الفصل العشرون 20
بقلم سوما العربى
★★★ فصل كبير تعويض عن التأخير★★★
أخذها في أحضانه عنوة مردداً: أهدي و بطلي فرك خليني أحكي لك إلي حصل .
لكنها لم تطاوعه و حاولت الخروج من بين ذراعيه ، فثبتها من جديد و هو يسرد تفاصيل ما حدث منذ سنوات.
عودة بالزمن للخلف
كان يجلس في مكتبه كعادته يتابع سير العمل و يراجع ملفات البيع ، فدخل عليه بوقتها العم جميل و هو يضع وجهه أرضاً بصمت .
نظر له غانم و قال مستغرباً: إيه يا عم جميل مالك؟ واقف عندك كده ليه ما تقعد ؟
لكن زاد إستنكار غانم كثيراً فقبلما يتحدث جميل دلف كرم لعندهم فقال غانم : و كرم كمان هنا ؟ ده مش بيحب يقعد معايا في مكان واحد ، غريبة دي .
نظر جميل لإبنه الذي لم يتخلى وجهه عن ملامح السخط و الضيق رغم كل شيء.
صك أسنانه منه بغضب شديد للموقف الذي وضعه فيه و أضطر لأن يتوسل غانم قائلاً: في مشكلة حاصلة و كنا طمعانين فيك تدخل فيها تحلها.
زاد إستغراب غانم و قال : ما انت عارف يا عم جميل أنا عيني ليك .
حمحم جميل مرتبكاً ثم قال: بس المره دي يمكن الحكاية تضايقك حبتين .
غانم: تضايقني ؟! ليه ؟ هو ايه اللي حصل ؟
نظر جميل لابنه يسأله التحدث لكن كرم لم يفعل و بقا وجهه بالأرض فأضطر جميل أن يتحدث نيابة عن ولده و قال : اصل انت عارف كرم يعني زي اخوك هو غلط غلطه كده يعني انه...
كان جميل يتحدث بتقطع لم يكن يستطيع سرد ما حدث بشجاعه كافية فحسه غانم على على أن يكمل مردداً: أنه ايه يا عم جميل؟
نظر جميل قليلا لأبنه ثم عاد ينظر لغانم وقال دفعه واحده: بصراحه كده كرم كان عامل صفحة على فيسبوك بإسمك بيعرف من عليها بنات يعني وكده.
هب غانم من مكانه بصدمة لا يستطيع الإستيعاب وسأل: ايه؟ عامل ايه بأسمي؟ صفحه على فيسبوك! وبيشقط من عليها بنات بأسمي بقى؟ صح ومفهمهم إن هو انا مش كده؟
كان جميل ينظر ارضا هو وابنه لم يجب كل منهما وغانم على شفا خطوة واحدة من الجنون يردد : ما حد فيكوا يرد عليا عمل ايه تاني بأسمي ومفهم الناس أن هو أنا
حاول جميل أن يتحدث وقال: هو عرف من عليها كذا بنت
فهتف غانم: يا نهار أبيض... بنات ...بيشقط بنات طب إزاي؟ وبيقابلهم إزاي وهو مفهمهم أن هو أنا.. بعد ما قابلهم يعني عمل ايه؟
هنا تحدث كرم وقال بتبجح : هيكون حصل إيه يعني؟ قابلتهم وعرفوني وحبوا شكلي وهيئتي أنا أكتر
نظر غانم بغيظ شديد لذلك التبجح الذي يتحدث به وتلك الجرأه التي لديه وقال : والله ؟ ازاى وانت عامل صفحه بأسمي وبصورتي، وأنت لا إسمك غانم و لا هيئتك هيئة غانم إتقبلوها ازاي
هنا و لم يجيب كرم، فقال جميل عوضا عنه : قال لهم انك صورة واحد موديل يعني بتاع لبس و إعلانات وكده وهم صدقوا، المشكله يا إبني مش في كده المشكله دلوقتي اكبر من كده بكتير
