رواية روحي تعاني
الفصل الاول 1 الجزء الثاني
بقلم مي أية شاكر
-أنا مش عايز أشوفك في الشركه تاني... اتفضلي.
-يا مستر هيثم والله أنا....
قاطعني بنبرة حادة وهو بيضغط على كلمات جملته:
-قلت اتفضلي...
بصيت ناحية باب المكتب اللي بيشاور عليه وبلعت ريقي وأنا بسأل نفسي يعني أنا كده انطردت من الشركه تاني!!
حاولت أمنع دموعي، اتسمرت مكاني للحظة وتسائلت هل دا عقابي لأني مصلتش من امبارح
اتجهت ناحية باب المكتب وأنا مش شايفه قدامي دا شغلي الوحيد اللي بصرف منه على نفسي وبدفع ايجار الشقه اللي ساكنه فيها حاليًا ومأجراها مع ثلاث طالبات مغتربات بيدرسوا في الجامعه.
أنا «سمر» بدرس في كلية تجارة في أخر سنه وعمري ٢١ سنه، ليا أخت كبيرة متزوجة، وأخ من الأب عنده ١٠ سنين.
والدي كان متزوج على والدتي من أكتر من ١٥ سنه وأمي كانت راضيه وصابرة لأنها بتحبه وكان مقسم أيام الأسبوع بين مراته الثانية وبين والدتي عشان العدل طبعًا! والموضوع ده أثر عليا جدًا لأني كنت بشوف والداي بتعاني وتبكي في صمت!
-إنتِ لسه واقفه ليه يا سمر!! اتفضلي لو سمحتِ.
خرجني من شرودي صوت مستر هيثم لما قال كده وهو بيشاور على باب المكتب بعصبية، هزيت راسي بالإيجاب وأنا حابسه دموعي...
بمجرد ما فتحت باب المكتب عشان أخرج لقيت أستاذه «همسه»_زوجة مستر هيثم وسكرتيرة مكتبه متزوجين بقالهم خمس سنوات ومعاهم طفل عنده تقريبًا ٣ سنين_ بصتلي بشفقه وطبطبت على كتفي وقالت:
-معلش يا سمر أنا هتصرف...
قلت بحشرجه:
-أرجوك يا أستاذه همسه أ... أنا محتاجه فرصه تانيه وهركز والله...
-قصدك فرصه رابعه يا سمر!
قالتها بسخرية فبصيت في الأرض بخجل كل شويه أعمل غلطة أصعب من التانيه للشركه، مستر هيثم تغاضى عن أول واحده وحذرني بعد التانيه وطردني بعد التالته وعنده حق، مش عارفه انطردت كام مره من الشركه على مدار سنه لكن أعتقد كانوا سته أو سبعه أو عشره! ورجعت الشغل تاني برده...
هزت همسه راسها بابتسامة صغيرة وطلبت مني إني أمشي وهي هتتصرف.
دخلت همسه مكتبه ووقفت أنا مكاني للحظات أسمع حوارهم...
همسه:
-مالك يا هيثم متعصب اليومين دول كده ليه؟ وبعدين هو كل شويه تطردها! على فكره بيكون شكلك وحش أوي وإنت بترجعها تاني!
قالت أخر جمله وهي بتضحك، فقال بعد صمت ثواني:
-لو جايه تتوسطي للبنت دي فبلاش يا همسه دي بنت مستهتره جدًا... وأنا على أخري...
همسه بابتسامة:
-مستهتره!!؟ مش بتفكرك بحد الكلمه دي...
ابتسمت همسه وكملت:
-مش عارفه ليه بحس سمر دي شبهي زمان... فاكر لما كنت بتفرج عليا الشركه كل يوم...
سمعت ضحكات مستر هيثم، تنهدت بعمق وتوجهت لمكتبي وأنا بقول في نفسي الله! ما إنت بتعرف تضحك أهوه...
استغفروا🍁
★★★★★
«همسه»
ورغم مرور خمسة أعوام على جوازي من هيثم إلا إن لازالت ضحكته قادره تخـ ـطف قلبي، قلت بابتسامة:
-البنت دي من يوم ما جت الشركه وإنت بتعاملها بطيبه وإحساس ومفرج عليها الشركه كل يومين!
-دي بنت لا تُطاق يا همسه والله لولا ياسر وياسين مكنتش استحملتها سنه كامله! وبعدين ياخدها ياسر في الشركه عنده هو سايبهالي هنا ليه!
