رواية أسير عينيها الفصل المائه و سبعة عشر 117 والمائه وثمانية عشر 118 الجزء الرابع بقلم دينا جمال

 

رواية أسير عينيها

الفصل المائه و سبعة عشر 117 والمائه وثمانية عشر 118 الجزء الرابع

بقلم دينا جمال

بهت وجهها تنقل أنظارها بين ذلك المدعو شهاب عميد الجامعة وزيدان نظرات مدهوشة يملئها الغيظ زيدان سيحضر الشقراء هنا تدرس معها في نفس الجامعة لما لا يحضرها إلى بيتهم ويعطيها غرفته أن كان يهمه امرها لتلك الدرجة، شدت كفها تغرز أظافرها بعنف في كف يدها، تتنفس بعنف لن تظهر غيظها أمام اي من كان ابدا رسمت إبتسامة صفراء على شفتيها تغمغم:

- والله، ربنا يوفقها، عن إذنك حضرتك عشان اتاخرت.


قامت سريعا تخرج من غرفة المكتب دون أن تنظر إليه مرة أخري جذبت الباب تصفعه خلفها لينظر زيدان إلى شهاب يرفع حاجبه الأيسر يغمغم ساخرا:

- والله بتجود من عندك يا شهاب

ضحك شهاب ضحكة سمجة سخيفة تحرك من مكانه يجلس على المقعد حيث كانت تجلس لينا ضحك يغمغم ساخرا:

- الله يا جدع قولت اتصرف عايزني اقولها أنك جاي توصي عليها في الجامعة، وبعدين أنا مش غريب يا زوز، دا احنا أصحاب من اعدادي يا جدع.


ضحك زيدان ساخرا يحرك رأسه نفيا ياسا ذلك الأحمق صديقه الآخر، صحيح أنهما لا يلتقيان كثيرا ولكن يبقي شهاب صديقه الوفي الذي لن يخونه ابداا، نهض زيدان من مكانه يغلق زر حلته الاوسط نظر لشاب يغمغم ساخرا:

- بذمتك في عميد كلية كداب، دا أنت عميد على ما تفرج، أنا ماشي وزي ما وصيتك، هي كانت تعبانة الفترة اللي فاتت، ما تخليش الدكاترة تحط امتحانات صعبة

غمز شهاب له بطرف عينيه يغمغم عابثا:.


- الحب الحب الشوق الشوق بلوبيف بلوبيف

صدمه زيدان على كتفه بقوة يضحك رغما عنه قبل أن يخرج من مكتب شهاب، يتوجه إلى أسفل يأخذ طريقه إلى حيث صف سيارته في المرآب الملحق بالجامعة، ما إن دخل إلى المرآب سمع صوته الذي يعرفه جيدا تردف متذمرة:

- يعني يا عم عبده مش عارف تشيك على البنزين هنروح ازاي دلوقتي

بنزين سيارتها قد فرغ من الشخص السئ الدنئ الذي قد يفعل بها ذلك، اقترب أكثر ليسمع صوت السائق يحادثها:.


- والله يا بنتي ما خدت بالي، خلاص حصل خير نكلم الباشا وهو هيبعت عربية تانية

وقفت جوار سيارة والدها تعقد ذراعيها أمام صدرها تتأفف حانقة من ذلك الموقف الذي حدث قبل قليل الشقراء ستأتي للجامعة ستقلتها قبل أن تفعل، لتتصل بوالدها أو لتأخذ سيارة اجري، نظرت في ساعة يدها انها الخامسة تقريبا، مدت يدها إلى حقيبتها لتخرج هاتفها، لتسمع صوته في تلك اللحظات يأتي من خلفها يغمغم في هدوء:

- تعالوا أنا هوصلكوا.


نظرت خلفها سريعا تنظر له حانقة تضيق عينيها في غيظ اشاحت بوجهها في الاتجاه الآخر ترفع رأسها لأعلي قليلا تغمغم بإيباء:

- لاء شكرا، اتفضل أنت، مش عايزين نعطلك على الوفد الروسي

ارتسمت ابتسامة صغيرة عابثة على شفتيه، لا ينكر ولكنه حقا اشتاق لمشاكستهم سويا، خرجت من بين شفتيه ضحكة خفيفة ليراها تنظر له حانقة تصيح محتدة:

- ممكن اعرف أنا قولت ايه ضحك حضرتك.


ابتسم في مكر تلك المرة يدس يديه في جيبي سرواله يغمغم بابتسامة صفراء مستفزة:

- مين قالك أن أنا بضحك عليكي الا لو انتي شايفة نفسك بتضحكي

اشتعلت أنفاسها غيظا تنظر له غاضبة في حين لم تتغير ابتسامته الماكرة نظر لعبده ليعاود النظر إليها يغمغم في هدوء جاف:

- هتفضلي واقفة كدة ساعة وزيادة على ما خالي يبعت عربية تانية، هتركبي اوصلك ولا هتفضلي واقفة.


فتحت فمها تريد أن تعترض، قبل ان تفعل ذلك نظرت للسائق ذلك الرجل الذي تجاوز الخمسين من عمره منذ الصباح وهو معها وبالطبع يريد العودة لبيتن اخذته الشفقة به نظرت له تغمغم على مضض:

- يلا بينا يا عم عبده، انت معايا من بدري يادوب تروح.


توجهت إلى سيارة زيدان فتحت بابها الخلفي تجلس هناك تصفع الباب خلفها توجه السائق خلف المقود وزيدان جواره تنطلق السيارة إلى منزل والدها، تنهدت تخرج هاتفها من حقيبتها فتحته تحادث سهيلة اطمأنت على حالها بصحبة جاسر والصغير ايضا بخير، لترتمي برأسها إلى ظهر الأريكة تنظر لسقف السيارة، تزفر أنفاسها بحرقة وكأنها تختنق حين تتنفس، اعتدلت في جلستها تنظر من خلال نافذة السيارة إلى الطريق كورنيش النيل في ذلك الوقت يبدو اكتر من رائع حركة المياة تحت قرص الشمس وقت الغروب وكأنه ينزف يلون مياة النيل العذبة بعذوبة قطرات دماء الشمس، لفت انتباهها طفلة صغيرة من أطفال الشوارع تتحرك بين الناس تحمل عدة ازهار في يدها تدور بها عل أحدهم يشتري منها، حال الطفلة البائس الحزين جعلتها تشعر بغصة تخنق قلبها، كم أن الحياة غريبة ميزانها المحسوب الدقيق يصعب فهمه، فهي في سيارة فارهة ذاهبة لمنزل والدها الفخم في جامعة خاصة، تملك ما قد تحلم به اي فتاة الا أن شعورها بالبؤس لا يقل عن تلك الفتاة الصغيرة وربما الصغيرة اشد فرحا منها، نظرت للسائق تغمغم فجأة:.


- وقف العربية يا عم عبده

استجاب السائق لطلبها أوقف السيارة على جانب الطريق لتفتح بابها تنزل منها سريعا تراقبها عيني زيدان قلقا عليها ماذا تفعل الآن، تحركت سريعا هي ناحية تلك الفتاة انثنت قليلا تحادثها بشبح ابتسامة باهتة:

- ممكن اخد الورد.


- هتدفعي كام، غمغمت بها الفتاة بعفوية جعلت دمعات لينا تتساقط رغما عنها هي حتى لا تعرف لما تبكي، فتحت حقيبتها تخرج النقود التي بها جميعا تعطيهم للفتاة لتتسع عيني الفتاة في دهشة التقطت الأموال من لينا تحتضنهم بقوة حتى انها اسقطت الأزهار من يدها صرخت فرحة تركض بعيدا:

- هجيب الدوااااا لمامااااا.


