رواية أسير عينيها
الفصل التاسع والاربعون 49 والخمسون 50 الجزء الرابع
بقلم دينا جمال
أخذ طريقه إلى غرفة ابنته يركض، وصل إلى الغرفة فتح بابها بعنف لتشخص عينيه فزعا حين رآها بحالتها تلك، نهش الخوف عينيه ليقترب دخل إلى الغرفة يصيح فزعا:
- مالك في ايه، أنتِ عاملة كدة ليه!
اندفع ناحيتها ما أن اقترب منها ارتمت في صدره تتعلق بعنقه تخرج صياحتها الجريحة بين أحضانه ليقتل خوفه عليها ما بقي من ثباته، شدد على احتضانها يصيح فزعا:.
- في ايه يا لينا، يا حبيبتي طب بتعيطي ليه، يا حبيبتي طب ردي على بابا، في اييييييه يا لينا، انتي بتصرخي كدا ليه
زيييييييييدااااااان
صاح بها بصوت عالي غاضب مرعب لتنتفض بين ذراعيه تصرخ فزعة:
- لالالا ما تناديش، ما تخليهوش يجي، مش عايزة اشوفه...
بلغ الحد بخوفه خاصة مع صراخها مبلغه، قبض على ذراعيها بكفيها يبعدها عنه، عقله ينسج الكثير من المشاهد البشعة القاتلة يصيح فيها جزعا خائفا:.
- في اييييه، هو عمل فيكي ايه، ما تنطقي يا لينا، حصل ايه يا بنتي ما تحرقيش قلبي عليكي.
انحدرت دموعها تغرق وجهها مجرد مرور الفكرة برأسها يصعق جسدها بكهرباء عنيفة مخيفة قاسية، لم تجرؤ على النظر في وجه والدها لتنحدر رأسها لاسفل تهدر شهقاتها في عنف، مد يده يبسطها اسفل ذقنها يرفع وجهها له يحاول مسح تلك الدموع التي لا تتوقف عن الانهمار اختفت أنفاسه رأي في عينيها ما يرفض لسانها قوله، تمني فقط لو كان فقط يُهيئ له، أنها فقط افكار سوداء تحاول اقتحام عقله، نظر لها يحاول رسم البرود على قسماته ليهتف فيها محتدا:.
- هتفضلي ساكتة تعيطي كدة، طب خليكي أنا ماشي
قالها ليهم فعلا بالقيام ليرحل، انتفضت سريعا كمن يركض خلفها وحش ضارب تتمسك بطوق ناجتها الأخير تصرخ فيه بحرقة:
- خلاص والله ما تمشيش هقولك بس ما تمشيش ما تسبينش معاه تاني، ما تخليهوش يدبحني تاني.
التفت لها في لحظة عينيه متسعتين من الفزع ما رآه من رعب على قسمات وجهها جعله يرجو ويدعو في نفسه أن يكن زيدان خان ابنته مع امراءة أخري، فالخيانة ذبح للروح أليست كذلك، عاد لها سريعا كوب وجهها ين كفيه يسألها فزعا:
- دبحك، خانك صح، همسحلك بيه وبيها الأرض.
حركت رأسها نفيا بعنف بين كفيه لينتفض قلبه خاصة حين بدأت شهقاتها تعلو، تصرخ بحرقة:.
- دبح روحي، موت قلبي، أنا بس كنت عايزة اقولكوا، أني حبيته، حبيته أوي، كنت عايزة أشكره عشان اللي عملوا عشاني، بس هو كان شكله غريب، خوفت منه ومن بصته ليا، جريت على اوضتي حاولت اقفل الباب اهرب منه، بس هو زق الباب، قالي هو بيضحك زي المجانين ( لوليا، بحبك ).
لم تستطع أن تكمل لم يجرؤ لسانها على قول حرف واحد مما فعل، الباقي حذفته الرقابة لا يمكن بثه او حتى الحديث عنه، وقد فهم هو ما عجزت عن قوله وشعوره بالألم في تلك اللحظة كان ابشع من أن يوصف، شعر في تلك اللحظة تحديدا أنه بات كهلا عجوزا لا يقدر على شئ، عقله على وشك أن يفر راكضا من رأسه قلبه تفتت إلى شظايا تدمي صدره، بركان من نار مشتغل ثارت حممه بين اوصاله، زيدان ابنه الذي لم ينجبه، ابنه الذي عمل جيدا على أن يأسس بنيانه جيدا يرمم ما فعله معتز به، كان هذا جزائه منه، احمرت عينيه باتت كجمر ملتهب من الحسرة والغضب، تسارعت أنفاسه تغلي فوق روحه الثائرة الغاضبة، هب واقفا ينظر لابنته للحظات ابتسم رسم بجهد شاق شبح ابتسامة على شفتيه يحادثها برفق:.
- غيري هدومك عشان نمشي، يلا.
قالها ليخرج من الغرفة اخذ طريقه إلى اسفل شريط عرض سريع يمر أمام عينيه منذ أن احضر ذلك الصغير طفلا وهو يراه يكبر أمام عينيه يوما بعد يوم، شب بين أحضانه هو، من علمه رباه، هو ما عليه اليوم بسببه هو، يغتصب ابنته!، نيران من لهيب مستعر تحرق جسده، وصل إلى أسفل ليراه هناك يقف في منتصف باحة المنزل الكبيرة، حرق الخطي تحت اقدامه وصل اليه في لحظات ليقبض على تلابيب وقبل أن ينطق كلمة كانت قبضة يده تعرف طريقها لوجه زيدان، لكمة مع ضغف الأخير جسده بالكاد يصمد لم ينم منذ يومين حتى الماء لم يرتشفه، لم يدخل جوفه شئ ليصمد به، التفت بوجه ينظر لخاله من جديد ارتسمت على شفتيه شبح ابتسامة حزينة جانب فمه ينزف بغزارة، قبض خالد بقبضتيه على ملابسه يصرخ فيه:.
- كلب، دا حتى الكلب ما بيعض الايد اللي اتمدتله بالخير، أنا اذيتك في اييييييه، اديتك عمري كله ويبقي دا جزاتي يا ابن زيدان، تغتصب بنتي، ليييييييييييه، لييييييه لازم ادفع التمن في بنتي، ليه تكرر ماسائتي أنا ندمت وتوبت...
انهي كلامه بلكمة اخري جعلت الاخير يسقط ارضا على ركبتيه ابتعد خالد عنه، يخلع سترته القاها بعيدا ليشد بعنف رابطة عنقه نظر له يصرخ فيه غاضبا:.
- قوم يلا اقف على رجليك زي الرجالة ولا أنت ما تعرفش تبقي راجل غير عليها هي، يا ***.
ما كنتش في وعي، تلك الجملة الوحيدة التي نطقها حين وقف على قدميه من جديد، استفزت تلك الجملة خالد بشكل جعله يهوي بكفه بعنف على وجه زيدان، صفعة تردد صداها في ارجاء تلاها اهه عنيفة متألمة خرجت من بين شفتي زيدان، حين بعنف كان حذاء خالد يصدم ركبة الاخير بقسوة ليسقط ارضا على ركبيته رغما عنه قبض على خصلات شعرها يرجع رأسه للخلف ضحك متوعدا ليردف في حدة:.
- أنت لسه شوفت حاجة استني عليا دا أنا لسه هخليك تصوت زي الحريم، وربي لدفعك تمن كل صرخة خرجت من البنت بسببك...
ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتي زيدان يردف في هدوء متألم:
- حضرتك عارف كويس إني مش ضعيف واني اقدر ادافع عن نفسي كويس دا أنا تلميذك، بس أنا ما اقدرش ارفع ايدي قدامك، إنت خالي اللي رباني
تعالت ضحكات خالد الساخرة ليفتح ذراعيها على اتساعهما يردد متهكما:.
- فقولت ترد لخالك اللي رباك الجميل فروحت مغتصب بنته ونعم التربية ال****
عند ذلك الحد استند زيدان بكفيه على الأرض ليهب واقفا يستند على ساقه السليمة يشعر بأن الأخري قد كسرت، يشعر بألم بشع يفتتها
ولكنه حقا لا يضاهي ألم شظية واحدة من شظايا كلمات خاله، من نظرات الاحتقار والكره التي يرميه بها صاح، صرخ يخرج كل ما يجيش بصدره من ألم لما هو الجاني دائما، هو الضحية مثلها نفرت عروقه يصرخ بحرقة:.
- أنا مش خاين ولا عمري عضيت الايد اللي اتمدتلي عشان أعمل كدة، سنين وأنا عايش تحت سقف بيتك عمري ما خونت ثقتك فيا، كنت بتسافر شغل بالشهور وأنا شاب عندي 18 سنة عمري ما رفعت عيني في بنتك ولا بصلتها بصة مش كويسة، كان جميلك دايما قدام عينيا، ابويا اللي ما اقدرش اخونه ابدا، إنت اكتر واحد عارف أنا بحب بنتك قد ايه، عارف اني مستعد اموت نفسي ولا انها تتخدش، تفتكر هغتصبها لييييه حبا في اني اعمل كدة، ما هي مراتي قلبا وقالبا، تفتكر ليه هعمل كدة أنا مش مريض ولا عمري هكون نسخة منك زمان، قولتلك غصب عني.
