رواية أسير عينيها الفصل التاسع والعشرون 29 الجزء الرابع بقلم دينا جمال


رواية أسير عينيها

الفصل التاسع والعشرون 29  الجزء الرابع

بقلم دينا جمال

في الأسفل يقف في الحديقة يشرف بنفسه هو وحمزة ورشيد على تجهيزات الزفاف، التفت خلفه حين وقفت سيارة دفع رباعية سوداء نزل قطب جبينه ينظر متعجبا لمن ينزل لترتسم ابتسامة واسعة على شفتيه، حين نزل ذلك الرجل بحلته السوداء الفاخرة قميصه الاسود خصلات شعره ما بين الاسود وبعض الخصلات البيضاء، خلع نظراته لتظهر عينيه الرمادية، اقترب خالد منه يقول مرحبا:

- شيطان الاقتصاد بنفسه، جاسر مهران!


ابتسم جاسر ابتسامة صغيرة هادئة ليقترب من خالد يعانقه ربط خالد على كتفه يقول مبتسما:

- واحشني والله يا جاسر، كويس أنك جيت دلوقتي

ابتعد جاسر عنه يقول مبتسما في حبور:

- رؤي أصرت اننا نيجي دلوقتي عشان تكون مع المدام والعروسة، قولي الدنيا مظبطة ناقص اي حاجة رجالتي تحت امرك

ابتسم خالد يحرك رأسه نفيا ليأخذ بيده يتحرك به ناحية الجمع الصغير يعرفه عليهم:

- لا يا سيدي مش ناقص بس تعالا اعرفك على العيلة.


اقترب منهم يعرف كل منهم على الآخر:

- دا حمزة اخويا التؤام، دا رشيد ابو جاسر العريس التاني ما النهاردة فرحين، قولي صحيح الواد رعد فين

تجهم وجه جاسر اختفت ابتسامته ليتنهد حانقا يهمس بصوت خفيض:

- متلقح في الشركة هيجي بليل، سايبة يعمل اي حاجة عدلة في حياته

نظر خالد لجاسر في حدة ليأخذه بعيدا عن الجمع وقف امامه يهمس له بحدة:.


- أنت شادد على الواد جامد يا جاسر ودا غلط، اللي بتعملوا دا هيجيب نتيجة عكسية ابنك ما شاء الله عليه شاب ناجح ومحترم، ليه على طول بتعامله كدة

تنهد جاسر حائرا لا يعرف ماذا يقول عذرا أنا فقط مرتعد من أن يصبح نسخة مني حين كنت فتي بلا أدني أخلاق بلع لعابه يحاول تبرير ما يفعل:

- أنا خايف يا خالد أنا كنت إنسان وحش أوي زمان، خايف ليبقي نسخة من مسخ...


تنهد خالد حانقا على ما يفعل ذلك الاحمق ابتسم نصف ابتسامة يقول باقتضاب:

- اللي إنت بتعملوا ده هو اللي هيخيله فعلا مسخ، اهدي على الواد شوية مش كدة، تعالا يلا نشرب حاجة

في الأعلي

توسعت ابتسامة لينا ما أن رأت تلك الواقفة لتسارع بضمها بقوة تتمتم بسعادة:

- رؤي حبيبتي وحشاني اوووي، حقيقي مبسوطة اوي انك جيتي تعالي ادخلي، ادخلي يا جوري

اخذت لينا يد رؤي وجوري لداخل الغرفة تعرفهم على البقية بابتسامة واسعة:.


- دي طنط رؤي ودي جوري بنتها، دي لينا العروسة طبعا عرفاها، سهيلة صاحبتها والعروسة بردوا، مايا بنت عم لينا وشروق مامت جاسر عريس سهيلة

رحبت رؤي بهم ببشاشتها المعهودة، تطيل النظر إلى تلك الصغيرة مايا التي تقف أمام المراءة تقيس فستان زفافها لتقترب من لينا تهمس لها بخفوت:

- بقولك يا لينا هي مايا متجوزة ولا مخطوبة.


نظرت لينا لمايا تبتسم بحنو لتعاود النظر لرؤي تحرك رأسها نفيا، فاتسعت ابتسامة رؤي تنظر لبراءة الفتاة المرتسمة على قسمات وجهها الظاهرة من لمعة عينيها تعقد في نفسها أمرا

على صعيد آخر جوارهم في الشرفة تقف سهيلة ولينا، كل منهن تضع قناع للبشرة غريب الشكل على وجهها، التفت سهيلة للينا شدت على اسنانها تهمس مغتاظة:.


- اخوكي دا حمار اقسم بالله ما بيفهم، دا أنا اقوله بحبك يا حمار، اتحرش بيه يعني، كل اللي على لسانه انتي زي لينا، يا اخي يخربيت اللي تحبك، لاء والا اللي حصل تاني يوم جوازنا

Flash back.


فتحت عينيها صباحا انتفصت جالسة تفرك جبينها تنظر حولها تقطب جبينها متعجبة لحظات وبدأت احداث الليلة الماضية تمر بشكل سريع أمام عينيها شخصت عينيها ذاهلة لتنظر تجاه الاريكة سريعا وضعت يدها تكبح شهقتها المذهولة جاسر هنا نائم، لم يكن حلما إذا، توسعت ابتسامتها تنظر له بابتسامة بلهاء عاشقة، اندثرت شيئا فشئ حتى اختفت تماما، حين تذكرت كلماته بالأمس لا تلومه، عريس يجد زوجته تبكي بتلك الطريقة ليلة زفافهم بالطبع سيتفهم الوضع بشكل خاطئ، لم تمنع ساقيها حين تحركت متجهه إليه جثت على ركبتيها جواره أرضا مدت يدها برفق تغوص بها بين خصلات شعره الأسود الكثيف تلتهم عينيها كل جزء من قسمات وجهه قلبها دق طبول حرب عشقه الكامن فيه، ابتسمت تهمس بصوت خفيض عاشق:.


