رواية أسير عينيها
الفصل السادس والثمانون 86 والسابع والثمانون 87 الجزء الرابع
بقلم دينا جمال
دي قضية خلع رفعاها زوجتك مدام لينا جاسم الشريف.
جملة رتيبة خرجت من بين شفتي الموظف بإيقاع هابط بائس، كان لها أثر النار في قلبه يقف مكانه في ثبات أجاد تزييفه أمام الجميع، وهو يتحطم جزء يليه آخر وآخر تتفتت روحه كالزجاج حين يتهشم إلي شظايا، اندفعت الدماء تنفجر في أوردته، ألم بشع جعل رجفة عنيفة تضرب جسده، مد يده يأخذ القلم من يد الموظف خط توقيعه علي الورقة ليأخذها، طواها يضعها في جيب سرواله، ليرحل إلي سيارته، استقل السيارة جلس علي مقعد السائق يغلق الباب عليه، فتح ازرار قميصه الأولي يشعر بألم بشع وكأن وحش مخيف يقبض بمخالبه علي صدره، ينهش قلبه، الورقة المطوية في جيب قميصه تكوي لحمه، رفع عينيه للقلادة المعلقة امامه في السيارة تحوي صورتها، مد يده يلتقط القلادة ينظر لضحكتها العالية يستطيع سماعها فقط من صورتها، تهدجت أنفاسه شعور بالألم الموحش يأكله بالكامل، والغضب يزحف لقلبه، يتسرب ببطئ خبيث، يتملك منه، شعور قاسي كان قد نسيته منذ سنوات، عاد إليه من جديد، أدار محرك السيارة يتحرك بها خارج المنزل بالكامل، التقط هاتفه يطلب رقم إسلام لحظات إلي أن اجاب الأخير:.
- أنت فين
استمع الي رده الموجز ليتمتم يقتضب الحديث:
- طب أنا جايلك.
اغلق الخط ليسحق مكابح السيارة صورة لينا لا تغيب عن عينيه ضحكات ابتسامات الحان صوتها كلماتها كل ذكري لهما معا، تفتت كل ذاك الآن بسببها هي، شهد، يا ليته لم يرها من جديد، دمرت حياته بأكملها، أخذت انتقامها كاملا منه الآن، اجفل من أمواج شروده فجاءة علي صوت زامور سيارة تأتي بالاتجاه المعاكس علي وشك الاصطدام به، ادار المقود بعنف يتجنب الاصطدام بها في اللحظة الأخيرة التفت بالسيارة عدة مرات قبل أن تصطدم جانب السيارة في عمود إنارة كبيرة، ووقفت ترك المقود يستند برأسه إلي ظهر المقعد يغمض عينيه، لحظات يحاول إلتقاط أنفاسه قبل أن يسمع صوت يسأله:.
- أنت كويس يا استاذ تحب نوديك مستشفي
فتح عينيه ينظر للقائل ليجد أحد المارة، ابتسم له بشحوب يحرك رأسه نفيا، أدار محرك السيارة من جديد واتجه إلي المستشفي التي بها إسلام، نزل يبحث عنه، اتصل به ليدله علي مكانه صعد إلي طابق الطعام، وجد إسلام في أحدي الغرف، يجلس علي الفراش وهناك طبيب أمامه يلف ضمادات بيضاء حول إصبعه، دخل يصافح الطبيب يتمتم مبتسما:
- أخباره ايه.
انتهي الطبيب ليلم حاجيته التفت لخالد يتمتم في عملية:
- واضح كدة أن الكسر دا في خناقة، وإن اللي عمل كدة خبير يأذي من غير ما يسبب اذي ضخم، علي العموم أسبوعين تقريبا ويقدر يحرك صوباعه تاني عن اذنكوا
خرج الطبيب من الغرفة ليتقدم خالد جلس أمام إسلام ابتسم يربت علي ساقه يتمتم:
- حمد لله علي السلامة، معلش حقك عليا أنا.
ابتسم إسلام ساخرا يشيح بوجهه بعيدا يشعر بنيران تحرق قلبه وتد مسموم يدق روحه حرك يده السليمة يتمتم ساخرا:
- الحق مش عندك يا باشا الحق عند أختي اللي همشتني في حياتها، اللي اعتبرت وجودي زي عدمه، اللي كل ما كنت اتصل بيها كانت تقولي أنا كويسة، اللي عرفت صدفة انها اتطلقت واتجوزت.
حرك خالد رأسه إيجابا يتفهم غضب إسلام هن حقا محق في غضبه للغاية لو كانت ياسمين بدلا من بدور وهو بدلا من إسلام كان ليدق عنق ياسمين دون تردد، تحرك من مكانه يجلس جوار إسلام رفع يده يربت علي كتفه يردف:.
- معاك حق معاك كل الحق، بس أنت وأنا عارف بدور كتومة قد ايه، وآخر مرة اتخقنت مع جوزها وضربتوا بعض ووصل الحال للقسم، هي بقت تخاف تقولك، حتي أنا ما عرفتش أنها متخانقة معاه غير لما طردها في نص الليل مرة وخد منها خالد الصغير وضربها مرة تانية...
توسعت عيني إسلام في فزع يشعر بشرخ حاد في كرامته ورجولته حين علم بما مرت به شقيقته، هو المخطئ لأنه تركها وسافر وكان فقط يتواصل معها بالهاتف كانت تعاني وتخبره بأنها علي اتم ما يرام، انحدرت دموعه، احمرت عينيه، كور قبضته يشد عليها هب واقفا يصيح متوعدا:
- ورحمة أبويا لهدفعه تمن اللي عمله فيها غالي
تحرك بخطوات غاضبة ناحية باب الغرفة ما أن كاد يقبض علي مقبض الباب سمع صوت خالد يتمتم من خلفه ساخرا:.
- ما تدورش عليه عشان مش هتلاقيه، أنا نفسي مش عارف هو فين، كل اللي اعرفه أن حمزة علم عليه جامد
وقف إسلام مكانه للحظات التفت لخالد ليقترب منه وقف أمامه يناظره بنظرات قهر عاجزة انسابت دموعه يصيح مقهورا:.
- أنا السبب ذنبها في رقبتي أنا اللي سيبت الحيوان دا يعمل فيها كدة، وكنت بريح ضميري إني اكلمها في التيلفون، يا ريتني ما سافرت، وأنت ازاي ما تبلغنيش علي الأقل عرفني كنت نزلت خدت اختي تعيش معايا في حضني تحت جناحي...
أشفق حقا علي حاله البائس ونبرته النادمة الحزينة المعذبة، جذب كف يده ليجلس جواره من جديد، لحظات صمت قبل أن يتنهد إسلام يهمس في خفوت حزين ممزق:.
- علي الأقل كنت عرفني، هي بتعتبرك زي ابوها من زمان، إزاي توافق علي جوازها من اخوك، ازاي ما تمنعهاش
بما يجيبه أيخبره أنه رفض وحاول إقناعها بالرفض ولكن كل محاولاته بائت بالفشل زفر أنفاسه المختنقة يتمتم يآسا:.
- صدقيني حاولت، رفضت مجرد الفكرة وحاولت حتي اضغط عليها نفسيا انها لو اتجوزته مش هينفع تبقي بنتي تاني، مع ذلك ما قدرتش اقنعها، بس يعني احقاقا للحق حمزة بيحاول بجد، يعوضها عن اللي شافته مع الحيوان طليقها، أنا مش بشهدله بس أنا عارف إن حمزة قادر يعوضها عن اللي فات كله، قوم معايا يلا
التفت له إسلام يقطب جبينه متعجبا ليبتسم خالد في هدوء يجذبه من يده السليمة مردفا:.
- قوم صالح أختك ما ينفعش اللي أنت قولته ليها دا، اختك مالهاش حد في الدنيا غيرك، مهما كانت متجوزة مين هتفضل أنت سندها الأول قوم يلا
ارتسمت ابتسامة حزينة بائسة علي شفتي إسلام يحرك رأسه بالإيجاب وضع يده في خالد ليجذبه الأخير يتحركان للخارج، استقل المقعد المجاور لخالد يتمتم متعجبا:
- العربية متطبقة من الجنب
ابتسم خالد في هدوء يدير محرك السيارة يغمغم بلامبلاة:.
- حادثة بسيطة علي الطريق، هبقي اوديها لميكانيكي
ضحك إسلام رغما عنه يتذكر أيام قضوها في شباب كل منهم في الحارة في ورشة تصليح السيارات، زاغت عينيه وارتسمت ابتسامة حنين علي شفتيه تنهد يغمغم مبتسما:
- كانت أيام حلوة، رغم الشقا اللي كنا فيه، بس كانت جميلة علي قد بساطتها
ابتسم خالد هو الآخر يحرك رأسه إيجابا يؤيد ما يقول إسلام محق اشتاق لذكريات تلك الايام بصحبتها، كانت حقا إيام لا تُنسي...
بعيدا في أحدي الفنادق في لندن وقف زيدان غاضبا حانقا ينظر لقطعة الحلوي الشقراء الواقفة أمامه تبتسم في براءة علي وشك أن تصيبه بجلطة دماغية تنهد يزفر حانقا:
- ممكن أعرف ايه اللي جايبك ورايا من مصر للندت، مش طبيعي يا انجليكا اللي بتعمليه دي
قوست شفتيها بحركة دلال تعبرها عن حزنها مما قال، اقتربت منه اكثر إلي أن وقفت امامه شبت على أطراف أصابعها تلف ذراعيها حول عنقه تتمتم بنعومة:.
