رواية أسير عينيها الفصل الثاني والثمانون 82 الجزء الرابع بقلم دينا جمال

رواية أسير عينيها

الفصل الثاني والثمانون 82 الجزء الرابع

بقلم دينا جمال

بدأ سائق السيارة التي هي فيها بعنف يصطدم بسيارة معاذ، لتشتعل عيني معاذ غضبا حاول بعنف أن يصطدم هو الآخر بالسيارة ليصيح جاسر فيه محتدا:

- أنت بتعمل ايه يا مجنون؟ لينا في العربية...


ابتسم معاذ ابتسامة واسعة قاتمة التف برأسه ناحية لينا يغمزها بطرف عينيه لتتوسع عينيها في دهشة ماذا سيفعل، دهس معاذ المكابح بعنف لتنطلق السيارة بقوة كبيرة سبق سيارة الخاطفين، ليقف بسيارته بالعرض أمامهم يجبر السائق علي التوقف، وبالفعل توقفت السيارة نزل السائق اولا يحمل في يده مسدس، لينزل معاذ سريعا، في اقل من لحظة رصاصة خرجت من فوهة مسدس الأخير ليسقط السائق ارضا يصرخ من ألم تلك الرصاصة التي استقرت بساقه، في تلك اللحظة نزل أحد الرجلين يلف ذراعه حول عنق لينا يوجه مسدس ناحية رأسها مباشرة يصيح في صديقه:.


- أنت مستني ايه خلص عليهم، خلينا ناخدها ونغور...


تحرك جاسر منحني الظهر ينزل من باب السيارة الآخر حتي لا يراه اي منهم، في تبادل الرصاص بين معاذ والرجل الآخر، رفع جاسر رأسه ببطئ يحاول تحديد مكان الرجل الآخر، ليهب فجاءة يطلق عدة رصاصات ناحيته مباشرة اصابت أحدها صدره ليسقط أرضا، لم يبقي سوي لينا وذلك الرجل الذي يقيد حركتها، خرج جاسر من مكانه، يتحرك ناحيتهم ببطئ يمسك بسلاح في يسراه يمناه يلتف حولها قطعة من قميصه الممزق، شدد الرجل ذراعه حول عنق لينا يصرخ في جاسر بشراسة:.


- اللي هيقرب خطوة واحدة هفجر دماغها انتوا فاهمين، ارموا المسدسات، ارموها

نظر معاذ لجاسر ليلقي كل منهما سلاحه ارضا أمامه، توسعت عيني لينا فزعا تحركها نفيا تصيح فيهم:

- انتوا بتعملوا ايه، اضربوا عليه

تأوهت متألمة حين جذب الرجل خصلات شعرها يصيح فيها متهكما:

- اخرسي يا بت، وبعدين يضربوا عليا نار، الرصاص هيجي فيكي يا مزة.


توسعت عينيها علي آخرهما وعقلها يأخذها لذكري بعيدة، بعيدة جدااا، منذ سنوات طوال في عيد ميلادها العاشر تقريبا، تلك الطفلة الصغيرة في غرفتها ترتدي فستان جميل اشبه بفستان اميرات الحكايات القديمة، وتاج صغير فوق رأسه تقف فوق فراشها تعقد ذراعيها أمام صدرها ترفض النزول لحفلة عيد ميلادها، تنهد زيدان متعجبا من رفضها يسألها متعجبا:

- يا لوليتا دا عيد ميلادك يعني ايه مش عايزة تنزلي، يا حبيبتي ما ينفعش.


اشاحت بوجهها بعيدا تحرك رأسها نفيا تتمتم حانقة:

- مش هنزل يعني مش هنزل، كلهم هيبقوا معاهم ماما بتاعتهم وأنا ماما سابتني وسافرت، أنا مش هحب ماما ومش هكلمها تاني ابداا

ضحك زيدان رغما عنه يحاول أن يسترضيها ليغمغم مبتسما:

- طب مش عايزة تعرفي الهدية اللي جبتهالك

حركت رأسها نفيا بعنف ليدخل خالد الي الغرفة في تلك اللحظات نظر لهم يتمتم متعجبا:

- ايه يا لينا اللي موفقك كدة، وما نزلتيش ليه.


ابتسم زيدان تنهد يردف يآسا:

- لينا رافضة تنزل، عشان ماما سافرت ومش هتحضر معاها عيد ميلادها

نظر خالد لابنته ليضحك يآسا ابنته العنيدة ذات الرأس الصلبة تشبهة تماما، ربت علي كتف زيدان الذي بات الآن فتي في الثامنة عشر من عمره يغمغم بهدوء:

- طب انزل شوف الدنيا تحت وأنا هجيب لينا واجي

حرك رأسه إيجابا ليتحرك ويخرج من الغرفة، ليتحرك خالد يجلس علي فراش ابنته يغمغم مبتسما:.


