رواية أسير عينيها الفصل الرابع عشر 14 والخامس عشر 15 الجزء الثاني بقلم دينا جمال


 رواية أسير عينيها

الفصل الرابع عشر 14 والخامس عشر 15 الجزء الثاني

بقلم دينا جمال

ذهبت لينا وهي تحمل الصغيرة فوجدت امرأة، اصابتها بالذعر، عجوز بشرتها سوداء مجعدة تتشتح بالسواد من رأسها الي اخمص قدميها، نظرة عينيها خبيثة ماكرة

لينا بصوت متردد: مممين حضرتك

نظرت تلك السيدة ناحية لوليتا الصغيرة نظرات خبيثة ماكرة لاحظتها لينا لتخفي الصغيرة في حضنها كأنها تحميها من تلك النظرات هتفت بحدة حينما لاحظت نظرات العجوز الماكرة: انتي مين يا ست انتي وعايزة ايه.


تحدثت العجوز بصوت اجش: أنا قبضة، الست أم إسلام عندك، خبطت عليها ما لقتش حد، وسمعت صوت البت بدور جاي من عندك، هي عندك مش كدة

هزت رأسها ايجابا بحيرة لتسمع صوت سعاد تهتف من خلفها بترحاب: اهلا أهلا يا قبضة خير يا حبيبتي

نظرت قبضة للينا توجه كلامها لسعاد: عيزاكي في موضوع مهم يا ست ام اسلام.


سعاد مبتسمة بود: حاضر يا اختي اتفضلي معايا، وجهت كلامها للينا، معلش يا حبيبتي هشوفها عايزة ايه وارجعلك لتصيح بصوت عالي، يلا يا بدور

لينا: خليها على ما حضرتك ترجعي

سعاد: ماشي يا حبيبتي مش هتأخر، يلا يا قبضة، اخذت سعاد قبضة ودخلت الي شقتها تاركة الباب مفتوح، بينما عادت لينا الي شقتها مرة اخري.


كانت بدور تلعب مع لينا والصغيرة عندما هبت فجاءة تصيح بحماس: عارفة يا ابلة بابا جابلي لعبة حلوة اوي امبارح ثواني اروح اجيبها ونلعب بيها انا ولويتا.


هزت لينا رأسها إيجابا بابتسامة واسعة فذهبت بدور مسرعة الي شقتها لأن، ذهبت الي غرفتها واحضرت تلك اللعبة الصغيرة مرت جوار غرفة الصالون التي تجلس فيها والدتها مع تلك السيدة لتسمع ما جعل الدماء يتجمد في عروقها خوفا، اتسعت عينيها بذعر، القت تلك اللعبة من يدها، لتفر هاربة من المنزل نزلت تركض على درجات سلم البيت ومن البيت للشارع لسوء الحظ كان إسلام داخل الورشة لم يراها ولحسن الحظ لمحها خالد وهي تركض، فهتف سريعا وهو يخرج من الورشة: إسلام خلي بالك من الورشة هروح اجيب سجاير.


إسلام من الداخل: حاضر يا باشا

هرول خلفها يحاول اللحاق بها ولكنها كانت تركض سريعا وكأنها تهرب من شئ خرجا من الشارع ومن الحي بأكمله وهو يحاول اللحاق بها، نادي عليها بصوت عالي: بدور

التفت خلفها بخوف لتجده هو لتبدأ بالركض مرة اخري ولكن هذه المرة كانت تركض تجاهه، احتضنت ساقه تبكي بخوف

هبط على ركبتيه بجانبها يربط على شعرها برفق هتف بحنو: مالك يا حبيبتي بتعيطي ليه وكنتي بتجري ليه كدة.


ظلت تبكي وتشهق في بكاء حارق، مسح دموعها يربط على ظهرها برفق: اهدي يا بدور مالك يا حبيبتي حد زعلك

ردت من بين شهقاتها: ماما، ماما، عايزة

تدبحني

قطب جبينه باستفهام مما تقول ليهتف بمرح: هتلاقيكي عملتي شقاوة، يا حبيبتي ماما بتهزر معاكي مش هتدبحك ولا حاجة

هزت رأسها نفيا بعنف تحدث بصوت باكي: لاء هتدبحني، هتوديني للست العجوزة، عشان تدبحني، نهلة صاحبتي في المدرسة، مامتها، ودتها للست العجوزة ودبحتها وماتت.


امسك كتفيها ببعض الحزم يهتف بجد: بدور براحة وفهميني عشان مش فاهم منك حاجة

بدأت تقص عليه ما سمعت لتشخص عينيه بذهول، لا يصدق ما يسمعه حقا، ابتسم برفق ليطمئها

خالد مبتسما: ما تخافيش يا بدور ما تخافيش يا حبيبتي، بابا مش هيسمح لحد يإذيكي ابدا، تعالي معايا

سألته ببراءة: هنروح فين

قرص خدها الممتلئ برفق: عند ابلة لينا

هتفت بذعر تلوح بيدها رفضا: لا لا ماما هتشوفني وتاخدني عشان الست تدبحني.


ربت على شعرها بحنان: ما تخافيش يا حبيبتي ما حدش هيعرف انك هناك والا اقولك تعالي هوديكي مكان حلو هيعجبك اوي

امسك يدها متجها بها الي احدي حدائق الأطفال لتتناسي خوفها.


رجوعا الي الحارة انهت سعاد محادثتها مع تلك السيدة لتعود لشقة لينا

لتسألها لينا بابتسامة صغيرة: اومال فين بدور

سعاد: هي مش هنا

لينا: لاء، قالتلي انها هتروح تجيب لعبة من عندكوا وترجع وما جتش

سعاد: ، طب استني اخش اشوفها.


دلفت سعاد الي شقتها مرة اخري فوجدت تلك اللعبة ملقاة ارضا التقطها لتصيح بصوت عالي تنادي على ابنتها: بدور بت يا بدور بدور انتي يا بت يا بدور من غرفة لاخري تبحث وتنادي لتشهق بخوف لطمت بيدها على صدرها: يالهوي البت راحت فين

عادت مهرولة الي لينا تهتف بفزع: بدور مش في الشقة

قطبت لينا حاجبيها بقلق: اومال راحت فين

جلست سعاد ارضا تنوح وتبكي: بنتي، بنتي راحت فين، روحتي فين يا بدور.


