رواية عشق مهدور
الفصل الواحد والثلاثون31والثانى والثلاثون 32
بقلم سعاد محمد سلامه
بذاك المطعم
نظرت شُكران حولها إستغربت من أن المطعم خالى إلا من بعض العاملين اللذين يقفون بعيد عن طاولتهم ،عادت بنظرها نحو أسعد سائلة:
غريبه المطعم فاضي كده ليه مع إننا فى وقت غدا.
وضع يديه على الطاوله وإبتسم لها قائلًا:
مش غريبه ولا حاجه أنا حجزت المطعم لينا وبس.
توسعت عينيها بإندهاش قائله:
حجزت المطعم لينا!.
-أيوه مالك مستغربه كده ليه؟.
نظرت حولها ثم نظرت له وأجابته:
مش بس مستغربه، لاء مش مصدقه، بس أكيد فى سبب مهم.
تبسم أسعد وعيناه تتمعن ملامح شُكران، الهادئه والبسيطه والعفويه، كأنه يكتشف هدوء ورونق ملامحها لأول مره... كآن غيابها عن عيناه لسنوات قد زادها بهاءً ثم أجابها:
أعتقد مفيش سبب أقوي من إننا نتقابل ونتكلم مع بعض بعد السنين دى كلها.
نظرت له ببساطه:
عادى ما إحنا إتقابلنا إمبارح فى فرح آيسر،بس معرفش كلام أيه اللى عاوز تقوله.
نهض أسعد من مقعدهُ وجلس على المقعد المجاور لها مباشرة ومد يديه أمسك يديها ونظر الى عينيها قائلًا:
شُكران إنتِ لازم ترجعي لي ولبيتك من تاني.
لم تندهش شُكران من طلب أسعد لكن إندهشت وهى تنظر لـ يديه اللتان تحتضن يديها،كذالك نبرته الهادئه وربما الواثقه،لم يخيب توقعها حول سبب طلب أسعد لقائها،رغم ذلك شعرت بإستهزاء أخفته عن عمد سألته:
أرجعلك
أرجع لبيتنا،فين بيتِ ده يا أسعد؟.
ضم يديها أقوى قليلًا وأجابها ببساطه:
بيتك،السرايا اللى فى البلد.
كما توقعت ردهُ التى إستهزأت به قائله:
السرايا اللى جبت لى فيها ضُره قبل كده، ولا السرايا اللى حضنت فيها آلمِ ووجعي على ولادي اللى كنت بتتعمد تبعدهم عني، ولا السرايا اللى حضنت فيها ضنا قلبِ على فُراق "سامر"
سامر اللى ضاع لما بعد عن حضني وقرب منك، بهرت عينيه زهوة مجتمع غير اللى كان عايش فيه،مجتمع فيه إغراء للشخص الضعيف كل المُتع مُتاحه، إنت كنت عارف بحقيقة سامر، ومحاولتش تساعده وترشده أنه يرجع للطريق القويم.
ذُهل أسعد من رد شُكران،حاول مقاطعتها يُدافع عن نفسه:
أنا معرفتش بحقيقة سامر غير فى الشهور الأخيره وحاولت معاه وقولت له يروح لدكتور نفساني.
تهكمت شُكران ببسمة وجع قلب قائله بإستهزاء:
نصحته بدكتور نفساني،لاء فعلًا كُنت بتساعده، وآيسر وآصف كمان لما حرمتني منهم بحجة إن المدرسه العسكريه هتطلع منهم رجاله شُداد،على إعتبار إني كنت بدلع فيهم،آصف اللى دمرت قلبه وإنت عارف إن سهيله كانت بريئه كل اللى عملته أنها كانت بدافع عن برائتها،كتر خيرها حافظت على سر سامر،كنت زى البارود بتشعلل عقل آصف لحد مبقى عنده رغبة فى الإنتقام منها،كنت بتأججها فى قلبه،إنت كنت عارف إن آصف بيحب سهيله،أكيد الصور اللى الخدامه اللى كانت موجوده فى السرايا ، كانت مزروعه ولائها لـ شهيره تنقل لها أخبار السرايا واللى فيها،وعلى رأسهم آصف اللى كان شاغل دماغها طبعًا إبنك الكبير وخايفه يحِل محلك وياخد مكانك فى كل شئ
آصف اللى بسببك عايش قلبه موجوع بسبب تحريضك له، مُتأكده لو كان قبل إتهام سهيله فى قتل سامر عمرك ما كنت هتوافق إنه يتجوزها،كان فى دماغك له جوازة بشكل تانى طبعًا بنت شخصية معروفه وراقيه،بس آصف بالنسبه لك فى الفترة دى وسيلة إنتقام من سهيله كنت عاوزها تخرس عشان حقيقة سامر متنكشفش وتهتز صورتك وتخسر مكانتك العاليه والأخلاق الفضيله قدام المُجتمع، همك الناس ورأيهم فيك حتى لو على حساب ولادك، آصف اللى عايش هو ومراته تحت سقف واحد و بيتقرب منها خِلثه، عشان خايف يشوف خوفها ونفورها منه فى عينيها، حتى آيسر كمان يمكن كان أقل واحد إختار الطيران بيتنقل من بلد للتانيه بيقابل ناس مختلفه لحد ربنا ما بعت له روميساء حبها وحب يكمل معاها بقية حياته، فاكره لما آيسر قالك إنه غاوى يدخل كلية الطيران، كنت عاوزه يدخل طيران حربي، طبعًا عشان يبقى له مكانه فى الجيش بس هو قالك هو غاوي طيران مدني مش حابب يبقى مُقاتل، بصعوبه وافقت قولت أما يبقى طيار، أهو هيبقى وجاهه برضوا، مش زى آصف اللى لما قدم استقالته من القضاء، بدل ما كُنت تستوعب حالته النفسيه وقتها خارج من جواز حكمت عليه بالفشل من قبل ما يبتدي مجرد إنتقام وأما ينتهى مش خسران حاجه بالعكس خد مزاجه منها وكمان هدم كيانها عادي عندك،مش جديده عليك
زمان لما أهلي وافقوا إنى اتجوزك على ضُرة كنت صغيره قالولى لا بتهش ولا بتنش مش هيبقى غيرك له أهميه عنده،بس كان جوايا خوف دايمًا إني زي ما جرحت قلب غيري مش بعيد يتكرر معايا نفس الشئ وربنا مخيبش ظني،بل أسوأ،أنا كنت بشفق على مراتك فى رقدتها ومرضها،إنت إتسببت لى فى المرض لما مقدرتش قيمتِ،كان كل اللى بيميزني عندك هو إنى أم الولاد "الصبيان"وبس،حياتك كنت مكيفه مع شهيرة وهج لامع مش زيي،ست بيت وبس،أخرها اول الليل تنكفي على سريرها محسورة فى قلبها،زمان فكرت بعد ما قولت لى هتجوز شهيره،فكرت أنفصل وأجمع ولادي فى حضني وأعيش بيهم،بس إتراجعت عشان مصلحتهم وقتها،مش عاوزهم يحسوا بنقص وهما كان ممكن يعيشوا فى رفاهيه أفضل،قولت أستحمل وعشت معاك عشانهم،عارف يا أسعد أسوأ شعور إنك تحس إنك مجرد حتة ديكور بتكمل الصورة العامه، وأنا كنت فى حياتك ديكور"أم الصبيان"، بس تعرف يا أسعد لو الزمن رجع بيا تاني،كنت أختارت الإنفصال وخدت ولادي وعشت بهم فى عِشه وكملوا عشاهم نوم،يمكن مكنتش خسرت سامر ولا مشي فى طريق نهايته الدمار،وكمان آصف مكنش إتعذب قدامي وأنا مش عارفه أعمل أيه عشان أرجع اشوف لمعة الفرحه فى عينيه وهو شايف الوحيدة اللى بينبض بيها ،ويكون بينهم وفاق وحب حقيقي،بس يا خسارة خدت القرار متأخر،لما خيرتني قدام آصف يمكن وقتها مش هقول كان إختياري له عشان عارفه إنه محتاج لى،كمان كان فى سبب تاني،إنى زهقت من إني أكون مجرد زوجة بتتعطف عليها لما بتزورها،أنا قلبي ارتاح لما نفيتك من حياتي،عارفه هتقولى إني لسه على ذمتك،بس هقولك مش فارق معايا ما أنا قبل كده برضوا كنت على ذمتك وماليش وجود فى حياتك،حتى النهارده إنت مش عاوزني أرجعلك عشانِ،إنت عاوز آصف نجاحه زايغ فى عينيك،بس للآسف النجاح ده إنت مالكش فضل فيه،آصف حلف لى عالمُصحف إنه عمره ما هيدافع عن شخص عنده ذرة شك فى برائته.
رغم شعورها ببوادر آلم جسدي لكن إستقوى قلبها ونهضت واقفه نظرت الى أسعد،تستغرب صمته وعدم رده عليها،لكن ربما كان هذا أفضل لهما الإثنين أن يحافظا علي نقطة آخر السطر،تفوهت بآخر كلماتها:
أعتقد كده مالوش لازمه المطعم يبقى محجوز عالفاضي.
