رواية أسير عينيها الفصل الرابع والتاسعون 94 والخامس والتاسعون 95 الجزء الرابع بقلم دينا جمال

رواية أسير عينيها

الفصل الرابع والتاسعون 94 والخامس والتاسعون 95 الجزء الرابع

بقلم دينا جمال

الصدمة التي تلقتها توا اشبه بسقوط صاعقة كهرباء فوق رأسها تجمد جسدها تنظر له بأعين متسعة مذهولة، أغمضت عينيها للحظات تتنفس بعنف تحاول تهدئة دقات قلبها تهمس لنفسها:

- هلاوس أكيد هلاوس لما افتح عينيا مش هلاقي حاجة، هي اكيد هلاوس.


فتحت جزء بسيط من عينيها تنظر له لتجده كما هو شاب اسمر طويل القامة ذو لحية طويلة وابتسامة ساخرة، ينظر لها بخواء ساخر، تسارعت أنفاسها تبتلع لعابها الخائف ليست هلاوس هي لا تهذي ذلك الشاب يجلس أمامها علي فراش كبير، بعد لحظات حاولت استجماع شتات نفسها تخرج الأحرف من بين شفتيها مرتجفة:

- اااا، ااززااي، اازاي إنت، ممعاذ، اوومال أنا متجوزة مين.


ضحك ذلك الشاب متهكما، رفع كتفيه لأعلي بلامبلاة ساخرة، عاد ينظر إليها مباشرة يتمتم:

- لاء ما اعرفش دي مشكلتك مش مشكلتي...

اشار لنفسه ليعاود الحديث بابتسامة ساخرة متألمة:

- أنا معاذ الحسيني، سنين وأنا محبوس هنا، بس بصراحة بيعاملوني أحسن معاملة، لاء دا حقيقي مش هزار، مسجون في فندق خمس نجوم، بس لحد دلوقتي مش عارف أنا مسجون ليه.


تجمعت الدموع في مقلتيها تحرك رأسها نفيا مرة تليها أخري وأخري هو كاذب بالطبع يكذب او انها تهلوس، بح صوتها تصيح فيه مذعورة:

- أنت كذاب، أنت بتكذب، أنت مش معاذ.


عادت للخلف تنظر له مذعورة وكأنه وحش مخيف، لتشهق بقوة حين ارتم ظهرها بصدر احدا ما يقف خلفها، التفتت سريعا تنظر له لتجد معاذ الذي تعرفه زوجها، هو يقف أمامها ارتسمت ابتسامة مرتعشة علي شفتيها تنساب دموعها تحادثه مذعورة تشير بسبابته إلي ذلك الجالس علي فراشه:

- معاذ أنا بهلوس مش كدة، ما فيش حد قاعد هناك، معاذ دا بيقولي أن هو معاذ، أنا اكيد اتجننت، ما فيش حد صح، صح يا معاذ.


ظل ينظر لها للحظات طويلة في صمت نظرات حزينة مشفقة، نظرات تغيرت في لحظة إلي أخري سوداء شيطانية قاتلة، رأت ابتسامته تتسع تتحول تدريجيا إلي ضحكات عالية، ضحكات مخيفة ترجف الابدان فزعا، احتضنت جسدها بذراعيها تنظر له خائفة الي أن توقف عن الضحك يناظرها بنظرات ساخرة شيطانية مخيفة، لتهمس هي مرتجفة:

- ففففي ايييه يا معاذ، اااا نت بتضحك ليه كدة.


توسعت ابتسامته يتقرب منها أكثر اشار لنفسه ليحادثها بنبرة فخر قاتمة:

- نائل، نائل يا حبيبتي، مش معاذ، اتعرفتي علي ضيفنا بدري أوي

تركها تقف مكانها مذهولة تعقد الصدمة عقدها الكثيرة حول لسانها كخرساء فقدت النطق توا، راقبت بأعين جاحظة مذعورة، نائل او معاذ كما تعرف هي، يتحرك من أمامها يتحرك ناحية ذلك الشاب الجالس علي فراشه وقف في المنتصف بينهما عاود النظر للينا يشير ناحية الشاب يتمتم مبتسما في توسع:.


- حبيبتي أعرفك، معاذ الحسيني..

تنهد توسعت التفت لها بكامل يحادثها ساخرا وكأنه يقص احدي حكايا الأطفال القديمة:.


- معاذ يا حبيبتي شاب مقطوع من شجرة والده ميت، والدته اجنبية عايشة عند أهلها في إسبانيا، سبته بعد الولادة علي طول فمتعرفش شكله أساسا، شاب انطوائي، مالوش أصحاب، كان عايش في الغردقة ولما جه يدخل كلية الطب، قرر يجي هنا، كان أنسب واحد، أخد مكانه، في مواصفات كتير ممتازة، انطوائي ما حدش يعرفه مالوش اهل يسألوا اهل، مامته نفسها ما تعرفش شكله، مالوش اوراق رسمية كتيرة، فاقدر اغير صورتي بصورته ببساطة، بلس أنه في كلية الطب، وأنا بردوا كنت كلية الطب، فخطفته وخدت شخصيته، ايه رأيك في دماغي.


مجنون من يقف أمامها الآن ليس سوي مختل مريض نفسي لا تعرف حتي ماذا يريد منها ولما فعل كل ذلك، هربت الدماء من جسدها بأكمله خوفا ذلك المختل، عادت للخلف تنظر له مذعورة تصيح بحرقة:

- أنت مين، وعايز مني اييييه، لييييه ليييه عملت كل دا، أنا هوديك في ستين داهية، بابا هيموتك.


قالتها لتطلق لقدميها العنان تركض لخارج الغرفة منها إلي الحديقة تتلفت حولها مذعورة تبحث عن الباب الذي دخلت منه السيارة، تحركت تركض ناحيته تبكي ذعرا، كابوس ما هي فيه الآن كابوس اشبه بأفلام الرعب، حياتها بالكامل انقلبت رأسا علي عقب في لحظة، وصلت إلي البوابة تحاول فتحها بعنف دون فائدة، بدأت تصرخ بصوت عالي تدق بيديها علي سطح البوابة الحديدية الضخمة:

- الحقوووني، حد يلححححقني، الحقوووني.


انهمرت دموعها تغرق وجهها انتفضت مذعورة حين سمعت صوت معاذ او نائل يأتي من خلفها مباشرة يتشدق ساخرا:

- مين هيلحقك هنا يا حبيبتي، إحنا بعيد، بعيد أوي، ما حدش هيعرف يوصلنا، لا بابا ولا ماما ولا حتي زيدان

التفت له تلتصق بظهرها إلي سطح البوابة صدرها يعلو ويهبط بجنون تحاول التقاط أنفاسها المسلوبة دون فائدة، دموعها لا تتوقف عن الانهمار لحظة، صرخت فيه بشراسة:.


- انتي عايز مني اييييه، أبعد عني، سيبني امشي من هنا

تأتأ بصوت ساخر متهكم يحرك رأسه نفيا كتف ذراعيه أمام صدره يهمس ساخرا:

- تمشي!، في مثل عندكوا في مصر، بيقول هو دخول الحمام زي الخروج منه يا قلبي...


صرخت مذعورة حين امتدت يديه إليها يحملها عنوة صرخت بقوة تحاول ضربه عله يبتعد عنها، لتتعالي ضحكاته الشيطانية اخذها الي داخل القصر الكبير، انزلها ليدفعها أرضا بعنف سقطت علي وجهها أرضا، رفعت وجهها حين سمعت صوت حزين ساخر معاتب:

- تؤتؤتؤ كدة يا نائل حد يعامل مراته حبيبته بالشكل دا، دي الغالية بنت الغالي.


نظرت للينا للواقفة أمامها ليرتجف قلبها فزعا شعرت وكأنها تقف أمامها شيطانية من الحجيم بابتسامة المخيفة نظرات عينيها الجيليدية القاسية، تهدجت أنفاسها حين نزلت تلك السيدة علي ركبتيها جوارها نظرت لينا مذعورة تحاول الابتعاد عنها تهمس لها بصوت مرتجف خائف:

- انتوا مين وعايزين مني ايه، أنا ما عملتكوش حاجة، أنا ما اذيتكيش حرام عليكوا.


ضحكت تلك السيدة بخفة مخيفة، لتمد كف يدها تقبض علي فك بعنف اغمضت عينيها متألمة تشعر بأظافر تلك السيدة المخيفة تمزق وجهها تسمع صوتها كفحيف افعي تهمس جوار اذنيها:

- أنتي مالكيش ذنب، الذنب ذنبه هو، ذنب بابا يا حبيبة بابا، بس للأسف انتي اللي هتدفعي.


فتحت عينيها علي اتساعهما تنظر لتلك السيدة نظرات مرتعدة مزيج من الخوف والألم والتعجب، والدها!، ماذا فعل ولما يريدون الانتقام منه وما دخلها هي، خرج صوتها متألم من عنف قبضة تلك السيدة:

- أنتي قصدك ايه

ضحكت تلك السيدة بشر لتدفعها بعيدا، استقامت في وقفتها تنفض يديها تتحدث بدراما ساخرة:.


- من سنين طويلة، قبل ما القمورة تتولد حتي، بابا خالد باشا، قتل جوزي، بدم بارد ضربه بالنار، اعتقد أنه حقي اني انتقم منه...