احتدت عيني خالد ينظر لزيدان كارها يشعر بالغضب فقط من النظر له ارتسمت ابتسامة سوداء على شفتيه يغمغم متهكما:
- وأنا المفروض بقي اصدقك واصقفلك على المسرحية دي، حلوة غصب عني دي اغتصبها غصب عني، طبعا ما أنت واخد على الغصب من زمان
رفع زيدان وجهه ينظر لخالد عينيه متسعتين من الصدمة وجهه اصفر ذكري سريعة مرت أمام عينيه جعلت دقات قلبه تتسارع، بصعوبة حرك ساقيه ناحية خالد قبض على تلابيب ملابسه يصرخ فيه:.
- أنت عارف أنه ما عمليش حاجة أنا هربت منه، ما تقولش كدة، فضلت سنين تبني في اللي عملوا فيا، ما تهدنيش أنت، ساعتها مش هقدر اقوم تاني، أنا ما اذيتهاش، إنت اكتر واحد عارف أنا بحبها قد ايه
ترك ملابس خالد يعود للخلف، لم يستطع الوقوف أكثر تحرك يعرج على ساقه السليمة إلى ان وصل إلى اقرب مقعد وقف يستند بكفيه على ظهر المقعد، رفع وجهه لخاله يلهث بعنف من جراء ما يعصف به من ألم روحه ليكمل في قهر:.
- دا أنا ما صدقت قالتلي بحبك عايزة اعملك مفاجاءة، ممكن تنزل شوية، نزلت وطلبت عصير والله العظيم عصير مش حاجة تانية، بعدها بدأت دماغي تتقل وما حستش بنفسي غير تاني يوم
كلام زيدان صح يا بابا، صدح صوت حسام من عند باب المنزل المفتوح التفت خالد برأسه ليجد ابنه يقف هناك، يمسك بمجموعة أوراق هرول حسام ناحية حسام اسنده يجلسه على المقعد، تقدم ناحية ابيه يمد يده له بالأوراق يردف سريعا:.
- دي تحاليل عينة من دم زيدان، زيدان اتحطله حبوب هلوسة ومنشطات بكمية كبيرة كانت ممكن توقف قلبه اصلا ويموت، زيدان ما كنش مدرك لأي حاجة.
امسك خالد بالاوراق يتهاوي بها على اقرب مقعد قابله ليبدأ حسام في اخباره بكل ما حدث في الفندق وذلك الفتي وهاتفه الذي بحوزة زيدان، القي خالد الاوراق بعيدا يخفي وجهه بين كفيه، عقله يعجز عن اتخاذ اي قرار، زيدان تلك الكلمات التي نطقها في لحظة غضب ذبحته، ودموع ابنته ذبحته هو، لا يعرف ما يفعل، شد على خصلات شعره بعنف، ليهب واقفا تحرك لأعلي قاصدا غرفة ابنته مد يده يمسك مقبض الباب ليجد يد اخري تعيق يده، رفع وجهه للفاعل ليجد حسام يقف امامه يتوسله بنظراته الا يفعل:.
- بابا عشان خاطري، ما تاخدهاش، زيدان هيتدمر لو لينا بعدت تاني، والله يا بابا كان غصب عنه، زيدان بيحبها أوي
ابعد خالد يد ابنه تنهد يربط على وجه حسام:
- ما اقدرش اسيبها وهي في حالتها دي، لما تهدي خالص ساعتها هي تقرر هي عايزة ايه.
فتح خالد مقبض الباب ليجد ابنته على وضعها تجلس هناك خائفة فقط بدلت ملابسها لاخري، حاول الابتسام ولكن شفتيه رفضت تماما، تحرك ناحيتها أمسك برسغ يدها يجذبها لخارج الغرفة، لتجد حسام يقف هناك ينظر لها حزينا رأت في عينيه رجاءا لم تفهمه، تحركت بصحبة والدها إلى أسفل تحاول الا ترفع وجهها عن الأرض لا ترغب فئ أن تراه، ما إن نزلت لأسفل أخفت وجهها سريعا في صدر والدها ليطوقها بذراعه، يتحرك بها للخارج، ليهب زيدان سريعا وقف امامهم يعترض طريق خالد وقف على مقربة خطوتين فقط منهم الألم ينهش قسمات وجهه بعنف، وقف للحظات يحاول أن ينظر لوجهها المختفي في صدره والدها يصيح في لوعة:.
- رايح فين يا خالي، دي مراتي، قانونا يا رجل القانون مش من حقك تاخدها من بيتي، أنا غلطت، غلطة غصب عني، هي هتسامحني، هي عارفة انا بحبها قد إيه، عارفة اني مستيحل ااذيها سيبها يا خالي، مش كدة يا لوليا، مش انتي كتبت لي انك بقيتي بتحبي الدلع دا مني
رفعت وجهها عن صدر والدها قبضت بيديها على قميصه تتشبث به فقط التفت برأسها قليلا ناحية زيدان ادمعت عينيها تهمس بصوت خفيض خائف:.
- كنت، دلوقتي بخاف منه وبكرهه وبكرهك، سيبني امشي، لو قعدت معاك لحظة كمان هموت نفسي، أنا بكرهك على ما قد ما حبيتك كرهتك، سيبني امشي
وقف خالد صامتا يتابع ما يحدث قلبه يؤلمه متمزق بين الاثنين حقا الوضع اسوء مما يكون، صرخت قسمات وجه زيدان ليصيح منفعلا:
- غلطة، غلطة حصلت غصب عني، افتكريلي اي حاجة حلوة عملتها، أنا طول عمري بحبك، صدقيني غصب عني والله غصب عني، اعمل ايه عشان تصدقيني اهو اهو.
توجه سريعا يتحرك بخطي عرجاء ناحية الاوراق التقطها سريعا يمد يده لها يردف بتلهف:
- اهو اهو، بصي كان حاطنلي حبوب هلوسة في العصير...
حركت رأسها نفيا تعاود إخفاء وجهها في صدر والدها تهمس من بين دموعها:
- يلا يا بابا.
وقد كان حمل خالد ابنته بين ذراعيه يتوجه بها لخارج المنزل بأكمله، بينما وقف زيدان ينظر لهم وهي تغادر ترحل للابد، تعالت ضحكاته المتألمة ينعي نفسه قبل الجميع، تساقطت دموعه تصاحب ضحكاته، رأي حسام يقف هناك ينظر له مشفقا لتتعالي ضحكات زيدان اعلي يصيح متهكما من بين ضحكاته المتألمة:
- أنا عشت عمري كله أحب أختك، شوف، بص بص.
خلع قميصه يلقيه بعيدا يريه التف يريه ظهره ليري حسام اثر طلق ناري يعلو كتفه من الخلف، لحظات وسمع صوت زيدان يضحك عاليا يردف في سخرية مريرة:.
- كانوا عايزين يخطوفها وهي صغيرة، عايزين يموتوها ما همنيش خدتها في حضني في وسط ضرب النار، الرصاصة اللي كانت هتيجي فيها جت فيا، فضلت تصرخ جوا حضني، لما شافت الدم، وأنا اطبطب عليها وأقولها ما تخافيش أنا كويس، فضل ماسك فيها واكني ماسك في روحي، ما كنش عندي اي اعتراض اني يغربلوا جسمي بالرصاص ولا رصاصة واحدة تيجي فيها...
التفت لحسام يكمل بسخرية مريرة:.
- غلطة واحدة غصب عني ومش راضية تسمعني حتى، مش عايزة تسامحني، سنين بحبها من طرف واحد، سنين وأنا راضي بحبي ليها، مستني اللحظة اللي هتحبني فيها...
تحرك يلتقط قميصه يرتديه، ليتحرك لخارج المنزل يريد استقلال سيارته ليلحقه حسام سريعا، استقل المقعد المجاور له يسأله فزعا:
- أنت رايح فين يا زيدان
التفت زيدان له يبتسم في توسع ليردف بنبرة متوعدة مخيفة:.
- هجيب حقي الأول، وبعد كدة هسيبلكوا البلد كلها واسافر خلاص ما بقاش ليا مكان هنا
هفضل اعذب في نفسي لحد أمتي.
على صعيد آخر على الاريكة الخلفية في سيارة خالد، تجلس تضع رأسها على صدر والدها بينما أحد الحراس في الامام يقود السيارة، تنظر للامام عينيها شاردة مضطربة حزينة، قلبها يتفتت ألما، لن تسامحه ابدا اغمضت عينيها لتنساب دموعها تشهق في البكاء حين مر أمامها ذلك المشهد
« زيدان لا يا زيدان، ارحمني أنا لينا، لينا حبيبتك
صفعة قوية نزلت على وجهها من كف يدها، ليقبض على خصلات شعرها يضحك كالمجانين:.
- حبيبتي تؤتؤتؤ انتي جارية عندي، عشان مزاجي، اعمل فيكي اللي أنا عاوزه، صرخي زي ما تحبي، ما حدش هياخدك من ايدي ابدا »
انتفضت تشهق في البكاء تتمسك بأحضان والدها، ليمد خالد يده يمسح على شعرها انسابت دموعه رغما عنه ينظر لحالتها المذرية قلبه ينفطر، ليحادث نفسه بعذاب:.
