×

رواية أسير عينيها الفصل الواحد والستون 61 والثاني والستون 62 الجزء الرابع بقلم دينا جمال

رواية أسير عينيها

الفصل الواحد والستون 61 والثاني والستون 62 الجزء الرابع

بقلم دينا جمال

في فيلا خالد السويسي.

حين التقطت أنفها رائحة عطره وعاد ذلك الشعور البشع يعصف بأمعائها من جديد، أرادت الفرار سريعا من أمامه تحركت من مكانها بسرعة ولكن ما كادت تخطو خطوتين عاد الدوار بأبشع ما يكون آخر ما رأته عينيه التي تنظر لها في ذعر ثم سقطت في بئر الظلام، بئر لم تسمع فيه أصواتهم جميعا وهم يصرخون بأسمها فزعين مرتعدين خوفا عليها، ركض زيدان ناحيتها جلس علي ركبتيه أرضا جوارها يرفع جسدها قليلا بين احضانه يربت بخفة علي وجهها يصيح متلفها قلقا:.


- لينا، لينا فوقي يا حبيبتي، لينا فوقي يا حبيبتي فوقي

لم ينتظر لحظة أخري رفعها بين ذراعيه مسرعا بها الي أعلي يلحقه خالد ولينا، بينما وقف حسام ينظر في اثرهم لحظات وابتسم يغمغم ضاحكا:

- حظك يا بنت المحظوظة معايا الشنطة، والله شكلك هتبقي بابا يا زيزو.


توجه سريعا إلي سيارة زيدان يلتقط حقيبته الطبية توجه لأعلي من حيث تأتي أصواتهم القلقة المتداخلة، اخذ طريقه الي غرفتها يتبع الاصوات ليجد الجميع جوارها علي الفراش خالد يمزج زجاجة مياة يرش منها علي وجهها برفق، لينا تحرك زجاجة عطر أمام أنفها، زيدان يحتضن جسدها يرتب علي وجهها برفق عليها، وقف هو للحظات ينظر لهم مستنكرا ذلك الكم الهائل من المبالغة في مشاعر القلق، ليردف ساخرا رغما عنه:.


- طول عمري نفسي اعرف ليه لما حد يغمي عليه تلاقي حواليه خمسين واحد بيزعقوا ابعدوا يا جماعة عشان الهوا، طب ما تبعدوا انتوا الأول

جملة حمقاء قالها في مكان ليس في محله تماما، نظر الجميع له مستهجنين ما قال، ليرفع حقيبته الطبيبة قليلا توسعت ابتسامته يردف في براءة:

ممكن الدكتور يكشف.


تحرك زيدان من جوارها اقترب من صديقه قبل أن يخرج نظر له قلقا ليطمأنه حسام بنظراته، تحرك لخارج الغرفة، ليتحرك خالد بنفس الهدوء القي نظرة قلقة علي ابنته ليتحرك للخارج، بينما وقفت هي تنظر لهما في ذهول عينيها متسعتين من الدهشة، خالد وزيدان تحركا في هدوء تاااام دون أن يعترضا أن من سيفحص ابنة خالد وزوجة زيدان رجل؟!، تعرف خالد وغيرته الكبيرة وزيدان لا يختلف عنه كثيرا في الغيرة، تحركت بنظراتها ناحية ابنتها القلق ينهش قلبها، بينما ابتسم حسام في هدوء، اقترب من فراش لينا يفتح حقيبته يباشر عمله.


في الخارج وقف خالد جوار باب الغرفة المغلق يستند بظهره الي الحائط علي وشك أن يصدم رأسه بعنف في الحائط خلفه لا سبب يدعو أن تسقط هكذا فاقدة للوعي، هي ليست مريضة، تناولت طعامها جيدا، لا تشكو من شئ، هو حتي لم ولن يجبرها علي العودة لزيدان إن كانت لا ترغب إذا لما، ما السبب لما سقطت هكذا وسقط قلبه معها، بينما زيدان يقف شبه هادئ يتمني فقط أن يكن ما يجول في خاطره صحيح، كان فقط يضايقها ولكن إن كانت حقا تحمل بطفله، الفكرة نفسها ترجف قلبه، سعادة لم يحظي بها قبلا، مر بعض الوقت إلي أن خرج حسام من غرفة لينا في يده زجاجة صغيرة رفيعة لا يتعدي طولها سبابته، تمتلئ حتي نصفها تقريبا بالدماء، قطب جبينه قلقا ليتوجه إليه وقبل أن يفتح فمه ليقل اي شئ كان خالد يقبض علي تلابيب ملابس حسام يصيح فيه قلقا:.


- في ايه مالها لينا وايه الدم دا...

تنهد حسام يآسا ليرفع الزجاجة أمامها قليلا، ابتسم يغمغم في هدوء:

- اهدي يا باشا بنت حضرتك بخير، أنا شاكك في حاجة، بس عشان نتأكد ساعة وأقل وراجع، عن اذنك.


ابعد يدي خالد، توجه ناحية زيدان يبتسم له ابتسامة صغيرة تحمل الكثير من المعاني، لينزل علي سلم البيت بخفة، توجه زيدان الي غرفة زوجته، كاد خالد أن يلحقه حين خرجت لينا وقفت أمامه ترميه بنظرات شك حذرة، كتفت ذراعيها أمام صدرها تنظر له لحظات صمت طويلة، تعجب هو مما تفعل قطب جبينه يسألها:

- في ايه يا لينا، هي البنت كويسة.


حركت رأسها إيجابا ببطء عينيها لم تنازح عن مقلتيه، فقط رسمت ابتسامة متهكمة علي شفتيها تغمغم ساخرة:

- غريبة اوي، خالد باشا، رمز الغيرة، خلي راجل هو اللي يكشف علي بنته مش غريبة دي شوية، دا حتي زيدان ما اعترضش، مجرد ما قالكوا أخرجوا انسحبتوا في هدوء، دا لو أخوها مش هتتعاملوا عادي كدة.


توسعت عيني خالد فزعا للحظات جف لعابه تسارعت دقات قلبه ينظر لها يحاول رسم ابتسامة علي شفتيه، اقترب منها خطوة واحدة يمسك ذراعيها بكفيه يغمغم في هدوء حزين صادق:.


- أنتي عارفة أنا بترعب علي لينا قد ايه لما تتعب، خصوصا لما تقع قدامي بالمنظر دا بفتكر أختها، بترعب لتبعد زيها، ساعتها ما ببيقاش شايف اي حد قدامي غيرها، بس تفوق تاني، حتي زيدان لينا تعتبر كل عيلته، ما حدش فينا كان مركز في اي حاجة غير انها تبقي كويسة يا لينا..


اخفضت عينيها ارضا تشعر بالذنب، هم قلقانين للغاية علي ابنتها وهي فقط تقوم بدور المحقق لما ليست قلقة مثلهم، من الممكن أنها تعرف السبب، تنهدت حزينة تحرك رأسها إيجابا تبلع لعابها، حسام سيأتي بعد قليل بنتائج التحاليل وذلك السر، سيفُضح لا محالة...


بينما في الداخل جلس زيدان جوار فراش لينا امسك بكف يدها يخفيه داخل كفه ينظر لها قلقا، تحركت عينيه لبطنها المسطح يتخيله وهو منتفخ ينمو داخله طفلهم او طفلتهم الصغيرة، ابتسامة واسعة غزت شفتيه يتمني حقا أن يحدث هذا، مر بعض الوقت الجميع داخل غرفة لينا، خالد وزوجته وزيدان، بدور كعادتها لا تخرج من غرفتها حتي لا تشعر بأنها عبئ عليهم، مايا تشعر باكتئاب حاد تختبء خلف باب غرفتها، وحمزة ليس في البيت بأكمله ولا أحد يعرف أين هو، مرت دقائق حين بدأت تلك الراقدة علي الفراش تحرك رأسها للجانبين تتآوه من ألم رأسها حين سقطت بعنف علي الأرض، شئ فشئ بدأت تفتح عينيها، قطبت جبينها تنظر لهم مستفهمة لما الجميع هنا ماذا حدث، لحظات تحاول تذكر آخر ما حدث، كانت تجلس علي الأريكة تشعر بالجوع كعادتها في الفترة الأخيرة حين دخل زيدان وبدأ عطره يصارع امعائها، قامت من مكانها تهرب بعيدا، لفت رأسها بعيدا عن زيدان تتوجه بعينيها ناحية والديها تسألهم بصوت خفيض متعب:.