تركته تسير بوهن الى أن وصلت الى تلك السيارة التى كانت تنتظرها أمام المطعم،هنا إنطلقت دموع عينيها التى كانت حبيسة مُقلتيها قبل قليل،دموع ليست ندم على ما تحملته من أجل راحة أبنائها التى كانت تظنها بالعيش فى رفاهيه ودلال،لم يصنعا منهما سعداء.
جففت دموعها بمحرمه ورقيه ونظرت الى سائق السياره قائله:
رجعنا الشقه بتاع آصف وزي ما نبهت عليك،لو آصف سألك إنت وصلتني فين قوله لـ مستشفى كنت بزور واحده معرفه.
أومأ لها السائق بفهم.
بينما أسعد مازال جالسًا خلف الطاوله مذهولًا من رفض شُكران له،بل وبمواجهتها له بأنها نادمه انها تحملت سابقًا من أجل أبنائها فقط،هل ظن أن خضوعها كان من أجله،كان مُخطئًا،فهي قالتها
لاشئ أسوا أن تشعر بأن لك شريكً بقلب زوجك لكِ مجرد قطعه،مجرد ليالى يحاول فيها أن يظهر مظهر الزوج العادل،هو كان فعلًا كذلك معها،زفر نفسه بحرارة تلهب قلبه،ما الذى تغير بـ شكران ليلة أمس عن سابقًا،ما سبب ذاك الوهج الذى كان يُنير وجهها،والإجابه بسيطه....الرضا بقلبها ظهر على وجهها،لكن أين مكانه من هذا الرضا...لامكان له هى كما إختارت قبل سنوات"آصف"حتى آيسر الذى حاول سابقًا مد جسر التواصل بينهم فشل بسبب تعنُت آصف،حتى بزفاف آيسر كان مثل أى مدعو ربما هذا كان بناءً على رغبة آصف أيضًا،لم يرا زوجة آيسر الا ليلة الزفاف هل أصبح ملغي من حياة ولديه... والأجابه "نعم" فهما مع من ضحت وتحملت من أجلهم... والخاسر هو الذى سار خلف مظاهر مجتمع خالي من المشاعر، له كل ما يلمع فقط.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
بـ شقة آصف
خرجت سهيله من الحمام الى الغرفه مُسرعة نحو دولاب ملابسها فتحته وجذبت بعض الثياب الداخليه كذالك منامه منزليه، وذهبت نحو باب الغرفه، لفت إنتباهها باب غرفة آصف المُغلق لابد أنه عاد للشقه، أغلقت باب غرفتها بإحكام حتى ترتدي ملابسها
خلعت ذاك المئزر ثم بدأت فى إرتداء تلك الثياب،قطعة خلف أخرى
لكن
قبل أن ترتدي الجزء العلوي من منامتها، ترأى الى مسمعها صوت إشعارات قادمه لهاتفها، توجهت نحو تلك الطاوله وجذبت الهاتف وقامت بفتحه ترى فحوى تلك الإشعارات، لكن فجأه إتسعت عينيها، وتمعنت النظر
الى تلك الصور على الهاتف شعرت بغضب عارم لم تستطيع السيطره فى رد فعلها الغاضب، خرجت من غرفتها وتوجهت الى غرفة آصف بكل خطوه تزداد غضبًا
فتحت باب الغرفه بإندفاع
تجولت عينيها بالغرفه حتى توقفت حين وقع بصرها على آصف المحني قليلًا يضع يده على ذقنه ينظر لإنعكاسه بالمرآه، بسبب غضبها لم تنتبه أنه شبه عارِ يستر فقط خصره بمنشفه صغيره، توجهت ووقفت خلفهُ قائله بتعسُف:
قولي أمتي هتحس بالمظلوم، فشلت تكون قاضي عادل بقيت محامي ناجح مفيش قضية فساد الا وإسمه على رأس قايمة المدافعين،أنا إزاي فى يوم وقعت فى فخك وظنيت إن جواك قلب زى بقية البشر، بس هقول أيه البذره من البدايه مزروعه فى أرض حرام هتطرح أيه غير "هالوك"... طبعًا النجاح الساحق اللى حققهُ المحامي الشاب" آصف شُعيب"اللى بقى إسمه أشهر من الفنانين ولاعيبة الكوره،بقى من صفوة المجتمع،الزهو بقى يغويك وينسيك العدل اللى فى يوم أقسمت على تحقيقهُ، بس حاذر يا سيادة القاضى سابقًا والمحامي الفاسد حاليًا، حاذر من دُعا قلب المظلوم مفيش بينه وبين ربنا وسيط، يمكن النجاح غرك، بس صدقني هيجي يوم والدُعا ده يستجيب فيك، وهتحس بنفس الظُلم.
توقفت قليلًا وأخذت نفس عميق تنظر له بغضب مُستعر للحظات قبل أن ترمقه بنظرة إشمئزاز وكادت تبتعد عنه ...
بينما هو كان يشعر أن الشريين بجسدهُ تجمدت كذالك قلبه يشعر به كآنه كتله من الثلج لا حياه فيها قطعه صلبه لكن معها سهلة التفتيت، وها هى تفتت بل وذابت أمامها الوحيده التى لا يشعر بخفقان قلبه الإ وهى أمامه فقط، لكن للحظه تحجرت عيناه وهو ينظر لها بقلب مُنفطر، يعلم أنه يستحق كل هذا الكُره الذى يراه بعينيها، تملك منه الجمود، وقبل أن تبتعد عنه، جذبها بقوه من عضد يدها، ليخبط جسدها بصدرهُ، نظر لعينيها التى تحولت نظارتها لـ هلع، شعر بقسوة تلك النظرات كآنها تغرس نِصال بارده بصدره تقتلهُ بالبطئ بعذاب قاسي بكل لحظه..
لكن هتف بصوت حاد مصحوب بصدق وضنين قلب:
مين اللى قالك إن دُعا المظلوم مش جايز فيا، ليه بُعدك عني، خوفك مني، كُرهك ليا اللى بشوفه فى عينيكِ لما بقرب منك ده أيه مش جزاء مُضاعف بدفعه عن كل دعوة مظلوم أنا ساهمت فى ظُلمه، فاكره زمان قولتهالك، "إن كان فيا نُقطه بيضه فهى عشقي ليكِ" حاولت كتير أتراجع وأرجع لإنسانيتي، حتى جيتلك قولتلك عالجيني، إنت الوحيده اللى عارفه دائي، ومع ذالك قولتلى
دواك مش عندي، بتتهميني أني ظالم إنت كمان ظالمه يا دكتوره،إنتِ كمان أقسمتِ تدي العلاج حتى لعدوك، ومع إن فى إيدك علاج مريض،لكن رغم ذالك رفضتِ تعطيه العلاج المناسب لحالته... وكمان فضلتِ إنك تشوفيه قدامك بيتعذب وبيموت فى كل لحظة.
ظلت النظرات الحادة بينهم للحظات، قبل أن تنفض سهيله يد آصف عنها بقوه قائله:
بتقول إني رفضت علاجك، بس ده مش صحيح، لو كنت عرفت أعالج نفسي يمكن وقتها كنت عرفت أعالجك.
قالت هذا وخرجت من الغرفه مُسرعه، كادت تتصادم مع صفوانه التى نظرت لها وتبسمت قائله:
أنا جهزت الغدا.
للحظه شعرت سهيله بخجل حين نظرت لها صفوانه، واخفت بسمتها، حين رأتها ترتدي كنزه بلا أكمام، كذالك جزء من صدرها عاري، أومأت لها وقالت حشرجة صوت:
تمام،ثواني وجايه.
بينما آصف زفر نفسه بضيق وغضب،لكن أعاد جملتها الأخيرة برأسه
"كنت عرفت أعالج نفسي"
ماذا تقصد بتلك الجملة...زفر نفسه بحِيره،وهنالك إجابتان
الأولى أنها مازالت ترهب منه وتبغصه
والثانيه...هل مازالت تكن له جزءًا من مشاعرها القديمه...
بالتأكيد الإجابه الثانيه خطأ،بل مستحيل.
أخرجه من تلك الحِيره،صوت طرق على باب الغرفه ومن خلفه صوت صفوانه تُخبره أن الطعام أصبح جاهزًا.
خرج بعد قليل وتوجه الى غرفة السفره نظر الى صفوانه سألًا:
ماما لسه مرجعتش.
أومات برأسها،تفاجئ آصف بجلوس سهيله خلف طاولة الطعام،تبسم لـ صفوانه التى تبسمت له وإنصرفت،ذهب نحو طاولة الطعام،وجلس خلفها،شرع الإثنين فى تناول الطعام بصمت،الى أن إنتهيا، جاءت صفوانه كي تضب باقى الطعام نظرت لهم قائله:
أنا عامله كيكة زى اللى الحجه آسميه كانت بتعملها بها إتعلمت منها الطريقه، أجيبلكم منها.
هزت سهيله راسها وهى تنهض قائله:
لاء خليها لبعدين، أنا دلوقتي مُرهقه هروح أنام ساعتين ولما أصحي أبقى أكل منها... تسلم إيدك.
تبسمت لها صفوانه وهى ترا انها تحاول مُحايدة نظرة عينيها خجلًا منها، بينما نهض آصف هو الآخر سألًا:
ماما إتأخرت.
ردت صفوانه الذى ينتابها بعضًا من القلق:
لاء هى يادوب كانت خارجه قبل ما ترجع، وقالت مش هتغيب دلوقتي توصىل.