- ينفع نعمل عيد ميلاد لينا من غير ما لينا تكون موجودة، اقعدي يا حبيبتي

جلست جوار أبيها تعقد ذراعيها تنظر بعيدا ليضحك خالد رغما عنه يقرص وجنتها برفق يغمغم في مرح:

- يا ست المقموصة، ماما كان لازم تسافر، انتي عارفة ماما بتحبك قد إيه، صح، بس لو ما كنتش سافرت كانت هتزعل وتقعد تعيط، يرضيكي ماما تزعل

اخفضت الصغيرة رأسها أرضا تحركها نفيا لتتساقط بعض الدموع من مقلتيها تهمس في حزن:.


- بس ماما وحشتني، هي كانت بتقف جنبي وأنا بنفخ في الشمع كل مرة

بسط يده برفق أسفل ذقنها ليرفع وجهها إليه يغمغم مبتسما بمرح:

- زي القطط تاكلي وتنكري، ما أنا ببقي جنبك انتي وماما، هنوقف الواد زيدان المرة دي مكان ماما، واوعدك لما ماما ترجع هعملك عيد ميلاد تاني ايه رايك

توسعت ابتسامتها البريئة تحرك رأسها إيجابا سريعا ليحملها خالد علي ذراعه يتمتم ضاحكا:.


- يلا يا برنسيس ننزل نطفي الشمع، جبتلك هدية حلوة اوي، وماما بعتتلك من لندن بيت باربي الكبير اللي كنتي عايزاه.


صفقت الصغيرة فرحة، ليأخذها خالد وينزل لأسفل، وسط جموع العائلة التي جاءت لحضور حفل مدللة أبيها الوحيدة، طاولة كبيرة في منتصفها كعكة كبيرة للغاية طُبع عليها صورة لينا يحوطها الكثير من الحلوي بمختلف أنواعها، وقفت لينا عند رأس الطاولة فوق مقعد جوارها والدها من ناحية وزيدان من الناحية الأخري والباقي يلتف الطاولة يغنون احدي أغاني عيد الميلاد، ينظر زيدان لها يبتسم ابتسامة واسعة سعيدة، صدح صوت خالد يحادث منظمي الحفل:.


- اطفوا النار يلا عشان تتطفي الشمع بدأت الاضاءة تخبو، شيئا الي ان اظلم المكان تماما لم تعد هناك إضاءة سوي أنوار الشموع مالت لينا برأسها لتطفئ شمعات عيد ميلادها، واحدة الثانية الثالثة، الرابعة، الخامسة، السادسة، السابعة، وقبل أن تطفئ الثامنة صدحت صرختها العالية، صرخة جعلت الجميع يصيح وبدأ خالد يصرخ فيهم أن يشعلوا الاضواء، يحرك يديه بعنف يبحث عن ابنته التي كانت تقف جواره قبل لحظات.


حين عادت الإضاءة، شخصت عيني خالد فزعا حين رأي رحاب تحمل ابنته توجه سكين ناحية رقبتها مباشرة تبتسم ابتسامة واسعة مختلة تصيح بجنون:

- مش قولتلك هحرق قلبك عليها، اللي هيقرب خطوة واحدة هقتلها

أحمر وجه خالد من الغضب والخوف ينظر حوله الجميع يتراجع خوفا من أن تؤذي تلك المختلة الصغيرة، بينما صرخ خالد في حرسه:

- ازاي دخلت أنا هوديكوا ورا الشمس

صدحت صوت ضحكة رحاب العالية المختلة تتمتم ساخرة:.


- أنت مشغل عندك شوية بهايم يا باشا، أنا مجرد ما قولتلهم اني تبع الخدامين اللي جايين لحفلة السنيورة دخلوني، شهور وأنا مستنية اليوم دا، واهو جه، هحرق قلبك يا خالد يا سويسي

تحرك تلقائيا للامام يصرخ فيها:

- رحاب، أنا قدامك اهو اعملي فيا اللي انتي عوزاه ابعدي عن البنت، هي مالهاش ذنب

اشتعلت عيني رحاب غضبا لتصرخ بشراسة:

- وبنتي أنا كان ليها ذنب، بنتك لازم تموت زي ما بنتي ماتت.


قبض زيدان علي ذراع خالد قبل أن يتحرك حركة اخري وتؤذي رحاب لينا ليصدح صوت خالد عاليا:

- هي بنتك لوحدك كانت بنتي أنا كمان، بنتي اللي قلبي اتحرق عليها، اللي يوم ما شوفتها كانت جثة، سيبي البنت يا رحاب

توسعت ابتسامة رحاب المختلة تحرك رأسها نفيا ببطئ تتمتم متلذذة:

- مش هسيبها يا خالد، هموتها، هحرق قلبك، هجننك زي ما أنا اتجننت

- وليه انتي تموتيها، هموتها انا.