وضع غانم اصعابعه في شعره يجذبه من شده الغيظ والجنون والصدمه وسأل: هو في مشكله ؟وأكبر كمان من كده؟! ايه هي بقى يا ترى؟
فقال جميل: في واحده من البنات دي حامل
صرخ غانم: يا نهار أسود
إبتلع جميل رمقه بصعوبة وأكمل: وبتهدده عايزاه يتجوزها وإلا هتقول لأهلها وتفضح الدنيا
صرخ فيهم غانم: ما حقها... حقها طبعا مش البيه إبنك ضحك عليها ،يروح بقى يصلح غلطته
فقال جميل بتعصب شديد: لأ طبعا ابن مين ده اللي يتجوز واحده سلمته نفسها؛ احنا ما عندناش الكلام ده، وأنا إبني يوم ما يتجوز هيتجوز واحده الهوا مامسش طرفها مش بنت سهله زي دي
كان غانم ينظر إلى جميل وكأنه يراه لأول مرة ، كأنه يرى شخص اخغر صدم فيه في هذا اليوم صدمة كبيره لم يكن يستطيع الإستيعاب وأن هذا هو العم جميل الذي رباه.
فقال و هو يهز رأسه بجنون : يعني ايه يعني؟! ابنك هو اللي عمل كده في البنت دي وضيع مستقبلها ودمرها ما هو اللي جرجرها للسكه دي جاي دلوقتي بعد ما خلاها كده يقول لأ انا عايز واحده شريفه؟!!!!
جميل : أيوه انا مش هجوز ابني واحده زي دي وحتى لو وقفت على شعر راسها .. وبعدين يا ابني انا عايزك تهدى وما تعصبش نفسك عشان انا جاي لك في حكايه ثانيه خالص وعايزه اطعلب منك طلب
حاول غانم التحلي بالصبر وقال: وايه هو بقى الطلب ده
جميل: أنت تجيب البت دي وتخوفها وتطلب منها إنها تنزل العيل اللي في بطنها ده
فرفض غانم بشدة : لأ طبعاً انا ما اقدرش أعمل كده، انت عارف يعني ايه اللي انت تطلبه مني
كان جميل يعلم غانم جيداً فقال بمراوغه وخبث: يا ابني دلوقتي البت حامل يعني بعد تسع اشهر هتجيب عيل، انت شايف كرم عنده كام سنه أصلا؟ ولا بيشتغل ولا نيله على الاقل لحد ما يكون نفسه و أنا أخليه يعقد عليها ان شاء الله ويلم الفضيحه دي بس مش دلوقتي، لا ده وقته ولا ده أوانه، أنت بس تجيبها وتخوفها بكلمتين وهي هتخاف منك طوالي وتعمل لك الف حساب .
في البدايه لم يوافق غانم لكن واصل جميل الإلحاح عليه حتى إستجاب اخيراً واحضروا له رنا
وقد نجح غانم في تهديدها بسلطته ونفوذه وأنها هي من ستتضرر من الامر أكثر واغن عائلتها سيكون لها النصيب الأعظم من الفضيحة
وبالفعل..... خافت رانا كثيراً، بل إرتعبت واستجابت لكل مطالبهم وذهبت مع جميل وكرم لتلك العياده المشبوهه التي قضت على حياتها نهائياً.
ففي أثناء العمليات نزفت ولم يستطع الطبيب السيطرة على الأمر.
فخرج سريعاً لجميل وكرم يخبرهم بما حدث وما كان منهم إلا ان حملوها غارقه في دمائها ووصلوا بها الى أول الطريق عند قريتها و ألقوها أرضا بلا أي ذرة رحمة أو شفقة، ومع أول خيوط النهار عثر عليها أهالي بلدتها غارقة في دمائها ولم يعلم احد من فعل بها هكذا
عودة للوقت الحالي
أنتهى من سرد ما حدث و نظر لحلا القابعة في أحضانه بسكون تام و قد توقفت عن التحرك ، سكون الصدمة و المفاجأة.