- أنت وهشت أنا كتير زيدان، أنا كنت آيزة اشوفك
زفر غاضبا ليفك ذراعيها من حول عنقه ابتعد خطوتين للخلف ينظر لها محتدا في غيظ قبل أن يصيح فيها يزجرها بعنف:
- يا انجليكا اللي بتعمليه دا ما ينفعش، اقتحامك حياتي فجاءة بالشكل دا، مش مقبول، ووجودك هنا مالوش اي داعي...
- أنا بهبك زيدان.
همست بها بصوت خفيض ناعم حزين صاحبته تساقطت بعض القطرات من عينيها، ليتنهد يآسا طفلة باكية اقتحمت حياتها المبعثرة من الأساس، اقترب منها يقف علي بعد خطوة واحدة منها ابتسم يتمتم مترفقا:
- يا انجليكا صدقيني انتي تستاهلي حد يحبك بجد، أنا قلبي ما عدش فيه طاقة للحب، انجليكا أنا لولا احساسي ناحيتك بالمسؤولية حاسس أنك طفلة صغيرة، أنا كنت اتصرفت معاكي بشكل تاني خالص.
اخفضت رأسها أرضا تتساقط دموعها في صمت، ليزفر حانقا من نفسه الآن هو الشرير الذي جعلها تبكي مد يده يمسك ذراعيها يتمتم
برفق:
- انجليكا أنا مش قصدي ازعلك بس أنا مش عاوز اضحك عليكي واوهمك بحبي
- بتهبها هي مش كدة
تمتمت بها بنبرتها الحزينة أحرف كلامها المكسرة رفعت وجهها له تنظر لعينيه مباشرة ليقطب جبينه متعجبا، من تقصد، ابتسمت هي إبتسامة حزينة بائسة لتتمتم:
- لينا، البنت اللي شدت شآري.
ابتسم رغما عنه من طريقة كلامها ليهرب بمقلتيه بعيدا عنها يحاول الا ينظر لعينيها لا يعرف ما يقوله لها، هو لا يحبها فقط هو مقيد رغما عنه بقانون قلبه في قيد عشقها الخاص، تنهد يحرك رأسه بالإيجاب، ليغزو الألم مقلتيها للحظات قبل أن تسمعه يتمتم ساخرا:
- حتي لو أنا بحبها هي ما بتحبنيش، ما عدش ينفع نتجمع تاني يا انجليكا.
ابتسمت ما أن سمعت تلك الكلمات، يبدو انهم علاقة تلك الفتاة وزيدان قد انتهت، هي ستصبر ستبقي جواره ستنسيه حبه لتلك الفتاة ليحبها هي فقط، مسحت دموعها سريعا حمحمت تتمتم بمرح باهت:
- أنا جآنة زيدان، جآنة اوي، اكل الطيارة Very bad
ضحك يآسا طفلة كما قال قبلا حرك رأسه إيجابا ليتحرك ناحية هاتف غرفتها يطلب لها الغداء، عاد إليها يتمتم مبتسما:.
- أنا طلبتلك الغدا هروح اوضتي، لإني محتاج أنام، لو احتاجتي حاجة كلميني
ابتسمت بسعادة تحرك رأسها إيجابا ليخرج من غرفتها يوصد الباب خلفه ابتسمت هي بسعادة تلتف حول نفسها عدة مرات، ارتمت بجسدها علي الفراش تنظر لسقف الحجرة يعلو ثغرها ابتسامة واسعة تنظر بتحدي للسقف كأنها تنظر لشخص ما تتمتم متوعدة:
- زيدان ليا أنا لينا!
وصلت سيارة خالد بعد مدة قصيرة إلي منزله مرة أخري، نزل منها بصحبة إسلام الي الداخل توجها، في تلك اللحظات في الأعلي في غرفة حمزة منذ أن استيقظت من غفلتها القصيرة وهي تجلس تنظر للفراغ تنساب دموعها رغما عنها تغرق وجنتيها حمزة يجلس أمامها لا يعرف ما يفعل ترفض حتي الحديث معه مد يده يمسك بكفها برفق يهمس باسمها:
- بدور.
نزعت يدها من يده تضم قبضتها إليها تنساب دموعها بغزارة دموع صامته كئيبة نادمة، تنهد حزينا يهمس لها نادما:
- أنتي زعلانة مني طيب أنا آسف بس ما كنتش هقدر اشوفه بيزعقلك بالشكل دا، بدور وحياة سيلا عندك ما تزعليش
التفت بوجهها ناحيته ليري عينيها الباكية وجهها الأحمر القاني شفتيها المرتجفة فتحت فمها تهمس له بقهر:.
- أنت ضربت اخويا، خليته يمشي زعلان مني، أنا كنت بخاف اقوله علي اللي بيعمله أسامة فيا، عشان ما يأذوهوش آخر مرة إسلام اتاذي جامد من أسامة، انت ما تفرقش عنه حاجة اذيت اخويا...
رفعت كفيها تخفي وجهها خلفهم تنتحب باكية ليعتصر قبضته قلب يتفتت من ناحية من صوت بكائها المتزايد، ورجولته تفتت من تشبهيها له بذلك الحيوان شبه الرجل زوجها السابق، لحظات من الحيرة لا يعرف ما يفعل قبل أن يسمع دقات علي باب الغرفة الخاصة بهم، تركها وتوجه ناحية الباب فتحه ليجد إسلام يقف جوار خالد، حمحم خالد يبادر مبتسما:
- إسلام عاوز يتكلم مع بدور، تعالا أنت برة شوية.
لم يعترض إطلاقا، نظر لاسلام للحظات كأنه يعتذر له بنظراته عما فعل ليتحرك للخارج بصحبة أخيه، دخل إسلام إلي الغرفة يغلق الباب عليهم، تقدم من فراش شقيقته جلس جوارها يهمس باسمها بصوت خفيض حاني:
- بدور
توسعت عينيها حين استمعت إلي صوت شقيقها، كالغريق حين وجد طوق نجاته الأخير، رفعت وجهها سريعا لتخرج منها شهقة متفاجئة سعيدة حين رأته أمامها ابتسمت كطفلة صغيرة لترني نفسها بين ذراعيها تشهق في بكاء نادم:.
- إسلام أنت هنا، أنا آسفة سامحني، سامحني، ورحمة بابا ما تزعلش مني، أنا خوفت اقولك علي اللي اسامة بيعملوا فيه، أحسن يأذيك او أنت تقتله وتخش السجن، والله كنت خايفة عليك اوي
ادمعت عينيه حزينا علي حالها كم عانت شقيقه خوفا فقط عليه، ابعدها عنه قليلا يحتضن وجهها بين كفيه يمسح دموعها بإبهاميه يهمس لها:.
- خوفك دا بيعذبني، يا ريتك كنتي قولتيلي، اومال مين يحميكي يا بدور، لما تخافي تقوليلي، هو أنا مش اخوكي، مش انا سيمو حبيبك
ابتسمت واغرقت عينيها الدموع تحرك رأسها إيجابا ترتمي بين ذراعيه من جديد، تشدد علي عناقه تهمس له باكية:
- أنا آسفة سامحني، أنا آسفة
مسح علي رأسها برفق يحرك رأسه إيجابا تنهد يهمس حزينا:.
- مش عارف اقولك مسامحك ولا حقيقي زعلان منك ازاي توافقي علي جوازة زي دي يا بدور، ازاي توافقي تتجوزي واحد أكبر منك بالشكل دا
خرجت من بين أحضانه سريعا أمسكت بكفيه تغمغم متلهفة:
- صدقني حمزة طيب اوي وحنين اوي اوي، كفاية حنيته عليا وعلي خالد وسيلا، حنية ما شوفوهاش مع ابوهم نفسها، سيلا ما بترضاش تنام غير في حضنه...
تنهد حزينا يآسا من كلامات شقيقه التي لا تمس للمنطق بصلة كيف توافق علي ذلك الأمر لا وتحاول إقناعه بأنها سعيدة أيضا احتضن كفيها بين قبضتيه برفق:
- يا ستي علي عيني وراسي أنه طيب وحنين بس فرق السن بينكوا يا بدور انتي من جيل وهو من جيل تاني خالص، ما تحاوليش تقنعيني أنك بتحبيه مثلا
ابتسمت رغما عنها ابتسامة شاحبة باهتة حركت رأسها نفيا تهمس له بهدوء حزين:.
- صدقني أنا اكتشفت بعد جوازتي الاولانية واللي شوفته مع أسامة اللي كنت بحبه حب كبير أوي، إن الحب مش أهم حاجة في الجواز الأهم الاحترام الود، حمزة بيحترمني بيعاملني كبني آدمة ليها مشاعر بتحس، بيحاول يعوضني ويرضيني، مش مجرد خدامة آلة مالهاش مشاعر، صدقني يا إسلام والله أنا سعيدة اوي معاه...
زفر حانقا كم رغب في أن يحطم رأس شقيقته ليري عقلها الاحمق ويعرف بأي عقل تفكر ولكنه لا ينكر أن بداخله جزء صغير للغاية مطمئن لأجلها، تنهد محترا قبل أن يحتضن وجهها بين كفيه من جديد يهمس لها في صرامة:
- احلفي بالله يا بدور، أنا لو حصل ليكي اي حاجة تاني مهما كانت أنك هتبلغيني ارجوكي ما تلغنيش من حياتك بالشكل دا، أنا ماليش غيرك
ابتسمت تحرك رأسها إيجابا سريعا تتمتم:
- والله ما هيحصل تاني ابدا.