صدحت تلك الجملة بهدوء تام من الواقف جوار خالد، لتتوسع أعين الجميع فزعا واولهم لينا التي نظرت له مذعورة تحرك رأسها نفيا تبكي بعنف طفلة صغيرة مرتعدة، أخرج زيدان مسدسه من جيب سرواله وفي اقل من لحظة كان صوت رصاص قوي يدوي في المكان، وصوت لينا تصرخ، صرخت رحاب بذعر لتلقي لينا من يدها ارضا، فاندفع خالد ناحيتها يقيد يديها وهرول زيدان ناحية لينا التي تكاد عينيها تخرج من مكانها من الفزع، تنظر لجسدها مذعورة ألم يقتلها زيدان للتو، انتشلها زيدان بعيدا عن رحاب وضعها علي أحد المقاعد يسألها فزعا:.


- انتي كويسة

حركت رأسها نفيا بعنف تنظر له مذعورة تتمتم بفزع:

- انت قتلتني، دم فين الدم، ماما أنا عايزة ماما

كانت آخر كلماتها قبل أن تفقد الوعي تلقائها بين أحضانه يمسح علي رأسها برفق، ينظر لخاله الذي يصرخ في الحرس غاضبا

Back

عادت من شرودها فجاءة علي صوت معاذ يصرخ في الرجل:

- سيبها واحنا نسيبك تمشي حي علي رجليك.


توترت حدقتي الرجل، ينظر للسائق الذي يجثو ارضا يصيح من ألم ساقه، حرك السائق رأسه إيجابا، ليعاود الرجل الآخر النظر لمعاذ وجاسر يصيح فيهم:

- ماشي أنا موافق دوروا العربية وخلوا السواق يركب، وحطوا جثة مدبولي فيها، يلا لو عايزها تفضل عايشة.


حرك معاذ رأسه إيجابا سريعا ليستقل سيارتهم يدير محرك السيارة، نزل منها وترك المحرك يعمل، ليستند السائق علي ساقه السليمة يجلس في مقعده، هرول سريعا يحمل جسد الرجل الآخر فتح باب السيارة الخلفي يضع جسده فيها يغلق الباب، مد الخاطف يده يفتح باب السيارة الخلفي المجاور له بحذر ينظر لهما، بينما لينا كانت في عالم آخر جسدها بارد يرتجف ذكريات متداخلة تمر في رأسها، نظرت ليد السائق التي تحاوط عنقها لتتذكر ما حدث قديما كيف كانت ولا زالت طفلة ضعيفة، اشتعلت عينيها في غضب، لتقطم باسنانها يده بعنف شديد، ترغب في تمزيق لحمه بين أسنانه قضمه عنيفة ليست بهينة إطلاقا، صرخ الرجل متآلما ليدفعها بعيدا عنه بعنف سقطت علي وجهها ارضا، ليلتقط جاسر مسدسه يحاول إطلاق النار، ولكن ذلك الرجل سبقه فقط بخطوة واحدة دخل الي السيارة التي انطلقت بهم مسرعة تشق الصحراء، اندفع جاسر يركض خلفهم يحاول أصابه عجلات السيارة ليجد المسدس قد فرع من الرصاصات، صرخ في غيظ ليلقي المسدس ارضا بعنف، عاد يهرول ناحية لينا الذي يحاول معاذ إسنادها لتقف أرضا، التقطها جاسر بين ذراعيه يعانقها بقوة يغمغم متلهفا:.


- انتي كويسة يا حبيبتي، عملولك حاجة، حد فيهم اذاكي

حركت رأسها نفيا تحاول التقاط أنفاسها تلهث بعنف، لحظات تحاول إستجماع شتات نفسها مما حدث قبل قليل، عادت تنظر لجاسر تسأله متعجبة:

- أنت جيت ورايا ازاي، وازاي اتقابلت انت ومعاذ أصلا، ودراعك أنا شوفته بيضربك بالرصاص

مسح علي رأسها برفق يغمغم لها بتروي:

- هفهمك كل حاجة في العربية يلا نروح، كان المفروض نبلغ البوليس علي فكرة يا معاذ.


تحرك مع شقيقته ليجلس جوارها علي الأريكة الخلفية في سيارة معاذ، بينما استقل معاذ مقعد السائق تحرك بالسيارة يخرج من الصحراء، نظرت لينا لجاسر تسأله بعينيها ليبارد معاذ قائلا:.


- هقولك أنا يا لينا، أنا كنت جاي لولدك عشان اتفق معاه علي ميعاد كتب الكتاب، لما قربت شوفت جاسر بيقع علي الأرض وفي عربية بتجري بعيد، أنا عارف شكل جاسر من الصور اللي ورتهالي بس مش عارف مين اللي في العربية قربت بسرعة وهو قالي أنك انتي اللي اتخطفتي، الطلقة اللي في دراع جاسر رش علي فكرة فمش خطيرة، ركب معايا وحاولنا نلحقكوا، والحمد لله انتي بخير.