راقبتها لينا وهي تركض بعيدا والابتسامة تشق وجهها الصغير، مسحت دموعها انحنت لتلتقط الأزهار الساقطة أرضا لتري يده امتدت من العدم تلتقط الأزهار اعطاها لها، وقفت تنظر له للحظات وهو يمد يده لها بالازهار، الصغيرة وجدت سعادتها ببضع ورقات نقدية، أما هي فحتي سعادتها لا تعرف أين تجدها، أخذت الأزهار منه تحركت ناحية السيارة حين اشتمت رائحة زكية وصوت بائع الدرة يصدح في المكان:.


- حمام يا درة، احلي من الحمام يا درة، الدرة المشوي.


التفتت برأسها تبصر بائع حبات الذرة المشوية يقترب منهم، اشتهته ولكنها اعطت نقودها أجمع للفتاة لا يهم غدا في طريق عودتها ستبتاع بعضها، القت نظرة خاطفة على البائع لتتحرك لسيارة زيدان تمسك بالازهار، جلست مكانها تغلق الباب، كانت تظنه خلفها ولكنه لم يأتي ظلت السيارة واقفة، أين ذهب، اطلت برأسها تبحث عنه لتراه يقف عند بائع الذرة، اعطاها الرجل عدة حقائب من البلاستيك بها حبات الذرة ملتفة حول وريقاتها الخضراء يبدو أن زيدان اعطي للرجل نقودا كثيرة من تلك الإبتسامة الواسعة التي تظهر على شفتي البائع، عاد للسيارة يجلس مكانه لتغزو تلك الرائحة الذكية السيارة بالكامل، ابتلعت لعابها تنظر بعيدا، اعطي زيدان للسائق أحدي الحقائب يحادثه مبتسما:.


- خد يا عم عبده

شكره السائق مبتسما، ليلتفت زيدان برأسه ناحيته يمد يده لها بحبة مشوية يحادثها في هدوء:

- من غير عند ولا حساسيات أنا عارف أنك بتحبي الدرة المشوي، اتفضلي

ترددت بقبولها للحظات قبل أن تمد يدها تأخذها منه تشكره بصوت خفيض بكلمة.


« شكرا» فقط لم تزد عليها حرفا واحد، انشغلت ما بقي في الطريق بأكل حبة الذرة في يدها تنظر من نافذة السيارة، تتنهد بين حين وآخر حائرة تكره تلك الفقاعة الوردية التي يلقيها فيها بمعاملته تلك ورغم ذلك هي لا ترغب في غيرها!


في مفترق الطريق في الوقت التي كانت فيه سيارة زيدان تشق طريقها إلى منزل خالد، عند الجانب سيارة أخري تشق طريقها في الإتجاه المعاكس، سيارة تحوي شخصين فقط، عثمان جواره سارين تنظر لذلك الواجم جوارها لم ينطق بحرف واحد منذ أن خرجا من منزل والدها، كان عازمة على الحديث معه أمس ولكنها حقا انشغلت في الحديث مع شقيقتها حتى سرقها الوقت ونامت، ارتسمت ضحكة صغيرة على شفتيها والدها بالكاد تركها تذهب معه بعد الغداء، كان يريد منها أن تبقي هي فقط لأسبوع او اثنين، ولكن عثمان رفض تماما، وها هي تجلس جوار زوجها الغاضب، حين التفتت برأسها تنظر له رأت كورنيش النيل هناك على ناحيته، تنهدت تردف سريعا بابتسامة صغيرة:.


- عثمان ممكن نقف شوية على الكورنيش.


زفر دون كلام حرك رأسه بالإيجاب، التف بالسيارة عند اول مخرج يوقفها عند جانب الطريق، نزل منها هو اولا فتحت الباب تنزل بعده اقتربت منه ليمسك كف يدها ابتسمت حين فعل ذلك تحرك بها ناحية مقعدين متجاورين من البلاستيك جوار سيارة لبيع مشروب شعبي « حمص الشام » طلب لهما كوبين، جلس يوجه انظاره لمياة النيل، في حين تختلس هي النظرات له بين حين وآخر لا تعرف بما تبدأ كلامها ولكن عليها أن تبدأ تنهدت تتمتم بنبرة خافتة:.


- عثمان أنت زعلان مني

التفت برأسه ناحيتها للحظات قبل أن يعاود النظر أمامه ابتسم يردف ساخرا:

- وأنا هزعل ليه يعني أنتي عملتي حاجة تزعل

زفر حانقة من طريقته الساخرة لا شئ أسوء من سخرية عثمان حتى قبل أن تتزوجه كان مشهور في العائلة أنه الفتي الساخر، بسخريته اللاذعة، وعلاقته المتعددة ولكن ذلك كان قبل الزواج قبل الحادثة، عادت تنظر له من جديد تردف متذمرة:.


- عثمان بطل طريقتك دي انا عارفة انك زعلان، بسبب اللي حصل، أنا فعلا مش عارفة أنا ايه اللي خلاني انهرت في العياط كدة، بس اصرارك انك ترجع قريب للسباقات مخوفني يا عثمان، وانت مش راضي تسمعني، أنا عارفة أن في بينا عهد اننا ما نطلعش مشاكلنا برانا، بس ما قدرتش كنت محتاجة حد يطمني، حد يقولي انتي غلطانة هو مش هيحصله حاجة، إنت فاهمني.


ظل ينظر لمياة النيل يتأمل حركتها الهادئة يتنفس بعمق، قبل إن يحرك رأسه إليها تنهد يردف في هدوء:

- المرة الوحيدة اللي بابا مد ايده فيها على ماما وضربها بالقلم كانت بسبب أنهم دخلوا ناس غريبة في مشاكلهم، انا لما قولتلك نخلي ما حدش يعرف بمشاكلنا عشان احافظ عليكي وعلى كرامتنا وعلى علاقتنا، جوازنا مستحيل هيفشل يا سارين، مش هسمح لحد يتدخل في حياتنا...


حركت رأسها بالإيجاب ربما هو محق المشاكل بينهم مهما وصلت سوءها هما قادرين معا على حلها، في أغلب الأحيان الاستعانة بالاقارب يؤدي لتضحم المشاكل دون داعي يذكر، فيصبح قبس النار الصغير حريق مشتعل لا يمكن إطفاءه، مدت يدها تمسك كف ابتسمت تردف بخفوت رقيق:

- لسه زعلان مني يا عثعث

خرجت ضحكة صغيرة من بين شفتيه رغما نظر لها للحظات يبتسم ليحرك رأسه نفيا توسعت ابتسامتها تشد يده تردف بحماس:.


- اخيرا يا عم يلا بقي قوم نروح سنيما، وبعدين تعزمني على العشا وبعدين

مد يده يضعها على فمها يوفق سيل ثرثتها الا متناهي ضحك يردف ساخرا:

- بس يا ماما راديو، احنا هنروح سينما بس وهنرجع البيت على طول عندك محاضرات بكرة بدري

أزاح يده لتضحك ويشاركها في الضحك قام يجذب يدها يشدها نظر في ساعة يده يغمغم في مرح:

- يلا يا بنتي يا دوب نلحق حفلة ستة.


هناك على صعيد آخر في الطريق يبدو حكايانا اليوم في الطريق سيارة رشيد التي تأخذ طريقها عائدة إلى أسيوط بعد أن اطمئنوا جميعا على حال غيث، الطبيب قال إن وضعه مستقر فقط يحتاج لبعض الوقت إلى أن تُجبر كسوره، استندت برأسها إلى زجاج النافذة المغلقة جوارها تنظر للخارج الطرقات الأرصفة اعمدة الإنارة الأشجار اشعة الشمس وهي تنسحب رويدا رويدا، اغمضت عينيها تتذكر ما حدث بينهما قبل رحيلها

Flash.