قبل جبينها ليتركها ويغادر خرج من الغرفة ليجد حمزة وخالد يقفان عند سور الطابق الثاني يتحدثان، التفتا له معا ما أن خرج من الغرفة ليبتسم ابتسامة هادئة تحرك ناحيتهم ليحمحم خالد يردف مبتسما:
- طب أنا هروح اريح شوية، البيت بيتك طبعا يا إسلام
تحرك يغادر إلي غرفته، وقف إسلام أمام حمزة بضع لحظات يتحاشي النظر ناحيته إطلاقا، تنهد يزفر أنفاسه الحارة يتمتم حانقا:.
- بص يا أستاذة او يا حمزة بيه السويسي، لو جينا للحق أنا مش طايقك، مش عشان ضربتني يمكن دي الحاجة اللي خلتني بلعتك أنك ما سمحتش لحد أنه ياذي مراتك حتي لو كان أخوها، بس أنت مش شايف أنك كدة ظلمتها لما تتجوز واحد اكبر منها بكتير
ابتسم حمزة في هدوء ليتنسد بمرفقيه إلي سطح السور التف برأسه ناحية اسلام يبتسم ابتسامة هادئة يتمتم برزانة:.
- صدقني أنا ما اجبرتهاش، أنا آخر حاجة اعملها اني افرض نفسي علي واحدة ست، أنت شايفها أنانية، أنا شايفها احتياج، كل واحد مننا محتاج التاني، أنا عارف أنك خايف علي اختك ودا حقك، بس أنا احلفك اني طول ما أنا عايش علي وش الدنيا عمري ما هجرحها ولا هزعلها وما تقلقش عليها بعد موتي هسيبلها فلوس كتتتييير اووووي، تأمن حياتها هي والولاد لباقي عمرهم، أنا مش عايزك تقلق مع اختك معايا...
ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتي إسلام يحرك رأسه إيجابا يحاول أن يقنع عقله بما قال ذلك الواقف امامه، ابتسم حمزة يربت علي كتف إسلام:
- البيت بيتك عن إذنك
تركه حمزة وتوجه إلي غرفته، ليتنهد إسلام حائرا توجه الي الغرفة التي يقطن فيها بصحبة شمس ابنته فتح بابها ليجد شمس تجلس علي الفراش تبكي بعنف مخيف هرع ناحيتها يسألها قلقا:
- شمس مالك يا شمس، في اي يا حبيبتي ايه اللي حصل.
دفنت وجهها في صدره تشهق في بكاء عنيف لم يسمع منه سوي بضع كلمات مبعثرة:
- ليينا، لييينا، صعبانة عليا اوووي.
دخل إلي غرفته قبل قليل ليراها علي حالها منذ أن تركها صباحا تجلس علي الفراش ترفع ركبيتها تحضتنهم بذراعيها تنظر أمامها للفراغ نظرات ثابتة جامدة، صينية الطعام موضوعة جوارها لم تُمس، نظر لها بضع لحظات ليخرج الي الشرفة يطحن سيجارة بين شفتيه يعتصرها بعنف باصابعه، القاها أرضا بعد لحظات ليعود للغرفة، وقف أمامها للحظات ليخرج الورقة من جيبه امسك كف يدها رغما عنها يضع الورقة داخله نظرت له محتدة ليبتسم هو متألما يهمس لها:.
- خلع يا لينا للدرجة دي
قطبت جبينها متفاجئة مما يقول امسكت الورقة تفتحها سريعا لتشخص عينيها في ذهول خرج منها شهقة فزعة تحرك رأسها نفيا نظرت له مدهوشة تتمتم في ذهول:
-مين عمل كدة، مش انا صدقني مش...
قطمت كلامتها وتوحشت مقلتيها، قبضت علي الورقة بعنف لتنفض الغطاء عنها تحركت ترغب في الخروج من الغرفة ليمسك بذراعها سريعا قبل أن تفعل دفعته بشراسة تصيح فيه:
- اوعي سيبني.
تأوه متألما بعنف من دفعتها، لتقطب جبينها مدهوشة مما حدث، هي ليست بتلك القوة لتؤذيه حتي، رمت الورقة من يدها لتتجه ناحيته، وقفت أمامه للحظات تنظر له قلقة، لتمد يدها تفتح ازرار قميصه قبض علي يديها يمنعها من أن تفعل شد علي أسنانه يتمتم محتدا:
- أنا كويس انتي هتخرجي ازاي من الأوضة بقميص النوم..
دفعت يديه بعيدا عنها لتكمل حل ازرار قميصه رغما عنه تنهد حانقا من عنادها نزعت عنه القميص لتشهق فزعة حين رأت كدمة زرقاء كبيرة في ذراعه الايمن وجزء منها يمتد لصدره وبطنه نظرت له مذهولة تصيح فيه فزعة:
- حصل ايه، أنت كويس، رد عليا
ابتسم في ألم يلتقط قميصه يرتديه، يتمتم في خواء:
- حادثة بالعربية.
قال ما قال ليتوجه إلي المرحاض، بينما اندفعت هي التقطت مئزر قطن كبير من فوق علاقة ملابسها، توجهت لخارج الغرفة حيث غرفة والدها، دقت الباب بعنف دخلت لتجد جاسم ابن شمس يجلس بصحبة والدها يضحكان بصخب توجهت لداخل الغرفة القت الورقة أمام والدها تصرخ فيه:
- أنت ازززززاري تعمل كدة، اززززاي
ابتسم جاسم في هدوء وضع ساق فوق آخر يتمتم في هدوء ساخر:.
- عشان اخلصك منه، توكيل قديم عليه امضتك، أنا مش هسمحله يغسل مخك تاني ويعيشك معاه غصب عنك
أحمر وجهها غضبا فارت الدماء تصرخ في رأسها تندفع بعنف إلي أوردتها، لم تعي بنفسها سوي وهي تصرخ بكل ما يعتمر في قلبها من قهر وألم:.
- حررررررام عليك يا أخي، حررررام عليكوا كلكوا، اموت ناس عشان ارتاح منكوا، دا جوزي، عارف يعني ايه جوزي، كان جنبي في الصعب قبل الحلو، عايزني بعد كل السنين دي اقف قصاده في المحكمة، يا اما ادمر كل اللي فات واهد عشرة سنين يا اما تقول عليا سلبية بيضحك علي عقلي بكلمتين ارحمني بقي.
انهارت أرضا علي ركبتيها تصرخ في بكاء قاسي، بكاء لم ينتشلها منه الا هو حاوط جسدها بذراعيه يحتضنها يرفعها عن الأرض يخبئها بين أحضانه، نظر لجاسم نظرة سوداء متوعدة ليخرج بها من الغرفة، توجه بها سريعا إلي غرفتهم وضعها علي الفراش وهو لا يزال يحتضنها بعنف، لتصرخ هي بشراسة تحاول ضربه:
- أبعد عني ابعد عني بقي، أنت السبب، أنت
اللي عملت فينا كدة، أنا بكرهك، بكرهك.
ظلت تصرخ وهو يحاول احتواء حركاتها المنفعلة الهاجئة بين ذراعيه إلي أن استسلمت رغما عنها وسقطت علي صدره تبكي دون توقف.
حل الليل في منزل عثمان وسارين تحديدا في غرفة نومهما، يجلس عثمان علي الفراش يمد ساقيه أمامه يضع جهاز كمبيوتر محمول علي قدميه وسارين تتحرك حركات مضطربة سريعة أمام الفراش، زفر عثمان قلقا علي حالها ليردف متذمرا:
- يا سارين اهدي وترتيني يا بنتي مش كدة
جلست علي مقعد قريب من الفراش تهز ساقها اليسري بعصبية جلية رفعت رأسها له تتمتم متوترة:
- شوف كدة الموقف فتح.
حرك أصابعه بسرعة علي لوحة المفاتيح أمامه ليبتسم داخله حين فتحت الصفحة أمامه اخيرا، هو يحفظ الرقم الخاص بها، سيري النتيجة اولا، خوفا من أن تكن سيئة فتصدمها، كتب سريعا الرقم الخاص بها، لتنفتح صفحة النتيجة أمام عينيه، توسعت ابتسامته، تشق شفتيه ينظر لمجموعها العالي، رفع وجهه ينظر لها ليراها تنظر له فزعة صاحت فيه قلقة:
- ها فتح، أنت ما بتردش عليا لييييه.
حرك جهاز الكمبيوتر لتصبح الشاشة مقابلة لوجهها بعد أن كبر حجم اسمها بجواره مجموعها، توسعت عينيها في دهشة تفغر فاهها حتي آخره اغمضت عينيها وفتحتها عدة مرات سريعة متتالية تنظر للشاشة اشارت لنفسها تنظر لعثمان تتمتم ذاهلة:
- دا مجموعي أنا؟!، ال97 ونص دول كلهم بتوعي
خرجت ضحكان عثمان العالية ليردف ساخرا:
- لاء بتوعك انتي والجيران، ايوة يا بنتي، انتي جبتي 97 ونص، مبروك يا سيرو.
