رواية أسير عينيها
الفصل الرابع والثلاثون 34 الجزء الرابع
بقلم دينا جمال
حين فتحت عينيها من جديد، رفرفت باهدابها تنظر حولها لحظة اثنتان ثلاثة إلى أن بدأت تعي أين هي، تميز صوته المميز، تشعر براحة يده تهز كتفها برفق:
- لينا لوليا يا ماما اصحي كفاية نوم بقي.
لحظة اخري وبدأت تعي أين هي في سيارة زيدان على المقعد المجاور له هبت تعتدل في جلستها تنظر حولها عينيها متسعتين بهلع، تتنفس بعنف خائفة مفزوعة، تتحرك برأسها تنظر هنا وهناك كالمجانين افزعه منظرها ليمسك كف يدها سريعا يسألها قلقا:
- لينا مالك يا حبيبتي انتي كويسة.
نظرت له بذهول ممتزج بعتاب للحظات لتنفجر في البكاء كطفلة صغيرة، وضعت يدها على وجهها تنتحب بالمعني الحرفي أسرع هو يخفيها بين ذراعيه لتصرخ بشراسة تتخبط بين يده بعنف تصرخ خائفة وهي تبكي:
- ابعد عني، ابعد عني، إنت سبتني ليهم، سيبتهم يعلموا فيا كدة
بصعوبة استطاع السيطرة على حركتها العنيفة حرفيا كان يقيد جسدها بين ذراعيه، وهي تصرخ فيه أنها تكرهه وإن يبعتد عنها، ليصدح صوته القوي الذي اخرسها تماما:.
- اهددددي، ايه شغل الجنان دا، سيبتك لمين يا هبلة انتي احنا ما اتحركنااش من العربية اصلا، عشان تقولي سيبتني ويعملوا فيكي، هما مين دول
توسعت عينيها على آخرها تنظر له مذهولة فزعة، تحرك رأسها نفيا بعنف جذبت نفسها من بين ذراعيه تصرخ فيه تصرخ فيه بكل ما اوتيت من قوة:
- أنت كذااااب، كذااااب، انتي ودتني ليهم
وضع يده يكمم فمها نظر لها بحدة ليهمس لها بصوت غاضب حانق من بين أسنانه:.
- بطلي صريخ يا لينا حولينا عربيات الناس تقول بهبب فيكي ايه في العربية، افهمي احنا ما اتحركناش من العربية انتي من ساعة ما خرجنا من المطعم وانتي نايمة اصلا
اتسعت عينيها حتى آخرها تنظر له بذهول عاجزة عن النطق بحرف واحد حركت رأسها نفيا بقوة تموء بصوت عالي ليبعد يده عن فمها، التقطت أنفاسها تلهث بعنف تسأله ذاهلة:
- ازززاي، يعني ايه لاء طبعا اللي حصل دا حصل، أنا ما اتجننتش.
هاله منظرها الخائف المتخبط، بلع لعابه يحاول أن يبدو ثابتا هادئا أمامها لاقصي حدا ممكن، امسك ذراعيها بين كفيه يسألها مترفقا بحالها:
- لينا اهدي يا حبيبتي فهميني طيب ايه حصل
لم تهدئ ولكن العكس تماما ما حدث دفعته بعيدا عنها عنها بعنف تنظر له بشراسة كارهة، تصيح فيه:
- مش ههدي إنت سيبتني معاهم، سيبتهم يعملوا فيا كدة، وجاي دلوقتي تعيش في دور البرئ، وعايز تقنعني أن اللي حصل دا كان حلم.
فما كان منه الا أن ابتسم ابتسامة هادئة ربع رأسه إيجابا يقول بنبرة ساخرة:
- هتفضلي تصرخي كدة كتير، زورك هيوجعك، أنا بحاول اقولك اللي حصل مش عايزة تصدقي خلاص انتي حرة.