مرت ساعة تقريبا منذ أن برر هو سبب اندفاعها وكلامها الغير مفهوم بالنسبة لهم، لتخرج من الغرفة تجلس على مقعد صغير أمامها، تنظر أرضا تفكر ضائعة لما يكذب، لم يدعها تقل لهم الحقيقة، ليأخذوا بثأره ممن فعل ذلك، سمعت صوت باب الغرفة يُفتح ليخرج عمها بصحبة والدها وقف فارس أمام أخيه يحادثه:.


- رشيد أنا مش صغير، وأنا عارف أنك لازم تسافر شغل العيلة كله أنت اللي شايله، صدقني ما فيهاش لا زعل ولا إحراج، سافر يا رشيد وطمني اول ما توصل انكوا وصلتوا بالسلامة

ابتسم رشيد لأخيه يربت على ذراعه يحادثه:

- هخش اسلم على الواد غيث قبل ما امشي، بإذن الله ربنا يتم شفاه على خير

تحرك والدها وعمها من جديد لداخل الغرفة، لحظات فقط ورأت جوري الصغيرة تخرج من الغرفة توجهت إليها سريعا تشد يدها بعنف تجذبها لتقوم:.


- صبا قومي يا صبا، غيث عاوز يتكلم معاكي

عقدت جبينها في دهشة فيما يريد أن يتحدث استسلمت ليد جوري التي تجذبها لداخل الغرفة، دخلت تنظر أرضا في توتر، نظرت ناحية والدها نظرة خاطفة لتري انزعاج حدقتيه تري لما هو غاضب، لحظة فقط وتحركت ياسمين ومعها جوري وفارس ورشيد إلى خارج الغرفة يغلقون الباب عليهم، توسعت عينيها في دهشة كيف حدث ذلك، هي وهو فقط بمفردها، نظرت ناحيته حين غمغم بصوت خفيض ضاحك:.


- اقعدي يا صبا، عمي لما قولتله عايز اتكلم مع صبا لوحدنا دقيقتين بصلي بصة التار ولا العار لولا أن جسمي مدغدغ كان فرغ فيا مسدسه

ارتسمت ابتسامة حزينة على شفتيها تجلس على اقرب مقعد قابلها، كورت كفيها تفركهما في توتر، بينما هو صمت للحظات ولكن صمته لن يطول كثيرا تنهد يهمس بصوت حاني متعب ضعيف:.


- صبا، أنا عارف أنك زعلتي من آخر كلام قولته ليكي صدقيني أنا ما كنش قصدي الومك، أنا عارف أنك ما تغلطيش وإنك متربية احسن تربية، أنا بس كنت بحاول افوقك عشان ما الشيطان ما يدقش بابك تاني، أنتي غالية أوي يا صبا، عند والدك ووالدتك وجاسر تحديدا، ما حدش يستاهل قلبك غير اللي هيحافظ عليه، اللي عمره ما هيستغلك ابدا، ولا يضحك عليكي باسم الحب، صبا بصيلي.


ادمعت عينيها مع كلماتها التي ينطقها حرفا يليه الآخر إلى أن وصل لجملته الأخيرة رفعت رأسها اليه ليصطدم بدموعها التي تلمع في حدقتيها، ابتسم يردف ما كان يقول:

- عايز اشوفك لآخر مرة، عايزك توعديني، أنك تنجحي يا صبا، انجحي في دراستك في حياتك في شغلك، لو اتعودتي على النجاح هيبقي طريقك يا صبا، اوعديني

حركت رأسها بالإيجاب دون مقاومة دون تردد فقط أيدت ما يقول في هدوء تام، حافظ على ابتسامته الهادئة يردف:.


- خلي بالك من نفسك...

ابتسمت ابتسامة صغيرة تتحرك من مكانها لخارج الغرفة التفتت له قبل أن تخرج لتراه يبتسم لها، ادارت المقبض وخرجت، لم تسمع تلك الجملة الخافتة التي نطقها ما أن رحلت:

- هستناكي يا صبا

Back.


عادت من شرودها يعلو ثغرها ابتسامة صغيرة تحرك رأسها بالإيجاب حين تذكرت وعده الذي قطعه معها ستنجح كما وعدته، ستحافظ بكل ما تملك من قوة على ذلك القلب النابض طريقها من الآن فصاعدا سيكون فقط طريق النجاح وربمل تلتقي به مرة أخري في حكاية جديدة بعد سنوات.


اخيرا الزحام المروري بسبب حادث على الطريق كان بشع اخيرا وقفت السيارة في حديقة منزل والدها نزلت منها اولا تتجه إلى الداخل مباشرة رأت حسام يجلس على الأريكة يربع ساقيه يمسك في يده لوح شوكولاتة مغلف ينظر له بابتسامة بلهاء واسعة، عقدت جبينها في عجب لما ينظر حسام للوح في يده وكأنه فاز بجائزة العالم، تحركت تجلس جواره تسأله في عجب:

- حسام أنت بتبص للشوكولاتة كدة ليه إنت اول مرة في حياتك تشوف شوكولاتة.


حرك رأسه نفيا ببطئ شديد تلك الابتسامة الواسعة لا تفارق ثغره، حرك رأسه ناحيتها تنهد بحرارة يردف بولة:

- سارة جابتلي الشوكولاتة دي هدية، هييييح جابتها ليا أنا، عشاني، قالتلي دي ليك، يا نهار ابيض على العسل، وخدودها شبه المربي حمرا وهي مكسوفة، بحبها يا جماعة، هتجوزها امتي، حاجة كدة بسكوتة سكر محلي محطوط عليه كريمة هييييح.


توسعت عيني لينا في دهشة من حالة الهيام المفرطة التي اصابت حسام من أجل شوكولاتة فقط، مدت يدها تتحسس جبينه تردف ساخرة:

- مش سخن يعني كل دا عشان شوكولاتية يا حسام اومال لو كانت جابتلك ساعة كنت كتبت عليها وقتي

تاهت عينيه في وله تنهد بحرارة يهمس في شغف عاشق:

- والله لو ما جابت حاجة خالص لسه عايز اكتب عليها وقتي، ما تجوزوهالي بقي يا جماعة.


تغيرت ملامحه العاشقة الرومانسية في لحظة إلى ملامح اشمئزاز ممتزجة بقرف يغمغم ساخرا:

- وبعدين انتي ايه فهمك في الرومانسية يا برعي اصلا، يا بنتي دا انتي جعفر عايش معانا في البيت

توسعت عينيها تنظر له بغيظ كادت أن تخنقه بوسادة الأريكة المجاورة له حين انفتح باب المنزل ظهر خالد لتنظر للينا لحسام تبتسم في وعيد، قامت من مكانها تتجه ناحية والدها تتمتم بمسكنة حزينة:.


- بابا تعالا شوفك ابنك قليل الأدب عمال يتريق عليا ويشتم فيا...

نظرت لحسام تشير بيدها إلى عنقها كأنه سكين تصيح فيه حانقة:

- اضربه يا بابا قليل الأدب اللي أبوه ما ربهوش دا

انفجر حسام ضاحكا في حين توسعت عيني لينا فزعا حين أدركت ما نطقت به للتو، في اللحظة التالية كان خالج يقبض تلابيب ملابسها من الخلف يحركها في يدها بخفة يصيح حانقا:

- أبوه دا اللي هو ابوكي، هو فعلا ما أعرفش لا يربيه ولا يربيكي...