- هو ايه اللي حصل

مسحت لينا برفق علي خصلات شعر ابنتها ابتسمت تحادثها:

- اغمي عليكي، حاسة بإيه.


بسطت كفيها علي الفراش تحاول الاستناد علي يديها لتنتصف جالسة اقترب زيدان ليساعدها لينكمش جسدها علي حاله عله يبتعد عنها، اغمضت عينيها تشيح برأسها بعيدا عنه، تحرك من مكانه يستند بركبتيه علي الفراش يساعدها علي الجلوس رغم نفورها منه، ما إن جلست جلس أمامها يحافظ علي مسافة أمان لها، ابتسم لها شبح ابتسامة باهتة، يهمس لها برفق:

- حمد لله علي سلامتك...


وقف خالد بعيدا عنهم قليلا ينظر لهما حزينا علي ما وصلوا إليه، صوت سيارة تقف بالخارج كانت الجاذب لانتباه زيدان وخالد معا ليهتفا معا بتلهف:

- حسام جه

تحركا سريعا لخارج الغرفة بينما نظرت لينا لوالدتها متعجبة من تلهفهم ماذا حدث وهي غائبة عن الوعي، نزل زيدان بصحبة خالد لأسفل يقابلان حسام الذي دخل توا للمنزل ليتقدم خالد منه يسأله سريعا:

- ها يا حسام طمني لينا كويسة مش كدا.


توسعت ابتسامة حسام ينظر لزيدان ليعاود النظر لوالده يحرك رأسه إيجابا يغمغم سعيدا:

- لينا كويسة، كويسة جدا، هي بس فيها حاجة بسيطة خالص

توسعت خالد ذعرا وعقله يرسم اسوء الاحتمالات التي يمكن أن تكون، ليقبض علي ذراعي حسام يهزه بعنف يصيح فيه:

- حاجة ايييييه انطق البنت فيها ايييه

انكمشت ملامح حسام من الألم يشعر بأصابع خالد علي وشك أن تنخر لحم ذراعيه، ورغم ذلك ابتسم، نظر لابيه في استفزاز ليقول مبتسما باتساع:.


- عارف دكتور ربيع لما كان بيقوله يا كبير أمك حامل، اسمحي لي اقولك يا باشا بنتك حامل

توسعت عيني خالد دهشة الجمت جسده عن الإتيان بأي حركة كانت فقط عينيه متسعة يفغر فاهه، ترك ذراعي حسام ليغلق عينيه ويفتحهما عدة مرات ينظر لحسام مدهوشا يتمتم:

- حامل، هي مين دي اللي حامل!

توجه حسام ناحية زيدان الذي يقف هناك يعلو ابتسامة واسعة يشعر بقلبه قد طار فرحا، أقترب حسام منه يشير ناحية زيدان بسبابته يغمغم ضاحكا:.


- بنتك اللي هي تبقي مرات الواد دا، مبروك يا زيزو هتبقي بابا

قالها ليعانق زيدان ليشدد الأخير علي عناق صديقه يكاد يبكي من الفرح، لينا حامل تحمل بطفله، سيصبح لدية ابن او ابنة سيدلله يهتم به، لن يدع اي من مكان يؤذيه لن يدعه يلاقي ما لاقي هو، سيعش فقط ليجعله سعيدا هو ووالدته، أسرة صغيرة سعيدة رسمها خياله، هو ولينا وطفل صغير اخذ ملامحه كلها منها، فاق من حلمه السعيد علي صوت خالد يصدح غاضبا:.


- بتقرطسني يا تربية زبالة، وعاملين زعلانين من بعض وانتوا بتستغفلوني، دا أنا هطلع عينك

اراد حسام أن يتكلم ويخبره أن الطفل عمره أكبر من ذلك، ولكن خالد لم يدع له الفرصة حين اندفع ناحيتهم يود الإمساك برقبة زيدان ليدفع حسام زيدان بعيدا ناحية السلم يصيح فيه فزعا:

- اجري أنت، أهرب يا ياسين قصدي يا زيدان.


تحرك زيدان يهرب من بطش خاله حاول حسام الوقوف حاجزا بينهما ليسقط أرضا يتأوه متألما يشعر بفكه تحطم من تلك اللكمة العنيفة، حرك عضلات فكه يتأوه متألما:

- بوقي راح، الرجل الحديدي

نظر حسام سريعا حوله يبحث عنهم ليجد زيدان يقف عند الطرف الآخر من طاولة الطعام، وخالد يقف عند الباب، حاول خالد الإمساك بزيدان ليتلف حول الطاولة يبتعد عنه سريعا يصيح قلقا:.


- يا خالي افهمني والله إنت فاهم غلط، اديني فرصة اشرحلك، أنت يا زفت يا حسام، تعالي الله يحرقك، الواد هيتولد يتيم

التف خالد يحاول الامساك بزيدان ينظر له محتدا ليصيح فيه غاضبا:

- اقف ياض ما هو أنا هقتلك يعني هقتلك أنا اتقرطس، تركبلي قرون، دا أنا هخليهم يجمعوا أعضائك بعد اللي هعمله فيك

استند حسام بكفيه هب واقفا ليهرول ناحيتهم سريعا وقف سريعا أمام ابيه يصيح فيه:.


- يا عمنا اسمعني الواد هيروح في ابو بلاش، لينا حامل في شهر وزيادة تقريبا، يعني أنت ما اتقرطتش ولا حاجة

اقترب خالد من حسام يقبض بيسراه علي تلابيب ملابسه يجذبه ناحيته بعنف نظر له عينيه حمراء غاضبة مشتعلة ليزدرد حسام لعابه خائفا شد خالد علي اسنانه يهمس له متوعدا:

- ولا الكلام دا صح ولا بتداري عليه، ما أنت تربية زبالة أنت كمان...

نظر حسام له ببراءة كطفل صغير يكاد يبكي ليردف بنبرة متوسلة راجية شبة باكية:.


- والله يا باشا والله ما بنضحك عليك، دا الواد زيدان دا يتيم وغلبان وأنا ساقط قيد ويتيم، الله يخربيتي يتيم ايه، قصدي غلبان يا باشا والله، ما نقدرش نضحك عليك

لأحسن تكهربنا وتعذبنا وتسيب علينا كلاب ويلف وتعدي علينا تريلة كانت محملة رز باين

انفجر زيدان في الضحك حتي أنه سقط علي ركبتيه ارضا تدمع عينيه من الضحك بينما ارتسمت ابتسامة سوادء علي شفتي خالد يهمس لحسام متوعدا:.


- أنت عارف أنت عايز ايه يا دكتور يا سكر أنت

اشار حسام لنفسه ابتسم في براءة يردف مبتسما باتساع:

- أنا عايز 350 جنية حق الكشف واروح أنا

رفع خالد يربت علي علي وجه حسام ابتسم يقول بنبرة تقطر شرا:

- لا يا حبيب أبوك، عايز تطلع معسكر زي اللي كان بيطلعهم صاحبك وهو صغير، هتتبسط أوي

توجست عيني حسام من نبرة خالد ليلتفت برأسه ناحية زيدان يهمس له بصوت خفيض خائف:

- بس بس، زيدان هي ايه المعسكرات، كنت بتعمل فيها إيه.


حرك زيدان كفه علامة السكين يشير بها ناحية عنقه كأنه يذبحه ليهمس له بصوت خفيض:

- هتتنفخ، هتتمني أنك تكون شجرة ولا أنك تكون بني آدم في معسكر تحت ايد خالد السويسي

توسعت عيني حسام فزعا يصور له رأسه مشاهد بشعة استمدها من الأفلام القديمة ليصيح فزعا حين شعر بخالد يقبض علي تلابيب ملابسه يجذبه خلفه ليبدأ بالصراخ:

- لاء نفخ لاء أنا شجرة، شجرة والله شجرة.


ضحك خالد يآسا يلقي حسام علي أحد المقاعد ليجلس أمامه، ابتلع حسام لعابه خائفا ليميل خالد ناحيته قليلا يهمس له بضوت خفيض متعجب:

- فهمني ازاي حامل، بعد اللي حصل من زيدان...