فقال : صدقيني ده كل إلي عملته و والله ما كنت حابب أعمل كده و هما فهموني إن الوقت ساعتها مش مناسب بس هو هيظبط ظروفه و يتجوزها و يصلح غلطته .
ظل ينتظر حديثها بعدما برهن لها صدقه في كونه بريئ مما حدث لكنه تفاجأ بها تسأله بإتهام واضح : و أتجوزها ؟ مافكرتش في يوم تسأل هو إيه إلي حصل.
فردد غانم بجنون : أكيد نسيت ، ما أهتمتش أنا ماخلفتش كرم و نسيته يعني.
وقفت تردد بعنف : يعني ماخلفتوش و نسيته عشان ماتتابعش إلي حصل لكن كنت مخلفه و ناسيه لما جبت رنا و هددتها ، أستغليت قوتك و فلوسك و سلطتك في انك رهبتها و خليتها تروح للموت برجليها و بكل بساطة بتقول ماخلفتوش و نسيته؟
وقف هو الآخر مقابلها يردد : إنتي لسه بردو شايفه إني مسؤل عن إلي حصلها بعد كل اللي حكيته ده ؟
حلا : مالك محسسني إن إلي حكيته يبرأك ، لأ ... ده يدينك أكتر و أكتر.
إلتف عنها غانم يردد بعصبية شديدة و جنون : لااااااا ، إنتي الكلام معاكي هيوصلني للجناااان ، مافيش حاجه نافعه معاكي .
خطى بقدميه ناحية الباب فصرخت فيه: أستنى هنا ،انا إلي عايزه أمشي من هنا ، مش هفضل في البيت ده يوم واحد .
فرد بغضب : وطي صوتك و أسكتي احسن لك .
فصرخت بهياج : لأ مش هسكت و أنا عايزة أطلع من هنا أنا مش هسيبك تحبسني تاني، أنت سامع.
هرولت ناحية الباب تسرع في فتحه عازمة على الخروج منه فأسرع لعندها يمنعها و هو يردد: أنتي أتجننتي ، رايحه فين ،انتي فاكرة إنك ممكن تخرجي من هنا ، إنتي بتحملي.
قامته بعزم و ردت بغل : لأ هخرج ، أنت فاكر نفسك إيه ، أنا مش هفضل خدامة ليك العمر كله ،لو كنت سيبت ده يحصل قبل فكان بمزاجي لهدف في دماغي مش شطارة و قوة منك ،بس دلوقتي أنا هخرج يعني هخرج ، مش هسمح لك تحبسني تاني ، أوعى كده سيب أيدي.
كانت تتحرك بعنف و هياج حتى استطاعت بالفعل الخروج من بين يديه و تحركت ناحية الباب خطوة.. خطوة واحدة و قبض عليها يعيدها للداخلو هي تتحرك بعنف تحاول التحرر منه بعنف و ردد بجنون : قولت لك مش هتخرجي ، أنتي شكلك أتجننتي ، ده انا ماسبتكيش تخرجي و أنتي حيالله شغالة عندي هسيبك تخرجي دلوقتي و أنتي مراتي ؟؟
صمتت فجأة و سكنت تماماً أثر صدمتها من وقع الكلمة على أذنها فقط اتسعت عينها و بقت تنظر له دون أن تنطق .
و هو أغمض عيناه بقوة و عنف ، صدم بكونه صرح بذلك بسبب جنونها و تهورها .
ترك يداها بعدما كان يكتفهما و أعتدل في وقفته و هي سألت : إنت قولت أيه ؟
سحب نفس عميق ينم عن كم الضيق و العصبية اللذان يشعر بهما و لم يجيب عليها ، بل تحرك ناحية الباب يخرج منه و يغلقه خلفه بعنف
و هي جلست صامته تماماً تحاول إستيعاب ما قاله.