دفعها بعيدا عنها لتقف مكانها ترتب ملابسها تنظر لأعلي بإيباء في اللحظة التالية دخل زيدان يحمل في يده تلك الحقائب التي بها حبات الذرة، وضعها على الطاولة أمام حسام ليمد حسام يده يستكشف ما امامه أخرج أحدي الحبات يغمغم في سعادة:

-ايه دا درة مشوي، بتفكرني بأيام هموت وانساها.


ضحك الجميع التفوا جميعا في غرفة الصالون جاءت لينا زوجة خالد بعد لحظات تحضر أحدي كعكعاتها الناحجة اخيراا، وضعتها امامهم معها أكواب عصير، مال حسام على إذن لينا يهمس لها في غيظ طفولي:

- هو ليه لما زيدان بيكون موجود أمك بتعاملنا على أنها مرات أبونا، بصي مدياله أكبر حتة في الكيكة ازاي

وضعت لينا يدها على فمها تخفي ضحكاتها من كلام حسام، في حين حمحمت لينا تنظر لحسام مبتسمة تردف:.


- أنا عندي فكرة حلوة، خالد قالي أن هو اشتري شقة لحسام وهيبداوا تجيهزها، طب ايه رايكوا لو حسام وسارة يقعدوا معانا هنا في الفيلا، و الشقة تجهز طبعا، وفي وقت ما يحب يروحوها هي موجودة، دا مجرد اقتراح، ايه رأيك يا حسام

رفع الأخير كتفيه ببساطة يغمغم مبتسما:

- أنا عن نفسي ما عنديش مانع بس القرار، قرار سارة وعمي عمر طبعا، ممكن يرفض حاجة زي دي.


ابتسمت لينا في هدوء تحرك رأسها بالإيجاب سارة لن ترفض ابدا ذلك وربما عمر يوافق، نظرت لخالد تطلب منه إن يحادث عمر يخبره بالامر ليحرك رأسه بالإيجاب ينظر لها مستفهما لا يفهم سبب اقتراحها ذاك، الا أنه ابتسم يوافقها، في واقع الامر من ينظر للصورة من الخارح سيظن زوجة الأب لا ترغب في أن يحصل ابن زوجها على منزل خاص به، ولكن تلك ليست لينا، في الحقيقة ترغب في وجود حسام جوار خالد اطول وقت ممكن، خالد لم يعرف بوجود ابن له سوي من قريب، لا يريدهما أن يبتعدا بتلك السرعة، وجود حسام وسارة معهم في المنزل سيكون أكثر من جيد، على صعيد آخر نظر خالد لزيدان قلقا ليبتسم له الأخير في هدوء يطمئنه.


تحرك خالد ناحية غرفة مكتبه، ليقوم زيدان خلفه مباشرة ما أن دخل أغلق الباب عليهما اقترب من خالد يتمتم مبتسما:

- إنت قلقان ليه يا خالي هي أول مرة

ارتسمت ابتسامة مرتعشة على شفتي خالد اقترب من زيدان يمسك بذراعيه بين كفيه يحادثه قلقا:

- لاء مش اول مرة بس فعلا المرة دي العملية خطيرة والمكان صعب، زيدان أنت فعلا جاهز...

ابتسم زيدان في هدوء رفع يده يؤدي التحية له يغمغم ضاحكا:.


- دايما جاهز يا باشا، ما تقلقش لو رجعت يبقي عمر الشقي بقي، لو ما رجعتش فأنا أبويا وحشني اوي بصراحة ما هصدق اروحله

شد خالد على أسنانه بعنف يشد على ذراعي زيدان يحادثه محتدا غاضبا:

- ما تقولش كدة أنت هترجع بالسلامة، أول ما ترجع هرميك أنت والهبلة اللي أنا مخلفها دي في بيت واحد ياكش تولعوا في بعض بس ابقي خلصت من همكوا

ضحك زيدان دون أن يعقب على ما قال خالد، رفع خالد كفيه يحتضن وجهه بهما يحادثه قلقا:.


- اجهز عشان هتتحرك قريب

حرك زيدان رأسه بالإيجاب في هدوء تام ينظر بعيدا في الفراغ احتدت عينيه يغمغم شاردا:

- في مشوار مهم اوووي لازم اعمله قبل ما اطلع العملية دي، لازم انهي الحكاية، يمكن ما ارجعش!تبع

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وثمانية عشر


مر يومين على آخر مشهد حدث مر بعدها يومين في هدوء تام، ذلك الهدوء القلق المحمل بغبار العاصفة القادمة تعلن عن نفسها برتابة مخيفة، في سيارته يقطع الطريق إلى وجهته عينيه مرتكزة على الطريق يده تشد على المقود في حين ذهنه شارد يسبح في بوتقة حارة من الحيرة لا يعرف حتى إن كان ما سيفعله صحيحا أم لا هو فقط يريد أن ينتهي من تلك الحيرة للأبد ربما لن يحالفه الخط ويعد من تلك المخاطرة حيا، وربما فعل، وقف بالسيارة أمام بوابة المنزل الكبير المغلق مد يده يدق الزامور يتأفف حانقا، لحظات وجاء حارس البوابة فتحها على مصراعيها لتدخل سيارته اوقفها بعيدا جوار البوابة، نزل منها يزيح نظاراته السوداء...


لتظهر عينيه الزرقاء في تلك اللحظة وهو يقف بعيدا جوار سيارته ينظر لتلك الجالسة هناك على مقعد بعيد في الحديقة عينيها شاردة في الفراغ دموعها تهبط بين حين وآخر، لترفع كف يدها المرتجف تحاول مسح دموعها التي سرعان ما تهبط من جديد ما أن رآها شعر بألم حاد في صدره وكأن خنجر يغترس في قلبه بعنف، تحرك ناحيتها بخطي ثقيلة يجر قديمه جرا ناحيتها كم يرغب في أن يعد إلى سيارته يهرب منها، وقف فجاءة في منتصف الطريق، وقف ينظر لها والغضب يأكل قلبه، في لحظة استدار يرغب في الرحيل حين سمع صوت طائش يعرف صاحبه جيداا يصيح باسمه:.


- زيدااان أنت هنا

امتعضت قسمات وجهه ينظر ناحية مصدر الصوت ليزفر حانقا فراس ابن خاله ذلك الفتي الطائش في الثانوية العامة، فراس النسخة المصغرة عن خاله محمد في الشكل فقط، أما الطباع فالارجح ورثها من من لا يعرف، تنهد يزفر أنفاسه حانقا حين اقترب فراس منه يرتدي سروال من الجينز ممزقة و( تيشرت) ابيض عليه جمجمة سوداء، نظر زيدان للسروال باشمئزاز يحادث فراس:.


- ايه القرف اللي أنت لابسه دا، هو اي حاجة طالعة موضة نمشي وراها من غير عقل، شكلك شبه المتسولين على الأقل المتسول ليه عذره مش هو اختار لبسه، انما أنت عذرك ايه أنها الموضة

قلب فراس عينيه في ملل ألن تنتهي تلك المحاضرات التي يسمعها يوميا من والده والآن يأتي ضحك، ضحك فراس في سماجة يديه في جيبي سرواله يتمتم في زهو:.


- أنا حر يا زيدان، وبعدين أنا مش عيل صغير، لما اوصل لسنك كدة هبقي اقضيها قمصان غامقة وبناطيل بدل، مش كل ما حد يشوفني يسمعني محاضرة عن اللبس...

