
الفصل التاسع 9 والعاشر 10 الجزء الثاني
بقلم ياسمين عزيز
طرق عمر باب الغرفة عدة مرات بتهذيب
قبل أن يفتح الباب و يدخل.... جال ببصره
في كافة أنحاء الغرفة الخالية ليزفر بتعب
و هو يتساءل عن مكانها... هل يعقل أنها
لم تأت إلى هنا و فضلت المكوث في إحدى
الغرف الأخرى و لكنها أخبرته انها سوف تصعد
حتى تتجمع ملابسها و أشياءها وتغادر......
قادته قدماه نحو الحمام ليطرق على بابه
عدة مرات قبل أن ينزل يده نحو المقبض
إستعدادا لفتحه لكنه توقف فجأة بعد أن
سمع صوت سقوط شيئ ما على الأرض
في غرفة الملابس.... لوهلة ما ظن عمر أن
هبة بالداخل و انها من الممكن أن تكون قد أوقعت
احد الأشياء كحقيبة مثلا او.... إن تكون هي
نفسها من وقعت و عند هذه النقطة تحفزت
كامل خلاياه و إزدادت نبضات قلبه ليسارع
دون تفكير نحو الغرفة داعيا الله بصوت
عال ان تكون حبيبته بخير.....
دفع الباب الذي كان نصفه مفتوح بقوة
غير مبال و هو يبحث عنها كالمجنون
حتى وجدها واقعة على أرضية الغرفة
ليسرع نحوها و قلبه و روحه تسبقانه إليها
صرخ بصوت متألم :"هبة... حبيبتي مالك
حصلك إيه؟؟
جثى بجانبها ليرفع نصف جسدها العلوي
على ركبتيه و يبدأ في صفع خدها بلطف
تزامنا مع صراخه باسمها علها تستيقظ :" ردي
عليا يا بيبة مالك....
حملها دون تردد ثم وضعها على السرير
و هو يتفحص وجهها و رأسها خوفا من
أن تكون قد تأذت أثناء سقوطها...تلمس
جيوب بدلته بحثا عن هاتفه و الذي من
حسن حظه أنه لازال يحتفظ به و بأصابع
مرتعشة ضغط على ازراره ليتصل بأيهم
الذي أجابه بعد وقت قصير
عمر بصوت خائف:"أيوا يا أيهم أرجوك
إلحقني.... هبة هبة... ارجوك يا أيهم..
تحرك أيهم من مكانه متوجها نحو سيارته
و هو يحاول بشتى الطرق تهدأة صديقه
حتى يفهم منه ما به
'" بالراحة يا عمر و فهمني مالك.. انا جايلك
دلوقتي إنت فين؟؟
عمر بارتعاش و هو يضع يده على رأسه ناظرا
لهبة بضياع لا يعلم مالذي يفعله و كيف يتصرف
ليجيب أيهم بصوت باكي:" مش عارف... هبة
أغمى عليها لقيتها على الأرض ارجوك هات
الدكتورة و تعالي... ارجوك يا أيهم....
زفر أيهم بتأسف قبل أن يجيب الاخر
بهدوء :" مسافة السكة و أكون عندك
متقلقش...
أنهى مكالمته مع صديقه ليبدأ بمكالمة
أخرى مع شخص آخر و الذي لم يكن
سوى الدكتورة صفاء التي تعمل منذ سنوات
في المستشفى عنده ليطلب منها المجيئ
إلى العنوان الذي وصفه لها.....
بعد نصف ساعة كان أيهم يجلس بجانب
عمر الذي لم يكن يعي ما يحدث
معه و كأن الحياة فارقته و لم يبق سوى
جسده..
فمنذ قدوم أيهم و تلك الطبيبة
و هو يجلس على نفس حالته ينظر أمامه
بشرود و بصره معلق فقط على باب الغرفة
التي تقبع داخلها حبيبته و قطعة من
روحه ساكنه لاتدري مايحصل من حولها....
هرع من مكانه مسرعا عندما لمح مقبض
الباب يتحرك لتطل من وراءه الدكتورة
صفاء و التي تفاجأت من إمساك عمر
لكتفيها و هو يصرخ دون وعي :"مراتي
مالها يادكتورة..... إنطقي؟؟؟؟
شده أيهم بصعوبه ليبعده عنها قائلا
:" إهدا ياعمر و خلي الدكتورة تتكلم....
عدلت صفاء نظارتها و هي تحدق بعمر
بتوتر قائلة بلهجة عملية تعودت عليها
:"المدام حامل....ألف مبروك.....
