رواية دكتور نساء
الفصل السابع عشر 17
بقلم فريدة الحلواني
يا الله...الخوف وحشا مفترس ينهش احشائنا...اما ان نواجهه و نقتله بسكين الشجاعه...او نتركه يمزقنا من الداخل حتي يقتل روحنا و نصبح احياء ...بلا حياه
طبيبنا الحكيم ...فكر في الامر من جميع الاتجاهات ...لن يظلم احد...لن يسمح لباب التار ان يفتح ...
و لن يترك حق صغيرته المسكينه التي تحملت ما لم يقدر عليه من عاش اضعاف عمرها
سيعيد هويه ابن اخيه الحقيقيه ...حتي يستطع العيش بطريقه سويه
و فالاخير سيأخذ حق اخيه و الذي كان معترفا من داخله ان له النصيب الاكبر من الخطأ
لم ينم ليلته ...لا هو و لا حبيبته التي كان الخوف يقطعها اربا من الداخل
حاولت أثناءه عما انتواه بشتي الطرق و لكنه ابدا لن يتراجع...بل اقنعها بان ما يفعله هو عين الصواب
وعدها الا يفتح باب الثأر مره اخري...طالبها بالوثوق به و بحكمته التي لا تعلم عنها شيئا حتي الان
هي رات عثمان المتجبر ...ثم شديد الاحتؤاء...و العاشق الذي اخدقها بدلاله لها
و الان جاء دور الطبيب الحكيم ذو العقل الراجح ...الذي ابدا لن يرضي بظلم احدهم
مع بدأ ظهور اول خيطا من نور الصباح ...قبل راسها المسنود فوق صدره و قال بمزاح : جومي يا حبيبتي ارجعي اوضتك جبل ما نتجفش
اعتدلت كي تنظر له و تقول : واااه ...اني مرتك
عثمان : مرتي و حبيبتي كماني...بس انتي خابره زين الي فيها...بلاش تعملي ناصحه علي
تعلم انه يربد التخفيف عنها بعد بكائها ...و ستفعل معه المثل
اذ قالت بدلال : حاسه اني عيله صغيره راحه تجابل حبيبها من وري اهلها...و حبيبها خايف عليها
ملس علي وجنتها بحنو ثم قال بصدق : حبيبها معندوش اغلي منيها يخاف عليه....يلا يا جلب حبيبك ..ما رايدش اتاخر ..خلينا نوخلص و نفوج لحالنا
رغد بخوف : عثمان....انت وعدتني
قبلها بعشق ثم قال : و اني عند وعدي يا رغد عثمان...مفيش نجطه دم هتنزل من حدي فينا....ربنا يجدرني و احلها ويا ابوكي من غير ما حد يدري بينا
فاقت من تأثير المخدر منذ بضع ساعات ...لم تقوي علي الحراك
نظرت حولها وجدت نفسها ملقاه ارضا مكبله يدا و ساق...حتي فمها مربوط بوشاح
غرفه داخل مخزن مهجور ...هو ما استشفته مما حولها....انهمرت دموعها بغزاره....ليس ندما
بل رعبا من القادم ...علمت انها النهايه في كل الاحوال ...سواء عاقبها هو ...او قرر اعادتها الي اهلها و هذا الاحتمال الاقرب
بعد ان ارتدي ثيابه و تأهب للخروج ...اتصل علي عبدالحكيم العبايدي و حينما رد عليه قال بجديه : السلامو عليكم ...كيفك يا حاج
رغم استغراب الاخير من هذا الاتصال المبكر الا انه رد بهدوء : و عليكم السلام و رحمه الله ...كيفك يا ولدي ..و البت زينه ...فيكم حاجه
عثمان : بخير يا حاج ...اطمن ...سحب نفسا عميقا ثم اكمل : اني رايدك في موضوع مهم
عبدالحكيم : تعال يا ولدي الدار مفتوح....هو انت غريب هتاخد الاذن جبل ما تاجي
عثمان : لاااه...خلينا بعيد عن الدار ....او ..خلينا نجعد فالموندره لحالنا ...الي رايدك فيه ماهينفعش حدي تاني يعريف بيه
عبدالحكيم بوجل : جلجتني يا ولدي ...هستناك فالموندره....
متعوجش علي
جلس معه علي انفراد داخل قاعه الضيوف المنفصله عن السرايا...و رغم استغراب الجميع من هذا الامر ...الا ان لم يجرؤ احد علي التدخل او حتي السؤال
نظر له هذا الشيخ الحكيم و علم ان الامر جلل...
