يحل الليل في اسرع وقت حتى ينفذ الجزء الأخير من خطتهم تبقي فقط القليل وتصبح له...
بينما كان عقل خالد مزدحم متكدس بالكثير والكثير من الافكار، مشكلة ابنته وما سيفعل سيحطم قلبها إن كانت تحبه فعلا وهو حقا يشك في ذلك، عمر اخيه وتدهور علاقته بزوجته، جاسر واختفاءه الغير مبرر أين يذهب لا يريد أن يراقبه ولكنه حقا يشعر بأنه يفتعل كارثة، حمزة وادهم ومايا، يعرف أن أدهم يحب مايا ليست كأخت له يري ذلك جيدا في عينيه، نظراته أكثر من واضحة، الكثير من الافكار تتزادحم، بدور وزوجها الاحمق، تنهد يشعر بالارهاق من كل تلك الاعباء...
قبل قليل فقط وصلت سيارة عمر أمام منزله ما ان وقفت السيارة فتحت سارة الباب الخاص بها تركض تفر خوفا مما سيفعله والدها
لينتفض عمر، ركض خلفها لتطال يدها خصلات شعرها جذبها بعنف لتصرخ باكية تنتفض بذعر كطير صغير وقع بين براثن الوحش، جذبها ناحيته بعنف يهمس لها بشر متوعدا:
- بتهربي دا أنا هطلع البلا الازرق على جنتك.
يقبض على خصلات يحركها معه بعنف كأنها دمية بلا مشاعر، وصل بها إلى منزله يطرق الباب بعنف لتفتح تالا سريعا، شخصت عينيها ذعرا حين رأت ابنتها بهذا المنظر، صرخت في عمر تضربه بشراسة ليبتعد عن ابنتها، ليدفعها ارضا ارتطمت رأسها بالأرض بقوة، دخل عمر ليلقي ابنته ارضا ينهال عليها بالضرب بيديه ليصرخ فيها غاضبا:
- يا بنت ال، يا زبالة يا، أنا هموتك...
خرجت سارين على صوت صرخات اختها لتركض ناحية اختها تعانقها بقوة تحاول أن تحميها من بطش والدها، فلم يفرق الأمر كثيرا عند عمر انهال على كلتاهما بالضرب، وقفت تالا تحاول أن تتزن تشعر برأسها تلتف بعنف، اقترب تحاول ان تركض لتدفع عمر بعيدا عن ابنتها تصرخ فيه
دا صوت حد بيصرخ، هتف بها زيدان قلقا ليهرع كلاهما يركضان إلى اعلي، وصلا إلى باب منزل عمر ليصفعا الباب بقبضة كل منهما ليصرخ خالد:.
- عمر افتح الباب، زيدان أكسر الباب
حرك راسه إيجابا اخرج سلاحه رصاصة حذره ضربت مقبض الباب لينتفح على مصرعيه المنظر في الداخل كان بشعا عمر يمسك بطوق خصره الجلدي ينهال بالضرب على ابنته وزوجته ملقاه أرضا، تحاول الوقوف على قدميها، هرع ناحية اخيه بجذب الطوق من يده بعزم قوته صفعه على وجهه بعنق ليقبض على تلابيب ملابسه يصرخ فيه:
- إنت اتجننت ايه اللي أنت عامله في مراتك والبنات دا.
قبض على يده يدفعه بعيدا عنه يصرخ بجنون:
- ابعد عني يا خالد أنا هقتلها، هقتلهم كلهم، ال، مرمطت شرفي في الأرض
بعنف دفع خالد اخيه بعيدا عن زوجته وابنتيه إلى أحد المقاعد البعيدة ليتوعده غاضبا:
- قسما بربي يا عمر لهربيك من اول وجديد على جنانك دا، زيدان قعد مرات خالك وهاتلها كوباية ماية
اتجه ناحية ابنتي أخيه ليجد سارين تحتضن سارة بعنف تحاول أن تخفيها بين أحضانها، نظرت لخالد تهمس له برجاء:.
- شيل سارة يا عمي بابا ضربها جامد
حمل ابنه أخيه بين ذراعيه امتعضت ملامحه ألما ينظر لتلك العلامات الحمراء التي تغطي الظاهر من جسدها، لتقف سارين تتقدمه سريعا تحاول أن تتحامل على ما بها من ألم
فتحت باب غرفتها سريعا ليدخل خالد إلى الغرفة وضع سارة برفق على الفراش ينظر
لما فعله اخيه بتلك الصغيرة، نظر لسارين يسألها:
- ايه اللي حصل
حركت رأسها نفيا دمعت عينيها تحاول الا تبكي لتهتف سريعا بقهر:.
- ما اعرفش أنا كنت في اوضتي وسارة في الدرس فجاءة لقينا بابا جاي وماسك سارة من شعرها ونازل ضرب فيها حاولت اخوشه عنها ضربني أنا كمان وزق ماما وقعها على الأرض دماغها اتخبطت مرتين
قام متجها إلى خارج الغرفة ليجد تالا على أحد الكراسي تبدو تائهة ضائعة عينيها زائغة، زيدان يحاول أن يعطيها بعض الماء، وعمر يجلس هناك كليث ذبيح اقترب منها يجذبه من تلابيب ملابسه يصرخ فيه:.