تنفس حسام الصعداء كاد قلبه أن يتوقف خوفا قبل لحظات، تنهد يأخذ نفسا قويا ليردف بعملية:

- بتحصل صدقني، حصلت قدامي اكتر من مرة، يعني الجنين ليه عمر ومتمسك بالحياة رغم اللي حصل

أكمل في نفسه قلقا:.


- بس اغلب الحالات كان الجنين بيموت او بيتولد بإعاقات، ربنا يستر

تنهد خالد قلقا، حين قرأ القلق في عيني ابنه، حسام يخفي عنه شيئا ولكنه حقا لا يريد أن يعرف ما هو، يحاول أن ينظر للجانب المشرق من الموضوع طفلته سيصبح لديها طفلا، ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيه، لتختفي سريعا يحل محلها الغيرة نظر لزيدان الواقف عند باب الغرفة ليتحرك من مكانه وضع يده علي كتفه يربت عليه يقول بهدوء:

- مبروك يا زيدان...


تركه ليتوجه الي غرفة ابنته، وقف زيدان يبتسم في توسع كالابله قلبه يرقص فرحا وحسام يجلس هناك عينيه شاردة في الفراغ يتمني فقط أن لا يحدث ما اعتاد علي حدوثه في مثل تلك الحالات...


في الأعلي، سمعت لينا منذ البداية صياح حسام بأنه حامل، لتنظر لوالدتها تكاد تبكي من الغيظ، حسام أخبر والدها وزيدان، لما فعل، شردت عينيها في الفراغ تفكر، هل تجري سيجبرها ووالدها وزيدان علي العودة لزيدان من جديد بعد ما عرفوا، وذلك الطفل الكامن في احشائها هل ستتقبله بعد ما فعله زيدان، خافت فئ تلك اللحظات أن تكره طفلها لتمد يدها سريعا تربت علي بطنها برفق كأنها تربت علي الطفل تهمس داخل نفسها بنبرة حزينة باكية:.


- لاء ما تخافش أنا عمري ما هكرهك، بس سامحني مش هقدر نبقي أنا وهو مع بعض تاني، مش هقدر صدقني، هتبقي أنت وماما مع بعض وجدو وتيتا

اجفلت من شرودها علي يد لينا تتحرك أمام وجهها تسألها قلقة:

- مالك يا لينا سرحانة في اي

شعرت برغبة ملحة في البكاء لترتمي بين أحضان والدتها تنهار باكية تصيح من بين شهقاتها العنيفة المتقطعة:

- عرفوا اني حامل يا ماما، مش عايزة ارجعله تاني، ما تخليش بابا يرجعني أعيش معاه.


شهقت فزعة حين شعرت بيد تجذبها برفق من بين أحضان والدتها لتصطدم برأس والدها الذي ظل يمسح علي شعرها برفق قبل قمة رأسها يهمس لها بصوت خفيض حاني:

- ما تخافيش مش هرجعك لزيدان غير لما أنتي تطلبي غير كدة لاء...

رفعت وجهها عن صدر والدها تنظر لوجهه قلقة ليبتسم لها يحرك رأسه إيجابا مد يده يمسح دموعها يتمتم في سعادة:.


- مبروك يا حبيبتي، الف مبروك، أنا ما كنتش مصدق أنك كبرتي واتجوزتي، دلوقتي بقيتي حامل وهتجبيلنا عيل رخم كدة شبهك، يقولي يا جدو، هتكبروني يا جزم، لاء أنا شيخ الشباب وهفضل شيخ الشباب ولا ايه يا لوليتا.


نظر ناحية زوجته التي تنظر لهم، نظراتها بها حزن عميق رغم أنها تبتسم، حركت رأسها إيجابا كأنها تؤيد ما يقول، في تلك اللحظات ظهرت حمحمة خفيفة عند باب الغرفة تلاها دخول زيدان الذي لم تنزح عينيه عن لينا ولو للحظات، نظراته كانت تصرخ من السعادة، ابتسمت لينا الشريف لتتوجه ناحيته تردف:

- مبروك يا زيزو

تحركت عيني زيدان ليتوجه بانظاره الي والدته ابتسم ليجذب يدها يقبلها يتمتم سعيدا:

- الله يبارك فيكي يا ماما...


رأت لينا في عيني زيدان ما جعلها تنظر لخالد تشير له بعينيها أن يخرجا قليلا يفسحا لهما المجال، نظر خالد ناحية زيدان في غيظ ليحرك رأسه إيجابا على مضض ترك ابنته يتوجه للخارج لتلحق به زوجته، بينما ابتسمت لينا ساخرة والديها تركا المكان عمدا لما؟!، تقدم هو من الفراش يجلس بعيدا عنها قليلا ابتسم يقول فرحا:.


- مبروك، أنا بجد مش مصدق، إن هزاري هيطلع بجد وانتي حامل، حاسس أن قلبي هيقف، فرحان، متلغبظ، عايز اقف في وسط الشارع واصرخ من فرحتي...

رفعت وجهها تنظر له، تشعر بالغضب يفور في اوردتها لما هو بهذه السعادة بينما هي قلقة حائرة خائفة ابتسمت ساخرة تذكرت هي من تعرضت للاغتصاب وليس هو، ابتسمت ساخرة تعقد ذراعيها أمام صدرها:.


- خلصت أحلام اليقظة بتاعتك، لو فاكر أن الجنين دا هيرجعنا تاني لبعض تبقي بتحلم، إنت هتطلقني وابني أنا هربيه، لوحدي، وليه لوحدي لما اتجوز أنا ومعاذ، معاذ هيبقي اب كويس جدا ليه

في تلك اللحظة مر امامه مشهد قديم لوالدته حين اخبرته وهي تبتسم ( زيدان يا حبيبي أنا وعمو معتز اتجوزنا، عمو معتز هيبقي بدل بابا) وبعدها بدأت معاناته، عذابه، انفجرت الدماء في اوردته يتخيل طفله بدلا منه، انتفض واقفا يصيح غاضبا:.


- أنا ابني مش هيريبه جوز أم، ابني مش هيشوف الذل والعذاب اللي أنا شوفته، انتي فااهمة، وطلاق مش هطلق، اعرفي دا كويس

اشتعلت عينيها غضبا لتتحرك وقفت علي ركبتيها علي الفراش تنظر له في غيظ لتصرخ بشراسة:

- اوعي تكون فاكرني خايفة منك، أنتي هتطلقني بمزاجك او هرفع عليك قضية خلع، واللي في بطني دا ابني أنا، مالكش اي حق فيه، أنا عندي اسقطه ولا أنك تاخده مني ولا اني ارجعلك بسببه.


توحشت نظرات عينيه ينظر له نظراته مزيج من الغضب والذهول لما ذلك الكره ماذا يفعل حتي يستخرجه من قلبها اقترب منها حتي بات أمامها مباشرة اهتزت نبرته حين أردف:

- اوعي لينا تعملي كدة، اوعي تموتيه، ما تكسريش روحك وروحي معاها، اللي في بطنك دا حياتي كلها، عوض عن عذاب شوفته سنين اوعي تأذيه...


قالها ليغادر الغرفة والمنزل بأكمله لم يلتفت لصيحات خالد وحسام باسمه فقط غادر كأنه يهرب من المكان كله، لتتوجه لينا الي باب غرفتها توصده عليها من الداخل بالمفتاح، لا تعبئ بدقات من في الخارج لتصرخ فيهم بصوت مختنق باكي:

- مش عايزة اشوف حد، امشوا من هنا.


في غرفة بدور، التقطت هاتفها تقبض عؤي الورقة في يدها لحظات وسمعت صوته البغيض يقول متلذذا:

- ايه يا بيدو لحقت اوحشك

امتعضت ملامحها مشمئزة حتي من صوته، اردفت تهمس له بقرف:

- وحشتك حية تلف حواليك تجيب اجلك

تؤتؤتؤ كدة يا بيدو في واحدة تدعي علي جوزها حبيبها، غمغم بها بحزن يسخر منها

لتشتعل أنفاسها غضبا تشد بقبضتها علي الهاتف تهمس له محتدة:.


- عارف يا أسامة، أنا بندم كل يوم ميت مرة اني حبيت حيوان زيك، قد ايه كنت غبية وساذجة، انا جبتلك شيك بالفلوس تاخدهم ومش عايزة اشوف خلقتك تاني...