- فراس وبعدين معاك اتفضل على أوضتك ما شوفتش خلقتك براها النهاردة

صدح صوت محمد الغاضب يأتي من خلفهم ابتسم فراس لزيدان في اصفرار يلوح لزيدان يودعه ساخرا قبل أن يعود إدراجه إلى الداخل اقترب محمد من زيدان وقف أمامه يبتسم يتمتم في حرج:.


- منور يا زيدان، معلش فراس بيه هيجنني والله.


ابتسم زيدان في هدوء ساخر حين كان في مثل عمر فراس لم تستهويه اي من تلك الموضة التي يفعلها الشباب أجمع كان يحاول أن يسابق العمر والزمن ليكبر بأي شكل وياليته لم يفعل، تحركت عينيه ينظر ناحيتها ليراها هناك لا تزال جالسة مكانها تنظر ناحية في لهفة، تشد يديها على ذراعي المقعد كأنها تحاول أن تتحرك، عقد جبينه متعجبا نظر ناحية خاله الذي كست الدموع عينيه اختقنت نبرته يغمغم في خفوت حزين:.


- يوم فرح أدهم، لما أنت خرجت من الفيلا ولوجين حاولت تتكلم معاك وأنت زعقت فيها ومشيت وقولتلها أنك عمرك ما هتسامحها، لما روحنا فضلت تعيط لحد ما نامت، الصبح لما روحت اصحيها اكتشفت الكارثة لوجين مش قادرة تحرك رجليها، الدكتورة حالة نفسية زعل شديد، مع الوقت ونفسيتها تتحسن هترجع تمشي تاني، زيدان أنا عارف أنها غلطت في حقك كتير اوووي بس سامحها يا إبني، هي مش عايزة اي حاجة في الدنيا دلوقتي غير أنك تسامحها.


وقفت عاجزا عن فهم ما يقول خاله صدمة بشعة سقطت فوق رأسه شخصت عينيه ينظر لها مصعوقا والدته باتت قعيدة، عاجزة، لا تقدر حتى على الحركة لتأتي إليه وهو يقف مكانه كالصنم متجمد، أتي لهنا ليخبرها أنه حقا لن يقدر على سامحها، ولكنها ستظل والدته مسؤولة بالكامل منه، ظل يحفظ في تلك الكلمات أياما عدة لتتلاشي جميعها حين رآها بحالتها تلك، عاجزة عن الحركة ملامح وجهها تصرخ اشتياقا إليه، لم يكن يدري أن دموع تجمعت في مقلتيه إلا حين شعر بها تغطي وجهه تحركت قدميه ناحيتها، المسافة بينهما ليس بذلك الطول ولكنه يشعر بها دهرا لا ينتهي ابداا، كلما تقدم هو امتدت بهم الأرض لتباعد بينهما من جديد، وصل أخيرا بعد رحلة طويلة من السير بالقرب منها يقف أمامها مباشرة ينظر لحالتها دون كلام، فقط عينيه الحمراء التي بالكاد تكبح دموعه هي من تصرخ بألمه، رفعت يديها الإثنين تمدهم ناحيته تدعوه لها، في حين وقف هو ثابتا قدميه تأبي الحراك خطوة واحدة في حين تمرد مقلتيه تسكب الدمع انهارا، رفع يده قليلا ناحيتها اقتربت المسافة بينهما مدت لوجين يدها بالكاد لامست أصابع يده، قبضت عليها تجذبه إليها بقوتها الواهية الضعيفة ليتحرك ناحيتها ارتمي بين أحضانها على حين غرة هو حتى لا يعرف كيف فعل ذلك، فقط أغمض عينيه واسكت عقله العاصي وقلبه المتعب وروحه الحزينة الممزقة صمتت الأصوات جميعا حين بات بين ذراعي والدته التي ألقت نفسها من فوق الكرسي ارضا تعانقه بقوة تشدد على عناقه تحكم ذراعيها حوله وكأنه سيهرب وكأن ما يحدث فقط حلم تراه علا صوت نشيجها تتوسله باكية:.


- سامحني يا ابني، سامحني، أنا آسفة يا حبيبي، حقك عليا، ياريت في ايدي ارجع الزمن والله ما كنت دخلت الشيطان دا حياتنا، سنين وأنا بتعذب ببعدك عني، بس كنت بقوله اكيد حاله أحسن مع خالد، معتز كان ما بيعملش حاجة غير أنه بيذلني عشان يديني الزفت دا اللي خلاني ادمنته، وفي الآخر رماني في السجن سنين وأنا هو قدامك بقيت عاجزة مشلولة، سامحني يا ابني مش عشان خاطري حتى عشان خاطر زيدان الله يرحمه أنا عارفة أنه أغلي عندك من الدنيا كلها.


ظل صامتا فقط تتساقط دموعه يستمع إلى كلماتها التي تنزل على قلبه كحمم من نار مستعرة تأكله ذلك الشيطان سيمزق ما بقي منه، في حين عادت لوجين تنتحب من جديد، فتح عينيه يبتعد عن أحضانها، مدت يدها تمسك كف سريعا قبل أن يغادر، بينما ظل هو يفترش الأرض جوارها، رفع وجهه إليها ينظر لعينيها الغائرة من البكاء وجهها الشاحب، والحرب بين قلب متعب يريد السماح، وعقل ثائر يرفض ذلك، صراع لم يحسمه سوي جملة واحدة تذكرها في تلك اللحظة.


( على قد الغلاوة بيكون الوجع ) اذا ذلك الشعور المؤلم الذي يطحن قلبه يخبره صراحة أن والدته أغلي لدي قلبه مما يدرك عقله، رفع كفيه يحاوط وجهها بهما، يهمس بصوت مختنق:

- نفسي اسامحك أوي بس مش قادر، نفسي انسي اللي حصل صدقيني حاولت كتير، بس برجع افتكر كل مشهد كل لحظة، عارف أنه غصب عنك ما كنتيش في وعيك بس أنا كنت.


صمت في تلك اللحظة يعقد جبينه فجأة في دهشة توسعت حدقتيه، نفس الحلقة التي دارت بينه وبين والدته، دارت بينه وبين لينا، ولكن في حلقتهم هو من لم يكن واعي وهي لم تقدر على سماحه، هو يحاول نيل سماحها وهي ترفض كما فعل هو مع والدته، الحلقة تتشابك باخري وهو بين هذه وذاك يلتف في دوائر مفرغة أحدهما فيها جاني والاخري مجني عليه، عاد ينظر لوالدته يري خبو لمعة عينيها من الحسرة، مال برأسه يقبل جبينها، امسك كف يدها بين كفه يشدد عليه يحادثها بشبح ابتسامة:.


- أنا ما بكرهيش، أنا بس موجوع أوي، أنا مسافر مأمورية شهر بالكتير وهرجع عايز اللاقي أحسن من كدة لما اجي، عايز الاقيكي مستنياني لما اجي

ارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتي لوجين تحرك رأسها بالإيجاب بلا توقف عادت تعانقه بتلهف من جديد، قام هو من مكانه يحملها بين ذراعيه أعادها إلى مقعدها يربت بيده على كفها يهمس في خفوت حائر:

- خلي بالك من نفسك، عن اذنك.


انتظرت أن تستمع إلى تلك الكلمة التي انتظرتها على أحر من الجمر ولكنه لم يقولها ولكن لا يهم ما حدث الآن أكثر من كافي لقلبها الحزين ليعود للحياة من جديد، تحرك زيدان ناحية سيارته ليستوقفه محمد يحادثه قلقلا:

- زيدان، خلي بالك من نفسك يا إبني

ابتسم زيدان في هدوء يحرك رأسه بالإيجاب توجه ناحية سيارته من جديد في حين توجه محمد ناحية لوجين ابتسمت الأخيرة تصيح من سعادتها:.