-طيب عشان خاطري يا هيثم أنا بحبها أوي وبتفكرني بسجى الله يرحمها و...
قاطعني بابتسامة وسخرية لطيفة:
-همسه يا حبيبتي مش معنى إنك جيتِ الشركه لقيتها قاعده على مكتب سجى تعتبريها سجى!
تنهدت بعمق وقلت:
-مش كده بالظبط لكني بشوف في عينيها حيرتي زمان يا هيثم...
عقد يديه أمام صدره وقال بسخرية:
-يا شيخه!
قرب مني وابتسم وكمل وهو بيبص في عيني:
-حد قالك قبل كده إن عينك حلوه أوي...
ضحكت وقلت:
-محدش قالي كده غيرك...
قال بنزفزة مصطنعة:
-وهو حد يقدر يبص لعينك غيري ولا إيه!
-طيب متغيرش الموضوع هترجع سمر صح؟
بعد عني وقال بجدية:
-يومين تلاته كده أفكر...
-يا هيثم دي....
قاطعني بحزم:
-خلاص بقا يا همسه.... قولتلك هفكر...
زفرت بقـ ـوة وخرجت من المكتب متعصبه لأني عارفه إني مهما أجادل معاه مش هوصل لحاجه، وقبل ما أقفل الباب وسمعته بيقول بمرح:
-براحه طيب الله...
استغفروا🌸
★★★★★
«سمر»
مشيت بخطوات ثقيله ناحية مكتبي وأنا بفكر في حياتي واللي بيحصلي واللي بعمله، إيه الدربكه دي كلها؟! ياريتني ما كبرت...
-إيه يا سمر مالك؟
كان صوت «ريهام» بنت عم همسه، تصنعت الإبتسامة وقلت بلامبالاة زائفة:
-مستر هيثم طردني!
قالت بضحك:
-تاني! هو هيثم كل ما يلاقي نفسه فاضي بيطردك! متقلقيش هترجعي تاني بس خديلك كام يوم راحه في البيت على ما يهدى ويرجعك...
ابتسمت وقلت:
-ربنا يستر.
سابتني ومشيت وكل ما يقابلني حد يسألني مالي وإيه اللي جرالي وأقوله إني انطردت يضحك ويقولي هترجعي وكأنهم اتعودوا على كده!
اتجهت ناحية مكتبي بخطوات ثقيله وسندت ظهري للحيطه ووقفت أفتكر في ذكريات مش بتفارق عقلي وقلبي...
افتكرت والدتي اللي بعد وفاتها اضطريت أروح أعيش مع والدي وزوجته وهناك اتعرفت على ابن مرات بابا «كريم» شاب محترم جدًا ووسيم وفيه كل الصفات اللي تتمناها أي بنت، لكني ما كنتش بطيقه لا هو ولا والدته خطافة الرجاله دي!
ورغم إن معاملتهم معايا كانت كويسه جدًا إلا إني متحملتش الحياة في بيتهم وخصوصًا بعدما كريم اتقدملي وكلهم فرحوا ووافقوا ورحبوا بالفكره ولما رفضت والدي قالي:
-لو متجوزتيش كريم ملكيش قعاد معانا في البيت ولا تستني مني أصرف عليكِ.
لميت هدومي ومشيت من سُكات وروحت عند خالي قعدت عنده فتره لحد ما ابنه اتقدملي وبرده رفضته ومشيت من عند خالي بخيبة أمل...
روحت لعمتي وبرده بعد فترة ابنها عرض عليا الزواج ورفضت طبعًا، لأني مش ناويه أتجوز، فقررت ملفش بقا ولا أروح لخالتي ولا لعمي عشان كفايه كده مش كل شويه يتقدملي عريس وأخسر حد من قرايبي!
روحت عند أختي الكبيرة «نسمة» ما هو أكيد ابن أختي مش هيتقدملي مثلًا!
أختي متزوجه «ياسر» من ٨ سنين راجل مثالي بمعنى الكلمة ربنا رزق أختي بيه عشان طيبه، وهو حنين أوي عليا أنا كمان بيعاملني زي أخته الصغيرة، وعندهم بنوته عمرها ٦ سنين وولد عمره أربع سنين...