سأل بهدوء ينافي قلقه الداخلي : خير يا ولدي
عثمان : يا حاج عبدالحكيم....اني الي جيتك و طلبت ننهي التار الي بين العيلتين...و الي راح بسببه زينه شبابهم و رجالتهم
كفانا بحور الدم الي روت النجع...ماخدنيش الكبر وجتها و لا جولت كيف اني الي اتنازل و اروحلهم
بديت مصلحه الكل و طلبت نسبك لاخوي ...الله يرحمه...وجتها كت خابر ان عنديكم بنته اكبر منيها ....لكن اني اخترت لاخوي نسبك انته...يا كبير العبايده
و يعلم ربي كت هعمل فاخوي ايه لو بس حسيت انه زعلها...تغاضي عن تلك النقطه سريعا حينما كادت غيرته ان تظهر عليه
اكمل بنبره عاشقه لم يقصدها : و يعلم ربي ان بتك من يوم ما بجت مرتي و اني شايلها جوه حباب اعنيه...
مش لجل انها مرتي و بس ...لااااه ...عشان هي تستاهل تتشال فوج الراس ..اكمل بداخله رغما عنه : و جوه الجلب
هز الرجل راسه بتفهم و رغم ان بداخله فرح لعشق هذا الطبيب لابنته ...الا ان خوفه من القادم كان اكبر
زفر عثمان بهم ثم اكمل : اني بجولك كلت ديه ...عشان الي جايلك فيه ...لو متحلش بالعجل و الحكمه ...هيفتح علينا الي حاولنا نجفله...و وجتها مفيش حاجه هتجدر توجفه
عبدالحكيم بوجل : جول ولدي ...اني جلجت ...في ايه لكلت ديه
ذكر اسم ربه بداخله ثم حوقل كي يستمد القوه من خالقه ثم بدا يقص عليه كل شيء منذ البدايه الي اللحظه التي يجلس امامه فيها
استمع اليه وكل خليه بداخله تغلي غضبا ...و بعدما انتهي ...انتفض من مجلسه ثم طرق بعصاه الارض و قال بحسم : وينها الفاجره
وقف عثمان وقال : في المخزن الجبلي
عبدالحكيم : هاجي وياك اخدها ....و بعديها ...نظر له بغضب ثم اكمل : بتي تلزمني
هل تشعرون بكم النار التي اشتعلت داخل صدره ...حتي انها خرجت من عيناه ...نظر له بقوه غاضبه ثم قال : مرتي ...ملهاش صالح بكلت ديه
اني كان ممكن اجتلها و اتاويها من غير ما حدي يحس
بس اني جبتها ليك لحدت عندك..لجل ما تعريف الحجيجه....و لجل ما اريح ولد اخوي
و الاهم من كلت ديه ...اخد حج مرتي ....اوعااااك تفكر انها هتبجي طرف بيناتنا
طلعها بره الليله دي ...و الا....لا هيهمني تار و لا حتي النار تحرج النجع كلياته
هز عبدالحكيم راسه بغل ثم قال بمهادنه : اغسل عاري لاول ...بعدين لينا حديت تاني
صاح بحسم : و لا تاني و لا تالت يا حاج ....تاخد الي ليك عندي و بس
لم يتلقي منه و انما اخرج هاتفه ليتصل بولده البكر و الذي ورث العقل و الحكمه منه
و حينما رد عليه قال بحسم : هات عمك و تعالي الموندره
بينما هم يتحركون اربعتهم بوجه متجهم متجهين الي مكان تلك الحقيره التي ستنال جزاءها كما يجب
كان هناك من هو احقر منها يتواري خلف احدب الاشجار منتظر رحيلهم بعدما سمع كل ما قيل بالداخل
اتاخذت من غرفتها مخبأ كي تبتعد عن الجميع حتي لا يلاحظو رعبها الظاهر بوضوح عليها
و بينما لعبت بها هواجسها و تخيلت اسوأ السيناريوهات....