اقتربت من ذلك الواقف بعيدا يتابع ما يحدث بابتسامة سوداء قاتلة تحركت ناحيته تدور حوله ببطئ تتشدق مستمتعة:

- نائل عز نائد السيوطي!، سمعني عن عز نائد السيوطي يا حبيبة بابا

حركت رأسها نفيا بذعر تنظر لهما معا دقات قلبها علي وشك أن تنفر خارج صدرها...

- دي بنته!


جاء ذلك الصوت الخفيض الضعيف، رغم ضعفه يحمل كم كبيره من القسوة والكره التفت برأسها لمصدر الصوت لتجد رجل كبير هرم، اكل الشيب جسده يجلس علي مقعد متحرك، ينظر لها نظرات قاسية كارهة قاتلة، ابتسمت تلك السيدة بنعومة افعي، لتقترب من لينا قبضت علي خصلات شعرها بعنف، صرخت الأخيرة تحاول أبعادها عنها دون فائدة، تلك السيدة كانت حقا قوية، جذبته رغما عنها لتلقيها ارضا تحت قدمي العجوز، لتتوجه هي تقف خلف كرسي ذلك العجوز، رفعت لينا وجهها بكره ممتزج بفزع، ليدني الرجل بجسده قليلا فقط ينظر لمقلتيها اطال النظر لها ليمد يده صفعها بقوة، ليقبض علي فكها ينظر لوجهها كارها:.


- شايفه في عينيك، ابوكي بكل جبروته لما قتل إبني، زي ما حرق قلبي عليه، هحرق قلبه عليكي، نائل خدها من قدامي قبل ما اقتلها، احنا لسه عايزين عايزينه يشوفها عرض حي وهي بتحصل اختها بكل التفاصيل القديمة.


ضحك نائل في شر اسود ليقترب منها جذبها من ذراعها بعنف صرخت تحاول الابتعاد عنه، ليصفعها بعنف جعلت رأسها يصطدم بالأرض بدأت الرؤية تصبح ضبابية مشوشة أمام عينيها، شعرت به يحملها بين ذراعيه، يصعد بها سلم طويل، سلم لا نهاية، الذعر يأكل روحها، لا تعرف حتي كيف ستكون النهاية، وصل بها إلي أحدي الغرف ليلقيها بداخلها علي الفراش بعنف، نظرت له كارهة لتبصق علي وجهه ابتسم هو ساخرا مد يده يمسح وجهه يتمتم:.


- وماله أنا عاذرك، حبيبتي انا مقدر حالتك النفسية كويس اوي

نطقها بنبرة تهكمية ساخرة ليرتجف جسدها يجاور الذعر غضب عنيف يرجف خلاياها، نظرت له ساخطة تصرخ بشراسة:

- لييييه، أنا عملتلك ايييييييه...

رفع كتفيه لأعلي يتمتم بنبرة ساخرة متهكمة ساخرة:.


-come on لينا كان لازم تكوني اذكي من كدا، ما ينفعش واحد بيحب واحدة بالدرجة المهينة اللي كنت فاكرة معاذ بيحبك بيها، أنا ايه اللي كان بيخليني استحمل إهانت خالد باشا، وطريقته وطريقتك، أنا مش زيدان المهزء اللي مهما تعملي فيه لسه بيحبك.


تسارعت أنفاسها في تلك اللحظات غضبا كم اردات أن تنقض عليه تمزق عنقه بيديها، وقد فعلت حاولت أن تضربه ليسرع هو بامساك ذراعيها، رماها علي الفراش يمسك بذراعيها فوق رأسها يحملق فيها بعيني جارجة كالصقر تجوب جسدها بلا رحمة، ابتسم في شر يتمتم ضاحكا:

- تفتكري ايه اللي ممكن يخليني مالمسكيش لحد دلوقتي.


صرخت بشراسة تحاول دفعه بعيدا عنها، لن تسمح له ابدا، ذلك المختل هو وعائلته اوقعاها في فخهم، صاحت فيه تحاول إبعاده:

- اياك تفكر تلمسني، اقتلك، اقسم بالله هقتلك

ترك ذراعيها يبتعد عن الفراش وقف امامها يناظرها نظرات عابثة ساخرة للغاية، مال بجزعه العلوي يحرك أصابعه برفق علي خدها لتشيح بوجهها بعيدا حين سمعته يردف ضاحكا:.


- صدقيني حبيبتي لو كان ينفع كنا وفرنا علي نفسنا لفة كبيرة اوي، ما كناش هنحتاج لشريك تالت، حبابيب بابا كتير اوي شكلهم، بس ما انكرش إن أنا كسبت من وراكي جامد وبعتك بصفقة بملايين...

جحظت مقلتيها في فزع، باعها لمن، وكيف يفعل ذلك، لما تفعل بها الحياة ذلك فيما أخطأت ليكون ذاك هو عقابها القاسي، انهمرت دموعها بعنف تغرق وجهها جسدها يرتجف من الذعر، شعرت به يضع يده علي كتفها لتنتفض فزعة تصرخ فيه وهي تبكي:.


- قولتلك ما تلمسنيش...

ضحك ساخرا يرفع كفيه أمام وجهه يحادثها متهكما:

- اهدي اهدي، ما تخافيش أنا كدة كدة مش ناوي اصل أنا وانتي ذوقنا مختلف، اوي، يعني مش عارف اشرحهالك ازاي، يعني انتي بتحبي، وأنا بحب الرجالة اللي زي زيدان.


توسعت مقلتيها في ذهول وضعت يدها علي فمها تمنع شقهتها المذهولة، تشعر بأنها علي وشك التقئ، ربما هي مخطئة وهو يقصد شيئا آخر ولكنه كانت حقا محقة حين رأته يحرك رأسه بالإيجاب، يبتسم في شهوانية مقززة يردف ساخرا:

- yes baby I m gay.


توسعت مقلتيها حتي كادت تخرج من مكانها، تنظر له باشمئزاز، ليتحرك هو مكانه يتجه ناحية تلك الصور المعلقة في غرفته، وقف يعقد ذراعيه خلف ظهره ينظر لتلك الصور يتحدث بهدوء كأنه يحادث نفسه:

- شايفة الصور دي كلهم لماما، قد ايه هي perfect في الميك آب، بتعرف تحط اي حد هي عيزاه فوق وشها، حتي أنا من سنين حطيت وش واحد تاني فوق وشي، في حادثة الاتوبيس والاوضة وزيدان فاكرة اللي حصل زمان.


لم تمنع شهقتها الفزعة ولا أنفاسها التي خرجت تقاتل بعضهما بعضا شل الفزع حركتها حين التفت لها يرميها بنظرات ماكرة بالكاد خرجت الاحرف من بين شفتيها:

- أنت قصدك ايه

تعالت ضحكاته الشيطانية المخيفة ذلك الرجل الواقف امامها ليس معاذ الذي تعرفه ابدااا، اقترب بخطواته منها اكثر فاكتر، فاكثر، وقف أمامها ينظر لعينيها مباشرة توسعت ابتسامته الخبيثة يتشدق مستمتعا بخوفها:.


- قصدي أن الحادثة القديمة، لما شوفتي زيدان عايز يغتصبك، ما كنش زيدان، كان أنا

كلماته كصفعات متتالية بلا رحمة عقلها يعجز عن استيعاب ما قاله توا، ليأخذها في رحلة طويلة لما حدث في الماضي...

Flash back

في العاشرة من عمرها، بعد حفلة عيد مولدها بأسبوع تقريبا، وقفت جوار والدها خارج بوابة الحديقة ينتظران حافلة المدرسة نظر خالد لابنته مبتسما:

- يا لوليتا، تعالي نروح بعريبة بابا أحسن.


حركت رأسها نفيا بعناد ورثته منه امسكت ذراعي حقيبتها ترتديه تتمتم باصرار:

- لاء أنا بحب اروح مع اصحابي

ضحك يآسا ليمد يده يربت علي خصلات شعرها، لحظات وجاءت الحافلة، اخذت المشرفة لينا الي الداخل ليودعها خالد ملوحا لها، التفت برأسه لزيدان ما أن غادرت الحفلة ليحرك الأخير رأسه إيجابا في لحظات كان يستقل سيارة سوداء بصحبة رجلين من الحراسة كما اعتدا دائما كل يوم يتحركون خلف الحافلة إلي أن تصل إلي المدرسة...


في الحافلة جلست جوار سهيلة صغيرتها منذ الصغر يضحكان في طريق مدرستهم الجديدة، في لحظات تبدل الوضع ثلاثة سيارات ضخمة وقفت أمام الحافلة، خرج منهم الكثير من الرجال يحملون الاسلحة بدأ صراخ الأطفال يعلو، خاصة حين بدأت إطلاق النار في الاسفل بين حرس والدها وهؤلاء الأشخاص، مشهد مرعب لاطفال في مثل عمرهم، صعد أحدهم الي السيارة، حاول السائق ليرفع المجرم سلاحه ويطلق عليه الكثير من الرصاصات، والصراخ يعلو، وذلك المجرم المخيف صاحب القناع الاسود يبحث بعينيه عن ضالته إلي أن وجدها، تقدم ناحية لينا يحملها من خصرها وهي تصرخ وتبكي، طفلة مذعورة، اخذها وتحرك لأسفل ما كاد يهرول بها ناحية السيارة توقف مكانه تجمد جسده ليبدأ بالترنح سقط أرضا وهي معه، صرخت من الألم، قبل أن تشعر بأحدهم يجذبها بعيدا يختبئ بها خلف الحافلة، رأت زيدان أمامها فاندفعت تختبئ بين أحضانه تبكي، تتمتم مذعورة:.