- زيدان هيسامحني، شوفته لما قالي لما ارجع عايز اللاقيكي مستنياني

غامت عيني محمد قلقا نظر لها يحاول رسم ابتسامة على شفتيه تنهد يهمس في نفسه بخفوت:

- يارب بس هو يرجع بالسلامة، استرها يارب.


بعد عدة ساعات في منزل خالد السويسي، في غرفة الجلوس تجلس لينا ابنه خالد جوار اخيها على الاريكة هي تنظر لحاسوبها المحمول تذاكر أحدي محاضراتها الهامة أما حسام فيقرأ في معجم طبي غريب الشكل في الأغلب ليضع إمتحان للطلاب قريبا، أما لينا والدتها تجلس امامهم على الاريكة جوار زوجها تمسك بهاتفها تتصفحه تحادث شمس شقيقتها على أحدي مواقع التواصل الاجتماعي، أما خالد فعينيه معلقة بساعة الحائط ينظر لها بين لحظة واخري، هاتقه يدق كل دقيقة وأخري ليستأذن يتوجه إلى غرفة مكتبه يغلق الباب عليه بضع دقائق ليخرج من جديد، قاطع ذلك الصمت صوت رنين جرس المنزل هب خالد واقفا سريعا ليظر له الجميع مندهشا اقتربت أحدي الخادمات تفتح الباب ليظهر زيدان من خلفه، بملابسه العادية يضع حقيبة ملابس صغيرة في السيارة خارجا، يبتسم في هدوء تام، توجه إلى الداخل وقبل أن ينطق أحدهم بحرف قبض خالد على كف يده يجذبه معه إلى غرفة المكتب يغلق عليهم الباب وقف يتنفس بعنف يحاول أن يهدئ نظر ناحية زيدان يحاول رسم ابتسامة على شفتيه اقترب منه يغمغم متفاخرا به:.


- محمد قالي على اللي أنت عملته، لوجين من ساعتها وهي ابتسامتها مش بتفارق وشها بعد ما كانت رافضة تاخد الدوا رافضة العلاج كله، عمالة تقول لمحمد عايزة اخف بسرعة عشان لما زيدان يجي يلاقيني مستنياه

صمت للحظات يلتقط أنفاسه المسلوبة قلقا على ذلك الواقف امامه أدمعت عينيه رغم رفضه لذلك اختنق صوته يحادث زيدان راجيا:

- ارجع عشانها يا ابني...


ابتسم زيدان رغما عنه خاله ما يظهر أنه قاسي جلمود القلب لا يقلق نادرا ما تظهر تلك الدموع التي يراها في عينيه الآن ولكنه يعرف دائما أنه يخشي عليه كما لو كان ولده من صلبه، عاد يضحك من جديد حين سمع خالد يغمغم محتدا:

- بتضحك على ايه يا حيوان

ضم زيدان دفتي شفتيه يحرك رأسه نفيا في حين تنهد خالد حانقا يزفر أنفاسه قلقا، اقترب من زيدان يمسك بكتفيه بين كفيه بقوة يحادثه في حزم:.


- إنت هتخلي بالك من نفسك كويس وتبطل شغل المجانين اللي بتعمله في كل عملية دا، أول واحد بيرمي نفسه في النار، لو حصلك حاجة يا زيدان هقتلك

ضحك الأخير عاليا حقا خالد وكلماته الحانية التي لا مثيل لها، في اللحظة التالية جذب خالد زيدان اليه يعانقه بقوة يربت على ظهره برفق تنهد يهمس قلقا:

- خلي بالك على نفسك يا ابني، يلا عشان ما تتأخرش.


ابتسم زيدان مرة أخري في هدوء، رفع يده يؤدي التحية لخالد، قبل أن يخرج من الغرفة، توجه مباشرة ناحية لينا جلس جوارها على الأريكة مد يده أمسك كف يدها يقبله، نظرت هي في عينيه تلك النظرة تعرفها انقبض قلبها خوفا تصيح فيه:

- إنت طالع عملية صح.


حرك رأسه إيجابا لينقبض قلب تلك الجالسة هناك خوفا، رأت المشهد عشرات المرات بكاء والدتها حين تعلم أنه سيذهب، محاولاته الفاشلة لتهدئتها، ولكنها في السابق لم تكن حقا تهتم زيدان كان مشكلتها الكبري التي ترغب في التخلص منها، أما الآن فتشعر بوخز قوي في تلك العضلة النابضة، وهي تراه يقبل رأس والدتها توجه ناحية حسام يعانقه بقوة، لما تشعر به يودعهم دون عودة!، هدر نابضها بعنف حين اقترب منها مد يده ناحيتها يود مصافحتها رفعت وجهها تنظر لعينيه مدت يدها تضعها داخل كفه تهمس له بصوت خفيض قلق:.


- خلي بالك من نفسك

ابتسم دون كلام، يحرك رأسه بالإيجاب، إلى باب المنزل توجه، لتسمع صوت والدها يصيح باسمه من نبرة صوت والدها شعرت حقا بالذعر خاصة حين عانقه والدها بقوة يوصيه جيدا، ورحل، زيارة قصيرة ورحل بعدها، نظرت لوالدها في تلك اللحظة لتري تشتت حدقتيه لما تشعر به قلق خائف منذ متي ووالدها يقلق لتلك الدرجة ويبدو أنها ليست الوحيدة التي لاحظت فقد هدر صوت والدتها يبادر قبلا:.


- مالك يا خالد، أول مرة أحس أنك قلقان كدة، دايما كنت بتتريق عليا وتقولي هيرجع بطلي عياط دا زي القط بسبع أرواح

نظرت سريعا لوالدها تنتظر إجابته على أحر من الجمر عله يطمأنها ولكن ما حدث أصاب الجميع بالفزع، فجاءة صاح خالد عاليا:

- عشان المرة دي مش زي كل مرة، المرة دي الموضوع كبير، ادعي بس انه يرجع حتى لو متصاب

وقع كلامه على الجميع وقع الصدمة، هدر قلبها خوفا، هل يمكن الا يعد حقا؟!


مر شهر لا أحد يعرف حتى كيف مر، الايام متشابهة بشكل مخيف وتيرة الحزن والقلق والخوف تسيطر على الجميع، في خلال ذلك الشهر، الجميع كان حرفيا يغرق نفسه في العمل في الدراسة في اي شئ كان يجعل الوقت يمر دون تفكير، ادت لينا اختباراتها الفائتة بسبب مرضها، وعادت تستذكر السنة الجديدة، حسام لم يعد حتى يبتسم عينيه دائما شاردة يخشي بين لحظة واخري أن يأتي خبر لن يتحمله قلبه ابداا، في الجامعة يقوم بإعطاء محاضراته ويغادر في صمت مخيف، حتى سارة لم يعد يتحدث إليها، خالد سيجن جميع الاتصالات بينه وبين فريق زيدان انقطعت لا يعرف حتى أين هم، يحاول جاهدا الوصول لأي معلومة طفيفة ليطمأن عليه لينا زوجته لا تتوقف عن الدعاء له في كل، شهر مر ثقيلا على الجميع، أيام تجذب أيام، ربما يحدث شئ سعيد فيها ولما لا.