- داين تدان يا خالد يا سويسي اللي عملتوا في لينا بيتعمل في بنتي، أنا السبب سامحيني يا بنتي، انتي ضحية وزيدان ضحية، قسما بربي تقع ايدي على اللي عمل كدة وأنا هخليه يتمني الموت
مسح دموعه بعنف يحمحم بخفوت عله يجذب انتباهها ولو قليلا رفعت وجهها له ليمد يده يمسح دموع وجهها يحادثها بخفوت حذر:
- لينا، اللي حصل مش لازم ماما تعرفه، احنا هنقولها انكوا اتخانقتوا او اي سبب كان، ماشي يا حبيبتي.
اومأت برأسها إيجابا تحاول السيطرة على دموعها ما تبقي من الطريق وصلت السيارة لمنزل السويسي لينزل جذب يدها يحاوط كتفها بذراعه يحثها على التحرك للداخل، ما إن دخلا سمعا صوت لينا تهتف باسم ابنتهم بسعادة لتهرول ناحيتهم جذبت ابنتهم من بين ذراعي خالد تعانقها بقوة، انفجرت لينا في البكاء من جديد بين أحضان والدتها لتتوسع عيني والدتها فزعة ابعدتها عنها تحتضن وجهها تسألها بتلهف:.
- مالك يا حبيبتي بتعيطي ليه، في ايه يا خالد، وفين زيدان، هو كويس حصلوا حاجة
رسم خالد ابتسامة صغيرة على شفتيه حرك رأسه إيجابا يردف في حدة:
- البيه مرمي في بيتهم ما تخافيش عليه، وهما جايين في الطريق اتخانقوا بسبب تافة وضربها بالقلم، كسرت ايده وجبتها وجيت
قطبت لينا جبينها لا تصدق حرفا مما قال تلك الكذبة التي اخترعها خالد لم تقنعها ابدا، عاودت النظر لابنتها امسكت كفي يدها تسألها بحنو:.
- لوليتا ايه اللي حصل يا حبيبتي، أنا مش مصدقة الكلام اللي ابوكي قالوا دا زيدان ما يضربكيش ابدا
نزعت لينا يدها من يد والدتها تمسح دموعها بلعت لعابها الجاف تهمس باكية تحاول إقناع والدتها بتلك الكذبة:
- لاء ضربني يا ماما، اتخانقنا في الطريق وأنا عصبته وضربني، فكلمت بابا قولتله على اللي حصل، أنا عايزة أنام، عن إذنك.
قالتها لتتحرك إلى غرفتها دخلتها سريعا لتصفع بابها خلفها جلست على ركبيتها خلف الباب المغلق تبكي!
ما حدث بعد ذلك لم يكن مفهوما 3 أيام مرت الأحداث فيها غريبة متشابكة، خالد اغلب الوقت في غرفته لا يرغب فئ الخروج منها، لينا تشعر بالذهول مما يحدث خالد يرفض الذهاب لعمله، سمعته مرة يبكي داخل المرحاض وحين سألت ابتسم اخبرها أنها كانت فقط تتوهم، ابنتها انطفئت تماما، لا تأكل سوي اقل القليل، تصرخ ليلا باسم زيدان لا تقول سوي كلمة واحدة ( لا يا زيدان ).
زيدان مختفي تماما ولا أحد يعلم أين هو وحسام يحاول الوصول له بشتي الطرق بدون اي أثر.
في صباح اليوم الرابع تحديدا، في غرفة خالد السويسي، كان هناك يجلس جوار النافذة ربما هو لم يزر النوم جفنيه سوي ساعة على الأكثر يحرق سجائره الواحدة تليها الاخري، عينيه مرتكزين على الحديقة جسده صامت ساكن، روحه تصرخ، عقله يثور، قلبه يتفتت الف مرة في الدقيقة، استيقظت لينا من نومها لتجده كما هو، لحيته طالت شعره مبعثر جفني عينيه حمراء كالدماء، التبغ لا يفارق فمه، قامت سريعا جذبت السيجارة من فمه تلقيها ارضا، التفت لها ينظر لوجهها نظرات باردة خالية من اي حياة، لحظات طويلة قبل أن يخرج سيجار آخر، تلك المرة امسكت لينا العلبة والقداحة الخاصة به تلقيهم من النافذة، لتصرخ فيه:.
- في ايييييه يا خالد 3 أيام وأنت على الحال دا، لا عايز تاكل ولا تشرب ولا عايز حتى تروح شغلك، السجاير ما بتشلش من بؤئك، بسمع بتعيط وتقولي بيتهيئلك، حصل ايه، ولينا، لينا حالتها من سئ لاسوء، بتاكل بالعافية بتصرخ طول الليل، انتوا مخبيين عليا ايه، مستحيل اصدق أن اللي انتوا فيه دا كلوا بسبب ضربة قلم...
نظر ناحيتها ولم يرد فقط التفت برأسه يعاود النظر للحديقة من جديد، ليلمح سيارة حسام تدخل من بوابة المنزل، قام من مكانه يربط على وجهها برفق:
- أنا كويس، شوية ورايح الشغل، ما تقلقيش نفسك على الفاضي، هاتي للينا الفطار أحسن
قالها ليخرج من الغرفة متجها إلى أسفل وجد حسام يقف في منتصف الصالة، هرول ناحيته سريعا يسأله متلهفا:
- عرفت عنه حاجة
حرك حسام رأسه نفيا يمسح وجهه المتعب يهمس بخفوت:.
- لاء يا بابا قلبت عليه الدنيا مش موجود في اي مكان، مالوش أثر، أنا خايف يكون عمل في نفسه حاجة
اغمض خالد عينيه متألما يشد على قبضة يده القلق ينهش قلبه خوفا عليه أين يمكن أن يكون ذهب، حمحم حسام يكمل بخفوت:
- أنا عايز اشوف لينا ينفع
ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتي خالد يحرك رأسه إيجابا ليتحرك وخلفه حسام إلى أعلي.
في غرفة لينا تجلس هي الاخري جوار النافذة تبكي شوقا وكرها لا تصدق كل ما يقول، ولا يصدق قلبها ما فعل، ايامها جحيم في تلك الغرفة تقدمت والدتها منها تمسح دموعها المتساقطة تمسد على شعرها بحنان تسألها:.
- يا لينا مالك يا حبيبتي، طب احكيلي يمكن ترتاحي، زيدان واحشك طيب، أنا عارفة أنك زعلانة منه بس مش للدرجة دي انتي بتموتي نفسك يا بنتي، وحياة بابا عندك أنا عارفة انتي بتحبي قد ايه، كفاية اللي بتعمليه فئ نفسك دا، ارجعي كليتك طيب، اخرجي من الحبس دا، دا أنا ما صدقت لما قولتيلي خلاص ما بقتيش بتخافئ من الناس، كنت خايفة اوي لتبقي نسخة مني، اخرجي من الزنزانة دي، عيشي حياتك، ما تدفنيش نفسك بالحيا.
نظرت لوالدتها بنظرات فارغة خاوية من اي مشاعر لتبتسم تسخر من حالها قبل الجميع، عادت تنظر للحديقة، سمعتا معا صوت دقات على باب الغرفة، دخل خالد يوجه حديثه مباشرة إلى زوجته يحاول الا ينظر ناحية ابنته قلبه لم يعد يتحمل:
- لينا معلش تعالي حسام عايزة يوصل للينا رسالة من زيدان، يمكن حالتها تتحسن شوية.
تنهدت تحرك رأسها إيجابا خرجت رحبت بزيدان بابتسامة باهتة ليدخل الأخير إلى الغرفة، بينما جذب خالد لينا إلى أسفل يخبرها بخمول:
- أنا جعان يا لينا
حركت رأسها ايجابا سريعا لتهرول إلي المطبخ تعد له الطعام سريعا
في الأعلي، اقترب حسام يجلس جوار لينا لترتمي الأخيرة في صدره عانقها يشدد على احتضانها يهمس لها في شوق:
- وحشتيني يا حبيبتي، وحشتيني اوي، عاملة ايه دلوقتي، بتاخدي علاجك بانتظام.
حركت رأسها نفيا تشدد على احتضانه تهمس له بصوت خفيض باكي:
- أنا تعبت يا حسام وحشني، وحشني اوي، بس مش قادرة اسامح مش هقدر اشوفه تاني...
ابعدها عنه يمسك ذراعيها يحادثها بحزم:
- لينا اللي انتي عملاه دا ما ينفعش انتي عارفة وواثقة زيدان بيحبك قد إيه، والله اللي حصل دا كان لعبة وانتوا الاتنين ضحايا، زيدان مظلوم زيه زيك، قومي قومي يلا
جذب يدها لتقف رغما عنها قطبت جبينها تسأله قلقة:
- هنروح فين.
توجه ناحية دولاب ملابسها يخرج ثياب لها يهتف في مرح:
- تخيلي امك تدخل تلاقيني بقلب في هدومك، طبعا لو حلفتلها أنك اختي مش هتصدق
بسمة باهتة عرفت طريقها لشفتي لينا، ليخرج لها حسام ملابس تنساب نزهتهم، وضعهم بين يديهم ليشير إلي باب المرحاض المغلق يسألها مبتسما:
- هو دا الحمام
حركت رأسها ايجابا ليكمل هو بنفس النبرة المرحة:.