رمشت بعينيها عدة مرات تنظر له متعجبة لتجده يدير محرك السيارة ينطلق في طريقه من جديد، بلعت هي لعابها تخبئ جسدها في كرسيها تفكر بحيرة تقتلها، والدها جاء نعم هذا ما سيثبت انها لم تكن تحلم، فتحت حقيبتها سريعا تلتقط هاتفها تطلب رقم والدها لحظات وسمعت صوته يقول في مرح:
- حبيبة بابا وحشاني والله، ها وصلته ولا لسه، اوعي يكون الواد زيدان زعلك اجي اقطع رقبته.
بلعت لعابها تنظر لزيدان بجانب عينيها حمحمت تسأل والدها بتوتر:
- بابا هو إنت ما جتليش عند أهل زيدان لما كانوا عايزين يأذوني وأنت هددتهم
لحظات صمت من تجاه والدها لتسمعه يسألها بعدها متعجبا:
- ايه الكلام دا يا لوليتا عيلة زيدان وأنا جيت، حبيبتي أنا مع عمك على من الصبح في المستشفي، ابنه عثمان وقع من على الحصان في المسابقة وحالته حرجة.
شخصت عينيها ذعرا وذهولا في آن واحد، عثمان سقط من على حصانه صياد العائلة الأول لا يسقط الأول، ماذا يعني والدها أنه لم يأتي، هي رأته، طوفان من الحيرة يبعثر أفكارها لا تعي شيئا، اجفلت على صوت والدها يسألها قلقا:
- لينا مالك يا حبيبتي انتي كويسة تحبي اجيلك...
حركت رأسها نفيا بلعت لعابها تهمس مضطربة:
- ها لالالا يا بابا أنا كويسة، ابقي طمني على عثمان، سلام.
اغلقت الخط مع والدها تضع يدها فوق راسها هي واثقة اتم الثقة من أن ما حدث قد حدث فعلا، ولكن كيف هنا وهناك في آن واحد، تذكرت يدها عماته كانوا يقبضن عليها بعنف بالطبع تؤلمها، امسكت رسغ يمناها بيسراها والعكس لا تشعر بأي ألم، توسعت عينيها على آخرهما تنظر ليديها فزعة، لحظات والصمت والتعجب والحيرة قطعتها حين صرخت فجاءة:
- زيداااان، انتي عندك استبن في العربية.
التف لها برأسه يقطب جبينه متعجبا ليحرك رأسه إيجابا يغمغم في هدوء:
- آه عندي اتنين كمان مش واحد احتياطي لأي ظرف
قطبت جبينها تنظر له في شك بالطبع يكذب اطالت النظر له لتهتف محتدة:
- طب وريهملي أنا عايزة اشوفهم.
دون اعتراض رفع كتفيه بلامبلاة حرك رأسه ايجابا ليقف بالسيارة على جانب الطريق، نزل منها لتنزل خلفه سريعا فتح صندوق سيارته الخلفي يريه لها نظرت له لتتوسع عينيها في دهشة حين رأت اطارين من إطارات سيارته يأخذان مكانها في صندوق السيارة، بلعت لعابها تحرك رأسها نفيا بعنف وضعت يديها على رأسها تتحرك باضطراب تتمتم بهذيان:.
- يعني ايه، أنا كل دا كنت بحلم، أنا خلاص اتجننت وبقي بيتهيئلي حاجات ما حصلتش، بقيت مجنونة زي ما كانوا بيقولوا عني...
تحرك زيدان ناحيتها سريعا وقف أمامها يمنعها من المزيد من الحركة رفع يديها امام صدره يحاول تهدئتها ليهتف سريعا بحنو:
- يا لينا اهدي يا حبيبتي، حلم كنتي بتحلمي كلنا بنحلم احلام وحشة كتير واكيد كلامي معاكي عن أهل ابويا خلاكي تحلمي بكابوس ولا حلمتي بحاجة تانية.
نظرت له سريعا بتلهف لتقترب منه تمسك بذراعيه تنظر له بدهشة تتمتم سريعا:
- كلامك معايا عنهم ازاي مش فاهمة...