- بتضرب بناتك ومراتك يا قذر، عملولك ايه ولا خلاص ضربت، لو اتجننت قولي ارميك في اي مصحة لحد ما تعقل
دفعه عمر في صدره بعنف ليرتد خطوة للخلفة ليصيح الأخير بحرقة تحرق قلبه:
- ايوة اتجننت، اتجننت لما عرفت أن بنتي على علاقة زبالة مع واحد قذر ودلوقتي بيهددها بصورها وفيديوهاتها
صدمة شلت الآخر ليحرك رأسه نفيا بعنف ينفي مجرد الفكرة سارة البريئة الحساسة لن تفعل ذلك ابدا ليردف منفعلا:.
- لاء طبعا مستحيل، سارة عيلة في ثانوي ما تعملش كدة ابداا اكيد في حاجة غلط
تهدجت أنفاسه حسرة وقهرا لهيب مستعر يحرق حشا قلبه، حديثها مع ذلك الفتي لا يفارق عقله ابدااا:
- يا ريت في حاجة غلط دي بنتي يا خالد، صرخ بها عمر غاضبا وقف أمام اخيه عيناه حمراء غاضبة عروقه نافرة دموع حبيسة تحتل مقلتيه ليكمل صائحا بمرارة:.
- بنتي اللي كسرت ضهري، خلت رأسي في التراب، أنا شوفتهم سمعتهم، فيديوهات وصور ق، لبنتي في حضن الحيوان دا وبتقولي ما تظلمهاش، اهدي دي لو لينا كنت زمانك قطعت رقبتها
تفادي النظر إلى عيني أخيه لا يعرف ما يقول ليمد يده يضعها على كتف أخيه يهتف قائلا:
- يا عمر اهدي ونفكر بالعقل نشوف هنتصرف ازاي
دفع عمر يد خالد يصرخ غاضبا:
- انهييييي عقل، عقل ايه اللي عايزني افكر بيه في الحالة، أنا عايز دكتورة نسا دلوقتي.
اتجه خالد ناحية أخيه يجذبه من مرفقه بعنف يهتف فيه بحدة:
- دكتورة نسا ليه يا عمر، اوعي تكون
حرك رأسه ايجابا يشد على قبضته يهمس متوعدا:
- بالظبط، قسما بالله لو ما طلعت بنت هقتلها
قبض خالد على تلابيب ملابس عمر يهزه بعنف يصيح فيه:
- إنت ازاي تفكر في كدة أنت اتجننت، إزاي حتى تفكر أنك تعرض بنتك لموقف زي دا
أمسك عمر بكفي خالد التي استقرت فوق سترته يهمس له بحدة:.
- أنا مش لسه عمر العيل الصغير اللي بتمشي كلامك عليه وتعاقبه لما يغلط، أنا كبرت بما فيه الكفاية، وهجيب دكتورة هنا يا أما هجرها من شعرها لأقرب دكتورة ولو طلعت مش بنت هقتلها زي ما هقتل الكلب اللي ضيعت شرفي معاه
اراد زيدان حل تلك المشكلة ليهتف سريعا:
- أنا واحد صاحبي دكتور نسا لو ينفع يعني
رماه خالد بنظرة حادة غاضبة لينظر له زيدان بثقة بمعني أنا اعرف ما افعل، بينما صاح عمر معترضا:.
- أنا قولت دكتورة مش دكتور
كتف خالد ذراعيه حدجه بنظرات نارية يزمجر بحدة:
- بقولك ايه دا اللي موجود، مش كفاية القرف اللي عايز تعمله كمان بتتشرط، اتصل يا ابني بيه
حرك زيدان رأسه إيجابا ليبتعد عنهم يتصل بصديقه لحظات وسمع حسام يهتف متحمسا كعادته:
- زيزو لسه كنت هتصل بيه جبت حتة عربية بالتقسيط 128 آخر موديل
اخفي ابتسامته بصعوبة على حديث صديقه المجنون ليخبره سريعا:.
- حسام أنا محتاجلك ضروري هبعتلك العنوان في رسالة ما تتأخرش يا حسام دي مسألة حياة او موت
انقبض قلب حسام خوفا على صديقه ليهتف سريعا دون تردد:
- دقايق وهبقي عندك ابعت العنوان.
اغلق منه الخط ليرسل له العنوان سريعا وقف في شرفة المنزل ينتظره ليخبره بما عليه أن يفعل بينما في الداخل، يجلس عمر على جمر النار يقسم في نفسه أنه سيريق دمائها أن أطاحت بشرفه، تالا لا تزال غير واعية صدمات رأسها لم تكن هينة ابدااا، أما في داخل الغرفة لطمت سارة خديها تهمس لاختها بفزع تبكي كعصفور صغير:
- والله أنا ما عملتش حاجة بابا عايز يجيب دكتور ليه يا سارين والنبي يا سارين ما تخليهوش يعملي حاجة.
نظرت لاختها بألم لتربط على راسها تحرك رأسها إيجابا تنظر للفراغ بقهر، لتتحرك من جوار اختها خرجت من غرفتهم، تنظر للواقفين لحظات صمت تنقل انظارها بين الجميع لتطلق للسانها العنان تصيح بكل ما يجيش في قلبها:
- حرااام عليك، حرام عليكوا انتوا مخلفينا عشان تعذبوا من ساعة ما اتولدنا في البيت دا وما فيش في حياتنا غير زعيق وخناق عمرنا ما فرحنا يوم كامل، أنا وسارة ذنبنا إيه...