_____________________
ثلاث أيام مروا و هو يقتله الشوق لكنه لم يذهب ، لا يعلم ما تخبئه له أيامه المقبله معها.
و لما جمعهما القدر معاً عن سائر الخلق ؟
لكن ما بات موقن به هو إنه متورط بشكل أو بآخر فيما حدث لتلك الفتاة.
وضع يده على عينه بتعب شديد لا علم له كيف يتخلص من هذا الذنب.
و بينما هو كذلك ارتفع رنين هاتفه يعلن عن إتصال من صلاح عيسى فجاوب على الفور : نعم ؟
فردد صلاح بسخريه : نعم ؟! تصدق أن أنا راجل واطي و قلبي ده يستاهل الفرم .
اغمض غانم عيناه وقال بنفاذ صبر: أخلص يا صلاح عايز أيه؟
صلاح: أكيد مش متصل بيك تأكلني يا بيه ، ده انا بكلمك عشان أقولك إني عرفت لك مكان حبيبك.
انتفض غانم يعتدل في جلسته بإنتباه و ردد : مين ؟ جميل ؟
تحول صوت صلاح على الفور و قال بترفع : مش قولك و أقفل بقا ورايا شغل و حاجات أهم منك .
فهتف غانم : أخلص يا صلاح أنا على أخري.
صلاح: مش قولت مش مهم .
غانم : مافيهاش هزار دي يا صلاح ، في حد يخصني معاه و عايز اجيبه فأخلص قول .
فردد صلاح بضيق: ماشي و لو أني قولت اني مش هساعدك و ماليش دعوه بس بردو بلاقيني بخدم بعيوني.
غانم : خلاص يا عم عرفنا انك شهم قول بقااا.
ليملي عليه صلاح العنوان الذي لم يستغرق من غانم سوى نصف ساعة و كان هناك.
ليجد نفسه امام بيت فخم متعدد الطوابق ، يسأل نفسه من اين للعم جميل بكل هذا.
دق الباب ليفتح له الخادم فردد غانم: و خدم كمان ؟
ليأتيه صوت جميل من خلف الخادم يردد : أمال مفكر ايه يا أبن الصواف ، أنت بس إلي عندك خدم ؟
دلف غانم للداخل بخطى ثابتة يقول: منين كل ده يا ... عم جميل ؟
رفع جميل رأسه و قال : من شقايا ، من عرقي و تعبي.
ضحك غانم و ردد بإستهزاء : فعلاً أنت بتعرق أوي في السرقة ، متعبة بردو .
تحرك جميل ناحية الداخل و جلس على أحد المقاعد ثم وضع قدم فوق الأخرى مردداً: بالعكس ، دي أبسط حاجه في الحكاية كلها.
اغتاظ غانم كثيراً و هو يسمع جميل يخبره أن خداعه و سرقته كانا أسهل ما في القصه ليسأل : امال إيه بقا كان الصعب.
أنزل جميل قدمه من على الأخرى و تغيرت ملامحه و هو يردد : حبيبتي إلي اتجوزت واحد غيري .
فهتف غانم: ليه ما انت فضلت مشاغلاها و مخليها تعمل مشاكل بسببك و تشوه صورة بيتها و جوزها، و في الآخر خليتها تهرب معاك و تجيب لي الفضيحة.
وقف جميل من على كرسيه و قال بحزن شديد: ياريت كانت دي الحقيقة.
صرخ فيه غانم بغضب و قد نفذ صبره : ما خلاص بقا ،الحكاية خلصت و كل حاجه اتكشفت ، لسه هتلف و تدور عليا ، أنت مش خليت عمتي تهرب معاك بطل تمثيل بقا.
ليصرخ جميل هو الآخر بقهر : أنا مش بمثل و عمتك الهبلة دي مش حبيبتي الحقيقة ، لو لازماك خدها في أيدك و أنت ماشي .