صدقا انفجر قلبه حزنا على حالتها اليآسة تلك، ولكن ماذا في يده ابتسم شبح ابتسامة حزينة يتمتم في رفق:.
- حبيبتي اهدي، احنا لما خرجنا من المطعم، كنت بكلمك عن اهل ابويا وانهم ازاي كانوا عايزين ياخدوا بيتي ورثي ليهم، وكنت بحكيلك عن كل واحد فيهم، وانتي كنتي بتسمعي وانتي ساكتة، ببص عليكي لقيتك نمتي، قولت اسيبك نايمة لحد ما نوصل، بس لما بدأتي تصرخي وانتي نايمة قولت بتحلمي بكابوس اصحيكي، فهمتي بقي.
حركت رأسها إيجابا تنظر للفراغ شاردة كل الدلائل تشير إلي أن كلامه صحيح مئة بالمئة ولكن قلبها يرفض تصديق ذلك، شئ ما حدث لا تعرف ما هو ولكنها على اتم ثقة أن شئ ما حدث، في خضم موجة تفكيرها شعرت به يجذبها لداخل السيارة اجلسها، ليلتف هو يجلس خلف مقعد السائق، اعادة تشغيل المحرك، ينطلق بسرعة معتدلة ينظر لها بين حين وآخر ليجدها شاردة عينيها مضطربة حائرة تحتاج فقط بعض الوقت وستهدأ، حيرتها افضل بكثير من أن تعود لنقطة الصفر بعد ما جري، ابتسم ابتسامة جانبية صغيرة يتذكر ما حدث قبل ساعات.
Flash back
أخذ طريقه إلى اعلي من جديد متوترا خائفا ليس من خاله ولكن من فكرة عودتها لنقطة الصفر لم يكتسب ثقتها القليلة تلك بسهولة بل بشق الأنفس لن يخسرها بتلك البساطة، دخل إلى الغرفة والكثير من الأسئلة تتردد في رأسه اهمهم كيف وصل خالد لهم بتلك السرعة دخل إلى الغرفة ليجد خاله يحتضن ابنته بشدة يمسد على شعرها وهي غائبة تماما عن الوعي، اقترب منه يقطب جبينه يسأله متعجبا:.
- أنت ازاي جيت هنا أنا مش فاهم حاجة
تنهد خالد تنهيدة حارة مثقلة خائف هو الآخر من أن تسوء حالة ابنته، القي نظرة خاطفة على طفلته ليرفع وجهه لزيدان يقول متنهدا:.
- أنا مش قايلك ترن عليا لما تيجوا تتحركوا، كنت وراكوا من ساعة ما اتحركتوا، مش شك فيك، أنا عارف أنك تقدر تحميها، بس ما قدرتش، لما العجلة فرقعت منعت نفسي بالعافية اني اظهر واساعدكوا، عشان لو كنت شوفت لينا كنت هاخدها غصب عنك وارجع بيها، المهم دلوقتي لينا، هنعمل ايه
وقف زيدان للحظات ينظر للينا يقطب جبينه يفكر، نظر لخالد يقول:.
- أنا عندي فكرة بس مش عارف هتنفع ولا لاء، المهم دلوقتي الوقت ننزل بلينا من هنا وأنا هشرحلك كل حاجة تحت.
حرك خالد رأسه إيجابا ليقترب زيدان كان يود حمل زوجته بين ذراعيه ليجد عيني خالد تشتعل كجمر نار متقد، ليتقدمه يحمل ابنته بين ذراعيه، خاله وغيرته العمياء ما الجديد، تحرك ينزل بصحبة خالد إلى أسفل عند نهاية السلم كانت تقف عائلة زيدان اعمامه وزوجاتهم وعمته وجدته والكثير من الاطفال، اولاد اعمامه الصغار، يقفون عند باب المنزل الداخلي، حسنا أن كان شيئا ما يحرك قلب خالد حقا فهم الاطفال الصغار هال قلبه مشهد الاطفال الصغار لم يفكر سوي فيهم أين سيذهبون، يشعر بالغضب حقا يود سفك دماء جميع من في المنزل عدا الأطفال، بلع غصته خاصة حين سمع صوت زيدان الغاضب:.