- ناس اغنيا غني فاحش طب يلا ياللي قادرة على التحدي والمواجهة خمس دقائق الاقيكي لابسة هدومك عشان هنخرج، يلا يا بت
دفعها برفق ناحية باب المرحاض، ووقف ينتظرها بالخارج عشر دقائق مرت قبل أن تخرج، ابتسم لها يردف بمرح:
- قمر يا اخواتي
توجه لمرآه الزينة الخاصة بها جلب مشط خشب عاد لها يمشط خلاص شعرها المبعثرة، قبل جبينها يجذب يدها يحثها على السير:
- يلا يا حبيبتي.
وجهت له ابتسامة مرتعشة تحرك رأسها إيجابا، نزل هو اولا وهي خلفه، وجد خالد يجلس هناك على أحد المقاعد، ابتسم حسام توجه ناحية ابيه يهمس له بخفوت:
- أنا هاخد لينا ونخرج شوية، هستناها برة في العربية
ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتي خالد حرك رأسه إيجابا يتنهد في حسرة:
- اومال مرة احس اني كبرت اوي كدة، خلي بالك من أختك
رفع حسام كف يد خالد يقبله سريعا يغمغم بتلهف:.
- ما تقولش كدا يا بابا، هتعدي صدقني، لينا وزيدان هيرجعوا لبعض والدنيا هتبقي كويسة...
تحرم سريعا ليغادر قبل أن تخرج لينا من المطبخ، لحظات ونزلت ابنته ما أن اقتربت منه ضمها لصدره بقوة ضم شفتيه يكبح اهة حزينة كادت أن تخرج من داخل جوي قلبه المحترق ليهمس لها نادما:
- سامحيني يا بنتي، بتحاسبي على مشاريبي أنا...
ابتعدت عنه مدت يدها تسمح دموعها شبت قليلا تقبل جبين والدها تهمس له بنبرة حانية:.
- أنا بحبك اوي يا بابا، أنت دايما قوتي اللي بتحامي فيها، عمرك ما كنت ضعيف ومش هتبقي دلوقتي حتى لو عشاني
ارتسمت ابتسامة صادقة على شفتي خالد يردد بنبرة قوية حازمة:
- أنا مستعد أبيع عمري عشانك!، خلي بالك من نفسك، اخوكي هياخد باله منك كويس.
حركت رأسها ايجابا توجهت إلى باب المنزل ما أن فتحته خطت خطوة واحدة للخارج، تصنمت قدميها بلعت لعابها خائفة من الخطوة القادمة لتتذكر جملته ( ما تحبسيش نفسك جوا صندوق ازاز تتفرجي على الناس من برة )
تنهدت تلتقط أنفاسها، لتتوجه إلي سيارة حسام الذي فتح بابها سريعا ما أن اقتربت، جلست جواره في السيارة ليبتسم لها مد يده في جيب قميصه يخرج قطعة حلوي يعطيها لها:
- شوكولاتة.
أخذتها منه تمسك تشعر بيدها ترتجف من لا شئ، ادار حسام محرك السيارة متجها بها إلى نادي العائلة الذي بات عضوا فيه، طوال الطريق تحاول فقط أن تشجع نفسها لتمضي قدما، هي ليست اسيرة شجاعته هو، بعد ما حدث بات هو كابوسها الذي ستعمل جاهدة على التخلص منه، وصلت السيارة إلى داخل النادي، نزل حسام منها ليلتف حولها يمد يده لها لتنزل، ارتعش كفها تبلع لعابها، وضعت يدها في يد حسام ليجذبها للخارج، مشت جواره لداخل النادي ارتجفت تلتصق به حين مرت جوار مجموعة كبيرة من الناس ليدوي فئ رأسها جملته وهو يقول ( اللي حواليكي ناس زيهم زيك، عمرهم ما هيأذوكي ).
عادت تلتقط أنفاسها من جديد تضحك ساخرة من حالها، تتذكر كلماته في كل لحظة بعد كل ما فعل لازالت تتذكر كل حرف قاله، توجهت مع زيدان إلى احدي الطاولات جلست دقائق تغمض عينيها تسترخي، تحاول أن ترخي اوتار أعصاب جسدها المشدودة بعنف، تنهدت تأخذ اكبر قدر من الهواء يمكن أن تحصل عليه رئتيها، اجفلت على جملة حسام:
- أنا هقوم اجيب حاجة واجي.
فتحت عينيها تعقد جبينها كلنا تود أن تسأله ماذا سيحضر ولكنه قد غادر بالفعل، ابتسمت يآساه من أفعاله عادت تغمض عينيها من جديد، دقائق فقط وشعرت بحركة المقعد امامها، فتحت عينيها ظنا منها أنه حسام لتتوسع عينيها حين رأته هو، معاذ! يجلس أمامها من جديد بعد تلك المدة الطويلة لا يزال ينظر لها بتلك الطريقة عينيه تلمع بحبه لها، احتقنت عينيها غضبا ما أن رأته لتهب واقفة شدت على اسنانها تصيح فيه:.
- أنت!، أنت بتعمل ايه هنا، وجاي ليه
امسك سريعا بكف يدها يجذبها لتجلس من جديد ابتسم متوترا يردف في هدوء:
- اقعدي يا لينا، انتي لازم تعرفي الحكاية كلها، زيدان السبب في بعدي عنك، هو السبب في كل اللي حصل
قطبت جبينها متعجبة، زيدان!، عادت تجلس من جديد تنظر له حذرة ليبلع هو لعابه الجاف التقط كوب الماء من أمامها يرتشف معظمه، نظر لها باشتياق يردف بلوعة:.
- اخيرا عرفت اشوفك ولازم اقولك، اسمعيني زيدان السبب، يوم والدك عرف بعلاقتنا هو اللي قاله كان بيراقبك وهو اكيد اللي شعلل في دماغ باباكي أنك بتخوني ثقته والكلام دا، زيدان خطفني وهددني اني لازم اسمع كل كلمة هيقولها والدك والا هيخطفك ويغتصبك ويقتلك، انتي متخيلة بشاعة تفكيره دا بني آدم مريض مش طبيعي، خوفت عليكي لينفذ اللي قاله، والدك اول ما قالي أبعد قولتله حاضر حاضر، والدك ساعتها افتكرني جبان، انا فعلا كنت جبان لأني كنت خايف عليكي، بعدها زيدان رماني في بدروم فيلته كان بيعذبني، واتفق هو وباباكي اني اتصل بيكي واقولك اني مش بحبك واننا أصحاب، يوم ما كلمتك والله كان هو جنبي، وأول ما خلصت معاكي المكالمة خد الموبايل وكسّره وهددني اني اقرب منك، أنا كنت مرعوب عليكي، حاولت اكلمك قبل الفرح لما عرفت صدفة من سهيلة صاحبتك انكوا هتتجوزوا، بس انتي ما ادتنيش فرصة اتكلم وقفلتي السكة، سافرت وراكوا الساحل كنت بحاول ادور على اي فرصة اكملك فيها واقولك بس للأسف والدتي تعبت وكان لازم ارجع، لينا أنا لسه بحبك، بحبك اوي، هو السبب هو اللي بعدني عنك، سامحيني أنا كنت خايف عليكي.
ارتسمت على شفتيها ابتسامة ساخرة، تضحك بشدة على حالها كانت لعبة في أيديهم طوال تلك المدة، لعبة فقط لعبة يحركون خيوطها ينسجون الحكايا وهي تؤديها بكل سذاجة، قبضت على يدها بعنف لتحتد عينيها في غيظ اكل قلبها، في تلك اللحظات آتي حسام ينظر لمعاذ بريبة لينظر لشقيقته يسألها:
- مين دا يا لينا
ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتي لينا تنظر لحسام تردد:
- زميلي في الجامعة، بيسلم عليا، حسام أنا لازم اروح.
حرك رأسه إيجابا ليصطحب لينا ويغادر بينما ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتي معاذ عقد ذراعيه أمام صدره ينظر لها وهي تغادر.
في فيلا خالد السويسي
تنهد يصعد إلى غرفته، سيجد هو زيدان دخل إلى مرحاضه، اغتسل يهندم لحيته يمشط خصلات شعره ارتدي حلة سوداء خرج من المرحاض يقف أمام المرآه يعقد رابطة عنقه ليجدها تدخل من باب الغرفة تحمل صينية طعام وضعتها على الطاولة لتقترب منه جذب المقعد الخشبي لتقف فوقه تعقد رابطة عنقه، انهت عقدها لتلف ذراعيها حول عنقه تتمتم معاتبة:.
- سنين طويلة بطلت اعدها واحنا متجوزين، اتعودت منك تشاركني في كل صغيرة وكبيرة في حياتك، فجاءة قررت تهمشني من حياتك، لينا مش متخانقة مع زيدان، لينا زيدان اغتصبها مش كدة
توسعت عينيه في ذهول ينظر لها بصدمة كيف عرفت، ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتيها تردف متهكمة:
- أنت ناسي أن أنا دكتورة واعرف كويس اوي الاعراض اللي بتظهر على الضحية، اللي كلها ظهرت على لينا، طب ليه عمل كدة ليه، مش دا زيدان اللي بيحبها.
بلع لعابها يخبئ وجهه في أحضانها يقص عليها ما عرف ادمعت عينيها تهمس بحسرة:
- يعني هو ضحيتهم وبنتي ضحيته، لينا بتتدمر وزيدان مختفي ويا عالم حاله ايه، معتز اللي عمل كدة
حرك رأسه نفيا ليخرج من بين ذراعيها احتدت عينيه يردف متوعدا:.