اقتربت من والدها وقفت بالقرب منه تصرخ بقهر:
- احنا مالناش ذنب عشان تعملوا فينا كدة، طول عمرنا وانت بعيد عننا عمرك ما قعدت معانا، عمرك ما شاركتنا حياتنا لدرجة اننا اتعودنا على غيابك
اقتربت من والدتها التي بدأت تستفيق قليلا لتصرخ فيها متألمة:.
- وانتي كل اللي يفرق معاكي أن احنا ننجح في المدرسة في التدريبات نبقي شطار في دراستنا مش مهم احنا متدمرين نفسيا بسببكوا، أنا باخد منوم عشان أنام وما اسمعش خناقات كل يوم بليل، سارة كل ليلة بتفضل تعيط لحد ما تنام، سارة ما غلطتش انتوا اللي غلطانين انتوا اللي عملتوا فينا كدة...
انهمرت دموع تالا ألما كانت تظن انها بحرصها الدائم على بناتها ستصبح الأم المثالية أن أصبح كل شئ منضبط بمواعيد محددة ليتها استمعت إلي نصيحة لينا من البداية...
حمحم زيدان بخفوت يجذب انتباهم، :
- حسام وصل أنا هنزل اجيبه
اشتعلت عيني سارين بشراسة لتصيح بعنف:
- اختي ما حدش هيجي جنبها مش هسمحلكوا تدمروها اكتر من كدة.
اشار خالد لزيدان لينزل الاخير إلى أسفل، اتجه هو ناحية سارين ممسكا بكف يدها نظر لعمر وتالا بحدة يهتف في حدة:
- ادي آخرة جواز العيال، تعالي معايا يا سارين
اخذ بيدها متجها بها إلى غرفتهم اغلق الباب خلفه لينزل على ركبتيه أمامها يهمس لها برفق:
- ما حدش هيجي جنب سارة دي لعبة اللي جاي صاحب زيدان، عشان ابوكي يسكت، نسكت ابوكي المجنون وبعدين هربيه هو وأمك من اول وجديد، خليكي جنب اختك
في الأسفل.
نزل زيدان سريعا ليهرع حسام اليه يسأله بقلق:
- إنت كويس يا إبني، قلقتني
جذبه إلى مدخل العمارة لحظات صمت لا يعرف كيف يبدأ تنهد مقررا أخباره بكل ما حدث، انتفض حسام كمن لدغه عقرب حين أخبره زيدان ما يريده عمر ليصيح بفزع:
- نعم يا اخويا، أنت اتجننت أنا مستحيل أعمل كدة
تنهد زيدان ضجرا من غباء صديقه الابلة أحيانا كثيرة يتسأل كيف ارتاد ذلك الاحمق كلية الطب تنهد يهمس في غيظ:.
- اومال أنا متصل بيك ليه يا حمار، هتدخل تقف جنب الباب خمس دقايق وتخرج تقول لابوها انها تمام، تمام يا حسام
حرك حسام رأسه نفيا يتمتم ساخرا:
- وافرض ما طلعتش تمام، جوزها يلبس المشاريب
شد زيدان على اسنانه بعنف يهمس بحدة:
- يا سيدي وأنت مالك هو أنت اللي هتتجوزها، البت اهبل من انها تغلط اصلا، فين جدعنتك يا صاحبي.
زفر حسام بضيق يحرك رأسه ليصعد خلف زيدان إلى تلك الشقة دخل إلى المنزل بلع لعابه مرتبكا، ليجد رجل لا يعرفه انتفض سريعا ما أن رآه يهتف بحدة:
- إنت الدكتور
حرك رأسه إيجابا يبلع لعابه متوترا، ليشير له إلى أحدي الغرف، تقدم حسام ناحية تلك الغرفة، ليجد امرأة تهرول ناحيته تتخبط في مشتيها تصيح فزعة:
- لا لا لا أنا مش هسحملك تعمل كدة في بنتي
اقترب خالد منها يمسك بيديها يسندها يهمس لها بخفوت:.
- اهدي يا تالا ما فيش حاجة هتحصل.
نظرت له بقلق ليحرك رأسه إيجابا يحاول طمئنتها، ادار حسام مقبض تلك الغرفة ليدخل إليها اغلق الباب خلفه التفت ينظر إلي الفتاة التي من المفترض أنه هنا لأجلها لتتسع عينيه في ذهول شعور بالألم غزا قلبه هي، تلك الجنية التي ندهته في الحفل، هي من يشك بها والدها أنها اخطئت، هل يمكن أن تكون اخطأت حقا، مجرد الفكرة ارعدت جسده غضبا، يعاني بشدة مع نوبات غضبه، ولكنه يستطيع السيطرة عليها لما يشعر الآن أنه غير قادر على تمالك أعصابه، ظل يقف مكانه بضع دقائق، ليجد نفسه يتحرك ناحية مكتب صغير في غرفتها فتح حقيبته الطبية اخرج قفزات طبية بيضا يرتديها في يديه بخفة وسرعة ينظر ناحيتها في حدة غاضبا؟!