صرخة سعيدة خرجت من بين شفتي سارين لتبدأ بالضحك بقوة والالتفاف حول نفسها تصرخ من سعادتها وهو يجلس يراقب تغزو شفتيه ابتسامة واسعة سعيدة كم اراد أن يتحرك هو الآخر يشاركها سعادتها، تحرك بجسده، يجذب عصاه وقف بجهد شاق يجر ساقيه ناحيتها يشد ساقيه شدا بعنف كبير، اقترب منها ليسقط أرضا رغما عنه، تأوه بصوت عالي لتصيح سارين باسمه هرعت إليه ترتمي علي ركبتيها جواره تصرخ فزعة:
- عثمان أنت كويس يا عثمان، عثمان.
اعتدل بجسده قليلا يرتمي بظهره يستند الي الفراش من اسفله ابتسم لها ابتسامة مرهقة يمسح علي وجهها برفق يتمتم محرجا:
- كان نفسي اقوم اشاركك فرحتك بس ما قدرتش أنا آسف
حركت رأسها نفيا سريعا لترتمي بين ذراعيه تعانقه بقوة تهمس له بحنو:
- اوعي تعتذر، ابدااا، وجودك جنبي اكبر فرحة يا عثمان، أنت ما تعرفش أنا سعيدة قد إيه، أنا بحبك اوي يا عثمان.
رفع يده يمسح علي خصلات شعرها برفق حين ابتعدت هي عنه تنظر لعينيه مباشرة ابتسمت تسأله بهمس شغوف:
- وأنت بقي، بتحبني
ابتسم يرفع يده يزيح خصلات شعرها المدلاة تحجب صفحة وجهها الناعمة داعب أنفها بإبهامه برفق يهمس لها بصوت خفيض تملئه المشاعر:.
- كنت اعمي واطرش، اعمي ما شوفتش أنا قد ايه بحبك، واطرش اني ما سمعتش دق قلبي وانتي جنبي، عارفة لما بوستك في النادي وبعدها زعقتلك، كنت بفوق نفسي، ازاي مشاعري تنجذب ناحيتك، ازاي افكر حتي اني الوث براءتك مع واحد زيي، انما دلوقتي رغم اللي أنا فيه، حاسس اني بني آدم نضيف بجد، واقدر اقولك اني بحبك يا سارين، بحبك اوي، وإن كان نفسي اقف علي رجليا تاني، عشان اعوضك عن صبرك معايا واحققلك كل اللي نفسك فيه.
تسارعت دقات قلبها تشعر به سينفجر من السعادة، ظلت تنظر له تبتسم وهو المثل الي أن شعرت به يجذب رأسها ناحيته أغمضت عينيها وتبطأت انفاسها تشعر بأنفاسه المتسارعة تتصادم في وجهها تبعثر شتات مشاعرها بلا رحمة، كان هو يقترب أكثر فأكثر لا يرغب في تلك اللحظة سوي في أن يلحم مشاعره بمشاعرها علها تعلم بأي قدر بات يدمنها، في لحظة تبدل الوضع انتفضت من بين ذراعيه حين دق هاتفه يصدح بصوته المزعج يبعثر لحظتهم الخاصة زفر حانقا يلتقط هاتفه من جيب سرواله وجد عمر أبيها يتصل شتمه في نفسه ليفتح الخط يضع الهاتف علي اذنه يتمتم مغتاظا:.
- ايوة يا عمي خيييير
سمع صوت عمر يصيح فرحا:
- انت بترد ليه دلوقتي فين سارين حبيبة بابا جابت 97 ونص، أنا جاي حالا وجايبلها هدية نجاحها، صحيح قولها أن سارة كمان نجحت وجابت 98 ونص، سلام يلا
اغلق الخط ينظر لسارين لتنفجر الآخيرة في الضحك.
في الحارة تحديدا في منزل السيدة منيرة
دخلت منيرة حجرة مراد تنظر له متعجبة حين رأته يضب ملابسه فئ حقائب للسفر لتنظر له تردف متعجبة:
- بتعمل ايه يا مراد
ابتسم الأخير سارخا اوقف ما كان يعمل نظر لجدته يتمتم متهكما:
- سلامة الشوف يا منيرة بحضر شنطتي هسافر كمان ساعة
شهقت منيرة متفاجئة لتساله سريعا قلقة:
- هتسافر بليل كدة، ما تخليك للصبح يا ابني، النهار ليه عيون.
ضحك مراد ساخرا يكمل ما يفعل سريعا لتتنهد منيرة يآسة منذ متي ومراد يستمع الي ما تقول دائما ما يفعل ما يحلو له هو فقط، اقتربت منه تسأله:
- طب هترجع امتي طيب
توجه مراد ناحية دولاب الملابس يخرج ما تبقي من ثيابه يتمتم بلامبلاة:
- لاء أنا احتمال كبير ما اجيش تاني اصلا، خليوا انتوا عايشين في الحارة الفقر دي أنا هخرج لوش الدنيا هبقي باشا زي البشوات اللي بيضربوا ليهم تعظيم سلام ويركبوا احسن عربيات.
توجهت منيرة ناحية الفراش جلست علي حافته تنظر لحفيدتها نظرات حزينة يملئها الندم لتهمس له:
- وبعد ما تبقي باشا وتركب احسن عربيات بعد ما تبيع روحك للشيطان يلعب بيك، هتاخد ايه معاك قبرك، فوق يا مراد، فوق يا إبني..
فوق يا مراد، فوق يا ابني
أعاد هو جملتها بطريقة ساخرة متهكمة، التفت لها ينظر له نظرات ساخرة يملئها الألم ليصيح بانفعال:.
- الشيطان هو اللي قال لابويا وامي يطلقوا هو اللي قالهم يرموني، اعيش وأنا حاسس دايما اني اقل من زمايلي اقل من الكل، لا يعني لا أنا هعيش هوصل للي أنا عايزه حلال بقي حرام، أنا اللي هتحاسب مش انتي يا منيرة
جذب حقيبة ثيابه يود الخروج من الغرفة لتستوقفه سريعا حين هرولت ناحيته أمسكت بكف يده تترجاه باكية:.
- أبوس ايدك يا ابني ما تسلمش لشيطانك أنا ما اعرفش أنت رايح تعمل ايه بس اكيد رايح تعمل كارثة، ورحمة ابوك يا مراد ما تاذي حد الدنيا مش مستاهلة يا ابني
جذب يده من يدها يرميها بنظرات باردة خاوية من اي مشاعر ليخرج صوته كالجليد بارد لا يشعر بشئ:
- فات الأوان خلاص يا منيرة.
تحرك للخارج ليبصر روحية الجالسة علي أحد المقاعد بعيدا انكمشت علي نفسها ما أن رأته ليبتسم ساخرا توجه ناحية باب المنزل فتحه وقبل أن يغادر التفت لها ابتسم ساخرا يردف:
- أنتي طالق يا روحية
ومن ثم غادر اخذ شيطان نفسه ورحل يخطط للاسوء.
مرت عدة أيام.
اليوم هو اليوم المحدد لعقد قران لينا ومعاذ، صباحا في مطار القاهرة الدولي، هبطت طائرة خاصة بسلام تام علي أرض المطار، تحركت عربة إسعاف مجهزة اقترب المسعفون سريعا ينقلون شهد من الطائرة إلي سيارة الإسعاف متوجهين بها إلي المستشفى بصحبة حسام أما زيدان خرج من بوابة المطار وانجليكا تقبض علي كفه تلتصق به كالعلقة من يراهما يظن انهما زوجين في غاية السعادة عائدين من شهر عسل سعيد، توجها معا إلي خارج المطار، يستقلان سيارة اجري، وهناك بعيدا عدسات تصور ذلك المشهد ليتم الإنتقام كاملا!تبع
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل السابع والثمانون
وقفت سيارة الاجري أمام احدي الفنادق الفاخرة القريبة من المطار نزل زيدان اولا يعطي للسائق نقوده لتلحق به انجليكا سريعا، وقفت جواره تشبك أصابع كفها تحتضن أصابع كفه ليزفر يآسا من تلك العلكة التي تلتصق به كاسمه، توجه معها للداخل الي حيث موظف الاستقبال يحجز لها غرفة، أخذ الورقة من موظفة الإستقبال يملئ ما فيها من بيانات فارغة من خلال جواز سفرها الذي بيده، أعطاها الورقة ليخرج من حافطته الجلدية بطاقته الإئتمان الخاص به دفع أعطاها للموظفة لتناولها له بعد لحظات ومعها مفتاح الغرفة، التفت لانجليكا يتمتم بفتور:.
- أنا حجزلتك أوضة في الفندق هنا، مفتاحها اهو، عن إذنك
وضع المفتاح في كف يدها تجاوزها ليغادر لتشهق هي سريعا هرولت خلفه سريعا تتعلق بذراعه تسأله مذعورة:
- أنت روح فين زيدان...
تأفف حانقا من تلك الكماشة التي احكمت حصارها حول حياته بأكملها ليبعد يدها عن ذراعه ابتسم دون مرح يغمغم في جفاء:.
- عندي مشواير مهمة يا انجليكا ومش هينفع اخدك معايا، وعشان تكوني عارفة، العلاقة الغريبة اللي بينا دي هتنتهي مجرد ما نرجع الغردقة، عن إذنك
دون كلمة أخري استدار وغادر دون أن يعطيها حتي فرصة للحديث، وقفت تنظر في اثره لحظات تكسو مقلتيها الألم، هبطت دمعة صغيرة من عينيها تتحرك إلي غرفتها يدوي في رأسها صوت حبيبها السابق وهو يصيح فيها.