هتفت سريعا لتهدأها: يمكن نزلت لخالد واسلام الورشة

امسكت سعاد هاتفها واتصلت بإسلام

سعاد باكية: ايوة يا اسلام

إسلام بقلق: مالك يا امي بتعيطي ليه

سعاد باكية: بدور عندك تحت

ردد بدهشة: بدور، لاء مش عندي

صاحت باكية: بدور ضاعت يا اسلام، بدور مش لاقيها، بنتي انا عايزة بنتي

هتف إسلام بفزغ: يعني ايه ضاعت هي مش كانت في الشقة، انا ما شوفتهاش نازلة

سعاد باكية: انا عايزة بنتي يا إسلام رجعلي بنتي، كلم ابوك ودورا عليها.


اسلام سريعا: حاضر، حاضر ما تقلقيش ان شاء الله هلاقيها بس دوري عليها عندك كويس يمكن عاملة مقلب ومستخبية

اغلق إسلام الخط ترك الورشة راكضا الي دكان أبيه

هتف بنبرة سريعة متلهفة، يتنفس بصعوبة من الركض: الحق يا حج مش لاقيين بدور

انقبض قلب طه قلقا يهتف بفزع: يعني ايه مش لاقينها

قص اسلام عليه ما قالته له والدته

انطلق كل منهم يبحث في اتجاه.


بينما وفي الاعلي كانت سعاد تقلب البيت على بدور كأنها فأر صغير، حتى انها كانت تبحث في ادارج الدولايب الصغيرة عنها

امسكت لينا هاتفها واتصلت بخالد تستنجد به

لينا بلهفة: الو، ايوة يا خالد الحقنا بدور مش لاقينها

هتف بهدو: حد جنبك

تعجبت من سؤاله نظرت حولها فلم تجد احدا: لاء ما فيش

خالد: ما تخافيش بدور معايا

لينا بلهفة: معاك، معاك ازاي وانتوا فين وهي اصلا خرجت ازاي واسلام ما شفهاش.


خالد: هحكيلك كل حاجة لما اجي، اهم حاجه دلوقتي، مش عايز اي حد يعرف ان بدور معايا

سألته بتعحب: ليه

خالد: هفهمك كل حاجة لما اجي، ما تنسيش يا لينا ما تقوليش لحد

لينا: حاضر، حاضر مع السلامة

خالد: سلام

اغلقت الخط تتنهد بارتياح عندما علمت ان الصغيرة مع خالد ولكنها تعجبت بشدة لما رفض أن تخبرهم بانها معه

لينا في نفسها: ، انا مش فاهمة حاجة خالص ااااه من دماغك يا ابن السويسي هتجنني، بس الحمد لله ان بدور بخير.


ظلت سعاد تصرخ وتنوح وتبكي وهي تنادي على بدور وبجانبها رحمة تواسيها وقفت لينا بعيدا تنظر لها بشفقة بصعوبة سيطرت على فمها حتى لا تخبرهم، تعرفه جيدا لا تخفي شيئا الا لأمر هام وخطير

هتفت في نفسها: يااارب ترجع على طول يا خالد

حل الليل دون جديد ودون أثر للصغيرة بدور

اتصل خالد بإسلام

خالد بقلق: أيوة يا اسلام، لقيتوا بدور، لينا اتصلت بيا وقالتلي أنها تاهت.


تنهد بتعب: لاء يا باشا لسه انا هتجنن عليها عارف هي راحت فين ولا عاملة ايه

نظر خالد لبدور الصغيرة التي تقفز وهي ممسكة بيده، تأكل المثلجات بسعادة

خالد: إن شاء الله هي كويسة ما تخافش، انا هتصل بواحد زميلي في الداخلية اخليه يساعدكوا

اسلام بلهفة: يا ريت يا باشا، هيبقي جميل في رقبتي هشيلهولك العمر كله

خالد: ما تقولش كدة يا ابني، أنت زي اخويا، وبدور زي بنتي، صحيح انت فين.


اسلام: انا بدور في المستشفيات، وابويا بيدور في الأقسام

خالد: لو عرفت اي جديد طمني

إسلام: حاضر يا باشا، مع السلامة

اغلق خالد الخط، نظر لبدور حينما قالت بنعاس: بابا خالد انا تعبت وعايزة انام

ابتسم يربط على شعرها برفق: حاضر يا حبيبتي هنروح دلوقتي

اتصل بلينا فأجابت سريعا

لينا بلهفة: ايوة يا خالد انت ما جتش لحد دلوقتي ليه وفين بدور

خالد ضاحكا: يا بنتي اخلصي من شخصية وكيل النيابة دي بقي.


هتفت بضيق: انت كمان بتهزر يا خالد، طنط سعاد هتموت من القلق على بدور

خالد: هي عندك

لينا: لاء راحت شقتها من شوية

خالد: طب انا قدامي عشر دقايق وابقي عندك افتحي باب الشقة من غير ما تنطقي ولا كلمة

هتفت سريعا: حاضر، حاضر بس ما تتأخرش

اغلقت الخط متجهه ناحية باب المنزل فتحت جزء صغير منه

لتجده يدخل في لحظات يغلق الباب خلفه سريعا، أسرعت تضم الصغيرة تهتف بعتاب: كدة يا بدور، كدة تقلقينا عليكي.


هتف بحزم: خدي بدور تنام يا لينا، هي تعبانة وعايزة تنام، وما تسأليهاش عن حاجة

هزت رأسها إيجابا، امسكت بيد الصغيرة

دخلت الي غرفتها جلست بجانبها الي ان نامت فانسحبت بهدوء وخرجت من الغرفة وجدته جالسا على الاريكة يدخن احدي سجائره وينظر امامه بشرود

لينا بهدوء: خالد

رفع نظره نظراته جامدة هادئة، ألقي السيجارة يسحقها تحت حذائه، اشار لها أن تذهب وتجلس بجانبه، فعلت ما طلب، هتف بهدوء: هفهمك كل حاجة.


نظرت له باهتمام وهو يخبرها ما قالته له بدور لتشخص عينيها بخوف وضعت يدها على فمها لتمنع شهقتها الفزعة من الخروج: مش معقول طنط سعاد تعمل كدة في بدور، لاء طبعا مش معقول

خالد: الست الي جاتلها هي السبب

لينا: الست دي شكلها مرعب، وكانت بتبص لوليتا بصات تخوف.