وبعد فترة قضيتها في بيت أختي اللي كان بيتردد عليه «ياسين» أخو زوجها شاب محترم جدًا أكبر مني ب ٤سنين خريج تجاره وأنا عارفاه حق المعرفه من ٨ سنين وعارفه أخلاقه واحترامه وأدبه اللي كله بيتحاكى بيه، طول ٨ سنين اللي فاتوا مكنش بينا إلا نظرات وابتسامات وسلامات عابرة! ومش هنكر إني كنت متابعه نظراته ليا وفاهمه معناها لكني عامله نفسي نايمه!
فرحت لما ياسين قالي إنه هيشوفلي شغل في شركة مستر هيثم وفعلًا استلمت شغلي هناك من سنه في قسم الحسابات.
وبعد فترة ونظرًا لجمالي الطاغي اللي محدش بيقدر يقاومه ياسين برده اتقدملي، فوافقت ما أنا لو رفضت مش هلاقي مكان أعيش فيه، يعني هسيب بيت أختي وأروح فين!!!
قررت أوافق على ياسين فتره كده وأطول الخطوبه بقدر الإمكان وخصوصاً إن بابا وافق عليه والخلاف اللي بيننا هيتحل لو ارتبطت به.
اتخطبتله ٣ شهور كنت بحاول قدر الإمكان أبعد عنه ومتعلقش بيه وبوجوده في حياتي، كان بيساعدني ويساندني طول الوقت وغصـ ـب عني اتعودت على وجوده جنبي، كنت بحس بانجذاب ناحيته ما أنا برده ضعيفه قدام نظراته، واحترامه الزيادة وكل الحنية اللي ليا لوحدي دي!
كنت بوبخ نفسي على كده لأني ناويه أسيبه بعد فتره، لكن ولأني خوفت على مشاعر أختي وزوجها وعلى مشاعر ياسين برده قررت أكمل الجوازه وخلاص، عشان مشاعرهم بس طبعًا مش عشاني خالص أكيد إنتوا فاهمين ده.
وقبل فرحنا بشهر عرفت بالصدفه إن «ياسر» أخوه متزوج على أختي وكمان مخبي عليها، الأرض اتزلزلت من تحتي، فجأة افتكرت أمي وبكائها كل ليلة، حسيت إن التاريخ بيعيد نفسه واللي حصل لأمي زمان هيحصلي أنا وأختي اتعقدت من الجواز ومطلعش معايا في الوقت ده إلا إني أنفصل عن ياسين...
ياسين حاول يتكلم معايا وطلب أديله فرصه واحده ونطول الخطوبه أكتر لكن لساني مكنش بينطق إلا:
-كل شيء نصيب ربنا يرزقك ببنت الحلال اللي تسعدك يا ياسين.
-بالله عليكِ يا سمر متعمليش فيا كده!
تجاهلت جملته وفعلًا انفصلنا وبعد ما انفصلنا بكيت كتير وكأن فيه حد أجبرني أسيبه مش أنا اللي سيبته من نفسي...
مرت الأيام وسيبت بيت أختي رغم رفضهم كلهم، عيشت في شقه بالإيجار مع ثلاث طالبات كنت عايزه أبعد عن كل الناس لأني جوايا حيرة ولغبطة ودربكه أنا بس اللي سمعاها! مع إني كده مبعدتش ولا حاجه كنت بشوف ياسين كل يوم في الشغل ما احنا بنشتغل في مكتب مشترك مع اتنين كمان غيرنا بنت في نفس سني وراجل كبير...
من يوم ما عرفت بجواز ياسر زوج أختي من ٦ شهور ومن لما سيبت ياسين وأنا مش مركزه ومتوتره وباين عليا الإرهاق، وياسين كان واخد باله مني وبيعاملني باحترام وود متغيرش أبدًا بسبب انفصالي عنه!
رجعت للواقع على صوت مستر مراد:
-واقفه كدا ليه يا سمر!
اتخضيت واتعدلت في وقفتي وقلت:
-هه... لا أصل... أصل مستر هيثم طردني!
-تاني؟!! طردك تأتي!! طيب روقي أنا هتكلم معاه متقلقيش...
هزت راسي بابتسامة باهتة، مستر مراد ابن عم مستر هيثم إنسان محترم جدًا ومش عصبي زي مستر هيثم!
بصيت عليه لحد ما دخل مكتب ريهام، وسألت نفسي هل فعلًا كل الرجاله زي والدي وياسر! يعني إنا بشوف مستر هيثم باين عليه إنه بيحب همسه ومكتفي بيها عن كل الستات، ومستر مراد واضح جدًا حبه لريهام ومكتفي بيها برده! ولا قلب الراجل فعلًا زي البطيخ يسع من الأحبه ألف!