أومأ لها آصف بفهم قائلًا:
تمام انا رايح المكتب دلوقتي وهرجع المسا عشان نروح نصبح على آيسر.
تبسمت له ربما هذا أفضل أن لا يكون آصف موجود وقت عودتها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد حوالي ساعه ونصف
بشقة آصف
فتحت صفوانه باب الشقه إنخضت حين رأت الوهن واضح على وجه شُكران، سندتها قائله:
مالك جرالك أيه كنتِ بخير قبل ما تنزلي.
إتكئت شُكران عليها قائله:
حاسه إنى تعبانه خديني لاوضتي وبعدها إبقى إسألي مالي.
سندتها صفوانه الى أن ذهبت الى غرفتها وجلست على الفراش... سائله:
جرالك أيه فجأة كده.
قبل أن تجاوب شُكران رأت سهيله تدلف الى الغرفه خلفهن بعد راتهن،حين خرجت من غرفتها ذاهبه نحو المطبخ كي تأخذ كوب لبن دافئ ربما يساعدها على الإسترخاء بعد أن شعرت بالضجر من النوم بعد مواجهتها مع آصف، إنخضت وتركت ذلك وذهبت خلفهن الى الغرفه وسألت بلهفه:
مالها طنط شُكران؟.
نظرن شُكران وصفوانه لبعضهن ثم أجابت صفوانه:
خرجت تزور واحده جارتنا عيانه فى المستشفى رجعت تعبانه.
إنتبهت سهيله الى ملامحهن لكن لم تنشغل بها وقالت:
طيب هروح أجيب شنطتِ الطبيه وأجي أقيس لها الضغط يمكن ده إرهاق.
تبسمت لها صفوانه،التى جذبت ذاك المِعطف الثقيل من على كتفي شُكران قائله بلوم:
كنا إرتاحنا من وجع القلب ده
خليني أساعدك تنامي عالسرير عشان ترتاحِ،غُلبت فيكِ وقولتلك بلاش تروحي تقابلى أسعد أهو اللى حسبته لقيته،قابلتيه ورجعت عيانه،إرتاحي دلوقتي وبعدها إبقى إحكي لى ايه اللى حصل معاكِ.
سمعت سهيله الجزء الأخير من ذم صفوانه لـ شكران، شعرت بفضول لمعرفة من الذى تقابلت معه وبسببه عادت للشقه مريضه لكن نحت ذلك ودخلت الى الغرفه، قائله عن قصد منها:
خليني أقيس لك الضغط والسكر، يمكن ده هبوط بسبب إرهاق اليومين بتوع فرح آيسر.
تبسمت شُكران لها بوهن قائله بتأكيد كاذب:
يمكن هو ده السبب.
ضمت صفوانه شفتيها بضيق، هى تعلم حقيقة مرض شُكران، لكن صمتت، وإنتظرت الى أن إنتهت سهيله من الكشف عليها... تبسمت سهيله قائله:
الضغط مش مظبوط شويه صغيرين، بالعلاج والراحه هيتظبط، كمان طنط صفوانه عامله كيكه حلوه زيها ناكل منها سوا، وأكيد بعدها هتتحسني....بس بلاش مشوار المسا عشان نصبح على آيسر أجليه لـ بكره تكوني إسترديتِ صحتك.
أومأت لها شُكران بموافقه ونظرت لها نظرة إمتنان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مساءً
فى شقة ايسر
أغلق الهاتف الخاص به ونظر الى روميساء قائلًا:
ماما إعتذرت مش هتجي الليله قالت هتيجي بكره.
نظرت له روميساء بإستغراب قائله:
و شو السبب ،الصبح مكلماني وقالت لى هتكون هون المسا.
غمز آيسر لها بعينيه قائلًا:
أكيد مفكرة إننا زى أى عِرسان مبسوطين مع بعض قالت أسيبهم يتهنوا شوية ببعض.
فهمت روميساء تلميح آيسر الوقح وتعلثمت قائله:
بابا كمان إعتذر وقالى إنه حاسس بشوية إرهاق من العُرس، شو بدنا نعمل دلوقتي.
نهض آيسر واقفًا وجذب روميساء الى حُضنه ووضع يديه حول خصرها قائلًا بإيحاء:
هما مُرهقين من العُرس وأنا بقول إحنا نبدأ نشاط من بعد العُرس.
قال هذا وإقتنص شِفاهها بقبلة كادت تُفقدها صوابها وتترك له نفسها يكتشف انها كاذبه، لكن شعرت بيديه على جلد جسدها وانفاسه فوق وجنتيها، عادت للوعي ودفعته عنها قائله بتحذير:
آيسر...
قاطعها آيسر بقبله جامحه ثم همس لها:
أنا بقول فرصه من زمان مسمعتش أفلام، خلينا نسمع فيلم سوا، يمكن الضلمه والهدوء يعملوا معانا جو شاعري.
بخفوت تشعر بنوبة ضياع قائله بهروب:
أيه نسمع فيلم، أنا راح روح المطبخ سوي لينا بُشار ومعاه شوية تسالي.
هربت روميساء من آيسر المُثابر
بعد قليل، كان هنالك صوت صرخه قويه إنتفضت روميساء بسببها ووقع ذاك الطبق الذى كان به بعض التسالى على الأرض، تبسم آيسر وإقترب من مكان جلوسها وضمها بيدهُ، ضمته روميساء أيضًا تشعر بخوف... بينما ضحك آبسر فقد كان إختيارهُ موفقًا حين إختار فيلم رعب ها هى روميساء تنتفض بين يديه حين يأتى مشهد مُخيف وبالنهايه فصلت ونامت بين يديه ولم تُكمل بقية الفيلم.
نظر آيسر لهدوئها تفاجئ انها نامت، حاول عدم إزعاجها ونهض واقفًا يحملها الى أن وضعها فوق الفراش تبسم وهو يراها تتشبث به قائله برجاء:
متسبنيش.
تبسم وهو يتسطح جوارها قائلًا:
أنا جنبك يا جميلتِ.
ضمها بين يديه، وظل مُستيقظً لوقت تذكر قول مدحت له
روميساء لسه وفاة مامتها قدامها عايشه فى قلبها بتخاف تفقد الناس اللى بتحبهم عشان كده بتحاول دايمًا تسيطر على مشاعرها وتظهر إنها قويه وهى هشه جدًا... هذا ما راؤه الليله مجرد أحداث فيلم خياليه جعلتها تنتفض وفضلت النوم... تنهد آيسر لديه يقين أن رونيساء ليس لديها أي عُذر يمنعه عنها بل العُذر بعقلها ربما تود بعضًا من الوقت كي تستوعب ان هنالك شخص إقتحم حياتها، وليس أي شخص بل عاشق وأصبح زوجها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بشقة آصف قبل قليل
إستغرب حين دخل الى الشقه وجد صفوانه تخرج من غرفة والدته، سألها بقينا المسا لسه مجهزتوش عشان نروح نصبح على آيسر.
هزت رأسها بنفي:
الحجه شُكران لسه قافله مع آيسر وقالته هتروح بكره مش الليله.
إستغرب آصف سألًا:
وليه التأجيل، هى ماما رجعت أمتي.
ردت صفوانه:
رجعت بعد ما إنت خرجت علطول، سهيله معاها فى الاوضه.
إندهش آصف وشعر بسوء، دلف الى الغرفه تبسم حين رأي سهيله تجلس جوار والدته على الفراش، لكن إنخض حين رأي ملامح شُكران الواهنه، إقترب منها بلهفه سائلًا:
ماما إنت بخير؟.
تبسمت له شُكران بحنان قائله:
انا بخ، بس هما شوية إرهاق من اليومين اللى فاتوا كمان الضغط مكنش متظبط بس سهيله كتر خيرها فضلت جنبي لحد ما إتضبط وكمان أكلنا الكيكه اللى عملتها صفوانه للآسف الغايب مالوش نايب.
نظر آصف نحو سهيله بإمتنان.
بعد قليل
جلس آصف على فراشه وصع رأسه بين يديه،يشعر بحِيره يشعر بتذبذُب فى علاقته مع سهيله، تاره يشعر أنها بدأ يزول رُهابها منه، وتارة العكس، تذكر ذاك الوقت الذى كانا به بالشقه وحدهما وتلك القُبله التي لم تُعقب عليها سهيله، آتى الى فِكره
لما لا يذهب فى رحله معها ربما تكون بداية لعودة المشاعر بينهم
.......
بعد ظهيرة اليوم التالى
إتصل آصف على صفوانه وطلب منها تخضير حقيبة ملابس صغيره بها بعض الملابس له ولسهيله،واخبرها انهما سوف يذهبان الى عُطله قصيره... ثم ذهب الى
أمام المشفى التى تعمل بها سهيله وإنتظر قليلًا حتى رأها تخرج من المشفى، شعرت بخفقان فى قلبها حين رات آصف وتوجهت نحو سيارته وصعدت إليها قائله:
هنروح دلوقتي نصبح على آيسر ومراته، بس أنا المفروض أرجع للشقه عشان أبدل هدومي.
نظر لها آصف قائلًا بنفي:
لاء... ماما هى اللى هتروح هى وصفوانه إحنا نبقى نصبح عليهم لما نرجع
نظرت له سهيله باستغراب سائله بإستفسار:
نرجع منين.
نظر لها آصف قائلًا:
هناخد يومين أجازه،أو بمعني أصح هُدنه.