هب يهتق بحدة: وحياة امها لاندمها على اللحظة اللي بصت فيها لبنتي، الست دي نهايتها على ايدي هي الي بتزرع في دماغك الستات الافكار القذرة دي وعشان الستات الي عايشين هنا غلابة بيصدقوها

أمسكت بذراعه تهدئه: طب احنا مش هنقول لمامتها انها هنا

خالد: لاء، لما اتكلم مع اسلام وعم طه الأول

لينا: ماشي يا حبيبي، مش هتيجي تنام

خالد: روحي انتي نامي جنب بدور وأنا هنام هنا، تصبحي على خير

لينا: وأنت من اهله.


دخلت الى غرفتها، جلست بجانب بدور تمسد على شعرها بحنان، اشفقت عليها مما سمعت وحدث لصديقتها، لتجد فجاءة جسد الصغيرة يتنفض بشهقات باكية وهي نائمة: لاء، لاء الحقني يا بابا هتدبحني، هتدبحني

انتفضت لينا تهدئها سريعا: بدور حبيبتي، اهدي يا حبيبتي دا كابوس

اخذتها بين ذراعيه بحنان تمسد على شعرها، سمعت دق على باب الغرفة

خالد: لينا، ممكن ادخل

لينا: تعالا يا خالد.


فتح الباب ودخل متجها ناحيتهم فخرجت بدور من حضن لينا وارتمت بين ذراعيه

بدور باكية: بابا خالد، مش تخليهم يدبحوني

خالد: ما تخافيش يا حبيبتي، ما حدش هيقدر يلمس شعرة منك وانا موجود، ما تخافيش يا حبيبتي، ما تخافيش يا سما!

بابا مش هيخليهم ياخدوكي مني تاني

شخصت عينيها بذهول، هل يظن ان بدور هي ابنته سما المتوفية.


ظلت بدور بحضن خالد الي ان نامت فوضعها برفق على الفراش وضع عليها الغطاء وخرج من الغرفة وسط ذهول لينا وصدمتها

تأكدت لينا ان بدور نائمة فخرجت من الغرفة تبحث عنه فوجدته يقف في الشرفة يدخن السجائر، كادت ان تدخل عندما تذكرت تحذيراته الصارمة بشأن خروجها للشرفة فوقفت خارجا

لينا: احم، خالد

لف رأسه اليها، ثم عاد ونظر امامه يتفحص الشارع والبيوت حوله بعينيه ليقول

خالد: ادخلي يا لينا ما فيش حد في الشارع.


دخلت ووقفت بجانبه تنظر إلى الشارع الفارغ من المارة، وتلك الورشة المقابلة لهم وهي مغلقة، وجهت نظرها لخالد الذي يقف هادئا يدخن سيجارته

لينا: مش انت قولتي انك هتبطل السجاير

خالد: بعدين، انا مخنوق ومحتاج حاجة اخرج فيها غضبي وهنا ما فيش بوكس ( ملاكمة)

اخذت نفس عميق تستعد لما ستقول: خالد، بدور مش

خالد مقاطعا: بدور مش سما، انا لسه ما اتجننتش

تلعثمت بارتباك: اصلك انت يعني.


خالد مقاطعا: قولتلها يا سما عارف، انا ما قدرتش احمي سما يا لينا، لو كانت سما عايشة كانت بقت قد بدور دلوقتي، كان نفسي اخدها في حضني وهي عايشة كان نفسي أسمعها بتقولي بابا

فرت دمعه هاربة من عينيه مسحها سريعا يهتف بحرقة: عارفة، كل ما افتكر ان الكلاب دول عروا جسم بنتي دبحوها نار بتجلد كل حتة فيا.


ربطت على كتفه بحنان: خالد، ما تحملش نفسك فوق طاقتها انت ما كنتش تعرف اصلا أن عندك بنت، الغلط مش عليك الغلط على رحاب عشان ما قالتلكش

هتف بحدة: لاء انا الغلطان، انا ما اعرفتش احميها، طفلة عندها سبع سنين اتخطفت واتدبحت وسرقوا أعضائها، انتي متخيلاها وهي بتصرخ وهي بتعيط متخيلاها وهما بيقطعوا هدومها وبيعروا جسمها، انتي عمرك ما هتحسي بالنار الي جوايا

تركها وخرج من الشرفة جلس على الأريكة يخفي وجهه بين كفيه.


ذهبت خلفه جلست على ركبتيها بجانبه ارضا هتفت برفق: فاكر يا خالد لما قولتي انتي مش بس مراتي، انتي حتة مني صدقني يا خالد انا حاسة بالنار اللي جواك، بس الي أنت بتعمله في نفسك دا مش هيرجع الي راح

سما في مكان أحسن بكتير من الدنيا دي

سما في مكان ما فيهوش خوف ولا ألم ولا حزن

رفع وجهه لها فرأت تلك الدموع الحبيسة بعينيه، مدت يدها تمسك بكف يده تقبلها.


لينا بحنان: عشان خاطري بلاش الدموع دي أنت قولت قبل كدة مش خالد السويسي الي يعيط، عشان خاطري ما تعملش في نفسك كدة

هبط امامها يلقي برأسه بين ذراعيه يضمها بشدة شعرت ان عظاهما تكاد تتفتت من عناقه الساحق ولكنها تحملت ولم تنطق

خالد بألم: اوعي تسبيني يا لينا، اوعي في يوم تفكري تسبني حتى لو انا قولتلك كدة، انتي الحاجة الوحيدة الحلوة الي في حياتي

هتفت بحنان وهي تمسد على شعره: عمري ابدا ابدا ما هسيبك يا خالد.


ارتفع أذان الفجر في الجامع القريب من البيت

لينا مبتسمة: الفجر بيأذن ايه رأيك نصلي جماعة

ابتعد قليلا عنها يقبل جبينها بامتنان: ربنا يخليكي ليا، يلا قومي اتوضي

هزت رأسها إيجابا، قامت متجهه الي المرحاض، توضأت وارتدت اسدال أزرق بلون عينيها

خرجت له وجدته انتهي من الوضوء ويقف في الغرفة يفرد سجادة الصلاة

همست بخفوت: احم، انا خلصت.


رفع عينيه ينظر لها مطولا صدقا لم يستطع أن يحيد بعينيه عن هالة البراءة التي طغت المكان وجد لسانه يتحرك يهتف بعشق

وقف البدر متفاخرا قال من يضاهيني جمالا أنا المنير في ظلام الليل لا جمال بعد جمال نورِ فلما رائكي رجع خائبا وقال هي بدر البدورِ

اخفضت عينيها خجلا وجنتيها على وشك الانفجار من الخجل همست بخجل: ممكن تبطل تكسفني بقي

هتف بحالمية: ابعدي سحر عينيكي عني وأنا أبطل اكسفك.