- مش مصدقة، حاسة اني بحلم، أنت عارف أنا دعيت قد ايه أنك تكون من نصيبي، طب عارف أنا بحبك قد ايه، بحب حنيتك وطبيتك وخفة دمك حتى كلامك، عارف أنا احيانا ساعات يعني كنت بغير عليك من لينا خصوصا لما كنت بتحضنها كان نفسي اوي تكون بتحضني أنا، أنا بحبك اوي يا جاسر.


اجفلت على صوت رنين هاتفه لتشهق مفزوعة هرولت ناحية فراشها سريعا كأنها تستيقظ من النوم الآن نظرت له لتجده يتأفف حانقا فئ نومه مد يده يلتقط هاتفه بنصف عين مفتوحة بصعوبة فتح الخط يجيب ناعسا:

- أيوة مين على الصبح آه، خير يا زيدان...

خرجت منه ضحكة خافتة ليتثأب ناعسا انتصف يجلس يحرك عظام رقبته اليابسة يقول مبتسما بخفة:

- الله يبارك فيك يا سيدي مردودلك في الأفراح، سلام.


اغلق الخط يمد يده يمسد رقبته برفق ليلتفت لها حين سألته متعجبة:

- مين بيتصل على الصبح كدة

ابتسم يتحرك من مكانه جلس أمامها على الفراش يقول مبتسما:

- دا زيدان بيرخم، صباح الخير

ابتسمت خجلة تنظر ارضا تحرك رأسها إيجابا تهمس متلعثمة:

- صباح النور، على فكرة أنا عايزة اقولك حاجة.


رفعت وجهها اليه لتراه ينظر لها يبتسم كأنها يشجعها ان تكمل عقد ذراعيه امام صدره يحرك رأسه إيجابا يحثها على الاكمال لتبلع لعابها تهمس متوترة:

- على فكرة، ااانا ما كنتش بعيط عشان خايفة منك او يعني أنا بس كنت خايفة ليطلع حد يأذيني إنت فاهمني بس لما شوفتك اطمنت، بس من التوتر والخوف اللي كنت فيه ما عرفتش أوقف دموعي.


نظرت لمقلتيه لتجده يبتسم حرك رأسه إيجابا ليحتضن وجهها يين كفيه يقرص وجنتها برفق يقول مبتسما:

- لازم تتطمني يا قلقاسة انتي، اخوكي اللي مربيكي، تخافي ازاي لما تشوفيه.


تجهم وجهها تنظر له حانقة مغتاظة أهو أحمق غبي لتلك الدرجة، كيف تخبره انها تحبه ماذا تفعل، هل تقولها له صريحة جاسر أنا أحبك قالتها وهو نائم ولكنها حقا لا تمتلك الجراءة لتقولها أمام عينيه، مر اليوم بمباركات من الجميع مساءا قررت إيصال فكرة أنها لا ترفضه بشكل غير مباشر ومباشر في الوقت ذاته، اخذت منامة منزلية قصيرة بحملتين رفيعتين، تصل لقرب ركبتيها، وقفت امام مرآه المرحاض تشجع نفسها على تلك الخطوة، وجنتيها تشعان احمرار من الارتباك والخوف والخجل، بلعت لعابها تخرج من المرحاض تجلس على الأريكة تعبث في هاتفها وكأنها لم تفعل شيئا، دقائق ودخل جاسر إلى الغرفة التفت اليها لتشخص عينيه في ذهول ينظر لها متعجبا مدهوشا، متي أصبحت سهيلة بكل هذا الجمال، بلع لعابه يشيح بوجهه بعيدا عنها يستغفر بصوت خفيض ليتجه سريعا ناحية الفراش حمل الغطاء من عليه يلقيه فوقها حمحم يقول مرتبكا:.


- سهيلة أنا عارف إن من حقك تلبسي اللي انتي عيزاه جوا اوضة نومك بس راعي انك عايشة مع بني آدم لحم ودم...

اكمل يضحك بخفة متوترا:

- يرضيكي يعني اغتصبك يا قلقاسة انتي

قالها ليتجه إلى المرحاض ليبدل ملابسه لتنظر في اثره تفغر فاهها بذهول مما فعل

Back

قلبت عينيها تقلده ساخرة:

- انا بني آدم من لحم ودم وممكن اغتصبك، يا عم انا قولتلك لاء، اخوكي دا لوح تلج.


تعالت ضحكات لينا على غيظ صديقتها من أفعال شقيقها سعيدة للغاية لاجلهما، جاسر يظن أنه يظلم سهيلة بزواجه منها يظن أنها ممكن أن تكون تحب آخر، عليه اذا ان يعرف الحقيقة

نظرت لصديقتها تقول مبتسمة:

- سيبك من جاسر دلوقتي وتعالي نكمل اللبس عشان نلحق نخلص الميكب ارتست على وصول.


في مرحاض غرفة لينا تقف تنظر لانعاكس صورتها في المرآه باتت تراه قليلا بل أقل القليل تشعر بأنه يتهرب منها يبتعد عنها، تنهدت تتذكر حين استيقظت في صباح اليوم التالي وجدت نفسها غافية بين أحضان آخر ما تتذكره أنها كانت تضع رأسها على فخذه وهو جالس ليربط على رأسها بيده يسرح خصلات شعرها بحنو لتتمتم ناعسة:

- أنا بحبك اوي يا أدهم.


حين استيقظت كان لا يزال جوارها وهي بين أحضانه ربما غفي رغما عنه، رفعت وجهها تمد يدها تتلمس لحيته النامية لترتسم شبح ابتسامة صغيرة على شفتيها تنهدت تقول شاردة:

- واضح أن مش صاحبك بس هو المجنون يا أدهم.


اطالت النظر لوجهه تبتسم كيف تخبره انها تعرف منذ زمن، منذ أعوام أنه ليس شقيقها كانت دائما تشعر بأن هناك حاجز بينهما نظراته الغريبة، غيرته المبالغ فيها، قلب المنتفض بين اضلاعه، اهتمامه الذي يلف قلبها به، يظنها مدللة بلهاء ولا تعرف يظنها فقط حمقاء تفعل ما تفعل بعفوية، لا يعرف انها نصيحة صديقتها سوزي ذات الخبرة العالية في علاقات الحب حين اخبرتها مايا مرتبكة:.