وجدت خافقها يخبرها بيقين ...ان تثق في طبيب قلبها لن يخذلها ...سيحل الامر دون ضرر لايا من العائلتان...لن يضيع كل نا ضحت به هبائا
وقفت سريعا ساحبه وشاحا لتغطي به راسها كما امرها ...قالت لحالها بتشجيع : انزلي الهي حالك وياهم ...عثمان عاجل و هيحلها بامر الله
اعقبت قولها بالخروج متجهه الي الاسفل و مع انشغالها نسيت هاتفها ملقي فوق الفراش
هرول ابن عم رغد الي داخل السرايا بعدما تاكد من مغادره عمه و عثمان
صاح بالجميع كي ياتو اليه و قال بغل فقد جائته الفرصه كي ينتقم من عثمان الذي تسبب في اهانته و التقليل منه وسط الرجال وقتما كان اتيا ليتقدم لرغد
تعااااالو ....تعالو يا عبايده شوفو الي حوصل و احنا نايمين علي ودانا....لو فيكم راجل يغسل عاره و ميخليش واحد من السوهاجيه عايش علي وش الارض
التف الجميع حوله بغضب و اولهم كان وهدان الذي قال : ايه الي هتجوله ديه يا واكل ناسك
سمير : اني لسه هجول ...هجول الي المستخبي كلاته
قال تلك الكلمه وهو ينظر الي شاديه التي ماتت رعبا ...السر انكشف يا ويلك يا ابنه قلبي
قص عليهم سمير ما سمعه حينما وقف يتصنت عليهم منذ ان اتي عثمان ...و بعد ان انتهي قال بخبث : عمي و يونس راحه يجيبه الفاجره
احنا بجي نروح سرايا السوهاجيه نجيب بتنا من اهناك ...بكفياها بهدله لحدت اكديه ...الله اعلم عثمان عيمل فيها ايه هو كماني
قبل ان يرد عليه احد كانت شاديه تصرخ برعب : لاااااه ....ملكومش صالح برغد...البنيه عايشه متهنيه...
متخربوش عليها يا خلج
وجدت انصاف الفرصه كي تشفي غليلها الواهي من تلك المسكينه و تطفيء نار غيرتها منها
قالت بصوت يملأه الحقد : كنك اتخبلتي يا شاديه ...كيف يهملو خيتك بعد كلت ديه ....هتأمني عليها كيف وياهم
ديه غير التار الي هينفتح من اول وجديد ..
وهدان بحماقه : يلا يا رجاله ...ناخد بتنا لاول بعديها هنولعها حريجه ....يا ويلكم يا سوهاجيه
صرخت ...توسلت....وقفت تحاول منع ايا منهم من التحرك...و لكنها فشلت فشلا زريع
قالت بجنون : منك لله با سمير ...هرولت للاعلي حتي تحضر هاتفها كي تحاول انقاذ اختها
بينما انصاف تقول بشماته : خلاص يا شاديه ...النار ولعت و مفيش حدي هيجدر يطفيها
ردت عليها بصراخ غاضب : الهي النار دي تحرج كل الي رايد بخيتي شر ...منكم لله
اعادت الاتصال بها للمره الخامسه و لم تجد ردا ....فكرت سريعا
و اتصلت بابيها الذي ايضا كان يغلق الهاتف
لم تياس ...ظلت تحاول مع ابيها و اخيها الي ان رد عليها بغضب : خبر اااا
قاطعته صارخه : الحج ياخوي ...سمير عيرف الي حوصل ...و جاد الدنيا نار....يونس اخوك خد ولد عمك و الرجاله و طلعه علي السوهاجيه لجل ما ياخدو رغد
الحجهم ياخوي
اغلق معها سريعا بينما هي اتصلت علي هاتف نرجس و حينما ردت عليها صرخت بها : رغد وينها
انتفضت نرجس من صراخها و قالت : اهي جاعده ويانا مالك ...
لم تعطها الفرصه للسؤال امرتها سريعا : اديهالي بسرعه
امسكت الهاتف بيد مرتعشه ....سمعت اختها تقول : اجفلي الباب يا رغد لو مفيش حداكم رجال ....اخواتك جايين ياخدوكي
سالتها بخذلان : عثمان جلهم
صححت لها شاديه الامر سريعا كي لا تسيء الفهم : لااااه ...محدش كان خابر جوزك رايد بوكي في ايه
لكن الي ربنا ينتجم منيه سمير الكلب كان هيتصنت عليهم ...و اول ما طلعو دخل السرايا و جاد الدنيا حريجه
اوعاكي تسمعي حديتهم ....جوزك مباعكيش يا بتي ....بلاش تديهم فرصه يجيدو النار من تاني....اتحملتي كتير يا بت جلبي ...كملي للاخر لجل خاطري و خاطر جوزك الي عشجك
اما زوجها فقد اصبح مثل الثور الهائج بعدما سمع يونس يقص علي ابيه ما حدث
و قد كانو علي وشك الوصول الي وجهتهم
صاح بغضبا جم : هتتعدو علي حرمع بيتي يا عبايده.....اوقف السياره فجاه و قال بجنون : اني حاولت اجفل باب الدم ....لكن انتو الي رايدينو