- معتز اجبن من انه يعمل كدة، اللي عمل كدة حد قاصد يضربني أنا، عارف إن الضربة في بنتي هتموتني أنا، لو اعرف زيدان فين هو الوحيد اللي معاه صورة بطاقة الزفت وتليفونه، أنا بس احط ايدي عليه
شردت عينيها في طريق آخر مصير ابنتها وزوجها زيدان، لما تتكرر الحوادث ما الهدف، من فعل ذلك، اجفلا معا على صوت سيارة وقفت بعنف في حديقة منزلهم وصوت زيدان يصدح بعنف من الخارج ينادي على زوجته، وخاله!تبع
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الخمسون
اجفلا كل من خالد ولينا على صوت سيارة وقفت بعنف في حديقة منزلهم وصوت زيدان يصدح بقوة من الخارج ينادي على زوجته، وخاله.
هرعت لينا ناحية النافذة لتري زيدان يقف هناك، يجذب شخصا من ملابسه لا يظهر وجهه فقط دماء تسيل من كل أنش فيه، بينما هرع خالد يركض إلى أسفل، توجه إلى الباب يفتحه سريعا ليندفع زيدان إلى الداخل يمسك في يسراه عصا يتسند عليها ويده اليمني تقبض على ملابس شخص يسحله ارضا، القي الرجل تحت قدمي خالد رفع وجهه له، يناظره بنظرات حادة بها من العتاب ما بها، يلهث بعنف عينيه حمراء دموية مخيفة، تحرك خطوتين للداخل يصدح بصوته العالي في ارجاء المكان:.
- لينااااااا، يا لولياااااا أنتِ فيييييين...
لم يعر خالد انتباها توجه إلى سلم البيت يستند على كعازه يصعد بخطي سريعة لأعلي توجه إلى غرفتها ليجد لينا زوجة خاله تقف هناك كانت على وشك النزول، ابتسمت، ابتسامتها مزيج من العتاب والشوق، اقتربت منه تبسط كفها على وجنته ادمعت عينيها تنظر لساقه وذلك العجاز الذي يستند عليه لتجذب رأسه تعانقه تربت على شعرها ليشعر للحظة أنه عاد ذلك الطفل الصغير كم رغب في أن يظل بين أحضانها يبكي بلا توقف يخبرها بكل ما يجثم على صدره من ألم، بجفاء ابعدها عنه يعطيها شبح ابتسامة شاحبة، ليتحرك إلى غرفة زوجته، فتح بابها دون سابق إنذار بحث عنها هنا وهناك لا اثر لها احتدت عينيه غضبا، لينزل إلى أسفل اقترب من خالد يصيح فيه محتدا:.
- بنتك فين يا خالد يا سويسي
ارتسمت ابتسامة مريرة على شفتي خالد ليردد في سخرية متألمة:
- خالد يا سويسي، ونعم التربية فعلا
تعالت ضحكات زيدان الساخرة ليتحرك ناحية ذلك الملقي ارضا لكمة بساقة السليمة في بطنه بعنف ليتأوه الأخير متألما تكور حول نفسه ينزف الدماء من فمه بغزارة، التفت زيدان برأسه ناحية خالد ليردف متهكما:
- ما أنا تربيتك بقي، صدمتك فيا معلش، أنا بردوا اتصدمت فيك...
تحرك زيدان ناحية خالد ليصبح أمامه مباشرة التحمت عيني خالد بعيني زيدان ليبتسم زيدان متألما يردف ساخرا:
- يا خالي اللي رباني وعارف سري، هو نفسه اللي عايرني بيه، عايرني بضعف طفل صغير، فضل يدافع عن نفسه لآخر نفس فيه، كان عنده يموت ولا يعيش موطي راسه بسبب كلب.
امسك خالد زيدان من ذراعيه بقوة يشد عليه شد على أسنانه قلبه يكاد ينفجر وهو يري تلك الحالة التي وصل لها زيدان بسببه، أدرك بعد أن قال ما قال إن كلماته ذبحت زيدان، قتله، آلمته اكثر بكثير من لكماته تجمعت الدموع في عيني خالد يهمس من بين اسنانه محتدا:
- والكلب دا أنا طلعتلك روحه في ايدي خليته يتمني الموت وما يطلوش، يعيش زيه زي الكلب، دا حتى الكلب عايش بكرامة عنه، ااااا.
وسكت لم يجد ما يقوله يعرف انه اذاه قتله بما قال اختنقت نبرته يحاول أن يستعيد ثباته يردف محتدا غاضبا:
- أنا عارف اني دبحتك بكلامي، بس دي بنتي لما اعرف أن بنتي حصل فيها كدة، مستني مني ايييييه اخدك في حضني واقولك ولا يهمك يا حبيبي اطلع اغتصبها تاني، دا أنت تحمد ربك اني ما طلعتش روحك في ايدي
ارتسمت ابتسامة ساخرة على جانب فم زيدان ينظر لخاله للحظات في تهكم:.
- حماك جاسم باشا الشريف بكل جبروته وهيلمانه قدر ياخد مراتك من بيتك رغم كل اللي عملته فيها
ابتلع خالد لعابه يحاول الا تلتقط عينيه بعيني زيدان شد على قبضته يحرك رأسه نفيا، ليصدم زيدان الأرض من تحته بعصاه الحديدية يصيح محتدا:.
- وأنت بكل بساطة خدت مراتي من جوا بيتي على غلطة حصلت غصب عني، لولا أنك خالي يا خالي، كنت قطعت رجلك قبل ما تفكر تاخدها وتمشي، دلوقتي الهانم فييين بنتك فييين، دا أنا جايبلها مفاجأة حلوة أوي.
توجه ناحية ذلك الرجل الملقي ارضا لينحني ناحيته بجذعه العلوي قبض على خصلات شعره يجذب رأسه بعنف ليظهر وجهه الذي لا يظهر فقط آثار عنف زيدان هو ما يظهر عليه، وجهه لا تظهر ملامحه فقط تغطيه بأكمله شد زيدان رأسه بعنف ليصيح الأخير خرج صوته ضعيفا متألما بينما اكمل زيدان فئ شراسة:
- دا أنا حتى جايبلها مفاجأة حلوة أوي، حامد بيه، البيه اللي حطلي حبوب الهلوسة في العصير...
اشتعلت عيني خالد غضبا ينظر لذلك الشاب ليندفع ناحيته قبض على تلابيب ملابسه يجذبه بعنف بالكاد وقف على قدميه من عنف ما به من ألم بينما زمجر خالد كالليث الذبيح:
- قسما بربي، لو ما قولت مين ال **** اللي قالك تعمل كدة لكون مطلع روحك في ايدي
توسعت عيني الشاب في هلع ليحرك رأسه نفيا يردف بصوت خفيض متألم:.
- ما اعرفش ما اعرفش، ما شوفتهاش ما اعرفش، قبض خالد على عنق ذلك الرجل حتى اختنقت أنفاس الاخير، استحال وجهه للون الازرق جحظت عينيه اختقنت انفاسه بالكاد يلتقطها بينما زيدان يشاهد في برود تام، همس الرجل اخيرا بصوت بالكاد يسمع:
- هقول، هموت
لفظه خالد من بين يديه ليلقيه أرضا بعنف ارتطم جسده بالأرض يسعل بقوة يحراول التقاط انفاسه المهدورة، انتفض حين سمع صوت خالد يصدح من جديد:
- ما تنطق يلا.
حرك الشاب رأسه إيجابا سريعا بهلع سيطر على جسده بأكلمه ليرتجف بعنف ابتلع لعابه الجاف يهمس متأوها من الألم:.
- مااا اعرفهاش، ااانا كنت شغال في الفندق دا من بسيطة ومن حوالي أسبوعين وأنا راجع من الشغل فجاءة طلع عليا مجموعة رجالة شكلهم ضخم جداا، رشوا حاجة في وشي ما حستش بنفسي لما فوقت، كنت مرمي في أوضة على أرض وقدامي واحدة ست ما شوفتش وشها كانت لابسة ماسك او قناع زي اللي بيجي في الافلام الاجنبي دا، اللي كان باين منها عينيها الزرقا، قربت مني وكانت ماسكة في ايديها صورة واحد وواحدة، خيرتني ما بين اني احط للراجل دا حاجات في العصير وأخد مبلغ كبير، قالتلي هموتك وما حدش هيسأل عليك، خوفت والله خوفت ما كنش قدامي حل تاني أنا مش عايز اموت، وهي اللي قالتلي على ميعاد التنفيذ بالظبط، وادتني موبايل مش مسمحولي اكلمها هي كانت بتكلمني منه، لما خلصت كلمتني وقالتلي اسيب الفندق الفلوس اللي هتدهالي هتعيشني ملك، رجعت بيتي لقيت فلوس كتير، قولت اكن يومين عند واحد صاحبي على ما الحكاية تخلص وابقي اسافر، والله هو دا كل اللي حصل، أنا كنت خايف أموت.
تعالت ضحكات زيدان القاسية ليركله بقدمه السليمة في ظهره بعنف ليسقط الشاب على وجهه أرضا ليردف زيدان متوعدا:
- وأنت دلوقتي مش هتموت، دا أنا هوريك العذاب ألوان هخليك تتحايل عليا عشان اموتك
انحدرت الدموع من عيني ذلك الشاب لتختلط بدمائه نظر لخالد يتوسله بنظراته أن ينقذه ليهمس بصوت ضعيف متألم:
- ااا، اانا عارف العنوان، عارف عنوان المكان اللي خطفوني فيه، ابوس ايدك ارحمني وأنا هقولك على المكان...