-زيدااان، مات، كان عايز يخطفني

شدد علي عناقها يشعر بألم بشع يجتاح كتفه من تلك الرصاصة التي تلقاها توااا، لحظات وابتعدت عنه تنظر له مذعورة حين رأت بقعة دماء ضخمة علي قميصه صرخت من الفزع ليضع يده علي فمها سريعا، يحادثها بصوت خفيض متالم:

- هششش، أنا كويس يا لوليتا ما تخافيش، بابا هيجيب البوليس ويجيوا يقبضوا علي الناس الوحشين دول

- أهم هناك اهم، هاتوها.


جاء ذلك الصوت من خلفهم ليهب زيدان واقفا لم يتردد لحظة وهو يحملها بين ذراعيه ورأسها يختبئ في صدره يحاول الركض، يسمع أصوات الكثير من الأقدام تحاول اللحاق به، وأصوات الطلقات النارية من حوله، صاح متألما حين أصابت طلقة أخري ساقه ليقع علي ركبتيه ارضا، وهي تصرخ تتشبث به تخبئ رأسها في صدره، لم يعرف ما يفعل، لم تكن له القدرة علي الحركة فقط شدد علي أحضانها بين ذراعيه، وهم يحاولون انتزاعها منه وهو يرفض تماما يتشبث بها كما يتشبث المرء بحياته، وكانت الضربة الاخيرة التي تلقاها علي رأسه جعلت عينيه تزوع، تتشوش الرؤية أمامه انتزوعها منه رغما عنه آخر ما سمعه هو صوت صراخها باسمه وهو يبتعد، حين استيقظت تلك الصغيرة وجدت نفسها، ممدة علي فراش قديم في غرفة غريبة مخيفة تنظر حولها باستغراب طفلة في العاشرة لا تفهم ما يحدث، خائفة مذعورة التفتت ناحية باب الغرفة حين انفتح لتبتسم مطمئنة حين دخل من بابها، تشعر بثقل ودوار يمنعها من التحرك فقط نظرت له تبتسم لتهمس خائفة:.


- زيدان احنا ايه جابنا هنا وبابا فين، يلا نمشي.


ظلت يتقدم ناحيتها ببطئ خطواته يعلو صداها في الغرفة الفارغة ابتسامة مخيفة تعلو شفتيه، لتصرخ خائفة حين شعرت به في لحظات ينفض عليها يمزق ملابسها حتي باتت شبه عارية، هو يحاول سلب برائتها قبل أن يتركها فجاءة مع رنين هاتفه، توجه ناحية النافذة يقفز منها، ارتجف جسدها بذعر طفلة صغيرة خائفة، ملابسها ممزقة، جسدها يرتجف من الذعر، لحظات فقط وسمعت صوت والدها يصرخ من الخارج، ومن ثم صوت الباب يتحطم، دخل والدها في تلك اللحظة رأته نظرة ذعر تلتهم وجهه وهو ينظر لحالته تلك اندفع ناحيتها يخبئها بين ذراعيه يصيح قلقا:.


- انتي كويسة، حبيبتي ردي علي بابا، لينا...


لم يكن هناك سوي الصمت بعد أن اغلقت عينيها وفقدت الوعي، ما حدث بعد ذلك كانت تراه بأعين مشوشة وعقل شبه مخدر، كان في المستشفي، رأت طبيبة تقف أمام والدها تخبرها بأنها بخير وإن ما حدث محاولة اغتصاب فاشلة، رأت والدها يقترب منها يعانقها يبكي يطلب منها أن تسامحه لانه لم يقدر علي حمايتها، أيام وهي غائبة عن الدنيا، تحت تأثير الكثير من المهدئات، كلما فتحت مقلتيها خائفة تري وجه والدها أمامها لتعود للنوم من جديد، مر اسبوع كامل وهي في حالتها تلك، في ذلك اليوم استيقظت بعد أن أزال الأطباء، المهدئات، فتحت عينيها، تنظر حولها بضياع لا تفهم ما يحدث، لحظات فقط وبدأت الأحداث تصطدم بعقلها، انهمرت دموعها تصرخ بهستيريا، اندفع خالد إليها يطوقها بذراعيه يخفيها داخل أحضانه، يمسح علي خصلات شعرها برفق:.


- لينا، اهدي يا حبيبتي، اهدي يا لينا، انتي في حضني، ما فيش حاجة في الدنيا هتأذيكي...

ظلت تبكي لساعات طويلة ترفع الابتعاد عن أحضانه، الجملة الوحيدة التي نطقتها بعد تلك الساعات:

- مش عايزة، مش عايزة اروح المدرسة تاني.


لم تتوقف دموع خالد عن الانهمار يشعر بالاحتقار من نفسه، كيف لم يستطع أن يحمي طفلته، بعد عدة دقائق سمعوا صوت دقات خفيفة علي باب الغرفة انكمشت لينا بين أحضان والدها، خائفة من القادم دون أن تراه، سمح خالد للطارق بالدخول، دخل زيدان يستند علي عصا طبية يحمل علبة حلوي كبيرة، نظر ناحيتها يبتسم في رفق يحادثها بإجهاد:

- حمد لله علي سلامتك يا لوليتا.


التفتت له لتجحظ مقلتيها في هلع كأنها رأت وحشا مخيفا بدأت تتخبط بين ذراعي والديها تصرخ بلا توقف:

- ابعده عني، ابعده عني، هو هو، هو كان بيقطع هدومي، هو اللي خطفني، هو السبب.


جحظت عيني خالد في صدمة لم تقل عن صدمة زيدان ابداا، حاول خالد أن يهدئها دون فائدة بدأت تصرخ بشكل مخيف، هرع زيدان لخارج الغرفة يصرخ علي الأطباء، آخر ما شعرت به وغز إبرة في ذراعها وبعدها لم تشعر بشئ، حالة الذعر التي تملكت لينا من زيدان بعد ذلك كانت غير طبيعية بالمرة كانت تصرخ تنهار فزعة كلما رأته، مما جعل زيدان يترك المنزل خوفا أن تزداد حالتها سواءا، في أحد الأيام، قرر خالد أخذ ابنته خارج المنزل للنادي عل حالتها النفسية تتحسن قليلا، طوال الطريق وهي هادئة بشكل مخيف، ما إن توقفت السيارة بدأت تنظر حولها بهلع، نزل خالد من السيارة فتح لها الباب لتنزل هي الاخري تقبض علي كفه، تنظر حولها بهلع، مذعورة، تحركت تمسك بكفه تشدد عليها الي الداخل اتجها، جلس جوارها علي أحدي الطاولات، لاحظ انكماشاها مذعورة حين اتي النادل يأخذ الطلبات طلب لها المثلجات التي تحب، اشار بيده إلي مجموعة من الفتيات يلعبن يحادثها مبتسما:.


- لوليتا مش دول أصحابك روحي يلا العبي معاهم

حركت رأسها نفيا بذعر ليمسك خالد بيدها يجذبها معه إلي ذلك الجمع الصغير، تركها هناك لينزل علي ركبيته أمامها يحادثها مبتسما:

- حبيبتي ما تخافيش أنا هنا مش همشي، العبي مع أصحابك وأنا واقف هناك اهو

اشار الي منطقة قريبة منها، حركت رأسها إيجابا، ليقبل جبينها تركها وابتعد يراقبها، توجهت هي ناحية جمع الفتيات تبتسم متوترة:

- ممكن ألعب معاكوا.


ولكن ما لم تتوقعه تماما، رفض الفتيات القاطع وطريقتهم في الحديث معها

- لاء ماما قالتلي مالعبش معاكي

- ايوة ماما قالت بردوا أن انتي السبب في اللي حصل

- بابا قال هينقلني من المدرسة اللي انتي فيها

- انتي شريرة انتي السبب، خليتي عمو إبراهيم يموت.


نظرت لهم فزعة تنهمر دموعها تحرك رأسها نفيا، تنفي عن نفسها ما يقولونه عليها، لتجد جمع من الأمهات يقتربن منها كل واحدة تجذب ابنتها ترميها بنظرة حادة قاتلة والبعض منهن بدأت تصرخ عليها

- اياكي تقربي من بنتي تاني

- انتي عايزة تموتيها

- انتي لعنة

- انتي اللي لازم تم.


قطمت السيدة الأخيرة جملتها ينظرن خلفها بذعر شديد التفتة خلفها لتجد والدها يقف هناك جواره زيدان، هرولت تختبئ خلف والدها تمسك بساقه تبكي، بينما ابتسم هو في هدوء يتمتم:

- حق بنتي مش هاخده من ستات، بس صدقوني، هجيب واحدة فيكوا تبوس رجلها عشان تسامحها.


قالها لينحني يحمل ابنته بين ذراعيه، ما حدث في تلك اللحظات سبب لها عقدة بشعة باتت تخاف الناس جميعا، لم يمر سوي يومين ووجدت احدي هؤلاء السيدات أمامها تتوسلها باكية:

- ابوس ايدك يا بنتي، سامحيني، ابوس رجلك، أنا آسفة، أنا آسفة، أنا بس كنت خايفة علي بنتي، قولي لباباكي كفاية خلاص، شركة جوزي فلست والديون هترميه في السجن...


