رواية مهرة والامبراطور
الفصل الثالث 3 والرابع 4
بقلم مي مالك
نظرت لها الصغيرة بصدمة ثم قالت بنبرة شبه باكية :
"يعني أنا مش هشوف مامي تاني !!"
وقبل أن تجيب مهرة ، أنفجرت الصغيرة باكية بأنهيار وهي تشعر أن أحلامها الصغيرة الوردية أنتهت فهي أصبحت بلا أم
ضمتها مهرة إلى صدرها وهي تقول لها بسرعة :
"أنا جمبك متقلقيش ، أنا معاكي يا لوكة ، وبعدين مين قالك أنك مش هتشوفيها تاني دي هتجيلك في الأحلام وهتشوفك وتسلم عليكي ، وبعدين هي دايما شايفاكي من فوق في السما ، ووقت ما تحتاجي تكلميها تبصي للسما وتكلميها"
قالت الصغيرة من بين دموعها :
"وهي هتسمعني"
رفعت رأس ملك وهي تقول لها بحب :
"طبعااا ، وكمان أنا معاكي يا حببتي ، ماما قبل ما تروح عند ربنا قلتلي خلي بالك من ملك عشان أنا بحبها أوي ، وأنا هخلي بالي منك"
نظرت لها الصغيرة ثم قالت بحزن :
"طب ليه مش قالتلي أنها ماشية عشان أسلم عليها"
نظرت لها مهرة بحيرة وهي لا تعلم ماذا تقول ، لكنها قالت فجأة :
"أنتي عارفة أنا بقولك كدة ليه ، مش عشان أعرفك أن ماما مشيت وبس ، عشان تعرفي كمان أن بابا قد أيه كان زعلان عليها ، وزعلان عليكي عشان عارف أنك بتحبيها أوي ، عشان كدة كان متعصب ، هو مكنش يقصد يضربك ، هو بيحبك ، بيحبك أوي يا ملك عشان كدة كان زعلان عليكي"
نظرت لها ملك قليلاً ثم قالت وهي تمسح دموعها :
"لا بابى ضربني عشان أنا مش كتبت الــ Home Work"
"طب مين إلى غلطان أنتي ولا بابا"
قالت الصغيرة بطفولية :
"أنا عشان مامي قالت أن بابا مش بيغلط"
عقدت مهرة حاجبيها من المفهوم الخاطئ الذي أوصلته مريم للصغيرة ، لتقول :
"لا مفيش حد مش بيغلط ، كلنا بنغلط حتي مامي كانت بتغلط ، المهم مش أننا نغلط ، المهم أننا نعرف أننا غلط ونعمل الصح ، فاهمة حاجة"
هزت ملك رأسها بإيجاب لتقول مهرة بمرح :
"والنبي شكلك بتنيميني ومش فاهمة حاجة"
ضحكت الصغيرة بمرح ثم قالت بخجل :
"هو أنتي مين ؟"
أشارت مهرة إلى نفسها وهي تقول :
"أنا ....أنا مهرة أخت ماما زي بابا وعمتو ليان كدة"
"يعني أنتي عمتو مهرة"
"لا أنا خالتو مهرة"
عانقتها الصغيرة بفرحة وهي تصرخ :
"الله أنا كان نفسي يبقى عندي واحدة أقولها يا خالتو"
ضحكت مهرة بدهشة ثم قالت ملك مجدداً :
"ينفع تبقى توديني المدرسة عشان أوريكي لأصحابي وأغيظهم وأقولهم أني عندي خالتو حلوة وبتحط ألوان في وشها"
"الوااان ، ماشي يا لوكة أوديكي المدرسة"
"وحاجة تاني ، ينفع تبقى تسيبي شعرك كدة ، وتلبسي الجزمة إلى بتعمل صوت ، زي مامهات صحابي ، عشان هما دايما بيتريقوا عليا عشان ماما مش بترضي تيجي معايا ، ينفع أنتي تيجي معايا عشان أعرفهم أني خالتو حلوة أحلى من مامهاتهم ، بليززز يا خالتو بليززز"
"طب نامي دلوقتي ونشوف الموضوع ده بعدين"
نظرت لها ملك بفرحة ثم مددت جسدها الصغير على الفراش ، أغلقت مهرة الحاسوب ووضعته في درج الخزانة الصغيرة الموضوعة بجانب الفراش ، ثم قالت وهي تتظر لملك :
"لوكة ، مش عايزة تكلمي بابا قبل ما تنامي"
__________
كان يجلس على المكتب يعمل على مراجعة بعض الملفات قبل أن ينام ، دق هاتفه فجأة ، ليتناوله من على المكتب نظر إلى أسم أبنته المضئ على الشاشة ليجيب سريعة وهو يقول :
"ملك حببتي أنتي كويسة"
أتاها صوت صغيرته قائلة :
"أيوة يا بابي أنا كويسة ، وحشتني"
ليقول مازن بحزن :
"وأنتي كمان يا حبيبة بابي وحشتيني أوي ، كدة يا لوكة تسيبي بابا حبيبك وتمشي"
"متزعلش مني يا بابي أنا أسفة أنا بعد كدة هعمل Home Work على طول ومش هزعلك تاني"
"وأنا عمري ما هضربك تاني يا ملك أبداً أنا أسف يا حببتي حقك عليا ، أنا بس كنت مضايق ومقصدش أضربك يا حببتي متزعليش مني"
"أيوة مهي خالتو مهرة قالتلي أنك كنت زعلان عشان ماما راحت عند ربنا ومش هنشوفها تاني"
ظل يتأكد مما سمعه ....هل علمت بوفاة مريم !!
ليقول لها بتوتر :
"هي مهرة قالتلك أيه !!"
