
رواية عشق مهدور
الفصل الحادي عشر 11والثانى عشر 12
بقلم سعاد محمد سلامه
﷽
إتأخرت.
قالتها شهيرة بدلال وهى تنهض من أمام مرآة الزينه وضعت فُرشاة الشعر تاركه تصفيف شعرها،من ثم سارت نحوه بخطوات تتهادى بالغنج التى تُجيدهُ... رافعه يديها تُعانقهُ تضع ثغرها على شِفاه تُقبلهُ، بادلها القُبل بإستمتاع، ترك شِفاها ورفع إحدى يديه أمسك طرف خُصلات شعرها قائلًا بإعجاب:
قصيتي شعرك كمان غيرتي لونه.
تبسمت بدلال قائله:
تغيير يكسر الملل بقالى مدة كنت بطوله، وكمان كان أسمر، قولت أقصه وأغير لونهBlonde(اشقر)
، أيه مش عاجبك اللوك الجديد،ولا مش لايق عليا.
فرك طرف خُصلات شعرها قائلًا:
بالعكس اللوك الجديد حلو أوي ومصغرك عشر سنين.
لوت شِفاها تدعى أنها مقموصه قائله:
قصدك أيه إنى كبرت، لاء هو عشان بقى عندي بنت فى الجامعه أبقى كبرت إنت عارف إني إتجوزت بدري وإعتزلت شُغل المودلينج وأنا فى عِز شُهرتى... إنت عارف إن كان فى دور أزياء عالمية مشهورة كانت ومازالت تتمنى مني بس إشارة، أنى أرجع من تانى للموديلز، بس أنت لما خيرتنى رغم شهرتى وكمان حُبِ للمودلينج، قلبي أختارتك... ومشيت ورا قلبي.
رغم أنه يعلم أن نصف حديثها كاذب لكن ذلك الإطراء جعلهُ يزهو،وهى تتغنج بدلال تُقبلهُ بإغراء
إستجاب له،يقضي وقت مُمتع معها،
ينتهي بإنتشاء للإثنين،إضجع على الفراش بظهره، بدلال منها إقتربت منه وضمت نفسها له وضعت رأسها على صدره تعبث بآناملها برقه على صدره، سأله:
قولي بقى إتأخرت ليه، إنت فى القاهرة من الصبح.
رد ببساطه:
أنا فعلًا فى القاهرة من بعد الضهر جيت مع آصف، كان عندي شوية مشاوير ومصالح.
إدعت الدلال سأله بعتاب:
يعنى لو مكنتش جاي مع آصف، وشوية المشاوير بتاعتك دى
مكنتش شوفتك،يعنى مش جاي عشان شوشو حبيبتك وحشتك حتى نص إنت ما وحشتني، أنا زعلانه منك، إنت بقيت تغيب عليا أوى وإنت عارف إنت قد أيه بتوحشني.
قالت هذا ورفعت رأسها عن صدره تنظر لوجهه قائله بدلال:
إنت قلبك تقيل، بس بقى
ياترا أنا كمان مش بوحشك؟.
جذبها لصدرهُ مُبتسمًا يقول:
أكيد بتوحشيني جدًا، بس
إنتِ عارفه طبيعة مشاغلي الكتير الفتره اللى فاتت كنت مشغول جدًا، سواء فى جولة ألانتخابات النصفيه، كمان أنشغلت بقضية المرحوم سامر
بس خلاص الفترة الجايه هعوضك.
إبتسمت بدلال وعادت تعبث بآناملها على صدرهُ وإدعت الحُزن وهى تقول بنبرة تحريض:
أنا لسه قلبي بيوجعني لحد دلوقتى على المرحوم سامر واللى مضايقني كمان إن البنت اللى قتلته نفدت من العقاب، دى كانت تستحق حبل المشنقه،بس طبعًا القانون سهل يتخدع،وفلتت من العقاب،بسبب قلبك الطيب.
نظر لها بغصه تقسم قلبه،لكن قال:
مين اللى قالك إنها نفدت من العقاب،أنا متأكد إنها هتاخد العقاب المناسب وقريب جدًا،مستحيل تتهني بعد ما شوهت صورة إبني.
رفعت رأسها عن صدره وسألت بذهول:
قصدك أيه؟.
رد أسعد بهدوء:
بكرة تعرفي دلوقتي انا حاسس إنى مُرهق ومحتاج أنام عشان عندي بكره جلسة حلفان اليمين فى المجلس ولازم ابقى فايق ليها.
رغم فضول شهيرة لكن تبسمت له وعادت تسكُن صدرهُ تشعر بإنشراح فى قلبها،رغم كتمان أسعد لكن تعلم أنه مازال بقلبه الإنتقام من تلك الفتاة،شار عليها عقلها أن تجذب هاتفها وتُخبر اسعد عن تلك الصور الخاصه بـ آصف مع تلك الفتاة،لكن تراجعت،ماذا ستفسر له كيف وصلت تلك الصور لها،لكن شعرت بسعادة وشماته فى آصف الذى دومًا يُظهر البُغض لها.
بينما ضم أسعد جسد شهيره بين يديه،يتذكز بالأمس
[فلاشـــــــــ/باك]
إكتسب من خبرته كـ نائب فى البرلمان أن يسمع الحديث الى النهايه بعدها يُقرر
أيعترض
أم يوافق
أو يلتزم الصمت ولا يُبالي
أو أخيرًا يمسك العصا من النصف.
هكذا فعل بعد أن سمع قول آصف
بينما تسرعت شُكران وقالت برفض:
لاء، مستحيل، شاور على أى بنت تانيه غير سهيله.
نظر لها آصف قائلًا:
إنت مش كنتِ نفسك إنى اتجوز وكنت بتلحِ عليا كتير، أنا أهو هحقق لك رغبتك.
تنهدت شُكران بغصه ودمعه تتكون بعينبها وقالت برفض:
لاء، يا آصف مستحيل، أنا حاسه بشويه تعب هقوم أنام.
لم يستغرب آصف من رفض شُكران، لكن إستغرب من صمت أسعد،نظر له قائلًا بإستخبار:
وحضرتك كمان رأيك أيه هترفض زى ماما؟.
صمت أسعد للحظات يُفكر قبل أن يُرد على آصف عكس توقعه:
لاء أنا موافق طالما دى رغبتك،مقدرش أفرض عليك قرار متأكد إنك مش هتمتثل ليه،إنت حُر فى حياتك،بس أنا مش هقدر أستقبل البنت دى هنا فى سرايا شعيب.
قصدك أيه؟.
هكذا تسأل آصف بإستغراب.
حِنكته كـ سياسي وقبل ذالك معرفته بـ آصف،لديه يقين أن آصف سيستغل زواجه من تلك الفتاة ويأخذ قصاص أخيه، بالتأكيد لديه هدف من هذا الزواج
آصف سبق وأخبرهُ انه كان يعلم قرار المحكمه وان لديه العقاب المناسب لها، أخبره بذالك سابقًا، والآن حسم آصف قراره، الزواج من تلك القاتله له هدف لديه، ربما كي يُظهرها على حقيقتها مُدعية الشرف وهى ليست سوا مُتسلقه عديمة الشرف.
لكن أخبره بدهاء كى لا يشعر أنه يفهم مآربه من خلف ذالك الزواج:
إنت حُر فى حياتك وإختيارك للى تناسبك وتشاركك حياتك،عشان إنت اللى هتشيل عواقب ده بعد كده.
إستغرب آصف رد والده الذى خيب توقعه،لكن لديه هاجس أن أسعد يفهم نواياها من خلف ذلك الزواج،ربما بداخله أراد أن يقنعه أن يتراجع عن ما برأسه،ربما وقتها كان شعر بأن أسعد لديه قلب،لكن إمتثل لقراره قائلًا:
تمام أنا هنتظر إن تقنع ماما توافق.
أومأ أسعد برأسه قائلًا:
إنت مش محتاج موافقة مامتك،لآنها مش هتعاشر مراتك معاها هنا.
إستغرب آصف سائلًا:
مش فاهم قصدك أيه،ياريت توضح.
رد أسعد:
يعنى إنت أكيد مستحيل تدخل البنت دى هنا السرايا كـ زوجه ليك،وانا ومامتك أكيد من هنستقبلها بالورود، زى أى كنه تدخل للسرايا، البنت دى مقامها بدرون السرايا.