- بقولك يا سوزي لينا بنت عمي بابا متبني ولد عشان يبقي اخوها، بس هي عارفة من مدة طويلة أنه مش اخوها، وبصراحة يعني هي حاسة أنه معجب بيها وهي كمان بتحش ناحيته حاجة غريبة، فسألتني بس أنا بصراحة ما عرفتش اقولها ايه قولت اسألك يمكن تعرفي

ابتسمت تلك الفتاة ذات الشعر الأحمر المجعد لتمضع علكة فمها تنفخها بالون لفت خصلة حول اصبعها تتمتم بمكر:.


- أنا اقولك تقوليلها تعمل ايه، بصي يا ستي، لو حاسة أنه معجب بيها بس متردد خليه ينفجر، من اللي هتعمله.


تنهدت تنظر له متألمة ما تفعله بالكامل هو انها تنفذ نصائح صديقتها ذات الخبرة علها ينفجر ويصيح بما في قلبه ولكن أدهم قلبه كصخر عنيد لا يلين برصاص ولا قنابل، فقط بركان العشق قادر على اذابة صخور قلبه، لحظات وشعرت به يستيقظ لتغمض عينيها سريعا تتصنع النوم، لتشعر به ينتفض من جوارها كمن صعقه الكهربا يتمتم فزعا صوته مرتجف متألم:.


- يا نهارك مش فايت يا أدهم ايه اللي أنا نيلته دا، أنا ازاي انام جنبها، ارحميني بقي يا مايا لا عارف ابعد عنك ولا عارف اقرب منك

قالها لتسمع صوت خطواته تبتعد عنها صوت الباب انفتح واغلق لتفتح عينيها بقدر بسيط ادمعت عينيها تبكي في صمت

Back.


عادت من ذكراها تدمع عينيها تنظر لانعاكسها الباكي بعد تلك الليلة بات تعامل أدهم معها شبه معدوم لا تراه سوي لحظات، يتجنبها بأي شكل كان، ملئت كفيها بالمياة تصفع بها وجهها، جففته بمنشفة صغيرة لتخرج تكمل ارتدائ ملابسها ما أن خرجت وجدت تلك السيدة تقترب منها تبتسم ابتسامة واسعة جذبتها برفق تجلس جوارها لتسألها مبتسمة:

- انتي في كلية ايه يا مايا

ابتسمت الاخيرة بتوتر لتحمحم تهمس بخفوت:

- فنون جميلة يا طنط.


توسعت ابتسامة رؤي تربط على رأس مايا تردف:

- ماشاء الله عليكي، ربنا يوفقك يا حبيبتي، روحي يلا كملي لبسك يا حبيبتي

ابتسمت مايا بارتباك لتتحرك من مكانها اخذت فستانها لتذهب لغرفة الملابس ترتديه اقتربت جوري من والدتها ترفع حاجبها الأيسر تنظر لها بمكر لتغمغم بخبث:

- بتفكري في ايه يا ماماو

ضحكت رؤي بخفة تلكز ابنتها في ذراعها تهمس بخفة:.


- بطلي طريقة كلامك المتخلفة دي، البنت قمورة ماشاء الله عليها، وفي كلية حلوة ومن عيلة، ملامحها كيوت خالص، بزمتك مش هتبقي عروسة هايلة لرعد

توسعت عيني جوري في دهشة لتتمتم ذاهلة بصوت خفيض:

- رعد المعقد انتي بتهزري يا ماما دا هيطفشها من اول كلمتين

تنهدت رؤي حزينة على حال ابنها الصغير ابتلعت غصتها تهمس بحزن:.


- هو أنا بقولك هجوزهاله غصب عنه يا جوري يشوفها حتى ويتعرف عليها يمكن يحصل بينهم قبول ما حصلش خلاص، وبعدين رعد مش معقد ما تقوليش كدة على اخوكي.


مر اليوم سريعا في غرفة زيدان القريبة من غرفة لينا يقف زيدان امام مرآه الزينة يتأنق في حلته السوداء الفاخرة، قميصه الابيض رابطة عنقه الصغيرة ما يمسي « بابيون » وقف ينظر لانعاكس صورته في المرآه يتمني حقا لو كان حسام معه الآن، يمازحه كالعادة يضحكان معا هو دائما وحيد يعشق العزلة ولكنه حقا رغب في تواجد صديقه الآن تحديدا الآن، اجفل على صوت دقات على باب الغرفة لينفتح الباب دون سابق إنذار، وصوت دقات تعلو على باب الغرفة كأنه طبلة كبيرة وصوته المميز يصدح بلحنه الخاص:.


- يا عريس يا عريس يا عريس، لابس ومغير يا عريس، ايش ايش ايه يا عم زيزو الحلاوة دي ما تتجوزني أنا

تعالت ضحكات زيدان، صديقه المجنون خرج من افكاره ليقف أمامه، حسام جاء لأجله رغم كل ما حدث لم يستطع أن يترك صديقه في يوم كهذا، اقترب زيدان منه يعانقه بقوة ليربط حسام على ظهره يقول مبتسما سعيدا:.


- الف مبروك يا صاحبي، ربنا يتملك على خير، اوعي تكسفنا ياض، ساعتها هتبري منك واموت وأنا غضبان عليك وهحرمك من الميراث ولا مليم هتطوله من ثروتي، الخمسة وستين جنية اللي حلتي جيبي اولي بيهم

لم يستطع سوي أن يضحك من اعماق قلبه ليدخل حسام إلى الغرفة يحمل حقيبة حلة مغلقة، القاها على الفراش يشرع في خلع قميصه يقول سريعا:

- خلصت شغلي وجيتلك جري، ارميلي فرشة الشعر والجيل والبرفن...