وقف خالد جوار زيدان دس يديه في جيبي بنطاله عينيه معلقتين على باب الغرفة المغلق مال ناحيه زيدان يهمس له بخفوت قلق:
- إنت فهمت صاحبك هيعمل ايه
حرك الأخير رأسه ايجابا يبلع لعابه مرتبكا، يشعر بشئ خاطئ يحدث ليهمس لخاله بقلق:
- ايوة بس مش مطمن مش عارف ليه
ما كاد ينهي جملته سمع صوت حسام الغاضب القادم من خلف الباب المغلق:
- وبعدين معاكي بقي ما تخلصينا خليني اخلص من القرف دا.
تلاه صوت بكاء سارة يعلو بعنف تصرخ باكية:
- حرام عليك يا بابا مشيه برة.
احتدت عيني خالد غضبا ينظر لزيدان بحدة بينما اصفر وجه زيدان خوفا ليس هذا ما اتفق عليه مع صديقه ماذا يفعل ذلك المجنون بالداخل، اتسعت عينيه ذعرا هل ممكن أن تكون أحد نوبات الغضب تلبست حسام، هرع خالد إلى الباب يحاول فتحه بعنف حين انفتح الباب من الداخل ظهر حسام وقف أمام خالد يناظره بنظرات هادئة فارغة لا خوف فيها ولا قلق، بينما رماه خالد بنظرة حادة قاتلة يتوعد له في نفسه أن يمزق عنقه أن كان مس الفتاة، خرج حسام من الغرفة وقف أمام عمر ليخلع قفزي يده الطبية القاها ارضا يغمغم في برود:.
- البنت زي الفل!
اقترب عمر منه سريعا وقف قريبا منه يسأله بتوتر:
- انت متأكد
ابتسم حسام ساخرا يرفع حاجبه الأيسر متهكما، ليشير بسبابته إلى نفسه يغمغم ساخرا:
- انا لاء، تحب اروح اتأكد تاني
امتعض وجه عمر غضبا من جراءة ذلك الشاب الوقح، اسرع زيدان يجذبه من يده بعيدا عنهم، نظر حوله بحذر ليهمس له بغيظ:
- الله يخربيتك إنت نيلت ايه.
اتسعت عيني حسام بدهشة مصطنعة يشير إلى نفسه ببراءة، بينما في الغرفة اختبئت سارة بين أحضان والدتها تبكي بعنف تتشنج من عنف شهاتقها، تشاركها والدتها في وصلة من البكاء الصامت تضمها بين ذراعيها بقوتها الضعيفة الواهية، بينما على جانب آخر من الغرفة اقترب خالد من سارين يسألها بصوت خفيض هامس:
- هو الدكتور كشف عليها بجد
رفعت وجهها تنظر لعمها لحظات صمت لتحرك رأسها نفيا تقص له ما حدث بصوت خفيض حذر
Flash back.
فتح حقيبته الطبية اخرج قفزات طبية بيضا يرتديها في يديه بخفة وسرعة ينظر ناحيتها في حدة غاضبا لا يعرف لما ولكنه يشعر بسيخ من نار يخترق قلبه يطعن كرامته، هو لم يرها سوي مرة واحدة لا يجد لنفسه مبرر لكل ذلك الغضب الذي اجتاح خلاياه كاعصار، اخذ نفسا قويا يزفره على مهل عله يهدئ قليلا اتجه ناحية فراشها، وقف بالقرب منها ينظر لها ارتجف قلبه شفقة عليها، منظرها كفأر صغير مذعور يرتجف تنظر ناحيته بذعر كأنه هو الوحش المخيف الذي يظهر في حكايا الأطفال قديما، رسم ابتسامة زائفة هادئة على شفتيه يهمس لها في مرح:.
- ايه يا سرسورة مش فكراني ولا ايه، أنا الواد الرخم بتاع الصابون السايل
مزحته السخيفة لم يكن لها ادني تأثير خاصة في حالتها المذعورة تلك، ولكنه حقا لم ييأس حافظ على ابتسامته يكمل كلامه المرح:
- اهدي يا سارة أنا بعيد أهو، وبعدين أنا لو جيت جنبك عمك هيعملني بقايا بني آدم مش هيتبقي مني غير النضارة ودي غالية بصراحة.
صمت للحظات يراقب ردة فعلها ولكنها لم تتجاوب، اخذ نفسا عميقا يشجع نفسه للخطوة القادمة ليقترب منها يصيح غاضبا فجاءة دون سابق انذار:
- وبعدين معاكي بقي ما تخلصينا خليني اخلص من القرف دا
انتفضت سارة ذعرا تتمسك بالغطاء ليقترب منها يهمس سريعا:
- جريني جريني
للحظات لم تفهم ما يفعل ذلك المجنون لتعلو بصوت بكائها بعنف تصرخ باكية:
- حرام عليك يا بابا مشيه برة
نظر حسام لها بضيق وضع يسراه على خصره يهمس ساخرا:.
- تمثيلك فاشل جداا، انصحك تاخدي كورسات...
ليقلدها ساخرا:
- يا بابا مشيه برة، هو أنا جاي اغتصبك، اوفر act بصراحة
ابتسمت ابتسامة أخيرة حزينة ليتلفت إلى باب الغرفة ليفتحه حين سمع تلك الدقات العنيفة، بارع في إخفاء تعابير وجهه حين فتح الباب لخالد لم يعطه اي مؤشر عما حدث
Back
ابتسم حسام في ثقة ليهمس بمكر:
- ايه رأيك في تمثيلي.