للحظه تفاجئ آصف من رد أسعد، وقال بخشونه:
تقريبًا، إنت بترفض بس بطريقه إنك متفرضش رأيك عليا؟.
رد أسعد :
لاء غلطان قولتلك إنت حُر، بس انا يوم ما أستقبل لك زوجه هنا فى السرايا تكون بنت ناس محترمين ومن مقامنا الأجتماعي، لكن إنت عاوز تتجوز البنت دى مقدرش أمنعك، بس مُتأكد إنك مع الوقت هتمِل منها ومش بعيد تطلقها، وتختار اللى تناسبك، انا مش ضد إنك تجرب وتفشل.
ذُهل آصف من رد والده المجحف، ماذا يقصد بـ تجرب وتفشل، لكن صمت لا يود الجدال بأمر محسوم لديه، سيتزوج من سهيله عقابً على كذبها.
[عوده]
عاد اسعد يبتسم وهو يشعر بالهدوء النفسي...تلك المُدعيه رسمت نهايتها بغباء منها،هى بالتاكيد لن ترفض زواجها من آصف طمعًا فى المغفرة التى لن تنالها...بل سيتضاعف عقابها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمنزل أيمن
بغرفة الجلوس
على تلك الطاوله وضعت سهيله بعض الكُتب والمراجع أمامها تنظر لها بشرود تتذكر مواقف زُملائها بالمشفى ونظراتهم لها اليوم كذالك حديث مدير المشفى الفج لها، سالت دمعه من عينيها
دمعة حسره هى لم ترتكب أى جُرم، الا يكفى عقابها بالسجن لآشهر ذاقت فيها جُرعات مريره من العلقم، كذالك الا يكفى آنين قلبها بمن تخلى عنها وتركها تواجه مصير مُعتم دون حتى ان يسألها مرة واحده حتى لو وجه لها الإتهام مثل الباقين، لكن إتخذ الصمت حتى نظرات عيناه لم تراها.
أثناء شرودها شعرت بيد وضعت على كتفها،سُرعان ما إنتفضت واقفه بخضه مُتحفزه...لكن سُرعان ما تنهدت براحه قائله:
بابا.
إستغرب أيمن من ردة فعلها المُبالغه...وقال بود:
ايوا بابا مالك إتخضيتى كده ليه.
إذدردت سهيله ريقها وقالت بتبرير كاذب:
مفيش يا بابا بس كنت مركزه فى قراية المراجع،ومش مُنتبه لخطوات حضرتك.
نظر أيمن الى تلك الكُتب والمراجع الموجوده فوق الطاوله كان معظمها مُغلق الا من مرجع واحد مفتوح على أول صفحه،لكن شعر بوخزات قويه فى قلبه وضم سهيله قائلًا بحنان:
ربنا يوفقك،هسيبك تكملي مُذاكره وهروح أعملك شاي.
ضمت سهيله نفسها لـ أيمن تحاول أخذ الأمان المفقود منه وقالت:
لاء شكرًا يا بابا، أنا حاسه بإرهاق ومش هقدر أكمل مُذاكره هأجلها لبكره.
تبسم لها بحنان قائلًا:
كنت هقولك كده، بس قولت سهيله مش بتتعب من المُذاكره، بس..
أكملت سهيله بقية حديث أيمن بآسف:
بس كل شئ بيتغير يا بابا، هروح أنام تصبح على خير.
رد أيمن يشعر بآسى:
وإنتِ من أهله.
دخلت سهيله الى الغرفه الخاصه بها مع هويدا،سابقًا كانت تشعر بخوف من إغلاق باب الغرفه،لكن الليلة أغلقت الباب وذهبت نحو فراشها أزاحت الدثار قليلًا وتمددت على الفراش سامحه لعينيها أن تزرف دموع تحاول بها إخراج مكنون قلبها الذي يآن
تشعر انها مازالت سجينه بين جُدران أعيُن الناس ترى بأعينهم سهام إتهامات قاسيه تخترق قلبها،
لكن همست لنفسها بإصرار لن تستسلم ستعود لحياتها وتبدأ من النهايه،وما كانت تُخطط له دومًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد مرور شهر ونصف
ظهرًا
بالقاهرة
بشقة آصف
بـ غرفة نومه وقف أمام المرآه نصف عاري
ينظر الى إنعكاسه،تمعن النظر الى ذقنهُ بعد أن قام بتهذيبها،
بنفس الوقت سمع رنين هاتفه، وضع ماكينة الحلاقة التى كانت بيده فوق طاولة مرآة الزينه وتوجه نحو طاوله جوار الفراش،نظر للهاتف تبسم وهو يقوم بالرد:
سيادة الكابتن طيار بتكلمني منين النهارده.
تثائب أيسر وهو يقول بإرهاق:
إحنا فى موسم الحِج وشغال على خط الطيران المصري السعودى.
تبسم آصف قائلًا:
طب كويس،روح حج وإطلب من ربنا يهديك.
ضحك آيسر قائلًا:
آمين، حتى ماما وصفوانه كمان طالعين الحِج السنه دى، هبقى مرافق لهم وأقولهم يكثفوا الدعا، ربنا يهديك إنت كمان، ويرتاح قلبك.
فهم آصف فحوى حديثه ولم يرد الحديث بهذا الشآن بدل الحديث لدفه أخرى الى أن إنتهى الحديث بينهم، كاد يضع الهاتف على الطاوله لكن إهتز بصوت رساله
فتحها شعر بغضب وغِيره من محتوى الرساله الذى كان صوره
لـ سهيله تقف ومعها شخص آخر يمد يدهُ لها بكتاب كذلك خلفهم بعض الكُتب، فطن أنها ربما مكتبة الجامعه... لكن لما تقف مع هذا الشخص،إجتاحته مشاعر الغِيرة،وجزم لنفسه لابد من الآسراع فى قرار الزواج منها بأقرب وقت،والليله ستكون البدايه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالجامعه
كانت يارا تسير برواق الجامعه مع إحدى صديقاتها يتحدثن عن رايهن بأحد الاساتذة وطريقته السيئه فى شرح المادة الدراسيه، لكن للحظه توقفت حين رأت طاهر يقترب من،شعرت بغِيره حين رأته يسير يتحدث مع إحدي زميلاته،فى البدايه ظنت أنه سيُحدثها لكن تجاهلها، وسار من جوارها حتى دون النظر لها،شعرت بغضب يملأ قلبها،نظرت لزميلتها وقالت لها،لسه فى وقت أكتر من نص ساعه عالمحاضرة التانيه،خلينا نروح الكافيه اللى قدام الجامعه نشرب قهوة تصحصحنا شويه.
وافقت زميلتها وذهبن الى الكافيه
دلفن
نظرت يارا الى طاولات الكافيه،لكن إذداد الغضب لديها حين رأت طاهر يجلس مع تلك الفتاه يبدوان مندمجان وأمامهم بعض الكتب كذالك كوبان من القهوة،أشارت لصديقتها قائله:
خلينا نقعد شويه.
تبسمت لها صديقتها وقالت بمرح:
إعملى حسابك إنك إنت اللى عازمانى عالقهوة.
اومأت براسها
جلسن لبضع الوقت إحتسين القهوه،نظرت لها زميلتها قائله:
خلاص مبقاش فاضل عالمحاضره غير عشر دقايق على ما نرجع للجامعه كمان أياك نلاقى مكان قريب من منصة الدكتور.
لم تنتبه يارا لحديث زميلتها بسبب عينيها اللتان تنظران نحو طاهر الذى كآنه تغاضى عن رؤيتها وهو مُنسجم مع تلك الفتاة،لكن الاغرب انه إنضم لهم بعض من زُملائهم ربمت هذا ما جعل قلبها يهدأ قليلًا.
بينما إستغربت صديقتها ووكزتها على يدها قائله:
سرحانه فى أيه.
نظرت يارا لزميلتها وقالت ببساطه: مش سرحانه،بس كنتِ بتقولى أيه.
ردت زميلتها ببسمه:
آه..فعلاً مش سرحانه،عالعموم بقولك خلينا نقوم نرجع للجامعه المحاضره خلاص فاضل عشر دقايق،على ما نوصل للمُدرج.