تسألت سهيله بعدم فهم:
هدنه من أيه،إحنا فى حرب.
تبسم آصف قائلًا:
خلاص إعتبريها يومين إستجمام.
إضجعت سهيله على مقعد السياره بظهرها قائله بتوافق:
أنا فعلًا محتاجه فترة إستجمام الأيام اللى فاتت كنت مشغوله مع طنط شُكران وروميساء... بس المفروض أصبح عليها دى طقوسنا بعد الفرح، لازم أهالى العريس والعروسه يصبحوا عليهم...فجأة صمتت سهيله وتذكرت أنها لم تعيش تلك الأشياء البسيطه التى لها مكانه خاصه بالقلب،إنتهي زواجهما قبل أن يبدأ بطريقه بشعه،تنهدت قائله:
خلينا نرجع للشقه يا آصف أغير هدومي ونروح نصبح على روميساء وآيسر ومالوش لازمه الإستجمام،أنا أتعودت خلاص على الإرهاق مش جديد عليا،هنام ساعتين وهصحي كويسه.
شعر آصف بغصة فى قلبه،سهيله مُبذبذة،كذالك وخزات فى قلبه على ما فقده حين استسلم لغفوة عقله وأضاع بعض اللحظات السعيده مع سهيله،أنهي سعادتها كعروس وإقتص منها ببشاعه...لكن لن يستسلم الآن...لم يُعطي أهتمام لرغبة سهيله وقاد السيارة...لاحظت سهيله أن الطريق مختلف سألته:
ده مش طريق الشقه ولا طريق شقة آيسر.
أجابها آصف وهو مازال يقود السياره:
فعلًا ده مش الطريق.
تسألت سهيله:
طب ليه ماشى فى الطريق ده؟.
رد آصف بتصميم:
زى ما قولت قبل دقايق هنروح يومين آستجمام،ومش عاوز إعتراض لو سمحتِ.
تعصبت سهيله قائله:
قولتلك مالوش لازمه،أنا محتاجه أنام ساعتين مش أكتر ،....
قاطعها آصف بإصرار:
لاء لهم لازمه،وتقدري تنامى لحد ما نوصل وانا هصيحيكِ.
تعصبت سهيله قائله:
آصف بلاش عِند.
صمت آصف وهو يضغط على ذر بالسياره إنبسط المقعد الذى تجلس عليه سهيله وأصبح مُريحًا.
زفرت سهيله نفسها بغصب وإضجعت بظهرها على المقعد وأغمضت عينيها لا تود الجدال مع آصف الذى تبسم.
بعد وقت توقف آصف بالسياره،ونظر جوارهُ كانت سهيله نائمه،تأمل ملامحها مُبتسمً،ثم وضع يدهُ على وجنة سهيله برفق حتى يُقظها،لكن فجأة فتحت سهيله عينيها وإنتفضت،وشعرت برهبه بسيطه حين رأت إقتراب وجه آصف من وجهها،إعتدلت جالسه تنظر خارج السيارة كان الظلام قد حل،او ربما سوء الطقس هو ما يُسبب ذاك الظلام...بسهوله تعرفت على المكان وسألت آصف:
أيه اللى جابنا هنا.
تنهد آصف قائلًا:
سبق وقولت هنفضى يومين استجمام،وأعتقد مفيش أحسن من البُحيرة...ياريت تنزلى من العربيه.
فتح آصف باب السيارة وترجل منها،وإنتظر سهيله التى ترجلت هى الاخري،لكن شعرت بنسمة هواء بارده لسوء الطقس،وسارت نحو آصف قائله:
إزاي هنروح البُحيرة دلوقتي مفيش أى مركب هنلاقيه،كويس أبات الليله عند بابا،أهو يبقى إستجمام وكمان وحشوني.
أشار آصف لها بيده قائلًا:
مش هنحتاج مركب اليخت واقف هناك أهو،ومتخافيش أنا بعرف أسوق اليخت كويس.
بغصبانيه ذهبت سهيله خلفه وصعدت الى القارب الذي سار بهم فى المياه رغم تلك النسمات القويه،الى ان وصلا الى تلك البحيره،نزلا من على القارب وتوجها الى أحد المنازل الموجودة بها
دلف آصف وخلفه سهيله التى
تسألت بفضول:
لية جبتنا هنا فى البُحيره مش ملاحظ إن الطقس سيئ جدًا وممكن تقوم عاصفه وننحبس هنا ومنعرفش نرجع للشط.
بداخله تنهد يتمني ذلك حتى يظل معها بمفردهما أطول وقت، لكن تبسم لها قائلًا:
معانا اليخت يعنى أى وقت سهل نرجع للشط.
نظرت له بإندهاش قائله بسخط على إستهوانه:
بالبساطه مفكر نفسك قُبطان أعالي البحار وهتعرف تقاوم الموج الهايج!.
ربما ما كان عليها ذكر الموج الهائج فما هى الا ساعات وإزدادت سرعة الرياح وسوء الطقس وليس هذا فقط بل إنقطع التيار الكهربائي عن المنزل، وهنالك صوت آخر كآن أحدًا للتو تسحب وتسلل الى المنزل.
«بتبع
﷽
الثاني_والثلاثون
عشق_مهدور 💔
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قبل ساعات
عبر الهاتف
كان حديثه:
آصف أخد مراته عاليخت بتاعه وراحوا سوا البُحيره،أكيد هيقضوا وقت لطيف مع بعض.
رد عليه الآخر بغضب :
وقت لطيف...
دى فرصه مش عاوزه يرجع من هناك غير جثه،ودى آخر فرصه ليك.
إرتبك قائلًا:
إزاي يا باشا هو خد اليخت الخاص بيه والجو هنا شبه عاصف ومفيش مراكبي هيرضا يجازف ويوصلني للـ البحيره،وكمان معاه مراته.
أجابه بحسم:
ميهمنيش مراته إقتلها هى كمان،
آصف ميرجعش عايش من عندك،لانه لو فضل عايش لبكره الصبح إنت اللى مش هيطلع عليك نهار إتصرف، ودى آخر فرصه ليك مش هقبل بأي أعذار زى ما سبق قولت بعد ما رجع من أسيوط أنه كان بين الناس فى القطر ومش معقول تقتله قدام الناس، الليله آخر فرصه ليك، واحد فيكم مش هيطلع عليه النهار، والإختيار لك.
قال هذا وأغلق الهاتف بتعسف تاركً ذاك المجرم يُزفر نفسه بحقد وغضب، لكن ليس أمامه سوا تنفيذ ما يؤمر به، بصعوبه إستطاع تدبير قارب بعد أن دفع مبلغً لا بأس به بعد نصائح من صاحب المركب وتحذيرات بعدم المجازفة،لكن لم يهتم سول له الشيطان سوء عمله،حتى وصل بعد وقت الى البحيره،بعد محازفه مع ذلك الطقس الذي بدأ يسوء أكثر بعد أن ترجل من القارب الذى أوصله بصعوبه،ظن أن هذا حُسن حظ يُرافقه الليله وعليه أن ينتهي من مهمته،كان على عِلم بذاك المنزل الخاص بـ آصف فوق البحيره،ذهب نحوه مباشرةً،ينتظر بترقب حتى يتثني له التسلُل خِلثه بالظلام القاتم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمكتب خاص لـ أسعد
كان يضجع بظهره على مقعدهُ خلف طاولة المكتب، مازال عقلهُ غير مستوعب حديث شُكران معه بالأمس، لا ينكر تفاجئ بها لأول مره، كانها إنتفضت بأخري غير التى عاشرها لسنوات كانت مثل خيال الظل له لا أكثر من ذلك، لكن ما الذى تغير بها فجأة راها إمرأة أخرى، ربما السبب هو إبتعادها عنه لسنوات وحين رأها مره أخرى إستحوزت على إعجابه
زفر نفسه بغيظ، لثاني مره شُكران تُعارض رغبته وتختار الإبتعاد عنه، لكن مُخطئه ماذا ظنت أنه سيلهث خلفها طالبًا الوصل، بغمرة أفكارهُ صدح رنين هاتف المكتب الأرضى الخاص بالسكرتيرة الخاصه به رفع السماعه وسمع إخبار السكرتيره له وأجابها:
تمام دخليها.
وضع سماعة الهاتف وزفر نفسه يحاول نفض ذاك الشعور البغيض الذى يشعر به، بينما
دخلت هويدا بعد أن طرقت على باب تبسمت حين وقف أسعد لها مُرحبًا... بداخلها هدف لابد أن تصل إليه.
رسمت المكر قائله:
متآسفه إنى جيت بدون ميعاد سابق.
جاملها بذوق مُرحبًا:
لاء مش مشكله مكتبِِ مفتوح لكِ فى أي وقت.
قال هذا وهو يمد يدهُ صافحها،ثم أشار لها نحو أحد المقاعد كى تجلس،بالفعل جلست ترسم على وجهها الحُزن،ثم فتحت حقيبة يدها وأخرجت منها ورقة ومدت يدها بها نحوه قائله بإختصار:
دى إستقالتي بتمنى إنك تقبلها.
أخذ أسعد الورقه مُندهشًا يقول:
إستقالتك بالسرعه دى ليه،حد ضايقك فى الشُغل.