"خالتو مهرة قالتلي أن ماما راحت عند ربنا وأن أنت كنت زعلان عشان كدة أتعصبت عليا ، وأن أنت بتحبني أوي ، وأن هيا هتيجي معايا المدرسة عشان أغيظ مامهات صحابتي وأقولهم أن خالتو حلوة ، وقعدنا نرغي كتيررر مع بعضينا وبقينا صحاب"
وصلها صوته المشرق :
"طيب يا حبيبتي نامي دلوقتي وبكرة نتكلم مع بعضينا ، هنتكلم كتير أوي"
"طيب ماشي تصبح على خير"
"وأنتي من أهل الخير يا حبيبتي ....لوكة"
"نعم يا بابي"
قال مازن بحب ونبرته الحنونه التي تظهر مع أبنته فقط :
"أنا بحبك أوي"
"وأنا كمان"
ثم أغلقت ملك الهاتف ونامت بجانب مهرة ، ليذهبوا الأثنان في نوماً عميقاً يتخلله بعض أحلام مهرة المزعجة ، بعد قليل دلفت بدور إلى الغرفة لتجد مهرة تحتضن ملك وكأنها خائفة من أن تقع أو يأخذها أحدهم منها ، أقتربت منهم بهدوء حتي لا توقظ أحدهم ثم حملت ملك وأخذتها إلى غرفتها فهي تعلم أبنتها حق المعرفة .....ما أن تشعر بالراحة في الفراش تتحول إلى طائر مجنح وتأذي أي شخص ينام بجانبها دون أن تشعر ....فقد جربت النوم بجانب مهرة من قبل والنتيجة أنها كانت سوف تفقد أحدى عويناتها بعدما لكمتها مهرة فيها دون أن تشعر ، لتخاف بدور أن ينام أي شخص بجانبها وتحثها دائما على النوم في فراش وحدها حتي لا تتسبب بعاهه مستديمة لأحدهن
___________
(اليوم التالي)
أستيقظت مهرة من النوم لتجد نفسها وحيدة في الفراش ولا أثر لملك في الغرفة ، نهضت وهي تشعر بثقل في رأسها ، فأمسكت رأسها بتعب ثم تحركت من الفراش ، توقفت قليلاً تحاول الأتزان ولكنها فشلت وجلست على الفراش مرة أخرى ، أمسكت رأسها بوجع وبعد عدة محاولات نهضت أخيراً وهبطت إلى الأسفل لتجد ملك تلعب على اللوح الهاتفي الخاص بها ، ذهبت إلى المطبخ لتجد بدور تقف مع المساعدة وتحضر معها الأفطار أو الغذاء لا تعلم ، نظرت لهم ثم قالت تحية الصباح لتقول لها بدور بسخرية :
"صباح الخير الساعة 3 العصر"
فركت مهرة عيناها وهي تقول بتعب :
"أيه ده هي الساعة 3 بجد"
"أه ياختي أه يا كسولة ، نفسي أعرف أنتي بتروحي الشغل أزاي"
"معلش بقى يا دودو أنتي عارفة أني بنام كتير في الأجازات"
لتقول بدور بعمليه وهي تقطع خضار السلطة :
"طيب روحي أجهزي بقى عشان فاضل كام ساعة ومازن يجي"
لم تتمكن من التغلب على دهشتها وهي تسأل :
"مازن مين ....مازن أبو ملك"
"أيووة كلم ملك الصبح وقالتله أنها عندي ، ولقتها بتقولي بابا عايز يكلمك ، كلمة من هنا وكلمة من هنا صراحة الواد حسيته متعلق ببنته أوي ، ولأن أنتي دماغك جزمة قديمة ومش هترضي ترجعي البت لأبوها لحد ما تسافري الأسبوع الجاي فعزمته عندنا عشان يشوف بنته ، وأديته العنوان وغالبا هو في الطريق"
أتسعت عيناها أكثر فأكثر وهي تهتف بحدة :
"أنتي برضو لسة بتتأثري بالكلام ده ، أومال لو مكنش حصل نفس الموقف مع مريم كنتي عملتي أيه"
التفتت لها بدور وهي تقول بدهشة :
"ومال مريم ومال الموضوع"
أنفعلت مهرة وهي تقول :
"مهي كانت بتعمل معاكي نفس الموضوع ، لما تبقى عايزاكي تساعديها وتديها حلول بين مشكلة بينها وبين جوزها تقرب منك وبعد ما تتحل بتبعد تاني ، وأنتي برضو لسة زي ما أنتي طيبة وبتصدقي ، أنتي مشوفتيش مازن عامل أيه في بنته ، واحد زيه المفروض ميشوفهاش تاني طلما بيعمل كدة في النعمة الي ربنا أدهاله"
لتقول بدور بأختصار برغم من وجعها مما قالته مهرة :
"يعني عايزة أيه يا مهرة ، أنا عزمت الراجل وخلصنا عاجبك تحضري العزومة تنوري مش عاجبك كلي في المطبخ أنا مضربتكيش على أيدك عشان تقابليه ، وياريت لو ناوية تقابليه تحطي لسانك جوا بقك عشان أنا مش هسمحلك تهيني الراجل قودام بنته ، مفهوم يا مهرة"
نظرت لها مهرة قليلاً وذهبت دون أن تتحدث ، صعدت إلى غرفتها وجلست على الفراش قليلاً تفكر فيما حدث هي لا تحب التجمعات ولا تحب الرجال ولا تحب وجودهم ....لكنها للأسف سوف تحضر العزومة ....ليس من أجل مازن ....بل خوفاً من والدتها فهي تعلم أنه مجرد ما أن تشعر بالسلام أتجاه أحد تحكي له كل شئ ....كيف نشأت ....وكيف تزوجت ....وكيف ربت طفلتي شقيقتها الراحلة ....وكيف زوجتها ....وكيف زوجت مريم ....وطباع طليقها أن لزم الأمر ....تعلم أن والدتها تشعر بالفخر بها هي وشقيقتها المتوفاه وتحكي عنهم لأي شخص ....لكن مازن لا وألف لا لن تسمح لوالدتها أن تقول ولو شئ بسيط عنها أو عن ماضيهم الذي لا يعلم مازن عنه شئ وبالتأكيد مريم لم تتحدث معه في الماضي أبداً
__________
(بعد ساعتان)
رحبت بدور بمازن الذي كان يحاول السيطرة على نفسه حتى لا يرقض ويبحث عن صغيرته ويأخذها بين ذراعيه ....أو يأتي بمهرة ويدق عنقها أو يكسر رأسها جراء ما فعلته ....كلها أفكار جميلة ومحببة لقلبه
فجأة ظهرت أمامه الصغيرة ببنطالها الوردي وقميصها القطني الأبيض ، ما أن أبصرته حتى ركضت وهي تصرخ بأسمه بفرحة ، تعلقت برقبته وهي تهمس في أذنه بأشتياق :
"وحشتني أوي يا بابي"
قال مازن من بين قبلاته المتفرقة على وجهها :
"وانتي كمان يا عيون وقلب وروح بابي"
بعد الكثير من الوقت الممتع مع بدور وملك ، هبطت مهرة أخيراً وكعبها العالى يعلن عن أقترابها ، تفحصها مازن من بداية شعرها الأسود الذي تركته منساب على ظهرها بلا أهتمام ....مروراً بالقميص القطني الأسود الذي به نقوش بيضاء ....وبنطالها الجلدي الذي لا يعلم كيف أدخلت نفسها به
لاحظت مهرة دراسته لهيئتها ، لتعقد حاجبيها في ضيق واضح وهي تحيه بأجبار ، ثم جلست على الأريكة المقابلة له وهي تضع قدم على الأخرى في غرور واضح
ظل يتحدث مع بدور في أشياء عدة حتى حان وقت الغذاء ، ولسبب ما ترك مهرة تطعم ملك بنفسها وهي تقطع لها قطع الدجاج الذي قطعتها لها خصيصاً ثم تعطيها بعض الأرز فتطلب منها ملك العفو عنها لأنها أكتفت من الأكل ، لكن مهرة لا تستسلم وتغريها ببعض الشوكولاته بعد تناولها الطعام ، فتكمل ملك الطعام بأستمتاع ، ومازن يراقبهم بهدوء
__________
(بعد الغذاء)
جلس الجميع في بهو المنزل الخاص بأستبقال الضيوف ، كانت مهرة تشعر بالقلق حيال نظرات مازن الغير مفهومة ، إلى أن طلب فجأة أن يتحدث معها على أنفراد ، نظرت إلى بدور وهي تشعر بالتوتر ، أخذت نفس عميق ثم نهضت وهي تشير لمازن إلى الخارج :
"تعالى في الجنينة"
نهض معها دون أن يتحدث ، نظمت مهرة أنفاسها بصعوبة وهي تطمئن نفسها ....ماذا سيفعل ؟ ....فأنا شقيقة زوجته ....لا تقلقي نفسك يا مهرة فهو لن يفعل شئ
نظر لها مازن قليلاً وهو يلاحظ يدها التي تمسك في السلسلة الفضية التي ترتديها ومن الواضح أنها تفعل هذه الحركة كلما تشعر بالتوتر :
"هو أنتي هتسافري تاني"
أندهشت مهرة من سؤاله ....ما شأنه بسفرها !!
لكنها أجابت بهدوء :
"أيوة"
"أمتي"
شعرت مهرة بالقلق حيال أسئلته الغريبة والتي لا تعنيه ، لذلك قررت أنهاء الحديث قائلة :
"أستاذ مازن في أيه ، هات من الأخر مظنش أنك عايز تتكلم معايا على أنفراد عشان تسألني عن سفري"
"أممم ده فعلا حقيقي أنا مش عايز أسال عن سفرك أنا صراحة جي هنا مخصوص عشان حاجة معينة ....