- انتوا لسه واقفين عندكوا ما تغوروا برة
خلاص يا زيدان، نطقها خالد بهدوء تام لتتوسع عيني زيدان التف برأسه سريعا ينظر لخالد ليحرك الاخير رأسه إيجابا يردف:
- العيال الصغيرين مالهمش ذنب في السودا اللي جوا اهاليهم يا ريت بس لما يكبروا ما يشربوش السودا منهم، يلا احنا.
رماهم زيدان بنظرة كارهة مشمئزة، بينما أخذ خالد طريقه إلى الخارج وهو يحمل شعر بشئ يمسك قدمه، نظر لأسفل سريعا ليجد طفلة صغيرة عينيها سوداء واسعة جميلة تشبة الدمي الصغيرة ابتسمت لخالد ابتسامة واسعة تقول بصوتها الصغير:
- ثكرا يا عمو
ابتسم لها بحنو، يحرك رأسه إيجابا ليتركها ويخرج من المنزل، وضع ابنته في سيارته لحظات وخرج زيدان، اقترب سريعا من خاله يتمتم بتلهف:.
- بص يا خالي أنا عندي فكرة غريبة شوية، احنا هنحاول نقنع لينا أن اللي حصل دا ما حصلش اصلا، أنا هتصل بحسام اطلب منه اسم حقنة مسكنة واكيد انت معاك استبن.
وبدأ زيدان يقص عليه خطته، سيحقنون لينا بالمسكن حتى ما أن تذكرت انهم كانوا يقبضون على يديها لا تشعر بألم، إطارات السيارات وخاصة اثنين ستثبت للينا أن ما حدث كان حلما فقبل مجئيهم أخبرها هو أنه لا يملك أي اطار إضافي للسيارة، وربما هي تدابير القدر سقوط عثمان من فوق حصانه سيقنع لينا أن والدها حقا عند ( على) تعرف والدها جيدا لا يترك أحد من العائلة في مأزق بمفرده وهذا تماما ما حدث ويتمني أن تقتنع لينا بخدعتهم.
Back
خرج من شرود فجاءة حين توقفت السيارة في كراج احدي القري السياحية الفخمة التف لها يبتسم ابتسامة دافئة يردف:
- يا لوليا خلاص يا حبيبتي كان حلم ما تخليهوش يعكنن عليكي، صدقيني هننبسط اوي هنا...
التفت له تتنهد حائرة حقا لا تقتنع بما يحدث ولكن ما في يدها ابتسمت شبح ابتسامة تحرك رأسها إيجابا لينزل هو أولا التف حول سيارته يفتح لها الباب يمسك بيدها نزلت، تتعلق بيده، إلى داخل القرية اتجها معا.
على صعيد آخر في مطعم الحورية
أحد طقوس جاسر الغريبة انه يتجه إلى غرفة الملابس ويرتدي زي نادل كباقي العمال يتحرك بينهم كأنه واحد منهم، وقف أمام المرآة الصغيرة في غرفة الملابس عينيه سوداء حادة غاضبة يفكر في ابعد الاحتمالات وأكثرها سوءا، لما ينكر مراد رؤيته لشاهي ولما رآها تخرج بتلك الطريقة من المطعم، الامر ليس بجيد على الإطلاق وسيعرفه في اقرب وقت ممكن.
عدلت من وضع رابطة عنقه التي تأخذ شكل انشوطة ( فيونكة )، ابتسم ليخرج من الغرفة يتحرك في صالة المطعم الكبيرة يبحث بعينيه عن سهيلة ليجدها تجلس هناك صامتة يري في عينيها انها تبحث عنه بين وجوه الحاضرين، ابتسم من جديد ليقترب منها يحمل قائمة الطعام ودفتر صغير وضع القائمة أمامها يتمتم بلباقة:.