حملق فيها عمر ببلاهة و قد إتسعت عيناه
كطفل صغير يرى أمامه شاحنة مثلجات..
ليردد بصوت
:"قلتي إيه؟؟ مين اللي حامل؟؟؟
قهقه أيهم بشدة على مظهر صديقه
قبل أن يدفعه قليلا من أمام صفاء
ثم يكمل هو حديثه معها حيث طمأنته على
صحتها ثم أعطته ورقة تحتوي على أدوية و فيتامينات الإضافة إلى ظرورة إحضارها
للمستشفى حتى تتابع حملها مع دكتورة
نسائية كحال جميع النساء الحوامل...
هذا كله تحت دهشة عمر الذي ظل يحرك شفتيه
بعدة كلمات غير مسموعة إلى أن
تلقى لكمة على كتفه من أيهم جعلته يستيقظ
من توهانه....
:" الف مبروك يا صاحبي". تحدث أيهم
بفرح صادق لأجل رفيق دربه الذي عانى
و صبر كثيرا حتى سمع هذا الخبر.....
عانقه عمر بقوة و كامل جسده يرتعش
من شدة التأثر قبل أن يبتعد عنه و يمسح
عينيه التي إغرورقتا بدموع الفرح.....
و هو يجيبه بصوت مبحوح :"الله يبارك
يا أيهم.....انا مش عارفة أعمل إيه دلوقتي....
ايهم بضحك :" إجمد ياظ و إنت
شكلك زي عيال المدرسة....يلا روح لمراتك
دلوقتي عشان محتاجالك و متنساش
تجيبها بكرة الصبح المستشفى
عشان تكمل باقي الفحوصات
و نطمن عليها و على البيبي.....
تحولت ملامح وجه عمر هاتفا بقلق:" مالها
هبة يا أيهم هو في....
أجابه أيهم بعد أن قاطع بقية حديثه:" متخافش
هي كويسة و البيبي كمان كويس بس
دي فحوصات روتينية لأي ست حامل...
يعني مفيش قلق و لا حاجة يلا انا مروح
عايز حاجة....
عمر بامتنان :"شكرا يا أيهم بجد مش عارف
من غيرك كنت عملت إيه؟؟
أيهم بابتسامة :"متقلش كده داه إحنا إخوة
مش بس صحاب...انا رايح عاوزة حاجة ثانية
قبل ما امشي؟؟
عمر بنفي:"سلامتك يا صاحبي....
ايهم هو يلتفت لينزل الدرج :" يلا سلام
و متنساش تكلم شاهين و طنط فريدة دول
حيفرحوا اوي...
عمر وهو ينظر في اثره :" ماشي.. مش حنسى
تصبح على خير...
نزل أيهم الدرج راكضا متجها لخارج الفيلا
نحو سيارته حتى يعود لمنزله لكنه توقف
فجأة بعد أن سمع رنين هاتفه....
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في فيلا البحيري.....
جميع أفراد الأسرة مجتمعين في الصالون
يتسامرون كعادتهم محمد و سيف، أميرة و
كاريمان و بجانبها صفوت البحيري يلاعب
حفيده أيسم....
فجأة سمعوا صوت صراخ في الطابق العلوي
و تحديدا في غرفة أيهم... اسرع محمد
و سيف نحو مصدر الصوت لكنهم ظلوا
واقفين أمام غرفة أيهم غير قادرين على الدخول
محمد بصراخ و هو يقرع باب الغرفة
:"ليليان...مالك..... في إيه بتصرخي ليه؟؟؟ ....
إلتفت سيف وراءه ليجد أميرة التي
وصلت للتو ليدفعها للداخل قائلا
بصراخ :" بسرعة يا أميرة أدخلي شوفي مالها ؟؟؟
وصلت كاريمان هي الأخرى لتدلف
للداخل تطمئن على زوجة إبنها اللتي
كانت تصرخ و تبكي دون توقف....
كاريمان و هي تنحني نحو ليليان
الجالسة أرضا تنظر حولها بانهيار :" حبيبتي مالك؟؟ إيه اللي حصل و خلاكي بالشكل داه؟؟
نظرت نحوها ليليان التي كانت في
حالة إنهيار تام :" أيهم... سابني يا طنط
سابني من ثاني؟؟
لطمت كاريمان صدرها شاهقة بقوة
و هي تنظر لاميرة التي لم يكن حالها
بأفضل من حال والدتها اتردد بتلعثم
:"أيهم؟؟ ماله حصله حاجة؟؟
أجابتها ليليان من بين شهقاتها :"أيوا يا طنط
سابلي ورقة زي المرة اللي فاتت و قلي
إنه راح و مش حيرجع....