أنظرت أن يكمل ....لكن من الواضح أنه أيضاً متوتر وكأنه ينوي على مصيبة
"مهرة تتجوزيني"
لا من الواضح أنها لم تكن مصيبة ....فهي فعلياً كارثة بالنسبة لمهرة ....ظلت تردد الجملة على لسانها على تستوعب ما قاله ....ضرب ...أهانة ....عقاب ....بكاء كثير جداً ....كثير إلى الحد الذي لا يحتمل ....ذلك القفص الحديدي الذي سجنت به لسنوات بأسم الزواج لن تدخله مرة أخرى مهما حدث
أخرجها مازن من دوامة أفكارها وذكرياتها البائسة وهو يهزها ببعض العنف وينطق بأسمها بدهشة من ردة فعلها الغير متوقع ....فهو توقع أن يرى لسانها الحاد مرة أخرى ....لكن صمتها لسبب ما أقلقه
"مهرة أنتي كويسة"
نطقها بقلق وهو يرى عيناها التي أتسعت على أخرهم وفمها الذي فتح قليلاً من أثر الصدمة ، ونفسها الذي تأخذه بصعوبة ، حتي أنه تخيل أنه رأي الدموع في عيناها ، نظرت له بصدمة وهبطت دمعتها تأكد له أنه لا يتخيل وأنها تبكي بحق
"هو أنا قولت حاجة غلط !!"
ودون سابق أنذار ركضت من أمامه ، وعادت مرة أخرى إلى المنزل ، شعرت بدور بالفزع من بكاء مهرة وركضوها بتلك الطريقة ، جاء مازن بعدها سريعاً ورائها وهي تركض حتي وصلت إلى أحدى الغرف ودلفتها ثم أغلقت الباب ، هدرت بدور بعنف :
"أنت عملت لها أيه"
أجابها لها بدهشة :
"ولله ما عملت لها حاجة ، أنا طلبت منها الجواز"
"جوااز !!"
أندهش أكثر من الصدمة الذي أحتلت بدور هي الأخرى ، لكنها لم تعطيه فرصة فتحركت بخطوات سريعة إلى غرفة أبنتها
أما مازن فقال في نفسة :
"مجانين الناس دي ولا أيه ، هو الجواز عندهم حرام !"
نظر لملك التي كانت تتابع الموقف منذ بدايته ، تحرك وجلس بجانبها لتنظر له ملك قليلاً ثم تقول بضيق :
"بابي هو أنت مش بتحب البنات"
رفع مازن كتفيه وهو يجيب :
"أنا لا خالص ، ليه بتقولي كدة يا حبيبتي"
عدلت ملك نفسها لتقول لوالدها بحنق :
"أصلك كل ما تشوف بنت تخليها تعيط ، قبل ما ماما تروح عند ربنا كنت بتخليها تعيط ، وأنا ضربتني وخلتني أعيط ، ودلوقتي زعلت خالتو مهرة وخلتها تعيط ، أنت بتحب البنات تعيط يا بابا"
هز مازن رأسه وهو يقول :
"أمممم يعني أنتي طلعتيني مريض نفسي وبكره البنات وبفرح أما يتجرحو ويعيطو يابت"
أنهي جملته وهو يمسكها من خصرها ويدغدغها بمرح غير عابئة بمهرة وما يحدث معها بالأعلى
__________
(في منتصف الليل)
كانت تجري بلا هوداة تحاول الهروب ....تشعر به ورائها ....تشم برائحته القذرة حولها ....تسمع صوته اللعين يأمرها بالذهاب معه لحفلاته المدنسة ....يضحك بفرحة وهو يسمع صراخها من الوجع ....يشعر بالنشوة وهو يستمع لرجائها بالأفصاح عنها وتركها ....تسمع صوت حزامه الحاد وهو يوضع على جسدها ويذيقها من الوجع أنواع ....تشعر بأنها مازالت مكبلة في أطراف الفراش إلى يومها هذا ....تشعر بدمائها تمتزج مع لعابها وكأنه شئ عادي ....تشعر بجسدها يؤلمها ولا يوجد من يداويه غير الأيام ....ظلت تصرخ وتصرخ وتصرخ وهي تشعر بأحدهم يكمكم فمها ....تشعر بشئ يطبق عليها يمنعها من الحركة وكأنها شلت ....تريد أن تفتح عيناها وأن تفيق من هذا الكابوس الذي كان واقعها في يوم من الأيام ....تريد الأستيقاظ ....ظلت تحاول الصراخ إلى أن نجحت أخيراً وصرخت بكل قوتها تطالب بالرحمة ....صراخت بوجع وهي تناجي أحدهم لينقذها
فتحت عيناها بسرعة وهي مازالت تصرخ لتستفيق من ذلك الحلم الموجع ....ضربات قلبها أشبه بالطبول
وجدت بدور تفتح الباب وتدلف دون أستئذان وعلى وجهها علامات الحزن والفزع ، فتحت ذراعيها وحاوطت مهرة الذي أخذت تبكي وترتجف بخوف
تعرف ما بها جيداً ....وما يوجعها أنها ليس بيدها شئ لتفعله ....هذه مهرة ما أن تأتي أمامها سيرة الزواج أو فكرة أن توضع في ذاك القفص مرة أخرى ....تتذكر كل الماضي المؤلم والموجع الذي مازالت تحاول التعافي منه
ربتت بدور على ظهرها وهي تتلو بعض الآيات القرآنية ، إلى أن هدأت مهرة ونامت بهدوء مرة أخرى فهي أعتادت على تلك الأحلام المؤذية الذي أصبحت جزء من حياتها ، تطلعت اليها بدور بحزن وهبطت دمعه وحيدة على وجنتيها وهي تشعر بالحزن والشفقة على أبنتها التي تمثل القوة والجبروت وهي ضعيفة جداً ضعيفة إلى حد الشفقة ، نهضت من مكانها وخرجت بعدما تركت الأنوار مفتوحة فهي تعلم أن أبنتها لديها خوف غير من مبرر من الظلام
__________
(بعد عدة أيام)
"أنا موافقة على طلب مازن"
قالتها بدور في حين لم تتظر لها مهرة وظلت تفعل ما بيدها وهي تقول بسخرية :
"طيب تمام ألف مبروك عليكي"
"مهرة أنا بتكلم جد ، مازن كويس"
قلبت مهرة السكر لتذيبه في كوب الحليب الأبيض قائلة بهدوء :
"ما أنا عارفة أنه كويس ....بس كويس لبنته ولنفسه مش ليا ....هو كويس أنا إلى مش كويسة ...
صمتت قليلاً ثم أكملت :
وبعدين هو في واحد كويس يتجوز تاني بعد ما مراته ماتت بأسبوعين"
" يمكن ليه أسبابه ، أتكلمي معاه وأسمعيه"
ضربت مهرة بيدها على رأسها وهي تشعر ببوادر شلل تحتلها ، برغم من كل ما هي فيه ....مازالت بدور تفكر في زواجها مرة أخرى ....بل وتدافع عن ذلك المدعو مازن _بجلالة قدره_
دق جرس الباب ، لتتحرك أحدى العاملات لتفتحه ثم صوت صراخ ملك بأسم والدها ، نظرت مهرة إلى بدور بعدم فهم ، لتقول بدور :
"ولله هو قالي أسبابه وعرفني هو عايز يتجوزك ليه ، وأنا قولتله أنك رافضة فهو طلب أنه يقنعك بنفسه أقوله لا ، فــ أنا جبتهولك وأنتم حرين مع بعض يا تقنعيه برفضك يا تتجوزيه"
وتحركت بدور إلى الخارج تاركة مهرة بعدما وضعتها في ذلك المأذق السخيف ، تناولت كوب الحليب الخاص بها على جرعة واحدة وخرجت لذلك المدعو مازن ، ما أن رأته حتي قالت له بوقاحة :
"أنت رجلك خدت على البيت ولا أيه"
ليجيبها مازن بسماجة :
"صاحبة البيت قالتلي أجي ، وبعدين مش عيب عليكي تقولي كلام زي ده ، ده أحنا ضيوف زي بعض"
سمعت ضحكة بدور الصغيرة ، لتترك مازن وتجلس على الأريكة بجانب بدور قائلة بهمس :
"مبسوطة أنتي بالبلوة إلى جبتيهالنا"
تحرك مازن وجلس مقابل لهما ، طالعته مهرة بأنزعاج ليقول لها بأستفسار :
"صحيح مجاوبتيش على سؤالي في موضوع الجواز"
"جواز أيه وانت مراتك لسة متوفيه من أسبوعين ، والمفروض بقى أنك زعلان ومجروح !!"