تجهم وجه زيدان غضبا ليقبض على تلابيب قميص صديقه من الامام شد على أسنانه يهمس له بغيظ:
- يعني احنا واقفين هنا دمنا نشف وأنت بتستظرف جوا، اصبر عليا لما نخلص الليلة دي وأنا هغير خريطة وشك
ارتسمت ابتسامة واسعة بلهاء على شفتي حسام، لتتجمد على شفتيه حين سمع صوت ذلك الرجل المرعب يأتي من خلفه:
- زيدان خد حسام واستنوني تحت، حسام.
اتسعت عينيه بذعر يشير لنفسه ليحرك زيدان رأسه إيجابا يبتسم ساخرا، التفت حسام ببطئ يتلو الشهادتين، بلع لعابه ينظر للواقف امامه ليجد شبح ابتسامة يلوح على شفتي خالد، مد يده يربت على كتف حسام يهمس في هدوء:
- متشكر يا حسام أنك أنقذت الموقف، اه واعذرني أن كنت عنيف في ردي عليك قبل كدة
اتسعت عيني حسام اليوم يوم المفاجئات العالمي حرك رأسه نفيا بعنف يهتف بتهلف:.
- يا نهار ابيض حضرتك بتعتذرلي، ما حصلش حاجة طبعا يا باشا
ابتسم في رزانة يحرك رأسه إيجابا ليتركهم سحب زيدان يد حسام إلى خارج المنزل، يعرف أن خاله على وشك القاء وصلة طويلة من التوبيخ لخاله وزوجته
ما ان اغلق الباب خلفه من الخارج، التفت خالد لأخيه، اقترب منه جلس أمامه لحظات ينظر له بحدة غاضبا منه بينما يتفادي الاخير التلاقي بعيني اخيه، ابتسم خالد ساخرا يتمتم في تهكم:.
- اطمنت أن بنتك سليمة، تفتكر أن هيجي يوم وسارة هتسامحك على اللي أنت عملته دا
بلع عمر لعابه الجاف بصعوبة يختلس النظر إلى اخيه تنهد بحرقة يمسح وجهه بكفي يده يحرك رأسه نفيا خرج صوته ضعيفا متوترا:
- ااا، ااانا كنت خايف لتكون غلطت مع الواد دا
وجل ما حدث أن خرجت ضحكة صغيرة ساخرة من بين شفتي خالد ينظر لأخيه في برود ليعنفه بحدة:.
- وهو مين اللي خلاها تغلط، بنتك اهبل من أنها تغلط لمجرد الغلط، إنت السبب، انت اللي غلطت فين دورك يا بيه
انتفضت دقات قلبه ألما يعصف بخلجات قلبه يمزقها بلا رحمة لا يجد ما يقوله توترت انفاسه يغمغم بارتباك:
- اا أنا، انا
صمت تماما حين قاطعته صيحة اخيه الغاضبة، شعر بيده تقبض على تلابيب ملابسه يصرخ فيه:.
- إنت اتعوجت ميلت عمود الخيمة طبعا لازم تقع على دماغك، كنت فاكرك كبرت وعقلت قولت عمر كبر وعقل عمر بقي أب، عمر بقي مسؤول، عمر لسه عيل تافة بيجري ورا دماغه وبس
لفظ اخيه بعنف ليرتد في كرسيه بقوة، التفت برأسه ناحية تالا التي تقف امام غرفة ابنتيها، تستند على إطار الباب الخشبي تبكي في صمت ليصيح فيها:.
- وأنت ِ يا استاذة، على عيني وراسي يا ستي انك خريجة كلية كبيرة بتحسبوا فيها كل حاجة بالدقيقة بس دول بناتك محتاجين تصاحبيهم تتكلمي معاهم تفهمي مشاكلهم مش يلا على الدروس يلا على التمرين يلا على المذاكرة
اشار إلى كلاهما ينظر لكل منها بحدة شد على أسنانه بعنف يهتف بغيظ:.
- انتوا الاتنين ضيعتوا بناتكوا، كل واحد فيكوا بيفكر في نفسه وبس، هي عايزة ثبت أنها أم مثالية وهو عايز يتسرمح براحته، ادي آخرة جواز العيال فعلا...
وقف ينظر لهما بحدة نظرات خاوية لا معني لها سوي الغضب دس يديه في جيبي بنطاله يهتف في حزم:
- سارة وسارين هيعيشوا عندي من النهاردة البنتين بس
اتسعت عيني تالا في ذعر لتتقدم ناحيته تتحرك باضطراب حركت رأسها نفيا تهمس باكية:.
- لا يا خالد دول بناتي مش هقدر أعيش من غيرهم كانت غلطة والله مش هتتكرر أنا خلاص عرفت غلطتي وهصلحها، هعيش لبناتي وبس
نظر لأخيه يود أن يستشف ردة فعله، هو حقا قال تلك الكلمات ليري ردة فعل اخيه وحدث عكس ما توقعه تماما عمر لا يبالي فقط يجلس مكانه ينظر ارضا وكأن ما يحدث لا يعينه، طرق الشك بابه هناك من يدفع عمر للابتعاد عن أسرته وقريبا سيعرف من هو!