نظرت كاريمان لاميرة من جديد و هي
تحتضن ليليان التي إرتمت داخل أحضانها
تبكي بعنف دون توقف قائلة :"أميرة
روحي كلمي أخوكي و شوفي إيه الحكاية؟؟
أميرة و هي تقف من مكانها :"حاضر يا ماما
أنا حكلمه دلوقتي....
عادت كاريمان لتهدأة ليليان بينما غادرت
أميرة الغرفة لتجد سيف و محمد ينتظران
أمام الباب بقلق بينما والدها يقف غير بعيد
عنهما يحمل حفيده الذي بدأ بسؤاله عما يجري
و صفوت يحاول بكل جهده إلهائه عما يحدث...
محمد باندفاع حالما رأى أخته أمامه :"ليليان
مالها يا أميرة كانت بتصرخ ليه؟؟؟
هزت أميرة كتفيها بجهل قائلة :" مش عارفة
يامحمد... حالتها غريبة اوي بتصرخ و بتقول
إن أيهم سابلها ورقة و قال إنه راح
و مش حيرجع ثاني.. انا مش فاهمة
حاجة.... حروح أكلم أيهم دلوقتي
افهم منه إيه اللي حصل... انا نسيت
تلفوني تحت في الصالون...
أوقفها سيف الذي أخرج هاتفه من جيبه
قائلا بتوتر :"أنا حكلمه خليكي.....
وصله صوت أيهم السعيد قائلا :" سيف
باشا...اكيد وحشتكم انا عارف القعدة
مين غيري ولا.....
سيف مقاطعا إياه بصوت عال :"أيهم إنت رحت
فين؟؟
أيهم بنبرة متحمسة :" كنت عند الواد عمر
و دلوقتي راجع البيت لما اوصل ححكيلك ".
سيف بجدية و قد هدأ قلقه بعض الشيئ
:"طب تعالى بسرعة متأخرش...
أيهم و قد إستشعر نبرة أخيه الغريبة
:"في إيه يا سيف.. مالك صوتك مش عاجبني
في حاجة حصلت في غيابي ".
سيف و هو يحدق في محمد الذي
كان يشير له بيده :"لا مفيش متقلقش
بس تعالى بسرعة...
ايهم و هو يفتح باب سيارته بإستعجال
:"تمام إقفل انا جاي حالا ".
أغلق سيف الهاتف ليروي لأخويه و والده
ماسمعه من أيهم ليزيد إستغرابهم
محمد و هو يحدث أميرة :"ادخلي
قوليلها إن أيهم جاي دلوقتي و إنه
كان عند واحد صاحبه.... يمكن تهدأ
شوية..
أومأت له أميرة قبل أن تدخل للغرفة
حيث وجدت كايمان قد نجحت في
جعل ليليان تقف من على الأرضية
و تجلسها على السرير لتهرول نحوهما
قائلة :" ماما أيهم جاي دلوقتي ووهو
كان عند واحد صاحبه....
رفعت ليليان عينيها الدامعتين نحو
اميرة قائلة ببكاء :" إنت بتكذبي عليا
أيهم مش حيرجع هو خلاص راح...سابني
و ساب إبنه مرة ثانية....
أميرة بنفي '" الله سيف كان بيكلمه
من دقيقة و هو اللي قال إنه حييجي.....
إنحنت أميرة جالسة أمام ليليان تربت
على يديها و هي تكمل حديثها من جديد :"
و الله دي الحقيقة مش بكذب.... طب
إستني نص ساعة بالكثير و حتلاقيه قدامك....
نظرت ليليان نحو كاريمان الجالسة
بجانبها قبل أن تتحدث بصوت مرتعش
:" أنا حنزل تحت استناه....
وقفت أميرة من أمامها مؤيدة كلامها
:"طيب خلينا ننزل كلنا نستناه في الصالون
و هو شوية حييجي....
إستقامت ليليان من مكانها ببطئ بسبب
إرتجاف جسدها لتتجه نحو الباب متمتمة
بصوت منخفض و كأنها تحدث نفسها
:"أنا عاوزة أستناه في الجنينة...تحت.....
أسرعت أميرة لتوقفها قائلة :"طيب
ممكن تغيري هدومك قبل ما تنزلي... عشان
إنت....
توقفت عن الحديث و هي تشير ليليان
التي كانت ترتدي ملابس نوم خفيفة
عبارة عن بنطال و قميص حريري
نصف كم لتومئ لها ثم تتجه نحو غرفة
الملابس بخطوات خاوية لا حياة فيها
و كأنها آلة....