- اهلا بيكي في مطعم الحورية، سامحينا لو سرقنا اسمك وحطيناه اسم للمطعم ما كناش متخيلين ابدا أن حورية البحر نفسها تخرج من الماية وتيجي مطعمنا المتواضع
كانت تلك جملة جاسر المعتادة التي يقولها لأي زبونة في المطعم بطريقته اللبقة الخالية من اي وقاحة تجعل الزبائن تسعد، رفع سهيلة وجهها تنظر للنادل لتتوسع عينيها في دهشة بينما ابتسم هو ابتسامة مشاكسة يغمز لها بطرف عينيه حمحم يستعيد لباقته:.
- عندنا يا افندم أصناف بحرية ممتازة لو أنتي من محبي البحر وأصناف برية ممتازة بردوا لو انتي من محبي البر واصناف جوية ممتازة لو انتي من محبي الجو
ضحكت سهيلة بخفة تضع يدها على فمها تنظر لحبيبها المجنون قطعت ضحكاتها تسأله في مرح:
- طب بحرية وفمهناها انما ايه بقي برية وجوية دي...
ابتسم ابتسامة واسعة يمسك الدفتر الصغير يخط عليه بضع كلمات قليلة ليغمغم في مرح:
- بط، حمام، فراخ، لحوم، هطلبلك على ذوقي.
انحني قليلا بحركة مسرحية يغمغم مرحا:
- دقايق والاكل هيبقي جاهز يا افندم
تركها وبدأ يتحرك هنا وهناك بين الزبائن يأخذ ما يطلبون، وهي تراقبه تبتسم في فخر إلى أن رأته يتجه إلى طاولة بعيدة عنها قليلا عليها رجل وامراءة كبار في السن
بابتسامته البشوشة اتجه إلى الرجل وقف امامه يبتسم يغمغم في رفق:
- ترمؤني بأي حاجة يا افندم.
ابتسم الرجل لبشاشة الفتي يحرك رأسه نفيا، لكبر سن الرجل ارتعشت المعلقة في يده لتسقط على حافة طبق الحساء ليسقط الحساء على الطاولة بأكملها، شهقت السيدة فزعة، ليسيطر جاسر على الوضع حين قال بهدوء:
- ما فيش اي حاجة نغير الطبق وننضف الترابيزة، ولا يهمك يا أستاذ دا بيتك
ابتسم الرجل بحرج، على ما حدث، ليصدح صوت رجل في الطاولة المقابلة لطاولة العجوز يصيح بنزق:.
- ايه القرف دا، ذنبي ايه وأنا باكل اشوف المنظر دا، مش عارف تمسك المعلقة تقعد في بيتكوا مش تيجي تقرف الناس
التفت جاسر للمتحدث ليجد شاب تقريبا في الثلاثينات، ترك جاسر طاولة العجوز ليتجه ناحية طاولة الشاب ربع ذراعيه امام صدره يهتف مبتسما في برود:.
- اظن ان في مسافة كبيرة بين الترابيزتين، يعني ما فيش اي حاجة وصلت عندك، واظن تاني ان مش من الذوق والأدب أنك تتكلم مع رجل كبير بالمنظر دا، يا أستاذ يا معدوم الذوق والأدب
اشتعلت عيني الزبون غضبا ليمسك جاسر من تلابيب ملابسه يصيح فيه:
- أنت اتجننت يا جدع إنت، دا أنا هوديك في ستين داهية فين المدير بتاع المخروبة دي، اما رميتك في الشارع.
ابتسم جاسر ساخرا ينفض يدي الرجل عن ملابسه، عدل من تلابيب ملابسه يقول في برود مبتسما باتساع:
- أنا المدير بتاع المخروبة دي، الباب من هناك زيارتك ما شرفتناش ابدا، اتمني ما تتكررش
قالها ليترك الرجل وينادي احد العمال يطلب منه تنظيف طاولة العجوز وابدال الطعام بآخر على.