خرج من شروده على صوت تالا زوجة اخيه حين اقتربت منه تترجاه باكية:
- طلقني يا عمر، أرجوك طلقني أنا مش عايزة غير بناتي وبس
وقف صامتا لم يرد التدخل يراقب فقط يتمني فقط يتمني لو يرفض الاخير يتسمك بهم، يصيح كليث غاضب يطلب حقه فيهم ولكن جل ما حدث، رفع عمر رأسه ينظر لزوجته للحظات نظرات فارغة خالية من المشاعر ليهتف بهدوء:
- أنتي طالق يا تالا.
خرجت كلماته بسرعة كالبرق شلت جسد ذلك الواقف لم يكن يتوقع في أسوء الظروف أن يتخلي أخيه عن زوجته بتلك السهولة كور قبضته يشد عليها اقترب من تالا التي تقف كمن أصابها صاعقة تحملق في عمر بذهول ربت على كتفها برفق مردفا:
- روحي حضري هدومك انتي والبنات، يلا
التفتت له استطاع أن يري العجز والضياع يغزو مقلتيها ابتسم برفق يطمئنها لتحرك رأسها إيجابا تهرول إلى غرفتها، بينما وقف هو أمام أخيه يتمتم ساخرا:.
- مش بقولك اتعوجت، إنت عارف عايز ايه يا عمر، علقة من بتوع زمان فاكرهم
احتدت عيني عمر ينظر لخالد بغيظ هل يظنه ذلك الشاب المراهق الذي كان يخشاه حد الذعر، بينما انحني خالد قليلا ناحية أخيه يهمس متوعدا:
- وربي يا عمر لو طلع اللي في دماغي صح ما هخلي الدكاترة تعرف تخيط فيك غرزة، هزعلك أوي
استقام في وقفته التفت ليغادر ليسمع صوت عمر يهتف ساخرا:.
- ماشي يا كبير العيلة، صحيح الواد اللي قفشته مع بنتي مرمي تحت في شنطة عربيتي
القي مفاتيح سيارته على الطاولة المجاورة له، يكمل في سخرية:
- المفاتيح اهي وريني شطارتك.
دون أن يلتفت له التقط خالد مفاتيح سيارة عمر، ليكمل طريقه إلى غرفة سارة وسارين، وجد سارين تجمع ثيابها هي وشقيقتها في حقائبهم بينما تجلس سارة على الفراش تبكي في صمت قاتل، اقترب من فراشها يجلس أمامها ابتسم لها بحنو لتشهق في بكاء عنيف، احتواه بين ذراعيه يربت على رأسها برفق سمع صوتها المختنق تهمس بصعوبة من بين شهقاتها:
- بابا، مش عاوزنا، ااا أنا ما غلطتش، هو ضحك عليا، والله، مش لمسني.
أبعد سارة عنه يسمح وجهها برفق ليقرص مقدمة انفها في مرح يحاول التخفيف عنها ولو قليلا مسح على شعرها يهمس في رفق:
- عارف يا حبيبتي أنك ما غلطتيش، وأنك اتضحك عليكي، والحمد لله أنك ما سمحتولش يلمسك، اللي حصل دا صفحة وهنقفلها ومش هنفتحها تاني خالص
حركت رأسها نفيا تبكي في عنف تهمس بارتجاف:
- الصور هو معاه صور وحشة دي مش أنا والله.
فهم من كلامها أن ذلك الفتي قام بتركيب بعض الصور الزائفة وبالطبع ستكون مخلة لها، توعد له بالجحيم في داخله ولكن في الخارج حافظ على ابتسامته الهادئة ليربط على وجهها برفق:
- ما فيش صور خلاص راحت ومش هترجع مش عايزك تخافي، وزي ما قولتلك اللي حصل دا انسيه نسي نفسك، هنفتح صفحة جديدة، قومي يلا اغسلي وشك عشان هنمشي.
بلعت لعابها بارتباك تحرك رأسها إيجابا لتقم من فراشها تمشي ببطئ ناحية مرحاض غرفتها، وقفت أمام مرآته تنظر لانعاكس صورتها الشاحبة برغم كل ما حدث الا أن جزء منها سعيد بأنها انتهت من مشكلة ذلك التامر، وأنها اخيرا لن يكون هناك صراعات بين والديها من جديد، غص قلبها ألما حين دق في قلبها تلك الجملة التي قالها والدها لوالدتها بهدوء تام وكأنه يطلب كوب من الماء
« انتي طالق يا تالا ».
فتحت صنبور المياة لتندفع المياة بعنف من خلاله ضمت كفي يدها تحمل بينهما دفعات صغيرة من الماء تصفع بها وجهها بعنف
في الخارج، ظلت عيني خالد معلقة بتلك الصغيرة سارين التي تتحرك بآلية تامة وكأن الأمر برمته لا يعينها وكأنها متلهفة لتتخلص أخيرا من قيد سجن ما، كان على وشك النطق باسمها حين سمع صوت تالا الضعيف يأتي من عند باب الغرفة:
- احنا هنروح فين.
التفت ينظر لكيسي الدم المسميان خطاءا عينيها، تنهد في حسرة يعلم أن تالا تعشق اخيه ولكن الأحمق يعشق نفسه اكثر، قام متجها إلى الخارج يتمتم برفق:
- خلصي مع البنات وحصلوني
لم يلقي نظرة واحدة على اخيه لأنه لو فعل لذهب وهشم وجهه، أخذ طريقه إلى أسفل ليجد زيدان وحسام يتنكفان كالأطفال، وقفا سريعا ما أن رآوه قادما، القي مفاتيح سيارة عمر لزيدان ليلتقطها الأخير بخفة، نظر خالد لسيارة أخيه يبتسم في شر:.