نهضت يارا بمضض وسارت مع زميلتها تعمدت المرور من جوار تلك الطاوله التى يجلس خلفها طاهر،لكن لم يرفع راسه وينظر لها شعرت بغضب كذالك وخز فى قلبها بسبب إنشغاله بالحديث مع زميلته...غادرت تشعر بشرود تسأل نفسها ماذا تعنى له تلك الفتاة التى بسببها حتى لم ينظر لها ،بينما بالحقيقة بسبب إنشغاله مع زميلته بمراجعة ومناقشة بعض الدروس سويًا لم ينتبه لها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بـ المكتبة التابعه لكلية الطب.
تجولت تقرأ عنوانين تلك الكُتب المصفوفه على أرفُف المكتبه تبحث بينها عن ذلك المرجع الطبي التى تريده، إنشرح قلبها حين وجدته موضوع على أحد الرفوف، مدت يدها كى تجذبه، لكن تفاجئت بيد أخرى سبقتها وجذبت المرجع وأخذهُ...
إستدارت تنظر خلفها، كان شخصً يبدوا عليه الوقار، تنحنحت قائله:
المرجع ده بيناقش بعض الظواهر النفسية.
رد الآخر قائلًا:
عارف، انا كنت بدور عالمرجع ده من فترة حتى سألت أمين المكتبه وقالى إن كان فى طالب مُستعيره وكويس إنى جيت النهاردة ولقيته.
شعرت سهيله بآسف وخجل أن تُخبره انها تود إستعارة هذا المرجع لحاجتها الضروريه إليه، لكن سألته:
وهترجع المرجع تانى للمكتبه إمتي؟.
رد بإحترام:
بصراحه مش عارف،بس...
توقف ينظر لها وسأل بفضول:
إنتِ محتاجه للمرجع ده.
إلتزمت الصمت قليلًا،بينما هو شعر أنها مآلوفه لديه،سألها:
إنتِ بتدرسى طب نفسي.
ردت سهيله:
لاء،أنا خلصت دراسة طب أطفال،بس بعمل رسالة الدراسات العُليا وكنت واخده موضوع تآثير الطب النفسي مش بس على الأطفال على البالغين كمان.
ضحك مازحً يقول:
قصدك طب المجانين،مفيش حد فى مصر بيعترف بالطب النفسي.
تبسمت له قائله:
فعلًا ده صحيح،أنا كان نفسى ادرس طب نفسى من البدايه بس طبعًا الطب النفسى فى مصر مالوش مستقبل.
ضحك مازحً يقول:
بالعكس الطب النفسى له مستقبل كبير فى مصر،كلنا أوقات بنبقى محتاجين نفضفض بس طبعًا مش لدكتور المجانين.
تبسمت له قائله:
هو ده اللى خلانى أدرس طب اطفال،بس ناويه أعمل رسالة الماستر والماجستير والدكتوراه عن تأثير الطب النفسي،جتب طب الأطفال.
ضحك قائلًا:
يعني تمسك العصايه من النص،للآسف انا معملتش كده،درست طب نفسي وكمان اخدت الماستر والماجستير والدكتوراه فيه بس طبعًا مش فى مصر،أنا يادوب راجع من بعثه من فرنسا كم شهر،بصراحه هناك عندهم إمتيازات للطب النفسي ومش بيخجلوا أنهم يزوروا طبيب نفسي من فترة للتانيه عكس هنا طبعًا.
للحظه تذكرت سهيله سامر وأكم من مره نصحته باللجوء لطبيب نفسي،لكن هو إمتنع وسار بعقله خلف مغامرات أودت بحياته وكاد يضيع مستقبلها بسببه.
لاحظ الآخر،شرود سهيله سألها:
على فكره متعرفناش،انا دكتور
"بيجاد وحيد"دكتور نفسي.
نفضت ذكرى سامر وإبتسمت له قائله:
أنا سهيله أيمن،دكتورة أطفال.
مد بيجاد يدهُ لها للمصافحه قائلًا بود:
إتشرفت بيك يا دكتورة،إتفضلي.
صافحته سهيله بإستحياء ونظرت الى يده الاخرى الممدوده بالكتاب قائله:
إنت مش محتاج للمرجع ده؟.
رد بيجاد:
هقولك الصراحه أنا كنت محتاج ليه عشان كنت هعمل بحث طبي،سهل أجيب اللى لازمنى عنه من مواقع طبيه عالنت،بس كنت هستسهل وأخد المعلومات اللى عاوزها من المرجع ده،واضح إنك محتاجه له أكتر مني،كمان انا مش مستعجل عالبحث بتاعي.
بحياء مدت يدها وأخذت المرجع قائله:
تمام طالما مش مستعجل عالبحث بتاع حضرتك،أنا ممكن أخد المرجع وخلال أسبوع بالكتير هرجعه هنا للمكتبه تقدر وقتها تستعيره.
أومأ لها ببسمه قائلًا:
تمام أسبوع مش كتير،بس أتمنى أن الكتاب يفيدك يا دكتورة.
تبسمت له وهى تنظر له بُشكرثم عادت بنظرها الى المرجع تبتسم،بينما بيحاد ظل ينظر لها بنظرة شغف،لكن قطع نظره لها رنين هاتفهُ.
أومأ لها وتجنب منها للرد على الهاتف، بينما سهيله فتحت المرجع قرأت بعض السطور، ثم غادرت دون إنتظار، بينما بيجاد بعد أن أنهى الحديث على الهاتف، عاد مره أخرى للمكان نظر حوله يتلفت بالمكتبه، لم يراها كآنها إختفت، تبسم وبداخله أمنية لقائها مره أخرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مساءً
بمنزل أيمن
وضعت سحر تلك الصنيه على طاولة أمام عادل ورحبت به قائله:
نورتنا يا عادل.
تبسم لها بموده،بينما نظر لـ أيمن قائلًا:
بصراحه كده يا عم أيمن موضوع زفافِ أنا وهويدا.
توقف عادل للحظه خين رأى إعتدال هويدا ونظرها له بتحفُز، لكن قبل أن تتحدث تحدت أيمن قائلًا:
أنا عارف إن زفافكم إتأجل كتير بسبب الظروف اللى مرينا بيها فى الفتره الأخيره بس الحمدلله ربنا كشف الغُمه، وبصراحه كده الواحد نفسه يفرح، انا بقول بلاش تأجيل أكتر من كده، كفايه.
قاطعته هويدا بتسرُع:
وليه نتسرع يا بابا، كمان انا معنديش أجازات دلوقتي خلى الزفاف للصيف الجاي.
نظر عادل لها بإستغراب، بينما قالت سحر:
ليه نآجله ده كله، الحمدلله الجهاز كله موجود، خلونا نفرح شويه، كفاية غم، ومفيهاش حاجه لو أخدتى أجازة أسبوع ولا إتنين بدون مرتب.
رد أيمن هو الآخر بتوافق:
أنا بقول كده كمان، كفايه مدة الخطوبه طولت أوى، والظروف الحمد لله أتعدلت خلونا نفرح، على بركة الله يا عادل من بكره روح إحجز قاعة الفرح فى أقرب وقت.
نظرت هويدا لـ عادل بسخط، بداخلها نفور تكره أن يضعها أحد امام الامر الواقع، كذالك بداخلها غضب بسبب تشتُتها بعد تجاهل أسعد لها، وأجزمت ان السبب هو براءة تلك السخيفه سهيله، ودت لو تُنهى هذا الموضوع وتنفصل عن عادل لكن بداخلها هاجس يمنعها من ذلك خوفًا أن تشمت فيها سهيله كذالك تخشى الا تتزوج بسبب سُمعة أختها التى أصبحت كالعلكه بفم الناس، حتى لو كانت حصلت على البراءه لكن مازال هنالك البعض الذى لا يُصدق أنها بريئه من دم زميلها، صمتت تتقبل الأمر غصبًا بغضب جم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بـ سرايا شعيب
بغرفة آصف
كان يتمدد على فراشهُ يضع يديه أسفل رأسه، ينظر الى سقف الغرفه،
شاردًا،بتلك الصوره التى وصلت لهاتفه ظهرًا،تخُص سهيله وهى واقفه مع شخص آخر تذكر حين سأل الذى أرسل له الصوره من هذا،أجابه بأنه لا يعرفه،لكن سيأتى له بمعلومات عنه بأقرب وقت،كذالك أخبره أنها وقفت تتحدث معه لبعض الوقت،قبل أن تتركه وتغادر،قطع عليه ذالك التفكير،صوت طرق على باب الغرفه،سمح بالدخول
إعتدل جالسً على الفراش يبتسم حين دلف الى الغرفه والداته تحمل بيدها كوبً من اللبن
قائله:
كنت متوقعه إنك لسه سهران
جبت لك كوباية لبن دافيه إشربها وبعدها هتنام مرتاح.