اقترب خالد من الرجل يجذبه ليجلس شد على اسنانه يهسهس غاضبا:
- فين!
حرك الرجل رأسه إيجابا سريعا يمسك يد خالد يود تقبيلها يردف بنحيب متوسلا:
- هقولك هقولك، بس ابوس ايدك اديني الأمان
رمي خالد الرجل بنظرة حادة ليحرك رأسه إيجابا يعطيه موافقة صامتة على حمايته ليلهث الرجل بعنف يلتقط أنفاسه يخبر خالد بالمكان الذي قابل تلك السيدة فيه، ما إن انتهي اقترب زيدان من الرجل يقبض على عنقه ابتسم في شراسة يقول متوعدا:.
- أنت خدت منه اللي أنت عاوزه دوري أنا بقي اخد حقي.
صاح خالد بعنف باسم زيدان يقترب منه يحاول تخليص عنق الرجل من يده، زيدان يتشبث بعنق الراجل وكأن حياته تعتمد على موت الاخير عينيه حمراء كالجمر انفاسه سريعة، لم يجد خالد بدا سوي انه صدم قدم زيدان محاولا عدم إيذائه، ليتأوه الأخير من الالم ترك عنق الرجل ارتد للخلف يصرخ وجهه من الألم، وقف خالد أمام الرجل يصيح في أحد رجاله الذي جاء مسرعا ليأمره الاخير في حزم:.
- حسن تاخد الواد دا وتتحفظ عليه ما تخليش حد يقرب منه حتى زيدان باشا نفسه
سريعا كان ينفذ حسن الأمر جذب الرجل سريعا خارج المنزل، في لحظة دخول لينا إلى منزل ترى رجل وجهه لا يكاد يري من الدماء يُسحب للخارج، آثار الدماء واضحة للغاية على يد زيدان التي يقبضها، اندفعت للداخل نظرات لكلاهما للحظات في كره ومقت شديد لتصيح فجاءة:
- دا انتوا عصابة بقي، ايييييه اي حد مش على مزاجكوا تموته.
وجهت انظارها ناحية زيدان تنظر له باشمئزاز لتعود بظهرها للخلف ترغب فقط أن تبتعد عنه قدر الإمكان، نقلت انظارها بين والدها وزيدان امتعضت ملامحها تهتف في غيظ:
- انتوا ايه للدرجة دي شايفيني لعبة في ايديكوا، تحركوها عشان تعمل بس اللي انتوا عايزينه، للدرجة دي مشاعري وجودي كياني مالهمش اي قيمة، المهم تنفذوا اللي انتوا عايزينه وبس.
في تلك اللحظات نزلت لينا تهرول إلى أسفل خاصة حين سمعت صوت ابنتها تصرخ بتلك الطريقة، هرولت ناحيتها تسألها قلقة:
- في اي يا لينا بتصرخي كدة ليه، حصل ايه
ارتسمت ابتسامة واسعة ساخرة على شفتي لينا لتشير إلى والدها وزيدان ضحكت عاليا تردف متهكمة من بين ضحكاتها المتقطعة:
- تعالي يا ماما اتفرجي على الفيلم دا، بابا كان بيتريق عليا عشان بحب الأفلام الهندي، وطلع هو اللي بيخرجها...
ليناااا، زمجر بها خالد بحدة يرمي ابنته بنظرات غاضبة قاسية
لترفع حاجبيها لأعلي تنظر له ببراءة إجادت تمثيلها أليست ابنته اشارت لنفسه تردف متهكمة:
- ايه يا بابا، أنا قولت ايه غلط، مش دا اللي حصل مش انتي يا ماما قولتيلي بالنص كدا أن بابا قالك ( هي بس تقول أنا بحب دا وأنا اجوزهولها )، أنتِ عارفة بابا عمل ايه لما عرف اني بحب معاذ، طبعا بعد ما اداني العلقة التمام.
وجهت انظارها ناحية زيدان ترميه بنظرات غاضبة كارهة تردف:
- زيداااان بيه راح خطفه، وهدده أنه لازم يسمع كل كلمة خالد باشا بيقولها، وعملوا علينا فيلم جميل، خلوا معاذ يكلمني ويقولي سوري يا لينا احنا بس أصحاب، ما عندوش اي مانع أنه يدوس على قلبي بجزمته المهم أنه ينفذ وصية صاحبه، انتوا اييييه مش بني آدمين.
اقتربت من والدها وقفت امامه ترميه بنظرات قهر، غضب، ألم تسارعت أنفاسها لتنساب دموع عينيها رغما عنها وهي تصرخ من ألم روحها:
- ليه يا بابا، لييييه تعمل فيا كدة، تكسر قلبي كدة، مين قال إن معاذ وحش، هو اللي هدده، أنت عارف هو عمل فيا ايه، قتلني، تخيل كدة وهو بيقولي انتي عاهرة جارية موجودة عشان مزاجي، مبسوط، اتمني تكون مبسوط، وراضي عن اللي عملته فيا.
لم يجد خالد ما يقوله فقط ينظر لعيني ابنته وهي تبكي بلا توقف، يري الألم، العتاب، الكراهية، ليتجمد جسده من أثر الصدمة ابنته تكرهه!
بخطي ثقيلة ابتعدت لينا عن والدها لتتوجه ناحية زيدان وقفت على مقربة منه تنظر له بشراسة، قلبها ينفطر، رغما عنها احبته يوما، أحبت حنانه معاملته كلماته، دفعها لها لتتقدم تقضي على خوفها اضطربت حدقتيها حين مر أمامها ذكري سعيدة من شهر عسلهم القصير، انهمرت دموعها تصرخ بشراسة ممتزجة بكراهية:.
- أنت اكتر شخص كرهته وبكرهه في الدنيا أنت تستاهل كل حاجة وحشة حصلتلك وأكتر، أنت شيطان لابس وش الملاك قدامهم، تعرف أنا بكره قلبي وروحي وجسمي عشان في يوم سلمتهم لشيطان زيك، طلقني أنا مش هقعد على ذمتك دقيقة واحدة.
قالت ما قالت القت ما في جوفها كله ليحل بعدها صمت مخيف كصمت القبور، لينا تنظر لخالد زوجها في صدمة عقلها يرفض استيعاب أن خالد كان يلعب بحياة ابنته كما كان يلعب بحياتها هي قديما، خالد هو خالد لم يتغير، مازال يعشق السيطرة على جميع من حوله، وقف خالد هناك بعيدا عنهم ينظر للفراغ عينيه حادة يقبض على كف يده يبتسم داخله ساخرا ابنته لم تفهم أبدا، أنه فقط أب!، أب على استعداد تام أن يضحي بحياته لأجلها، أب خاف أن يسلم ابنته لفتي خاف منه من اول لقاء فتي لم يدافع عن حبه لها، عكس زيدان تماما سنوات وهو متمسك لا يرغب في غيرها، حبه لها سلاح يدافع عنها به...
لم يكسر الصمت سوي صوت ضحكات زيدان العالية التي صدحت فجاءة تهشم حاجز الصمت الوهمي الذي احاط بهم، عقد ذراعيه أمام صدره يردف متهكما:
- مش عارف ليه حسيت فجاءة كدة أن أنا الجوكر في فيلم باتمان، اللي لما الناس عرفت قصة حياته حبته وكرهت باتمان، بس يا ترى بقي المعلومات القيمة دي عرفتيها لوحدك ولا حمامة طايرة هي اللي قالتلهالك.
نظرت له بمقت شديد بعد كل ما فعل وعرفت عنه لا يزال يسخر منها، تهدجت أنفاسها من الغضب ليتقدم ناحيتها خطوة واحدة دني برأسه بضع إنشات قليلة لحظات رأت في عينيه نظرة ألم صارخة لتتبدل في ثواني إلى نظرة اخري ساخرة متسلية توسعت ابتسامته الخبيثة يردف مستمتعا:.
- عيزاني اطلقك، عشان تروحي تتجوزي البيه، بقي بذمتك حد يسيب الأسد ويروح للمعزة، أنا كنت جاي جايبلك دليل برائتي بس يلا مش مهم، طلاق مش هطلق، أنا كنت ناوي بصراحة اطلقك بس رجعت في كلمي، هسيبك براحتك خالص تهدي وترجعي بيتك بمزاجك كان او غصب عنك، والا هطلبك في بيت الطاعة، وابقي خلي خالد باشا السويسي يجبلك عيش وحلاوة خلف القضبان، سلام يا زوجتي العزيزة.
قالها ليغادر المكان في هدوء تام يعاكس تماما تلك العاصفة التي دخل بها، لتلتفت لينا برأسها تنظر لوالدها في غيظ، تركتهم لتسرع إلى غرفتها تصفع بابها توصده بالمفتاح، تشعر بالغضب والقهر، الألم ينهش قلبها، كانت فقط لعبة، أحبت مالكها! وهو حين مل منها قرر تدميرها ببساطة، وقفت في منتصف الغرفة تتنفس بعنف قبضت كف يدها تشد عليه بعنف ليقطر منه الدماء، احتدت عينيها نفرت عروقها تشعر بالدماء تشتعل في رأسها اقتربت من أحدي التحف التي تملئ غرفتها لتليقها ارضا بعنف تصرخ من الغضب، تحركت في الغرفة تهشم ما تقابل تصرخ بكل ما تملك من جهد علها فقط تستريح ولو قليلا.