ضحك زيدان يلقي عليه ما يريد ليفتح حسام حقيبة الحلة صفع جبينه براحة يده يهمس مغتاظا:

- يا ادي النحس نسيت القميص، هنتصرف ازاي دلوقتي، القميص اللي كنت لابسة لا يمت للبدلة بصلة

وقعت عيني حسام على قميص مغلف ملقي على الفراش حوار حقيبة حلة، ليلتقطه سريعا يفتحه يشرع في ارتداءه، لتتوسع عيني زيدان نظر لحسام ليلتفت له يقول سريعا:

- الله يحرقك اقلع يالا القميص.


ابتسم حسام في بلاهة يتمسك بدفتي القميص كأنه فتاة على وشك اغتصباها ليقول مقلدا صوت انثوي مائع:

- ابعد عني يا سافل يا حيوان

بصعوبة شديدة منع زيدان ضحكاته من الخروج ليتقدم ناحية حسام يقبض على تلابيب ملابسه يقول في ضيق:

- اقلع ياض القميص لاقلعهولك

كسي الصمت المكان أصفر وجه كليهما حين سمعا صوت المكان حين سمعا صوت خالد يقول محتدا:

- والله عال، على آخر الزمن اجوز بنتي لعيل سيكي ميكي.


انتفض زيدان بعيدا عن حسام نظر لخالد الذي يقف يرتدي « تيشرت » رياضي اسود بدون اكمام وسروال قطن من اللون الاسود، بلع لعابه ليقول سريعا يبرر موقفه:

- طبعا لو حلفتلك أنك فاهم غلط مش هتصدقني...

ابتسم خالد ساخرا ينظر لكل منهما باشمئزاز...


ليتجه ناحية فراش زيدان التقط حقيبة حلته، قطب جبينه يبحث عن القميص لم يحتج الأمر سوي لحظات ليفهم ما حدث انثني جانب فمه بابتسامة صغيرة ليأخذ حلته متجها لغرفته حين سمع زيدان يقول:

- بس ال...

قاطعه يقول في برود وهو يكمل طريقه:

- عندي غيره، كمل لبسك.


بينما وقف حسام ينظر في أثر ذلك الذي رحل توا في صمت، صورته وهو يقف بتلك الهيبة، ترجف شيئا فيه جزء من كل تشعره حقا أنه ينتمي إليه، تنهد يحاول الابتسام لولا زيدان ما كان جاء إلى هنا من الأساس سعادة صديقه هي الأهم عنده، اكمل ارتداء القميص ليرتدي الحلة وقف أمام المرآه يمشط شعره يقول مبتسما في سخرية:

- قميص مين بقي اللي هتموت عليه اوي كدة

نظر زيدان لحسام من خلال انعاكس المرآه تنهد يقول بهدوء حذر:.


- قميص خالي

قطب حسام جبينه غاضبا يشعر برغبة ملحة في خلع القميص وتمزقيه، اجفل على صوت الباب ينفتح، ليدخل خالد حلة سوداء قميص أبيض، بلا رابطة عنق، يحمل علبة سوداء صغيرة في يده اقترب من زيدان الواقف بالقرب من حسام، مد يده يخلع رابطة العنق الصغيرة التي تلتف حول رقبة زيدان ليخرج من العلبة رابطة عنق سوداء مخملية طوق بها رقبة زيدان يعقدها له ابتسم يقول في هدوء:.


- رغم اني نفسي الطشك بالقلم عشان هتاخد البنت مني، بس أنا حقيقي فرحان عشان شايف الفرحة بتلمع في عينيك، فرحان عشان ابني اللي ربيته كبر واهو بيتجوز، اني اشوفك بتكبر وبتبقي عريس قدام عينيا فرحة خاصة أنا مش بس خالك أنا ابوك ولا إيه

ختم كلامه وهو يعدل من وضع رابطة العنق الخاصة بزيدان، لتدمع عيني الأخير اندفع يعانق خالد ليربط الأخير على كتفه برفق يهمس بحنو:

- مبروك يا ابني، ربنا يسعدك.


بينما كان يقف حسام بالقرب منهم ينظر لخالد بخواء وكأن الأمر برمته لا يعنيه ولكنه لا ينكر أنه يشعر بنيران الغيرة تشتعل في قلبه، قبض على يده يشد عليها يتنفس بعمق يحاول أن يهدئ قليلا

خرج خالد من الغرفة متجها إلى غرفة ابنته

ليلتفت زيدان لحسام يقول مبتسما في مكر:

- أنت غيران مش كدة

تجهم وجه حسام ليشيح بوجهه يتمتم متهكما:

- غيران! وهغير من ايه يعني.


اقترب زيدان من حسام يضع يده على كتف صديقه يحاول برفق ترقيق قلبه ليقول بهدوء:

- دا ابوك يا حسام

التفت حسام له يرميه بتلك النظرة الغاضبة التي يراها دائما في عيني خاله حين يغضب ليقاطعه قائلا في حدة:

- خلاص يا زيدان يلا ننزل بقي خلينا نخلص

ابتسم زيدان يحرك رأسه إيجابا لينزلا هو وحسام لأسفل.


ودقت الدفوف وعلا صوت الموسيقي في أسفل السلم يقف جاسر متأنقا في حلة سوداء، بينما في الاعلي تتأبط سهيلة ذراع والدها ينزل بها برفق إلى أسفل سلمها إلى جاسر نظر له يقول ممتنا:

- أنا مش عارف اشكرك ازاي يا جاسر ربنا يسعدك يا ابني، خلي بالك منها

ابتسم جاسر بهدوء يحرك رأسه إيجابا ليغمغم بخفوت يطمئن والدها:

- في عينيا

وقف أمامها ليدنو برأسه يقبل جبينها ينظر لها يبتسم في حنو ليدنو برأسه يهمس جوار أذنها بخفة:.


- تعرفي أنك زي القمر يا قلقاسة، الميكب عامل شغل عالي

نظرت له مغتاظة منه لتتعلي ضحكاته شبك ذراعها في يده يتجه بها ناحية كوشتهم الخاصة، أين العروس الأخري لينا لا تقف مكانها

أين هي، أين، أين، ها هي.