لو حدي مس شعره من مرتي و لا طلعها بره دارها مهخليش حدي فيكم عايش
لم يهتم بصياحهم عليه ...بل اعاد تشغيل سيارته و انطلق بها بسرعه جنونيه
امسك هاتفه بصعوبه و قام بالاتصال علي حمزه و بمجرد ان رد عليه قال بامر : لم الرجاله بسرعه و اطلع عالسرايا
حمزه بوجل : في ايه
عثمان : العبايده رايحين يخطفو مرتي ...مرت اخوك يا حمزه
حمزه بعصبيه : علي جوثتنا ياخوي ...يعدو علي جتتما لاول بعدين ياخدوها
في نفس التوقيت كان يونس و ابيه و عمه يقومون باتصالات هاتفيه مع بعض افراد العائله كي يحاولو منع تلك الكارثه التي ستحصد الاخضر و اليابس ...و تلك المره حقا ...لن يستطع احد منعها
كان المشهد ....حقا مرعب
توجس اهل القريه خيفه حينما شاهدو رجال العبايده يتجهون نحو سرايا عائلته السوهاجي و علي ملامحهم غضبا شديد
اما تلك المسكينه فقد وقع منها الهاتف بعدما فشلت في الامساك به...فقد انفلتت اعصابها من شده الرعب
التف حولها النساء يسالن بلهفه ماذا حدث
عفت بقلق : واااه مالك يا بتي ....ابوكي زين ...حدي من اهلك جرالو حاجه
عائشه بشفقه : جولي ياخيتي و لو خايفه من عثمان الحاجه تتحدت وياه لجل ما تروحي تطمني عليهم
هنا فاقت قليلا و قالت بارتعاش : اجفلو الباب ...اهلي هياخدوني
رايده اكلم بوي...كلمي عثمان ...بكت بقهر و هي تتوسل لهم : اتصلو بيه احب علي يدكم
لم تتركها عائشه تتوسل بينما كان الجميع يهدئها ...كانت هي تطلب زوجها الذي رد سريعا : حدي جيه
لم ترد عليه بل وضعت الهاتف فوق اذن تلك الباكيه و بمجرد ان سمعته يقول : وينها رغد
ردت عليه بوهن : اني خايفه...
اعتصر قلبه الما حينما سمع نبرتها المرتعبه و لكنه قال بقوه : بوكي و اخوكي معاي و سامعني زين
اكمل بصياح قوي : انتي مرتي ...و مفيش جوه عالارض هتبعدك عني ....لو حدي منيهم فكر يمس شعره منيكي ...مش هيكفيني رجابيهم كلياتهم....اني جايلك....جايلك يا جلب عثمان ...اوعاكي تخافي و لا تطلعي من دارك
وصل وهدان بصحبه الرجال ...و لحسن حظه كان حمزه ما زال في الطريق مع رجاله...و لكنه قام بمهاتفه بعضا الرجال المتواجدين بالقرب من السرايا
تصدو لهم و قامت معركه حاميه ...الجميع يضرب ...الجميع يسب
اخوتها و علي راسهم وهدان يحاولون اقتحام السرايا
و الخبيث ينفخ في النار كي يشعلها اكثر حينما وسوس لاخيها ان يدخلو من الباب الخلفي متمنين ان يكون مفتوحا
في نفس لحظه وصول حمزه مع باقي الرجال ..و الذين اشتبكو مع البقيه دون تفكير
كان وهدان و سمير و معهم ثلاث رجال اقتحمو السرايا من الباب الخلفي شاهرين اسلحتهم في وجه النساء بمنتهي الخسه
صراخ و عويل ...خوف و رعب حد الموت
هذا كان حال النساء بالداخل
صاح وهدان بهم : اكتمي يا حرمه منك ليها ....اني هاخد خيتي من سكات
سحبتها عفت خلف ظهرها و قالت بقوه : كنك اتخبلت .....انت مفكر ان حدي هيسيبك تاخد مرت السوهاجي ....انت كتبت علي حالك الموت بعملتك الشينه دي
وهدان بغضب : اما نشوف يام الدكتور مين الي هيجتل التاني
صرخت رغد بتوسل : احب علي يدك ياخوي ....اجصر الشر ...عثمان معميلش حاجه لجل ما تجتله ....ديه اكرم خيتك و حطها جوات حباب اعنيه
سمير بخبث : انتي لساتك هتاجي علي نفسك لجل ما توجفي الدم يا بت عمي ...مش كفايه الي اتحملتيه من اخوه ...
بين شد و جزب ...في نفس اللحظه التي قررت فيها نرجس ان تهرول تجاه الباب كي تفتحه و تستنجد برجال عائلتها
كان ذلك الارعن يهجم علي اخته بغته و يجرها جرا من زراعها تجاه الخارج
خطوه فقط ....واحده ...هي ما خطاها خارج الباب ثم تصنم مكانه حينما سمع دوي اطلاق نار قوي ....ليس طلقه واحده بل ثلاث طلقات
انا هي ...تخشب جسدها ...جحصت عيناها حتي دموعها جفت من هول ما رات....