قالتها مهرة ولم تتمكن من أخفاء غضبها وحنقها ، وهي تنظر للبارد الذي يجلس أمامها وكأنه يلقي عليها أحوال الطقس ، ليفاجئها برده المستفز :
"أه ما أنا هتجوزك عشان تفرفشيني وتغيري لي على الجرح"
رفعت حاجبها من ذلك الساخر وهي تحاول كتم ضحكتها بأعجوبه ، لكن بدور لم تتحكم في ضحكتها التي فلتت جراء حديثهم ، نظرت لهم الأثنين لتجدهم ينظرون اليها أحدهم غاضب والأخر مبتسم ، لتتحرك من أمامهم وهي تقول :
"طيب أنا هسبكم براحتكم وأروح أعمل حاجة تشربوها"
وتركتهم وحدهم وكل منهم ينظر للأخر بتحدي واضح وكأن بينهم عداء قديم ، ليبدأ مازن الكلام :
"ببساطة يا مهرة أنا عايز أتجوزك عشان ملك ، أنتي غالباً بقيتي قريبة منها جداً ، وده مش طبع بنتي أنها تقرب من أي حد بسهولة"
صمت قليلاً يستجمع كلامته لتقول له مهرة :
"طالعة لأبوها ، قتمة"
"وممكن طالعة لخالتها الله أعلم"
وأنهي جملته بأبتسامة مستفزة ، ثم أكمل :
"مش موضوعنا دلوقتي بنتي طالعة لمين ، أنا دلوقتي بكلمك وبقولك أن أنتي إلى عملتيه في كام يوم أختي ليان معرفتش توصله في العمر إلى عاشته مع ملك"
"هي أختك دي فاشلة في كل حاجة ، حتي في التعامل مع الناس"
رفع حاجبيه من تلك المستفزة الباردة ، ليقول لها بغضب مكبوت :
"لاحظي أنك بتتكلمي عن أختي ، يعني تحترمي نفسك شوية ، وبعدين هي عملتلك حاجة !!"
"بيبان يا مازن ، الفشلة بيبان عليهم ، زي المعقدين كدة ، يعني أنا أول ما شوفتك قولت عليك معقد"
ليرفع يده وهو يقول بحركة مسرحية :
"يا سبحان الله ، مش ممكن ، ده أنا كمان قولت عليكي كدة ، معقولة أحنا متفقين للدرجادي"
عدلت نفسها في جلستها قليلاً وهي تحاول التحكم في أعصابها ....فمن الواضح أنه ذكي ....يحاول أغضابها بردوده المستفزة
"أحممم عشان ننهي الموضوع ، أنا بنتي بتحبك وجداً كمان ، وكمان فكرة أني أربيها لوحدي دي مستحيلة عشان أنا مش بعرف أتحكم في أعصابي في أوقات كتير ، وأني أمد أيدي عليها مرة تانيه مينفعش يحصل تاني أبداً"
"ما أنت معاك أختك ، ما تخليها تربيها معاك"
رفع كتفيه وهو يقول بسخرية :
"للأسف أختي فاشلة ومش فالحة في حاجة زي ما أنتي قولتي"
تنهدت بتعب وهي تقول بنبرة باردة :
"بص بعيداً عن كلامك حضرتك إلى كله صح ، ومنكرش أن أنا كمان أتعلقت بملك ، وأن أنت وأختك أفشل من بعض ومش هتعرفوا تربوها ، بس أنا والجواز مش بنجتمع في جملة واحدة ، ومش هيحصل أبداً ، فالحل أن أنا أخد ملك وأربيها وتقدر تشوفها في أي وقت أنت عايزه"
لم يسيطر مازن على ردة فعله لينهض بغضب ويقول :
"حلاوتك ، ده في المشمش ، أنتي عايزة تاخدي مني بنتي"
رفعت مهرة حاجبها وهي تقول في نفسها :
"ده بيتحول !!"
ثم قالت لمازن بهدوء :
"أقعد يا مازن ، أحنا بنتكلم أنت شايفني خدتها وطالعة بيها على المطار"
جلس مازن وهو يقول بقلة صبر :
"وبكل أختصار عشان أنا مرارتي أتفقعت ، أنا موافق على كل شروطك وكل طلباتك في سبيل أنك توافقي يا مهرة ، وأنجزي وبطلي تعندي وتقولي مش موافقة ، لأن أنتي هتوافقي عشان أنتي كمان محتاجاني ، مهو مش معقول هتفضلي خايفة من طليقك ده العمر كله"
ظهرت الصدمة على صفحة وجهها وهي تقول بنبرة غريبة وهي تشير للمطبخ الذي به بدور :
"قالتلك صح ، أنا كنت حاسة ، وقالتلك أيه تاني"
"مقالتش غير أنك أتجوزتي وأنتي عندك 19 سنة ، وأن طليقك كان واطي وندل وأنتي بتكرهيه ، ومش بتحبي تقعدي في مصر عشان طلقكم مكنش على هواه ، ف أنتي خايفة ليلاقيكي ويعمل فيكي حاجة ، أكتر من كدة معرفش وميهمنيش أعرف"
نظرت له قليلاً وهو ظل صمتاً تاركها تفكر بهدوء ، هي قوية بما يكفي ....لكن ينقصها الأمان وهو سوف يمنحه لها ....أن كانت هي لا تثق في الرجال فهو غيرهم ....فهو متأكد من أنه يسطيع منحها الأمان الذي تريده
لتفاجئه بقولها :
"هنبقى أخوات"
نظر لها بعدم فهم ، لتوضح له :
"هنعيش في البيت زي الأخوات ، أنا هربي ملك وبس ، أنما أننا نكون زوجين طبيعين ده مش هيحصل"
لوي شفتيه دليلاً على عدم أهتمامه :
"عادي مش مهم الموضوع ميفرقش معايا"
"محدش هيتدخل في حياة التاني يعني لا أنت تسألني رايحة فين وجيا منين أو العكس"
"لو سألتك هيكون من باب العلم بالشئ مش أكتر"
"أنا بحب أشتري لبس كتير جداً ، وممكن كل أسبوعين تلاته تلاقيني رايحة أعمل شوبينج"
"مفيش مشكلة برضو طلما الموضوع مش هيأثر على ملك"
"وكمان هشتغل"
هز رأسه بهدوء :
"معنديش مشكلة بس يكون في نطاق البلد ، يعني مش ترجعي شغلك إلى برة مصر وتقوليلي أنت وافقت على شغلي ، يا تشتغلي في فرع شركتك في مصر ، يا أما تشوفي أي شركة تانيه تشتغلي فيها"
"تمام و ....أنت عرفت منين أن أنا بشتغل في شركة"
أبتسم لها بهدوء ثم نظر إلى المطبخ ، لتفهم مهرة أن بدور فضحتها
"بصي يا مهرة أنا عارف عنك حاجات كتير ، سواء في طريقة تصرفاتك من ملك ، أو في الماضي والحاضر بتاعك من خالتو"