« stop doing that angelica you re sticking to me like a gum I can t even breathe away from you، i m really bored of it، i finally want ang»
-توقفي عن فعل ذلك انجليكا أنتي تلتصقين بي كالعلكة لا أستطيع حتي التنفس بعيدا عنك، لقد مللت حقا من ذلك، أنا أرغب في النهاية انج-.
فتحت باب غرفتها بمفتاحها الخاص دخلت الي الغرفة تجر قدميها ارتمت بجسدها إلي الفراش تنظر إلي سقف الحجرة لتتساقط قطرات دموعها تغرق وجهها اشتاقت حقا لحبيبها الأول «ماكس» حنانه الذي كان يغرقها به، ضحكاته، كلامه، علاقتهم الرائعة، كانوا اسعد حبيبن إلي أن بدأ الأخير يمل منها بسبب شدة تعلقها به، وهجرها!، كمن طعن بخنجر في قلبها ظلت تبكي أيام عدة علي فراقه، إلي أن قررت الهروب من طيف عشقها له وجاءت لزيارة صديقتها، ربما هذا ما جعلها تتعلق بزيدان، معاملته الرقيقة، عينيه الزرقاء تشبه عيني ماكس لحد كبير، ولكنه هو الآخر بدأ اختضنت كفيها إلي صدرها تهمس باكية:.
-l miss you max!
علي صعيد آخر في منزل خالد السويسي، في غرفة مكتبه يجلس يستند برأسه إلي ظهر مقعده يغمض عينيه، الأجواء في البيت تلك الأيام صعبة بشكل لا يُحتمل، الجميع حزين كئيب، لا يتذكر أنهم تناولوا الطعام سويا منذ أكثر من أسبوع، لينا ابنته وعنادها الذي لا ينتهي تذهب صباحا إلي العمل في شركته وتعود لتغلق علي حالها باب غرفتها باقي اليوم، حمزة لم يعد يراه، أغلب الوقت في المشفي عند أدهم ومعه مايا، وبدور كعادتها لا تخرج من غرفتها الا قليلا، والأهم من ذاك كله لينا زوجته الغاضبة، ترفض اي محاولة منه للصلح خرجت من بين شفتيه ضحكة يآسه في أحدي محاولاته البائسة لنيل سامحها أحضر لها دمية صغيرة ظريفة الشكل علي شكل دب صغير، فما كان منها الا أن القته من النافذة جوارها دون أن تنظر إليه حتي، الدب المسكين سقط في قاع المسبح، تنهد تعبا ليتحرك من مكانه يأخذ طريقه إلي غرفتهم، هو لن يتوقف عن المحاولة ابدا حتي تستلم هي وتسامحه، دخل إلي الغرفة ليجدها تجلس علي الفراش كعادتها توجه أنظارها للشرفة الكبيرة في غرفتهم سمع صوتها الحانق ما أن دخل إلي الغرفة:.
- مش في باب المفروض تخبط عليه قبل ما تدخل
ابتسم عبثا ليقترب في خطواته جلس جوارها علي الفراش مد يده يقربها من رأسها يتمتم مشاكسا:
- ايوة اخبط الباب ليه يعني وأنا داخل اوضتي اللي فيها مراتي
ما إن لامس كفه خصلات شعرها التفتت له بعنف تشهر سبابتها أمام وجهه تطالعه بأعين قاتمة غاضبة تصرخ بشراسة:
- اسمع بقي يا خالد يا سويسي ايدك ما تتحطش عليا خالص، والافضل ما تتكلمش معايا اصلا، كفاية اوي انك حابسني هنا.
توسعت عينيه قليلا في ذهول نظر خلفه للحظات كأنه يبحث عن شخص آخر ليعاود النظر إليها أشار الي نفسه مدهوشا ليتمتم ببراءة:
- أنا حابسك؟!، ما حصلش انتي اللي حابسة نفسك، انتي ممكن تنزلي الجنينة، تروحي شغلك، تروحي النادي، بس معاكي الحراسة، وترجعي علي هنا تاني، فين بقي الحبس دا.
طحنت أسنانها بشراسة تنظر له بضراوة وهو يتصرف بتل البراءة وكأنها هي الشريرة هنا اشاحت بوجهها بعيدا عنه تعتصر قبضتيها تتنفس بعنف، ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتيها وهي تقول:
- ايه خايف مني أحسن أهرب.
لحظات من الصمت لم تسمع فيها اي صوت غاضب حتي أنفاسه كانت هادئة للغاية، ارتجف جسدها بعنف حين شعرت بأنامله تمسك بذقنها الصغير، لتشتم نفسها في سرها سحقا لجسدها الخائن الذي يشتاق حتي لعناقه، أدار وجهها ناحيته برفق شديد، حطت عينيها علي وجهه لتراه يبتسم مسح علي وجنتها بأصابعه يتمتم مبتسما:
- خايف عليكي أحسن حد يأذيكي، أنا عندي أموت ولا يمسك اذي.
تنهدت رغما عنها من وقع صوته الخشن العميق، ابتلعت لعابها تخفض عينيها أرضا تبتعد بنافذة قلبها عن وجهه، ولكنه لم يكن ليستسلم وخاصة وهو يشعر بسكونها، رفع وجهها من جديد يحتضنه بين كفيه يتمتم متنهدا في آسي:.
- وبعدين يا لينا، انتي بتنطفي يوم بعد يوم، أنا مش هقدر اشوفك في الحال دا، اطلبي اي حاجة في الدنيا احققهالك أن كانت هتسعدك، إلا أني اطلقك، اقولك تعالي نسافر، نسيب كل المشاكل دي ونسافر بعيد أنا وانتي بس، حتي لو مش عايزة تفضلي معايا في نفس الأوضة او نفس الفندق كله حتي، أعمل إيه طيب عشان تسامحيني..
حركت رأسها نفيا تغمض جفنيها تشد عليهما بعنف لتنهمر دموعها تسقي وجنتيها بسيول دموعها، فما كان منه إلا أن ضم رأسها لصدره يحاوطها بذراعيه يهدهدها كما كان يفعل وهو صغيرة، شعر بزيادة نشيج بكائها الحارق ويتناهي الي أسماعه صوت صراخها المكتوم داخل صدره جسدها الذي يرتجف بعنف بين خلجات صدره، نشبت اظافرها تشد علي ملابسه بعنف، لتهبط دمعة يتيمة من بين جفنيه المغلقين يده علي رأسها والاخري تربت علي ظهرها برفق ولين، سمعت همسه النادم بعد لحظات طويلة:.
- أنا آسف، حقك عليا
نطقهم وسكت تماما بينما هي لم تهدأ ظلت تبكي وترتجف بين ذراعيه ابعدها عنه برفق يمسك ذراعيها بين كفيه ينظر لعينيها الحمراء المنتفخة من أثر البكاء، شفتيها المرتجفة، وجهها الشاحب، كانت كوردة تبذل حتي الموت، اغمض عينيه بعنف عدة لحظات قبل أن يفتحها ينظر لمقلتيها ترتسم ابتسامة ذبيحة علي شفتيه حين همس:.
- لو قربي منك هو اللي بيعذبك بالشكل دا، فأنا هبعد، ولو عايزاني، اا، اا، ااطلقلك، حاضر، بس أنت ما توصليش للحالة دي، مش هستحمل اشوف وردتي الصغيرة بتدبل بسببي.
توسعت عينيها في هلع تنظر له مذعورة، تسارعت دقات قلبها تشق قصفها الصدري ألم خالص ينخر روحها، يشطرها نصفين، لما وقع الكلمة صعب مرير لتلك الدرجة، يعصر قلبها كقبضة من نار، نظرت له للحظات نظراتها مزيج جمع جميع المشاعر ما بين الألم والعشق، النفور والهيام، مشاعره عدة عصفت في مقلتيها.
ليميل هو قبل قمة رأسها قبلة طووووويلة وكأنه يودعها بها، تحرك من مكانه ناحية دولاب الملابس أخذ العديد من ملابسه، ليتحرك للخارج التفت لها قبل أن يخرج يتمتم بابتسامة صغيرة:
- هبعت فتحية تاخد باقي حاجتي من الأوضة عشان ما اضايقكيش تاني، عن إذنك.
فتح الباب ورحل، وقف بضع لحظات خلف الباب المغلق يستند برأسه عليه، يحاول سماعها ليتذكر بعد لحظات أن الباب عازل للصوت، تنهد حانقا من نفسه لما فعل ذلك، أحمق ياله من أحمق كبير، التفت ليغادر في اللحظة التي انفتح بها باب الحجرة من الداخل بعنف ورآها وهي تنظر حولهر بهلع كأنها تبحث عن أحد ما، تراجعت نظراتها المتلهفة المذعورة حين رأته يقف أمامها، كانت تظن أنه سيغادر المنزل بأكمله، تنهدت حائرة تشعر بأنها الشئ ونقيضه في آن واحد تكرهه بعد ما فعل ولا ترغب سوي في قربه، لا ترغب في أن تراه من جديد، وتخشي حد الذعر أن يبتعد، حمحمت في ارتباك تشد بأصابعها علي كفها رفعت رأسها قليلا تتمتم بإيباء:.
- كنت فاكرة فتحية بتخبط، عن إذنك
قالتها لتستدير تغلق الباب سريعا كأنها لص ضبط بجرم الحب المشهود، خرجت من بين شفتيه ضحكة خافتة ليتحرك إلي الغرفة الملاصقة لغرفتهم تماما يلقي بملابسه على الفراش بإهمال...