همست بغيظ من الخجل: يوووه بقي ما فيش فايدة فيك

خالد ضاحكا: خلاص خلاص، يلا عشان نصلي

وقف اِمامًا لها، بدأ يصلي وهي خلفه، إلي أن انتهوا

همست بسعادة: تقبل الله

ابتسم برفق: منا ومنكم، ايه رأيك لما المشكلة دي تخلص نطلع نعمل عمرة نبدأ من جديد

لينا بسعادة: بجد

هز رأسه إيجابا يؤكد كلامه: بجد يا حبيبتي ايه رايك

هتفت بسعادة: موافقة جدا جدا جدا جدا.


خالد مبتسما: تتحل المشكلة دي وترجعلي فلوسي وهنطلع نعمل عمرة على طول، يلا بقي روحي نامي شوية

لينا مبتسمة: حاضر تصبح على خير

خالد مبتسما: وأنتي من اهله

ذهبت الى غرفتها خلعت اسدالها، استلقت بجانب بدور تبتسم بسعادة اغمضت عينيها لتنام لتعاود فتحهما سريعا هبت من على الفراش متجهه ناحية حقيبتها الكبيرة واخذت ذلك المعطف الكبير، ذهبت ناحية الفراش واخذت احدي الوسادات وغطاء، حملتهم بصعوبة وخرجت له.


فوجدته ممدا على الارض يضع ذراعه تحت رأسه، كانت تعرف انه لن يستطيع النوم على الاريكة فهي صغيرة جدا عليه

لينا: احم، خالد

فتح عينيه ينظر لها باستفهام: ايه الي انتي جيباه دا

لينا: اكيد مش هسيبك تنام على الأرض خد مني الحاجة دي لو سمحت عشان تقيلة

اقام والتقط منها الغطاء والوسادة بينما اخذت المعطف وفردته على الارض

واخذت منه الوسادة ووضعتها عليه ثم وضعت الغطاء عليه

لينا مبتسمة: يلا تصبح على خير.


خالد: استني يا لينا مش دا البالطو الفرو بتاعك الي انتي بتحبيه، دا انتي ما بتخليش حد يلمسه، ازاي تفرشيه على الأرض

اقتربت منه تشب على أطراف أصابعها همس بخجل: انا بحبك أنت اكتر من اي حاجة في

الدنيا، لتقبله على خده وتفر هاربة الي غرفتها

خالد ضاحكا: بحبك يا مجنونة

في صباح اليوم التالي

استيقظت بدور، قامت تنظر حولها باستغراب فوجدت لينا نائمة بجانبها

بدور: ابلة لينا، ابلة لينا.


فتحت عينيها تبتسم بنعاس: صباح النور يا بدور

بدور مبتسمة ببراءة: صباح الخير، فين بابا خالد

نظرت لينا الي الساعة فوجدتها لا تزال الثامنة

لينا: بابا خالد، نايم برا تعالي يلا نروح نصحيه

خرجت لينا وبدور من الغرفة فوجدتا خالد نائم على الأرض تقدمت لينا منه بهدوء وجلست بجانبه وامسكت خصلة من شعرها تداعب بها انفه، كانت تظن انه نائم ولكنها وجدت نفسها فجاءة تجذب بشدة فسقطت بين ذراعيه.


فتح خالد عينيه وابتسم بمكر: تعالي بقي

اتسعت عينيها بفزع: خااالللد مممما ينفعش

اقترب منها حتى كاد ان، حينما سمع صوت يهتف بحدة من خلفه: كدة عيب يا بابا

انتفض خالد فزعا يبعد لنا عنه

خالد مبتسما بتوتر: احم، بدور حبيبتي عاملة ايه نمتي كويس

ذهبت بدور اليه وهي عاقدة ذراعيها امام صدرها تهتف بحزم: عيب يا بابا ولد يبوس بنت، ماما قالتلي كدة عيب

اخفض رأسه بندم مصطنع: أنا آسف يا بدور مش هعمل كدة تاني.


قاطعهم صوت طرقات على الباب

خالد بجد: لينا خدي بدور وخشي الاوضة

هزت رأسها إيجابا واخذت بدور ودخلت غرفتها

بينما ذهب خالد وفتح الباب ليجد اسلام يقف حالته رثة عيناه حمراء من قلة النوم تجمعت الهالات السوداء تحتها تبدو ملامحه في قمة الارهاق والتعب

اسلام بتعب: صباح الخير يا باشا انا اسف اني صحيتك بدري، انا بس كنت عايز اسأل حضرتك عن صاحبك الي قولتي عليه عرف اي معلومة عن بدور.


خالد: ادخل يا اسلام انا عارف بدور فين

وكأن الحياة عادت له بتلك الجملة نظر الي خالد بلهفة: عارف، طب هي فين، كويسة هي كويسة

خالد: هي بخير ما تقلقش المهم هات الحاج طه وتعالالي على هنا من غير ما تقول ولا كلمة لو عايز بدور ترجع

إسلام سريعا: حاضر، حاضر

دلف خالد الي المنزل وترك الباب مفتوحا دقائق ودخل طه بلهفة

طه بلهفة: خير يا ابني اسلام بيقولي ان عندك اخبار كويسة

خالد: اقعد يا حاج وهفهمك كل حاجة.


جلس طه على احد الاريكتين بجانبه إسلام وجلس خالد على الاريكة المقابلة لهم

خالد: هي الست ام اسلام عاملة ايه دلوقتي

اسلام: ما نمتش طول الليل وعمالة تعيط

خالد: ليه

كان سؤال غريب مفاجئ نظرا له بدهشة فوجداه ينظر لهما بهدوء ينتظر الإجابة

طه: عشان بنتها عارف يعني ايه بنتها ضاعت ومش عارفة هي كويسة ولا لاء عايشة ولا لاء

ام اسلام بتحب بدور أكتر من نفسها

خالد: طالما بتحبها اوي كدة ليه كانت عايزة تسلمها للموت.