حاولت الهدوء وهي تقول بنبرة متوترة :
"بعيداً عن أنها خالتي أنا مش خالتك أنت ، وبعيداً برضو عن ملك إلي خلتها تراقبني من غير ما أخد بالي ، بس المهم دلوقتي أنت تعرف عني أيه بالظبط"
بدأ مازن في سرد أحداث حياتها الخاصة بالعمل الذي سردتها له بدور بالتفصيل ، فهو يعلم أنها درست الهندسة بعد الزواج ، وتخصصت في مجال الكمبيوتر وبعد الأنتهاء من دراستها أنفصلت عن زوجها ، وعملت بلندن ثم سافرت إلى فرع الشركة بألمانيا ، ثم أنتقلت قبل عدة أشهر إلى إيطاليا في سنتان فقط
صمت قليلاً ثم قال بمرح :
"أنا صراحة كل ده ميفرقش معايا ، إلى فرق معايا أوي طفولتك المتشردة والغير مبررة ، هما كلهم مقتنعين أنك طلعتي بنت بالغلط وأن أنتي أصلا راجل"
لم تتمكن من أخفاء صدمتها ظلت تقنع نفسها أن لم تفضح على يد خالتها ، لتقول له بفضول :
"هيا قالتلك أيه بالظبط"
"يووووه كتير أنك مثلاً كنتي بتضربي العيال في الشارع ولا أجدعها راجل وأن العيال كانت بتخاف منك ، وأن شعرك مكنش بيطول زي البنات لا ده أنتي دايماً قصاه ، وأنك كنتي بتحدفي الناس من البلكونة بالبيض في الشارع ، ده غير طبعا الكتاكيت إلى كنتي بتقتليها وأنتي صغيرة ، وأثناء عدم وجود راجل البيت إلى هو جوز خالتك كنتي أنتي الراجل ، وصراحة أنا مضحكتش في حياتي قد ما ضحكت وأنا بسمع هبلك وأنتي صغيرة"
"هبلي ميرسي يا أبن الأصول"
"طيب تمام بما أنك وافقتي على الجواز نكتب الكتاب أمتى"
"كتب كتاب !! ، على فكرة أنا لسة موافقتش"
ليصحح لها عباراتها :
"قولتي شروطك وأنا وافقت يعني أنتي موافقة"
تنهدت بقلق وهي تقول :
"سبني كام يوم أظبط موضوع شغلي ، وأجيب حاجتي من إيطاليا"
ليقول لها بعملية :
"طيب تمام وأنا هاخد ملك عشان تعرفي تظبطي أمورك بهدوء وكمان عشان ترجع لمدرستها ، خدي وقتك وأهدي مش لازم السربعة أنا مش مستعجل ، أينعم هو جواز من غير جواز بس أسمها حياة جديدة ولازم تجهزيلها"
أكتفت بأيماء رأسها ، تحرك مازن إلى المطبخ ، لتناديه مهرة ، التفت لها لتقول :
"فكرة الجواز كانت مستحيل تدخل دماغي من تاني ، لولا ملك لأني عارفة كويس يعني أيه بنت من غير أم ، وأن لولا بدور كان زماني موصلتش لأي حاجة من إلى وصلتلها ....أنا وثقت فيك فياريت تكون قد الثقة بدل ما تندم"
ليجيب عليها بنبرة قوية :
"بعيداً عن أن أنا مش بتهدد ، بس مفيش حاجة تخليني مصدر خوف لواحدة خلتني مصدر أمان ليها"
🕺🏻💃🏻🕺🏻💃🏻🕺🏻💃🏻🕺🏻💃🏻
(الفصل الرابع)
_في منزل بدور_
"بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير"
أنهى المأذون جملته لتشعر مهرة بأنقباض في صدرها ، سحبت يدها سريعاً من يد مازن الذي نظر لها وأبتسامة مطمئنة تزين وجهه ، ربتت بدور على ظهرها وهي تشعر بخوفها ، أمسكت مهرة القلم بيد مرتعشة ومضت على عقد الزواج
دقيقة وأثنان وأنتهى كل شئ وذهب المأذون داعياً لهم بالرفاء والبنين
تحرك مازن ليوصل المأذون إلى الباب ومعه معتز السكرتير الخاص به الذي كان أحدى الشهود ، أغلق الباب ثم عاد مرة أخرى ، نظر له يامن الذي جاء به ليكون الشاهد الثاني على زواجه من تلك المهرة الجامحة ، هز مازن رأسه ثم قال بهدوء :
"يلا يا مهرة ، عشان مينفعش نتأخر أكتر من كدة ، أنتي عارفة أني سايب ملك لوحدها في البيت"
تنهدت مهرة ثم نهضت وهي تقول :
"الشنط راحت العربية"
قالت بدور هذه المرة :
"أيوة نقلوا شنطك كلها في العربية"
رفع يامن حاجبيه بمرح :
"شنطك !!! ، هما كتير ولا أيه"
قالت وهي تهز رأسها بالسلب :
"لا ده أنا واخدة الحاجات المهمة بس ، لسة في حاجات ليا هنا هبقى أخدها بعدين"
قال مازن بملل :
"طيب خلاص ، ممكن يلا مش عايز أسيب ملك أكتر من كدة"
تحركت مهرة ويامن وراء مازن ، سمع يامن همس مهرة الحانق :
"طلما مستعجل كدة يا أخويا مجبتهاش ليه معاك وخلصتنا"
صعدوا ثلاثتهم في السيارة ومن سوء حظ يامن كان هو من يجلس بجانب الحقائب الكثيرة وهو يشعر بثقل في نفسه من أزدحام المكان
قال مازن وهو ينظر له في المرآة :
"أنت كويس يا يامن شايف أنك مش مرتاح"
ثم أكمل بمرح :
"ياريت حاجات مهرة القليلة دي متكونش مضايقاك"
قال يامن بحنق :
"ياريت أنا إلى مكونش مضايق حاجات مهرة .....هما العمال مكنوش قادرين يحطوا الحاجة في شنطة العرابية"
لتقول مهرة بنبرة هادئة :
"ما شنطة العربية أتملت والباقي حطوه في الكنبة جمبك"
كاد مازن أن يفتعل حادث لولا ستر الله ، ثم قال بنبرة مصدومة :
"يعني كمان شنطة العربية مليانه"
قال يامن بمرح حانق :
"ياريتنا كنا طلبنا نص نقل ولا شركة شحن عشان خاطر شنطك يا ست مهرة"
____________
توقفت السيارة أمام منزل مازن ، هبطوا ثلاثتهم ودلفوا إلى المنزل ، ثوان وجاءت ليان المرحة والتي ما أن أبصرت مهرة ، نظرت إلى يامن ومازن وهي تطلب تفسير لوجود مهرة
نظروا ثلاثتهم لبعض ثم قالت ليان لمهرة :
"هو أنتي نسيتي حاجة هنا يا مهرة ولا أيه !"