هناك علي صعيد بعيد عنهم، كان يقود سيارته بعد أن اطمئن علي صحة والدته، أكد له الطبيب أن صحتها في تقدم مستمر والوضع الآن علي خير ما يرام، أخذ سيارته متجها إليها، يشتاقها صورتها لم تغب عن باله طوال فترة سفره وطيفها يلازمه في كل حين، ابتسم حين توقف بالسيارة بالقرب من منزلها، جلست يراقب شرفة غرفتها من سيارته يتمني أن تظهر أن يلمح حتي طيفها من بعيد، تنهد حانقا منذ نصف ساعة وهو يقف هنا دون جديد، قرر بتهور أن يذهب إليها سينزل من سيارته يعبر الشارع، يصعد إلي الطابق الثالث، يدق الباب يعرفهم بنفسه، وهم في الأساس يعرفونه جيدا، والآن باتت صلته يقرب والجميع بات يعلم من هو، ما إن مد يده لمقبض الباب ليفتحه توسعت عينيه حين رآها هي تنزل من مدخل منزلهم، تأوه ينظر لها بشوق ينهش قلبه، ها هي تتحرك كعصفور صغير يلحق للخارج بنعومة ساحرة تجذبه لها، ضاحكا ساخرا من حاله الطبيب الناضج يقع في عشق مراهقة صغيرة، الفرق في العمر بينهما ليس بهين علي الإطلاق، ابتلع لعابه مرتبكا خائفا، من أن يكون عشقه لها ما هو الا مرض خبيث يتسلل إلي قلبه ليهدم حياته وحياة تلك الصغيرة، لا عقل ولا منطق يقول بأن رجل تجاوز الثلاثين يحب مراهقة في التاسعة عشر، تنهد حائرا، انتفض قلبه، حين رآها تبتعد عند نهاية الشارع علي وشك أن تختفي من أمام عينيه سحقا للعقل والمنطق في تلك اللحظات، أدار محرك السيارة سريعا يلحق بها يتحرك بعينيه متلهفا، ليراها هناك تقف عند محل لبيع الحلوي والمثلجات، علي وشك أن تخطو لداخله، اوقف السيارة جواره لينزل منها سريعا التف حول السيارة وقف أمامها يمنعها من التحرك، نظرت غاضبة مقطبة الجبين لذلك الوغد الذي سد طريقها توا لتتوسع مقلتي عينيها حين رأته يقف أمامها يبتسم تلك الابتسامة التي لا يعرف كيف يمكن أن يكن بها كل ذلك القدر من السحر تسارعت مضخة قلبها تكاد تنفجر خاصة حين سمعته يتمتم مبتسما:.
- ازيك يا سارة
علقت الكلمات داخل جوفها تنظر له مدهوشة ترفرف بجفنيها بلا توقف، هل هو حقا يقف أمامها بعد ما قاله لها في الهاتف لا زالت تتذكر همسه لها بتلك الكلمة التي لن تنساها، يحبها هو يحبها، انفرجت شفتيها عن شبة ابتسامة صغيرة دقت ناقوس السعادة في قلبه، لتتوسع ابتسامته هو كالابلة، صوت حمحمة غاضبة أتت من خلفهم مباشرة يتبعها صوت أحد المارة:
- يا استاذ لو سمحت عايز اعدي.
تنحنح حرجا ليقترب منها سريعا التقط كف يدها في غمر موجه استسلامها ليتوجه بها إلي سيارته فتح لها الباب لتصعد، التفت ليجلس جوارها حين سمع ذلك الرجل يتمتم ساخرا:
- بنات آخر زمن فين أهلها دي.
نظر سريعا ناحية سارة لتنظر له متعجبة، تنهد فئ ارتياح من الجيد أن سارة لم تسمع ما قال ذلك الأحمق، ابتسم هو ليعود لذلك الرجل، اقترب منه يحجب ما يحدث بظهره العريض عن رؤيته سارة قبض علي تلابيب ملابس الرجل يهمس له بشراسة قاتلة:
- اللي كنت بتجيب في سيرتها دي مراتي، أنا اقدر اخليك تزحف علي رجليك تبوس الأرض تحت رجليها عشان تسامحك
نظر الرجل بهلع لحسام ليحرك رأسه نفيا سريعا يغمغم نادما معتذرا راجيا:.
- أنا آسف يا بيه، وأسف للمدام والله ما كنت اعرف
دفعه حسام بعيدا عنه ينظر له باشمئزاز ليبصق ناحيته ويتركه ويغادر إلي سيارته، استقل المقعد جوار سارة يبتعد قليلا عن الشارع، لتتوسع هي عينيها هلعا وقد ادركت ما فعلت توا، حمحمت تهمس مرتعشة:
- هو احنا رايحين فين، أنا لازم ارجع، بابا عارف اني نازلة اجيب حاجة من المحل، ارجوك يا حسام.
لحظة واحدة سمع اسمه أكثر من مئة مليون مرة من قبل ولكنه بتلك النغمة الرنانة الدافئة التي اخترقت قلبه مباشرة لم يحدث قبلا، اوقف السيارة بعيدا قليلا يبتسم في توسع كالابلة، ابتلعت هي لعابها تنظر له مرتبكة لتهمس:
- ما ينفعش صدقني ما ينفعش، أنا غلطت مرة ما ينفعش اكررها تاني، أنا آسفة، عن إذنك.
وضعت يدها علي المقبض تود فتحه ليسرع هو بإغلاق السيارة من الزر المقابل له يمنعها من فتح الباب، تسارعت دقات قلبها في هلع تنظر له مذعورة دقاتها تتصارع بعنف حين التفتت له أشهر سبابته أمام وجهها برفق حازما:
- أولا ما تشبهيش علاقتنا بالحيوان اللي كنتي تعرفيه دا
ثانيا، أنا مش خاطفك فما تبصليش بالرعب دا
ثالثا، أنا بس كنت عايز اديكي هدية نجاحك
تبدلت نبرته الحازمة إلي أخري لينة هادئة واتسعت ابتسامته يخرج علبة.
علي شكل مكعب متوسطة الحجم من علي الأريكة الخلفية للسيارة، يمد يده لها بتلك العلبة، نظرت لها للحظات مرتبكة لتحرك رأسها نفيا تهمس مرتجفة:
- ما ينفعش اخدها صدقني ما ينفعش، بأي صفة اخدها منك
- ابن عمك وخطيبك وقربب جوزك.
نطق سلسلة كاملة من القرابة في أقل من ثانيتين بهدوء تام كأنه يخبرها بعنوان أحدي المحال، توسعت حدقتيها تنظر له مصعوقة مما قال، تدلي فمها تنظر له في صدمة ممتزجة بالفزع، تنهد هو يبتسم ساخرا علي حالة الصدمة التي أصابتها ليمسك بيدها يضع داخلها الهدية يردف مبتسما:.
- أنا حسام خالد محمود السويسي ابن عمك وتقدري تسألي باباكي لو مش مصدقاني، وتقوليله أن أنا اللي جايبلك الهدية دي بمناسبة نجاحك وتقوليله تاني، إني هجيلكوا في أقرب وقت عشان نشرب الشربات، مع اني ما بحبوش بس اشربه عشان خاطر عيونك
التفت تنظر حولها، كم كبير من الصدمات ألقاه في هدوء تام علي عقلها الصغير الذي بعث لها بعدة رسائل أنه يعجز عن فهم ما يحدث، رفعت سبابتها المرتجفة تشير له مصعوقة:.
- ااانت، ابن عمي إزاي، أنا مش فاهمة حاجة
ضحك بصوته كله علي مشهدها وهي مصعوقة تشير له بتلك الطريقة ليحرك رأسه إيجابا، كتف ذراعيه أمام صدره يلاعب حاجبيه عبثا يقول في خيلاء:
- ايوة يا ستي أنا ابن عمو خالد اللي كنتي بتتصلي بيه تشتكيله مني، مش واخدة بالك من الشبة بينا، إسألي باباكي وهو هيقولك الحكاية كلها، المهم انتي كنتي نازلة ليه.
برزت في يدها ورقة نقدية من فئة العشرين جنية، نظر للورقة في يدها متعجبا لتبرز ضحكة لم يتسطع إخفائها حين سمعها تهمس متوترة:
- كنت رايجة اجيب شيبسي وعصير
تصاعدت ضحكاته تملئ السيارة، خفضت ضحكاته شيئا فشئ تبقت بقايا علي شفتيه سعل في نهايتها وهو يدير محرك السيارة يتمتم مبتسما:
- تعالي نجيب عصير وشيبسي.
اوقف السيارة أمام ذلك المحل من جديد ليخبرها بأن تنتظره في السيارة وهو سيأتي بعد دقائق، جلست بمفردها صدمة ما قال تعصف برأسها بعنف توسعت حدقتيها تحاول إعادة ما قاله أمامها من جديد « ابن عمها، خطيب، زوج » العديد من الكلمات ذات الوقع الغريب والجديد علي نفسها، شهقت بعنف حين فتح باب السيارة فجاءة عاد يجلس جوارها لتتوسع عينيها في ذهول حين مد لها حقيبة كبيرة منتفخة بما تحوي نظرت للحقيبة لتعاود النظر إليه تتمتم ذاهلة:.
- ايه دا كله، لا طبعا ما ينفعش اخدها
تنهد حسام في ملل يقلب عينيه عقد ذراعيه أمام صدره يتمتم ساخرا:
- ما هو حل من اتنين يا تاخدي الحاجة يا هتنزلي من غيرها وساعتها أنا هطلع وراكي واديكي الحاجة.