في الأسفل سمعت لينا تلك الأصوات لتهمس باسم ابنتها فزعة التفتت لتصعد اليها حين سمعت صوته يهتف من خلفها:
- سيبيها يا لينا، هي محتاجة تبقي لوحدها، ما تخافيش مش هتأذي نفسها
التفتت لينا تنظر لخالد في غيظ نزلت درجات السلم التي صعدتهم لتتوجه إليه وقفت امامه تصك اسنانها تهتف حانقة:.
- أنا بجد مش مصدقة كنت بقول ما حدش في الدنيا بيحب بنته قد خالد، مش كفاية بقي زمان كانت حياتي لعبة في إيدك، ودلوقتي بقت حياة بنتي وسعادتها، عمرك ما هتتغير يا خالد، السنين بتعدي على الكل الا إنت جبروتك بيزيد ما بيقلش...
انهت ما تقول لتصعد سريعا إلى غرفة ابنتها بينما وقف هو مكانه ابتسم يدس يديه في جيبي بنطاله ظل ينظر في اثرها إلى أن غادرت من أمامه ليتنهد حانقا ليخرج من المنزل بأكمله يتمتم مع نفسه:.
- الأهم فالمهم يا ابن السويسي
قالها ليستقل سيارته يستعيد سريعا ذلك العنوان الذي أخبره به الشاب يتوجه إليه...
في منزل خالد السويسي في غرفة بدور، جلست على فراشها تبكي في صمت وجودها هنا بات عبئا عليها قبل الجميع، الكوارث في المنزل تتفاقم، هي تحاول تجنب الخروج من غرفتها قدر الإمكان، يكفي خالد ليس بوالدها من الأساس ليتحمل عبئها فوق اعبائه، شردت عينيها تفكر مع نفسها حائرة:.
- اسافر لاسلام، لاء بلاش أنا عارفة أن إسلام مش هيرميني بس هو في الأول وفي الآخر موظف كفاية عليه مصاريف عياله ومصاريف علاج أمي، مش هبقي عبئ زيادة عليه، يا رب أنا عبئ على الكل، منك لله يا اسامة يا رتني ما سبتش شغلي، يا ريت سمعت كلام بابا من الأول وما اتجوزوتوش...
ليطرق عقلها فجاءة حمزة، عرض الزواج، بلعت لعابها تفكر متوترة قلقة توافق ترفض، فرق السن بينهما ليس بهين، تتعجب كثيرا أن السن لا يظهر عليه من الأساس ولكنها تلك من شيم الأثرياء ربما، ولكن كيف توافق هو اخو والدها، لتعد تسخر من حالها هل خالد والدها من الأساس، تنهدت حائرة تحاور نفسها:.
- أوافق، طب لو وافقت الناس هتقول عليا ايه، اتجوزت واحد أكبر منها عشان فلوسه، يا رب، هو طيب وحنين والولاد بيحبوه، هو قالي هيكون ليهم الأب، يااارب أعمل ايه.
اغمضت عينيها لتنساب دموعها شعور مؤلم بالعجز يغزو كيانها أجمع دقائق طويلة مرت قبل أن تسمع صوت دقات هاتفها يصدح بصوته العالي، فتحت مقلتيها لتبصر اسم حمزة على الشاشة، لم تتعجب فهو يتصل بها كثيرا منذ أن سافر مكالمة لا تتعدي دقيقة فقط يسأل على حالها وحال الأولاد ويغلق، تنهدت تفتح الخط ما أن وضعت الهاتف على اذنها تمتمت بجملة واحدة:
- أنا موافقة اتجوزك.
قالتها ليدوي بعدها الصمت للحظات كانت تتوقع أن تسمع صوته يصرخ فرحا على موافقتها، الا أنه فقط صمت لدقائق لتسمع صوته الهادئ الرزين يردف:
- أنتِ متأكدة من قرارك
أحست أنها فرصة منه للتراجع ربما هي فقط لحظة طيش منها ليس اكثر، الا أنها عادت تلتقط أنفاسها حركت رأسها ايجابا تتمتم بهدوء:
- ايوة، متأكدة!
لحظات اخري من الصمت لتسمعه يردف في هدوء تام:.
- مبروك يا درة، سلميلي على خالد وسيلا، وأنا هاجي في اقرب وقت يسمح بعد العدة عشان نكتب الكتاب
قالها ليغلق معها الخط جلست هي تربع ساقيها على الفراش وضعت يدها على قلبها الذي يطرق بعنف تلهث من اللاشئ، كلماته لم يكن بها شئ غريب الا انها ارجفتها، شردت عينيها في الفراغ تفكر مع نفسها بهلع هل فعلا اتخذت القرار الصحيح.
على صعيد بعيد للغاية، في دبي، منزل حمزة السويسي قبل مكالمة بدور بنصف ساعة تقريبا، دخل أدهم من باب المنزل وهو يصفر باستمتاع ترتسم على محياه ابتسامة واسعة متشفية، لماذا، لاشئ هو فقط فسخ عقد صفقة بملايين بين شركة والده المزعوم وشركة اخري للبرمجة، والشرط الجزائي كفيل لأن يجعل والده يشهر إفلاسه، ماذا فعل، عطل دون ان يدري أحد تلك البرامج الجديدة التي قام والده بتصميماتها والتي كانت ستباع بملايين الدولارات، ما إن دخل إلى المنزل سمع صوت والده يصرخ في الهاتف:.
- يعني ايه البرامج فجاءة دخل عليها فيرس نسف ال Data بتاعها، دي صفقة بملايين هنروح في داهية...
توجه إلى غرفة حمزة الابتسامة تشق ثغره بجهد شاق اخفي تلك الابتسامة يرسم الحزن دمعا على محياه اتجه إلى غرفة مكتب والده دق الباب ليدخل ينظر لأسفل حزينا مهموما الصفقة ضاعت من بين ايديهم، تقدم ناحية مكتب والده ليصيح الأخير غاضبا:.
- اهلا بأدهم بيه، كنت فين يا باشا، من بكرة الصبح تفتح تحقيق وتعرفلي مين المسؤول عن اللي حصل، قسما بربي ما هرحمه
حرك أدهم رأسه إيجابا سريعا يردف بخفوت حزين:
- حاضر يا بابا، اهدي بس حضرتك عشان صحة حضرتك ما ينفعش كدة
صمت للحظات ليرفع وجهه لوالده اضطربت حدقتيه خوفا ليردف بعدها قلقا:
- المشكلة دلوقتي في الشرط الجزائي دي مصيبة، احنا كدة هنفلس، هنعمل ايه يا بابا.
ما إن انتهي قطب جبينه متعجبا حين وجد حمزة يجلس على مقعده مرة اخري في استرخاء يبتسم في هدوء وكأن شيئا لم يكن:
- شرط جزائي ليه.
رفع أدهم حاجبيه متعجبا ألم يخسروا صفقة العمر منذ قليل لما تلك الابتسامة التي تغزو شفتي والدها توسعت عينيه في دهشة حين وجد حمزة يشير له ليجلس، ما إن جلس مد يده له بورقة بنكية ( شيك ) بمبلغ ليس بهين على الاطلاق، توسعت عينيه ينظر لتلك الأصفار على الورقة ليعاود النظر لوالده يسأله متعجبا:
- بتاع ايه الشيك دا
ابتسم حمزة في هدوء تام، ينظر لادهم مكملا:.
- عمولتك في الصفقة إنت ناسي أنك أنت اللي عرفتني على الشركة وكنت الوسيط في الصفقة، واهي عمولتك اهي
قطب أدهم جبينه متفأجاءا، عجز عن بلع لعابه الذي جف فجاءة ليتتمتم مدهوشا:
- صفقة ايه هي مش الصفقة باظت
ضحك حمزة بثقة ليستند بمرفقيه على سطح المكتب يقترب قليلا من ادهم يردف في ثقة:.
- أنت عبيط يلا ولا ايه صفقة ايه دي اللي تضيع، أنا عامل حسابي كويس ومعايا نسخ اصلية ما حدش يقدر يعملها غيري، بدل النسخة اتنين وتلاتة احتياطي، سلمتهم البرامج واستملنا الفلوس وادي عمولتك، أنا لو كنت متضايق دا بسبب الاهمال اللي حصل وأنا أبدا ما اسمحش إن يحصل إهمال في شركتي...
اشتعلت أنفاس أدهم غضبا بعد كل ما فعل نجح حمزة ونفذ من تحت يديه، ولكنها فقط البداية لن يتركه قبل أن يأخذ بثأر والده مهما كلفه الثمن، سريعا رسم ابتسامة واسعة سعيدة على شفتيه، قام سريعا يعانق حمزة يتمتم في سعادة:
- مبروك يا بابا ألف مبروك الحمد لله ربنا سترها، مش اي حد يبقي حمزة السويسي بردوا ولا ايه يا دون.