ابتسمت لينا لجاسر ابتسامة صغيرة شاحبة لتريح رأسها علي صدره رفع يده السليمة يحركها علي شعرها برفق ينظر لمعاذ في شك يغمغم:

- مش غريبة شوية أن يكون معاك مسدسين مرخصين مش مسدس واحد

ابتسم معاذ في هدوء يرفع كتفيه لأعلي يغمغم ببساطة:

- لا أبدا واحد منهم بتاع والدي الله يرحمه أنا ما كنتش بستخدمه خالص، بس محتفظ بيه كذكري والحمد لله أنه كان شغال.


حرك جاسر رأسه لم تتبدل نظرات عينيه المتشككة فقط ضحك باصفرار يتمتم:

- والبوليس أنا قولتلك بدل المرة عشرة اتصل بيه لأن موبايلي وقع اتكسر، وما اتصلتش

نظر معاذ لجاسر من خلال مرأه السيارة الامامية بدهشة تجلت علي قسماته يتمتم مذهولا:

- أنت ما اتصلتش أنا افتكرتك بتقول أنا اتصلت بالبوليس ما خدتش باللي خالص والله.


حرك جاسر رأسه إيجابا ينظر لمعاذ يحاول الابتسام، ليقابله الأخير بابتسامة واسعة، ليتمتم جاسر في نفسه قلقا:

- الواد دا نظراته مريبة ومش مريح ابداا!


في أحدي الأقسام التابعة للمنطقة التي عُثر فيها علي جثة القتيل، يتحرك خالد أمام غرفة التحقيق ذهابا وإيابا يكاد يحرق الأرض تحت أقدامه وقف فجاءة أمام محمد يصيح فيه قلقا:

- أنا اخويا ما قتلش أكيد في حاجة غلط

حرك محمد رأسه إيجابا سريعا ليهب واقفا جوار صديقه يربت علي كتفه يحاول تهدئته:

- أكيد طبعا يا خالد اهدي بس وكل حاجة هتبان.


في داخل الغرفة وقف حمزة أمام مكتب الضابط الذي يُجري له التحقيق حمحم الضابط يهتف محتدا:

- أستاذ حمزة كونك اخو سيادة اللوا خالد باشا السويسي دا علي عيني وراسي بس أنت هنا متهم ودي جريمة قتل مش سرقة موبايل، س: ممكن اعرف سبب وجودك في مكان الحادثة

ابتسم حمزة بهدوء يخرج هاتفه من جيب سرواله يضعه علي المكتب امام الضابط يتمتم مبتسما في هدوء:

- الرسالة قدامك اهي هتعرفك أنا ايه وداني هناك.


التقط الضابط الهاتف ينظر لمحتوي الرسالة للحظات قبل أن يرفع رأسه لحمزة يغمغم ساخرا:

- قصدك أنه فخ وحد حاول يوقعك، بس الشهود قالوا انك كنت ماسك مسدس كاتم للصوت اما البوليس دخل، يعني أنت متلبس

ابتسم حمزة في هدوء يحرك رأسه إيجابا يتمتم متهكما:

- هو علميا أنا فعلا متلبس، بشهادة الشهود...

انما الحقيقة أنا خزنة مسدسي كاملة ما ضربتش منها رصاصة واحدة...

ابتسم الضابط ابتسامة صفراء يحرك رأسه إيجابا يتمتم:.


- علي العموم أنت هتفضل مشرف معانا لحد ما تقرير الطب الشرعي يطلع..

دق باب المكتب في تلك اللحظات، ليدخل العكسري ادي التحية للضابط يردف:

- خالد باشا برة يا افندم، وعايز يدخل

حرك الضابط رأسه إيجابا ليتحرك العسكري خرج ليدخل خالد بعد لحظات وقف الضابط يصافحه يتمتم مبتسما:

- باشا نورت المكتب

رسم خالد ابتسامة زائفة على شفتيه يصافح الواقف أمامه تنهد يغمغم قلقا:

- متشكر، وصلتوا ايه تقرير الطب الشرعي جه.


حرك الضابط رأسه نفيا يتمتم سريعا:

- لسه يا باشا والله، دلوقتي أستاذ حمزة لازم يفضل معانا لحد ما التقرير يظهر وساعتها نقرر...

تنهد خالد متعبا يحرك رأسه إيجابا يمسح وجهه بكفه بعنف، ليصدح صوت الضابط ينادي العسكري الواقف خارجا، لحظات ودخل ليغمغم الضابط:

- خد أستاذ حمزة الحجز

رفع خالد وجهه ينظر للواقف أمامه نظرات حادة مشتعلة، ليقبض علي يد حمزة الواقف جواره يغمغم مبتسما في قتامة:.