تبسم لها وهو يأخذ منها الكوب،وإرتشف بعض القطرات،بينما جلست شكران على طرف الفراش جواره ومدت يدها على خصلات شعرهُ وقالت بأمومه:
شعرك محتاج يتقصر شويه يا سيادة المستشار.
"سيادة المستشار"
تلك الكلمه التى كانت دائمًا تقولها له سهيله،شعر بالجمود.
بينما تنهدت شُكران قائله له بنُصح:
بلاش يا آصف.
لم يفهم آصف مقصدها وسألها:
بلاش أيه يا ماما؟.
ردت عليه شُكران بهدوء،رغم ثوران قلبها النازف:
بلاش تتجوز من سهيله.
فهم آصف لكن سألها:
إنتِ رافضه سهيله عشان زعلانه إنها طلعت براءة.
أومأت شُكران برأسها وفجأته:
أنا فعلًا متأكدة إن سهيله بريئه من دم...
توقف لسانها عن ذكر إسم سامر الذى أصبح نُطقه يؤلم قلبها.
بينما تفاجئ آصف من قولها وقال بإستغراب:
مش فاهم قصدك أيه.
ردت شُكران:
سهيله أنا أعرفها من وهى طفله كانت هاديه وملهاش فى الشر،ومعتقدش إن قلبها يستحمل إنها تقتل.
إستغرب آصف قائلًا:
بس ممكن تدعي بالكذب عشان تنجي نفسها من حبل المشنقه.
ردت عليه شُكران:
إنت قولتها،كذبت عشان تنجى نفسها،الروح غاليه يا آصف،عشان كده بقولك بلاش تتجوز سهيله،خليها بعيد عنك،أفضل ليها ولـ ده.
أنهت شُكران قولها وهى تضع يدها على قلب آصف
آصف الذى نظر لها بإستغراب وتسأل:
مش فاهم؟.
ردت شُكران:
لاء فاهمني يا آصف مفكرنى مكنتش ملاحظه نظراتك لما بتشوفها هنا فى السرايا،فاكر كتير قبل كده كنت بطلب منك إنك تتجوز حتى أوقات كنت بقولك على عرايس بنات ناس أنا أعرفهم،كنت منتظره منك تقولى أنك عاوز سهيله،بس إنت كنت بتخيب ظنِ،بس النهارده بقولك بلاش يا آصف...خايفه عليك تندم بعد كده.
نهضت شُكران ونظرت لـ آصف بحنان قائله:
أنا مسافره بكرة السعوديه هدعيلك فى الحرم ربنا يريح قلبك.
غادرت شُكران الغرفه وتركت آصف يشعر بتخبُط،ما بين قلبه وعقله وزاد التوهان بعد حديث شُكران له
رغم وجع قلبها المُدمى دافعت عن سهيله
سهيله التى لا تستحق منها شفقه
كاد عقله يُسلم الدفه لقلبه يتحكم ويتراجع،لكن صدح رنين هاتفه
جذبه من جوارهُ،ونظر له،فتح تلك الرساله المُرسله له
قرأها وعلم من فحواها، أن سهيله غادرت المشفى قبل قليل،لكن سُرعان ما شعر بغضب وعاود قلبه للجمود حين قرأ تلك الرساله الأخرى المُرسله بمعلومات عن الشخص التى كانت تقف معه ظهرًا بالمكتبه، أنه أحد الدكاترة اللذين يشرفون على رسالة الدراسات العُليا الخاصه بها،والتى سبق وأخبرته أنه إبن طبيب عالجها وكانت مُعجبه به،شعر بغضب قوى يهُسهس من بين أسنانه قائلًا:
طبعًا الإعجاب سهل يتنقل من الأب للإبن بس ده مستحيل أسمح بيه؟.
نفض دثار الفراش عنه ونهض بغضب يتوجه ناحية خزانة الملابس،أخرج زى خاص له،وبسرعه إرتداه وبثوانى خرج من السرايا،ذهب الى مكان قريب من موقف السيارات الخاص بالبلده وقف خلف أحد الزوايا يُراقب حتى وقع بصره على سهيله التى للتو ترجلت من إحدي السيارات،تتبعها.
كان ذالك
بعد منتصف الليل
حين ترجلت من سيارة الأجره على مشارف البلده،ما هى إلا لحظات رأت خيالًا خلفها
تيبس قلبها خوفً وشعرت بأن هنالك من يتعقبها، حاولت الإسراع بالمشي، تبتهل
أن يخيب ظنها، أو تصل الى منزل والداها بسلام،دون أذى، يكفى ما مرت به على مدار العام والنصف المُنصرم، والذى كانوا مثل كابوس مستمر بالكاد فاقت منه وعادت مره أخرى لعملها كـ طبيبه مره أخرى، لم تحاول المراوغه أو السير بشوارع جانبيه تصلها للمنزل أسرع أختارت الشوارع الرئيسيه بالبلده الى أن وصلت الى أمام مُنعطف شبه مُظلم قريب لمنزلها لكن إرتعبت حين شعرت بيد تسحبها من مِعصم يدها
إنخضت وإرتعشت أوصالها تخشى أن تصرُخ مازال عالق برأسها نظرة البعض لها رغم برائتها من تلك الجريمه لكن هنالك من شكك بشرفها، والآن تخشى أن يُقال أنها كاذبه تدعي الشرف، لكن كان لابد من رد فعل منزل والدها بعد بضع خطوات لو صرخت هل هو أول من سيخرج ويُنقذها دون إثارة فضيحه؟، لكن ربما ذلك المُتعقب لها لا يهاب، لا يوجد حل آخر، بالفعل حسمت القرار وكادت تصرُخ، لكن ذلك المُتعقب كآنه قرأ فكرها، بسرعه وضع يدهُ الأخرى فوق فمها يسحبها بقوة خلفه الى أن دخل ذالك المُنعطف الشبه مٕظلم وثبتها على حائط إحد المنازل،
وقف ينظر لها بإستهزاء هل حقًا لديها قلب يخاف بعد أن قتلت، إستمتع وهو شعر بإرتعاش يدها أسفل يدهُ كذالك نظر لملامح وجهها المشدوهه قبل أن ترفع عينيها وتنظر له على ذاك الضوء الخافت،
للحظه حين علمت هويته شعرت بآمان.... لكن
عاد شعور القلق لقلبها حين أزاح يدهُ من على فمها إلتقطت نفسها بصعوبه وقالت بخفوت:
آصف!.
للحظه توحشت عيناه يشعر بوهج يغزوا قلبه، ود لو يقتص من كذبها الآن، لكن تمالك أعصابهُ، وقال لها ببرود أجادهُ:
هستناكِ بكره بعد الضهر عالجزيرة، بلاش تتأخري.
قال هذا وترك مِعصم يدها إبتعد عنها لكن تلاقت عيناهم كل منهم لديه شعور مختلف...
هى رغم رجفة جسدها لكن إنزاح الخوف من قلبها
هو رغم رؤيته للخوف الذى كان مرسوم على وجهها لكن شعر بطوفان ناري فى قلبهُ ولم يهتم
لديه هدف سيصل له مهما تنازل وتظاهر بعكس ما يشعر به.
لم تتحدث تشعر أن صوتها إنحشر، أومأت برأسها بموافقه وذهبت سريعًا نحو باب منزل والدها وقفت للحظه تلتقط نفسها قبل أن تُخرج مفاتيح المنزل من حقيبتها ولرعشة يديها سقطت منها، إنحنت بسرعه وجذبتها بنفس الرعشه إستقامت تضع المفاتيح بمقبض الباب، بمجرد ان فتحت الباب دلفت الى داخل المنزل وأغلقت الباب وقفت خلفه تستند عليه، تلتقط انفاسها الهاربه بتسارُع، وضعت يدها على موضع قلبها حتى هدأت مره اخرى خفقاتها، تذكرت وجه آصف شعرت بهدوء وتبسمت وهى تتذكر طلبه مقابلتها بالجزيرة، المكان الذى دائمًا ما كانا يتقابلان فيه بعيدًا عن الأعين، تنهدت تُخبر نفسها تشعُر بأمل جديد :
بكره هقوله عالحقيقه كامله، وقلبي حاسس أنه هيصدقني.