طه بدهشة: موت، موت ايه الي انت بتقول دا، الكلام دا مستحيل

خالد: بص يا عم طه من غير كلام كتير، الست سعاد والدة بدور كانت عايزة تعمل عملية ختان لبدور.تبع

رواية أسير عينيها الجزء الثاني (جنون عاشق) للكاتبة دينا جمال الفصل الخامس عشر


خالد: بص يا عم طه من غير كلام كتير، الست سعاد والدة بدور كانت عايزة تعمل عملية ختان لبدور

جحظت عيني إسلام وطه ينظران لبعضهما بذهول، صدمة، فزع، تحدث إسلام بصدمة: مستحيل طبعا ان امي تعمل حاجة زي كدا في بدور

نظر طه لخالد يهتف بجد: الست إلى اسمها قبضة هي السبب صح

نظر إسلام لوالده بذهول: بابا انت عارف.


هز طه رأسه إيجابا بهدوء: الست دي جات ليها كام مرة قبل كدة تقنعها بالعملة السودا دي، طبعا عشان الفلوس، فامك قالتلي ساعتها انا اقسمت انها لو عملت كدة هطلقها، نظر ناحية خالد يهتف باستفهام: بس انت عرفت الكلام دا ازاي

خالد: من بدور نفسها، بدور يا بدور تعالي يا حبيبتي

تقدمت بدور بخطي مترددة من الغرفة.


ما ان وقعت عيني إسلام عليها حتى ركض ناحيتها ونزل امامها يعانقها بقوة، تنهد بألم يهتف براحة: الحمد لله، الحمد لله يا رب انك بخير، كدة يا بدور تعملي في سيمو كدة، دا انا كنت هموت من الخوف عليكي

بكت في صدره بخوف: سيمو، ماما والست الوحشة هيدبحوا بدور

هز رأسه نفيا بعنف: ابدا يا حبيبتي، سيمو مش هيخلي حد يأذي بدور ابدا

رفعت بدور رأسها عن صدره تبتسم ببراءة: بجد يا سيمو.


ابتسم يداعب خصلات شعرها بحنان: بجد يا حبيبتي، يلا روحي لبابا

فتح طه ذراعيه فارتمت بدور في صدره

طه: كدة يا بدور، انا زعلان منك

بدور باكية: بابا انا كنت خايفة اوي

طه: ما تخافيش يا حبيبتي بابا مش هيخلي حد ابدا يخوف بدور، رفع نظره لخالد

صحيح انت لاقيتها فين يا ابني

قص عليه خالد ما حدث بالأمس

سأله إسلام بتعجب: طب ليه لما اتصلت بحضرتك قولت ما تعرفش هي فين.


خالد: كنتوا عايزكوا تجربوا احساس يعني تضيع منك بنتك ومتبقاش عارف هتشوفها تاني ولا لاء، مش دا بالظبط إلى والدتك عايزة تعملوا فيها، معظم إلى بيخضعوا للعملية دي بيكون نهايتهم الموت، ارجو ان تفهم والدتك الكلام دا

اسلام: اكيد طبعا، يلا تعالي معايا يا بدور

خالد: لاء خلي بدور هنا، ويلا بينا احنا ننزل اعتقد ان لينا عايزة تتكلم مع والدتك شوية.


وافق الجميع على اقتراحه، خرج طه وإسلام وذهبا إلى منزلهم بينما، دخل خالد إلى غرفة لينا

خالد: حبيبتي انا نازل الورشة، وام اسلام هتيجلك دلوقتي انتي عارفة طبعا انتي هتقوليلها ايه

هزت رأسها إيجابا بتفهم، فقبل جبينها بدل ملابسه ونزل سريعا.


في شقة اسلام

دخل طه يصيح بغضب: سعاد انتي يا هانم

اسلام: أهدأ بس يا بابا

هرولت سعاد اليهم تهتف بلهفة باكية: ها يا طه لقيتوا بدور

نظر لها طه بقسوة ملامحه متجهمة غاضبة هتف بحدة: قبضة كانت بتعمل ايه هنا يا سعاد

بلعت ريقها بذعر تهتف بتلجلج: هاااا، مااا فيش.


قبض على مرفقها يهتف بحدة: انت ليه مصرة تضيعي بدور منك، بدور سمعتك وانتي بتتفقي مع قابضة عشان تدبحوها من ورايا عشان كدة هربت من الخوف، تفتكري بنتك هترجع تثق فيكي تاني

لطمت خديها تصيح باكية: هي السبب منها لله فضلت تزن على وداني، وتقولي كدة بتحميها وتحافظي عليها، وولاد الحرام مش هيسبوها في حالها.


رمقها بازدراء يصيح بحدة: فانتي ببساطة قررتي تدبحي براءة بنتك عشان كلام مالوش لازمة، التربية الصح هي إلى هتحافظ على بدور لما تفهميها ايه الحلال اللي ربنا هيجزيها عنه خير وايه الحرام اللي رينا هيعاقبها لو عملته، بدل ما تصاحبيها قررتي تقتليهت بدل تعرفيها امهات المؤمنين كانوا بيعملوا ايه، تحببيها في الحجاب والصلاة والقرب من ربنا لاء قررتي تضحي بيها عشان شوية افكار زبالة زرعتهم الولية اللي اسمها قبضة في دماغك.


اطرقت رأسها بخزي تنتحب ندما: انا اسفة يا طه والله ما هعمل حاجة، بس ابوس ايدك ورجلك رجعلي بنتي، رجعلي بنتي يا طه، وحياة اغلي حاجة عندك

تدخل اسلام يهتف سريعا حتى يخفف عن والدته: بدور عند خالد باشا، لولا انه شافها امبارح بالصدفة وهي خارجة من العمارة كان زمانها ضاعت

هرولت سعاد خارج شقتها تدق على باب الشقة المقابلة بلهفة.


فتحت رحمة سريعا فاندفعت سعاد للداخل تنادي على ابنتها بلهفة: بدور انتي فين يا بنتي، يا بدور، انتي فين يا قلب أمك

خرجت لينا وخلفها بدور المتشبثة بيدها، تنظر إلى والدتها بخوف

سعاد باكية: بدور يا قلب أمك تعالي يا بنتي في حضني

هزت بدور رأسها نفيا بخوف: لاء انتي هتوديني للست الشريرة إلى لابسه أسود

سعاد سريعا: لاء يا بنتي والله مش هوديكي لحد ما تخافيش.