نفقة المطعم، ومن اتجه إلى المطبخ ليصنع لحوريته في الخارج طعامها، اما سهيلة كانت على وشك ان تقف وتصفق بحرارة على ما فعل قبل قليل، لم تحب ذلك الرجل من فراغ، جاسر يبدو مرحا لأبعد حدا هزلي ساخر، لا يأخذ الامور على محمل الجد ولكنه العكس تماما هو رجل بكل ما تعنيه الكلمة من معني، فضولها اخذها إلى ان تدخل إلى المطبخ لتري ماذا يفعل هناك، حاول أحد الطباخين منعها ليسمع صوت جاسر يهتف فيه:
- سيبها يا عم حامد.
ابتسمت للرجل بحرج لتتحرك بين مطبخه هنا وهناك تبحث عنه لتجده يقف هناك في ركن بعيد صغير يقطع الخضروات بسرعة واحترافية اقتربت منه اكثر تفغر فاهه مما يفعل لتقول ذاهلة:
- ايه دا، عامل زي الشيف بتاع مسابقات الطبخ...
ضحك جاسر بخفة يكمل ما يفعل وهي تراقب بانبهار شديد، هل تخبره أنها حتى لا تعرف كيف تسلق بيضة اما تجلعها مفاجاءة، قاطع انبهارها صوت يأتي من خلفها مباشرة انتفضت على اثره تتمسك بذراع جاسر بقوة:.
- جاسر مين دي
نظر جاسر لها يبتسم ليعاود النظر للواقف امامه يقول بابتسامة ساخرة:
- دي سهيلة مراتي يا مراد، سهيلة دا مراد صديق عمري ودراعي اليمين.
رفعت سهيلة عينيها تنظر لذلك المراد لتشعر بالخوف يدق قلبها ذلك المراد عينيها بها شئ خبيث لم تحبه بلعت لعابها تحرك رأسها إيجابا تبتسم مرتبكة، للحظات شعر مراد بأن صاعقة ضربت رأسه جاسر تزوج، هو اخبره بذلك من قبل ولكن لم يكن يظنه سيتزوج بتلك السرعة، عليه اذا أن يخبر شاهي بأن تجعل بخطتهم لا وقت لم يعد هناك متسعا منه، رسم ابتسامة واسعة مرحة يعانق جاسر بقوة حين ابتعدت سهيلة عنه يقول فرحا:.
- ألف ألف مبروك يا ابو الصحاب ولو اني زعلان اني ما اتعزمتش على الفرح بس يلا اهم حاجة أنك دخلت القفص...
ابتسم جاسر يعانقه يغمغم متهكما:
- الله يبارك فيك يا صاحبي عقبالك.
انهي إجراءات الوصول، طوال الطريق من باحة استقبال الفندق إلى ما يشبه شالية خاص بهم ملتحق بالفندق يتكون من غرفة واحدة للنوم وصالة واسعة ومرحاض له باب زجاجي كبير يطل على حديقة صغيرة بها مسبح خاص بها.
كانت لينا متعلقة بذراعه إلى أن وصلا فتح الغرفة بالمفتاح الإليكتروني لتدخل تنظر حولها، المرة الاولي في حياتها التي تسافر دون والديها، الأمر ليس بسهل على الإطلاق، والأمر الأكثر قلقلا لا يوجد سوي غرفة واحدة للنوم، وهي ابدا لن تسمح لزيدان بأن يشاركها الغرفة، اجفلت على يد زيدان تتحرك أمام وجهها نظرت له تبتسم متوترة ليردف هو:
- ايه يا بنتي روحتي فين بقالي ساعة بكلمك ها، ايه رأيك في المكان.