توسعت ابتسامته الخبيثة ليغمغم بنبرة متهكمة:

- ومالوا، بس انتي اللي هتروحي تصرفي الشيك لحسن يطلع مقلب ولا حاجة وتقابليني في (، ) بكرة الساعة 3، سلام يا بيدو.


أغلق الخط دون أن يسمع ردها لتبعد الهاتف عن اذنيها تنظر لشاشته باحتقار، تنهدت حانقة تنظر للورقة في يدها ستعطيه ما يريد ليخرج من حياتها للأبد، وتنتهي من تلك المشكلة.


علي صعيد قريب الغرفة المجاورة لها، جلست مايا علي فراشها تفتح حاسوبها المحمول ( اللاب توب )، تنهدت تتصفح تلك الصفحات في احد الكتب الخاصة بالجامعة، تنظر للاسطر عينيها شاردة حائرة حزينة، تري أسمه بدلا من أحرف الكتاب، لا يحدث في الخارج لا يعنيها بشئ، أحيانا كثيرا تحقد علي لينا، لديها ما لا تملكه هي، يكفي إن والدتها حية، وتملك زوجا عاشق يحب، اما حبيبها هي ابعدوه عنها بقسوة، لم يهتموا بقلبها الذي تحطم ولكنهم حقا يهتمون بقلب لينا جيدا، هكذا كانت تظن، اجفلت علي صوت دقات علي باب غرفتها لم تنطق بحرف، ففتح الطارق الباب، نظرت بطرف عينيها للفاعل لم يكن سوي والدها، ها هو قد عاد، اشاحت بوجهها بعيدا عنه لا ترغب حقا في رؤيته، تنهد حمزة تحرك ناحيتها جلس جوارها علي الفراش، لحظات من الصمت لا يجد ما يقوله تنهد يقول اخيرا:.


- باركتي للينا بنت عمك، حامل

ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتيها تتمتم بنبرة فارغة خاوية:

- بجد مبروك!

وعاد الصمت مرة أخري، عاد صمت قاسي يحلق فوق رؤوسهم، قرر هو اخيرا كسره تنهد يقول في هدوء:.


- وبعدين معاكي يا مايا، هتفضلي كدة، أنتي شايفاني أنا بس اللي غلطان، وادهم، أدهم ما غلطش، طب لو كان اغتصبك، كنتي هتسامحيه، كنتي هتشوفيه بردوا ما غلطش، أنا عارف إن الشيطان كان عامي عينيه بس بردوا غلط، غلط وغلطه كبير، أنتي عارفة أدهم خدك النايت كلاب ليه مش كدة

ابتلعت لعابها الجاف كلمات والدها تخبرها بالحقيقة التي لا تريد الاعتراف بها، أدهم أخطأ، حركت رأسها نفيا تردف بنبرة باهتة متوترة:.


- بببس هو فاق ما عمليش حاجة، ما اذنيش

شهقت متألمة حين وجدت والدها يقبض علي ذراعيها بقوة ينظر لها محتدا يصيح فيها:.


- وإن كان عمل، ولو ما كنش فاق، كنتي هتدوريله بردوا علي مبررات، ايه السلبية اللي انتي فيها دي، أنا ما غلطتش يا مايا، لما اعرف أن ابني اللي ربيته كان عايز يدمر أكبر صفقة في الشركة لاء ومش بس كدة كان عايز يغتصب بنتي، مستنية مني اخده في حضني واقوله ليه يا حبيبي فوقت، لا ما ينفعش، خدها اغتصبها.


انحدرت دموعها وكلمات والدها كصفعات تخرجها من دوامة حزنها، دوامة قهرها علي حبيب لم تعرف غيره، أدهم كان كل حياتها كانت كنجمة صغيرة تدور حول مداره هو فقط، تتلقي منه كل شئ دون اعتراض، حتي غضبه، كلماته، توسعت عينيها فزعة كيف سمحت لمشاعرها أن تسلب هكذا، ربما لصغر سنها، لقلة خبرتها، لتعلقها بأدهم قلبا وقالبا، أدهم أخطأ ووالده لديه كامل الحق فيما يفعل، وهي الحمقاء الوحيدة هنا!


بعد أن انتصف الليل بعدة ساعات كانت نائمة في غرفتها تحلم بكابوس مزعج، لتبدأ تشعر بأن جسدها مقيد فمها مكمم، فتحت عينيها لتتوسع في ذعر جسدها بالكامل مقيد فمها مكمم بقطعة قماش، يديها وقدميها في غرفة غريبة لا تعرفها، حاولت الصراخ دون فائدة ادمعت عينيها تحاول جذب تلك الاصفاد بعنف علها تفك قيد يديها ولكن دون فائدة، لحظات ووجدت باب الغرفة يفتح ودخل رجل غريب، رجل لا تعرفه يغطي وجهه بقناع اسود، تقدم ناحية فراشها يبتسم في خبث مرعب، جلس جوارها علي الفراش يتحسس وجهها يسير بأنامله علي وجنتها اقترب من أذنيها يهمس متلذذا:.


- صغيرة، حلوة، حلوة اوي، ما تعرفيش أنا دفعت قد ايه عشان اخدك، هو كان عايزك ليه، بس ما كنش ينفعش اسيبك، دخلتي دماغي من اول مرة شوفتك فيها، دفعت كتير اااه، بس انتي تستاهلي، سمعيني صوتك، اااه أنا آسف

مد يده يزيح قطعة القماش التي تكمم فمها لتسأله بصوت مرتجف مذعور:

- ااانت ممميين

تعالت ضحكاته، ضحكات بشعة عالية، ضحكات شرسة تبنئ عن سوء نية صاحبها وقف أمامها ينظر لوجهها مد يده يزيح قناع وجهه يتمتم متوعدا:.


- أنا!تبع

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثاني والستون


ضحكات بشعة عالية، ضحكات شرسة تبنئ عن سوء نية صاحبها وقف ذلك الرجل امامها ينظر لوجهها مد يده يزيح قناع وجهه يتمتم متوعدا:

- أنا.


ولم ترى من هو استيقظت من ذلك الكابوس البشع تصرخ، تمتزج صرخاتها ببكاء حار عنيف، تنظر حولها في ذعر وهي لا تتوقف عن الصراخ، عينيها متسعتين دموعها تهبط انهارا، لحظات وبدأت تعي أنه فقط كابوس وانها هنا في غرفتها وصوت والدها يصدح من الخارج يصرخ فزعا باسمها، ووالدتها تبكي تترجاها أن تفتح الباب، ساقيها كالهلام لم تقدر حتي علي الحركة، لتصرخ مرة أخري حين سمعت صوت طلق ناري، وبعدها انكسر قفل الباب، واندفع والديها الي الغرفة، انتلشتها والدتها سريعا تخفيها بين ذراعيها تربت علي ظهرها تسألها فزعة، بينما تحرك والدها في أنحاء الغرفة يمسك بسلاحه يبحث عن ذلك الخطر الذي جعلها تصرخ بذلك الشكل المروع، لحظات من الهرج تسمع أصوات كتيرة متداخلة من هنا وهناك، ابتعدت عن أحضان والدتها، مدت لينا يدها تمسح وجهه ابنتها برفق تسألها بلوعة:.


- مالك يا حبيبتي حصل إيه

وقبل أن تفتح فمها رأت والدها يقف أمامها يصيح:

- حد كان هنا، دخل اوضتك حاول يأذيكي، ما تخافيش قوليلي، حتي لو زيدان هطلع روحه في ايدي

اخفضت رأسها أرضا تحركها نفيا بخفة خرج صوتها ضعيفا خائفا:

- كان كابوس وحش أوي، أوي.


تنهد خالد بارتياح، ليجلس جوارها لتختبئ بين أحضانه ترتجف بعنف يمر أمامها مشاهد مما رأت في ذلك الحلم البشع، الرجل السوط في يده، يديها المقيدة، ابتسامته الخبيثة المرعبة، لتقبض بيديها علي ملابس والدها تغمض عينيها تشد عليها بعنف، مد خالد يده يمسح علي شعرها برفق يهمس لها يحاول تهدئتها قليلا:.