نظرت لينا لها نظرات جيليدية خالية من المشاعر وكأنها ليست طفلة في العاشرة، تحركت من مكانها تجاوزت تلك السيدة تصعد سلم بيتها تحادثها بقسوة لا تليق بطفلة:

- أنا عمري ما هسامحك، احسن اللي حصل فيكوا، تستاهلي

Back.


لينا لم تكن شخصية تعرف السماح بسهولة إبنه أبيها، ولكن كل ذلك لا يهم الآن، الآن فقط كُشف الستار عن الحقيقة، زيدان برئ، زيدان الذي قضت عمرها كله تقريبا ترتعد منه برئ وذلك المختل الواقف أمامها هو السبب، هو الذي يجب أن تخاف منه، هو من دمر حياتها، الصدمة كانت اقوي من أن يتحملها عقلها جعلت جسدها شبه مخدر، لا تقوي علي الإتيان بأي حركة، لتسمعه ضحكاته الشيطانية من جديد يتشدق ساخرا:.


- ايه يا حبيبتي اتصدمتي، اصدمك أكتر

رفعت وجهها له تحرك رأسها نفيا، لم تعد لها القدرة علي تحمل المزيد من الصفعات، كلامه كأن أكثر ألما منها، ليتقدم هو منها وقف بالقرب منها يمط شفتيه بتصنع الحزن يتمتم ساخرا:.


- تؤتؤتؤ، ليه كدة، دا لسه اللي جاي أحلي، أنا اللي بعت موني وجوزها منير الملكي وفهمتهم انهم يقدروا يستفيدوا من شراكة شركة السويسي، عشان عارف أسلوب منير الملكي، بس لما ما لقتش ليهم فايدة وجوزك المخلص ما انجذبش للبت، والحب بدأ بينكوا يولع في الدرة، قتلتهم.


شهقت مذعورة مما تسمع يكفي حقا يكفي، ما يحدث لها الآن كفيل باصابتها بالجنون الدائم، ذلك المختل كانت اليد التي تربت عليها تشد من ازرها، هي نفسها من تدمر حياتها، اغمضت عينيها تضع يديها علي اذنيها لا ترغب في سماع المزيد، ليشعر به يشد يديها بعنف، ضحك بقوة يكمل ما يقول:.


- استني لسه اللي جاي أحلي، فاكرة لما اتصلت بيكي في الفندق كانت ناوية اقولك بمنتهي الاسي أن زيدان ما بيحبكيش، بس كويس أن ماما اتدخلت كنت هبوظ خطة تانية احلي بكتير تدمر علاقتكوا للأبد، أنا اللي حطيت لزيدان حبوب الهلوسة في العصير، او مش أنا بشكل مباشر أنا اديتهم للجرسون، كانت كمية كبيرة كفيلة انها تجيب أجله، بس للأسف ليه عمر، اضحكك، زيدان لما كان ماشي يا عيني مش حاسس باللي بيحصل حواليه، جه عامل من الفندق يسنده، ويوصله لحد أوضته، كان أنا!، إيه رأيك في المفاجأة دي.


زاغت عينيها لم تعد تقدر علي الاحتمال أكثر جسدها يصرخ من الألم، فقدت الوعي ارتمت أرضا غائبة عن الدنيا ليضحك الأخير ساخرا مال يحملها بين ذراعيه وضعها علي فراشها برفق شديد مد يده يمسح علي شعرها يحادثها مبتسما:

- نامي كويس، المشتري قرب يوصل، هتوحشيني يا لوليا!


هناك بعيدا عند عروس البحر الأبيض المتوسط، قرب غروب الشمس، يتحرك جاسر بين شوارع الإسكندرية يبحث بين وجوه المارة عنها عله يلمح طيفها ولو من بعيد حتي، لا أحد لا اشارة لا دليل واحد عليها، أيام من البحث المتواصل بلا فائدة، تحركت قدماه يأخذناه الي المطعم، لم تطئه قدميه منذ أن أتي، تحرك لهناك ليجد السيدة حورية تجلس في مكانها المعتاد أمامها القلائد المصنوعة من قواقع البحر الملونة، توجه ناحيتها يقف أمامها لترفع حورية وجهها تنظر للفاعل ابتسمت سعيدة حين رأته لتختفي ابتسامتها شيئا شئ، منظره المتهالك عينيه الحمراء شعره الاشعث، قميصه الشبه مهترئ منظره كأن اشبه بمتسول، تهاوي علي ركبتيه ارضا أمامها مال يقبل رأسها يهمس لها بنبرة خافتة:.


- ازيك يا ست حورية عاملة ايه، حد من اللي في المطعم قصر معاكي في حاجة

حركت رأسها نفيا تنظر لحالته الرثة الحزينة، رفعت يدها تربت علي رأسه تسأله قلقة:

- مالك يا ابني عامل فئ نفسك كدة ليه

رسم ابتسامة شاحبة علي شفتيه يحرك رأسها بالنفي يتمتم ساخرا:

- ما فيش يا ست حورية، شر الإنسان ممكن يعمل أكتر من كدة

حاول أن يتحرك ليجدها تقبض علي ذراعه نظر لها، ليراها تطالعه بنظرات حزينة مترفقة هسمت تسأله:.


- في ايه يا جاسر احكيلي يا ابني

ابتسم يربت علي كف يدها يتمتم ساخرا:

- مش هتصدقيني

شدت يدها علي ذراعه تمنعه من الرحيل تحادثه بابتسامة صغيرة حانية:

- جربني

تنهد بحرقة كان يريد أن يخرج ذلك الحمل الجاثم علي صدره بدأ يقص عليها ما حدث تغلبه دموعه حين يتذكر ما كان يفعله دون دراية منه بتلك المسكينة التي عشقها قلبه رفع وجهه لحورية ما أن انهي كلامه يحادثها باكيا:.


- دا اللي حصل والله ما كنت في وعيي لأي حاجة بعملها، أنا بس نفسي اطمن عليها، وحشاني أوي، أنا بحبها اوي اوي

ارتسمت ابتسامة صغيرة حانية علي شفتي لتمد يدها تمسح دموعه عينيه تردف مبتسمة:

- أنا قولتلها جاسر عمره ما يستقوي علي واحدة ست، اكيد في حاجة غلط، تعرف أن أنا بسببك هضطر اصوم 3 أيام، بس مش هقدر اسيبك تتعذب كدة.


قطب جبينه في عجب من كلامها لا يفهم حقا ما تقول، وقفت تلم القلائد تضعهم في حقيبتها التفتت له تحادثه مبتسمة:

- قوم يلا، أنا عارفة سهيلة فين!


حل الليل في منزل خالد السويسي، دخل خالد من باب المنزل ليجد حسام يجلس هناك علي احدي الارائك، جاءت لينا تضع أمامه طبق كبير من الشطائر، وكوب من الحليب كأنه فقط طفل صغير، ربتت علي كتفه تحادثه مبتسمة بحنو:

- كل يا حبيبي، حسام أنت ماكلتش حاجة من الصبح، كل بقي.


ارتسمت ابتسامة حانية علي شفتي خالد ينظر لزوجته الحنون نظرات ممتنة للغاية، توجه للداخل ليلحق به زيدان، جلس جوار حسام يجذب منه طبق الشطائر يخرج له طرف لسانه، التفتت لينا لزوجها تسأله قلقة:

- خالد اتصلت بلينا النهاردة بكلمها من بدري موبايلها مقفول.


قطب جبينه قلقا، ليلتقط هاتفه يبحث عن رقمها، هاتفها مغلق، بحث عن رقم معاذ يتصل به سريعا هو الآخر هاتفه مغلق، استبد القلق بقلبه، لينا الحمقاء لم تخبره أنها ستذهب من الأساس عرفت مصادفة أنها غادرت، السيارة نعم، سيارة الحراسة التي كلف حسن بها ليراقب سيارة معاذ زوج لينا ستخبره أين هم، ما كاد يطلب رقم حسن وجد هاتفه يدق برقمه، ما أن وضع الهاتف علي اذنه سمع الأخير يصيح فزعا:.


- الحقنا يا خالد باشا، احنا كنا ورا عربية اللي اسمه معاذ هو وبنت حضرتك فجاءة من تقاطع دخلت عربية نقل حجبت الرؤية بينا وبينهم ولما عديناها وعرفنا نلحق العربية، فضلت تلف تدور بشكل مقلق، قطعنا علي العربية ووقفنا قدامها لقينا اللي فيها ناس تانيين خالص...

هب خالد واقفا الصدمة زلزلت كيانه مصيبة حلت، ابنته، ماذا حل بها، ابنته ليست بخير إطلاقا، ذلك المختل، أين اخذها، شدد قبضته علي الهاتف يصيح فيه:.


- هاتلي الكلاب اللي لقيتهم في العربية وتعلالي هنا علي الفيلا

اغلق الخط يخلل أصابعه في خصلات شعره بعنف يسمح صياح زوجته القلق باسم ابنتهم:

- مالها لينا يا خالد ايه اللي حصل

اندفع زيدان ناحيتهم وقف امام خالد يصيح محتدا:

- في ايه يا خالي

قبض خالد علي ذراعي زيدان يصيح فيه سريعا بتلهف:

- زيدان تاخد معاك عربية من رجالتنا وتجري علي بيت لينا.