هزت بدور رأسها نفيا مرة اخري رفعت نظرها للينا تتحدث بخوف: هو بابا خالد فين

بابا خالد اهو

التفتا لمصدر الصوت فوجودا خالد يدخل إلى المنزل

ابتسم باحراج: معلش ازعجتكوا بس اصلي نسيت الموبايل، لينا هتلاقيه على السرير

هزت لينا رأسها إيجابا ودخلت إلى الغرفة

وجه حديثه لبدور ابتسم برفق يصفق بيديه ببطئ: بدور اجري يلا على حضن ماما

ابتسمت له ببراءة لتركض تختبئ داخل صدر والدتها.


سعاد باكية: أنا آسفة يا بنتي والله مش هخلي حد يأذيكي ابدا ابدا

احضرت لينا الهاتف لخالد فأخذه ونزل وتركهم واغلق الباب خلفه

وقفت تنظر لهم بصمت بضع دقائق، قبل ان تحمحم بحرج

لينا مبتسمة: احم، حمد لله على سلامة بدور

رفعت سعاد وجهها اليها وقالت بابتسامة من بين دموعها: ربنا يخليكوا يا بنتي، انا مش عارفة اشكركوا ازاي لولا جوزك شافها بالصدفة كان زمانها ضاعت مني.


لينا مبتسمة: الحمد لله جت سليمة، ممكن نتكلم انا وحضرتك شوية، نادت بصوت عالي، دادة، يا دادة

جاءت رحمة اليها: ايوة يا بنتي

لينا مبتسمة: خدي يدور معلش تلعب مع لوليتا شوية

رحمة مبتسمة: تعالي يا ست بدور

ظلت لينا تنظر اليهم إلى ان ابتعدا للداخل فذهبت وجلست بجوار سعاد على الأريكة

لينا مبتسمة: طنط سعاد هو حضرتك عارفة انا بشتغل ايه

سعاد: لاء والله يا بنتي ما اعرف.


لينا مبتسمة: حضرتك، انا الدكتورة لينا الشريف معايا ماجيستير في الجراحة العامة

اتسعت عيني سعاد بدهشة: بسم الله ما شاء الله، يعني انتي دكتورة

لينا: ايوة يا افندم، فعشان كدة عايزة حضرتك تسمعيني

بدأت لينا تشرح لها اضرار تلك العملية، وما يتبعها بعد ذلك ان نجت الضحية من الموت من اضرار نفسية وجسدية بشعة

بعض، واخدين بالكوا من كلمة بعض، اضرار عملية الختان.


1. خلل بأحد أهم وظائف العضو التناسلى للفتاة، وهى الحماية من الميكروبات والجراثيم.

2. حجب إفرازات الغدد الدهنية والتى تعمل على حماية الجلد من ملامسته للبول والإفرازات الحمضية للمهبل.

3. حدوث نزيف للفتاة بعد عملية الختان قد يؤدى إلى وفاتهن إن لم يستطع أحد وقفه.

4. ألم شديد فى أدق منطقة حساسة بجسم الفتاة

5. حدوث تلوث وعدوى والتهابات حادة نتيجة الآلات غير المعقمة والمستخدمة فى العملية.


6. صدمة عصبية ونفسية لأن غالبية هذه العمليات تتم للفتيات وهى مستيقظة لا يستخدم فيها البنج.

7. القلق المستمر بسبب الفزع الذى تكون بداخلها وهناك فتيات يحلمن بهذا المشهد فيما بعد.

8. الخوف من الزواج نتيجة ما حدث لها أثناء العملية.

انصتت لها سعاد جيدا كانت تهز رأسها علامة على تفهما ما تقول

لطمت سعاد بيدها على صدرها بعدما انتهت لينا كلامها

سعاد بصدمة: يا نهار اسوح، معقولة كل دا بيحصل.


لينا: وأكتر من كدة كمان فياريت حضرتك تشيلي الفكرة دي خالص من دماغك لسببين الاول انا لسه شرحاه لحضرتك والتاني

أن خالد مش هيسمحلك تعملي كدة

خالد بيعتبر بدور بنته ومش هيسمحلك تأذيها ابدا

هزت رأسها نفيا سريعا: خلاص يا بنتي انا عمري ما اقصد آذي بنتي ابدا، بس الولية الحرباية دي هي السبب منها لله عارفة لو شوفتها تاني هديها بالي في رجلي

لينا: اكيد الست دي ساكنة بعيد عن المكان هنا صح.


سعاد: لاء ولا ساكنة بعيد ولا حاجة دي ساكنة على اخر الشارع قدام الجزار في بيت رقم، في الدور الارضي

ابتسمت لينا بهدوء قبل ان تتذكر كلام خالد.


Flash back

خالد: لينا، ام اسلام هتيجلك دلوقتي انتي عارفة انتي هتقوليلها ايه صح

هزت رأسها إيجابا بتفهم

خالد: صحيح عايزك تعرفي منها الست دي ساكنة فين

عقدت حاجبيها باستفهام: ليه يا خالد

خالد: هقولك بعدين، ما تنسيش اعرفي منها العنوان وابعتهولي في رسالة اول ما تعرفيه

لينا: حاضر

غمز بعبث: أحبك وأنت مطيع، بقولك ايه ما تجيبي واحدة مشبك

نظرت له بدهشة: انت عايز مشبك، هتلاقيه على الحبل دادة رحمة بتحطهم هناك.


خالد ضاحكا: ما شوفتش في هبلك انا مش عايز مشبك من دا

لينا: اومال ايه المشبك دا

خالد مبتسما بخبث: دا

بدور غاضبة: تاني يا بابا تاني، يا بابا عيب، عيب ولد يبوس بنت، عيب كل شوية اقولك عيب، عيب

هتف بدهشة: أنا آسف يا بدور، اعتبريني عيل وغلط

بدور غاضبة: بس انت مش عيل انت كبير وطويل، مامتك مش قالتلك عيب تبوس بنت

همس بصوت منخفض: البت دي جاية تربيني

خالد: لاء طبعا قالتلي ومش هعمل كدة تاني وهبقي شاطر واشرب اللبن.


اما لينا فكانت تقف تكبح ضحكاتها بصعوبة على هذا المشهد الكوميدي بين خالد وبدور

خالد: احم طب اخلع، بس لما ارجع هاخد المشبك بتاعي سلام

فاقت لينا من شرودها على صوت سعاد تنادي عليها

لينا: هااا

سعاد مبتسمة بخبث: اللي واخد عقلك

ابتسمت بارتباك: لاء ابدا ما فيش حاجة انا ثواني هعمل حاجة وجاية

اسرعت إلى غرفتها وامسكت هاتفها وكتبت العنوان في رسالة قبل ان تنساه وارسلته إلى رقم خالد الذي دونته

باسم

(حبيبي).