- البيه اللي بيساوم بنت اخويا مرمي في شنطة عربية خالك، تاخده دلوقتي ترميه جنب حبيبك الاولاني
حرك زيدان رأسه إيجابا يبتسم متوعدا، ليعاود النظر إلى خاله يسأله باهتمام:
- طب و حضرتك هتروح ازاي
نظر خالد إلى حسام يبتسم في هدوء مخيف، يحادث زيدان بحزم:
- مالكش دعوة اعمل اللي قولتلك عليه.
دون ادني اعتراض تحرك زيدان ناحية سيارة عمر فتح صندوق السيارة ينظر لذلك الفتي يتوعده في نفسه ليجذبه منها بعنف اتجه إلى سيارة خاله يلقيه داخلها كالقمامة يغلق عليه صندوق السيارة، اتجه إلى مقعد السائق ليأخذ طريقه إلى حيث هو فقط يعلم
ربت خالد على كتف حسام يسأله بهدوء:
- معاك عربية يا دكتور
حرك حسام رأسه إيجابا سريعا، ليكمل خالد:
- طب روح شغلها.
سريعا اتجه حسام إلى سيارته يدير المحرك، خرج منها ليجد خالد يقف وجواره تالا والفتاتين، تعلقت انظاره بسارة لترتسم ابتسامة تلقائية حزينة على شفتيه، اتجه خالد إلى باب السيارة الخلفي يفتحه، يشير للفتيات بالدخول:
- ادخلوا يلا يا بنات
صعدت الثلاثة بينما جلس هو على المقعد المجاور للسائق كاد حسام أن يركب حين اوقفه خالد قائلا بإريحية:
- حط الشنط في العربية قبل ما تركب.
جز حسام على أسنانه بغيظ ليخرج من السيارة متجها إلى تلك الحقائب يهتف في نفسه مغتاظا:
- أنا الخدامة الفلبينية، هل أنا الخدامة الفلبينية، كل دي شنط هما حاطين فيها النيش...
وضع جميع الحقائب في صندوق سيارته الصغير ليعاود الصعود على مقعد السائق، بدأ يتحرك بهدوء بالسيارة تحركت يده بعفوية ليضبط وضع مرآه السيارة الامامية لتنعكس على وجهها الاحمر القاني من عنف بكائها، ترك المرآه على موضعها ذاك تعكس له وجهها، ليجد يد خالد تمتد تضبط وضع المرآه من جديد، يتمتم ساخرا:
- مرايات العربيات دي غربية بتتحرك لوحدها ولا ايه يا دكتور.
ابتسم في اصفرار يحرك رأسه إيجابا ثبت عينيه على الطريق يسأل المجاور له:
- حضرتك عاوز تروح فين
لحظات يفكر فيهم يود أن يأخذهم إلى كنفه ولكن هم حقا يحتاجون إلى بعضهم البعض أكثر من أي شئ آخر، زفر بحيرة يهمس بهدوء:
-، شارع، في الزمالك.
ادار حسام مقود السيارة متجها إلى الطريق الذي اختاره خال صديقه، في الطريق تذكر أنه نسي هاتفه مغلقا، أخرجه من جيب سرواله ما أن بدأ يعمل توالت المكالمات فوق رأسه من المرضي، وضع سماعة الرأس الجديدة التي اشتراها له زيدان هدية في عيد ميلاده ميزتها أنها بدون اسلاك يسهل التعامل معها وضع الاذن اليسري من السماعة في يسري إذنه، فتح الخط يهتف بجديته المعتادة:
- السلام عليكم، ايوة مدام مني، خير يا افندم.
صمت للحظات يستمع لها لتتشنج ملامح وجهه بامتعاض ساخرا يكرر في تهكم:
- مش فاهم يعني أنا أعمل إيه، والدة حضرتك بتقولك أن حماتك عايزة تخرب عليكي عشان جابتلك قرفة بلبن فين بقي الخراب
قطب جبينه يستمع لها بتركيز ليردف ضاحكا:
- لا يا مدام مني حماتك كويسة وبتحبك والقرفة ما بتسقطش الجنين ولا حاجة، مع السلامة
اغلق الجد ليضحك ساخرا على ما حدث لحظات ووردت له مكالمة اخري فتح الخط:.
- السلام عليكم، ايوة يا مدام رشا...
ايوة أنا فاكر أن اختك حضرتك هي اللي حامل
فين المشكلة بقي
صمت للحظات لينهد بيأس يكمل ساخرا:
- هتطلق، طب وأنا مالي أنا دكتوا نسا مش مصلح اجتماعي
ظل صامتا لدقائق يسمع مشكلتها ليهتف فجاءة بانفعال:
- لا دي تطلق عشان دا عتة، يعني ايه غضبانة
عشان عايزة تمسي الواد أحمد على إسم أبوها، مش على إسم ابو جوزها اللي هو بردوا إسمه أحمد، امسحي رقمي يا مدام رشا لو سمحتي.