رسمت هويدا الحُزن أكثر على وجهها ودمعه تلألأت بعينيها وإختلطت بنبرة صوتها المختنق بالدموع الخادعه:
لاء،بس أنا هرجع تاني كفر الشيخ وأعيش مع أهلى وإبني...كفايه اللى حصل لى.
خانته خبرته السابقه فى كشف كذب النساء وسألها بإستفسار ثم أعتذر على تطفُله:
أيه اللى حصلك؟
أنا آسف إنى بدخل فى شئونك الخاصه.
سالت دمعه كاذبه من بين أهدابها وأجابته بنبرة إنكسار:
لاء حضرتك مش بتدخل فى شؤونى،أنا اللى حظِ كده دايمًا،بصراحه الوظيفه دى كانت السبب فى إنها كشفت حقيقة جوزي،قصدي اللى بقى طليقي،رغم إنى حاولت كتير إن جوازنا يستمر وإتنازلت وده اللى خلى جوازنا فضل مُستمر أكتر خمس سنين كنت أنا فيهم دايمًا اللى بتحمل عشان جوازى ينجح بعد طلاق سهيله اللى أستغله عادل وكان دايمًا يجرحني بيه إن أختى مكملتش أسبوع متجوزه وإطلقت وإنى هبقى زيها، كنت بتحمل،وأكتر كمان لما خلفت إبني حسام، إتحملت عشانه، بس هو بقى لما جه هنا القاهره وإشتغل فى بنك خاص وطبعًا عُملاؤه من طبقه راقيه،بقى أقل كلمه مني له يتعصب عليا وفى مره...
صمت تمسح تلك الدمعه من عينيها،ثم خفضت وجهها بإدعاء الخزي قائله:
فى مره حاول يطاول عليا بالضرب بس مامته منعته،ولما قولت له عالوظيفه اللى قدمتها لى،كنت فرحانه وقولت هيتلم شملنا انا وهو وإبننا هنا فى القاهرة،خيرنى وقالى لو قبلتِ الوظيفه هطلقك،وأنا جازفت وقولت فرصه عشان مسؤليتي ناحية إبني ووسطت بابا يتكلم معاه بس فشل،هو كان بيتلكك،وكان عاوز يخلص مني أنا وإبني،ولما طلقني حاولت أصمد عشان خاطر إبني محتاج للمرتب اللى بقبضه،بس بصراحه أنا من يومين بس إتفاجئت وعرفت أن فى ست تانيه دخلت حياتهُ، بصراحه قلبي وجعني، ومحتاجه أضم أبني لحضني وأفضل مع أهلى هناك بعيد عن هنا عشان مش هتحمل أشوفه مع اللى سابني عشانها.
نظر لها سألًا بإستفسار:
لسه بتحبيه.
تنهدت بدمعه خائنه:
كُنت، بس قلبي خلاص إنجرح منه والحمدلله إنه ربنا كشف خيانته ليا،قبل ما أذل نفسى له أكتر،أنا كنت رايحه أطلب منه نرجع تانى لبعض،بس إتفجعت من خيانته،وحاسه إن ربنا عمل كده لهدف خير.
تبسم أسعد قائلًا:
أكيد خير، بس أيه اللى عرفك إنه خاين مش يمكن شكك مش فى محله.
بتسرُع قالت تُثير إستعطافهُ:
ياريت، بس أنا شوفت بعيني، قصدى يعنى إحساسي مش شك .
سألها:
قصدك أيه؟.
جاوبته ببراءة مُصطنعه أجادتها:
شوفت معاه دلايه أو ميدالية مفاتيح شكلها غريب زى "ماسه سوده" فى البدايه فكرتها ميداليه كريستال، بس لما مسكتها خطفها من أيدي وقالى إنت تعرف تمن دى كام، أنا رديت عليه ببساطه وحسن نيه أكيد مش غاليه دى حتة كريستال، قالى دى ألماظ حُر... ولما إستغربت وسألته وهو هيجيب منين تمن ميداليه زى دى، إتخانق معايا، وقالى متدخليش فى اللى ملكيش فيه، أنا شاكه إن صاحبة الميداليه دى ست وهى اللى بسببها طلقني.
لفت إنتباه أسعد كلمة "ماسه سودة"
تذكر قبل أيام إختفاء تلك الدلايه الخاصه بـ شهيره، لكن سُرعان ما نفض عن رأسه فهو رأى تلك الدلايه معها ليلة زفاف آيسر.
بينما تبسمت هويدا بخفاء على شرود أسعد للحظات قبل أن يقول لها:
إنتِ شابه بلاش تخلى تجربه فاشله تأثر عليكِ وتهدم حياتك وأكيد مع الوقت مشاعرك لـ عادل هتختفي.
نظرت هويدا له بنظرة إنكسار أجادتها، بينما نظر لها أسعد بنظره أخري تلمع برأسه فكرة إذا كانت بالآمس رفضت شُكران العوده لحياته كزوجه طبيعيه، فهنالك فُرص أخري يُرسلها القدر بشبيهة الماضي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمنزل أيمن
نهضت آسميه قائله:
الطقس الليله شكله هيبقى عاصف، أما أقوم أروح داري قبل ما الدنيا تمطر.
نهضت سحر هى الاخري قائله:
خليكِ زمان ايمن وحسام راجعين من صلاة العشا،خلينا نتعشى سوا،كمان باتي هنا بدل ما تروحى تقعدي فى الدار لوحدك وليل الشتا طويل.
تبسمت آسميه قائله:
لاء مش برتاح فى النوم غير على فرشتي، كمان كنت متغديه متأخر وماليش نفس للآكل دلوقتي.
تبسمت سحر قائله:
ولما كنتِ بتنامي مع سهيله فى شقة آصف مكنش بيحيلك نوم.
تبسمت آسميه قائله:
والله ما كان بيجي لى نوم غير لما أخد سهيله فى حضني، كنت ببقى قلقانه عليها لحد ما ترجع للشقه بالذات فى نبطشيات السهر.
تنهدت سحر بشوق قائله:
والله وأنا كمان مكنتش بطمن غير لما أتصل عليها وتقولى إنها رجعت أو راجعه فى الطريق، أقول أيه آصف السبب فى كده، ومش عارفه نهاية ولا بدايه لحياتها عامله زى اللى راكب مركب فى البحر وتايه مش عارف أى إتجاه هو طريق النجاه له، آصف بدل ما يسيبها تكمل حياتها بعيد عنه رجع تانى، وهى كمان إتحير أمرها.
تبسمت آسميه قائله:
أنا لما نمت ليلة فرح آيسر جنبها حسيت أن سهيله خلاص مبقتش محتاره هى بس محتاجه تاخد قرار حاسم، وأعتقد هى وصلت له، هقولك الصراحه أنا لو سهيله مرات إبني يمكن مكنتش أستحملها، عارفه ليه، آصف صحيح غلط غلط فادح،بس ندم،كمان إزاي قابل على نفسه أنه يبقى زوج فى نفس الوقت مراته تنام فى أوضة تانيه قدام أهله وهو متحمل كده، لو مش بيحبها مكنش صِبر كمان على غلاستي معاه طول الوقت، آصف أثبت فى لحظة غرور أنه بيجري فى دمه غباوة "أسعد شُعيب" كمان جواها تربية شُكران الطيبه والإتنين كانوا فى صراع جواه بس الفترة اللى عشتها معاهم ظهر لى مع الوقت أن اللى سيطر عليه هي تربية شُكران الطيبه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بشقة آيسر
تبسمت يارا على مُشاغبة آيسر لـ شُكران الذى ضمها لصدره قائلًا بعتاب:
طبعًا إبنك البكري هو اللى قالك بلاش تروحي للغلبان تصبحي عليه، وأكيد هربان دلوقتي مع مراتهُ.
شعرت فجأة شكران بنغزه فى قلبها لكن تبسمت له قائله:
لاء ظلمت آصف أنا اللى قولت نسيبكم مع بعض تتهنوا،كمان الأيام اللي فاتت كانت مُرهقه وكنت محتاجه يوم راحه، وأهو إحنا جينا.
تبسمت روميساء قائله:
هو هيك أيسر ما بعرف أمتي بيمزح وأمتي بتكلم جد.
تبسمت صفوانه قائله:
بكره بتتعودي على طبعه وبتعرفي تتعاملي معاه، آيسر أحلى ولاد شُكران.
تبسم آيسر بزهو مرح بينما قالت يارا:
طنط صفوانه تعتبر أم تانيه لـ آصف وآيسر.
تبسمت شُكران قائله: ربنا يديمها فى حياتى هى أختي طول عمرها من يوم ما تعرفنا على بعض، ياما سهرت جنبي وأنا مريضه وأهتمت بيا.
تدمعت عين صفوانه قائله:
أنتِ السباقه بالخير دايمًا، وكفايه بقى إحنا جايين نبارك لعرسان مش نتكلم فى مين أهتم بمين.
تبسم آيسر وهو يجلس فى المنتصف بين صفوانه وشُكران التى تقاوم ذاك الشعور السئ.