إرتدت اول معطف تجده أمامها ثم غطت
رأسها بحجاب و خرجت لتجد كاريمان
و أميرة تنتطرناها.....
بعد دقائق كانت ليليان تجلس على
احد كراسي الحديقة و نظرها معلق
ببوابة الفيلا و كل دقيقة تمر عليها و كأنها
دهر....أغمضت عينيها بألم و هي تتذكر
كلمات تلك الرسالة التي قرأتها منذ قليل
في حلمها لتتجسد أمامها من جديد
و كأنها حقيقة....
لم تستطع تصديق عائلتها التي كانت تحاول
طمئنتها و إزالة تلك الأفكار الحزينة من رأسها
إلا أنها لم تستطع.... كانت خائفة من إختفاء
أيهم هذه المرة للأبد...تظن انه قد رحل و لم
يخبر عائلته بأمر مرضه..
غير بعيد عنها و تحديدا امام باب الفيلا
الرئيسي يقف سيف بجانب محمد متكئين
على الباب الكبير ينتظران هما أيضا قدوم
أخيهما حتى تنتهي هي المشكلة التي حلت
عليهم فجأة....
سيف بسخرية و هو يفرك كتفيه بيديه
لشعوره بالبرد :"الستات دول كائنات غريبة
تحس إنهم نقيض من كل حاجة... بصراحة
أنا عمري مافهمتهم...
محمد بضحك :و لا أنا بس اهو بنحاول...
صمت قليلا قبل أن يتنهد و يتحدث مرة أخرى بصوت خال من المرح:" صعبانة عليا بنت عمك دي إتبهدلت اوي في حياتها...لا أم تحن عليها و لا
أب يحميها و إنت فاكر طبعا أيهم زمان كان
إزاي و دلوقتي لما تغير و بقى إنسان ثاني
بردو ما إرتاحتش.....
سيف مؤيدا :" معاك حق... الظاهر من كثر
الصدمات اللي واجهتها في حياتها عقلها لسه
مش مطمن إنها ممكن تعيش في يوم من الايام
مرتاحة.....
أشار نحوها مكملا :" بص إزاي قاعدة مستنياه
في الجو داه.... دا انا قربت أتجمد مكاني....
قاطعهم صوت أزيز سيارة أيهم التي دخلت
البوابة للتو ثم توقفت بالقرب من مكان
جلوس ليليان و كاريمان بعد أن تركتهم
أميرة لشعورها الشديد بالبرد...
أسرع أيهم ناحيتهم متسائلا بقلق :" في
إيه ياماما...قاعدين هنا ليه؟؟؟
نظر حوله ليجد سيف و محمد مقبلين
نحوهم ليعاود التساؤل من جديد
:" بابا و أيسم و أميرة فين؟؟ هما كويسين صح؟؟
كاريمان بهدوء و هي تتنفس الصعداء بعد
إن رأت إبنها بخير أمامها فهي أيضا لم تكن
مطمئنة بسبب كلام ليليان رغم معرفتها بأن
ماروته لهم لم يكن سوى حلما و لكن هكذا
هو قلب الأم لاتطمئن حتى ترى صغارها
بخير أمامها...
:"ابوك جوا مع أيسم و أميرة و هما كويسين
متقلقش.. خذ مراتك و إطلعوا فوق هي
بس قامت من النوم مرعوبة عشان ملقتكش
جنبها فقلقت عليك عشان كده جبت
تستناك هنا....رواية بقلمي ياسمين عزيز
صفحتي الوحيدة على الواتباد
رفع أيهم حاجبيه بشك و عدم تصديق خوفا
من أنهم يخفون عنه شيئا :" تستنوني هنا في
الجنينة؟؟
سيف بمرح :" حكم القوي بقى...
غمزه مشيرا نحو ليليان برأسه ليبتسم
أيهم قائلا :"طيب خلونا ندخل جوا و نكمل
كلامنا لحسن عندي ليكم خبر بمليون جنيه....
حاوط كتف والدته بذراعه اليمنى و ليليان
بذراعه اليسرى ليسير بهم نحو الداخل
مكملا :" أنا كنت عند عمر...اصل مراته
طلعت حامل.... لو تشوفو شكله إزاي
و هو بيعيط من الفرحة...كان نفسي أصوره فيديو للذكرى.....
كاريمان و هي تبتسم بفرحة :" الحمد لله
عمر طيب و إبن حلال و ربنا عوض صبره
خير... و الله فرحتله انا بكره إن شاء الله
حبقى اكلم مراته و أطمن عليها....