رمش غانم بأهدابه و سأل مستنكراً: مش حبيبتك الحقيقة ؟
فرد جميل بحقد شديد: أيوه،حبيبتي الحقيقة هي "ملك" .
صدم غانم و سأل: إيه ؟!!
دار جميل حول جسد غانم المصدوم و ردد بحزن و ألم : ملك بياعة اللبن ، إلي كنت بحبها من صغري و أخدتها من ايدي دول إلي يستاهلوا قطعهم لبيت غانم بيه الكبير عشان تبيع لهم لبن و جبنه لاجل ما توسع رزقها و تفرح ، اخدتها بأيدي عشان يطمع فيها ابوك و في ظرف شهرين كان متجوزها ، حاولت أميل دماغ جدك و أشبله من ناحيتها و هو بالأساس كان راجل جبار و مفتري... و عارض الجوازة بس ابوك مسك فيها بأيده و سنانه و جبر جدك يوافق بدل ما يخسره، حاولت أروح لها و أعترف لها بحبي ، قالت لي أنها من زمان شيفاني زي اخوها و أنها بتحب صفوان ... ما طبعاً لازم تحبه ما هو الأغنى.
توقف بأنفاس لاهثة أمام غانم و ردد بغل و قد تغيرت ملامحه و أكمل : ما قدرتش أمشي و اسيبها ، كانت زي المرض بتجري في عروقي ، فضلت أعيش خدام جنبها ، حاولت أغير لها رأيها و نهرب سوى .
صرخ عالياً في غانم بغيظ شديد: لكن كانت بتصدني و ترفض ، كنت بموت في الدقيقة ألف مره و أنا شايف حبها لابوك ، فيه إيه هو زيادة عني ... مافيش... مافيش غير أنه اتولد لقى نفسه إبن غانم و أنا ابن عبد الباقي البواب ، لولا كده كانت هتحبني أنا عادي .
اهتز ثبات غانم حتى أن جسده ترنح قليلاً مما يسمع ، لا يستطيع الإستيعاب حقاً فسأل : و ليه فضلت العمر ده كله جنبي و معايا ، ده أنت إلي ربتني ؟
فرد جميل بشجن : عشان إبنها ، حته من حبيتي ، بس لأ ، طلعت زي ابوك ، نسخه منه .
غانم بصوت يملؤه خيبة الأمل: و عشان كده بدأت تسرقني مش كده؟
جميل: كده.
غانم : طب كان كفاية الفلوس ،ليه كمان تسرق عمتي طالما مش بتحبها.
إلتف جميل يوليه ظهره غير قابل لمواصلة الحديث أو إخباره المزيد عازم على المراوغة و غانم ينتظر الجواب بحيرة لكن يعلم أيضاً أن جميل لن يريحه .
لكن صدح صوت وفاء تصرخ فيه بقهر و خذلان : طب ليييييه؟ ليه غوتني ؟ ليه مليت دماغي؟ ليه فضلت تجري ورايا لحد ما كرهت جوزي و حبيتك، ليه خلتني أسعى لخراب بيتي بأيدي؟
نظر لها بلا مبالاة فصرخت بغيظ ممزوج بالقهر: أنا يتعمل فيا كده ؟ ده أنا بنت غانم باشا ، ست الخان كله .
فقال جميل منفعلاً : بنت غانم بنت غانم إييييه؟ هي قصة ؟ ورثتوا الخلق يعني؟
بدأ يقترب منها خطوة خطوة و هو يردد بازدراء: أهو شوفي بقا يا بنت غانم باشا الكبير و ست الخان كله ولا يوم قدرتي تعوضيني عن ملك ، ولا لدقيقة واحده ، ماتجيش فيها حاجة .
سقط على الكرسي من خلفه يردد بألم و ضياع: ولا أي حاجة.