لتقول مهرة بأبتسامة سمجة :
"لا يا حبيبتي أنا جيا أقعد هنا"
صمتت قليلاً ثم قالت ببرود :
"على طول"
"يعني أيه !! ، لا فهميني عشان مش فاهمه ....أيه إلى بيحصل يا مازن"
تحدث مازن هذه المرة :
"مهرة أطلعي لملك دلوقتي وسبيني أتفاهم مع ليان"
تحركت مهرة إلى غرفة ملك ولكنها قالت بصوت عال :
"سلام يا أخت جوزي"
وتحركت تصعد السلم ، لتقول ليان بغيظ :
"أيه إلى بتقوله البت دي يا مازن"
أمسك مازن يد ليان وأقترب من أحد الأرائك يجلسها عليها وهو بجانبها ، جلس يامن بجانبهم لغرض الأستماع للحديث وأنقاذ أخيه أذا تطلب الأمر ، قال مازن بضيق :
"أنا هفهمك يا ليان ، بصي أنا عارف أنك كام يوم وهترجعي لبيتك ويامن كذلك وأنا مش هعرف أربي ملك لوحدي"
لتقول ليان بحدة :
"ومين قال أنك هتربيها لوحدك ، كنت هبقى معاك ، كنت هاجي وأقعد معاك أنا وزياد وأربيها ، مش تعمل العملة السودة دي ، تروح تتجوز ومين دي ، دي تقريباً مبتفهمش حاجة غير في اللبس وأزاي تهتم بنفسها"
ليقول يامن بحنق :
"ولله وأنتي أيه إلى مضايقك أنها بتهتم بنفسها !! ، عادي ما أنتي كنتي بتهتمي بنفسك ولا سندريلا ، هوب أتجوزتي وخلفتي ومحدش عارف أيه إلى جرالك ، وهيا برضو أتجوزت ولله وأعلم خلفت ولالا ولسة زي ما هيا"
ولأنها أنثى تركت الموضوع الأساسي وأستدارت ليامن تواجهه بغضب :
"يعني أنا بعد الجواز بقيت وحشة يا يامن"
"ولله أنا مقولتش كدة ، أنا قولت البت خرجت من جواز ولسة حلوة وإلى يشوفها ميصدقش أنها 27 سنة ، وأنتي وهيا الفرق بينكم سنة ولا سنتين ، بس هيا مهتمه بنفسها ، وأنتي كل إلى بتعمليه بتطبخي وتاكلي"
نهضت ليان من وسطهم وهي تقول بحزن :
"ماشي يا يامن ميرسي على الأهانة ، وأفتكر يا مازن أني قولتلك أن مهرة دي مش كويسة وكلها أسبوع وتصدق كلامي"
وتركتهم وصعدت إلى غرفتها ، نظر مازن إلى يامن الذي قال :
"تفتكر زعلت"
هز الثاني كتفيه وهو يقول :
"معرفش ، بس أنت عارف أختك قموصة ، وبعدين النسوان مش بتحب المقارنة"
صمت قليلاً ثم لطمه على مؤخرة رأسه وهو يقول :
"ألا صحيح يا يامن يا حبيبي ، أيه حلوة ومهتمه بنفسها والحاجات إلى بتقولها على مراتي دي !! ، أنت أهبل"
نهضت يامن وهو يقول بضيق :
"يعم في أيه أنت هتقرفنا من أولها ، أنا خارج"
"في داهية"
(المشاعر الأخوية الجياشة 😂)
___________
في المساء
ظلت ليان تجلس في غرفتها ولم تخرج للغذاء ، ولم يكلف مازن نفسه للصعود لها وأكتفي بصعود يامن الذي ردته حانقاً من أفعالها الطفولية ، تناولوا الغذاء بهدوء مريح للجميع وسط فرحة ملك بعدما علمت بمكوث مهرة الدائم معها ، وبعد الغذاء جلست مهرة في غرفتها تفرغ حقائبها لتأتي ملك وتطلب منها مشاهدة أحدى أفلام الرسوم المتحركة معها ، لتوافق مهرة لكن بشرط أنهاء واجباتها المدرسية المتأخرة ، وبعد أنهاء الواجبات ها هم يجلسون أمام التلفاز ومهرة تتابع البحث في الهاتف وهي تقول :
"عايزة تتفرجي على كارتون أيه يا لوكة"
قالت ملك بعد تفكير عميق :
"ممكن نتفرج على سندريلا أو سنو وايت"
"أيه الكارتونات البناتي دي !! ، لا بقولك أيه أنا مش بحب الكارتونات بتاعت الأمير والمسخرة دي ، ممكن نجيب تنة ورنة أو Frozen ، أو تنانين وفرسان قرية بيرك
فكرت ملك قليلاً :
"طيب خلاص كارتون تنة ورنة"
__________
(بعد قليل)
زفر مازن بضيق وهو ينظر للمرة الذي لا يعرف الكم للحاسوب ويجده مازال يحمل النظام الخاص بشركة مازن منذ ساعتان ، فالأنترنت بطئ بشكل يهلك الأعصاب هو لم يكن أبداً بمثل هذا البطئ ، ما الذي جد !
مهرة الذي جدت على المنزل
نظر قليلاً للحاسوب ورأى أن التحميل مازال في المنتصف ، ليتنهد بحنق ويخرج من مكتبه صاعداً إلى غرفة مهرة
دق الباب بهدوء وهو يحاول أبعاد أي عصبية عنه ، فهو لا يريد أن يشاكلها منذ أول يوم
دق مرة ثانية وثالثة ولكن هي لا تجيب ، فتح الباب بعصبية ليجد الأريكة متحركة من مكانها لتصبح أمام التلفاز ورأس مهرة بشعرها الهائج يظهر من الأريكة ، أقترب منها بخطوات هادئة ، ليجد أبنته تضع رأسها على فخذي مهرة والأثنان نائمين بعمق ، لم يحدث هذا أبداً ....لم تكن أبنته من محبين مشاركة أفلامها المفضلة مع شخص ما
أقترب من مهرة أكثر ليوقظها لتذهب إلى فراشها ولكن لا حياة لمن تنادي ، وبلحظة مجنونة أبعد خصلات شعرها عن وجهها ليدقق في ملامحها بأستمتاع ، أكتشف أنها لا تشبه مريم ، عندما يقترب منها يجد تفاصيل كثيرة مختفية ، فهي صاحبة وجنتي كبيرة ، ورموشها كثيفة ، بعيداً عن شعرها الطويل الذي يشبه سواد الليل وهو يرقد على جانبيها بلا أهتمام لكن يعطيها جاذبية خاصة ، وكأنها ساحرة شريرة خرجت من الظلام للتو ، ليست ملاك أبداً ، لم يتمكن من منع أبتسامته الصغيرة من الخروج مع تشبيه بأنها ساحرة فهي تملك لسان الساحرات السليط والملاوع في كثير من الأحيان ، لكن يجب أن يعترف أن أبنته تحبها وبشدة
حمل طفلته وذهب بها إلى غرفتها ، ثم عاد لمهرة وحاول أيقاظها عدة مرات حتى فقد الأمل أن تستيقظ ، ليحملها بين ذراعيه ، وهنا يعرف أن الفرق بينها وبين مريم لم يكن شكل فقط ، بل أنه وزن ، فمهرة أثقل من مريم بكثير ، وضعها على الفراش ، وأمسك هاتفها يغلق الأنترنت ليكتشف سجل التحميلات فهي كانت تحمل أكثر من 20 فيلم رسوم متحركة في وقت واحد ،
أيتها الشمطاء وأنا بالأسفل أتوسل للأنترنت كي يفتح النظام
أغلق التلفاز وحمل أكواب المشروب الغازي الفارغة بيد وبالأخرى صحن حبوب الذرة الذي تبقى منه القليل ، خرج من الغرفة وأغلق الباب بقدمه ولم يتمكن من أغلاق النور بسبب أمتلاء يده
هبط للأسفل وترك هذه الأشياء في المطبخ بعدما أخذ القليل من حبوب الذرة في يده ليأكلها ، ثم ذهب إلى مكتبه الحبيب ليجد أنه تم تحميل النظام ومراجعة عدد العمال وأجمالي النشاطات اليوم في الشركة
نظر للحاسوب وقال بأبتسامة واسعة :
"أهو ده الشغل ولا بلاش مش الشلل إلى كنت فيه"
___________
(في الصباح)
خرجت للركض كعادتها وهي تشعر بالحيوية والنشاط وبعد قليل عادت لتجدهم يستعدون للأفطار ، ألقت تحية الصباح وذهبت لغسل يدها سريعاً ثم عادت وجلست بين مازن وملك مما أدي إلى ضيق ليان وهي تشعر بمهرة تحاول الأقتراب من مازن دون أن يلاحظ