سيف بمزاح:"و انا حبقى أكلمه و أفكره
في الحفلة اللي هو واعدنا بيها لو ربنا
رزقه بطفل....
محمد و هو يدفعه بخفة :"يا إبني
هو إنت دايما كده همك في كرشك....
سيف و هو يتظاهر بالالم :"يا عم إيه داه..
مليون مرة قلتلك بلاش كده... إيدك ثقيلة
عيني عليك يا نور يا أختي....
محمد بتهديد مزيف :"سمعني ثاني إنت قلت
إيه؟؟ كأني سمعت كلمة نور...
كاريمان :" ياإبني سيبه داه اخوك الكبير..
أيهم بمزاح :" كبير بس مخه لاسع...
ركض سيف صاعدا درج الفيلا الامامي
ثم إلتف وراءه قائلا لمحمد بمشاكسة
:" قلت إن نور مراتك رقيقة و زي حتة
البسكوتة إزاي حتتعامل مع ثور زيك...يالهوي
إلحقوني داه حيفرمني.....
صرخ سيف مهرولا للداخل بعد أن رأى
محمد يركض وراءه كعادته عندما يشاكسه
رغم انه أخاه الكبير إلا أن تصرفاته الطفولية
لاتوحي بذلك ابدا...
جلس سيف بجانبه والده يلهث بشدة ثم
إلتفت بجانبه ليجد أيسم يجلس باحضان
جده شبه نائم ليأخذه برفق حاملا إياه
بين ذراعيه يهدهده حتى لا يستيقظ
نظر لمحمد و على وجهه إبتسامة مستفزة
و كأنه يقول له تعالى و اكمل ماكنت تفعله....
محمد بحنق :"بتتحامى في عيل.. ماشي
يا سيف بس اكيد مش حتقعد شايله للأبد....
سيف بغرور :" ساعتها حتنسى....
محمد :"مش حرحمك....
سيف بخوف مصطنع'" و الله انا سمعت
أميرة بتقول كده.... انا أصلا مش فاكر
شكل مراتك إزاي....
وصل البقية لتجلس كاريمان بجانب
سيف حتى تأخذ الصغير لكنه تشبث
به لتزفر بحنق قائلة :" يا إبني هات
الولد أنيمه و بلاش شغل العيال داه
و إنت يا محمد روح اوضتك و بكره
إبقى اللي إنت عاوزه... عاوزين ننام
بقى كفاية دوشة مش كفاية اللي حصل
من شوية ....
أومأ لها بطاعة بينما أعطاها سيف
الصغير ثم توجه الجميع نحو غرفهم بهدوء
غريب و هو ينظرون نحو بعضهم البعض ليستغرب
أيهم من تصرفاتهم و يتأكد انهم يخفون عنه
شيئا .....
داخل غرفة أيهم...
كانت ليليان تتجنب نظرات أيهم المتسائلة
و هي تنزع معطفعها و حجابها ثم إندست
تحت غطاء السرير تدفئ جسدها الذي
كاد يتجمد من شدة البرد....
أنتهى من تغيير ملابسه ثم إستلقى
على الفراش بجانبها... إقترب منها يتحسس
حرارة جبينها ووجهها بعد أن لاحظ برود
جسدها عندما كانا في الحديقة...
همس بارتياح قائلا :"الحمد لله مفيش حرارة
بس انا لسه مش فاهم إنتوا كنتوا بتعملوا
إيه في الجنينة؟؟
أجابته ليليان بصوت متحجرش بسبب
كثرة بكائها :" اصل انا بقيت مجنونة
و بتخيل في حاجات مش موجودة....
رمش أيهم عدة مرات قبل أن يهمهم
بنبرة ضاحكة ظنا منه أنها تمزح :"مممم و إيه
كمان إحكيلي ".
تجلست ليليان مكانها تضم ساقيها بيديها
هي تحاول بصعوبة
التحكم في دموعها التي كانت تهدد بالنزول
:"أصل أنا كنت نايمة...و بعدين صحيت
ادور على مية عشان كنت عطشانة.. و بعدين
لقيت الأوضة كلها ظلمة و البلكونة والشبابيك
كلها مفتوحة و الدنيا برد اوي...و إنت مكنتش
موجود.... انا كنت فاكراك تحت سهران مع
العيلة...انا قمت من السرير علشان أنور الأوضة
و بعدها لقيت ورقة...زي الورقة اللي سبتهالي
زمان... بتقلي فيها إنك رحت و مش حترجع....