كانت عينا وفاء و فمها يتسعان بصدمة ، تقف كالمجنونة بعدما اكتشفت أنها أضاعت عمرها و زوجها و أولادها و هدرت سمعتهم جميعاً تحت أقدام من لا يسوى و ها هو يخبرها ذلك ببلاده منقطعة النظير.
كذلك صدمة غانم لم تكن أقل و لكن أراد التأكد مما يخبره به عقله فسأل : عشان كده كنت بتساعد عزام عشان يوصل لحلا ؟ عشان كان بيفكرك بيك و بقصتك إلي ما نجحتش مش كده ؟
وقف جميل عن كرسيه و قال من بين أنيابه بغل : لأ مش بس كده، البت دي من ساعة ماخطتت برجليها البيت و هي قلبت عليا المواجع ، ماكنتش بطيق أشوفها قريبة منك .
نفرت عروقه و هو يصرخ : كانت نسخة من أمك ، و أنت نسخة من أبوك ، كنت هتتجنن ، هتتجنن و أنا بعيش قصة ملك و صفوان من تاني و قدام عيني ، حرام ، ماقدرتش أتحمل ، كان عندي أستعداد أعمل أي حاجة عشان أبعدها عنك .
حاول غانم التغلب على كل ما يشعر به من ألم و خيبة أمل و أقترب من جميل ثم مال على أذنه يخبره بفحيح و تشفي: أمال لو عرفت بقا الكبيرة ، حلا سابت عزام.
تراجع ينظر لجميل المصدوم ملامحه ليبتسم برضا ثم أكمل : خد بقا إلي هيجيب لك ذبحة صدرية.
زادت الإبتسامة الجانبية على شفتي غانم و قال: أنا أتجوزت حلا .
بهت وجه جميل و بدأ يهز رأسه رافضاً فيما أكمل غانم: حكاية ملك و صفوان هتتعاد تاني يا جميل .
أنهى حديثه بغمزة عابثة متشفيه و غادر سريعاً لكن توقف عند الباب ينظر لعمته التي نظرت لجميل ثم وضعت رأسها أرضاً و جرت قدميها بأذيال الخيبة لتسير مع غانم تغادر منزل جميل و تعود معه للخان .
في سيارة غانم.
جلست وفاء تفرك يديها معاً كطفل يعلم بذنبه ، تحاول منذ فترة التحدث و لم تستطع.
إلى أن أستجمعت شجاعتها و سألت : أنت صحيح أتجوزت الخدامة بتاعتك؟
نظر لها سريعاً بحده فأرتبكت ليقول بإنذار شديد اللهجة: أسمها حلا و أه أتجوزتها .
ابتلعت وفاء رمقها وسألت :طب و سلوى ؟
لم يجيب عليها غانم ، هو بالأساس لا يحبذ او يريد التحدث معها و لولا أنها نعتت حلا بالخادمة و أستفزته ما كان ليجيب عليها.
فعادت تسأل بتردد : و..و .. راضي عامل إيه ؟
لهنا و تغيرت ملامح غانم فقال : مش من حقك تسألي عنه و لا تجيبي أسمه على لسانك حتى.
صمت متنهداً ثم عاود التحدث على مضض : إنتي هترجعي على بيتي و أنا هعرف ولادك انك عندي لو لسه حابين يشوفوكي .
بالفعل ذهب بها لبيته و تركها تدخل ثم إلتف بسيارته يقودها ثم توقف أمام بيت أحلامه و ترجل منها يدلف للداخل.
فتح الباب يبحث عنها ليجدها كانت تلملم ملابسها من الشمس.
ألقت ما بيدها أراضاً ما أن أبصرته أمامها و هرولت ناحيته بجنون و أشتياق لم تفكر في مداراته إلي أن وقفت أمامه تواجه .
و قد أنشرح صدره بفعلتها و هونت عليه بعض مما يشعر به ، أبتسم لها بحب بينما هي تحولت ملامحها و حاولت التحدث بصرامة: آخر ما أفتكرت إن في بني أدمة هنا ؟ آخر ما أفتكرت إن في بني أدمه هنا ؟
فجاوب بتلاعب : كنت عند سلوى ، بحاول أراضيها يمكن توافق ترجع لي.