لتقول مهرة لمازن بهدوء :
"هو أنت خدت ملك من عندي أمبارح"
هز رأسه وهو يرفع فنجال القهوة إلى فمه ، ثم قال قبل أن يرتشف منه :
"ونقلتك على السرير وظبطت الكركبة إلى كنتوا عملينها"
أكتفت مهرة بهز رأسها بضيق ولم تعترض ، ليقول مازن موضحاً :
"أنا كنت طالع عشان أشوف أيه إلى مخلي النت معلق عندي كدة ، روحت أسالك لقيتك نايمة ، بس خدت تليفونك وقفلت النت عشان أعرف أشتغل أنتي كنتي بتحملي حاجات كتير أوي في وقت واحد"
حمحمت مهرة بحرج وهي تقول مشيرة إلى ملك :
"دول لملك ، أنا كنت بحملهم لملك"
رفع حاجبه بمكر ثم قال :
"ده كان كله أجنبي ، هو أنتي متعرفيش أن ملك بتسمع مدبلج بس"
أخفضت رأسها بحرج ، ليلاحظ مازن نظرات ليان الغاضبة ، كادت ليان أن تتكلم وتعبر عن غضبها ، لكن قاطعها مازن وهو يقول :
"بس كويس أنك حملتيهم ، أكيد عشان ملك تتأقلم مع الأنجليزي ، أحسن دي مش بتحبه خالص ، ممكن لو دخل في الحاجات إلى بتحبها ، تتقبل اللغة وتحبها"
فهمت مهرة أنه يحاول أنقاذها من ليان التي من الواضح من هيئتها أنها تنوي أفتعال مشاكل ، لم تعيرها مهرة اهتمام و بدأت تعمل شطائر المربي لملك في حين كانت تراقبها عيون متربصة منتظرة منها غلطة بسيطة ، وضعت مهرة الطعام في صندوق الغذاء البلاستيكي (الانش بوكس) ، ووضعتهم في حقيبة ملك ، لتقول ملك ببراءة :
"ميرسي يا خالتو"
"مش قولنا بلاش خالتو دي يا لوكة ، أنا مش كبيرة للدرجه دي أنا لسة صغيرة"
لتقول ليان بحنق :
"صغيرة !! ، أومال هتكبري أمتى لما يكون عندك 60 ، 70 سنة"
نظرت لها مهرة بتحدي وهي تقول :
"لا أنا هعيش وهموت صغيرة حتي بعد 70 سنة هفضل ألعب بالمراجيح وأتفرج على كارتون وأفرح لما أشتري بلالين وورد ، هفضل زي ما أنا لأن العمر مجرد رقم بالنسبالي"
نظرت لها ليان مطولاً ثم أكملت طعامها ببرود وكأنها لم تستمع شيئاً ، لكن مازن ويامن نظروا لبعضهم نظرة ذات معان كثيرة ، وهم يشعرون بأن الكلام موجهه لليان ليجعلها تفيق من غفلتها
__________
مر اليوم بهدوء وفضلت مهرة البقاء بغرفتها ، متجنبة ليان بأقصى الطرق ، فهي لا تريد أفتعال مشاكل من الآن ، بعدما عادت ملك من المدرسة بدأت بمساعدتها في عمل الواجبات المدرسية ، ثم قررت أن تبدأ معاها بدراسة مادة الأنجليزي فكلما كانت صغيرة كلما كان تحسنها في اللغة أحسن وأسرع
__________
كان مازن يجلس يتابع أعماله على حاسوبه ، في أنتظار تجهيز الغذاء ، في حين دق جرس الباب معلناً عن زائر غريب ، فتحت العاملة الباب بتلقائية ، لتكشف عن هوية الزائر ، كان شادي ووالدته يعرفون مازن وعائلته بحكم جيرتهم الذي دامت 3 سنوات لا يعرفون فيها سوى أن مازن لا يحب الزوار ووجه دائماً متهكم وعلامات الأشمئزاز طابعة على وجه كالصمغ ، دلفت والدة شادي أولاً وكانت تدعى (صفاء) وورائها (شادي) الذي كان تقريبا في منتصف العشرينات ، وقفت في نصف المنزل وهي تقول بأدب :
"أهلاً أستاذ مازن أسفة أني جيت من غير معاد ، بس الموضوع ميحتملش"
عقد حاجبيه بدهشة ، حيث لا يوجد بينه وبينهم أي علاقة من الأساس ، لكنه قال بنبرة باردة كعادته :
"لا عادي ، أتفضلي أقدر أساعد حضرتك أزاي ؟"
أشارت إلى ذراع أبنها المختفي نصفه بين الجبس ويغطيه حامل يعلقه في رقبته ، ثم قالت بنبرة حانقة وقت تخلت عن الأدب البادي في أول الحديث قائلة :
"أخت حضرتك المحترمة ضربت أبني ولوت له دراعه كسرتهوله"
أشار إلى صدره وهو يقول بصدمة غير مصدق تماماً ما تهذي به تلك العجوز الخرفاء :
"أختي أنا !! ، أنتي بتقولي أيه أنتي أكيد غلطانة"
ليقول شادي بنبرة ضعيفة :
"لا أنا شوفتها هي كانت طالعة من البيت الصبح وكانت بتتمرن حوالين الكومباوند ، جيت سلمت عليها عادي بحكم أننا جيران ، لقيتها ضربتني ورمتني في الأرض ومشيت"
نظر له مازن وهو يضيق عيناه بعدم أقتناع ، لتقول صفاء وقد فهمت مقصده :
"لو حضرتك مش مصدقني أجيب لك الأشاعة إلى تأكد أن أبني دراعه أتكسر"
قال يامن بسرعة الذي كان يستمع للحديث منذ بدايته :
"لالا أحنا مصدقين حضرتك وكل حاجة ، بس أختنا مش بتخرج تعمل تمارين أصلا"
هبطت ليان على صوت الباب وكانت تعتقد أنه شخص آخر ، لكنها وجدت هذان الزائران الغريبان ، نظرت لهم ليقول مازن :
"هي دي يابني !!"
هز شادي رأسه بالسلب وهو ينظر لليان :
"لا مش هيا"
نظر مازن ويامن لبعضهم ، ثم قال مازن لشادي :
"ثانية كدة ، هي قصيرة وشعرها طويل أوي وبشرتها قمحاوية كدة ، وكانت لابسة تيرنج أسود"
"بالظبط"
أغمض مازن عينه يحاول أستيعاب أن زوجته المصون ضربت جارهم ، ثم قال ليامن :
"يامن لو سمحت روح نادي لي مهرة كدة"
بعد قليل جاءت المصيبة أو مهرة الذي هبطت وما أن أبصرت شادي أبتسمت له بسخرية :
"أيه هي العلقة بتاعت الصبح مكفتكش فجي لحد البيت عشان أضربك تاني"
نظرت لها صفاء بغضب وهي تقول :
"أزاي يا مدام يا محترمة تمدي أيدك على حد بالشكل ده ، فين الأدب ، أنا لولا أستاذ مازن كنت روحت بلغت البوليس وعملت فيكي محضر"
هزت مهرة ذراعيها وهي تقول بالامبلاة :
"طب وجيتي ليه ما كنتي تروحي ، ولا عايزاني أروح معاكي"
نظرت صفاء لمهرة وهي تحاول أكتشاف نوع الحيوان الواقف أمامها يبطش بها دون حياء أو أدب ، ليقول مازن :
"مهرة ......
أوقفته بيدها وهي تقول :
"ثانية يا مازن ، المدام جيا تشتكي لأبنها وبتقول عليا مش مؤدبة طب ما تشوفي آدب أبنك الأول بعدين لقحي على غيرك يا حجة"
صرخت بها صفاء بحدة :
"أنا أبني محترم غصب عنك وعن ....
قاطعتها مهرة بغضب من صراخها :
"طب وطلما محترم جيتي ليه يا حجة ، ما تروحي تبلغي فيا ولا عايزة أسمي ثلاثي ، وبعدين أنتي واثقة كدة ليه أنه محترم ، هو بيشتغل شيخ بعد الظهر"
صرخت مهرة بشادي :
"ما تقول يا ننوس مامي عملت أيه ، ولا أقول أنا"
همس شادي بنبرة ضعيفة :
"يلا يا ماما نروح قولتلك بلاش"
نظرت صفاء لأبنها بحدة وهي تقول :
"طلما مش غلطان يبقى تاخد حقك"
عدلت مهرة شعرها وهي تعدل وقفتها المغرورة قائلة بسخرية :
"وهو بذمتك في واحد مش غلطان يبيقى واقف شبه الفار المبلول كدة ، أنت عملتها على روحك قبل ما تيجي يا بني ، أنا ش ....."