في مستشفي الحياة، تحرك حسام من غرفة مكتبه إلى حضانة الأطفال بصحبة طبيب الأطفال المختص بحالة الصغير أحمد طفل سهيلة وجاسر، بعد فحص دقيق من الطبيب اخيرا سمح للطفل بالخروج من « الحضانة »، حمل حسام الصغير بين يديه ينظر لوجنتيه الحمراء يبتسم رغم قلبه الحزين الخائف، نظر لجاسر الذي يقف خارجا ليراه ينظر للصغير في لهفة، تحرك حسام يحمل الصغير إلى خارج الغرفة اقترب منه يعطيه له بحذر يرسم ابتسامة زائفة على شفتيه يردف:.


- اتفضل يا سيدي جبتلك ابنك اهو مش ناوي تسميه حسام بقي

أدمعت عيني جاسر حين حمل الصغير بين يديه يستشعر به طفله قطعه صغيرة منه لا يصدق أنه يحمله، بعد صبر طويل ها هو بين أحضانه، شعور لذيذ يدغدغ جسده يرجف خلاياه ضم الصغير لاحضانه برفق شديد، انهمرت دموع عينيه رفع وجهه لحسام يحادثه ممتنا:

- أنا مش عارف اشكرك ازاي يا حسام، بجد شكرا.


ابتسم الأخير أو زيف ابتسامة، توجه جاسر إلى غرفة سهيلة بالطبع ستكون نائمة في ذلك الوقت، فتح باب الغرفة بهدوء يتبعه حسام يحمل فراش صغير للطفل وضعه جوار فراش سهيلة بحذر ليضع جاسر الطفل في فراشه ينسحبان من الغرفة في هدوء تام يغلق جاسر الباب خلفه، نظر حسام لجاسر يتمتم ساخرا:

- دقني اهي هتفتحها مناحة، أنت متجوز انثي البومة، هي ولينا ما يفرقوش عن بعض حاجة.


ضحك جاسر عاليا كور قبضة يصدم حسام في ذراعه يردف ساخرا:

- مالكش دعوة يا حقود إنت، المهم ما تنساش بكرة بليل مستنيكوا

ابتسم حسام يحرك رأسه بالإيجاب قبل أن يستأذن ويغادر غدا مساءا حفل خاص بمناسبة خروج الصغير من الحضانة اخيرا وعودتهم للبيت، اختفت الابتسامة من على شفتيه يتنهد قلقا يدعو في قلبه أن يعود زيدان سالما فقط سالما.


على صعيد آخر في غرفة سهيلة كانت تغط في النوم بعد أن قضت الليل بأكمله تنظر لصغيرها من خارج غرفة الحضانة تتلمس الزجاج بيديها تبكي رغما عنها، يهدئ قلبها حين تعلم أنه قريبا سيصبح بين ذراعيه تناهي إلى اسماعها صوت بكاء طفل رضيع، ظنته حلما فهي دائما ما تحلم به وسيختفي حين تفتح عينيها، ولكن الصوت لم يختفي فتحت مقلتيها تنظر لسقف الحجرة بالطبع حلم توسعت عينيها في دهشة حين استمعت إلى الصوت من جديد ليس حلما حقا، التفتت برأسها ناحية مصدر الصوت لتجد فراش لطفل صغير يجاور فراشها ماذا كيف يحدث ذلك، قامت سريعا تهرول ناحيته لتشهق بعنف وضعت يدها على فمها تنساب دموعها في لحظة تنظر لطفلها لا تصدق أنه هنا تراه أمام عينيها، مدت يديها المرتجفة تحمله برفق من فراشه تتأكد من انها لا تحلم تاوهت بعنف حين ضمته لاحضانه شهقت في البكاء حين شعرت أن ساقيها لم تعد لها القدرة على حملها توجهت سريعا صوب الفراش جلست عليه تضم الصغير لصدرها تبكي بعنف تحادثه وكأنه حقا سيفهما:.


- ابني، يا حبيبي، أنا مش مصدقة أن أنا اخيرا وخداك في حضني، كنت هموت وأنا واقفة بعيد مش عارفة امد إيدي اخدك في حضني، الحمد لله يا رب الحمد لله

ابعدت الصغير عنها تنظر له تبكي بلا توقف، لتسمع صوت جاسر يغمغم ضاحكا:

- حسام كان عنده حق لما قالي هتقلبها مناحة

لم تلتفت لما قال بل رفعت رأسها له تنقل انظارها بينه وبين طفلها الصغير تغمغم بتلهف:

- أحمد يا جاسر، أحمد اهو، أحمد في حضني.


اقترب جاسر منها جلس جوارها يلف ذراعيه حول كتفها يقربها من صدره ابتسم حين نظر للصغير ليرفع وجهها ينظر لسهيلة قبل جبينها يهمس لها بحنو:

- وانتوا الاتنين في حضني ربنا يخليكوا ليا وما يحرمني منكوا ابداا.


في الجامعة وصل حسام بعد الموعد المقرر للمحاضرة بعشر دقائق تقريبا توجه سريعا إلى مقر غرفة المحاضرات الخاصة بمادته دخل لتهدئ الضوضاء السائدة بين الطلاب، وضع حقيبته على المكتب دون كلمة واحدة يخرج جهاز الحاسب الخاص به، توجه إلى اللوح يخط عليه بالقلم العريض عنوان محاضراتهم الجميع من تغير استاذهم المفاجئ، بدأ حسام في الشرح دون كلمة واحدة يحاول إشعال عقله القلق، يتحرك هنا وهناك تتابعه عيني سارة القلقة ما به حسام، يأتي بعد موعد المحاضرة يغادر قبل الجميع ماذا حدث لما يبدو وجهه شاحب عينيه منطفاءة لم يعد حتى يبتسم، انتهت المحاضرة سريعا، بدأ الطلاب في الرحيل في حين لم يفعل هو ذلك بل توجه إلى مقعده الخاص جلس عليه يخفي وجهه بين راحتيه، ظلت هي تجلس في مكانها تراقب الطلاب إلى أن خرجوا جميعا من الغرفة قامت تتحرك ناحيته وقفت أمام مكتبه تنظر له للحظات همست تسأله متوترة:.


- إنت كويس

رفع وجهه لها ينظر لعينيها كطفل صغير مشتت خائف، حرك رأسه بالنفي تنهد بحرقة يخرج أنفاسه المثقلة التي تقتله خوفا يهمس لها بحرقة:

- لا، أنا خايف اوي على زيدان، لو حصله حاجة، بعد الشر، يا رب لاء، دا صاحبي واخويا وأبويا لو حصله حاجة أنا مش قادر حتى أتخيل...

أدمعت عينيها تستمع إلى نبرة صوته الحزينة تشتت حدقتيه، انقباض كفيه، تقسم أنه على وشك أن يبكي، حاولت التخفيف عنه ولو ببضع كلمات فهمست له:.


- هيبقي كويس صدقني، أنت بس ادعيله وما تفكرش في الحاجات الوحشة دي

ارتسمت شبح ابتسامة باهتة للغاية على شفتيه يحرك رأسه بالإيجاب، لترتسم لطفية رقيقة للغاية على شفتيها تغمغم في خفوت خجول:

- على فكرة عمو خالد عازمنا بكرة عندكوا على الغدا، جاسر كان كلم بابا عشان حفلة خروج أحمد من المستشفي، فعمو خالد كلم بابا بعده وعزمنا على الغدا وبعدين نروح كلنا الحفلة.


خبر سعيد لم يدخل سوي شعاع فرح صغير على قلبه الملكوم، قام من مكانه يحمل حقيبته على كتفه اشار لها تتقدمه يحدثها مبتسما:

- تعالي اوصلك

توردت وجنتيها خجلا تحرك رأسها نفيا بعنف نظرت أرضا تهمس بصوت خفيض مرتبك:

- لاء ما ينفعش، لو حد شافنا هيفهمنا غلط، وبعدين بابا قالي ما اركبش معاك العربية عشان أنت قليل الأدب.