فصرخت بقهر : و الله ، و لما هو كده ، إيه جايبك تاني لعندي ؟
ضحك بخفة على غيرتها ثم قال بإرهاق : وحشتيني.
كلمته و إحساسه الدافئ وصلها و دغدغ كل حواثها فسألت : أنت كنت تقصد أيه لما قولت اني مراتك دلوقتي ؟ هو انا كنت أتحوزتني فين و أمتى؟!
أبتسم لها ثم قال: يالا عشان لازم نرجع البيت الكبير دلوقتي.
جعدت ما بين حاجبيها و قالت : أرجع ليه ؟
ثواني و طار الشر من عيناها و ملامحها و صرخت فيه : أااااااه... قول كده بقاااا، أنت واخدني خدامة لمراتك مش كده.
هز رأسه و صرخ فيها : حلااااا، أنا على أخري ، من كلمة زيادة... يالااااا.
إحقاقاً للحق لقد إرتعبت حلا و تحركت معه دون كلمة واحدة.
إلى أن دخل بسيارته من مدخل البيت الكبير ، كانت تنظر للمكان بشرود تام تتذكر يوم دلفت لهنا مع دعاء صديقتها و مازلت جملة دعاء تتردد في أذنها "يا خسارة الحرس مش هنا يبقى غانم بيه مش هنا"
إلتفت تنظر له و سألت : هو أنا جايه هنا أعمل أيه ؟
توقف بالسيارة و دلف بها للداخل عنوة و هي تردد : مش جايه معاك ، و رد عليا .
سحبها بنفاذ صبر يردد: يالا يا حلا .
حلا : لأ يعني لأ ، مش هتحرك غير لما أعرف كل حاجه، أنا مش بقرة .
ليصدح صوت وفاء تردد بتنمر : مش بقرة أزاي بحجمك ده ؟
ثم نظرت لغانم تسأل: جرى إيه يا غانم يا حبيبي ،هو أنت يا كده يا كده ؟
نهرها غانم بحده: عمتتتتي.
فقالت حلا ببرود : لأ لأ سيبها .
تركت غانم و بدأت تقترب من وفاء مرددة : بتقولي ايه بقا يا ولية يا أم وش مثلث أنتي عشان ما سمعتش .
أتسعت عينا وفاء بصدمة و إحراج بينما كتم غانم ضحكته و حاول التحدث ببعض الجدية : حلااا، ما تنسيش دي عمتي.
فردت بإندفاع: عمى الدبب .
شهقت وفاء بصدمة: أيييه ؟ أنتي بتقولي إيه يا برميل السمنة أنتي ؟
فقدت حلا السيطرة على أعصابها و همت لكي تنهش لحم وفاء دون أي شفقة أو رحمه لكن غانم كان حاضر الذهن سريع البديهة و تحرك ناحيتها يحملها بين ذراعيه و هي تضرب بيديها و قدميها في الهواء من شدة عصبيتها .
حاول إسكاتها : أخرسي بقا.
حلا : أوعى كده نزلني ، سيبني عليها ... إيه ده؟ أنت واخدني فين ؟
سألت و هي تراه يدلف بها لغرفة نومه و يغلق الباب مردداً: لأوضة نومي يا روحي
أنزلها أراضاً و هي مرتعبة تصرخ فيه : أسمع أما أقولك ...
تقدم يطقع كلامها بقبلة سريعة خفيفة ، يتقدم خطوة و هي تعود للخلف تحاول التحدث بتقطع : لو فاكر إني...
فقاطعها بقبلة سريعة جديدة و هي تبتعد تعود للخلف تكمل : هسكت تاني تبقى غلط....
قاطعها نهائياً بعدما ضمها له و نفذ صبره و قوة إحتماله أو تماسكه أمامها ...