تقف في غرفتها معها والدتها ووالدها تنظر لنفسها في المرآه جميلة بل فاتنة، ولكنها خائفة زفاف، ملئ بالناس، ستنتقل للعيش بمفردها مع زيدان، مجرد الفكرة تقتل قلبها قلقا وخوفا، التفتت لوالدها تحاول التقاط أنفاسها المسلوبة تقول متلعثمة:

- لا أنا خلاص مش عايزة اتجوز، مش عايزة انزل، مش عايزة اسيب البيت

ابتسمت لينا بحنو تنظر لتقترب من ابنتها قبلت جبينها تقول ضاحكة بخفة:.


- تعرفي أن أنا يوم فرحي فضلت اعيط ساعتين عشان مش عايزة اروح مع ابوكي، وبعدين ما بقتش عايزة اي حاجة في الدنيا غير اني اكون مع ابوكي

ابتسم خالد ينظر لها بعشق ليحرك رأسه إيجابا يؤيد ما تقول بمرح:

- فعلا أمك فضحتنا في الشارع قدام القاعة، انا عايزة اروح لبابا وتقوق تقوليش خاطفها، وبعدين ما بقتش تقدر تبعد عني ابدا يا عمري.


ضحكت لينا على ذلك الحوار الكوميدي بين والديها لتندثر ضحكتها تهز ساقها متوترة اقترب خالد منها امسك ذراعيها برفق يقول مبتسما في حزن:

- بصي يا لينا أنا على ثانية وهقعدك والغي الفرح أنا اصلا ما هصدق، هقولهالك لآخر مرة عايزة تنزلي ولا تفضلي

نظرت لينا زوجته له مدهوشة مما يقول لتبلع ابنته لعابها اضطربت حدقتيها تهمس حائرة:

- ننننزل.


ابتسم خالد يلثم جبين ابنته بقبلة حانية ليشبك يدها في يده، ينزل بها إلى أسفل، توسعت ابتسامة زيدان ما أن رأي طلتها التي خطفت انفاسها كان قلقا للغاية من تأخرا وقف منتصبا على اتم استعداد لاستقبالها اقتربت اكثر واكثر واكثر نزلت إلى اسفل بصحبة والدها الذي تخطاه واتجه بها إلى الكوشة بينما وقف هو ينظر لما حدث مدهوشا يفتح فاهه، ليجفل على يد زيدان يدفعه بعنف ناحية العروس:.


- اجري يا عم اقعد جنب مراتك، دا هيتنح

سريعا هرول ليلحق بهم وجد خاله يجلس ابنه على الكوشهظة ليأخذ زيدان مكانه سريعا جواره نظر لخالد يقول مبتسما في براءة:

- شكرا يا خالي يا حبيبي.


تجهم وجه خالد ليتركهم وينزل يتحرك وسط الحضور، وقف حسام من بعيد ينظر لصديقه وشقيقته، لينا شقيقته ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيه حين نطق الكلمة في عقله، ينظر لها يبتسم في حنو، ليأخذ طريقه اليهم، اتجه إلى زيدان يعانقه بقوة يقول مبتسما:

- مبروك يا صاحبي الف الف مبروك

شدد زيدان على عناقه يقول مبتسما في سعادة:

- عقبالك يا حس، اوعي تمشي يلا

ابتعد حسام عنه يقول مبتسما:

- حاضر يا سيدي مش همشي...


تنهد يآخذ نفسا قويا ليتجه ناحية لينا وقف أمامها للحظات، مد يده يصاحفها لتصافحه بابتسامة صغيرة، لتشعر به يشد يدها برفق إلى ان وقفت امامه ابتسم يغمغم في رفق:

- مبروك يا لينا، مبروك الف مبروك.


قالها بحنو عينيه ترتكز على مقلتيها لتنجرف مشاعره الاخوية تجاهها رغما عنه ليعانقها بين ذراعيه يشدد على احتضانها ابعدها عنه يطبع قبلة حانية على جبينها بينما هي تنظر له متعجبة لا تفهم لما يحضتنها صديق زيدان ولما الأخير لا يعترض ووالدها أين هو، لو رآه لاقام الدنيا فوق رأسه، ابعدها عنه يربت بكفه برفق على وجنتها، يبتسم شبح ابتسامة شاحبة، ليتركهم يأخذ طريقة للخارج يمشي بين الحضور لا ينظر لهم يشعر بالاختناق يود فقط المغادرة ليسمع صوت قريب منه صوت يعرفه يبعضه ويحبه في آن واحد نظر يمينه ليجد خالد يقترب منه وقف بالقرب منه يبتسم له شبح ابتسامة صغيرة يتمتم في هدوء:.


- شكرا أنك جيت يا حسام

انثني جانب فم الاخير بابتسامة ساخرة متهكمة ليدس يديه في جيبي سرواله يتمتم ببرود:

- أنا جاي عشان خاطر زيدان صاحبي، مش جاي ليك، عن إذنك

تركه متجها ناحية اركان الحديقة ليقف خالد ينظر في اثره يتنهد حائرا لا يعرف ماذا يفعل، اجفل على يد توضع على كتفه من الخلف التفت للفاعل لترتسم ابتسامة واسعة على شفتيه كطفل صغير رأي والده قال بسعادة:.


- يعني لازم تيجي متأخر، جاسر اجدع منك والله جاي من بدري، وحشني يا كبير

اتسعت ابتسامة الواقف يتمتم بهدوء ورزانة:

- معلش يا سيدي الطريق أنا جايلك سفر بردوا، وانت كمان ياض واحشني، مبروك عجزت اهو وهتبقي جدو

تعالت ضحكات خالد يقول في مكر:

- لا يا بابا أنا لسه شباب وبصحتي الدور والباقي على اللي عجز وشعره أبيض فعلا، ولا ايه يا جسور بيه السيوفي.