ظل المزح بينهم لوقت أحيانًا كانت شُكران تشعر بنغزات قويه،وتآكل فى قلبها،لاحظ آيسر ذلك لكن لم يتسأل حتى لا يزيد الضعط عليها بعدما أخبرته صفوانه أنها كانت مريضه بالأمس بسبب إرهاقها،لكن حاول المزح حتى يُخرجها من ذاك الشعور ظنًا أنها مرهقه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالبُحيره
بذاك المنزل
بعد أن تركت سهيله آصف وصعدت الى الطابق الثانى ودلفت الى غرفة النوم الذى أخبرها عنها، أخذت قسط من النوم، أو بمعني أصح بسبب الارهاق غفوت دون وعي منها، إستيقظت تشعر بجوع، منذ الصباح لم تتناول سوا القليل من الطعام، لم تستغرب من ذاك الدثار الذى تتذكر جيدًا أنها لم تكن تود النوم، بالتأكيد آصف هو من وضعه عليها ازاحت ذاك الدثار عن جسدها،ونهضت من فوق الفراش وعاودت الهبوط الى الدور الأسفل،إستنشقت أنفها رائحة طعام،تتبعت تلك الرائحه الى أن دلفت الى المطبخ،كان آصف يُفرغ تلك الأكياس من الطعام ومنها ما عاود تسخينه مره أخره بسبب برودته،تبسم وهو يُعطي لها ظهره قائلًا:
حضرت العشا وكنت لسه هطلع أصحيكِ... واضح إنك مُرهقه، كانت فكره كويسه إننا نفصل يومين بعيد عن القاهره ونجي لهنا فى البُحيره.
تثائبت وهى تنظر الى تلك الأطباق الموضوعه على تلك الطاوله قائله:
لاء عادي مش مُرهقه،بس جعانه،كويس إنك جبت أكل جاهز.
تبسم لعنادها قائلًا:
تمام أنا سخنت الأكل،خلينا نتعشى سوا.
وافقت بلا أعتراض وجلست خلف طاولة الطعام وشرع الأثنين فى تناول الطعام، بأحاديث مُختصرة الى أن نهضت سهيله قائله:
الحمد لله شبعت هطلع أكمل نوم.
قبل أن تخرج سهيله من المطبخ نهض آصف سريعًا وأمسك مِعصمها قائلًا:
عارف إنك بتحبِ تشربي شاى بعد العشا.
نظرت الى يده الذى يمسك بها معصمه لا تعلم لما لأول مره لا تشعر برهبه من ذلك،أومأت برأسها بموافقه.
تبسم آصف قائلًا:
تمام أقعدى ودقايق هيكون الشاي جاهز.
بالفعل جلست سهيله تنتظر الى أن وضع آصف أمامها كوب الشاي، تبسمت وسحبت الكوب بين يديها تنظر للكوب سائله:
أنا عارفه أن والدك له بيت هنا عالبُحيره، بس البيت ده بتاع مين؟.
نظر لها آصف بهدوء قائلًا:
بتاعي أنا أشتريته من أكتر من ست سنين ونص.
رفعت رأسها ونظرت له بإندهاش، تجرأ آصف ووضع يديه حول يديها اللتان تحاوطان كوب الشاي قائلًا:
إشتريت البيت ده عشان نبقى نجي له فى الاجازات هنا عـ البُحيرة، كان أول مره أعترف إنى بحبك، فاكره يا سهيله.
نظرت سهيله الى يديه اللتان حول يديها، ثم نظرت الى وجهه وتلك الإبتسامه الحالمه، شعرت بهزه قويه فى جسدها، تركت النظر الى وجهه وعاودت النظر الى يديه، لم تكُن يديه تقبضان على كفيها لكن عقلها ذكرها حقًا بأول إعتراف له بأنه يُحبها، لكن سُرعان ما نهرها عقلها، كيف مازالت تلك الذكرى عالقه برأسها بعد كل تلك السنوات، سحبت يديها من بين يديه، ونهضت قائله:
ماليش مزاح للشاي مصدعه، هطلع أكمل نوم تصبح على خير.
قبل أن تخطي سهيله نهض آصف سريعًا وجذبها يضمها لصدره من الخلف وضع رأسه على كتفها قائلًا بهمس:
البيت ده إشتريته عشان نقضي فيه أول ليله لجوازنا.
تفوهت سهيله بآلم:
قصدك الليله اللى هدمت بإيديك بينا.
زفر آصف نفسه بندم ساحق صامتً يضم جسدها فقط الى أن حاولت الإبتعاد عنه، لكن هو تشبث بها هامسًا:
أنا بحبك يا سهيله ومتأكد إنك كمان لسه....
قاطعته بآسف:
لسه أيه... أنا مشاعري ماتت على إيديك مبقتش بحس، عايشه من غير روح.
تنفس قليلًا فوق عُنقها ثم
أدار جسدها ليصبحان وجهًا لوجه وهو مازال يأسرهُا بين يديه قائلًا برجاء:
أنا اللى عايش من غير روح، سهيله كفايه وخلينا....
قاطعته قبل أن يُكمل حديثه:
إنت اللى كفايه يا آصف أنا مبقتش قادره أستحمل أضغط على نفسى أكتر من كده،بنكسف من نظرات خالتي صفوانه وطنط شُكران،بحس إني زى المذنبه فى حقك،وأنت السبب من البدايه،ليه مسبتنيش الليله دى أموت،يمكن كُنت إرتاحت وريحتك...ليه أنقذتني كان غرصك تموتني عالبطئ مش كده.
هز آصف رأسه نافيًا بـ لا
بينما أكملت سهيله بجفاء:
أنا فعلًا بموت عالبطئ يا آصف،حبك زى حبل المشنقه اللى هربت منه زمان بالكذب،بس للآسف مقدرش أهرب من حبل إنت اللى ماسكه وبتخنقني بيه ،كفايه كده،أنا تعبت وهلكت يا آصف، إنت انقذتني من الموت عشان تستلذ بكل لحظه بموت فيها قدامك، كفايه لو ليا عندك لو ذرة إحساس....
قبل أن تستسهب سهيله حديثها،جذبها آصف من عُنفها وقبلها قُبلة شوق ممزوجه بتلك الدموع التى فرت من عينيها مع دمعة عينيه،كانت قُبلة مالحه بطعم دموعهما الإثنين،
ترك شفاها ثم إحتضنها بصمت يشعر بأنفاسها ثم إبتعد عنها خطوة الى الخلف قائلًا:
تصبحِ على خير يا سهيله.
نظرت له تشعر بخواء علمت أنها مازال مّتمسكً بأسره لها،تنهدت بسآم وإرهاق، لم تود المُجادله،أو بالأصح لم تستطع، إنسحبت من المطبخ...بينما ظل آصف واقفً لدقائق يشعر بغصات قويه،ماذا ظن أن تقول له سهيله أنها سامحته،كان مُخطئًا مثلما قالت، لكن ليس كما قالت له أنه لم يدعها تموت كى يستلذ بموتها كل لحظة أمام عينيه بينما الحقيقه بالعكس هو من يموت كل لحظة هجر منها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بشقة آصف
مازالت تلك النغزات تضرب قلبها تشعر بآلم وفكرها يذهب الى آصف لا تعلم سبب لذلك الشعور البغيض فى قلبها، لو إستسلمت لذاك الشعور أكثر من ذلك سيشت عقلها،نهضت من فوق فراشها،ذهبت الى الحمام،توضأت وعادت تفرش سجادة الصلاة وبدأت تُصلِ حتى شعرت بطمأنينه قليلًا،خرحت من غرفتها وتوجهت الى غرفة المعيشه أشعلت التلفاز،وجلست على آريكه،تُبدل فى القنوات،لاشئ تنظر له،حتى إستقرت على إحدي القنوات تعرض فيلمً قديمًا،ظلت لوقت جالسه لا تنتبه الى التلفاز عقلها وقلبها شاردان،جذبت هاتفها وقبل أن تقوم بالإتصال سمعت صوت صفوانه تقول:
سمعت صوت التلفزيون قولت أكون نسيته مفتوح قبل ما أنام،بس إتفاجئت بيكِ أيه اللى مصحيكِ لحد دلوقتي.
تنهدت صفوانه تشعر ببأس:
حاسه قلبي مقبوض.
جلست صفوانه جوارها على الاريكه ووضعت يدها فوق يدها بتطمين قائله:
ليه بس أنا ملاحظه إن من وقت ما رجعنا من شقة آيسر وإنتِ قلقانه.
مازالت تشعر بقبضة فى قلبها، وضعت يدها الاخري فوق قلبهل ونظرت الى صفوانه قائله:
نفس الإحساس ده عِشته قبل كده، ليلة...
قطعت بقية حديثها، تحاول نفض ذاك الإحساس السئ، لكن مازال مُتمكنًا من قلبها، جذبت هاتفها وقالت:
هتصل على آصف.
تركتها صفوانه تتصل، الى أن قالت لها:
موبايل آصف بيرن ومش بيرد عليا.
تنهدت صفوانه تحاول بث الطمأنينه فى قلبها قائله:
أكيد زمانه نايم... و
توقفت صفوانه ونظرت الى فضول شُكران مُبتسمه وقالت:
إمبارح أنا شوفت سهيله كانت طالعه من أوضة آصف وكانت هدومها من فوق عِريانه شوية،بس كان شكلها مضايقه شويه وإنكسفت مني،يمكن تكون سهيله رقت له.