دون كلمة أخري اندفع زيدان يركض للخارج ليلحق به حسام دون أن ينطق بحرف، لتندفع لينا ناحية زوجها تصرخ فيه فزعة:

- طمني بنتي فيها اييه، لينا مالها

وقف للحظات يحاول السيطرة علي الوضع يطمأن نفسه قبل زوجته:

- لينا كويسة، كل حاجة تمام ما تقلقيش

حركت لينا رأسها نفيا تبكي بحرقة، ليأتي لخالد رسالة من رقم ابنته، فتحها سريعا بلهفة ليجد فيها جملة واحدة:

- Game over!تبع

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الخامس والتسعون


بلهفة قلب ينبض شوقا لرؤية الحبيب الغائب، تحرك جاسر خلف حورية بين الطرقات يسير معها دقاته تتصارع بشكل جنوني كلما اقتربا، ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيه قلقاسته الذكية، اختئبت في آخر مكان يمكن أن يتوقع أن تكن فيه، لما يشعر أن الطريق طويل شاق لا ينتهي، اخيرا، اخيرا وصل إلي باب المنزل، دق الباب هو دقات خفيفة تتعاكس مع دقات قلبه العنيفة المتضاربة انفاسه تتلاهث شوقا لرؤيتها، لحظات وسمع صوتها يأتي من الداخل:.


- ايوة حاضر جاية.


جسده بالكامل يرتجف أمام ألحان صوتها العذبة الذي اشتاقها حد الموت، انتظر بفارغ الصبر صوت الباب وهو يُفتح لتطل هي من خلفه، اخيرا هي، انفجرت دقاته ارتجف جسده انهمرت دموع عينيه ينظر لها، ارتجفت روحه برجفة لذيذة حين رأي بطنها المنتفخ قليلا، يالله اشتاقها حد الجنون، نظرات عينيها قسمات وجهها كل شئ، اندفع متلهفا يطوقها بذراعيه يغرزها داخل صدره يتأوه من ألم شوقه لها، بينما وقفت هي جامدة كتمثال من حجر تنظر لحورية الواقفة خلف جاسر نظرات عتاب حزينة، أغمضت عينيها لتسقط دمعة واحدة منها رغم كل ما فعله به لازالت تشتاق له، سمعت صوته يغمغم بلهفة:.


- وحشتيني يا سهيلة، وحشتيني أوي أوي يا قلقاسة

ابعدت نفسها عن أحضانه رغما عنه ترميه بنظرات قاتلة كارهة تشعر بالنفور والاشتياق في الآن ذاته، في لحظة كان ترفع يدها تهبط بها علي وجهه بحرقة قلبها الحزين المحطم، توسعت حدقتيه في ذهول من فعلتها، لتتحرك هي من أمامه توجهت إلي غرفتها في منزل حورية صفعت الباب خلفها ليهرول هو خلفها، يحاول فتح باب غرفتها دون فائدة بدأ يدق بقوة علي سطح الباب يحادثها:.


- سهيلة، سهيلة اسمعيني يا حبيبتي، والله ما كنت واعي لأي حاجة بعملها، سهيلة ردي عليا، أنا عارف اني اذيتك كتير، بس والله كان غصب عني، سهيلة، سهيلة ردي عليا يا حبيبتي

تنهد ملتاعا نادما علي ذنب لم يشعر به وهو يرتكبه يصدم رأسه بعنف في باب غرفتها، شعر بيد حانية توضع علي كتفه، نظر للفاعل ليجد حورية تبتسم له في حزن، تنهد يبتعد عن الباب قليلا لتقترب هي تدق الباب برفق تحادث سهيلة:.


- سهيلة افتحي يا بنتي، صدقيني جاسر بيحبك، فاكرة لما قولتلك جاسر عمره ما يستقوي علي واحدة، جاسر طيب يا بنتي، ايه اللي يخليه يرعي واحدة ست زيي لا يعرفها ولا تعرفه ويجيبلها بيت و...

صمتت حين بسط جاسر يده أمام وجهه يمنعها من مواصلة ما تقول، علاقته بحورية ليست شفقة منه، هو يحب تلك السيدة كوالدته ولن يسمح حتي لها بأن تهين نفسها لأجله، ابتسمت حورية في شحوب تعاود دق الباب من جديد:.


- طب عشان خاطري افتحي يا بنتي...

دقائق من الصمت المخيف قبل أن يُفتح باب الغرفة وتظهر سهيلة ترتدي ثيابها تحمل في يدها حقيبة سفرها، عينيها حمراء دموعها لا تتوقف نظرت ناحية حورية تحادثها باكية:

- أنا جيتلك عشان ابعد عنه وعن اي مكان ممكن يلاقيني فيه وانتي وعدتيني وحلفتي أنك عمرك ما هتقوليله، شكرا ليكي علي المدة اللي استضفيتني فيها عندك، عن إذنك.


تحركت سريعا تود المغادر لتتوقف حين أمسك جاسر الحقيبة من يدها، التفتت له تنظر له بشراسة لا تناسب سيول دموعها تصرخ فيه:

- سيب شنطتي...


احكم قبضته علي حقيبتها يجذبها بخفة لتشهق سهيلة في ذهول حين تأرجحت مع حركة الحقيبة المباغتة لتسقط بين ذراعيه بعدما ترك الحقيبة تسقط أرضا، طوقها بذراعيه ينظر لها يبتسم سعيدا، لترفع مقلتيها إليه نظرت لعينيه في لحظة غضب كانت نسيت كم. اشتاقت لعينيه السوداء كليل ليلة خريفية حالمة دافئة، ما إن استعادت جزء قليل من ثبات نفسها دفعته بعيدا عنها تنظر له حانقة، حاولت أن تنحني بحركة عنيفة لتجذب حقيبتها لتتأوه من الألم، انتفض هو يسندها يضع ذراعه خلف ظهرها والاخري يبسطها علي انتفاخ بطنها الذي يحمل طفله يسألها مذعورا:.


- مالك فيكي ايه، انتي كويسة، حاسة بإيه

تجلدت نظراتها حين مر أمام عينيها مشهد مشابة له وهو يحتضن زوجته الاخري بتلك اللهفة، مدت يديها تزيح يديه، انحنت بحذر تجلب الحقيبة ليلتقطها هو سريعا قبل أن تفعل، نظر لها قلقا علي حالها، لتجذب الحقيبة من يده ابتسمت تتمتم ساخرة:

- كنت كويسة قبل ما اشوفك...

تحركت لتغادر من جديد ليهرول إليها وقف أمامها يمنعها من التحرك خطوة واحدة للأمام يصيح محتدا:.


- مش هتمشي يا سهيلة مش هتتحركي حركة واحدة قبل ما تسمعيني وتعرفي الحكاية كلها

وقفت مرغمة ترميه بنظرات قاتلة كارهة حانقة مشتاقة!، بينما تنهد هو تعبا يحاول أن يقص عليها ما حدث في الآونة الأخيرة وسبب تغيره البشع تجاهها يحكي ويحكي ويحكي علي أمل ان تصدقه، التقط أنفاسه في النهاية ينظر لمقلتيها يتحدث بهمس حزين لاهث:.


- والله دا اللي حصل، صدقيني يا سهيلة أنا ما كنتش واعي لأي حاجة بعملها، سامحيني والله ما كنت واعي، أنا طلقت شاهيناز لما فوقت من الكابوس دا، اللي في بطنها مش ابني يا سهيلة، هي اللي عملت فينا كدة، كانت عيزاني ابقي خاتم في صباعها عشان اتنازلها عن المطعم، عشان تفرق بينا، سامحيني يا سهيلة.


رفعت عينيها تنظر لمقلتيه مباشرة لتراه ينظر راجيا نادما مشتاقا، عقلها يحاول تكذيب تلك الكلمات التي قالها توا، وقلبها يشتاق إليه اشد الشوق، تنهد حائرة تشيح بوجهها بعيدا عنه ليقع عينيها علي حورية التي تقف هناك تنظر لها مبتسمة في حنو اقتربت منها تربت علي كتفها برفق تحادثها:.


- يا بنتي السحر مذكور في القرآن، والناس المؤذية ما فيش اكتر منهم في الزمن دا، من قريب قبل ما تيجي واحدة في المنطقة هنا عملت عمل لبنت اختها عشان بتغير من أمها، البنت كانت جميلة ما شاء الله عليها في يوم وليلة اتقلب حالها، لحد ما انتحرت يا عيني من اللي جري لها، وما عرفوش غير بعد ما ماتت وهي رايحة بكل بحاجة تشمت في أختها أن بنتها ماتت، سامحيه يا سهيلة، جاسر بيحبك، بيحبك اوي.


انهمرت دموعها بعنف تروي خديها فقط تحرك رأسها نفيا لا تستطيع مسامحته بتلك السرعة قلبها لم يندمل جراحه بعد القت الحقيبة من يدها تخفي وجهها بين كفيها تشهق في البكاء تصيح من بين شهقاتها:

- مش قادرة والله ما قادرة.