وقفت تنظر لانعاكس صورتها في المرآه تبتسم باتساع، تنظر لفستانها الاسود الطويل يغطي ساقيها بالكامل، حتى ذراعيها يغطيها طبق من ( الدانتيل ) الاسود تخفي ما تخفي قدر المستطاع، تخففت كثيرا من مساحيق التجميل، ابتسمت تلتف حول نفسها بسعادة، أدهم يكره فساتينها القصيرة لذلك حرصت على اقتناء فستان طويل أنيق يغطيها بالكامل، أخذت طريقها إلى أسفل تتهادي في خطواتها بحذائها الاسود ذو الكعب الرفيع، رأته يقف هناك لازال في داخل الفيلا لم يخرج للحديقة بعد، يتحدث في الهاتف تبدو مكالمة هامة للغاية يضع سيجار بين دفتي شفتيه يمصها بعنف، منذ متي وادهم يدخن سجائر وبتلك الشراسة، وقفت في منتصف السلم تنظر إليه تعجز عن إزاحة عينيها عنه، وسيم حد أثار الفتنة بحلته السوداء قميصه الأسود بدون رابطة عنق، التفت ينهي مكالمته لتقع عينيه عليها تجمدت حدقتيه ينظر لشعلة الفتنة المتأججة امام عينيه، بلع لعابه الجاف ينظر لها مدهوشا بسرحها الفاتن كأنها لعنة نزلت من الجحيم لتلقيه فيه، بينما اكملت هي طريقها إلى أسفل وقفت بالقرب منه، وضعت يدها على خصرها تميل لليسار قليلا تهمس بنعومة مغوية:.


- إيه رأيك يا أدهم في الفستان

رائع، يخطف الانفاس، مثير حد الفتنة، سلبت أنفاسه بجمالها الآخاذ، بلع لعابه يشيح بوجهه، يتمتم بهدوء:

- كويس يا مايا، يلا عشان نخرج للفرح

انتفض كمن لدغة عقرب حين شعر بها تلف ذراعه حول ذراعه كأنها عروس وهو عريسها المنتظر، نظر لها بدهشة ليجدها تبتسم بنعومة تقول:

- يلا يا أدهم واقف ليه.


التقط انفاسه الضائعة بصعوبة يحرك رأسه إيجابا، يأخذ بيدها متجها إلى الخارج، يبحث عن أبيه لا أثر له ربما لم ينزل بعد، ولكن لما تأخر، اتجه بها ناحية احدي الطاولات جذب المقعد يجلسها عليه ليشد المقعد جوارها حل زر حلته يجلس جوارها، ينظر لابتسامتها الواسعة التي تزين شفتيها حين نظرت لكوشة العروسين...


على صعيد قريب منهم للغاية، على طاولة صغيرة يجلس جاسر بصحبة رؤي وابنته جوري، يمازح جاسر ابنته كأنها لا تزال طفلة لتنظر رؤي له حزينة مما يفعل، جاسر يدلل جوري لاقصي حد وفي المقابل قاسي بارد على رعد لأبعد حد ممكن، هي لا تعترض على دلاله لابنتهم ولكنه فقط لو يعدل باتت تشعر بأن رعد يغير من شقيقته بسبب دلال والدها لهم منذ الصغر، تتذكر ولم تنسي ابدا ذلك اليوم، حين كانت تقف كالعادة تستقبل أطفالها عند باب منزلهم الداخلي، شهقت مرتعدة حين رأت هيئة رعد ملابسه المبعثرة وجهه المكدوم، التراب يغطي جسده بالكامل يحمل في يده ورقة يقبض عليها بعنف، جلست سريعا على ركبتيها أمامه تسأله فزعة. :.


- رعد يا حبيبي مالك ايه اللي حصل، حصل ايه يا جوري

اخفضت جوري رأسها ارضا دون أن تنطق بحرف، ليخرج جاسر في تلك اللحظة من غرفة مكتبه احتدت عينيه غضبا حين رأي مشهد ابنه ليقترب منه يصيح فيه غاضبا:

- أنت عاامل كدة ليه يا بيه، اوعي تكون ضربت حد.


بلع الصغير لعابه مذعورا، ينظر لوالده يحاول أن يخبره بما حدث، لم يجد ما يقول ليمد يده بذلك الظرف ناحية والده اخذه جاسر منه بحدة يفتحه يقرأ ما فيه لتشخص عينيه في غضب احتقنت الدماء في مقلتيه كور الورقة في يده ينظر لابنه للحظات غاضبا الدماء تفور في رأسه ليسقط رعد أرضا دون سابق إنذار أثر صفعة عنيفة قوية من يد والده، لن تنسي ابدا ردة فعل طفلها لم يبكي لم ينطق بحرف فقط وضع يده على وجهه ينظر لوالده بحقد، بينما صاح جاسر غاضبا:.


- البيه ابنك بلطجي ضرب زميله وفتحله دماغه واترفد من المدرسة...

هنا تحديدا تدخلت جوري وقفت أمام والدها تنظر له تبكي تعاتبه بنظراتها، لتهمس بصوت باكي من بين شهقاتها:

- بابا إنت ضربت رعد ظلم، اخت شهاب واحنا بنلعب في الفسحي زقنتي جامد ووقعني على ضهري روحت أنا زقتها ووقعتها وكنت هضربها، جه رعد وبعدني عنها، راح شهاب جايب أصحابه وضربوا رعد، رعد كان بيزقهم بعيد عنهم فشهاب وقع اتعور...


صحيح أن جاسر اغلق المدرسة بأكملها لأنه عرف أن ذلك الفتي هو ابن مدير المدرسة لذلك رفد ابنه هو فأغلق جاسر له المدرسة ومن يعترض، ولكن رعد لن ولم ينسي ابدا صفعة والده، التي هوت على قلبه ظلما.


يجلس في سيارته يضع يده على وجنته لتمتلئ حدقتيه بالدموع، لا يعرف حقا يود أن يعرف سبب كره والده له بتلك الطريقة لما لا يعامله بتلك الطريقة، صحيح أنه لم يرفع يده عليه بعد تلك الحادثة ولكن يكفي فقط كلماته تقتله، لن ينسي تلك الصفعة ابدااا، ابتلع غصته المريرة يمسح دموعه بعنف لينزل من السيارة يغلقها يتجه لداخل الزفاف لم يرد حتى الحضور ولكنها اوامر والده، دخل يمشي بين الحضور إلى ان وصل إلى طاولة والديه، جذب المقعد المجاور لوالدته يقول بابتسامة صغيرة مقتضبة:.