بينما هو ظل ينظر لها الى دخلت الى داخل منزلها بإستخفاف وإستهزاء من تلك المُدعيه هل حقًا مازال لديها قلب يخاف!.
«يتبع
﷽
الثاني_عشر
عشق_مهدور💔
ــــــــــــــــــــــــــــــ
شعرت بزيادة خفقان قلبها حين دلفت الى الغرفه،ورفعت يدها تضعها على ذر الإناره كى تُشعل الضوء لكن شعرت بـ شئ هين أسفل يدها،سُرعان ما سحبت يدها وشهقت بخضه قبل أن يسطع ضوء الغرفه
وترا هويدا أمامها،تنهدت تضع يدها فوق صدرها تستنشق بعُمق.
تهكمت هويدا تلوى شِفاها بسخريه وإستهزاء قائله:
مالك،وشك إتخطف كده ليه، شوفتي عفريت، ولا لسه عايشه تحت تأثير الفترة اللى قضيتها فى السجن.
نظرت سهيله لها بغصه وقالت:
لاء بس إتخضيت ومتوقعتش تكوني لسه صاحيه لدلوقتي.
تهكمت هويدا قائله:
معليشي خيبت توقعك أصلي كنت نايمه وفجأة حسيت إن ريقي ناشف صحيت، وكُنت رايحه أشرب من المطبخ، بس مالك بتنهجي كده زى ما تكوني كُنتِ بتجري،ولا حد قاطرك.
إرتبكت سهيله وأجابتها بهدوء:
قولتلك إنى بس إتخضيت كُنت متوقعه تكوني نايمه، مش كُنتِ رايحه المطبخ تشربي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ألمانيا.
"حرب قتلى مدنين أبرياء تتساقط منازل تُهدم على قاطنيها بسبب غارات غاشمه من عدو لا يعرف الإنسانيه، مشفى ميداني ووالداتها به تحتضر بعد أن أصابتها إحدى قذائف بارود العدو الغاشم"
إستيقظت من غفوتها، تشعر كآن هذا مازال يحدث الآن ليس من سنوات مرت، تمُر الذكريات أمام عينيها، مازال نفس شعور الخوف يتملكها حتى بعيدًا عن وطنها، ظلت شارده بماضى آليم
للحظات حتى عادت للواقع، جففت ذلك العرق الذى كان يغزو وجهها، كذالك تلك الدموع كذالك إبتلعت مرارة تلك الغصات القويه...
نهضت تلك الشقراء من فوق فراشها تحاول نفض تلك الذكريات المريره تواسى نفسها من أجل أمل بمستقبل،كذالك من أجل والدها الشخص الذى بقي لها وظل معها بمشوار لم يكُن سهلًا بالغُربه بعيدًا عن موطنهم اللذان تركوه قسرًا،لو ظلت تتذكر تلك الايام أكثر قد تُصاب بالإحباط،تحاول التعايش مع حياة الغُربه ترسم أماني ومستقبل تريد أن يكون أفضل قد يواسي جراح الماضي التى لم ولن تلتئم،لكن كمان يقولون
"الحياة تستمر"
بعد دقائق وضعت آخر طبق قامت بطهيه على طاولة صغيرة بالمطبخ،رغم الألم الساكن بالروح لكن سُرعان ما تبسمت كعادتها وهى تنظر خلفها لذالك الكهل الذى دلف الى المطبخ قائلًا:
صباح الخير "رومس".
ردت بمودة:
صباح الخير بابا.
نظر الى طاولة الطعام التى أصبحت مُمتلئه للحظة تملك منه شعور بالغصه لكن تبسم قائلًا:
بقالنا أكتر من إتناشر سنه فى ألمانيا كل يوم بفيق من النوم على الصبح باكير عـ ريحة طعام الفطور الطيبه من إيدك،يا هناه اللى بتكونِ من نصيبه، مش بس راح يفيق على وجه چميل،لاء كمان راح يسيل لُعابه من ريحة ومنظر الطعام الطيبه غير الطعم الشهي.
تبسمت وهى تقترب منه تحتضن يده بيديها قائله:
كل يوم بتقولى هدول الكلمات بابا،وأنا بقولك إنى ما راح إتركك وفِل،راح ضالني عقلبك هيك، ما بنسى بابا كيف حملتني وقت الحرب على كتافك،وقتها كان حدي إتناشر سنه وهلأ صاروا أربعة وعشرين.
تلألأت الدمعه بعينيه يشعر بغصه قائلًا:
إتناشر سنه مرؤوا بدون "ياسمين"... منزلتش لبنان حتى مرة واحدة مشان زور قبرها وإقرا لها الفاتحة عروحها.
شعرت هى الأخرى بغصه قويه ودمعت عينيها لكن حاولت التخفيف عنه قائله:
إقرأ لها الفاتحه من هون بابا بتوصل لها من أى مكان ، بابا أنا اليوم عندي مقابلة عمل، إدعيلى بابا إنى بقبل العمل فى هيك الشركه،هدي تبقى فرصه كبيرة إلي،هيك الشركه كتير كبيرة وليها تعاملات مع مطارات ألمانيا كلها.
ضمها مُبتسمً يقول بتشجيع:
متأكد راح يقبلوكِ بها الشركه، إنتِ عيندك إمتيازات كتير، أولها تقديرك الجامعي الجيد جدًا،غير كمان تقدير رسالة الماستر اللى أخدتيها بإمتياز، وقبل من هيك كله هوايتك وحُبك لقطع الغيارات الخاصه بالطيارات، فاكر وقت ما كنت فى الجامعه كانوا عم ياخدكم للتدريب بالمطارات كنتِ عم تحصلِ على تقدير وإشادة كبيرة من المهندسين اللى عم يشرفوا عليكن, حتى إنت كنت تحكي لى إنهم عم يستغربوا إن بنت تحب هندسة الطيارات.
تبسمت رومس بأمل قائله:
أنا كِنت من صغرى بهوا هالطيارات، ناسى إن الماما كانت بتشتغل مُضيفة داخليه بالمطار وكانت تاخدني معها كانت تبحث عنى فى غُرف صيانة الطيارات فى المطار.
تبسم لها قائلًا:
إنتِ ورثتِ جمال الماما، وكنت راح تكونى أجمل مُضيفه بالعالم، بس حبستِ حالك ورا هدول العوينات اللى حوالين عيونك،رغم هيك عُمر العوينات ما أخفوا جمال عيونك، كمان جمالك اللى دايمًا بتخفيه بلبس الصبيان اللى عم تلبسيه، لكن إنتِ حابه تثبتِ عكس مقولة
" ان المرأة الجميلة فارغة العقل"
بتجمعى بين الجمال الطاغى ومعاه كمان الذكاء الفني،بس ضعيفة فى الذكاء الإجتماعي كتير ، ورغم هيك متأكد إن الشركه راح تقبلك بترحيب.
آمنت على دعمه لها قائله بأمل:
بس بقبل قى الشركه بابا راح كمل من بعدها رسالة الماجستير والدكتوراة،بتطبيق عملي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
بمطار القاهرة
قبل أن يدلف آيسر الى قُمرة قيادة الطائرة توقف يمدح تلك المُضيفه كعادته مع أى مُضيفه تكون معه على الطائرة قائلًا:
أيه الإحتشام والرقه دي كلها.
تبسمت له تعلم طبعهُ المرح.
بينما إستنشق الهواء يشعر بصفاء من تلك الروائح الطيبة قائلًا:
أيه الروايح الجميله اللى فى الطيارة دى؟.
تبسمت له المُضيفه قائله:
دى ريحة الرُكاب "مسك وعنبر"
مش الطيارة رايحه السعوديه ومعانا الحُجاج.
تبسم لها بإنشراح قلب قائلًا:
يعنى الإحتشام والرقه دى عشان كده بقى، أنا بقالي تلات سنين بشتغل طيار وبنقل رُكاب بس دى أول سنه أنقل الحُجاج،ربنا يتقبل منهم ومني،كمان خدي بالك الحجه مامتي هنا معانا عالطيارة عاوزك تتوصي بيها بزيادة عشان خاطري.
تبسمت المضيفه قائله:
عنيا،خاطرك غالي بس إنت قولي هى فين وأنا هتوصى بها لحد ما نوصل للمدينه المنورة.