- حمزة مش هينزل الحجز، اعتبره في عهدتي لحد ما التقرير يجي، ولو هو القاتل أنا بايدي اللي هسلمه، مش هخرج بيه من القسم، عن إذنك يا اسمك ايه...

نظر خالد للعارضة الخشبية الصغيرة علي سطح مكتبه، ليعاود النظر للضابط يتمتم مبتسما:

- عن إذنك يا مصطفي باشا.


قبض خالد علي يد حمزة يخرج به من الغرفة حيث محمد الذي ينتظرهم خارجا تحرك خالد يقبض علي يد حمزة يتحرك به ناحية احدي الغرف وقف أمامها ينظر للعسكري الواقف أمامها:

- حاتم باشا جوا يا إبني

اوما العسكري بالإيجاب ليردف خالد:

- قوله خالد السويسي.


غاب الفتي للحظات قبل أن يخرج يفسح لهم الطريق، دخل خالد يقبض علي يد حمزة كأنه طفله الصغير الخائف عليه من أن يتوه في الزحام، الي الداخل توجه به وقف حاتم يبتسم فتح ذراعيه يغمغم ضاحكا:

- صديق الزملاه القديم واحشني والله يا كبير

ضحك خالد يتمتم متهكما وهو يحتضن صديقه:

- حاتم عدنان يا سرسجي يا قديم ما فيش وسط يا إبني.


بعد عناق حار بين الأصدقاء، امسك خالد يد حاتم يبتعد به عن أخيه ومحمد الواقف ينظر لهم مبتسما، تنهد يشرح له الوضع ليهمس له بصوت خفيض:

- أنا لازم اروح اشوف تقرير الطب الشرعي، خايف لاحد يلعب فيه عشان يلبسها لحمزة، حمزة مش هينفع ينزل الحجز، أنا خايف للي عمل كدة يبعت حد يآذيه في الحجز...

ابتسم حاتم يربت علي كتف صديقه يغمغم مترفقا:

- روح وما تقلقش.


ابتسم خالد لصديقه ممتنا ليتحرك سريعا ناحية محمد يغمغم له علي عجل:

- تعالا معايا يا محمد، حمزة ما تتحركش من هنا مهما حصل

تحرك خالد يهرول للخارج ومن خلفه محمد ليتهاوي حمزة علي الأريكة يبتسم ساخرا من أفعال أخيه الغريبة هل يظنه طفلا، نظر ناحية ذلك الحاتم حين سأله مبتسما:

- تحب حضرتك تشرب حاجة

نفي برأسه ينظر للأمام يفكر في كل ما حدث.


علي صعيد آخر في فيلا جاسم الشريف، ارتمت مايا بين أحضان لينا تبكي بلا توقف، ولينا فقط تحاول أن تهدئها:

- يا حبيبتي أدهم هيبقي كويس والله، الدكتور دا شكله ما بيفهمش حاجة، طب ايه رأيك أنا أعرف دكتور شاطر جداا، هكلمه يتابع حالة أدهم وهيطمنا ما تقلقيش.


رفعت مايا وجهها تنظر للينا متلهفة تتوسلها بعينيها أن يكن ما تقوله صحيحا لتحرك لينا رأسها إيجابا، تؤكد لها ما تقول تمسح دموعها برفق، في اللحظات التالية كان يدق جرس الباب، توجهت احدي الخادمات تفتح الباب لتشهق فزعة ما أن رأت ذلك المشهد أمامها، هبت لينا واقفة تنظر للثلاثة الذين دخلوا توا بذعر:

- انتوا ايه اللي عمل فيكوا كدة

تحركت لينا تسند جاسر الي اقرب اريكة نظرت لوالدتها تغمغم متلهفة:.


- مش وقته يا ماما، جاسر دخل في دراعه طلقة، اللي هي رش دي، هتعرفي تخرجيها ولا نكلم دكتور

حركت رأسها إيجابا سريعا لتهرول تجلب حقيبة يدها التي نادرا ما تستخدم ما فيها، الطلقة لم تكن عميقة فأخرجتها ببساطة عقمت جرح ذراعه، ولفته جسدا بالشاش الأبيض...

لتقترب من ابنتها تمسح الدماء المجلطة علي جرح شفتيها تستلهم قلقة:

- في أيه، ايه اللي حصل لكوا.