ابتلعت لعابها تحرك رأسها إيجابا تردد متعلثمة:
- ححلو، بس ليه ما فيش غير أوضة نوم واحدة
ابتسم ساخرا يلقي بجسده على الأريكة التقط تفاحة يقطمها يغمغم متهكما:
- اصل دا بعيد عنك بيقولوا عليه جناح عرسان في شهر عسل، روحي يا لينا غيري هدومك عشان نتعشي، ما تخافيش أنا هبقئ أنام في الحمام.
نظرت له حانقة تقطب جبينها تقسم أنها ستخبر والدها بما قال لتحمل حقيبتها متجهه إلى غرفة النوم تصفع الباب خلفها بعنف، بينما ابتسم هو ساخرا يتمتم مع نفسه:
- قال أنام في الحمام قال دا أنا قتيل الأوضة.
دقائق قليلة وسمع صوت الباب يفتح وصوت خطواتها تقترب ليلتف برأسه ببطئ يمني نفسه أن يري صورة حالمة لعروسه ابتسم بهيام لتختفي ابتسامته حين رآها ترتدي منامة زهرية لها اذني ارنب كبيرة عليها صورة كرتونية بالحجم الكبير فغر فاهه ينظر لها عينيه متسعتين بذهول:
- هار اسوح انتي مين يا بت انتي، روحي يا حبيبتي شوفي انتي تايهة من انهي سويت هتلاقي بابا وماما قلقنين عليكي.
نفخت خديها بغيظ من كلامه السخيف بالنسبة لها تأفتت بضجر تغمغم بحنق:
- يوووه يا زيدان ما ترخمش انا لينا مراتك
ارتسمت على شفتيه أوسع ابتسامة عرفتها شفتيه في حياته كلها حتى أن عضلات فكه تشنجت منها، وقد أصاب ما أراد تنهد بحرارة هامسا بولة:
- مراتي! احلي كلمة سمعتها في عمري كله
قلبت عينيها بملل تزفر عقدت ساعديها امام صدرها تمط شفتيها بضيق:
- لو سمحت بس بقي، وبعدين أنا جعانة فين الاكل.
تزامنت كلمتها الأخيرة مع صوت دقات خافتة منتظمة على باب الغرفة اتجه زيدان يفتح الباب ليدخل أحد عمال الفندق يجر عربة الطعام، اوقفها في منتصف الغرفة، شكره زيدان بابتسامة صغيرة ليمد يده في جيب بنطاله أخرج بعض العملات الورقية أعطاها كإكرامية للعامل، اخذها الاخير بسعادة ورحل، بينما حرك زيدان عربة الطعام لداخل الغرفة ليجدها تجلس على أحد المقاعد تضم قدميها تنظر لنقطة على الأرض بشرود حزين، تنهد بيأس ليحمحم مبتسما بمرح:.
- العشا يا مراتي
زفرت بغيظ تهمس من بين أسنانها ساخطة عليه:
- مش هنخلص بقي
ضحك ضحكة قوية عالية ليستفزها نظر لها يلاعب حاجبيه بمكر يبتسم بسماجة:
- بتقولي حاجه يا مراتي
شدت على أسنانها بغيظ لتصيح فجاءة بغل:
- جعانة.
اتجه ناحيتها ممسكا بيدها ليشعر بارتجافة كفها الصغير داخل كفه الضخم بالنسبة لها، كعصفور يطبق عليها برفق داخل راحة يده، اتجه بها ناحية طاولة صغيرة تتوسط غرفة الفندق الضخمة، بحركة رسمية رآها في الأفلام القديمة شد كرسيها قليلا ينظر لها يبتسم بدفء لتقلب عينيها بملل جلست على الكرسي بشموخ ترفع رأسها بغرور، ليبتسم بيأس يحاول إخفاء ضحكاته، دفع الكرسي برفق لتقترب من الطاولة التقط طبق الطعام مال بجذعه يضعه أمامها على الطاولة غمزها بطرف عينيه يهمس بابتسامة واسعة:.
- بالهنا والشفا يا مراتي يا قمر انتي
هبت واقفة تشهر سبابتها في وجهه تقطب جبينها تصيح حانقة:
- لو سمحت أنا ما اسمحلكش.