كفكفت دموعها التي إنهمرت رغما عنها
قبل أن تلتفت نحو أيهم الذي كان يستمع
لها باهتمام قائلة بعيون باكية متوسلة
:"أيهم صدقني انا مكنتش بحلم زي
ما أميرة و طنط فاكرين.. انا كنت صاحية
وواعية بكل حاجة انا قريت الورقة
كانت هنا بس مش عارفة فين بالضبط
ضاعت او يمكن طارت عشان الأوضة
كان فيها نسمة هواء باردة...و الستاير
كانت بتتحرك...انا كنت خايفة اوي
عشان حتسيبني زي زمان....
إحتضنها أيهم بلهفة و هو يشعر بقلبه
قد تمزق لألاف القطع الصغيرة بسبب
دموعها و بكائها :"شششش متعيطيش
يا حبيبتي... يمكن داه مقلب من سيف
ما إنت عارفاه مخه لاسع و عيل...بكره
حخلي محمد ينفخه عشان يبطل المقالب
السخيفة اللي هو بيعملها كل مرة....
قبل رأسها عدة مرات مهدئا إياها بإكمال
الكذبة التي إخترعها :" إنت نسيتي مقلب
الحشرات البلاستيك اللي حطها في
أوضة أميرة آخر مرة... شفتي حصل
فيها إيه... اغمى عليها و كنا حناخذها
المستشفى لو لا ستر ربنا...إهدي و بلاش
تعيطي عشان قلبي بيوجعني لما تكوني
زعلانة وفي كل مرة بتبكي فيها بكون انا
السبب....
مسحت ليليان دموعها بطاعة و هي تومئ
برأسها كطفلة صغيرة....ليساعدها أيهم
في الاستلقاء واضعا رأسها على ذراعه
وفي كل مرة كان يقبل خدها و يديها
و شعرها ليبث داخل بعض الأمان و الطمئنينة
لا ينكر أن أمر تعلقها به و خوفها الشديد
من بعده عنها قد أسعده كثيرا فهذا ماكان
يحاول بكل جهد تحقيقه منذ عودته...
لكن من جهة أخرى قلق من تدهور حالتها
الصحية بسبب التخيلات و الأوهام التي
أصبح ينسجها عقلها الباطني فاصبحت
بذلك لاتميز بين الحلم و الحقيقة لذلك
عليه أن يجد حلا لهذه المشكلة من البداية
حتى تسوء اكثر في المستقبل إن تجاهلها و لذلك
عزم على الاستعانة بأحد الأطباء النفسيين
الموثوق بهم من المستشفى....
ضمها أكثر إليه و هو يغرس وجهه داخل
شعرها و عنقها ليستنشق اكثر رائحتها الناعمة
التي تميزها....
أحس بارتجاف جسدها ليبتسم بخبث
عازما على إخراجها من حالة الاكتئاب
التي تملكتها فجأة بسببه...
رفع رأسه للأعلى قليلا عن الوسادة ليستند بذراعه
ثم بدأ في تجميع خصلات شعرها و إبعادهم عن رقبتها ثم بدأ في تقبيل وجهها و عنقها قبلات
طويلة و هو يتعمد دغدغتها بشفتيه و إصدار صوت عال كما يفعل عندما يقبل أيسم....
ضحكت ليليان و هي تحاول إبعاده بكفيها
لكن أيهم قيدها بيده الأخرى و هو يكمل
مايفعله قائلا :"ممم ريحتك حلوة اوي
دا برفيوم أيسم صح؟؟؟؟
أجابته ليليان من بين ضحكاتها :" أيهم...
عشان خاطري كفاية...
ايهم و هو ينفي برأسه :"تؤ...مش عاوز ابعد
اصلك واحشاني أوي..
ليليان بتذمر:" طب بالراحة...مش كده انا مش
عيلة صغيرة عشان... تبوسني كده...
أكملت آخر جملتها بهمس و قد تلون وجهها
بالاحمر القاني لشدة خجلها و ندمها على ماتفوهت
به لتغمض عينيها ....
رفع أيهم رأسه ليتفرس ملامح وجهها الجميلة
محررا يديها قبل أن يردف بابتسامة خبيثة
:" لا في دي معاكي حق...كويس إنك نبهتيني....
فتحت ليليان عينيها يترقب بعد أن فهمت
مايلمح له لتجده ينظر إليها بنظرات متسلية
كانت ستتحرك من مكانها لكنه اسرع لتثبيتها
هامسا بنعومة :" رايحة فين؟
ليليان بتأتاة :"لا... مش را.. يحة كنت
عاوزة انام بس....
أيهم و هو يجول باصبعه على خدها
و غمازتيها ثم ينزل نحو ذقنها و رقبتها...