شرحت لينا بإيجاز لوالدتها ما حصل، لتشهق الأخيرة مذعورة ابنتها كانت علي وشك الاختطاف، صدح صوت جاسم في تلك اللحظات يتمتم متهكما:

- اقطع دراعي لو ما كنش خالد هو اللي عامل الفيلم دا كله عشان يجبرك ترجعيله

حركت لينا السويسي رأسها بعنف تتمتم سريعا:

- لاء يا جدو مش بابا أنا واثقة من دا، اللي عمل كدة كان عايز يقتلني ومستحيل بابا يبعت حد يقتلني

تحرك جاسم يجلس جوار ابنته ينظر لحفيدته يغمغم محتدا:.


- يبقي حد من أعدائه ما انتي ابوكي ليه اعداء في كل حتة، كنتي هتموتي بسببه

تنهدت لينا وابنتها يآستان من المستحيل أن يتوقف جاسم عن كرهه لخالد، حمحم معاذ في تلك اللحظات بحرج يتمتم متوترا:

- حمد لله علي سلامتك يا لينا هستأذن أنا بقي، عن اذنكوا

التفت ليغادر لتصيح لينا باسمه سريعا:

- استني يا معاذ، أنت مش هتمشي قبل ما بابا يجي ونقوله علي كل اللي حصل.


التفت معاذ لها يبتسم مرتبكا ليحرك رأسه إيجابا، عاد لمقعده يجلس عليه، لتأخذ لينا هاتف والدتها سريعا تحاول الاتصال بوالدها.


علي صعيد آخر بعيد كثيرا عن سابقه، في غرفة صغيرة تطل شرفتها علي أمواج البحر المتلاطمة، جلست علي مقعد خشاب قديم تستند بيمناه الي اطار الشرفة تنظر من خلالها لمشهد أمواج البحر وهي تصارع بعضها بعضا، تتذكر وتتذكر وتتذكر كل ما مر بها، ادمعت عينيها ينساب لؤلؤ حدقتيها يسقي خديها، خرجت من شرودها علي صوت يردف من جوارها معاتبا:

- بردوا عملتي اللي في دماغك وقولتيله أنك سقطتي الجنين.


مسحت سهيلة دموعها المتساقطة براحة يدها تنظر للسيدة حورية تغمغم بصوت ثقيل مختنق:

- صدقيني لا أنا ولا اللي في بطني نفرق معاه، انتي مش عارفة حاجة

جلست حورية علي المقعد أمام سهيلة ابتسمت تربت علي ساقها تتمتم مترفقة:

- أنا عارفة جاسر اكتر مما تتصوري وعارفة أنه مستحيل يستقوي علي واحدة ست، وشوفت فرحته بيكي في عينيه لما جيتوا هنا اول مرة، جاسر طيب والطيب ما يأذيش أكيد في حاجة غلط حصلت.


حركت سهيلة رأسها نفيا بعنف تشيح بوجهها ناحية النافذة تغمغم مختنقة:

- حصلت بقي ما حصلتش خلاص احنا كل اللي بينا انتهي، أنا بقيت ما بكرهش في حياتي حد قده، علي قد ما حبيتش في حياتي حد قده

التفتت سريعا ناحية حورية تمسك بيديها تتوسلها راجية:

- انتي حلفتيلي أنك مش هتقوليله إني عندك صح

ابتسمت حورية حزينة مشفقة علي حالها وحال جاسر ولدها الذي لم تحمل به تنهدت تحرك رأسها إيجابا تربت علي يد سهيلة:.


- صح يا بنتي قومي يلا ناكل لقمة، انتي ما كلتيش حاجة من ساعة ما جيتي عشان خاطر اللي في بطنك حتي

جذبت حورية يد سهيلة تتحرك بها ناحية صالة المنزل الصغيرة، جلست جوارها ارضا حول طاولة من الخشب ذات أقدام قصيرة للغاية، ارتص عليها وجبة فاخرة من المأكولات البحرية، مدت سهيلة يدها تلتقط معلقة ارز صغيرة تضعها في فمها لتنهمر دموعها بعنف تدوي في رأسها جملته وهو يغمغم.


« احلي طبق رز صيادية لاحلي سهيلة في الدنيا، الحساب يا افندم عشرين بوسة ويا ريت يبقي فيه تبس للطباخ الغلبان »

انفجرت دموعها تبكي بحرقة لتحاوطها حرية تضمها لأحضانها برفق تحاول فقط أن تهدئها.


في غرفة مكتب حاتم مرت ساعة تقريبا قبل ان يُفتح الباب فجاءة بعنف ودخل خالد إلي الغرفة هرول ناحية أخيه يعانقه بقوة يشدد عليه بين أحضانه يهمس بصوت خفيض شبه باكي:

- الحمد لله يا رب، الحمد لله

أبعد حمزة عنه ينظر له بابتسامة واسعة تشق شفتيه تنهد يغمغم بارتياح:.