- السلام عليكم

ابتسمت رؤي بحنو تربط على يد ابنها تقول:

- وعليكم السلام يا حبيبي، كويس ما اتأخرتش

لاء اتأخر، هتف بها جاسر بحدة ليلتفق لابنه يناظره بحدة يهمس غاضبا:

- كان المفروض تبقي هنا من نص ساعة يا بيه، كنت صايع فين، وبعدين ايه القرف اللي إنت لابسه دا، أنا مش قايلك البس بدلة، إنت فاكر نفسك رايح ديسكو ولا كبارية ولا شوف بتسهر بقي فين.


نظرت رؤي لجاسر بحدة بينما بصعوبة شاقة حافظ جاسر على ابتسامته يقول في هدوء:

- اتأخرت لاني كنت بقفل حسابات آخر صفقة، ما بلستش بدلة لأن حضرتك عارف اني ما بحبش البدل بتخنق منها، وفي شباب كتير عادي لابسين كجول، و حضرتك عارف وواثق كويس اني لا بسهر لا في ديسكوهات ولا في كباريهات، عن اذنكوا هقوم اجيب حاجة اشربها.


اتجه ناحية طاولة المشروبات الكبيرة يلتقط كأس عصير، ليبتعد عن الجميع وقف في ركن بعيد مظلم لحظات يقف ساكنا يشعر بجسده يهتز بعنف يشعر بالألم والقهر والظلم وهو أشبع ما يمكن أن يشعر به أحد يوما، لا يعرف ما هو خطئه لا يعرف فيما أذنب ليعامله والده بتلك الطريقة، لم يشعر بشئ سوي بدموعه تغرق وجهه ينظر لوالده من بعيد بحرمان!


على طاولة أدهم ومايا، دق هاتف ادهم ليلتقطه سريعا يبتعد عن طاولة مايا بينما تجلس هي تنظر في اثره متعجبة ما سر تلهفه على الهاتف اليوم بتلك الطريقة، رفعت كتفيها بلا مبلاة امور تخص العمل بالطبع، قامت متجهه ناحية طاولة المشروبات تلتقط كأس عصير كانت في طريقها للطاولة حين سمعت صوت أنات مكتومة، بكاء خفيض حزين، فضول هو فقط فضول اتجهت ناحية الصوت لتجد فتي يقف يوليها ظهره يستند بيسراه على الشجرة جواره اقتربت منه تربط.


على ذراعه من الخلف، لتشعر به ينتفض التفت لها سريعا ينظر لها بحدة ارعبتها عادت خطوة للخلف تنظر له فزعة بلعت لعابها تهمس بتلجلج:

- اااا، ااانا آسفة، أنا بس سمعت صوت حد بيعيط، إنت كويس مش عايز مساعدة

اشاح بوجهه يمسح دموعه المتساقطة براحة يده بعنف حرك رأسه نفيا يهمس بصوت متحشرج:

- لا شكرا مش عايز...

ابتسمت له ابتسامة صغيرة، لتمد يدها له بكوب العصير تعطيه إياه تهمس برقة فطرية:.


- عارف كنت دايما بسمع من بابا وعمي بيقولوا إن دموع الراجل مش عيب بس ما تنزلش غير بعد ما بيكون فاض بيه الحمل

رفع وجه ينظر لتلك الفتاة الغريبة بألم يصرخ في حدقتيه، هو حقا فاض به الحال واغرقه في قاعه الأسود، تنهد يزفر أنفاسه الحارة يبتسم لها شبح ابتسامة صغيرة، ليقرب كأس العصير من فمه، يرتشف منه بضع رشفات يبلع بيهم غصته المختنقة، ليسمعها تكمل برقة:.


- أنا صحيح ما اعرفكش ولا أنت تعرفني، بس اكيد مش صدفة اني اشوفك، مهما الدنيا اسودت في وشك هترجع تنور تاني، صدقني ما بتبصش لنص الكوباية الاسود الفاضي، حاول تشوف مميزات تبص من زاوية تانية للموضوع اكيد هتلاقي في اللي بيحصلك جانب إيجابي بس أنت مش شايفه

ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيه ينظر لتلك الفتاة كلامها العفوي كنسيم هواء أثلج نيران قلبه المشتعلة...


بينما على صعيد آخر، يقف في جانب الحديقة يضع هاتفه على أذنه يتحدث مع الطرف الآخر بحدة غاضبا:

- قولتلك هديك اللي انت عاوزه بس تقلبلي الدنيا لحد ما تلاقيه، ماشي، ماشي، سلام.


اغلق الخط يدس الهاتف في جيب بنطاله تنهد يزفر بحرقة يخلل أصابعه في خصلات شعره الأسود الكثيف، ليعود لطاولته ما أن اقترب منها وقف يقطب جبينه ينظر هنا وهناك أين ذهبت، بدأ يتحرك هنا وهناك يبحث عنها بين الحضور أين هي، اقترب من طاولة المشروبات عله يراها، قرر الابتعاد عن الجمع اتجه ناحية تلك البقعة الفارغة ليطلب رقمها من هاتفه ما كاد يقترب رآها تقف هنا بصحبة شاب!، احتقنت الدماء في عينيه.


كور قبضته يشد عليها يرهف السمع عله يسمع ما يقولون وجد ذلك الشاب يمد يده لها يقول مبتسما:

- شكرا يااا، انتي اسمك ايه صحيح

ابتسمت مايا بتوسع يدها في يده تقول:

- مايا، مايا السويسي وأنت

قالتها بطريقة لطيفة مضحكة ليضحك بخفة يقول مبتسما:

- رعد، رعد مهران

توسعت عينيها قليلا بشكل مضحك لتقول بدراما مرحة:

- واااو You know you have a scary name.


تعالت ضحكات رعد على ما قالت تلك الفتاة هي من اظرف من قابل لم يكن من الأساس له تعامل مع اي فتاة من قبل...