في الأسفل، شكر طه خالد كثيرا عليما فعل ثم تركه وذهب إلى دكانه

وبدأ خالد وإسلام عملهم إلى ان قاطعهم

محمد: سلام عليكم

خالد مبتسما: وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته، جاي في ميعادك مظبوط

محمد بقلق: قلقتني عليك افتكرت ان في حاجة حصلتلكوا لما قولتي تعالا ضروري، خير يا ابني انت كويس

خالد ضاحكا: ممكن تبطل دور أمي إلى انت متقمسة، شوية كدة هتقولي شاكلك خاسس

محمد ضاحكا: تصدق شكلك خاسس.


تعالت ضحكات الأخوين على سخافتهم المعتادة

محمد: والله وحشتني يا خالد

فتح خالد ذراعيه واردف بمرح: خش في لحم أخوك يا فواز

عانق الصديقان بعضهما بود، جلسا يتحدثان

محمد: خير يا خالد في ايه

خالد: هقولك

ثم بدأ يقص له كل ما حدث منذ ان رأي بدور تخرج من المنزل إلى ما حدث صباحا

محمد بصدمة: هما لسه بيفكروا بالعقلية المتخلفة دي.


خالد: أنت عارف ان احنا في حارة شعبية معظم الستات إلى فيها مش متعلمات والست دي بتلعب على نقطة الشرف إلى هو أغلي حاجة عند اي حد

محمد غاضبا: وحياة امها لوريها النجوم في عز الضهر، ما تعرفش اسمها ايه

خالد: اسمها قبضة

اتسعت عيني محمد بفزع: سلام قولا من رب رحيم دا اسم بني آدمه، طب انا هدور عليها لحد ما اعرف هي ساكنة فين

خالد: انت لسه هتدور يا اخويا العنوان معايا

محمد: طول عمرك برنس، جبته ازاي بقي.


خالد بثقة: مصادري الخاصة يا ابني، انا هبعتلك العنوان في رسالة ومش عايز اشوفها تاني تمام

محمد: ما تقلقش خالص

خالد: عايزها تخرج بزفة

محمد: ومزمار لو عايز وحياتك

خالد: كدة تمام، متشكر يا صاحبي

محمد مبتسما: على ايه يا ابني

خالد: هو لسه مسافر

محمد: آه والله العظيم يا خالد لسه، لما قولتي اتصل على سراج قلبت الدنيا عليه لحد ما عرفت أنه واخد اجازته السنوية ومسافر عند بنته في النمسا، هيجي امتي بقي مش عارف.


هز رأسه إيجابا بشرود ليستأذن محمد بعد قليل ذاهبا إلى عمله.


في الأعلي، بعدما أصبح كل شيء على ما يرام

جلسوا جميعا في منزل لينا يتناولون الإفطار

سعاد: صحيح، عارفة المستوصف إلى في آخر الشارع

هزت لينا رأسها نفيا

سعاد: ما علينا انا هبقي اوريهولك المهم يا ستي انا كنت في المستوصف دا من يومين كدة، احسن بعيد عنك ركبي نائحة عليا خالص، المهم يا ستي وانا هناك سمعت بالصدفة ان المستوصف ما فيهوش دكاترة وعايزين دكاترة يشتغلوا فيه

لينا: تمام بس انا ايه علاقتي بالموضوع دا.


سعاد: انتي مش دكتورة، روحي قدمي واكيد هيقبلوكي اهو تساعدي جوزك في المصاريف

نظرت لينا إلى رحمة لينفجرا في الضحك

حتي ادمعت عيني لينا

لينا ضاحكة: والله يا طنط حضرتك دمك خفيف خالص

سعاد بضيق: انت بتضحكي ليه، انا قولت حاجة تضحك

رحمة ضاحكة: انتي عايزة لينا، تروح تقول لخالد باشا انها عايزة تشتغل

مصت سعاد شفتيها بضيب: آه يا اختي وماله.


بصعوبة سيطرت لينا على نوبة ضحكها امسكت هاتفها وفتحت البومات الصور عليه واعطت الهاتف لوالده اسلام

لينا: شايفة المستشفى إلى قدامك دي

سعاد بدهشة: آه دي حاجة عليوي خالص

لينا: المستشفى دي بتاعتي

اتسعت عيني سعاد بصدمة: بتتاعتك بجد

لينا: آه بتاعتي، بابا لما رجعت من السفر كان بنهالي، كهدية وعشان ارجع واستقر هنا وما اسفرش تاني

سعاد: ودي بردوا اتقفلت

هزت لينا رأسها نفيا: لاء دي ملكي أنا.


سعاد: طب ما تشتغليش فيها ليه

لينا: من قبل ما ممتلكات خالد يتحجز عليها بكتير كنا على طول انت وهو بنتخانق بسبب موضوع شغلي، كان دايما رافض وبيقولي نفس الجملة، لما ما ابقاش قادر اصرف عليكي ابقي انزلي اشتغلي، فلو قولته دلوقتي اني عايزة ارجع اشتغل في المستشفى، هيحس ان انا بعيروا و لا بعجزوا فبلاش أحسن.


سعاد: طب ما المستوصف دا مالوش علاقة بالمستشفي، يعني هو لو هيضايق من شغلك في المستشفى خلاص قوليله على الشغل في المستوصف واهو جنبنا اهو، بردوا تخفي عنه حمل المصاريف شوية

عقدت حاجبيها تفكر: لما يجي من الورشة هقوله.


بعد عناء كبير في الورشة اخيرا انتهيا في العمل في مقابل القليل من المال، صعد خالد إلي شقته، ليقابل وجهها المبتسم

لينا مبتسمة: حمد لله على سلامتك يا حبيبي

خالد بابتسامة متعبة: الله يسلمك يا حبيبتي

تهاوي بجسده على الاريكة بتعب

لينا: شكلك تعبان اوي

ابتسم بارهاق: شوية

لينا: احم، انا كنت عايزة اتكلم معاك في موضوع مهم

خالد: قولي يا حبيبتي

لينا: بعد الغدا، يلا اكيد انت واقع من الجوع.