اقتربت منها حورية تعانقها لتختبئ سهيلة بين أحضانها تكمل وصلة بكائها الحزين، وجاسر يقف هناك بالقرب منهم، ينظر لها مشفقا حزينا، يتمني لو يقتل الحية بيديه علي ما فعلته بهما، اقترب بخطواته بحذر منها، رفع يده يضعه علي رأسها ابتسم ينظر لحجاب رأسها الابيض تبدو كالملاك فيه، حمحم يحادثها بتعقل:.


- ماشي يا سهيلة ما تسامحنيش علي الأقل دلوقتي، بس ارجعي معايا، باباكي هيتجنن عليكي، وانتي عارفة أنه مريض قلب والزعل غلط عليه

توسعت عينيها فزعا حين ظنت أن مكروة أصاب والدها، انتفضت من بين أحضان حورية التفتت له تمسك بذراعيه تصيح قلقة:

- بابا كويس، حصله حاجة

ابتسم يحاول طمئنتها حرك رأسه نفيا ابتسم يتمتم في مكر برئ:.


- هو لحد دلوقتي كويس، بس انتي عارفة الزعل وحش عليه قد ايه، ارجعي ليه عشان خاطره هو حتي يا سهيلة.


حركت رأسها إيجابا دون تردد هي لن تسامح جاسر ولكنها ستعود لوالدها، ففي كل الحالات جاسر بات يعلم أين هي، ودعت السيدة حورية بعناق حار، لتتوجه ناحية شقت ابتسامة واسعة شفتيه يحمل حقيبة ملابسه سار جوارها لتسبقه بخطواتها لتصبح هي بالإمام وهو بالخلف، تحركت لسيارته ليتقدم هو سريعا يفتح الباب المجاور للسائق نظرت له ساخرة لتتوجه ناحية الباب الخلفي فتحته تجلس هناك، ليتنهد في غيظ قلقاسته العنيدة، عض علي شفتيه مغتاظا يزفر بقوة، وهو يقف هناك كالاحمق يمسك بباب السيارة المفتوح، صفع الباب بعنف ليأخذ طريقه الي مقعد السائق، ما إن جلس عليه التفت له ابتسم يتمتم سعيدا:.


- صحيح نسيتي اقولك مبروك علينا، لينا كان عندها حق لما قالتلي سهيلة مستحيل تسقط الجنين

ختم كلامه بابتسامة واسعة ليعاود النظر أمامه يدير محرك السيارة بينما انكشمت ملامح سهيلة في ضيق تتوعد للينا ما أن تراها.


مرت اكثر من نصف ساعة وهو يدور حول نفسه كليث حبيس ما أن وصلت إليه تلك الرسالة، يشعر بعقله سينفجر من الخوف والقلق علي ابنته، لينا ليست في شقتها تلك المعلومة حصل عليها من زيدان، رجاله يحاولون تتبع هاتف ابنته او حتي هاتف زوجها الأحمق بلا فائدة لاشئ يعجزون عن الوصول لأي شئ، ولينا لا تتوقف عن النواح ، لحظات وجاء حسن ومعه رجل وامراءة يجرهما جرا، دفعهما ليسقطا أرضا تحت قدمي خالد الواقف هناك كليث غاضب يبحث عن اي شئ ما ليفجر به غضبه، انحني بجذعه العلوي يقبض علي فك الرجل بقوة سحقته، جذب الرجل ليقف رغما عنه أمام ذلك الغاضب ارتجفت نظرات الرجل في حين صرخ خالد غاضبا:.


- بنتي فين، بدل ما اطلع روحك في ايدي

انتفض جسد الرجل ذعرا ابنته هو حقا لا يعرف عن ماذا يتحدث، ارتجفت حدقتيه ينظر للواقف أمامه نظراته فزعة خائفة يهمس بصوت خفيض مرتعش:.


- والله يا باشا ما أعرف، أنا شغال عامل في معرض عربيات، جه واحد اسمه معاذ اشتري عربية منه، وعرض عليا، اني اجيب واحدة معرفة تركب معايا العربية والعربية هتقف عند تقاطع لما تعدي عربية نقل كبيرة اتحرك بالعربية وأفضل ألف بيها، وهو هيديني 100 آلف جنية واداني نصهم والله دا كل اللي أعرفه

اندفعت لينا ناحية السيدة جلست أمامها أرضا تمسك بيديها تتوسلها باكية:

- ابوس ايدك بنتي، حرام عليكوا...


نظرت السيدة لها مشفقة علي حالها ادمعت عينيها تحرك رأسها نفيا تحادثها:

- والله ما نعرف حاجة عنها، اللي قاله إبراهيم دا بس اللي نعرفه

دفع خالد الرجل بعنف ليسقط أرضا اقترب من زوجته يجذبها بعيدا عن تلك السيدة، صاح مزمجرا:

- حسن تاخد البهوات تتحفظ عليهم عندك، قسما بربي لو كنتوا عارفين حاجة ومخبينها ما هيطلع عليكوا صبح بكرة.


في تلك اللحظة تماما نزل حمزة من أعلي يرتدي حلة أنيقة للغاية، يتحرك مبتسما في هدوء تام، اقترب منهم يمشي برزانة، نظر للرجل والسيدة معه ليعاود النظر لخالد يحادثه مبتسما:

- واضح أن عندك مشكلة كالعادة، يلا ربنا معاك، أنا رايح لادهم، وحشني أوي، الواد دا

شخصت عيني خالد في ذهول مما يقول شقيقه لينفجر به صائحا:

- أنت ما عندكش دم، مش شايف المصيبة اللي احنا فيها وأنت بكل بساطة رايح لأدهم.


زفر حمزة حانقا نظر لخالد يتمتم ساخرا:

- أنت دايما عندك مصايب يا خالد مش جديدة يعني، أنا خلاص زهقت من المصايب، أنا رايح لابني، ومن غير سلام.


دون كلمة اخري تركهم حمزة وغادر المكان بأكمله في هدوء تام، وقف خالد ينظر في أثر أخيه مذهولا، لا يصدق أن حمزة ذهب بتلك البساطة في تلك اللحظات الحرجة، وقف يتنفس بعنف يحاول السيطرة علي دقات قلبه الهادرة، حين دق هاتفه برقم ابنته فتح الخط في لحظة يضع الهاتف علي اذنه يصيح متلهفا:

- الو، لينا، انتي سمعاني، لينا، انتي فين، ردي عليا يا بنتي.


صمت طويل من الناحية لحظات من الصمت قتلته ألف مرة وعقله يصور أبشع ما يمكن أن يسمع في اللحظات التالية، ولكن ما سمعه كان عكس ما توقع تماما صوت أنثوي ساخر:

- تؤتؤتؤ حقيقي اتأثرت قد ايه أنت بتحب بنتك وبتخاف عليها

شدد قبضته علي الهاتف صوت تلك المراءة غير مألوف بالنسبة له لا يعرفه، تسارعت أنفاسه يصيح متوعدا:

- بنتي فين، قسما بربي لو اتلمس شعرة منها، هنسفكوا من علي وش الأرض.


سمع صوت ضحكات ناقوسية ساخرة للغاية، ضحكات استمرت فترة ليست بقصيرة اطلاقا ليسمع بعدها صوت تلك السيدة يعاود الحديث من جديد:

- يعجبني فيك يا خالد، أنك دايما بتهدد حتي وأنت في موقف ضعف مش قوة، المهم عايز تشوف بنتك، روح بنتك قصاد روحك، عايز بنتك، يبقي تموت مكانها

لم يتردد لحظة واحدة حين هتف سريعا في حدة:

- أنا موافق المهم بنتي، اجيلكوا إزاي

سمعها صوتها تضحك في استمتاع حقيقي لتتشدق بعدها بسخرية قاتمة:.


- SO cute، هقولك تيجي ازاي بس لو فكرت مجرد تفكير أنك تلعب معانا بأي شكل كان رصاصة في دماغ الأمورة

حرك رأسه إيجابا سريعا يؤكد ما تقول هو لن يخاطر بابنته لو دفع حياته ثمنا لعودتها، شد علي أسنانه يتحدث في صلابة :

- اجي ازاي.


لحظات صمت سمعها تمليه عنوان طريق صحراوي أغلق معها الخط، ليتوجه ناحية زوجته يعانقها بشدة، وكأنه يعانقها للمرة الأخيرة، ابعدها عنه بعد لحظات طويلة ينظر لوجهها الشاحب عينيها الباكية، ارتسمت ابتسامة شاحبة علي شفتيه دني برأسه يقبل جبينها قبلة طويلة يهمس لها مطمئنا:

- أنا بحبك اوي يا لينا، اعرفي دا، عمري ما حبيت غيرك ولو للحظة واحدة...


تحرك سريعا يبتعد عنها ليسمعها صوتها تصيح باسمه بلوعة التفت لها يبتسم قبل أن يرفع يده يودعها، يهرول لسيارته، الي ذلك الطريق الصحراوي.