بعد لحظات عبر مُكبر الصوت الخاص بالطائرة، تحدث آيسر بمرح:
صباح الخيرات للسادة الرُكاب بتمنى لكم رحله لطيفه فى الطيارة،عارف إنكم جميعًا رايحين السعوديه لتأدية فريضة الحِج،ربنا يتقبل منكم ويغسل ذنوبنا جميعًا،بطلب منكم تفتكرونى بالدُعاء معاكم،وبالمناسبه كمان ترحيب خاص مني لـ ست الحبايب وست الكُلاللى منورة الطيارة
"الحجه شُكران" أمي
صباح الانوار يا حجه شُكران، كمان الست اللى شاركت فى تربيتي وكانت بتوالس عليا كتير لما بغلط
صفوانه
ربنا يتقبل منكم جميعًا متنسونيش فى دعواتكم
إدعولى ربنا يبعد عنى مطبات الهوا وكمان الإرهابين اللى كيفهم يخطفوا الطيارات، طب قولولى لما يخطفوا الطيارة هيستفادوا أيه، ولا حاجه،إحنا الطيارين غلابه والله هما مفكرين الطيار ده اساسًا سوبر مان،طب أنا هشهدكم،احنا أهو فى الهوا حسيتوا بأى حاجه،انا بقى سايق على سُرعه هاديه محافظ على مطبات الهوا عشان راحتكم.
رغم حُزن قلبها لكن تبسمت على حديث هذا الثرثار الذى يمزح من أجل أن يجعل قلبها يهدأ من الحُزن قليلًا،لكن الحُزن ساكن الروح وصعب أن يهدأ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالجامعه ظهرًا
قبل قليل أثناء خروج يارا الى فناء السرايا تقابلت مع أسعد الذى وقف ينظر بساعة يدهُ ثم نظر لها بتبسم سألًا:
الساعه حداشر عندك محاضره فى الجامعه.
ردت له الإبتسامه وهى تقترب من مكان وقوفه:
أيوا عندى سيكشن عملي ولازم أحضرهُ.
تبسم لها قائلًا:
طب بلاش تاخدى السواق وتعالى معايا فى عربيتِي أنا عندى مشوار قريب من الجامعه هوصلك فى طريقى.
تبسمت له بترحيب قائله:
طبعًا شرف كبير ليا إن اللى يوصلني سيادة النائب فى سكته.
تبسم وهو يضمها أسفل يده ثم تركها تصعد للسياره،كان بينهم حديث عائلى أثناء الطريق الى أن وصلت أمام الجامعه ترجلت من السيارة،لكن وقفت للحظات تتحدث مع أسعد الذى فتح شباك السياره وتحدث لها قليلًا بأبوة.
بينما بنفس وقت وصول السياره أمام الجامعه كان طاهر بالصدفه يخرج من الجامعه لكن اوقفه زميل له يسأله عن بعض المواد الدراسية،وقف يرد عليه الى أن إنتبه الى تلك السيارة التى يعلم هوية صاحبها هو رأها أكثر من مره تسير فى البلده وعلم أن صاحبها هو "أسعد شُعيب" للحظه إستغرب نزول يارا من تلك السيارة، لكن تذكر سابقًا أنها أخبرته أن والداها من كفر الشيخ، ظن فى البدايه أنه ربما أسعد صديق قريب لوالدها لكن سمعها تقول:
باي باي بابي أشوفك المسا فى السرايا.
إذن يارا هى إبنة أسعد،وأخت" سامر"كيف لم ينتبه لذالك سابقًا،سيارتها الفارهه التى سبق وترجلت منها أمامه،كذالك هواتفها ذات الماركات العالمية والغاليه، ربط كل هذا بعقله،شعر لأول مره أنه أخطأ وعليه التوقف وعدم الإستمرار بذالك الخطأ،خطأ شعورة بمشاعر خاصه حين يرا يارا أو يتحدث معها حتى برسائل هاتفيه.
لحُسن الحظ لم تراه يارا أثناء دخولها الى الجامعه، ظن أنها ربما رأته وقصدت تجاهله عن عمد منها، لكن حسم أمره عليه أن يُلجم تلك المشاعر، كذالك يُقلل الحديث مع يارا، أو حتى يمنعه نهائيًا، فهو لم ينسى إتهامات ولا تهديدات أسعد لأخته بالمحكمه، أو نظراته لها الدونيه، وهو لن يسمح بذالك مره أخرى، لتنتهى تلك المشاعر قبل أن ينجرف نحو هاوية "الطبقات الإجتماعيه".
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
قبل العصر بقليل
بـ جزيرة البُرلس
ذلك المكان الذى شهد على قصتهم من البدايه هنا كان أول حديث دار بينها وبين آصف،هنا أيضًا إعترف لها أول مره بتلك المشاعر الذى يكنها لها،هنا كان مكانهم السري للقائهم بعيدًا عن الأعين...
ترجلت من ذالك القارب وبدأت السير نحو ذالك المكان اللذان كان يتقابلان به، سارت
رغم حرارة الطقس اليوم دون عادتها فى هذا الوقت من العام توقفت فى ذلك المكان بالجزيرة ظلت لوقت قليل عينيها تُراقب الطريق
بإندهاش لأول مره يُخبرها بميعاد ويتأخر، كان دائمًا يصل قبلها ينتظرها هو، للحظه شعرت بهاجس أن لا يآتى،سأم قلبها لكن سُرعان ما عاد لها الأمل حين لمحته يقترب.
بينما هو بالفعل كالعادة وصل قبلها لكن توارى خلف إحد الكافيهات القريبه من المكان يراها بوضوح
تهكم بإستهجان ساخرًا تلك المُدعيه لأول مره تآتى فى الميعاد، إذن سابقًا كانت تتعمد التأخير، حتى أنه أحيانًا كثيره كان يضجر وهو ينتظرها، يبدوا أنه كان سابقًا يُدللها أكثر من ما تستحق.
أصبحت آشعة الشمس أكثر قسوه
كآن قسوة تلك الآشعة تسلطت على قلبهُ مباشرةً
فكر للحظات قبل أن يتخذ القرار ويُظهر نفسه أمامها يسير نحو مكانها بخطوات بطيئه
إنبسط قلبها وشعرت بعودة النبض حين رأته يآتى نحوها
رسمت إبتسامه طفيفه بداخلها مشاعر تتسم بالأمل والعشق الذى مازال يسكُن قلبها رغم ما حدث...رغم تجاهلهُ لها تلك الفتره الماضيه،لكن عاد بداخلها ينبُض الأمل.
بينما هو إنقبض قلبهُ وهو يقترب منها بخطوات بطيئه بكل خطوه يُخضع قلبهُ لقسوة عقلهُ
العشق وقمة الكُره يتصارعان بوتين واحد والقرار المُسيطر هو الإنتقام
إن كانت الدلائل برأتها وأعطتها حُريتها لن تفلت بلا عقاب، هنالك سجن آخر أقسى ينتظرها بين جُدران قُضبان قلبهُ التى لن ترأف بكذبها، لن يهتم حتى إن كانت تلك القُضبان ستشهد هلاكهما الإثنين معًا.
رغم وجود بضع خطوات بينهم قطعتها هى ترسم بسمة أمل مُشرقه على وجهها تعكس ما تشعر به بداخلها، وقفت أمامه تنظر لوجهه الذى إختفت عيناه خلف تلك النظارة الشمسيه، ودت أن يخلعها وترى تآثير إنعكاس رؤيته لها تحدثت بعتاب:
إتأخرت ليه أنا فكرتك مـ...
قاطع حديثها قائلًا:
فكرتِ أيه، إنى مش جاي، بس أنا اللى طلبت إننا نتقابل، يبقى إزاي مش جاي، كل الحكايه إنى جاي فى اليخت وإتأخرت على ما عرفت أركنه فى مكان قريب من الشط.
تبسمت له تشعر بحِيره لا تعلم من اين تبدأ سرد حديثها، ظلت صامته لكن عينيها حادت عن وجهه ونظرت نحو المكان اللذان كان يجلسان به أسفل تلك الشجرات.
نظر الى ما تنظر اليه عينيها،تهكم بداخله ساخرًا قبل أن يقول:
خلينا نروح نقعد تحت الشجر.