مجنون هي تعرف جيدا أنه مجنون يكفي تصرفاته الغريبة التي تخيفيها تارة وتحبها تارة اخري تنهدت محتارة تلتقط منه الحقيبة، تمد يده لها بالنقود ليرفع حاجبه الأيسر ساخرا يشيح بوجهه إلي الطريق، تحرك من السيارة يقف بالقرب من منزلها، تحركت تود الهروب من قلبها الذي لا يتوقف عن الخفقان، التفتت تفتح الباب فتحته بالفعل كادت أن تنزل حين سمعته يهمس باسمها التفتت لها لينظر لها للحظات قبل أن يهمس بصوت منخفض شغوف:.
- أنا بحبك!
تخضبت وجنتيها بالدماء سرت قشعريرة باردة في أنحاء قلبها تلف روحها، لم تجد ما تفعله سوي أنها هرولت من خارج السيارة تحمل في يدها علبة الهدية وحقيبة المشتريات الكبيرة والعشرون جنيها، أسرعت في خطاها تشعر به يتحرك خلفها بسيارته حانت منها التفاته خاطفة نحوه حين وصلت لمدخل منزلها لتراه يبتسم يلوح لها وداعا، ابتسمت له خجلا لتهرول إلي اعلي سريعا، بينما خرجت تنهيدة طويلة حارة من بين شفتيه يعبث في خصلات شعره كمراهق طائش يختلس النظر لمعشوقته الصغيرة.
هرولت سارة سريعا إلي أعلي حيث منزلها ما أن دق الباب فتح لها عمر نظر لها محتدا غاضبا للحظات ابتلعت لعابها وقلبها ينتفض هل يا تري رآها بصحبة حسام، افسح عمر لها الطريق لتدخل، دخلت ليصفع عمر الباب بعنف جعل جسدها يرتجف بعنف خاصة حين أتاها صوته الغاضب:
- كنتي فين يا سارة، أنا نزلت اشوفك عند المحل اللي قولتي هتجيبي من عنده لما اتأخرتي كل دا ومالقتكيش، وايه كل اللي انتي مسكاه دا.
التفتت لوالدها تبلع لعابها خائفة ذكري عنفه وضربه لها تجسدت أمام عينيها الآن خاصة وهي تري نظراته الغاضبة المتجهمة نحوها، التقطت أنفاسها بصعوبة تحاول إيجاد خيوط من الشجاعة الواهية لتتمسك بها:
- أنا ممكن اقول لحضرتك اني روحت محل تاني، بس هبقي بكذب، أنا قابلت دكتور حسام تحت، شوفته صدفة والله.
توسعت عيني عمر في غضب حسام لن يتوقف ذلك الفتي عن التسلل إلي حياة ابنته كلما حاول إبعاده يعود من جديد، اقترب من ابنته وقف علي بعد خطوتين منها رأي خوفها منه يصرخ جليا في حدقتيها عليه أن يهدئ صارحته سارين أنها تحب عثمان من قبل، سارة أكثر حساسية هشة أكثر من سارين بمراحل يكفي تلك الذكري السيئة بينهما لا يرغب في أن يزيد الأمر سوءا، ابتسم اجبر شفتيه علي الابتسام حتي لا تخافه، توجه إلي الأريكة يجلس عليها يسير إلي الجزء الفارغ جواره ارتجفت سارة خائفة تحتضن الأشياء في يدها وكأنها ستحميها تحركت بخطي مرتجفة تجلس بعيدة عن والدها الذي ابتسم ربت علي رأسها برفق يسألها:.
- كان عايزك في إيه في حبيبتي
هدأت دقاتها المرتجفة شيئا فشئ تحاول التقاط أنفاسها لتمد يدها بالعلبة ناحية والدها تتلعثم خائفة:
- اداني دي وقالي هدية نجاحك، رفضت اخدها بس هو قالي أنه ابن عمي وحضرتك عارف الحكاية كلها، وكمان قالي اني أبلغ حضرتك أنه يعني هيجي لحضرتك عشان يطلب أيدي.
حافظ عمر علي ابتسامته بمعجزة بينما اييضت مفاصله من شدة ضغطه علي كفه يطحن أسنانه يتوعد لذلك الاحمق، سيتصل بأخيه ويخبره بأفعال ولده المشينة، تنهد حانقا التقط العلبة من سارة يفتحها ليجد كرة من الزجاج داخله لعبتين لعريس وعروس يتحركان حين تدير المقبض كأنهم يرقصان لها قاعدة من الخشب نُحت عليه بالإنجليزية اسم حسام واسم سارة، نظر عمر للهدية حانقا كم أراد أن يدفعها ارضا لتتهشم إلي قطع صغيرة ولكن نظرة الانبهار التي لمعت في عيني ابنته منعته من فعل ذلك أعاد لها الهدية من جديد، ابتسم لايجد ما يقوله هو بالكاد يمسك زمام غضبه حين حمحمت سارة تسأله متوترة:.
- هو صحيح دكتور حسام يبقي ابن عمو خالد
شردت عيني عمر في الفراغ يحرك رأسه إيجابا شاردا تنهد يغمغم في إيجاز:
- عمك خالد كان متجوز واحدة قبل طنط لينا مراته، وحصل بينهم مشاكل وكنا فاكرين انها سقطت الجنين بس عمك خالد عرف من قريب أنه عايش، حسام ابن عمك خالد
شهقة مدهوشة جاءت من خلفهم مباشرة نظرا معا ليجدا تالا تقف هناك تنظر لهما في دهشة، لا تصدق ما سمعته اذنيها توا.
عودة لمنزل خالد السويسي، طرقات علي باب المنزل جعلت الخادمة تتجه سريعا لتفتحه ابتسمت ما أن رأت ذلك الواقف أمام الباب افسحت له المجال تتمتم مبتسمة:
- اهلا اهلا يا زيدان باشا.
أعطاها زيدان ابتسامة جافة ليتحرك للداخل في نفس توقيت نزول خالد من أعلي، ابتسم مبتهجا ما أن رأي زيدان، سعيد لرؤيته من جديد وقلبه اعتصر ألما في لحظة خوفا من أن زيدان علم بزواج لينا اليوم، التقت عينيه بعيني زيدان يبتسم له ليتقدم الأخير منه وقف بالقرب منه ينظر له مبتسما بأعين مجهدة حزينة، قطع خالد المسافة التي تفصلهم يضم ولده بين ذراعيه يهمس له بحنو:
- حمد لله علي السلامة.
ابتسم زيدان في هدوء يبتعد عن خالد قليلا تنهد يتمتم:
- الله يسلمك أنا قولت اجي اشوفك واسلم علي ماما قبل ما ارجع الغردقة، أنا عارف لولاك كان زماني متحول للتحقيق بسبب الغياب دا كله، بس أنا لازم ارجع وجودي هنا ما بقاش ليه لازمة، ماما فين عايز اسلم عليها.
هو حقا يريده أن يرحل الآن قبل أن يتفتت الباقي من قلبه، ابتسم له متوترا يربت علي كتفه امسك بيده يأخذه معه لأعلي حيث غرفتهم، دق الباب يدخل اولا حمحم يجذب انتباهها:
- زيدان برة وعايز يشوفك قبل ما يسافر، البسي حاجة طويلة.
اشرقت عينيها وتوسعت ابتسامتها وقلبها يدق شوقا لرؤية طفلها الصغير قامت سريعا تهرول ترتدي أحد فستاينها فوق ملابس نومها التي باتت لا تبدلها تقريبا، انتهت تنظر لخالد متلهفة تحرك رأسها إيجابا سريعا، ليفسح المجال، ما إن خطي زيدان إلي الغرفة ادمعت عينيه ينظر لوالدته لتنهمر دموعها هي هرول ناحيتها لتجذب رأسه سريعا تعانقه تغمغم متلهفة مشتاقة:
- زيدان يا حبيبي وحشتني، وحشتني أوي.
حمحمة غاضبة صدرت من خالد ينظر لزيدان يرميه بنظرة نارية قاتلة، لتنظر له لينا حانقة مما يفعل، رفعت كفيها تبسطهما علي وجه زيدان تسأله بلوعة:
- وحشتني كل دا ما تسألش عني هو أنا ما وحشتكش
انسابت دموعه ليقبل جبينها وكف يدها يعتذر لها:
- حقك عليا، كنت ضايع مش عارف أنا بعمل إيه
تنهد خالد حزينا علي حالهم لينسحب من الغرفة تاركا الباب مفتوحا خلفه.
بالقرب منهم وقفت سيارة معاذ وخلفها سيارة الحرس الخاصة بوالد لينا في حديقة المنزل، التفتت لينا تنظر لمعاذ تنهدت تغمغم في فتور:
- ما كنش ليه لزوم خالص يا معاذ تيجي تاخدني من الشغل، مش عاجبك كل الحراسة دي
ابتسمت في عشق يلتفت برأسه ناحيتها يغمغم في هيام:
- وحشتيني يا لينا ما قدرتش ما اجيش اشوفك ...
تبدلت نبرته الي أخري مرحة حين مال يفتح لها باب السيارة يقول:.