تنفست بعمق حاولت أظهر طبيعية خصوصًا قدام ياسين ودخلت المكتب وأنا ببلع ريقي بقلق...
قعدت على مكتبي أجمع أشيائي...
كان متابعني بطرف عينه وأنا بلم حاجاتي اتوترت لما رفعت عيني ولقيته جاي ناحيتي، قال بقلق:
-إنتِ كويسه؟
قلت بارتباك:
-أ... أيوه...
ضيق جفونه وقال:
-أومال مالك؟!
وقفت وقلت بجمود:
-مستر هيثم طردني... عن إذنك.
سيبته واقف قدام مكتبي ومشيت...
وقبل ما أخرج من باب الشركه سمعت صوت ياسين بيناديني...
وقفت مكاني ونفخت بضيق ولما التفت لقيته ماسك شنطتي، تصنعت الإبتسامة وأخذتها منه وشكرته، فقال:
-خلي بالك من نفسك ومن حاجتك يا سمر...
ومن غير ما أبصله قلت بابتسامة صغيرة:
-حـ... حاضر... شكرًا.
مشيت بسرعه وأنا متأكده إنه ماشي ورايا، وقفت قدام الشركه أنتظر تاكسي ولما بصيت ورايا لقيته واقف على باب الشركة، ولما لاحظ إني ببص عليه ارتبك وعمل نفسه بيتكلم في التلفون!
ركبت تاكسي وقررت أروح لأختي بما إني مطروده يمكن تهون عليا شويه...
قعدت معاها فترة ولعبت مع ابنها الصغير شوية وأنا متابعاها وهي بتنضف الشقة وتجهز الغداء، روحتلها المطبخ وقلت:
-نسمه... هو لو فيه واحده صاحبتي وبعتبرها أكتر من أختي... عرفت بالصدفة إن جوزها متجوز عليها رأيك أروح أقولها ولا أسكت؟!
-مش عارفه... بس مين صاحبتك دي؟ أنا أعرفها؟!
-لـ... لأ دي واحده... اتعرفت عليها في الشغل... إ... إنتِ متعرفيهاش...
قلتها وبلعت ريقي بارتباك لأن أختي عارفه معظم أصحابي! خوفت تعرف إني أقصدها هي! ولما بصيتلي بنظرات شك ديرت وشي للناحية التانيه بسرعه وعملت نفسي مشغوله بتعديل الحله اللي على البوتوجاز فاتلسعت، ضحكت نسمه وقالت:
-إنتِ بتمسكي الحله وهي على النار بإيدك؟!
-معلش يا بنتي والله ما عندي بربع جنيه تركيز الفترة دي!
سألتني:
-عشان صاحبتك؟!
هزيت راسي بالإيجاب وقطع كلامنا بنتها اللي كانت بتفرجها على رسمتها، سكتنا فترة ورجعت نسمه بصتلي وقالت:
-كملي يا سمر كنتِ بتقولي إيه؟
سكتت لثانيه وقلت بعد تنهيدة:
-أقول لصاحبتي إن جوزها اتجوز عليها ولا أسكت؟!
-بصي يا سمر هو معملش حاجه غلط عشان كده أنا شايفه أنك متقوليش... متخربيش بيت صاحبتك... وطلما هو كويس معاها خلاص!
يا الله! دي لو عرفت إني أقصدها مش هتقول كده أبدًا...
هزيت راسي بتفهم وسكتت شويه وأنا بفكر في كلامها وبعدين قلت بنبرة مرتعشة:
-يعني لو... لو إنت مكان صاحبتي دي مش هتزعلي مني لما تعرفي إني خبيت عليكِ.
ضحكت أختي وقالت:
-عمري ما هكون مكانها طبعًا لأن ياسر مستحيل يعمل كده.
قالتها بثقة كبيره في زوجها، حسيت بالشفقة عليها وإن هي مخدوعه في زوجها! وأنا مش قادره أشوفها كده! قررت أقولها واللي يحصل يحصل، قلت باندفاع وأنا مغمضه عيني:
-نسمه أنا عايزه أقولك حاجه مهمه...
يتبع متنسوش لايك وكومنت برأيكم ملحوظه مهمه عشان كل مره بتسأل ليه بنزل روايات آيه والاجابه إني مستأذنه منها والله🤫