أومأت له وسارت أمامه،لكن لسوء حظها كادت تتعثر برمال الشاطئ لكن قبل أن تسقُط إلتقطها آصف من إحدي يدها حتى عاد توازن جسدها وإستقامت واقفه،لكن شعرت بآلم بسبب ثني إحد ساقيها،لم تُخبرهُ بآلم ساقها، وتركت يدها لوقت بيدهُ دون إنتباه منها الى أن ذهبا الى مكان جلوسهم،رغم وجع ساقها لكن مازالت تتحمل ذالك وجلست أرضًا،جلس آصف بالمقابل لها مُستغربً من عدم سحبها يدها من يدهُ كعادتها سابقًا،لكن إنتبهت لذالك شعرت بحياء وسحبت يدها،ظلت صامته لوقت قبل أن تقول:
رغم إننا فى آخر الخريف والجو خلاص المفروض يسقع بس واضح إن الشتا هيجي متأخر السنه دي،الجو لسه دافى،حتى النهاردة درجة الحرارة عاليه على غير الطبيعي فى الوقت ده.
مازالت عينيه مُسلطه على وجهها من أسفل نظارته الشمسيه المُعتمه، تهكم بداخله، حين تحدثت هو من كان يبدأ بفتح مجال للحديث بينهم، رسم بسمة خباثه على وجهه قائلًا:
بالعكس ده أفضل طقس فى السنه الجو بيبقى لطيف لا هو حر صيف ولا برد شتا... بس أنا مش جاي النهاردة عشان نتكلم عن الطقس.
سأم وجه سهيله للحظات قبل أن ترد بتوتر:
آصف فى حقيقة لازم تسمعها مني، أنا مقتلـــ...
قاطعها مره أخري قبل أن تسترسل بقية كلمتها قائلًا بنبرة ظهرت أنها حقيقيه حين قال:
سهيله أنا مش جاي أحقق معاكِ،أنا متأكد إنك بريئه.
بسمة فرح ظهرت على وجهها ومدت يديها بتلاقيه تُمسك يديه قائله بتسرُع ورجاء:
والله أنا بريئه يا أصف كان قلبى حاسس إنك مش مصدق إنى ممكن أقتل سامر.
ترك آصف النظر لعينيها ونظر ليديها اللتان تُمسك يديه،بداخله سخر من ذالك،لكن هنالك شعور آخر يتوغل لقلبه،حين قبض بيديه فوق يديها،لكن سُرعان ما نفضه عقله وهو يتغلب على ضعف قلبه أمام برائتها الخادعه، وضغط بقوة على يديها وقال بهدوء:
سهيله أنا خلاص قفلت الموضوع ده إنتهي وخلينا ننسى.
إستغربت سهيله رد آصف كذالك سحبت يديها من يديه،بعد ان تآلمت قليلًا من ضغط يديه على يديها، وسألته:
نتسى أيه، آصف أنا...
قاطعها بنبرة عصبيه ونهي:
سهيله الموضوع ده إنتهى خلاص،فى الأهم منه خلينا نفكر فى مستقبلنا.
إندهشت سهيله من رد آصف، وقالت بإستفسار:
قصدك أيه بإنتهى، وأيه اللى يخص مستقبلنا أهم من الموضوع ده؟.
تمثل آصف بالبرود وأجابها وعينيه مُسلطه على عينيها... يود معرفة رد فعلها حين فاجئها:
مستقبلنا مع بعض، أقصد إننا لازم يكون بينا إرتباط رسمي.
لم يستوعب عقلها ما قاله، كآنها فقدت الإدراك للحظات قبل أن تبتسم بلا وعى وتقول ببلاهه:
قصدك أيه بإرتباط رسمي بيا؟.
البسمه التى ظهرت على ملامحها كانت كفيله بؤد قلبه، هى الآن تبتسم وتدعى البلاهه عليه كي يُعيد طلبه منها برجاء أكثر كما فى السابق،لا مانع من بعض المراوغه معها كما تريد، زفر نفسه قائلًا:
يعنى كفايه كده إحنا لازم نتجوز فى أقرب وقت، أنا إنتدبت الدورة القضائية السنه دي فى محكمه فى الجيزة قريبه من الشقة اللى كنت عايش فيها من الفترة اللى فاتت، خلينا نتجوز قبل ما المحاكم ترجع تشتغل بقوتها من تانى.
للحظه صمتت سهيله،تستوعب،تُفكر ماذا ترد عليه، أتتحجج كما فى السابق، وتطلب منه التأجيل.
حاولت سهيله الرد بهدوء قائله:
بصراحه إنت فاجئتني يا آصف،أنا كنت جايه وراسى فيها هدف تانى...
قاطعها ببرود:
وأيه الهدف التانى اللى كان فى راسك،موضوع سامر،قولت لك خلاص الموضوع بالنسبه لى إنتهي،أنا قاضى وأقدر أميز كويس وكنت متأكد من برائتك وده السبب اللى خلانى كنت واخد دور المُحايد لحد ما المحكمه عطتك برائتك.
للحظه كادت تعتب عليه بهذا الشأن،لكن ردهُ المُقنع جعلها تتغاضي عن عِتابه وتبسمت،
بينما نظر لها بخباثه وتبسم هو الآخر سألًا:
أفهم أيه من البسمه دى.،موافقه إننا نتجوز.
كادت تقول له أن تُرجأ هذا لوقت، لكن عاود آصف الحديث بإلحاح ومكر وتلاعُب:
سهيله كفايه كده، خلينا نرتبط ونتجوز، مش هسمح لك بأي حِجه، الا لو قولتِ إن معندكيش ليا أى مشاعر، وقتها هتمني لك السعاده حتى لو مع غيري.
تلاعب آصف جيدًا بمشاعر سهيله شعرت بإستغراب من حديثه كيف يقول أن هنالك آخر غيرهُ،رغم ما مرت به تلك الفترة السابقه وعدم سؤاله عنها لكن مازال قلبها ينبض ويخفق بقوه حين تراه أو حتى تسمع إسمه، تسرعت قائله:
موافقة.
قالتها بإندفاع سُرعان ما إنصهر وجهها خجلًا وأخفضته بحياء منها.
بينما تهكم آصف بحُنق من تلك المُدعيه بإمتياز،لكن راقه ذالك قائلًا:
تمام أنا مستعد أرجع معاكِ دلوقتي من هنا على بيت والدك أطلب منه إيدك.
رفعت وجهها ونظرت له بتفاجؤ قائله بتعلثم:
دلوقتي!
لاء طبعًا، الموضوع محتاج تمهيد لازم أقول انا لـ بابا الأول وبعدها هقولك إمتى تجي لينا البيت.
عادت للـ الدلال السابق لابآس هكذا أخبرهُ عقله، لكن قال بآمر:
ياريت تقولى لهم بسرعه، والأفضل يكون النهاردة، لآنى المفروض أسافر للـ الجيزة بعد يومين عندي أول قضيه هناك، وعاوز أبقى مطمن إن خلاص أمر إرتباطنا وجوازنا بقى واقع.
إرتبكت سهيله، وقالت له:
تمام هحاول أتكلم مع بابا الليله.
رسم بسمة نصر على شِفاه قائلًا بنبرة يُحرضها على التسرُع:
مش هنام قبل ما تتصلِ
عليا وتقولى لى رد باباكِ أيه؟.
نظرت له تشعر بحِيره ممزوجه بخوف،مازالت تود أن يخلع تلك النظارة عن عينيه.
بينما هو شعر بزهو وإنتصار، ظل بينهم أحاديث فرعيه، كانت تحاول أن تذكر إسم سامر حتى يسمع منها تلك الحقيقة، وأنها حذرته سابقًا كثيرًا، لكن كان يُغير دفة الحوار بينهم لموضوع آخر، حتى غابت الشمس تقرييًا، كان هذا أطول لقاء بينهم، لم تفعل مثل عاداتها السابقه، كانت تدعي الإنشغال بأي آمر آخر هام لديها وتنهض بعد وقت قليل.
تبسمت ببراءة وهى تنظر نحو قُرص الشمس الذى بدأ يتواري خلف تلك أشجار الجزيره نهضت واقفه تُمسد كتفيها قائله:
أنا بردت
الطقس جاب نسمه بارده كمان
الكلام سحب مننا الوقت ومحسيناش،والدنيا خلاص هتضلم،خلينا نلحق آخر مركب.
نهض واقفًا بداخله يستهزأ، الآن فقط لاحظت ذالك لكن قال لها بتوريه:
متخافيش قولتلك قبل كده إني جاي باليخت.
تبسمت سهيله وقالت:
تمام خلينا نرجع برضوا كفايه كده.