اغلق معها الخط لينفجر خالد في الضحك حتى ادمعت عينيه، حتى سارة وسارين وتالا سمع ضحكاتها الرقيقة وميز ضحكتها هي ليبتهج قلبه، وإلى الآن يتسأل لما يفرح فقط لضحكاتها.
مرت ساعات طويلة وهي تأخذ غرفتها ملجئ لها، غادر جاسر قبل ساعات ووالدتها مشغولة مع بدور وطفليها، وهي حقا تغار من اهتمام والدها ببدور، القت بجسدها على الفراش تنظر لسقف حجرتها تتنهد بضجر، سهيلة منذ ايام وهي مختفية في رحلة طويلة مع والدها، ومعاذ التقطت هاتفها الاسود الصغير تطلب رقمه ليصلها الرسالة المعتادة
« الهاتف الذي تحاول الاتصال به ربما يكون مغلق او غير متاح حاليا ».
زفرت بعنف تلقي الهاتف على الفراش، تتطلع إلى الفراغ أغمضت عينيها ليمر امامها مشهد لطفلة صغيرة تقف بين ثلاثة سيدات وأربعة فتيات من نفس عمرها، ينظر الجميع إليها بكره كأنها هي القاتلة تسمع اصواتهم تصيح فيها:
- انتي السبب
- ابعدي عن بناتي عايزة تموتيهم
- الرجل الغلبان دا مات بسببك، انتي اللي قتلتيه
- انتي اللي قتلتيه
تكررت الجملة في اذنيها بعنف وسرعة لتضع يديها على اذنيها تحرك رأسها بقوة تهمس باكية:.
- أنا ما قتلتوش، والله ماليش ذنب
اجفلت من شرودها القاسي على صوت رنين هاتفها الصغير فتحت عينيها سريعا تمسح دموعها بعنف ابتسمت باتساع ما أن رأت اسمه يزين الشاشة لتفتح الخط سريعا تهتف بتلهف:
- معاذ اخيرا اتصلت بيا، بقالي أسبوع بحاول اوصلك كنت فين يا معاذ
لحظات صمت طويلة ثقيلة على قلبها خاصة، لتمسعه يحمحم بهدوء يردف بعد ذلك:
- ابدا كنت في الغردقة كنت محتاج اقعد مع نفسي شوية افكر في علاقتنا.
قطبت جبينها متعجبة من كلامه فيما يفكر علاقتهم وهل علاقتهم بحاجة إلى تفكير أرادت أن تبدد الخوف بداخله فهتفت سريعا بتلهف:
- معاذ بابا عرف بعلاقتنا وهو موافق أنك تيجي تتقدملي وزيدان خلاص بعد عن حياتي...
صمت آخر انطبق على الأجواء، صمت مقلق مخيف بلعت لعابها تسأله بقلق:
- في إيه يا معاذ إنت كويس، أنا افتكرتك هتفرح
وسمعت ما صدمها حين اكمل كلامه في هدوء تام:.
- بصي يا لينا الفترة اللي فاتت كنت بفكر في علاقتنا، أنا بعد ما شوفت اللي اسمه زيدان دا عايز يخطبك في الحفلة ما حستش بأي مشاعر غير الفرحة ليكي حتى استغربت جدا من نفسي، ازاي أحس الاحساس دا، لما قعدت وفكرت اكتشفت إني علاقتنا ما كنتش حب، كانت صداقة وصداقة حلوة أوي، أنا عارف أنك مصدومة من كلامي بس حقيقي أنا مش حاسس في حاجة تربطنا، وحقيقي اتمنالك السعادة مع اي راجل يختاره قلبك، سلام يا لينا.
قال ما قال واغلق الخط، بينما تجلس هي كتمثال نحت من حجر متجمدة مكانها عينيها متسعتين في صدمة يديه تقبض على الهاتف بعنف، قلبها يهدر كطير حمام ذبيح لوثته دمائه ريشه الأبيض النقي، أصدقاء كلمة تكرر نفسها داخل صدي روحها، حبهما كان فقط خدعة صداقة لم يحبها، حركت رأسها نفيا بعنف بالتأكيد تتوهم أمسكت الهاتف تعاود الاتصال برقمه لتجد هاتفه مغلق من جديد، ملئت الدموع مقلتيها لتحرك رأسها نفيا تشهق في البكاء عقلها يرفض تماما ما يحدث.
بينما على صعيد آخر في غرفة صغيرة مظلمة في قبو منزل زيدان الحديدي، التقط زيدان الخط من يد معاذ يغلق الخط، بعنف صدم الهاتف في أحد الحوائط ليفتت إلى شظايا، اقترب يلتقط الخط الصغير يكسره بين اصبعيه، نظر لمعاذ يبتسم ساخرا:
- كدة أنت كفاءة، وهسيبك تمشي بس حسك عينك تفكر تقرب من لينا المرة دي، هدفنك حي.
حرك معاذ رأسه إيجابا ليتأوه متآلما جسده كله شبه محطم، خرج خلف زيدان زيدان يتحامل على آلمه يشعر بأن جسده بأكمله لم يعد فيع عظمة سليمة اتجه خلفه إلى خارج الفيلا، ما ان خرج صفع زيدان الباب الحديدي خلفه بعنف يلوح له ساخرا نظر للباب المغلق بحدة يتوعد في نفسه:
- اقسم بالله لهقلب الطرابيزة عليكوا كلكوا صبرك عليا يا ابن زيدان الحديدي...