- خلاص يا حبيبتي اهدي دا كابوس، هتلاقيكي بس عشان تقلتي في الاكل، وغير خبر حملك، دا ملغبطك، اهدي خلاص ما حدش هيقدر يأذيكي، طول ما أنا علي وش الدنيا.


بدأت تهدئ شيئا فشئ، ابتعدت عن والدها تحرك رأسها إيجابا تمسح دموعها، هناك عند باب الغرفة تقف مايا، تنظر لها تشعر بالشفقة عليها، لا تعرف لما هي أحيانا يحرق قلبها الغيرة منها، ولكنها حقا تحبها تشفق عليها الآن، رسمت ابتسامة مرحة علي شفتيها لتتقدم لداخل الغرفة تقول مبتسمة:

- أنا هنام جنب لينا عشان ما يجيلهاش كوابيس تاني.


نظر خالد لابنة أخيه يبتسم لها بخمول، ليتحرك من مكانه وقف أمامها يقرص خديها المنتفخين برفق يقول ضاحكا:

- دا صوتك المسرسع لوحده دا يجيب كوابيس...

ضيقت عينيها تنظر لعمها كأنها طفلة صغيرة مغتاظة، لتربع ذراعيها أمام صدرها تردف بإباء:

- ايوة أنا هجيب كوابيس، واتفضلوا امشوا بقي عشان عاوزين ننام

رفع خالد حاجبه الأيسر مستهجنا ليمسكها من تلابيب ملابسها من الخلف يرفعها عن الأرض قليلا يهتف لها ساخرا:.


- انتي بتطرديني يا شبر ونص، هقول ايه ما انتي تربية حمزة السويسي

وماله حمزة السويسي يا خالد يا سويسي، اردف بها حمزة ساخرا، ليتوجه بخالد بعينيه الي أخيه ينظر لشقيقه نظرات ساخرة متهكمة كأنه يقول له حقا الا تعرف، ابتسم خالد لحمزة متهكما ليتوجه ناحية زوجته امسك يدها يجذبها من فراش ابنتها يقول ساخرا:

- مالوش يا سيدي أنا هاخد مراتي واروح أنام، روح أنت كمان نام، يلا يا يبدو روحي نامي يا حبيبتي.


وجه كلمته الأخيرة لبدور التي تقف بعيدا عند باب الغرفة تراقب ما يحدث صامتة، تحرك خالد يجذب لينا ليخرجا من الغرفة، ليتحرك بعده حمزة امامه بدور، اغلقت مايا الباب عليهم من الداخل...


في الخارج التفتت بدور لحمزة ابتسمت مرتبكة كانت تود أن تلقي عليه التحية فقط الا أنها تجاوزها في برود تام وكأنها شبح غير مرئية من الأساس، اسبلت عينيها تنظر له مدهوشة لما تجاهلها من الأساس، بلعت لعابها مرتبكة تزفر باختناق غدا سينتهي كل ذلك القلق الي الأبد...


بينما في غرفة لينا، توجهت مايا تأخذ الجانب الأيسر من الفراش، تنظر بطرف عينيها لتلك الجالسة جوارها عينيها شاردة حزينة حائرة، تبسط كف يدها علي بطنها كأنها تستشعر ذلك الصغير بين احشائها، تنهدت مايا حائرة تشعر بالشفقة علي حالها، اعتدلت جالسة تمد يدها تربت علي ذراعها حمحمت تهمس خفيض متلعثم:

- ااانتي، كويسة.


فقط اماءة صغيرة بالايجاب هي من صدرت عن لينا، لتتنهد مايا مرة أخري قامت من مكانها تجلس أمام لينا تربع ساقيها تحاول الابتسام حمحمت تردف مبتسمة:

- مبروك، هتبقي مامي

رفعت لينا وجهها لمايا تزيح خصلات التي تغطي وجهها ارتسمت علي شفتيها شبح ابتسامة باهتة، تحرك رأسها إيجابا تهمس بصوت خفيض مختنق:

- الله يبارك فيكي، عقبال ما تبقي مامي أنتي كمان، بس مش زيي.


قطبت مايا جبينها متعجبة من جملتها الاخيرة، لتري لينا تتسطح علي الفراش تجذب الغطاء تتدثر به، تسطحت مايا بعيدا عنها قليلا، دقائق قليلة كل منهن في عالمها، لينا تفكر في حلمها المزعج، تري ما سيحدث بعد ذلك، علاقتها بزيدان...

مايا تفكر في أدهم، كلمات والدها كشفت جانب كانت تتعمد عدم رؤيته، تنهدت لتردف شاردة بصوت مسموع:.


- رغم أن أدهم واحشني أوي، بس بابا عنده حق هو غلط أوي، أنا ازاي ما كنتش شايفه غلطه قبل كدة

لحظات صمت طويلة قبل أن تسمع صوت لينا تردف في هدوء حزين:

- مراية الحب عامية، ما بتشوفش غير الحلو بس، حتي لو الوحش أكتر من الحلو، بس نصيحة مني، ما تسامحيش بسهولة، عشان لو هو غلط وانتي سامحتي علي طول، هيكرر غلطه مرة واتنين وعشرة...


ارتجفت حدقتي مايا قلقا بعد كلمات لينا لتنتصف جالسة علي الفراش بينما ظلت لينا علي حالها تنام علي جانبها الايمن توليها ظهرها، تنهدت مايا في ألم تهمس:

- أنا بحبه اوي يا لينا، أدهم كل حياتي من زمان

ومرة اخري سمعت صوت لينا المختنق حتي شعرت أنها تبكي:

- طب ما أنا بحب زيدان، زيدان هو اللي رجعني أعيش الحياة من تاني، بدل ما كنت حابسة نفسي جوا سجن خوفي من الدنيا والناس، بس مش قادرة اسامحه علي اللي حصل...


قطبت مايا ما بين حاجبيها ماذا فعل زيدان ولما لينا حزينة منه لتلك الدرجة بلعت لعابها تفتح فمها كانت تود قول شيئا ما لتسمع لينا تردف من جديد:.


- ما توقفيش حياتك علي أدهم يا مايا، دراستك شغلك حياتك ما ينفعش كل دا يقف فجاءة كدة عشان انتي شايفة أن حياتك من غير أدهم ما تنفعش تتعاش، انتي مش في كلية هندسة ديكور بردوا رايحة سنة تالتة تقريبا، في شركات كتير هنا بتشغل الطلبة تحت التدريب، بعلاقات بابا وعمو يقدروا يشغلوكي في اكبر شركة في البلد

قالت ما قالت وصمتت تماما بعد ذلك تاركة مايا تفكر في كل كلمة قيلت الآن.


ها هو الليل قد انتصف منذ عدة ساعات، في منطقة راقية فخمة، عمارة سكنية حديثة الطراز، وقفت سيارته العالية امامها ينظر بأعين حمراء كالجمر لشرفة الطابق الثالث، ذلك الطابق الذي يوجد فيه غريمه، توحشت قسماته، خيله الجامح تهدده بالزواج منه، وهو يحاول ويحاول تقدير حالتها النفسية المتأزمة لا يريد أن يضغط عليها بأي شكل من الأشكال يكفي انها الآن تحمل بطفله، لا يريد إيذائها او إيذائه، ولكن سيذبح بدم بارد هذا الماعز الذي يظنه نفسه رجلا ويريد مناطحته أيضا، نزل من سيارته يأخذ طريقه الي داخل العمارة، ليوقفه حارس الأمن:.


- مين حضرتك وطالع عند مين

ابتسم زيدان في شراسة ليمد يده في جيب سرواله يخرج ورقة من فئة ال200 يضعها في جيب قميص الحارس الذي عاد يجلس مكانه وكأنه لم يري شيئا، اخذ زيدان طريقه الي المصعد توقف عند الطابق الثالث، خرج من المصعد لتلك الشقة التي تحمل رقم 6، دق الباب بهدوء تااام، هدوء مخيف يسبق الهدوء الذي تأتي بعده عاصفة هوجاء تنزع القلب خوفا، لحظات طويلة قبل أن يسمع صوت ناعس يأتي من الداخل:.


- ايوة حاضر جاي، دا مين دا اللي جاي دلوقتي

صوت الباب يُفتح ليطل معاذ من خلف الباب المغلق يفرك عينيه ناعسا، رفع وجهه ينظر للطارق لتتوسع عينيه فزعا بلع لعابه يتمتم بصوت خفيض متلعثم:

- ززززيدان.