قائلا بنفس النبرة :"نوم إيه بس دلوقتي ...طب قوليلي الأول هو انا موحشتكيش؟؟ .....
أومأت ليليان برأسها بالايجاب لتتسع
إبتسامته لكنها سرعان ما نفت برأسها
ليعبس وجهه كطفل صغير قائلا :" كده
يا لولو....طب انا زعلان منك....
تسارعت أنفاس ليليان بسبب تخدرها
تحت لمساته الرقيقة... كانت سنتحدث
لكن إصبعه الذي وصل لشفتيها ليضغط
عليهما بخفة مسكتا إياها تزامنا مع إقترابه
منها حتى أصبحت أنفاسه الدافئة تلفح
وجهها :" و رغم كده انا اللي حصالحك.....
تمتم أيهم قبل أن يلاصق شفتيه مع شفتيها
الناعمتين بقبلة حنونة أنستها ماكانت تعانيه
منذ ساعات قليلة....
~~~~~~~~~~~~~~~~~
عودة لعمر......
دلف عمر الغرفة ليجد هبة مستلقية
على الفراش تمسد بطنها بيديها و ملامح
وجهها السعيدة تظهر جليا فرحتها رغم
تعبها ...
إنتبهت لدخوله لتلتفت بوجهها للجهة
الأخرى متجاهلة إياه رغم ان الفضول يكاد
يقتلها لمعرفة ردة فعله عند سماعه بالخبر....
كانت تراقبه بطرف عينيها و هو يقترب من
الفراش بخطوات بطيئة ليجلس بجانبها...
تحركت قليلا مبتعدة عنه لكنه اوقفها بأن
وضع يده على كتفها هامسا برجاء :"ارجوكي
يا هبة... و حياة أغلى حاجة عندك بلاش الليلة دي...أجلي الزعل لبكرة...خليني افرح انا مستني
الخبر داه بقالي سنين..
نفخت هبة الهواء بصوت عال ثم إلتفتت
نحوه تاركة المجال ليديه التي كانت تتحسس
بطنها من فوق ثيابها بحذر....أما وجهه فيكاد
ينطق من شدة الفرح....
همس بصوت مبحوح و كأنه على وشك البكاء
:"إبننا هنا يا هبة...حيبقى عندنا بيبي صغير
يفضل يعيط طول الليل و ميخليناش ننام....
بس متقلقيش انا حبقى أهتم بيه..ححضرله
الببرونة و حغيرله البامبرز .... ضحك قليلا
قبل أن يكمل..... بس هو ييجي بالسلامة
بكرة إن شاء الله حنروح للدكتورة عشان
تتطمن عليكي أكثر و بعدها نروح عشان
نشتريله هدوم كثير و لعب... بس إحنا لسه
مش عارفين... هو ولد و إلا بنت؟؟
تجاهلت هبة فرحته العارمة رغما عنها
فهي فقط أرادت الثأر لكرامتها حيث
أجابته بنبرة مستهزئة :" دلوقتي بقيت
فرحان و مبسوط مش كنت عاوز تتطلقني
إيه نسيت؟؟؟
تجمدت ملامح وجه عمر لكنه ببراعة أخفى
ضيقه... يعلم أنه مخطئ و قد تفوه بكلام
ليس في محله لكن كل ذلك حصل بعدم
إرادته فقد كان متعبا و يائسا....تنبه لحديثها
مرة أخرى حيث قالت :" نفذت اللي دماغك
و رحت قلت لعيلتك إنك مش بتخلف... رغم
إني إترجيتك اكثر من مرة أنك متقلهمش...
شفت لو كنت استنيت شوية...دلوقتي خلاص
اللي حصل حصل...و مش حنقدر نغير الواقع
مهما عملنا إنت كنت عاوزنا ننفصل و كل واحد
فينا يروح لحاله...
قاطعها عمر بانفعال بعد أن فقد سيطرته
على نفسه :"أنا قلت كده عشان كنت تعبان
و خايف... لكن إنت عارفة انا بحبك اوي و
مستحيل أسيبك او أتخلى عنك حتى لو
إنت اللي طلبتي داه....
أجابته بانفعال مماثل و هي تنظر نحوه لتحدي:" و انا دلوقتي بقلك طلقني يا عمر خلي كل واحد فينا
يشوف طريقه....مين غير شوشرة و لا مشاكل
اللي بينا إنتهى و انا إستحملت منك كثير
و مابقتش قادرة اتحمل أكثر من كده.... و لو
على إبنك لما يشرف بالسلامة إن شاء الله
اكيد مش حمنعك إنك تشوفه.....