ضحك حمزة بخفة يصدم ابنه بخفة على رأسه، ينظر له مفتخرا به، استأذن بعدها أدهم ليغادر متحججا أنه يرغب في الاحتفال، توجه حمزة إلى هاتفه يحادث بدور، لتعصف الصدمة كيانه حين سمع جملتها الأولي، أراد فقط أن يتأكد من أنه لا يحلم فعاد يسألها مجددا عله فقط يهيئ له لتؤكد ما تقول، اليوم يوم سعده على الارجح الصفقة صباحا والآن بدور وافقت...
على صعيد ساخن حار يغلي، خرج أدهم من غرفة حمزة يكاد يتميز من الغيظ، ضاع الفخ سدي منذ أيام وهو يعد عدته للضربة القاضية، لتقضي عليه هو، توجه إلى غرفته ليمر في طريقه على غرفة مايا، سمع من خلال بابها الشبه مغلق صوتها تتحدث مع أحدهم في الهاتف ليقف يرهف السمع فسمعها تقول:.
- ايوة والله يا رعد، أدهم اعترفلي أنه بيحبني، وأنا كمان قولتله، فاضل بس يقول لبابا، مش عارفة امتي بصراحة، حقيقي شكرا يا رعد، وبجد أنت تستاهل انسانة تحبك حب الدنيا دي كلها، ماشي مع السلامة
اغلقت معه الخط، ليدفع هو الباب بخفة دخل إلى الغرفة يوصد الباب خلفه بالمفتاح، ابتسمت هي لتقف من فراشه توجهت اليه تردف فرحة:
- أدهم وحشتني، مبروك صحيح عرفت انكوا كسبتوا صفقة كبيرة...
رسم ابتسامة زائفة على شفتيه يحرك رأسه إيجابا ليتوجه إلى فراشها ارتمي بجسده عليه نظر لها يردف مبتسما:
- كنتي بتكلمي رعد ليه
ارتسمت على شفتيها ابتسامة رقيقة لتجلس أمامه تحادثه:
- رعد عمره ما حبني ولا أنا حبيته يا أدهم، رعد عارف اني بحبك انت، وهو اللي قالي اصارحك وما امشيش ورا نصايح صاحبتي اللي هتوديني في داهية دي
توسعت بسمته الخبيثة ليعتدل في جلسته مد يده يمسح على وجنتها بكفه بلطف يردف:.
- دا على كدة لازم اتصل اشكره واعتذره على الضرب اللي ضربهولي دا
ضحكت بخفة تعيد خصلاتها الثائرة خلف أذنيها، لتتوتر ابتسامتها حين شعرت به يقترب منها للغاية يسحق الخطوط الحمراء الفاصلة بينهما، ابتلعت لعابها مرتبكة تشعر به يحط يده على خصرها لتنتفض تعد تلقائيا للخلف تردف متوترة:
- ففي اي يا أدهم، أنت بتقرب كدة ليه
عاد يقترب من جديد يبتسم في خبث اخافها، ليهسهس في خبث ناعم:.
- وحشتيني يا مايا وحشتيني اوي، عايز اخدك في حضني، ابقي ملكك وانتي ملكي، نبقي كيان واحد
توسعت عينيها في دهشة ما أن فهمت ما يرمي إليه أدهم بكلامه لتنتفض بعيدا عن الفراش عادت بظهرها للخلف تنظر له في فزع:
- أنت بتهزر يا أدهم ايه اللي أنت بتقوله دا، أنا بحبك آه، وبحبك اوي كمان، بس مستحيل اوافق على اللي أنت عايزه دا، دا بابا ممكن يموت فيها لو عرف اني عملت كدة.
شد على أسنانه يغتاظ قلبه يطرق بعنف كأنه يعاقبه يرفض كل ما يفعل ولكن عقله شيطانيه هي فقط من تحركه ناحية الهاوية، قام يتجه ناحيتها ليسمعا معا صوت حمزة يصدح من الاسفل ينادي عليهم، نظرت مايا له نظرة طويلة حزينة لتلتفت وتغادر، بينما وقف أدهم مكانه يتوعد له:
- وربي لاحسرك عليها يا حمزة يا سويسي زي ما حسرتني على ابويا
قالها ليصدم صدره موقع قلبه بعنف يردد بصوت حاد غاضب:.
- وأنت أخرس بقي، فرحان أنه كسب الصفقة يا مهزق، لاء يعني لاء هاخد حقي يعني هاخده!
وصل إلى العنوان المطلوب الطريق بالفعل كان طويل، ولكنه في النهاية وصل إليه، اوقف السيارة بعيدا عن ذلك المبني القديم المهجور، ليكمل طريقه في حذر سيرا على الاقدام اخرج سلاحه يشد أجزائه ليكن في وضع الاطلاق في اي لحظة، بخطي خفيفة وصل إلى الباب اطل برأسه من الباب ليشعر بحركة من الداخل، اشهر سلاحه أمامه يدخل من الباب، ليتنهد ساخرا ينزل سلاحه ارضا ينظر لذلك الواقف يتمتم متهكما:
- هو أنت!
التفت زيدان يستند على عكازه نظر لخالد للحظات يبتسم ساخرا ليشير إلى حائط كبير فارغ كتب عليه بخط أحمر عريض جملة بعرض الحائط بالكامل
( The game is not over yet)
اللعبة لم تنتهي بعد!
اقترب خالد من الحائط ينظر لتلك الكلمات ليمد يده يتحسس ذلك الطلاء ليشعر به لزج حديث، قبل أن ينطق بكلمة نطق زيدان متهكما:
- الكلام لسه مكتوب جديد البويا لسه طرية...
معني كدة أن اللي عمل كدة قصد أنه يعرف حامد مكان المخزن عشان عارف اننا هنلاقيه ويجينا هنا عشان يوصلنا الرسالة دي، دا احنا بنلعب مع مافيا بقي
كور خالد قبضته ليصدم الحائط بعنف، تحرك هنا وهناك بسرعة عله يعثر على دليل آخر بينما وقف زيدان مكانه عقد ذراعيه أمام صدره، يردف ساخرا:
- ما تتعبش نفسك أنا هنا بقالي ساعة ما فيش اي حاجة تدل على اللي كانوا موجودين هنا.
زمجر خالد غاضبا ليلتفت بجسده ناحية زيدان دون سابق إنذار كان يلكمه بعنف في وجهه ارتد زيدان للخلف ينظر لخالد غاضبا يردف حانقا:
- عايز تطلب البنت في بيت الطاعة
اشتعلت عيني زيدان غضبا ليكور قبضته كاد أن يسقط بها على وجه خالد لتتعلق في الهواء شد على أسنانه يردف في غيظ:
- أنا مش عايز امد ايدي عليك
طحن خالد اسنانه غاضبا ليدفع زيدان في صدره بعنف يردف ساخرا:
- لاء ياض مد ايدك عليا، ما أنت تربية زبالة.
ابتسم زيدان ساخرا يعقد ذراعيه يتمتم متهكما:
- والله دي تربيتك أنا مش جايب حاجة من برا
احتقنت الدماء في عيني خالد ليصدح صوته غاضبا:
- تصدق صح أنا اللي غلطان
رفع زيدان كتفيه لأعلي يتمتم في براءة زائفة:
- دي بقي تبقي مشكلتك مش مشكلتي، انت جاتلك الفرصة تربيني وما عرفتش...
رفع خالد حاجبه الأيسر ابتسم يردف متوعدا:.
- ومالوا يا حبيبي نعديها من اول وجديد احنا ورانا حاجة، قدامك نص ساعة وتبقي في الإدارة والا تعتبر نفسك متحول للتحقيق، هو كدة افتري، سلام
قالها ليخرج من ذلك المبني القديم، بينما ابتسم زيدان ساخرا متجها إلى سيارته...
مر ساعة على الأقل حين وصل خالد إلى الإدارة توجه مباشرة إلى مكتبه ما أن فتح بابه وجد زيدان يجلس على المقعد المقابل، نظر زيدان لخالد ما أن دخل ليعاود النظر في ساعته ابتسم يتمتم في براءة:
- اتأخرت ليه يا سيادة اللواء أنا هنا بقالي 38 دقيقة بالظبط، وتقدر تسألهم تحت
نظر خالد لزيدان في حدة لتتوسع ابتسامة الأخير، هب واقفا يؤدي له التحية يردف:
- اوامر معاليك يا افندم، تؤمرني بحاجة.
حرك خالد رأسه نفيا ليتحرك زيدان إلى الخارج ما أن اغلق الباب خلفه صدحت ضحكات خالد الساخرة، ظل يضحك حتى ادمعت عينيه ليردف متهكما:
- لاء تربيتي فعلا...
في غرفة لينا، جلست على فراشها بعد أن حطمت تقريبا كل ما يمكنها تحطيمه في غرفتها، جلست على فراشها تلهث بعنف، احتدت عينيها غاضبة لتلتقط هاتفها سريعا تفك الحظر عن رقم معاذ، تتصل هي به لحظات وسمعت صوته القلق يقول متلهفا:
- لينا أنتِ كويسة بحاول اتصل بيكي من بدري موبايلك مقفول
التقطت أنفاسها الهادرة تهتف في حدة:
- معاذ اسمعني، أنا عيزاك تسحبلي الملق بتاعي من كلية الطب، بليز يا معاذ من غير ليه.
سمعت يقول بترفق حاني:
- اكيد طبعا حاضر اللي تحبيه
صمتت للحظات تستعيد ثباتها لتردف بتلك الجملة:
- وعايزاك تتفق مع محامي كويس، عايزة ارفع قضية خلع على زيدان!...