نهض آصف واقفً يقول بتكرار وإيحاء:
تمام كفايه كده، خلاص قرب إرتباطنا خلاص، وقتها مش هتبعدي عني ولا هيفرق معانا ضلمه أو نور.
تبسمت له بخجل،قائله:
تمام فين اليخت ده،
خلينا نروح لمكانه عشان نرجع
للـ البر التاني.
أشار لها بيدهُ أن تسير جواره الى أن وصلا الى مكان رسو القارب الخاص به،صعد هو أولًا اليه،ثم مد يدهُ لها،للغرابه لم تتغاضي عن يدهُ الممدوده، رغم تحفُظها لكن هنالك آلم بساقها، لم تستطيع أن تتحمل عليها وتصعد دون مساعدته، تمسكت بيدهُ وصعدت الى القارب، بمجرد أن وضعت قدميها فوق القارب تركت يدهُ ظل بينهم حديث عابر لأشياء كثيره، الى أن وصلا الى البر الآخر ترجل هو أولًا، وفعل مثلما فعل أثناء صعودهم تمسكت بيدهُ وهى تنزل من القارب...
تبسم لها قائلًا:
هنتظر ردك على طلبِ الليله، لو إتأخرتى فى الرد هعرف إن...
قاطعته بسرعه:
لاء أكيد هرد عليك الليله، سلام.
غادرت سهيله رغم عينيه التى تتبعها لكن لم يُلاحظ تلك العرجه التى تسير بها، بداخله فقط يتهكم ويسخر من نفسه وهو يتذكر سابقًا طريقة تحفُظها معه حتى بلمس يديها... عاد لذاكرته أول حديث دار بينهم كان على هنا على متن هذا القارب قبل سنوات،
[فلاش/باك]
كان يوم خريفي قبل أيام من موعد بدأ الدراسه،سمع آصف سامر وهو يتصل على أصدقاؤة المُقربون بالمدرسه سواء بنات أو فِتيان ويقترح عليهم قضاء يوم ترفيهى على "بحيرة البرلس"
سمع إلحاحه على سهيله للمجئ وإخبارها أنه مجرد فسحه لأصدقاء الدراسه قبل أن ينشغلوا كل منهم بطريق بعيد عن الآخر،واقفت بصعوبه بالغه بعد أن توسطت لها هويدا وقتها وقالت أنها رحله عاديه بين الزملاء كما أن البُحيرة ليست بعيده،جاءت لكن لم تندمج كثيرًا مع مرح أصدقائها،بتلقاىيه منها هبطت عبر ذالك الدرج الى أسفل القارب وأصبحت قريبه من مياة البُحيرة،جذبت إحدي قطع العيش التى كانت موضوعه على أحد الرفوف بالمكان وبدأت بتفتيتها ثم مدت يدها الى الأمام كى تآتى تلك الطيور وتلتقط منها الفتافيت تقتاط بها،لكن سُرعان،ما شعرت بخضه حين
جذب آصف يدها قائلًا بتحذير:
حاسبى بلاش تمدي إيدك كده الطيور دى طيور جارحه ومُنقارها حاد ممكن يجرح إيدك، أرمي لها فتافيت العيش على ماية البُحيره وهما هيلتقطوها.
شعرت بخضه كذالك سار شعور آخر يسري بقلبها، لكن سُرعان ما جذبت يدها من يدهُ، تشعر بخجل من نظرة عينيه، تبسم على ذلك الخجل الذي دائمًا يراه على ملامحها.
بينما هى ألقت تلك القطع من العيش على مياة البُحيرة، وكادت تترك المكان، لكن هو أراد الحديث معها، بتسرُع منه جذبها من معصمها قائلًا بفضول:
عرفت إنك قبلتِ فى كلية الطب.
لوهله شعرت بضيق من إمساكه
لمعصمها، لكن سحبت معصمها وردت بهدوء:
أيوا هدرس طب أطفال، بصراحه كان مجموعي يدخلني طب جراحه أو أى تخصص تاني بس أنا كان نفسى أدرس طب نفسي، بس للآسف الطب ده مالوش مستقبل.
ضحك مازحً:
طب المجانين.
تبسمت على قوله وأكدته قائله:
فعلًا، نفس الجمله إتقالت لى،عشان كده إختارت طب الاطفال بديل.
ليه؟.
هكذا سألها واكمل بمديح:
فعلًا، شخصيه رقيقه زيك مكنش ينفع تدرس طب جراحه، بس
اللى أعرفه معظم البنات بتميل لدراسة طب النسا.
شعرت بخجل لكن سألته بفضول:
وإشمعنا طب النسا.
نظر الى ذالك الخجل الواضح على وجهها، كذالك عينيها اللتان تُحايد النظر له وتنظر نحو مياة البُحيره وأجابها:
يعنى عشان بتبقى شغلها كله مع ستات.
مازالت تنظر ناحية تلك الطيور وأجابته ببساطة:
دراسة الطب أو ممارسته مش مرتبط بالنوعيه ولا بالتفرقه العنصريه سواء راجل أو ست، مش بيقولوا لا حياء فى العِلم.
إبتسم قائلًا بمفاجأة عن قصد منه:
بصراحة لو مراتي دكتورة أفضل يكون شغلها مع سِتات، عشان أغير إيديها تلمس أى راجل غيري،
وطالما إنتِ مُعترفه إن لا حياء فى العِلم،ومفيش تفرقه بين راجل وست، ليه مش بتبصى لى وعينيكِ مركزه ناحية طيور البُحيرة.
شعرت بخجل وأرادت التهُرب من نظرات عيناه التى تُربكها، وقالت:
ممكن زمايلى يسالوا انا روحت فين لازم أرجع لهم.
قالت هذا ولم تنتظر رده وغادرت المكان تشعر بذبذبات قويه تضرب قلبها
كذالك آصف هام بذالك الخجل الواضح عليها، كاد يجذبها قبل ان تصعد ويقول لها إبقى معى لكن خشى أن ترفض وذالك.
[عودة]
عاد من تلك الذكرى يقارن عقله بين لقاء اليوم وذالك اللقاء القديم، سهيله كانت أذكي مُدعيه، وهو سقط بفخ برائتها وتحفُظها الذى كان مجرد واجهه مُزيفه لها.
،،، ــــــــــ
ليلًا
بمنزل أيمن.
هى الأخرى ساهده تتضارب بداخلها المشاعر كذالك لأول مره تشعر بتردُد فى أخذ القرار الحاسم
تذكرت قول آصف لها أنه ينتظر الرد منها الليله، شعرت بغصه قويه لما لا تتجاهل ذالك، لكن تحكم قلبها، قد يفهم آصف ذالك في خطأ ويظن أنها لا تريد الإرتباط به.
حسم قلبها التردُد ونهضت من فوق فراشها وخرجت من الغرفه
ذهبت نحو غرفة والدايها، للحظه عاد التردُد لكن حسمه سمعها لصوت شئ سقط خلفها نظرت له ما كان سوا قطعة ديكور، قامت بالطرق على باب الغرفه وإنتظرت لحظات حتى سمعت صوت والداها يسمح بالدخول... فتحت باب الغرفه ونظرت نحو الفراش، تنحنحت بآسف:
صحيتكم من النوم .
رد أيمن ببسمه:
تعالي يا سهيله إحنا كنا لسه صاحين.
تبسمت له بخجل وقالت:
بابا فى موضوع خاص كنت عاوزه أقوله لحضرتك.
تبسم أيمن وهو يُشير لها بالإقتراب من الفراش قائلًا:
تعالي إقعدي جنبِ عالسرير وقوليلى الموضوع اللى شغل عقلك ده.
تبسمت وهى تقترب حتى جلست جواره على الفراش وجوارها سحر التى مسدت على شعرها ببسمه تحثها على الحديث بما تود قوله:
خير أيه الموضوع الخاص ده.
للحظه ترددت سهيله لكن إستجمعت شجاعتها وقالت بهدوء وإرتباك مصحوب بخجل:
فى شخص طلب إنى أحدد له ميعاد مع حضرتك عشان يجي للبيت ويتقدم ليا.
تبسم الإثتين بإنشراح، تسأل أيمن:
ومين بقى الشخص ده حد احنا نعرفه.
كذالك سحر قالت بتخمين:
دكتور زميلك.
توترت سهيله وهى ترد عليهما:
لاء مش دكتور زميلى
الشخص ده هو "آصف شُعيب"
سُرعان ما خفتت بسمة الإثتين وإنسأمت ملامحهما.