توسعت ابتسامة زيدان ليدفع الباب بكفه بعنف ارتد معاذ للخلف ليدخل زيدان الي الداخل يصفع الباب خلفه، وقبل أن تمر ثانية كان معاذ ملقي أرضا تحت قدمي زيدان إثر تلك اللكمة العنيفة التي تلقاها رفع معاذ وجهه عن الأرض يمسح الدماء التي سالت من جانب فمه ابتسم يردف ساخرا:

- وماله، بس مش خايف بقي لاروح اقولها أن زيدان باشا، اتهجم عليا باليل، صدقني هتكرهك اكتر ما هي كرهاك.


وكانت قنبلة اشعل هو فتيلها ليتحمل إذا انفجارها اندفع زيدان ناحيته يقبض علي عنقه يرفعه ليقف أمامه احمرت عينيه نفرت عروقه يزمجر فيه:

- أنت فاكرني عيل **** زيك، أبعد عن لينا، اخرج من حياتها بدل ما أخرجك من الدنيا كلها...

بالكاد يلتقط معاذ أنفاسه تحت وطأة قبضتي زيدان العنيفة، رغم ذعره منه ليقتله الا انه ابتسم ارتسمت ابتسامة واسعة بالكاد خرج صوته بنبرة مستفزة ساخرة:.


- مش هبعد يا زيدان، لينا حقي أنا قبلك، أنا اللي حبيتها ولولا لعبتك القذرة كان زمانها مراتي أنا، ما تحلمش أنها ترجعلك تاني، خلاص خلصت

دون كلمة اخري كان معاذ ارضا وزيدان فوقه يكيل له باللكمات العنيفة القاسية يصيح كوحش ضاري:

- دا أنا اقتلك قبل ما تفكر تاخدها مني، لينا مراتي غصب عن عين اهلك، ولو لمحتك جنبها هقتلك...


توقف وقف يلتقط أنفاسه ينظر لذلك الملقي أرضا الدماء تسيل من كل شبر في وجهه بالكاد يتنفس انحني يقبض علي تلابيب ملابسه ابتسم متوعدا ابتسامة سوداء غاضبة يهمس له محتدا:

- صدقني لو شوفتك تاني هدفنك حي قدام عينيها، خاف مني يا زوز ماشي يا حبيبي.


نفضه زيدان من يده ليرتطم رأسه بعنف بالأرض المسقولة، رماه زيدان بنظرة غاضبة مشمئزة ليعدل من تلابيب ملابسه بصق عليه ليتحرك لخارج المنزل، بينما تكور معاذ يضم جسده المكدوم، يتأوه من شدة ما يعصف به من ألم يكاد يفتك بعظامه، استند علي أقرب مقعد يحاول الوقوف شئ فشئ الي أن نحج وقف بصعوبة ينظر لمكان ما كان واقفا يتمتم متوعدا:

- مش هسيبها يا زيدان، لينا ليا، حقي وهيرجعلي.


في صباح اليوم التالي، باكرا استيقظت مايا تشعر بنشاط كبير، نظرت للينا لتراها تغط في نوم عميق، تحركت من جوارها بخفة حتي لا تزعجها الي الخارج توجهت، الي غرفتها دخلت مرحاضها اغتسلت وبدلت ثيابها الي ملابس عملية مختلفة عن ملابسها الطفولية التي اعتادت عليها، قميص بأكمام أبيض اللون، تعلوه سترة نسائية سماوية اللون وسروال ازرق غامق، حذاء ذو كعب صغير، انتقت حقيبة تناسب ما ترتدي، لتتوجه الي أسفل حيث مكتب عمها، دقت الباب طرقات خفيفة، لتسمع صوته يأذن بالدخول، ابتسمت بخفة تتوجه الي الداخل، رأت والدها يجلس أمام عمها يبدو أنهما يتحدثان في أمر هام، التفت الاثنين لها ما أن دخلت ليطلق خالد صفير طويل يقول مازحا:.


- دا الجمال عدي الكلام جدا يعني...

ضحكت مايا لتقترب من والدها جلست علي المقعد المجاور له تردف مبتسمة:

- احم احم بما اني في فترة الإجازة، وبما اني strong independent woman فأنا عايزة اشتغل

ابتسم خالد في مرح باهت يردف ممازحا:.


- جماعة ال strong independent اللي مليين البلد اليومين دول، تلاقي البنت من دول تقولك لاء أنا اللي قادرة علي التحدي والمواجهة، لازم يكون ليا كيان وكرير، هما أسبوعين شغل تحت ضغط وتقولك أنا عايزة اقعد في بيتنا واخلف كمال وكريم.


انفجر حمزة ضاحكا ينظر لابنته متسليا، لتضيق مايا عينيها تنظر لهما في غيظ، عقدت ساعديها أمام صدرها تشيح بوجهها بعيدا عنهم، لتهدئ ضحكات حمزة قليلا لف ذراعه حول كتفي ابنته يقول مبتسما:

- طب يا ستي ما تتقمصيش كدة، عايزة تشتغلي ايه، وبعدين يا بنتي انتي مش لسه بتدرسي، أنا شوفتك امبارح بتذاكري

ابتسمت مايا تقول متحمسة:

- لاء دا كتاب من سنة تالتة أنا بحب اقرا كتب الترم قبل ما ندخله عشان ابقي هندرس ايه.


نظر خالد لها في حنق كأنه طفل صغير ليتمتم مغتاظا:

- يهود الدفعة في بيتي

ضحكت مايا رغما عنها لتلتفت لعمها تردف في خبث:

- صحيح يا عمو إنت كنت من الدحيحة ولا من الفشلة

لاااا هتف بها خالد بكبرياء، حمحم يعدل من تلابيب قميصه يردف مبتسما بغرور:.


- أنا كنت احسن واحد يبرشم، ولا مرة اتقفشت، أنا مرة برشمت علي ياقة قميص الواد محمد عشان دايما كان بيقعد قدامي، ومرة تانية علي البنطلون الجينز اللي كنت لابسه وابقي دبسلي البنطلون في الورقة بقي

عند ذلك الحد انفجر حمزة تشاركه مايا في الضحك، ادمعت عيني حمزة ينظر لأخيه يردف ساخرا من بين ضحكاته:

- الله يخربيت ماضيك المشرف، في عم يقول كدة لبنت أخوه، بدل ما يقولها ذاكري، تقولها كنت ببرشم، ونعم العمام والله.


ابتسم خالد مغترا بحاله ينظر لأخيه بإستيعلاء

ليعاود النظر لمايا يقول مبتسما:

- لو مصرة تشتغلي، تعالي يا ستي اشتغلي عندي في الشركة، انتي مش هندسة ديكور واحنا شركة مقاولات، بناخد اي مشروع نسلمه بالمفتاح، جاهز من كله، ايه رأيك

حركت رأسها نفيا ترفض الفكرة رفضا قاطعا، تعجب هو من رفضها، لتردف هي:

- لاء يا عمو، هشتغل في شركة حضرتك يعني هتعامل علي إني بنت أخو مدير الشركة...


همهم خالد متفهما ما تقول ليتوجه بانظاره الي حمزة يسأله:

- أنت إيه رأيك في الكلام دا يا حمزة

ابتسم حمزة في هدوء يربت علي رأس ابنته يقول مبتهجا:

- والله لو دا هيخليها مبسوطة وتخرج من الإكتئاب اللي هي فيه ما فيش مانع.


ابتسمت مايا في سعادة تعانق والدها، لتلوح ابتسامة ماكرة علي شفتي خالد، يخطط لشئ ما، تحرك من مكانه يلتقط هاتقه قرب النافذة وقف يتحدث مع أحدهم مكالمة لم تتعدي الدقيقتين، وعاد لهم وهو يبتسم التقط قلمه وورقة صغيرة من فوق سطح المكتب يخط عليها عنوان أحدي الشركات مد يده لها بالورقة يقول مبتسما:.


- اتفضلي يا ستي دا عنوان شركة واحد صاحبي، أنا فهمته الموضوع بإيجاز وهو وافق أنك تشتغلي تحت التدريب في شركته، ما تتأخريش عشان هو مستنيكي بعد ساعة

التقطت منه الورقة تعانقه بقوة تقول في سعادة:

- ميرسي يا عمو

قبلت خد والدها لتسرع الي الخارج وخلفها صوت خالد يصدح عاليا:

- في عربية بسواق برة ما تركبيش تاكسي.