علي صعيد آخر في ذلك القصر البعيد، في الغرفة المحتجزة لينا بها، فتحت عينيها فجاءة تتمني ان يكن ما حدث لها ليس سوي حلم بشع، لا نهاية له، ليته فقط كان ولكن الحقيقة المرة حين استيقظت في تلك الغرفة وبدأت الذكريات تعصف برأسها، بدأ جسدها يرتجف بعنف مخيف، ذلك المجنون يسعي بكل الطرق لتدميرها، كيف سيجدها احدا هنا، اخذوا هاتفها، مدت يدها سريعا تبحث عن قلادتها ليست هنا، اخذوها هي الأخري، ضمت ركبتيها لصدرها ترتجف بعنف تتحرك للامام وللخلف تفكر في تلك الكلمات البشعة التي قالها لها، يمر عليها كل ذكري دمر بها حياتها وهي ساعدت كثيرا بغبائها، وزيدان كان أول من ظلمت، ام نفسها هي الأولي، توسعت عينيها فجاءة حين تذكرت، قامت سريعا من فراشها تبحث عن حقيبة يدها ها هي او المتبقي منها يبدو أنهم فتشوها أيضا، أين، أين، ها هو، أمسكت به سريعا تفتحه تضعه في فمها، ما كادت تتنهد بارتياح سمعت صوته البغيض يحادثها من خلفها:.


- انتي بتعملي ايه

شهقت بعنف حين سمعت صوته لتلتفت له تنظر له بكرة ممتزج باشمئزاز رأي في يدها شريط كبير به أقراص، جذبه من يدها يحركه أمامه عينيها ابتسم ساخرا يعاود النظر إليه يتمتم بذهول ساخر:

- ايه دا يا حبيبتي معقولة عايزة تنتحري، يرضيكي تموتي كافرة، تؤتؤتؤ اخس عليكي يا لوليا.


اشتعلت أنفاسها غضبا ترغب فقط في قتله تدميره كم دمر حياتها بالكامل، لمحت عينيها مبرد اظافرها ذلك الشئ الحاد الوحيد الذي رأته قبضت عليه في كفها ترفعه لاعلي تصرخ بشراسة:

- هقتلك، أنا هموتك زي ما دمرت حياتي

دس جيبي في جيبي سرواله لتصدح ضحكاته العالية الساخرة بقوة في أرجاء الغرفة، أخرج يمناه من جيب سرواله ينظر لاظافره يتمتم متهكما:

- ودي هتقتليني بيها ولا هتعميلي باديكر.


تسارعت أنفاسها تلهث بعنف من شدة ما يعتمر في صدرها من لهيب مستعر صرخت بشراسة تحاول أن تغرز سن المبرد في صدره ليقبض علي يديها بعنف مخيف، لف جسدها ليصطدم ظهرها ويديه تحكم وثاقها علي ذراعيها وهي تصرخ تحاول التملص من بين ذراعيه ليدني برأسه جوار اذنيها يهمس لها بشر مخيف قاسي:

- صدقيني أنا لحد دلوقتي مش عايز ازعلك، ما تخلنيش اخليكي تتمني الموت من اللي هعمله...


صمتت للحظات قبل أن تعود نبرته المرحة السامة للظهور من جديد حين عاد يقول:

- كويس أنك صحيتي يلا يا حبيبتي، الناس مستنينا...


حاولت دفعه بكل ما تستطيع الا أنه كان يقبض علي ذراعيها بعنف مخيف ألم بشع تشعر به في ذراعيها لم تتوقف عن الصراخ شتمه بكل ما تعرف من سباب، لحظات وسمعت صوت الباب يُفتح دخلت تلك الحية الملونة إلي الغرفة تتهادي في خطواتها كأنها تزحف علي بطنها بنعومة ويسر، اقتربت من لينا تقف امام وجهها، نظرت لينا لها للحظات بمقت وقرف لتبصق علي وجهها، صرخت من الألم حين جذب معاذ ذراعيها بعنف تسمعه يسبها بسباب بشع، بينما ابتسمت الحية الواقفة أمامها في هدوء رفعت يدها تمسح وجهها لتري لينا في يدها الأخير منديل صغير، علي حين غرة وضعته علي أنف لينا، حاولت أن تقاوم تحبس أنفاسها رائحة المخدر القوية تتسلل رغما عنها إلي عقلها مقاومتها بدأت تختفي شيئا فشئ، شعرت به يترك ذراعيها لتسقط أرضا آخر ما سمعته كان جملة واحدة من تلك السيدة تحادثه بها:.


- يلا بسرعة اتحرك خدها من هنا قبل ما ابوها يجي

وبعدها كسي الظلام المكان حولها لم تعد تري، سقطت في بئر اللانهاية.


وصل خالد بسيارته إلي منطقة صحراوية فارغة ليس بها اي شئ نزل سريعا من السيارة يلتفت حوله المكان فارغ لا أثر لأي أحد، رفع هاتفه يطلب رقم ابنته يحادث تلك الحية:

- أنا وصلت بس ما فيش حد

- ارمي الموبايل بتاعك في الصحرا، ما تقلقش في ناس جايلك حالا، بس بنتاكد ان ما فيش وراك حد.


شتمها في نفسه ليغلق معها الخط يلقي الهاتف بعيدا بين فيافي الصحرا ما يفعله هو الغباء بعينيه ولكنه لن يسمح لأي من كان بإيذاء صغيرته حتي لو أستحق لقب أغبي رجل في العالم، وقف للحظات يلهث بعنف، ينظر حوله دقاته تنفجر قلقا قبل أن يجد سيارة سوداء ضخمة تقف جواره نزل منها ثلاثة رجال ملثمين، تقدم احدهم يفتش جيوبه، قبل أن يضعوا علي وجهه كيس من القماش اسود يجذبونه في عتمة الليل لداخل السيارة، يغوصون بها داخل الصحراء.


كم من الوقت مر لا تعرف، عقلها يستقيظ ويعود ليغفو من جديد يري لمحات خاطفة مما يحدث، وضمات كلقطات كاميرا سريعة، تضئ وتطفئ، في السيارة، محمولة علي ذراعي معاذ او نائل كما عرفت مؤخراء، يضعها علي فراش، يضحك بملئ شدقيه، من ثم اختفي، امراءة مسنة تنظر لها مشفقة، تشعر بها تبدل ثيابها، تسمع صوتها يهمس بحرقة:

- حسبي الله ونعم الوكيل فيهم...


ومن ثم ألم بشع في خدها شعرت به ليخرج عقلها رغما عنه من كهف الخوف الذي هرب إليه خوفا مما يحدث، يبدو انها تلقت صفعة قوية، فتحت عينيها فجاءة لتري ذلك الشيطان نائل يقف امامه يبتسم ابتسامة سوداء اقترب برأسه منها يتشدق ساخرا:

- سوري يا بيبي علي القلم بس انتي نومك تقيل اوي...

استقام في وقفته يشير إلي الغرفة حولها يتمتم مستمتعا بخوفها:.


- اهو وصلنا شوفتي الموضوع بسيط ازاي، اسيبك أنا بقي يا بيبي، هتوحشيني لا حقيقي هتوحشيني

رفع يده يطبع قبلة علي كف يده يرسلها لها في الهواء يضحك عاليا التفت ناحية باب الغرفة ينظر لها للمرة الأخيرة، ليعود إليها من جديد دني برأسه جوار اذنيها يهمس لها بفحيح افعي:

- صحيح، نسيت اقولك حاجة مهمة، او مش نسيت انتي اغمي عليكي، أنا حطيتلك حبوب عشان تسقطي اللي في بطنك ساعة عصير الاناناس يا بيبي.


شخصت عينيها ذعرا، تنظر له، لما، لما كل ذلك الكرة، لما هي سلمت حياتها لشيطان دمرها، استقام هو واقفا يلوح لها بيده وداعا قبل أن يترك المكان ويغادر بلا عودة.


انسابت دموعها بعنف تنعي مأساتها، حياتها بالكامل تدمرت وهو من فعل ذلك بدم بارد كان يواسيها وهو من قتل طفلها، ارتجف جسدها من عنف بكائها تنظر حولها مذعورة تلك المرة ليس حلما هي لا تحلم ليست هلاوس من عقلها الباطن، ما يحدث حقيقة بشعة أبشع مما يتحملها عقلها، مقيدة علي فراش كبير في غرفة لا تعرفها، اضائتها خافتة مخيفة كأنها مشتعلة بجمر من الجحيم، ترتدي قميص اسود للنوم، ذلك القميص تعرفه هو ما ارتدته في ليلة زواجها هي ومعاذ او نائل، اصفاد من حديد تقيد يديها قطعة قماش كبيرة تلتف حول فمها، هي والصمت والذعر فقط يلتهم قلبها ببطئ، لحظات وسمعت صوت خطوات تقترب، صوت الباب يُفتح، ليظهر من خلف الباب ما جعل عينيها تجحظ في فزع، ذلك الواقف هناك يرميها بنظرات شيطانية مخيفة، يضحك بجنون وهو ينظر اليها دخل الي الغرفة يصفع الباب خلفه يتقدم منها ببطئ و...