توسعت عينيه في دهشة يرفع حاجبيه مستنكرا من أين جاء عمه العزيز بتلك المعلومة الكاذبة فقط يعود زيدان ويطمأن عليه وسيريه كم هو قليل الحياء، رفعت سارة رأسها تبتسم له في رقة لطيفة قبل أن ترفع كفها تلوح له وداعا توجهت إلى سيارة والدها في حين وقف حسام يراقبها بعينيه إلى أن غادرت السيارة ليعقد جبينه يغمغم في نفسه حانقا:.


- بقي أنا قليل الأدب، ورحمة أمي لوريك يا عمي حسام قليل الأدب، يارب ترجع بالسلامة يا زيدان...

توجه إلى سيارته يعود سريعا إلى منزل والده ربما يكن زيدان قد عاد.


على الأريكة في غرفة المعيشة تجلس أمامها الطاولة الصغيرة تضع عليها عدة كتب وحاسبها المحمول، هل تذاكر لا بالطبع تختلس النظرات إلى باب المنزل، قلقة عليه بشكل يثير غيظها من نفسها، لما تأخر كل ذلك الوقت بما لم يعد إلى الآن، هل تري أصابه مكروه تتمني الا يحدث ذلك، زفرت حانقة توجه انظارها للكتاب أمامها ستذاكر، وربما لا صدح صوت والدتها تناديهم:

- يا لينا يا خالد يلا الغدا جاهز هو حسام فين، حد يكلمه.


التقطت هاتفها للاتصال له لتجده يدخل من باب المنزل القي حقيبته على اقرب مقعد نظرت لينا تتمتم ساخرة:

- كويس أنك جيت كنت لسه هضيع رصيدي عليك

رمقها حسام بنظرات مشمئزة قبل أن يتوجه صوب غرفة الطعام يحادثها:

- معفنة بقي هنعمل إيه

التف اربعتهم حول الطاولة، نظرت لينا لخالد تسأله قلقة:

- ما فيش اي معلومات عن زيدان.


تنهد الأخير قلقا يحرك رأسه نفيا، هو يملك كافة المعلومات تم القبض على العصابة المسلحة وضبط كافة الأسلحة والمواد المخدرة سقوط سبع شهداء من عناصر الشرطة، ستة منهم يعلم هويتهم والسابع هويته مجهولة له، وما يزيد القلق في قلبه، إنه لا يعرف حتى أين زيدان، تنهد بحرقة يمسح وجهه بكف يده، يهمس في قلبه راجيا:

- يارب ما يكونش هو السابع، يارب رجعه بالسلامة.


- صحيح أحمد ابن سهيلة وجاسر خرج النهاردة من الحضانة بس هيخرجوا بكرة من المستشفى

غمغم بها حسام بنبرة هادئة عله يخفف من خدة التوتر السائدة ليبتسم الجميع سعيدا خبر جيد في خضم ما يحدث...

عطره!، لما تشم رائحة عطره، ربما فقط يهئ لها، ليس من المنطقي أن تشتم رائحة عطره ابداا، خيال هو فقط خيال، خيال، خيال يتحدث!

على حين غرة سمعت صوته هو يغمغم بنبرة مرح عابثة:

- ما فيش حمد لله على السلامة يا زيزو ولا إيه.


صرخت لينا زوجة خالد باسمه في سعادة تهرول ناحيته تضمه إلى أحضانها بقوة تبكي بلا توقف في حين توسعت ابتسامة زيدان يضم والدته لاحضانه، قام خالد خلفها يجذبها بعيدا عنه يحادثها حانقا:

- والله اقتله

ضحكت لينا بقوة رفعت يديها تمسح دموعها المنسكبة من مقلتيها تنظر لصغيرها في سعادة اخيرا عاد، في حين اندفع حسام كالسهم يعانقه بقوة يصيح كالمجانين:.


- زيزو يا زيزو يا زيزو، أخيرا يا أخي حرام عليك وقعت قلبي كنت هموت من الخوف عليك ربنا ياخدك

ضحك زيدان عاليا يعانق صديقه بقوة كم اشتاق لذلك الابلة، ابتعد عنه بعد عناق حاد، يبحث عنها بعينيه ليراها تجلس هناك رأت ابتسامة عينيها الجميلة شعر بالسعادة تطفو في حدقتيها، احقا هي سعيدة بعودته، التفت برأسه ناحية خالد ليبتسم له يغمغم في هدوء:

- كنت واثق أنك هترجع، حمد لله على سلامتك.


لحظات من الصمت ليفتح خالد ذراعيه أقترب زيدان يرتمي بين أحضان أبيه شدد خالد على عناقه يصدمه على رأسه بقوة تنهد يهمس بارتياح:

- حرام عليك يا اخي وقعت قلبي، دا أنا هنقلك مكافحة الآداب بعد اللي حصل دا

ضحك الجميع، لتجذب لينا زيدان من بين أحضان خالد تجلسه في المنتصف بينها وبين لينا الاخري تملئ صحنه بالطعام تغمغم بتلهف:.


- إنت اكيد واقع من الجوع الحمد لله يا رب أنك رجعت بالسلامة، أنا مش عايزة الطبق بس يخلص أنا عايزة الترابيزة كلها تخلص...

حمل حسام طبقه بين أحضانه ينظر لهم حانقا يغمغم في غيظ طفولي:

- اللي هيجي جنب طبقي هعوره...

تعالت ضحكات الجميع وبدأ حسام في المشاغبة من جديد يبدو أن بعودة صديقه عاد هو للحياة من جديد.


في حين التفت زيدان للينا الجالسة جواره تواصل بصري قصير بينهما كان اكفي من ألف حوار لم ينطقه اللسان ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها تهمس له:

- حمد لله على السلامة

ابتسم هو الآخر يهمس في خفوت:

- الله يسلمك، شكرا.


ساعات قضوها حسام لم يتواني عن رسم الضحكات على شفاه الجميع لينا تصر على إطعام زيدان كل أصناف الطعام في المنزل، حين حل الليل صعد الجميع إلى غرفهم، توجهت هي إلى غرفتها تخرج إلى الشرفة وقفت فيها تبتسم رغما عنها شردت عينيها في الفراغ، البيت الكئيب الصامت امتلئ بالضحكات فقط لعودته، حسام الذي لم يتوقف عن الضحك، والديها وكأن الحياة عادت لهما، بعودته، زيدان لم يكن فقط ابن صديق خالد الذي تربي معهم منذ أن كان طفلا بل هو جزء من كيان كل فرد، حتى هي؟!، هل هو جزء من كيانها هي الاخري، ربما نعم وربما لا التفتت برأسها ناحية شرفة غرفته التي صارت بعيدة عنها لتراه يقف فيها، ينظر ناحيتها!، توترت حدقتيها، تقبض على سور شرفتها تذكرت كلمات قاسم في تلك اللحظة يحتاجون إلى مصارحة أخيرة، تهربت مقلتيها عدة لحظات قبل أن تعود إليه تحادثه بصوت هادئ فالجو هادئ في ذلك الوقت على اي حال:.


- زيدان أنا عايزة اتكلم معاك، بس مش هنا، اي مكان برة الفيلا...

عقد جبينه للحظات قبل ان يومئ رأسه بالإيجاب يتمتم في هدوء:

- هستناكي في العربية!تبع أقترب الموعد


الفصل المائة تسعة عشر والمائه وعشرون من هنا 

لقراءة جميع حلقات الرواية الجزء الرابع من هنا


تعليقات