- الحمد لله تقرير الطب الشرعي أثبت الرصاص اللي في جسمه مختلف عن الرصاص اللي في مسدسك، وإن وقت الوفاة حوالي الساعة 12 والوقت دا احنا كنا في المستشفى اصلا، جبت شهادة الدكتور والممرضات وكاميرات مراقبة المستشفي، كل الادلة اللي تثبت أنك بعيد، والحمد لله إنت برة الجريمة دي كلها...


عاد يعانق أخيه من جديد يكاد يبكي من الفرح منذ ساعة فقط كاد يموت ذعرا من أن يكون هو المتورط في جريمة القتل، انهيا سريعا الأوراق لخروجه ليودع خالد محمد، استقل هو وحمزة سيارته، اراح حمزة رأسه للخلف يغمض عينيه ليغمغم خالد برفق:

- ارتاح علي ما نوصل، اليوم كان صعب أوي

فتح حمزة عينيه يبتسم ابتسامة ذبيحة متألمة يغمغم:

- ارتاح وابني بين الحياة والموت، والخيط الوحيد اتقتل.


مسح خالد وجهه بكف يده كور قبضته يشد عليها بعنف قلبه بل جسده بالكامل أشتعل غضبا فقط لو يضع يده علي من يفعل ذلك شد علي أسنانه يغمغم متوعدا:

- احنا بندور ورا الرقم اللي بعتلك الرسالة ما تشلش هم، أنا بعت حراسة كبيرة عند أدهم...


دق هاتفه يمنعه من ان يكمل ما كان يقول نظر للاسم ليجد اسم لينا زوجته تسارعت دقات قلبه قلقا في حقيقة الأمر، خائفا من أن يكون أصابها مكروة، فتح الخط يضع الهاتف علي أذنه سريعا يغمغم متلهفا:

- ايوة يا لينا انتي كويسة

قطب جينيه متعجبا حين سمع صوت ابنته تطلب منه الحضور في الحال، تنهد يغمغم سريعا:

- أنا في طريقي ليكوا كدة كدة دقائق وهكون عندكوا.


اغلق معها الخط ليضع المكابح بعنف يزيد سرعة الزيادة، دقائق وكان أمام منزل جاسم نزل من السيارة يتبعه حمزة الي الداخل دق باب المنزل لتفتح ابنته له قطب جبينه قلقا ينظر لجرح شفتيها المتورم:

- انتي كويسة ايه اللي حصل

ادخل يا بابا بس الأول، غمغمت بها لينا تبتسم في هدوء، ليدخل خالد خلفه حمزة، وقعت عيني خالد علي معاذ الجالس علي أحد المقاعد يبتسم في بلاهة ليصيح محتدا:

- ايه اللي جاب الواد دا هنا.


لتقع عينيه في اللحظة التالية علي جاسر الذي يجلس علي الاريكة ذراعه عاري يلتف بالضدمات، لينا زوجته تجلس جواره تطعمه في فمه ليصيح غاضبا:

- ودا قاعد كدة ليه ودراعه ماله، وانتي بتأكليه ليه هو اتشل

لم تنظر ناحية زوجها الغاضب ولو لمحة خاطفة فقط اكملت ما كانت تفعل في هدوء تام، لتمسك لينا بيد والدها جلست جواره تقص عليه ما حدث، احتقنت عينيه بلهيب مستعر هب واقفا يصيح بجنون:.


- يعني ايه اتخطفتي من عند الفيلا والبهايم اللي هناك واقفين يعملوا ايه...

وقفت لينا أمام والدها تغمغم سريعا:

- يا بابا بقول لحضرتك أنا طلعت اجري ورا جاسر وكنت بعيدة جداا عن الفيلا، فطبيعي هما ما شافونيش

تحرك خالد يلتف حول نفسه يكاد رأسه ينفجر من يلف الحبال عليه بتلك الطريقة من يحاول إيذاء عائلته كاملة، وقف أمام احدي المقاعد يشد بيديه علي خشب المقعد يتنفس بعنف يصرخ داخل نفسه:.


- اهدا يا خالد، اهدا، هتلاقيهم وربي لهلاقيهم، بس احطي ايدي عليهم، دلوقتي الأهم فالمهم

رفع وجهه ينظر لهم جميعا وخاصة لجاسم الذي ينظر له يبتسم ساخرا متشفيا، حرك رأسه إيجابا يرتب ما سيفعل داخل رأسه، ليصدح بصوت حاد:.


- طيب واضح أن اللي بيعمل كدة عايز يأذيني أنا، فبيدور علي اغلي ما عندي ويضربه وعشان أنا ما عنديش اي استعداد اخسر حد فيكوا، من هنا ورايح هنعيش كلنا في البيت بتاعي الكبير، وهزود الحراسة علي الفيلا والعربيات ما حدش هيخرج من باب البيت غير لما يكون معاه عربيتن حرس ويفضل ما حدش يخرج الفترة الجاية لحد ما اوصل للي عمل كدة، يلا كلكوا علي العربيات.