وصلت السيارة بعد رحلة طويلة الي حيث هو يجهل، لم يكن خائفا سوي علي ابنته، ما يحدث بالكامل لم يخيفه، ربما لم يعد يخاف، ربما الموت في سبيل إنقاذ حياة ابنته هو السعادة بذاتها، شعر باحدهم يجذبه من السيارة بعنف، ليرفعوا الكيس القماش من علي وجهه، نظر حوله قصر كبير ذلك القصر يعرفه، يعرف صاحبه، شخصت حدقتيه مستحيل أن يكن هو، دفعه أحد الرجل بعنف ليسير أمامه كم كان يرغب في أن يلتفت ويفجر رأسه ولكن لأجل ابنته فقط لم يفعل، تحرك للداخل، لداخل القصر يري الكثير والكثير من الرجال يحوطون القصر من جميع الجوانب، خطي للداخل، اول ما وقع عينيه عليه، امراءة تجلس علي مقعد في منتصف الصالة تضع ساقا فوق اخري، ابتسامة خبيثة تعلو ثغرها، امراءة لم يرها قبلا، من هي وماذا تريد منه، اشارت بيدها للرجال خلفه ليغادروا للخارج، ويبقي هو وهي لحظات صمت يتأمل كل منهما الآخر، قبل أن تتحرك تلك المراءة من مكانها تخطو خطوات رشيقة تجاهه وقفت بالقرب منه تبتسم في لباقة شديدة مدت كف يدها تحادثه برقة:.


- أعرفك بنفسي جوليا، السيوطي، ابقي ارملة عز نائد السيوطي اللي أنت قتلته!

صدمة لم يكن يتوقعها تجمدت عينيه ينظر لها مدهوشا، كيف يمكن أن يحدث ذلك، عز، اسم قديم كان قد نسيه، ذلك المختل وابيه كانا السبب في مقتل ابنته واختطاف زوجته وقتله هو في النهاية، والآن عدت تلك الحية زوجته للانتقام لأجل قاتل مجنون، مد يده يقبض علي رقبتها بعنف يزمجر محتدا:.


- بنتتتي فييييين، انا قدامك أهو، عايوة تنتقمي لجوزك المجنون تاخدي حقك مني، مش من بنتي، بنتي فين، قبل ما اطلع روحك في ايدي

لم تهتز ابتسامة جوليا للحظة فقط حركت شفتيها يخرج صوتها ساخرا:

- لو قتلتني لوليتا حبيبة بابا هتحصلني

قتمت عينيه ليترك رقبتها رغما عنه، ابتسمت جوليا في خبث اسود تقترب هي منه تبسط كفيها علي صدره تحادثه بوعيد قاتم:.


- قتلت جوزي، حرقت قلبي عليه، يتمت ابني وهو لسه طفل، تفتكر مش من حقي انتقم، ومين أغلي حد عند خالد السويسي بنته حبيبته...

تهدجت أنفاسه غضبا تتصارع دقات قلبه يحاول بصعوبة السيطرة علي سعير نيران غضبه، لتنكمش قسمات وجهها في سخرية تحادثه بشفقة:

- تؤتؤتؤ قلبك بيدق بسرعة، دا زعل ولا ندم ولا خوف

- خالد السويسي ما بيخافش

نطقها بقوة جبارة يدفع تلك الحية بعيدا عنه، ليسمع صوت قاتم كاره يأتي من خلفه مباشرة:.


- طول عمرك جبروت، فاكر لما كنت متربط وبينك وبين الموت شعرة، وبردوا رأسك في السما، و دلوقتي بنتك في ايدينا وحياتك كمان وبردوا مش خايف

التفت خالد خلفه ينظر لذلك الجالس علي مقعد متحرك عرفه رغم ملامح وجهه التي أكلها الزمن، ارتسمت ابتسامة سوداء علي شفتي خالد ينظر لنائد والد عز في ثقة:.


- أنا روحي في ايد اللي خلقني، لسه زي ما إنت يا نائد جبان، خايف تواجه فبتلف زي الحية، مرة تقتلوا بنتي ومرة تخطفوا مراتي، زيكوا زي الفيران اللي بيسختبوا في جحورهم

عاد يلتفت برأسه ناحية تلك الحية ليعاود النظر لنائد فتح علي ذراعيه علي اتساعها في حركة درامية ساخرة يحادثهم محتدا:

- أنا اهو قدامكوا، خدوا انتقامكوا مني، بس بنتي لاء، فييييييين بنتتتتتتي، ليناااااا، يا لينااااااااا.


اقتربت جوليا منه من جديد تمسك في يدها جهاز تحكم صغير وقفت بالقرب منه تغمز له بطرف عينيها تهمس في عبث:

- هوريهالك

ضعطت زر التشغيل لتضئ الشاشة الكبيرة أمامه علي مشهد مرعب للغاية لينا مقيدة علي فراش، بقميص نوم، ابنته، انتفض يقبض علي عنق تلك السيدة دفعها بعنف ليصدم رأسها بعمود ضخم من الجرانيت خلفها يزمجر كليث جريح:

- بنتي فيييييييييين، قسما بالله لو اتمس منها شعرة لهدفنكوا بالحيا.


ابتسمت جوليا في شر توسعت عينيها بجنون تحادثه بشماتة:

- بنتك خلاص اتباعت لواحد حبيبك اوي، مش هتلاقيها، عايز تشوفها فعلا

حرك رأسه إيجابا بجنون يشعر بقلبه يتفتت انسلت من بين ذراعيه تقف جوار مقعد نائد المتحرك تنظر له بشماتة تحادثه بلكنة انجليزية ساخرة:.


- اركع علي ركبتيك أن كنت ترغب في رؤية ابنتك حية، هيا خالد اركع علي ركبيتك أمامنا تطلب السماح ابكي توسل، والا صدقني لن تراها مرة أخري، ستلحق بشقيقتها، سما المسكينة

زمجر بشراسة وقلبه يحترق من كلمات تلك الافعي السامة، موضع بين شقئ الرحي، ابنته وهو، وبالطبع سيختار، اغمض عينيه بعنف، يشد علي قبضته، ليمر صورة قديمة لطفلته وهي تضحك، قبل أن يأتي بحركة واحدة سمع صوت ساخر، صوت حاد قاتل يأتي من خلفه مباشرة:.


- انتهت اللعبة والدون هو من فاز، تصفيق حاد رجاءا

نظر خالد خلفه سريعا يشتم حمزة في نفسه لما تأخر الاحمق لتلك الدرجة ليجد حمزة ينزل علي سلم البيت ببطئ شديد يمسك مسدس في يده، بهت وجه جوليا تنظر لنائد، لتعاود النظر لحمزة الواقف جوار خالد تصرخ فيهم بجنون:.


- انتوا فاكرين انكوا هتخرجوا من هنا علي رجليكوا، أنا معايا رجالة وسلاح تقوم حرب، امبراطورية نائد السيوطي كلها في ايدي سنين وأنا وراك يا خالد عشان بس ادمرك، عشان انتقم لنفسي ولجوزي ولابني...

انكمشت ملامح حمزة بتأثر حقيقي لما قالت اعطي المسدس لخالد رفع يده يصفق ببطئ:

- شابو حوار هايل...


تسارعت أنفاس جوليا غضبا احمرت عينيها بجنون تضعط علي زر آخر في جهاز التحكم في يدها، لتستدعي رجالها، ولكن لا شئ، لا أحد المكان هادئ، توسعت عيني حمزة في دهشة يحادثها مذهولا:

- ايه دا اومال فين الجيش بتاعك اللي هيقوموا الحرب معقول يكون راح عليهم نومة.


توترت قسمات وجه جوليا خوفا، لتركض سريعا ناحية باب القصر فتحت الباب تنظر خارجا لتجد دخان ابيض كثيف يملئ المكان وجميع الحراس ملقون أرضا، كان عليها فئ تلك اللحظة أن تلوذ بنفسها، تحركت تركض ليلحق بها خالد قبل أن تصل لباب القصر قبض علي خصلات شعرها بعنف يجرها لداخل القصر وهي تصرخ تحاول الابتعاد عنه دفعها أرضا اقترب منها وهي تزحف للخلف تنظر له كوحش مخيف، مال برأسه يقبض علي عنقها يصرخ بشراسة:.


- سنين، سنين وأنا بدور علي اللي اذي بنتي، دمر حياتها من وهي طفلة، مالهاش ذنب في ائ حاجة، جوزك المجنون وأبوه قتلوا بنتي، جوزك المجنون كان يغتصب مراتي، لو رجع بيا الزمن هقتله ألف مرة، انما انتي مش هقتلك بسهولة كدة هخليكي تتمنئ الموت تشتهيه من اللي هعمله فيكي

حركت رأسها نفيا بذعر تنظر حولها مذعورة لتعاود النظر إليه ضحكت بجنون:.


- اقتلني، اقتلني، بس ساعتها بنتك هتموت ورايا، عارف بنتك في ايد مين دلوقتي في ايد (، ) وأنت عارف أنت غالي عنده قد ايه

صفعة قوية نزلت من يد خالد علي وجهها جعلت رأسها تصطدم بالأرض بعنف ومعها تصدح ضحكاتها المجنونة، صدح رنين هاتفه في تلك اللحظة برقم زيدان فتح الخط سريعا ليجد زيدان يصيح فيه:

- أنا عرفت لينا فين، هبعتلك العنوان...


اغلق معه الخط ليبتسم خالد في وعيد قاتل ينظر للملقااة ارضا أمام عينيه، رفع وجهه ينظر لحمزة في اللحظة التالية ليحرك الأخير رأسه بمعني فهمت، خرج خالد يركض حيث مكان ابنته تاركا حمزة يبتسم بجنون!..


الفصل السادس والتاسعون والسابع والتاسعون من هنا 

لقراءة جميع حلقات الرواية الجزء الرابع من هنا

تعليقات