فهمت شُكران قصد صفوانه وتنهدت بغصه قائله بآسى:
والله صعبان عليا آصف وعذاب قلبه اللى متحملهُ،بتمني سهيله تسامحهُ وكفايه كده عذاب لهم هما الإتنين،بحس بقهرة قلبه وهو بتلصص عليها زى ما تكون مش مراته،لو غيره مكنش إتحمل إنه يعيش فى أوضه ومراته فى أوضه تانيه قدام أهلهُ، ومش قادر يقرب منها....ده إستقلال منه وهو متحمل عشان تفضل قريبة منه.
شعرت صفوانه بالأسى هى الأخرى لكن حاولت التخفيف عن شُكران قائله:
ده راجل ومراته وهما أحرار ولا إنتِ عاوزه تعملي فيها حما زى المرحومه حماتك، الله يرحمها كانت غاويه سيطرة فاكرة.
تبسمت شُكران بتوافق، قائله:
الله يرحمها، رغم أنها كانت شديده بس الصراحه كانت حقانيه، آصف واخد شويه من خِصالها.
تبسمت صفوانه قائله:
فعلًا، آصف فيه من خِصالها، إنه بدافع بإستماته عن الشئ اللى مؤمن بيه،قلبي خايف عليه حاسه بشعور سيئ من ناحيه من أول ما أتصل وقالك تحضري له شنطه صغيره هو وسهيله هيسافروا يومين، ياريتك سألتيه هو رايح فين يمكن كان قلبي إطمن.
طمئنتها صفوانه قائله:
بلاش تسلمي فكرك للشر قومي أتوضي وصلِ
وإدعي، ربنا يهنيه مع سهيله وبكره يرجعوا مبسوطين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالبُحيره بعد منتصف الليل بساعتين تقريبًا
بعد مُجادلة آصف وسهيله صعد كل منهم الى غرفه خاصه يزوي نفسه مع بؤس قلبه،
تمدد آصف فوق الفراش يُشعل سيجارة خلف أخري يحرقها مثلما يحترق قلبه،كان نور الغرفه خافتً،لكن فجأة إنطفأ،نهض سريعًا وأشعل القداحه حتى رأي مكان هاتفه وأشعل الكشاف الخاص به،وجذب ذاك السلاح الذى أصبح مُرافق له فى الفترة الاخيره وخرج سريعًا من الغرفه متوجهًا نحو غرفة سهيله لكن لفت إنتباهه ضوء مُتسرب من أحد شبابيك الممر،عاود النظر بتأكيد،استغرب ذلك، إذن الكهرباء قُطعت عن المنزل بعمد ،لكن هنالك ما أثار أنتباهه أكثر، صوت تحطُم شئ بالدور الاسفل تأكد حدسهُ،شعر بلهفه على سهيله،ذهب سريعًا نحوها،ودلف مباشرةً الى الغرفه دون إستئذان وجه كشاف الهاتف نحوها،كما توقع ملامحها واضح عليها الرهبه،لكن هدأت حين رأته وتنهدت بإرتياح،لكن قبل ان تتحدث إقترب آصف من تلك الطاوله المجاوره للفراش وجذب هاتفها وأعطاه لها،وجذبها الى حُضنه يبث الطمأنينة فى قلبها لكن سُرعان ما إرتجفت سهيله قائله:
فى صوت تكسير جاي من الدور اللى تحت.
حاول طمأنتها قائلًا:
يمكن نسينا شباك مفتوح والهوا حركه وأتكسر الأزاز أو قطه إتسللت للبيت،خليكِ هنا وانا هنزل أشوف أيه اللى وقع.
تشبثت سهيله به قائله:
لاء أنا بخاف من الضلمه خدنى معاك.
تبسم آصف وضمها يسيران الى أن إقتربا من باب الغرفه على غفله ضمها قويًا ثم وضع ذاك السلاح بيدها وإبتعد وبسرعه أغلق عليها باب الغرفه بالمفتاح قائلًا:
إفتحي كشاف الموبايل بتاعك ياسهيله.
قال ذلك وذهب دون حتى إهتمام بطرقها على باب الغرفه وندائها وإستغاثتها بأن يفتح لها الباب ، سار الى أسفل المنزل على ضوء هاتفهُ الى أن وصل الى أسفل كما توقع هنالك لمعة سلاح أبيض إنعكست فى الظلام.
بينما لسوء حظ ذاك المجرم بعد أن أخفض سكينة الكهرباء وتعتم المنزل،لم ينتبه الى أحد قطع الديكور الذى إصتطدم بها وأصدرت صوت مسموع بالمنزل،ليس أقل من صوت تلك العاصفه التى بالخارج...، عاود مره أخرى الى ذاك المكان الذى قطع منه كهرباء المنزل ورفع أحد الأزرار أضاء تلك الرُدهه أمام سُلم المنزل فقط وعاد فى نفس الوقت تفاجئ بـ آصف الذى أطفأ كشاف الهاتف ينظُر له بتوعد، فإرتبك لكن تمسك بالسلاح بيديهُ، بينما تجهم وجه آصف ونظر الى أعلى بسبب أصوات سهيله التى تستغيث أن يعود لها بالغرفه، كذالك الظلام فى الأعلى، تهكم ذاك المجرم قائلًا بإستهزاء وقح:
يظهر مش قادرة أنك تبعد عن حضنك يظهر قطعت الكهربا فى وقت غلط، ولا يمكن مكنتش محتاج للكهربا أساسًا متخافيش مش هتغيب عليها هخليها تحصلك للآخرة مباشرةً.
تهكم آصف قائلًا بشجاعه:
واضح إن اللى بعتك عشان تقتلني حمار زيك بالظبط، مفكر إن قطع الكهربا ولا حتة سكينه هخاف منهم... يظهر أنك غبي بتنفذ الأمر بدون ما تحسب حساب مين اللى قدامك.
ضحك المجرم بإستهزاء ظنًا أنه الفائز بذاك النصليين اللذان بيديه،إقترب من يهوش بالنصلين كان آصف يناوره جيدًا،لكن أحد النصلين أصاب ساعد يده ترك حرجً كذالك نزيفً،لمعت عيني المجرم،وعاود ألاقتراب والإندفاع عليه بالسلاحين،لكن أصف عاد للخلف وتفادي إحد الطعنات التى كادت تُصيبه،توقف المجرم يلهث مُتكهمً ينظر له بزفر وغضب يزداد وبدأ يتعامل بشراسه أكتر وإندفاع،رغم أن آصف لديه يقين أن قوته أقوي من ذاك المجرك ناورهُ جيدًا حتى يجعله يفقد قُدرته مع الوقت،كذالك بالفعل بدأ المجرم يسأم ويندفع أكثر نحوه،وبدأ بتوجيه الطعنات لـ آصف الذى كان يتفادى معظمها لكن هنالك طعنه أصابته بكتفه قريبه من عُنقه،توقف المجرم يلهث عينيه تلمع بظفر وتهور وكاد بطعنة،لكن آصف أمسك إحدي يديه وقبل أن يتفادى الطعنه الأخرى أصابته ببطنه لكن لم تتوغل من جسده،دفع المجرم قليلًا للخلف،تبسم المجرم الذى يتعامل معه بالسلاحين اللذان يطوعهما كآنهما جزء من يديه،نظر له آصف بشعر بآلم وغيط وسأله بلهاث:
واضح إن اللى مأجرك عشان تقتلني ليا عنده مَعَزه خاصة،باعت لى شخص محترف.
تبسم الآخر بزهو ظنًا أن آصف يمدح فيه بعد تلك الإصابات التى ليست طفيفه لكن قوة بُنيان جسده هى ما تجعله صامدًا أمامه وهذا ليس سوا وقتًا وينهار أمامه لكن كان مُخطئ،آصف يحاول مناورة ذاك المجرم حتي يخدعه وها هى أولى المفاجأت للمجرم حين جذب آصف إحد قطع الديكور وقام بإلقائها نحو المجرم الذى ظن أن آصف ببوادر إنهيار،إنقلب الوضع وبعد أن كان المجرم هو من يبدأ بالهجوم كان آصف يهجم عليه محاولًا تفادي النصلين وقام بضرب المجرم على إحدي يديه بأحد قطع الديكور،صرخ من قوتها المجرم وسقط من يديه أحد النصلين سريعًا إنحني آصف وإلتقطه لكن إندفع المجرم نحوه وقام بإصابته بشق آخر فى بطنه،كذالك آصف قام بطعنه لكن ليست طعنه قويه بيده إختل تمكن يده فوق النصل لكن سريعًا بدله لليد الأخري،بالفعل عاود طعن آصف لكن آصف يتفادي الطعنات ويوجه له لكمات وبعض الطعنات أيضًا،الى أن توقف الإثنين يلهثان وإحتدت نظرات عيناهم بتوحش كل منهم لديه رغبة إنهاء حياة الآخر،لكن صُراخ سهيله العالى جعل آصف يظن أنها قد تكون خرجت من الغرفه،نظر لأعلى،إستغل المجرم ذاك وكاد يطعن آصف بمقتل لكن تفادي ذلك بإصابته فى منتصف صدره إصابه كبيره،إنحني قليلًا،تبسم المجرم ظنًا أن آصف إنتهي وإندفع كي يطعنه الطعنه الفاصله لكن آصف تنحي قليلًا وقام بجذب المجرم،وجه له الكثير من اللكمات وهو يمُسك يده الممسكه بالسلاح يشل حركته كذالك ضرب فوق يدهُ الى أن سقط السلاح منه وضعفت قوته وتغلب آصف عليه حين خارت قوته وإنحني أرضًا،ظل آصف يلكم فيه بقوة أفقدته الكثير من أسنانه كذالك شبه تغلب عليه لكن ذاك المجرم كان لديه نصل صغير أخرجه من جيبه وقبل أن يلكمه آصف قام بطعنه بجانبه طعنه أخلت بجسد آصف،فى نفس الوقت عاد للخلف يضع يده فوق الجرح،إستغل ذلك المجرم ونهض سريعًا يجذب ذاك النصل الآخر وإندفع على آصف الذى كان أسرع منه وجذب النصل الأخر من على الارض وبدل النهايه بدل أن يُصيبه النصل بمقتل طعن هو المجرم الذى جثي على قدميه أمام آصف قبل أن يسحب آصف يدهُ ويتركه يتمدد أرضًا،لكن يشعر بآلم قوى بسبب تلك الطعنات المتفرقه بجسده،رغم ذلك إنحنى بمستوى ذلك المجرم وقام بسؤاله:
مين اللى باعتك عشان تقتلني قولى مين اللى بيتعقبني.