هنا فاض الكيل بأدهم اندفع ناحيتها كطلقة رصاص عنيفة جذب مايا بعيدا عن رعد قبض على ذراعها يهزها بعنف يصرخ فيها:

- مييين دا وازاي تسمحيله يتكلم معاكي بالشكل دا

وقفت أمامه بثبات عقدت ذراعيها أمام صدرها تنظر له بحدة لتصيح هي الأخري:

- أنت ازاي تشدني بالمنظر دا، أنا ما عملتش حاجة غلط.


قبض على ذراعيها يشد عليها بكفيه بعنف يصرخ تنصل عقله من اي منطق في تلك اللحظة جل ما جاء في عقله أن آخر سيأخذها منه:

- ما عملتيش حاجة غلط واقفة مع الحيوان دا في حتة بعيد عن الفرح في الضلمة وتقولي ما عملتيش حاجة غلط

في تلك اللحظة وجد أدهم يد عنيفة تقبض على تلابيب ملابسه نظر للفاعل بحدة كبركان غاضب ليجد ذلك الفتي يقبض على ملابسه يصرخ فيه بشراسة:.


- هو مين دا اللي حيوان يا حيوان، مش ذنبها ولا ذنبي أنك تفكيرك زبالة وشمال

ما إن انهي رعد كلامه وجد لكمة عنيفة من يد ذلك الغاضب تقتحم وجهه ارتد على اثرها للخلف يسيل الدماء من جانب فمه مسح الدماء براحة يده بعنف ليندفع ناحية أدهم يلكمه بعنف والآخر يصد ليبدأ شجار عنيف بينهما، تقف فيه مايا تنظر لهما تصرخ بصوت عالي

في هذه الاثناء كان خالد يقف جوار جسور يرحب به، قطب جبينه يسأله مستفهما:.


- ايه دا اومال مدام جميلة ولا حد من الأولاد جه معاك ليه

ابتسم جسور ساخرا يضحك ضحكة خفيفة حرك رأسه نفيا يقول متهكما:

- جميلة قاعدة دولي بتفض النزاعات الدولية اللي عندي في البيت، ما ينفعش أنا وهي نسيب أرض المعركة

تعالت ضحكات خالد على يقول صديقه ليقول من بين ضحكاته:

- جميلة وزين بردوا

قلب جسور عينيه ينظر لصديقه يآسا تنهد يقول حانقا:

- الزفت والنيلة، أنا زهقت منهم والله يا خالد دول لو عيال مش هيعملوا كدة.


ابتسم خالد بهدوء كاد أن يقول شيئا يواسي به صديقه لتتعالي صرخات مايا انقبضت ملامحه قلقا ليهرع راكضا ناحية مصدر الصوت خلفه جسور وجاسر هب هو الآخر يركض ومعهم بعض الرجال، احتقنت عيني خالد غضبا حين رأي أدهم يجثو فوق رعد يكيل له باللكمات ليصدمه الأخير في ساقه بعنف ليسقط أدهم ارضا ويجثو رعد فوقه يكيل له باللكمات هو الآخر، في لحظات خرج زئير خالد غاضب يصاحب زمجره جاسر:

- ادهم / رعد.


توقف الشابان عن تلك المصارعة العنيفة ليبتعد رعد عن أدهم، وقف كل منهما ينفض الغبار عن ملابسه، لتندفع مايا ناحية عمها طوقها خالد بذراعه ينظر لكلاهما بحدة غاضبا ليصدح صوته الغاضب:

- في ايه يا بهوات بتتطحنوا بعض ليه

تقدم رعد خطوة واحدة بلع لعابه مرتبكا امام نظرات والده الحادة حمحم يهتف بهدوء:.


- حضرتك أنا كنت واقف اتكلم مع الآنسة مايا بمنتهي الاحترام والأدب ولو تجاوزت حدودي هي موجودة اهي تقول لحضرتك، لقينا الأستاذ دا، جاي وعمال يهزق فيها وكلام مهين جدا ليها وليا وبيتهجم عليا، رد فعل طبيعي كنت بدافع عن نفسي نظر خالد لمايا ما أن انهي رعد حديثه يسألها بعينيه أهذا ما حدث فعلا، لتحرك رأسها إيجابا تخبئ وجهها في صدره من جديد، نظر خالد لادهم بحدة، ليعاود النظر إلى رعد يقول بابتسامة طفيفة:.


- معلش يا رعد، أدهم بس فهم الوضع بشكل غلط، أخته وبيخاف عليها زيادة شوية

ابتسم رعد في هدوء يحرك رأسه إيجابا، ليعود مع والده إلى طاولتهم، ابعد خالد مايا عنه يبتسم لها برفق:

- روحي يا حبيبتي اقعدي

حركت مايا رأسها إيجابا التفت لادهم تنظر له نظرة خاطفة معاتبة، ليرحل كل من كان واقفا لم يبقي سوي أدهم وخالد فقط، اقترب خالد من أدهم يناظره بحدة للحظات دس يديه في جيبي سرواله يردف هامسا بحدة:.


- ما تتخطاش حدود الأخوة اللي بينك وبين مايا يا أدهم، فاهمني طبعا

رفع أدهم رأسه إيجابا سريعا ينظر لخالد بأعين جاحظة مدهوشة مما يقول توقفت دقاته عن العمل من الصدمة ليجد خالد ينظر له بحدة اقترب منه للغاية وقف امامه قبض على تلابيب ملابسه يهمس بحدة:.


- ابوك عامل مش واخد باله بس أنا واخد بالي كويس اوي، اياك يا أدهم تفكر تكسر ثقة حمزة اللي حاططها فيك، مايا أختك وعمرها ما هتكون غير كدة فاهم، دا آخر كلام عندي

قالها ليربت على صدره بحدة، تركه ورحل لينظر ادهم في أثره بغيظ غاضبا مايا لم ولن تكن شقيقته يوما، وسيثبت لهم ذلك قريبا جدااا...


            الفصل الثلاثون من هنا 

لقراءة جميع حلقات الرواية الجزء الرابع من هنا

تعليقات