حركت مايا رأسها إيجابا لتسرع للخارج اصطدمت في طريقها للخارج بلينا زوجة عمها لتعانقه بقوة تصيح في سعادة:

- هتوحشيني يا انطي باااي

قالتها لتهرول للخارج وقفت لينا تنظر في أثرها متعجبة تقطب جبينها لا تفهم ما يحدث، تحركت للداخل ابتسمت تسألهم متعجبة:

- هي مايا بتجري كدة رايحة فين

ضحك خالد بخفة ليتقدم منها يلف ذراعه حول كتفيها حرك حاجبيه مشاكسا ليقول ضاحكا:.


- قررت تبقي اللي قادرة علي التحدي والمواجهة زيك وتروح تشتغل، 24 ساعة وهتقولك زهرة شبابي بقت جرير وهتقعد من الشغل أنا عارف

كورت قبضتها تصدمه علي صدره بخفة ابتسمت تقول واثقة:

- علي فكرة بقي مايا شاطرة وأنا واثقة انها هتكمل في شغلها، يلا عشان نفطر.


تحرك خالد معها يتبعهم حمزة، خرجوا جميعا من غرفة المكتب، الي غرفة الطعام المجاورة لهم ليصادفوا في طريقهم لينا وهي تنزل بخفة من فوق سلم البيت الضخم تحمل حقيبة يد ودفتر محاضرات كبير، ابتعد خالد عن زوجته متوجها ناحية ابنته، وقف أمامه ابتسم يقطب جبينه يسألها متعجبا:

- رايحة فين يا لينا

رسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيها تنظر لساعة يدها نظرة خاطفة تتمتم علي عجل:.


- رايحة الكلية عندي محاضرات، عن إذن حضرتك عشان اتأخرت

تحركت خطوة واحدة ليمسك بيدها يعيدها مكان ما كانت تقف، قطب ما بين حاجبيه يسألها متجهما:

- كلية ايه يا لينا انتي مش حامل يا بنتي، أجلي السنة دي لحد ما تقومي بالسلامة

قطبت جبينها مستنكرة ما يقول والدها حركت رأسها نفيا تردف سريعا:

- لاء طبعا أنا مش هقعد محبوسة في البيت 9 ولا 8 شهور...

ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيه يكتف ذراعيه أمام صدره يحادثها مازحا:.


- أنا قعدت أمك 9 شهور علي السرير، كنت شغال عندها شيال، من هنا لهنا رايح جاي شايلها...

تجهم وجه لينا ابنته تنظر لأبيها نظرات خاوية لتصيح فجاءة محتدة:

- أنا مش ماما يا بابا وبطل تعاملني علي اني نسخة منها، أنا مش استسلامية ضعيفة بترضي بكلمتك عشان إنت بس قولتلها.


قطمت شفتيها تنظر لوالدتها نادمة علي ما قالت، تشعر بغضب مفاجئ اشتغل بدمائها، نظرت لوالدتها تعتذر لها بنظراتها عما قالت بينما اشتعلت عيني خالد غضبا عما قالت تلك الفتاة، قبل أن ينطق بحرف، اقتربت لينا من ابنتها تربت علي كتفها برفق تقول باسمة:

- روحي يا حبيبتي وخلي بالك من نفسك، وبلاش تنطيط عشان انتي لسه في اول الحمل.


أنا آسفة، همست بها لينا بصوت ضعيف حزين لتتحرك تغادر المكان، بينما وقفت هي تراقب ابنتها الي أن غادرت، تحافظ علي ابتسامة لطيفة علي شفتيها، صحيح أن قلبها تفتت مما قالت ولكنها لم تقل سوي الحقيقة، فقط الحقيقة، اجفلت علي يد خالد توضع علي كتفها لتبتسم له ابتسامة باهتة تربت علي يده تقول بترفق:

- ما تزعلش منها يا خالد، أنت عارف عصبية الحمل، ما أنا يا اما وريتك أيام زرقا، فاكر اوعي تكون نسيت.


ضمها بين ذراعيه يخفي رأسها داخل صدره ينظر للفراغ شاردا، ابنته باتت قاسية القلب مثله تماما، هو كان فقط خائفا عليها يمازحها لم يقل شيئا لتنفجر هكذا، تنهد تعبا يبعد لينا عنه يرسم ابتسامة واسعة علي شفتيه، يلثم جبينها بقبلة طويلة ممتنة عاشقة يهمس لها بحنو:

- بحبك يا اغلي من عمري وهفضل احبك لحد ما يخلص عمري

ابتسمت تحرك رأسها إيجابا تقبل كلماته كمسكن قوي يداوي جروحها.


علي صعيد آخر وقفت سيارة الاجري أمام مقر تلك الشركة، نزل منها يعطي السائق نقوده، وقف امام تلك الشركة الكبيرة ابتسم يتنهد يحاول تشجيع حاله، لديه مقابلة لدي مدير الشركة حسب ما أخبره عمه سابقا، ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيه حين تذكر كم الدعوات التي ظلت تمطره بها جدته العجوز الي أن غادر، حين وصل الي بداية شارعهم رآها لا تزال تقف في شرفة منزلهم تلوح له وداعا تبتسم له ببشاشتها المعتادة، التقط أنفاسها يشجع نفسه ليدخل مباشرة الي الشركة، أخبر الاستقبال في الأسفل أن لديه مقابلة عمل، لترشده لمكتب صاحب الشركة شخصيا، وقف أمام المصعد يطلبه يعدل من تلابيب حلته، دخل إليه ما أن وصل يطلب الطابق الأخير حسب ما أخبره مكتب الاستقبال، توجه الي مكتب صاحب الشركة وقف امام السكرتير حمحم يردف بهدوء:.


- أنا عندي ميعاد مع جاسر بيه

نظر له السكرتير إلي الحاسب أمامه لحظات وتحدث بعملية:

- حضرتك أدهم وحيد مختار.


حرك أدهم رأسه إيجابا سريعا ليشير له الرجل الي ذلك الباب الضخم المغلق، حرك أدهم رأسه إيجابا يتنهد ساخرا، هو من كانت تطلب الناس مقابلته، كان مدير الشركة والآن ماذا مجرد موظف يسعي لوظيفة يتمني الحصول عليها، تقدم من الباب يدقه، سمع الاذن بالدخول، ليدير المقبض ويدخل، الي داخل الحجرة، توسعت عينيه في دهشة حين رأي ذلك الرجل هو نفسه جاسر صاحب الشركة، والد رعد، الفتي الذي كان يريد اختطاف حبيبته منه، فاق من حالة الدهشة التي تملكته علي صوت جاسر وهو يقول مبتسما:.


- إيه يا أدهم هتفضل واقف عندك كدة، تعالا يا ابني اقعد

حمحم يشعر بالحرج ليتحرك من مكانه متجها الي المقعد المقابل لمكتبه وضع الملف الخاص به علي المكتب ابتسم متوترا يردف بهدوء:

- أنا كنت جاي عشان ال

قاطعه جاسر قبل أن ينطق بحرف آخر، قام من مكانه يلتف حول مكتبه وقف جوار أدهم يربت علي كتفه، يقول مبتسما:.


- أنا عارف انت جاي عشان ايه، خالد شرحلي كل حاجة، وعارف أنك مهندس ممتاز، وهتساعدنا كتير في شغلنا، يعني أنت عارف احنا بتوع سياحة، شيلهات، قري، فنادق، وبنتحتاج مهندسين شاطرين زيك عشان يظبطولنا الدنيا، أمن، كاميرات، برمجة حسابات العملا، ومن دا كتير إنت فاهم طبعا.


ابتسم ادهم يحرك رأسه إيجابا سريعا، ليبتسم جاسر يربت علي كتفه من جديد كان علي وشك قول شئ، حين قاطعه رنين هاتفه، اعتذر من أدهم يجيب لحظات صمت قبل أن يجيب:

- خليها تدخل طبعا.