اخذت يده وجلسا على الطاولة، بدأت ترتب في عقلها الكلام الذي يجب ان تقوله له حتى يقتنع بفكرة نزولها للعمل، نظرت إلى رحمة لتهز الاخيرة رأسها نفيا من هذه الفكرة

انتهوا من الغدا فحملت لينا ورحمة الاطباق ووضعتها في حوض الغسيل صنعت له لخالد الشاي

وعادت فوجدته جالس يداعب الصغيرة

لينا مبتسمة: ايوة يا ست لوليتا، الدلع كله ليكي لوحدك، الشاي

خالد مبتسما: تسلم ايديكي

لينا: ممكن بقي تجيب ست لوليتا عشان تأكل.


اعطاها الصغيرة فأخذتها ودخلت إلى غرفتها واطعمتها وظلت تداعبها إلى ان نامت الصغيرة فوضعتها في مهدها، اخذت نفسا عميقا وخرجت إلى حيث يجلس خالد

خالد: لوليتا نامت

هزت رأسها إيجابا

خالد: تعالي

ذهبت وجلست بجانبه تفرك يديها بتوتر

خالد: مالك يا حبيبتي

همست بارتباك: خالد، انا أنا

خالد: انتي ايه

لينا: صحيح، انا سعيدة ان مشكلة بدور اتحلت

خالد مبتسما: وانا كمان.


لينا: عارف طنط سعاد ما كنتش تعرف ان انا دكتورة، عارف بقي لما عرفت اندهشت جدا

خالد مبتسما: وايه كمان

لينا: عارف بقي قالتلي ان في مستوصف على أخر الشارع هنا، وبالصدفة عرفت منه انه محتاج دكاترة

خالد مبتسما: طب واحنا مالنا

لينا بارتباك: بس من غير ما تزعل ولا تضايق انت يعني بتيجي من الشغل تعبان خالص بتشتغل كل يوم حتى يوم الجمعة

خالد مبتسما: التعب كله بيروح أول ما بشوف عنيكي الحلوة دي.


لينا: بس انا عارفة انك بتتعب اوي يا خالد، وانا عايزة اساعدك شوية، فايه رايك لو روحت اشتغلت في المستوصف دا

اختفت الابتسامة من على وجهه لتبلع ريقها بخوف همست بتلعثم: صدقني يا خالد أنا بس عايزة اساعدك، مش عايزة ابقي حمل عليك

مسح وجهه بكف يده حتى يتفادي نوبة الغضب التي على وشك الدخول فيها

خالد بجمود: لاء

امسكت يده برجاء: بليز يا خالد وافق

خالد بجمود: انا قولت لاء يعني لاء.


لينا بضيق: يوووه بقي يا خالد كل شوية لاء لاء، كل حاجة لاء نزول الشارع لاء، بص من الشباك لاء، فتح الباب لاء، حتى الشعل لاء انا زهقت من العيشة دي، انا مش أمينة يا سي السيد

هتف بحدة: صوتك ما يعلاش والآخر مرة يا لينا ما فيش شغل فاهمة ولا لاء

لينا غاضبة: لاء مش فاهمة

ثم تركته ودخلت إلى غرفتها غاضبة واغلقت الباب خلفها

خالد: استغفر الله العظيم يا رب

جاءت رحمة اليه من الداخل.


رحمة: براحة عليها يا ابني، هي والله مش قصدها حاجة هي بس عايزة تساعدك، والي كبرت الحكاية دي في دماغها بصراحة أم إسلام

هز رأسه إيجابا يزفر بضيق ثم تركها ودخل إلى غرفته فوجدها نائمة على الفراش وتخبئ وجهها تحت الوسادة

فابتسم على تلك الحركة التي كانت تفعلها وهي صغيرة عندما تغضب منه د ذهب واستقلي بجانبها يحتضنها فبدأت تتحرك بغضب لتخلص نفسها منه

ابتسم بمشاكسة: ما تحاوليش عشان مش هتقدري.


أزاح الوسادة من على رأسها

خالد مبتسما: البني آدمين الطبيعين بيناموا والمخدة تحت رأسهم مش فوقها

لينا غاضبة: قصدك ان انا مش طبيعية

خالد مبتسما: أحلي مجنونة شوفتها في عمري

كبحت ابتسامتها تهتف بغيظ

لينا: طب اوعي بقي عشان عايزة أنام

خالد: طب ما تنامي هو انا حوشتك

لينا بضيق: اوعي بقي، انا مش عايزة انام في حضنك

خالد: ماشي يا ستي

ابتعد عنها أولاها ظهره، اغمض عينيه يبتسم بخبث وبدأ يردد مع نفسه: 1، 2، 3

لينا: خالد.


اتسعت ابتسامته الخبيثة ولكنه اخفاها سريعا وتظاهر بالنوم

فبدأت لينا تهزه برفق: خالد، يا خالد اصحي خالد

خالد بنعاس: امممم، عايزة ايه

لينا بارتباك: هاااا، عايزة انام

خالد بنعاس: طب وانا مالي ما تنامي

لينا بضيق: يوووه بقي يا خالد عايزة انام في حضنك

التفت اليها يرفع حاجبه بمكر: لا يا شيخة مش انتي لسه قايلة مش عايزة انام في حضنك

اندثت بين ذراعيه وقالت ببراءة: انا قولت كدة مش فاكرة الحقيقة.


ضحك عاليا على طفلته المشاكسة

لينا: وطي صوتك لوليتا هتصحي

خالد بصوت منخفض: تصبحي على خير

لينا: وانت من اهله، خالد

خالد: امممم

لينا: ينفع انزل الشغل

خالد: لاء، يلا بقي نامي وبطلي فرك

لينا بصوت منخفض: رخم

في صباح اليوم التالي

تناول خالد افطاره ونزل إلى ورشته، ما أن نزلها حتى وجد سيارة شرطة كبيرة ( بوكس)

تقف على مدخل الحارة، نزل منها محمد ومن بعده بعض العساكر، اشار محمد بيده إلى خالد علامة التأكيد.


ثم اشار الى العساكر فصعدوا خلفه إلى الشقة المطلوبة والقوا القبض على تلك السيدة الملعونة

لينتهي كابوس الفتيات المرعب في المنطقة ولكن مع الأسف لازالت تلك الظاهرة موجودة في بعض المجتمعات حتى ولو بنسبة قليلة يذهب ضحياها العديد من الفتيات ذنبهن الوحيد انهن فتيات

رغم وجود الكثير من القوانين الصارمة التي تجرم تلك العادة الإجرامية....


  الفصل السادس عشر والسابع عشر من هنا 


لقراءة جميع حلقات الروايه الجزء الثاني من هنا


تعليقات