حركت لينا رأسها إيجابا تري فكرة ابيها حقا صائبة في الظرف الحالي، تحركت تسند جاسر الي الخارج، لتتحرك مايا تلحق بهم، معاذ خرج خلف لينا مباشرة، ليبقي جاسم ولينا ابنته، وحمزة وبالطبع خالد، نظر خالد لجاسم يتمتم ساخرا:

- أنا ما سمعتش أنا قولت ايه، أنت آه مش من ضمن الغاليين عندي، بس لو حصلك حاجة لينا هتزعل وأنا ما احبش ازعل مراتي

ضحك جاسم عاليا متهكما يضع ساقا فوق أخري يتمتم ساخرا:.


- كفي نفسك يا حبيبي أنا اعرف احمي نفسي وبنتي كويس اوي

زفر خالد حانقا يمسح وجهه بكف يده نظر ناحية أخيه يتمتم مبتسما:

- حمزة معلش هتعبك، خد الراجل دا معاك في اي عربية

ابتسم حمزة في هدوء خبيث يحرك رأسه ايجايا بينما احتقن وجه جاسم غاضبا يصيح فيهم:

- أنت اتجننت إنت واخوك ولا ايه، دا أنا اوديكوا في ستين داهية لو حد قرب بس مني.


بهدوء تام تحرك حمزة متجها ناحية جاسم جذبه من ذراعه ليقف بعنف، شهقت لينا غاضبة مما فعلت كادت ان تندفع ناحية أبيها لتشعر بخالد يلف ذراعه حول خصرها من الخلف يثبتها داخل أحضانه يصيح في أخيه:

- يلا يا حمزة

حرفيا حمل حمزة جاسم بجهد شاق إلي السيارة والأخير يصرخ فيه أن يتركه، حاولت لينا بعنف دفع خالد بعيدا عنها تصرخ فيه بشراسة:.


- أبعد عني بقولك ابعد أنا مش هروح معاك في حتة أنت فاهم أنا عندي اموت ولا إني افضل اعيش معاك تاني تحت سقف واحد

لف جسدها عنوة ليواجه وجهها وجهه ثبتها بذراعه يبتسم في عشق يغمغم بوله:

- وحشتيني أوي، لولا المصايب اللي كنت فيها طول النهار، كنت جتلك جري، ياااه يا لينا حاسس إني ما شوفتكيش بقالي سنين

نظرت له حاقدة لتحاول بعنف تضرب قبضتيها في صدره تصرخ بشراسة:.


- ابعد عني بقولك ابعد خلي عندك دم، أنا ما بقتش طيقاك خلاص

ارتسمت ابتسامة عابثة علي شفتيه، ليميل فجاءة يحملها عنوة بين ذراعيه يتحرك بها للخارج وهي تصرخ بين ذراعيه تركل بساقيها:

- نزلني يا حيوان أنت اتجننت بقولك نزلني، اللي أنت بتعمله دا اسمه خطف وأنا هوديك في ستين داهية، نزلني بقولك يا نااااس الحقوني، حد يلحقني، الحقووووووووني.


ضحك خالد عاليا ليتحرك بها ناحية السيارة، تحرك حمزة سريعا يفتح باب السيارة الخلفي لينحني خالد يضعها في السيارة يجلس جوارها سريعا، حاولت فتح الباب الآخر ليمسك بها خالد سريعا يكبلها بذراعيه بين أحضانه وهي تصرخ بشراسة تحاول دفعه وخدشه بأظافرها والسيارة تنطلق بهم، تمكنت من امساك كف يده بأسنانها تضعه بعنف ليصيح متألما:

- اه يا بنت العضاضة...


نزلني بقولك نزلني يا حيوان، بابا انت قاعد ساكت ليه كدة، صرخت بها لينا بغيظ

ليبتسم جاسر متوترا لا يعرف ما يقوله هل يخبرها أن ذلك المختل الجالس جواره شقيقه زوجها المختل يمسك في يده مسدس، يحذره من أن ينطق بحرف، وجاسم خير من يعرف إياد الكامن داخل حمزة

حاولت لينا مرة اخري فتح باب السيارة ليجذبها خالد ناحيته ارتطمت في صدره بعنف توسعت عينيها تشهق مصدومة حين سمعته يهمس في عبث:.


- اقسم بالله لو ما بطلتي جنان ما هيهمني إن ابوكي واخويا قاعدين قدام وهقولك طريقة عمل البسبوسة يا بسبوسة

توسعت عينيها علي آخرهما تنظر له مذهولة في فزع حركت رأسها إيجابا رغما عنها لتتوسع ابتسامته الخبيثة يلاعب لها حاجييه عبثا...


        الفصل الثالث والثمانون من هنا 

لقراءة جميع حلقات الرواية الجزء الرابع من هنا

تعليقات