تبسم المجرم يعلم أنه موشك على نهايته،لكن تعمد إغاظته بأنفاس مُتقطعه قائلًا:
حبايبك كتير يا حضرة الأفوكاتو....
توقف المجرم يلتقط نفسًا لكن لسوء خِصاله والغدر المُتمكن منه، كان النصل الصغير قريب من إحدى يديه جذبه وإستجمع آخر قوته الواهنه وعلى خوانه طعن آصف الذى تفادي قليلًا لكن أصابه بطعنه شبه متوغله ببطنه،بنفس الوقت نظر لـ آصف الذى شبه وقف يترنح يضع يدهُ يكتم نزيف دمه،بينما المجرم سلم لنهايته التى تحتمت بعد آخر طعنه تلقاها من آصف فوق يدهُ التى شلت حركته وتآثرًا بطعنه غائره فى بطنه إنتفض جسده قبل أن يسكُن بلا حركه....إقترب آصف منه بحذر تحسُبًا حتى لا يقع بفخ مره أخري...بالفعل يبدوا أنه فارق الحياة،إنحني يجث عُنقه،تأكد أنه لا يوحد نبض،نهض آصف يشعر بدوخان كذالك يترنح جسده،مُرغمً سار بخطوات شبه بطيئه يضع يدهُ فوق ذاك الجرح الغائر ببطنه يحاول كتم نزيفه،سمع أصوات إستغاثة سهيله،سار نحو ذاك المكان وقام بإعادة الكهرباء الى المنزل،ثم سار نحو الأعلى يتمسك بسياج السلم ويتكئ بجسده على الحوائط حتى يستند عليها الى أن وصل أمام تلك الغرفه،إتكئ بيدهُ فوق مقبض الباب وقف قليلًا يستجمع آخر ما تبقى من مقاومته،وضع يده فوق المفتاح وقام بفتح باب الغرفه،بنفس الوقت توقفت سهيله عن الإستغاثه به تشعر بيأس أن يكون أصابه شئ شعرت بنغزات قويه فى قلبها ودموع عينيها تسيل بنفس الوقت شعرت بأمل حين عادت الكهرباء،ثم من بعدها بدقائق
سمعت صوت تكات مُفتاح الغرفه، للحظه أخذت حذرها وتمسكت بيديها الإثنين على ذاك السلاح وصوبته نحو باب الغرفه بيد مُرتعشه، لكن حين نظرت الى آصف الذى طل من خلف باب الغرفه تركت السلاح يقع من يدها وهرولت نحوه بخطوات سريعه فى لحظات كانت ترفع يديها حول عُنقه تحتضنه تتنهد براحه،ضمها آصف قويًا الى جسدهُ واضعًا رأسه على كتفها وتنفس على عُنقها، هدأ خوف سهيله وعادت برأسها الى الخلف، رفعت إحدي يديها وضعت كفها على وجه آصف وقالت بنبرة إرتياح:
آصف إنت بخير أنا....
قطع بقية إسترسال حديثها جذبه لرأسها وقُبلتهُ لشفاها التى لم تنفُر أو تتضايق منها،بل إستقبلتها برحابه منها، ترك شفاها وضع جبينه فوق جبينها وهمس بضعف:
بحبك يا سهيله لآخر لحظه بعمري، مش قادر أحرر قلبي من أنه يعشقك،لكن الحُريه مش بعيده عنك.
شعرت سهيله بيدي آصف اللذان إنسحبا من حول جسدها وأصبح جسدهُ ينخفض بين يديها الى أن أصبح جاثيًا على ساقيه أمامها، نظرت الى الفضاء بين يديها لاحظت تلك الدماء التي تسيل عليهم، بعقل غير مستوعب للحظات قبل أن تقول بنبرة لوعه وخفوت قلب:
آصف!.
لم يستطيع آصف رفع بصرهُ لها وهو يتمدد أرضًا مُدرج بدماؤهُ مُستسلمً لفُقدان وعيه وهو يشعر بإنسحاب روحه من جسدهُ،لكن كان يشعر براحة فى قلبهُ فهو حصل على ما كان يبغي
"عِناق وقُبله" برضائها.
بينما سهيله شعرت بأن قلبها يآن حين رأته هكذا لم تنتظر وقتًا وإنحنت جاثية جوارهُ وضعت يدها فوق العرق النابض بعُنقه كان هنالك نبضً يضعف، ربتت سهيله على وجهه بإستجداء قائله:
آصف حاول تساعدنى وقوم أقف معايا إنت بتنزف... فتح آصف عينيه يشعر بإنسحاب رسم بسمه خافته دون أن يتحدث، حاولت سهيله جذبه حتى ينهض معها بصعوبه إمتثل جسده الضخم وقف مُستندًا كليًا عليها، لم تهتم بثُقل جسده وإحتوت خصرهُ بيديها تسير معه بترنُح الى أن وصلا الى الفراش تركت جسده الذى تمدد نصفه فوق الفراش، سريعًا عدلت جسده،وهو شبه واعي يتآلم غير قادر على الحديث،سريعًا قالت:
أكيد البيت فيه شنطة إسعاف أوليه.
سريعًا ذهبت نحو الحمام تبحث عن تلك الحقيبه الطبيه لم تجدها، خرجت بيأس من الحمام، نظرت نحوه كان مُمددًا، لم تنتظر ذهبت نحو الغرفه الاخري فتحت الحمام الخاص بها وبحثت به تنهدت براحه حين وجدت تلك الحقيبه، جذبتها سريعًا وذهبت نحو الغرفه الاخري، كان آصف شبه غير واعي، جثت العرق النابض به تنهدت براحه، سريعًا قامت بتمزيق بقية ثيابه من الأعلى، شعرت برجفه فى قلبها حين رأت تلك الجروح الغائره بصدره وذاك الجرح الاكبر النازف ببطنه، سريعًا جذبت تلك الإبرة الخاصه بتقطيب الجروح وبدأت بتقطيب تلك الجروح حتى تستطيع وقف ذاك النزيف، بعد وقت لابأس به قطبت تلك الجروح، وآصف شبه غير واعي، جذبت هاتفها وكادت تتصل على إحد المستشفيات لكن صوت العاصفه بالخارج جعلها تتاكد أنه لابد من نقل آصف الى مشفى، لكن لن يُجازف أحد ويُبحر بمياه البحيره فى هذا الوقت، لا يوجد أمامها سوا الإبتهال والإستنجاد بقوة قلبها، إقتربت من آصف وضعت يدها فوق العرق النابض ربما هدأ قليلًا وعاد شبه طبيعيًا، هدأ قلبها قليلًا، رغم معرفتها بحاجة آصف الى نقل دماء وتعليق محاليل ومجثات طبيه، لكن ما فعلته فقط هو وقف النزيف... بعد قليل شعرت بإنتفاصة جسد آصف وضعت يديها فوق صدره شعرت ببروده تغزوا جسدهُ، بالتأكيد بسبب النزيف بدأت حرارة جسده تنخفض بدرجه ملحوظه، فكرت سهيله قامت بوضع دثار آخر فوق جسده لكن مازالت الرجفه مُستمرة، إهتدى عقلها لايوجد سوها هى من تُعطي لـ آصف حرارة من جسدها
بالفعل لم تُفكر كثيرًا وقامت بنزع ثيابها ورفعت الدثار عنه وتمددت بجسدها فوق جسده تشتشعر به رغم تلك الرهبه التى تملكتها للحظات لكن برودة جسد آصف جعلتها تُجازف وبدأت تستحث حرارة جسده بحرارة جسدها بلقاء حميمي كذالك كانت تستحث فيه الآلم حتى يقاوم جسده ويستعيد جزءًا من حرارة جسده، ظنًا منها أنه لا يشعر بذلك، لكن هو كان شبه واعيًا وشعر بقُبلاتها على عُنقه وصدره تستحث بهم حرارة جسده، كذالك ذاك اللقاء الحميمي كذالك يشعر بلمسات يديها اللتان تُمسد بها على جسده تستحث الدفئ له، ود أن يستمتع بذاك الشعور معها ويُخبرها أنه واعيًا، لكن وهن جسده يمنعه، كذالك هنالك مانع آخر لو أظهر أنه واعيًا بالتأكيد ستبتعد عنه وتتركه لصقيع آخر يغزوا قلبه.