- وبعدين انزلي ما تعطلنيش أنا النهاردة عريس وورايا حاجات قد كدة
ابتسمت دون حياة في ابتسامتها، لتنزل من السيارة ودعته، تتجه لداخل البيت فتحت الباب بالمفتاح الخاص بها، لتجد فتحية تهرول إليها تحمل هاتف لينا في يدها تبتسم ابتسامة واسعة تغمغم في زهو:
- لينا هانم الواد دقدق اللي عندنا عرف يصلحلك الموبايل مش أنا قولتلك أنه أشطر من الجن، دا كان طاير كدة طير بال200 جنية ما ردتش اديله الفلوس كلها أحسن يطمع.
التقطت لينا الهاتف سريعا من فتحية تفتحه بتلهف تبحث بين المكالمات الأخيرة الواردة لها لتتنهد مرتاحة وابتسامة واسعة تشق شفتيها، حين وجدت الرقم هو توسعت ابتسامتها تنظر لفتحية بفرحة تتمتم:
- خلي الباقي عشانك يا فتحية
قالتها لتهرول سريعا ناحية مكتب والدها دقت الباب لتسمع صوته يأذن لها بالدخول، ولجت للداخل تمسك الهاتف في يدها اقتربت من مكتب والدها تغمغم سريعا بتلهف:.
- بابا أنت عارف إن جاسر بيدور علي سهيلة صح
حرك خالد رأسه إيجابا في هدوء اعتدل يميل بجسده قليلا ناحية سطح مكتبه يطرق بسن قلمه علي سطح المكتب يردف:
- ايوة عارف رشيد حكالي الموضوع كله، وأنا مش ساكت بس لسه لحد دلوقتي ما فيش أثر ليها، وخصوصا أنها وقفت في موقف عربيات وقطارات كمان، يعني الوضع صعب
حركت لينا رأسها إيجابا سريعا تمد هاتفها ناحية والدها تغمغم سريعا بتلهف:.
- ايوة عارفة، سهيلة كانت اتصلت بيا بعد ما هربت من الرقم دا، حضرتك تقدر تعرف فين الرقم دا مش كدة
التقط الهاتف من يدها ينظر لذلك الرقم ليلتقط ورقة وقلم يدونه علي الورقة أمامه رفع وجهه لابنته يتمتم مبتسما:
- سهلة دي، اديني ساعتين واجبلك تاريخ حياة الرقم.
ضحكت بخفة لتأخذ الهاتف من والدها تشكره مبتسمة التفتت لتغادر لتسمعه ينادي باسمها عادت تنظر إليه مرة أخري لتري في عينيه نظرة حنان ممتزجة برجاء حين همس يخبرها:
- لينا فكري تاني يا بنتي، بلاش عِند وخلاص، أنا مش عايزك تندمي بعد كدة.
احتفظت بابتسامة صغيرة علي شفتيها حركت رأسها إيجابا تنظر لوالدها في هدوء، تحركت للخارج، تأخذ طريقها لأعلي، في تلك الأوقات كان زيدان خرج من غرفة والدته مبتسما كم كان في أشد حالاته شوقا إليها قربها منه يعيد إنعاش روحه من جديد، يشعره بأنه ذلك الطفل الصغير المدلل، اخذ طريقه إلي أسفل حان وقت الرحيل، هو يتجه لأسفل وهي تصعد لأعلي تقابلت نظراتهم فجاءة كل منهم ينظر للآخر يجذبه إليه وينفر منه في الوقت ذاته، تسارعت دقات قلبه بينما علت أنفاسها، جف لعابها تنظر له دون كلام لتتذكر في تلك اللحظات تلك الصور التي كان تُرسل لها طوال الفترة الماضية الشقراء تلازمه فئ كل مكان، يبدو أنه سريع الاستبدال، قلبه يتداوي سريعا، شدت علي أسنانها تتحرك لأعلي وقفت بالقرب منه ترسم إبتسامة باهتة علي شفتيها تغمغم ساخرة:.
- واضح أنك بتحب الأشقر اوي
قالت لتفلت منها ضحكة ساخرة تتألم تحركت لتصعد لتشعر به يقبض علي رسغ يدها توسعت عينيها في ذهول حين جذبها لتعود إليه تنظر له في ذهول ودقاتها تتصارع حرفيا حين التوت شفتيه بابتسامة قاسية سلط زرقاء عينيه علي بندق عينيها ذو اللون البني الغامق وسمعت صوته يتمتم:
- طول عمري بحب البندق البُني!
ومن ثم ترك يدها وتركها وغادر ينزل إلي أسفل بخفة كفهد يهرب من الصياد، ابتسمت ساخرة تنظر في أثره بمن يخدع بكلماته تلك، وهي قد رأت الحقيقة كاملة.
انها الثالثة ظهرا موعد انتهاء درسها، خرجت منه تحتضن حقيبتها الصغيرة تبتسم في إشراق ستقابله اليوم، اليوم هو يوم مقابلتهم الخاص، صحيح أنها كذبت علي والدتها واخبرتها أن المدرس سيُجري امتحان لهم بعد الدرس وأنها ستنتهي في الرابعة ولكن لما فعلت ذلك هي فقط تريد أن تراه، تحركت خارج المركز تبحث عنه بعينيها لمحته يقف بعيدا يبتسم تلك الابتسامة التي أسرت قلبها الصغير البرئ، تحركت ناحيته بخطي سريعة تنظر حولها متوترة خوفا من أن يراهم أحد، إلي أن وصلت إليه وقفت أمامه تبتسم كطفلة بريئة لا يصور لها عقلها الصغير العاشق اي نوايا دنيئة يحملها ذلك الرجل تجاهها ارتجف قلبها حين سمعته يهمس في عشق:.
- وحشتيني يا صبا وحشتيني اوي
نيران من الخجل ألهبت وجنتيها نظرت لأسفل تحرك رأسها إيجابا بخفة تهمس بصوت خفيض خجول:
- وأنت كمان يا مراد
انتفضت حين شعرت بيده تمسك بكف يدها نظرت له سريعا في توتر ليبتسم رفع كتفيه لأعلي يغمغم في مرح باهت:
- ايه يا بنتي مالك ما تخافيش مش هاكلك، تعالي معايا ما ينفعش نقف في الشارع كدة.
بالرغم من أن شروق والدتها حذرتها مرارا وتكرارا مع الرحيل مع الغرباء إلا أن البلهاء انصاعت وراء قلبها الأحمق وتحركت تمشي بصحبة ذلك الحمل البرئي ذو الانياب المدنسة، تنظر حولها كل لحظة وأخري خوفا من ان يراها أحد ويخبر والدها او أخيها، قطبت جبينها متعجبة حين رأت مراد يصطحبها الي مدخل أحدي العمارات القديمة، وقفت عن الحركة تقطب جبينها قلقة خائفة لينظر لها في براءة متعجبا رمش بعينيه يسألها:.
- في أيه يا صبا وقفتي ليه
ابتلعت لعابها في ارتباك تنظر له قلقة تهمس بخفوت خائف:
- هو احنا رايحين فين
ضحك مراد في مرح يحاول تبديد خوفها حرك يديه بحركة مسرحية درامية يتمتم في مرح:
- يعني بذمتك بلدكوا مفتحة علي بعض، لو روحنا قعدنا في حتة اكيد حد هيعرف، حتي لو اتمشينا في الشوارع بردوا هيعرفوكي، ما تخافيش أنا ما باكلش البنات الصغيرين
ارتسم الحزن جليا علي قسمات وجهه ينظر لها حزينا يائسا:.
- وبعدين يا صبا انتي مش واثقة فيا، أنتي بس وحشاني اوي وعايز أقعد اتكلم معاكي ونمشي علي طول، لو مش واثقة فيا يا صبا خلاص، يبقي بتنهي علاقتنا، وأنا مش همنعك، يلا روحي عشان ما تتأخريش.
وقفت في حيرة للحظات لا تعلم ما تفعل، لا يمكنها إنهاء علاقتها به هي تحيه بقلبها الساذج تنهدت تبعد الافكال السيئة عن رأسها مراد لن يؤذيها بالطبع، اقتربت منه تبتسم متوترة تحرك رأسها إيجابا ليبتسم لها في ولة، امسك بيدها يصعد بها إلي الشقة التي استأجرها في الطابق الثاني، ادخلها اولا وهو بعدها ينظر حوله جيدا خوفا من أن يراهم أحد.
دخل يوصد الباب بالمفتاح، ليراها تقف في منتصف الصالة الصغيرة تبتسم مرتبكة سمعت صوته يهتف من خلفها بمرح:
- ايه رأيك في الشقة، تعالي اقعدي واقفة ليه
ابتسمت مرتبكة تحرك رأسها إيجابا لتتقدم منه جلست علي الاريكة بعيدة عنه ليقم هو من مكانه اعطاها كوب عصير ليجلس علي الأريكة المقابلة لها يغمغم ضاحكا:
- أنا قاعد بعيد اهو، عشان ما تفتكرنيش هاكلك ولا حاجة، اشربي يا حبيبتي العصير.
ابتسمت خجلة علي كلمة حبيبتى لترفع الكوب لفمها، ترتشف منه وهو بدأ يتحدث معها يضحك عاليا يسألها عن ما مضي في فترة غيابه، وهي انسجمت معه في الحديث ونسيت خوفها، لتشعر فجاءة بدوار عنيف يجتاح رأسها، بدأت الدنيا تلتف بعنف، والرؤية تهتز أمام عينيها، لتلمح ابتسامة مراد التي تبدلت بأخري مخيفة يتحرك من مكانه يقترب منها ببطئ، يبدو أن أحدهم تأخر كثيرا او ربما ضل الطريق؟!...