لحظات وسمعا صوت دقات علي باب الغرفة سمح جاسر للطارق بالدخول، لينفتح الباب دخلت تلك الفتاة تبتسم متوترة، سرعان ما تجمدت الابتسامة علي شفتيها تنظر لذلك الجالس جوار المكتب، صدمة توسعت علي أثرها حدقتيها بعنف، فتحت عينيها واغلقتها عدة مرات علها فقط تحلم او يهيئ لها ولكنه للأسف كان واقع، وها هو أدهم يجلس أمامها، والآخر لم تكن حالته أفضل تماما، اشتقاها حد الموت، لا يصدق أن يراها ها هي هناك تقف، بالكاد منع نفسه من أن يركض إليها يعتصرها بين أحضانه يخبرها كم اشتاق إليها، يخبرها أنه نادم، آسف يعشقها، لحظات وتبدلت نظراتها الي أخري بادرة خاوية، أصابته بالدهشة حمحمت تهمس بهدوء:.


- أنا آسفة ما كنتش اعرف أن حضرتك عندك حد...

ابتسم جاسر لها تقدم ناحيتها يقول باسما:

- تعالي يا مايا، احنا خلصنا خلاص

حمحم يعلو بصوته قليلا:

- كررريم

لحظات وجاء ذلك الشاب الجالس في مكتب السكرتير، اشار جاسر الي أدهم يحادث ذلك الشاب:

- باشمهندس أدهم هيشتغل معانا من النهاردة في قسم مهندسين الكمبيوتر والبرمجة، يا ريت تعرفه المكان.


حرك كريم رأسه إيجابا سريعا، ليقم أدهم من مكانه اقترب منها يريد أن يحادثها حتي لو تم فصله، ابتسم ما أن بات أمامها، فتح فمه ليتحدث ليصفر وجهه في صدمة حين رآها تشيح بوجهها بعيدا عنه لا ترغب في أن تراه!، كور قبضته يشد عليها بعنف ليتحرك للخارج، بينما وقفت هي مكانها بالكاد تمنع سيل دموعها، أدهم هنا، أرادت أن تهرب من اشتياقها لطيفه بانغماسها في العمل، لتجده هو نفسه في العمل.


حمحمت تحاول ان تهدئ التقطت نفسا يليه آخر وآخر لتنظر لجاسر تحاول الابتسام تردف بنبرة خافتة مختنقة:

- احم ازاي حضرتك يا انكل

ضحك جاسر بخفة يتوجه عائدا الي مقعده يقول مازحا:

- هنا لا في انكل ولا عمو، أنا جاسر باشا صاحب الشركة، وانتي الانسة مايا المهندسة الجديدة، اتفضلي اقعدي يا باشمهندسة عشان نبدأ ال interview.


ابتسمت مايا ابتسامة صغيرة لتتوجه جالسة مكان ما كان يجلس أدهم، ليخترق انفها رائحة عطره التي تعرفها جيدا والتي اشتاقتها في كل لحظة، نظرت لجاسر تحاول الإجابة بثبات زائف عن كل تلك الاسئلة التي يسألها بجدية، الي أن جاء ذلك السؤال:

- شايفة نفسك فين كمان خمس سنين

ارتسمت ابتسامة صغيرة واثقة ترد:

- مكان حضرتك

توسعت عيني جاسر في دهشة للحظات لينفجر في الضحك وقع علي عقد عملها في الشركة أعطاها الأوراق يردف ضاحكا:.


- ماشي يا ستي، اتفضلي علي مكاتب المهندسين، كريم هيوصلك

وقبل أن يضغط زر الجرس الملتصق بمكتبه، سمع دقات علي باب المكتب تلاها دخول رعد ابنه، الذي اصابه حالة من الذهول حين رأي مايا تجلس في مكتب أبيه، نظر مدهوشا ليتمتم متعجبا:

- مايا انتي بتعملي ايه هنا

حمحم جاسر محتدا يرمي رعد بنظرة نارية ليتنهد الأخير حانقا ماذا فعل ليغضب والده الآن، نظر لوالده ابتسم في لباقة يردف بهدوء:.


- صباح الخير يا باشا، السكرتير قالي أن حضرتك عايزني

نظر جاسر لرعد للحظات في برود ليخرج صوته حادا:

- أنت متأخر ربع ساعة بحالها، ودخلت من غير ما اقولك، اتفضل روح وصل آنسة مايا لمكتب مهندسين قسم الديكور، وترجعلي

حرك رأسه إيجابا في هدوء تام، ليصطحب مايا لخارج الغرفة، ابتسمت هي ما أن خرجوا من المكتب تنظر لرعد:

- ازيك يا رعد عامل ايه

التفت لها برأسه ابتسم يحرك رأسه إيجابا يسألها متعجبا:.


- الحمد لله كويس، بس انتي بتعملي ايه هنا وفين أدهم

احتل الحزن مقلتيها تنهدت حزينة تهمس له متألمة:

- هحكيلك بس مش دلوقتي ابتسم لها في هدوء يحرك رأسه إيجابا ليردف برفق:

- علي العموم أنا موجود فئ أي وقت حبيتي تحكي او احتاجتي اي مساعدة...

ابتسمت له ممتنة ابتسامة واسعة تحرك رأسها إيجابا تردف:

- ميرسي اوي يا رعد.


ابتسامة رآها ذلك الواقف هناك، ابتسامة فتت قلبه، نهشت روحه، وهو يقف هناك ينظر لها عاجزا عن حتي الذهاب إليها.


تحججت بأنها ذاهبة لشراء بعض الأشياء الخاصة واخذت طريقها الي أحد البنوك تصرف منه ذلك الشيك، اعطته الشيك الصغير للموظف وقفت مكانها جسدها بالمكات يرتجف تحاول ان تطمئن قلبها، ستعطيه النقود وينتهي كل شئ الي الأبد، دقائق فقط واحضر لها الموظف النقود وضعتهم في الحديقة التي جلبتها معها، لتخرج من البنك، أخرجت هاتفها تتصل برقمه لحظات وأجاب لتردف فجاءة:

- أنا جبتلك الفلوس إنت فين خلينا نخلص بقي.


اخبرها بأن تخرج من الشارع هو ينتظرها عند نهايته، اغلقت الخط تأخذ طريقها إلى نهاية الشارع رأته يجلس في سيارته وقفت بجاورها ليخرج هو من السيارة نظرت له نظرات طويلة مشمئزة كارهة لتردف:

- فلوسك اهي ومش عايزة اشوف وشك تاني، فين ورقة التنازل احنا اتفقنا اديك فلوس تتنازلي عن حضانة الأولاد

توسعت ابتسامته الخبيثة نظر لحقيبة النقود في يدها لمعت عينيه ليعاود النظر لها يقول في هدوء خبيث:.


- طب اركبي الورقة لسه عند المحامي، نروح ناخدها

نظرت له في حذر تشك فيه لا يمكنها أن تثق فيه بعد الآن اردفت تسأله بحذر:

- وأنا اضمنك ازاي

ضرب كف فوق آخر ضحك ساخرا يقول متهكما:

- هخطفك يعني يا بنتي الفلوس معاكي، بقولك تعالي نجيب الورقة من عند المحامي، مش عايزة خلاص انتي حرة.


نظرت له في حذر للحظات لتفتح باب السيارة تجلس فيه، ربما هو حكم العادة فتحت الباب الامامي ليبتسم هو في خبث شرير، استقل السيارة جوارها يغلق النوافذ العازلة للرؤية نظر لها يقول مبتسما:

- عشان التراب انتي عارفة احنا في الخريف.


اشاحت بوجهها دون ان تنطق بحرف تحتضن حقيبة النقود بقوة، لتتوسع عينيها في فزع حين شعرت به يضع منديل فوق انفها وفمها حاولت مقاومته والصراخ ولكن يبدو أن وضع الكثير من المخدر عل ذلك المنديل لحظات وبدأ جسدها يرتخي، حتي فقدت الوعي تماما التقط حقيبة النقود من يدها، يلقيها علي الأريكة الخلفية نظر لجسدها في خبث يهمس متوعدا:

- سوري يا بيدو بس أنا لسه ما خدتش حقي منك ولا من خالد باشا ابوكي!...



الفصل الثالث والستون والرابع والستون من هنا 

لقراءة جميع حلقات الرواية الجزء الرابع من هنا

للمزيد من الروايات زوروا قناتنا على تليجرام من هنا

زيارة القناة
تعليقات