أوقفها مازن وهو يسحبها إلى الأعلى حتى ينهي هذا الموضوع ، فمن الواضح أن شادي مخطئ ومهرة لن تصمت ، فتح باب غرفتها وأدخلها ثم قال :
"متخرجيش من هنا"
وأغلق الباب ثم هبط إلى صفاء مدافعاً عن زوجته التي كان محل أدانتها هو أسلوبها الهمجي في رد الفعل سواء بيدها أو لسانها ، أنهى الموضوع وذهبت صفاء وهي تتواعد لشادي ، جلس مازن على الأريكة لتقول ليان بضيق :
"أيه الأرف ده ، شوفت مهرة كانت بتتكلم أزاي ، دي كانت بتردح"
ضحك يامن وهو يقول بمرح :
"والنبي جدعة ده خلت الواد شبه الفار المبلول فعلاً ، أول ما شافها مقدرش يتكلم لا هو ولا أمه ، صحيح أنا هموت وأعرف هو عملها أيه عشان تضربه كدة"
نظر مازن له ثم نهض صاعداً إلى غرفة مهرة ليستفسر عن ما حدث ، دلف إلى الغرفة دون أن يدق الباب ، نظرت له مهرة بضيق ثم نهضت من على الأريكة وهي تقول :
"أفندم !!"
أشار مازن إلى الأسفل وبنبرة غاضبة قال :
"أقدر أفهم أيه إلى عمله الراجل ده يوصلك أنك تكسري دراعه"
قالت له ببرود :
"لمس أيدي بطريقة ضايقتني ونظراته معجبتنيش روحت أديته جزاءه وضربته"
صرخ بها بحدة :
"طب ولما يحصل حاجة زي كدة المفروض تقولي للرجالة إلى في البيت وهما يجيبوا لك حقك ، أنتي قولتيلي وأنا مجبتش حقك !!"
هزت مهرة رأسها بالسلب ليكمل مازن صراخة الذي أزداد حدة :
"يبقى المفروض أنك تقوليلي وأنا أروح أكسحه عشان حاول يتعدي على حرمة بيتي ، أنما بعملتك دي أنتي متدنيش الحق أني حتي أدافع عنك ، جايبلي مشكلة الراجل يقولي مراتك كسرتلي دراعي !!! ، شكلك نسيتي بس أنا هفكرك ، أنتي مراتي وواجبي أني أبقى سندك وضهرك حتي لو الجواز مش حقيقي"
نظرت له طويلاً ترغب في البكاء والصراخ بأنها تريد حمايته وسنده لها ....تريد ذلك بشدة تؤلمها ....تريد التوقف عن لعب دور المصارع أتجاه أي رجل تراه
وبرغم كل صراعتها الداخلية قالت ببرود :
"متقلقش عليا يا مازن أنا متعودة أبقى الراجل والست"
أقترب منها وأمسك رأسها بقوة قائلاً بغضب حارق :
"لا يا حبيبتي الكلام ده قبل ما تبقى مراتي ، أنما أنتي دلوقتي مراتي ومسؤلة مني ، حتي لو موضوع الجواز ده صوري ، مع أني ممكن أخليه حقيقي في أي وقت ، لكن ......
قاطعته مهرة وهي تقول بنبرة لعوب :
" حقيقي !! ، وده مين بقى إلى هيسمح لك أنه يكون جواز حقيقي ، أنت فاكرها سايبة"
ليقول بنبرة ساخرة :
"سايبة مين أنتي مراتي يا ماما ، هتروحي تبلغي عني وتقوليلهم جوزي خد حقوقه"
نظرت له قليلاً ثم وبلحظة جنون مزقت الكنزة القطنية التي كانت ترتديها ، ولم تكتفي بذلك بل دفعت مازن للوراء ليسقط على الفراش الذي كان وراءه ، صعدت فوقه وجلست على معدته مجبرة أياه على النوم ، ثم أقتربت منه قائلة بفحيح أفعى :
"تفتكر لو صوت دلوقتي ولميت أخواتك عليك وأحنا في الوضع المخل ده ، وقولتلهم أخوكم إلى وعدني أنه مش هيجي جمبي بيتهجم عليا ، الراجل إلى مش قد كلمته أهو ، وأروح أخربش نفسي كام خربوش كدة وأروح أبلغ عنك أنك راجل غير متحضر وبتستخدم أسلوب غير أدمي في التعامل معايا ، وأروح لمنظمات حقوق المرأة والأنسان وأتكلم عنك وكلهم يجرو وراك ويقولو رجل الأعمال مازن ريان الهمجي .....
نظرت له وهي ترى مدى تأثير كلامها عليه ....فمن الواقع أنه صدم نهائياً من تفكيرها ، لتكمل مخططها الشرير :
"ده ممكن يعملوا هاشتاج على التويتر يطالبوا به بمقاطعت شركتك و عدم التعامل معاها ، وأنت عارف المصرين ما يصدقوا يلاقوا راجل مش كويس وسطهم ، بيسلخوه"
ثم أقتربت من أذنه وهي تقول بخبث :
"فــ متحاولش تتعامل معايا بذكاء عشان مهما كنت ذكي أنا أذكي منك"
ثم أبتعدت عنه وجلست على طرف الفراش وهي تضع قدم على الأخرى قائلة بنبرة ملاوعة :
"يلا أخرج برة يا زومي عشان عايزة أغير التيشرت إلى أنت قطعتهولي"
نهض من على الفراش وتحركت بخطوات سريعة خارج الغرفة وهو يقول بتمتمه :
"دي أكيد مجنونة ، دي مش ممكن تكون طبيعية"
وقبل أن يخرج سمع جملتها الأخيرة الموجهه له :
"شرفت أوضتي المتواضعة يا زوما"
أغلق مازن الباب وهو يشعر بالصدمة الشديدة ، ولأول مرة يقول أن ليان صادقة ليس مجرد نفسنه بنات ، فمهرة خطيرة وغالباً مريضة نفسية ، لا يمكن أن يكون هذا عقل لأمرأة سوية أبداً ، قاطع تفكيرة ملك التي أمسكت بطرف قميصه القطني وهي تنادي بأسمه ، هبط لمستواها وهو يقول بحب :
"أيه يا قلبي"
أعطته الكشكول الذي بيدها وهي تقول بالأنجليزية مشيرة إلى نفسها :
" I'm malak"
أبتسم لها وهو يداعب وجنتيها بساعدة :
"برافو يا قلبي ، بقيتي شاطرة أهو وبتحبي الأنجليزي ، هتجيلك منحة أمريكا أمتى يا سعدية"
عقدت الصغيرة حاجبيها بعدم فهم ، ليقول مازن معدلاً :
"بس شاطرة يا حبيبتي مين عملك كدة"
"مهرة"
أكتفي بهز رأسه ، وهبط ليستعجل الغذاء
__________
بعد قليل أنهوا الغذاء بصمت وسط نظرات مازن الغريبة أتجاه مهرة ، فيبدوا أن الهدوء والسكينة الذي أنعم عليه بهم مع مريم ، سوف يدفع ثمنهم مع مهرة ، كان يجلس بهدوء يشاهد التلفاز بملل حتى دق الباب ، وكالعادة تحركت العاملة لتفتح الباب ، وسط دهشة مازن بالزوار التي أصبحت تأتيه كثيراً وهو كما يقولون لا يطرق أحدهم بابه ، سوى في الظروف القاهرية
دلف عمه هاشم إلى المنزل بهيبته الوقورة التي يتميز بها عادة ، نهض مازن أحتراماً له وهو مندهشاً قليلاً من زيارته المفاجئة على غير العادة ليقول بعدما دعاه للجلوس :
"خير يا عمي هو في حاجة ولا أيه"
ربت هاشم على فخذه وهو يقول بنبرة غريبة :
"خير يا حبيبي أن شاء الله "
صمت قليلاً ثم قال وهو يحاول الحفاظ بقدر الأمكان على نبرته الهادئة :
"أيه يا مازن موضوع أنك أتجوزت ده"
🕺🏻دمتم ساالمين ...