رفع حاجبه الأيسر بمكر ليقترب منها خطوتين عادتهم هي للخلف لترتطم ساقيها بحافة الطاولة خلفها نظرت خلفها سريعا بتوتر لتعاود النظر له لتجده يقف امامها مباشرة مال قليلا بجذعه لتغمض عينيها توترا وخوفا يديها تقبض على مفرش الطاولة التي تستند عليها لترتسم على شفتيه ابتسامة واسعة يهمس بمكر مغوي:
- هو عيب اني اعاكس مراتي، يا مراتي اومال لو، ولا بلاش عشان الرقابة.
فتحت عينيها بحذر حين شعرت به يبتعد عنه ترميه بنظرة غاضبة مغتاظة لتجلس على الطاولة بعنف تنظر له بغل بينما اخذ هو مكانه في المقعد المقابل لها ابتسم حين رآها غاضبة يلاعب لها حاجبيه بشكل مضحك لتخرج منها ضحكة خافتة رغما عنها لتبتسم بعدها بعذوبة فقط ابتسامة صغيرة جعلت تنهيدة حارة تخرج من بين خلجات قلبه العاشق تلاها
ابتسامة حانية مشرقة علت شفتيه يهمس بعشق:.
- انتي عارفة انا مستعد اعمل اي حاجة في الدنيا عشان اشوف الابتسامة الحلوة دي
تناول كف يدها يرفعه امام فمه يلثمه بقبلة رقيقة حانية:
- تسمحيلي بالرقصة دي
اخفضت رأسها خجلا وجنتها على وشك الاشتعال لتهمس بصوت بالكاد خرج من بين شفتيها:
- بس يا زيدان أنا بتكسف
نظر لها بسهتنة عينيه على وشك أن تخرج قلوب منها تنهد تنهيدة طويلة حارة يهتف في نفسه:
- يالهوي على زيدان انا بتكسف هيييح اعقل يا زيدان مش كدة.
قام من مكانها التف لها يجذبها لتقوم ليصبح أمامها مباشرة مد يده يلتقط كف يدها يحتضنها برفق داخل كف يده ويده الأخير لفها حول خصرها برفق
يراقصها ببطئ دون موسيقي
رفعت وجهها له تقطب جبينها باستفهام تهمس بخجل:
- بس ما فيش موسيقي
اشرقت نظراته الحانية ينظر لها بسعادة تغمر كيانه ليبتسم بعشق:
- غني! عايز اسمع صوتك خالي بيقول ان صوتك حلو اوي.
اخفضت رأسها قليلا تبتسم بخجل لتهز رأسها إيجابا وتبدأ في غناء تلك الأغنية المحببة إليها
اغنية ( كل ما في القلب )
انتهت من الغناء وهو واقف متجمد مكانه تغزو شفتيه ابتسامة واسعة عاشقة سعيدة كلمات الاغنية تصف حاله، حقا تصفه ابعد يديه عنها ليبدأ في التصفيق بحرارة هاتفا بحماس: - تحفة بجد، صوتك جميل اوي.
شعرت بتثاقل أنفاسها من الخجل لم تقوي على رفع عينيها لتنظر له تشعر بنظراته العاشقة تخترقها بقوة شغف عشقه همست بصوت ضعيف متوتر:
- شكرا
اجفلت تتسارع دقات قلبها حينما شعرت بكف يده ينبسط برفق أسفل ذقنها يرفع وجهها بحنو شديد لتعلو نظراتها إلى ابتسامته العاشقة نظرات عينيه الشغوفة المحبة سلط عينيه الزرقاء مقلتيها يهمس ببطئ لذيذ يدغدغ حواسها:
- بحبك.
اقترب بوجهه منها يدغدغ وجهها بأنفاسه العذبة أدركت نيته حينما رأت نظراته المسلطة على شفتيها لتقطب جبينها بغضب كاد أن يحصل على قبلته التي طالما تمناها....