حدق فيها عمر لعدة ثوان و قد توسعت عيناه
بدهشة من حديثها المفاجئ قبل أن تصدح ضحكته
في كامل أنحاء الغرفة....
توقف بعد دقائق ليمسح وجهه بيديه
متنهدا بحرقة من عنادها :"طيب خلينا نأخل
الخصام لبكرة عشان الليلة دي مميزة...
هبة بتصميم :" ماشي حأجل الكلام في
الموضوع داه لبعدين...بس يكون في علمك
❤️🔥❤️🔥❤️🔥❤️🔥❤️🔥❤️🔥❤️🔥❤️🔥
الشيطان شاهين › البارت العاشر (الجزء الثاني)
البارت العاشر (الجزء الثاني)
"بابي.... بابي...إصحى سوف آسل...خد بابي
بتاعي و لماها ملبلكوننننن.... بابي بابي....
(شوف آسر خذ الباربي بتاعي و رماها من البلكونة ".
صرخت أسيل الصغيرة و هي تقفز
فوق سرير والدها هنا و هناك كالارنب الصغير
ليبدأ شاهين في الاستيقاظ و هو يفرك
وجهه بانزعاج..
فتح عينيه ببطئ بسبب أشعة الشمس
التي تسللت و انارت الغرفة بعد إزاحة
الستائر....
حدقت فيه الصغيرة لبعض الوقت
قبل أن ترتمي عليه ليتلقفها بين
ذراعيه مقبلا وجنتها المكتنزة بقوة
قبل أن يتحدث :"صباح النور يا قلب
بابي....
آسيل ببراءة:" بونجور يابابي... يلا
إنوح لآسل و إدبه(نروح لآسر و إضربه).
قهقه شاهين بخفة مداعبا أنفها قبل أن
يهتف :"بالراحة عليا عشان انا مش بفهم
لغتك الغريبة دي".
أسيل و هي تحرك يديها محاولة إفهامه
:"آسل....
شاهين :" دي فهمتها... ماله آسر يا ست أسيل.....
أسيل بعبوس :"خد باببييي و لماه مالبكونة.....
شاهين بدهشة :" خذ إيه...
أسيل بتأفف لانزعاجها هي الأخرى من
عدم فهمه و الاستجابة لها فهي كل
مايهمها الان هو النيل من أخيها لانه أفسد
لعبتها المفضلة...
:" بابي...اوووف مش تفهم ليه؟؟؟
ظلت أسيل تتحدث كثيرا و هو يتعمد
عدم فهمها حتى يستمتع أكثر بصوتها
الطفولي الرقيق و كلامها المبعثر مما جعله
ينفجر من الضحك عدة مرات تحت نظراتها
الساخطة و المنزعجة......
دخلت عليهم كاميليا لتجد إبنتها تجلس
فوق بطن والدها و تحدثه باهتمام شديد
ضحكت هي الأخرى على مظهرهما فمن
يراهما يظن أنهما يتناقشان في أمر مهم للغاية....
لمحها شاهين ليستقيم في جلسته ممسكا
بالصغيرة باحكام حتى لا تسقط قائلا بنبرة
مرحة :"تعالي شوفي بنتك عاوزة إيه... بقالي
نص ساعة بحاول أترجم اللي بتقوله و بردو
مفيش فايدة....
توجهت نحوهما كاميليا بابتسامة واسعة
لتجلس بجانبهما على الفراش قائلة :" دي
عاوزاك تعاقب آسر عشان كسر الباربي
بتاعتها و رماها من باب الفيلا.. الولد داه طالع
شقى اوي و مش بيسمع الكلام ...مش زي فادي
عاقل و هادي...
همهم مدعيا التفكير :" مممم طيب إقترحوا عليا
إزاي حنعاقب آسر الشرير .
داعب أنف الصغيرة لتتعالي ضحكتها السعيدة
بعد أن فهمت مايقصده والدها بحديثه لتومئ
له مؤيدة :" خذ كل اللعب تاعته و حطه
كرسي العكاب كثير اوي ... (خذ كل اللعب بتاعته و حطه في كرسي العقاب كثير اوي)....
هز شاهين حاحبيه بعدم فهم و هو ينظر
لكاميليا قائلا :" يعني إيه كرسي العقاب ".
إستندت كاميليا بكسل على ذراعها على
الفراش قبل أن تجيبه :" يعني أي واحد فيها
لما يتعاقب يقعد على الكرسي مدة نص ساعة ميتحركش من مكانه و داه من أكثر الحاجات
اللي بيكرهوها أولادك طبعا بعد الخضار
المسلوق".
قهقه شاهين بخفة قبل أن يهتف بعدم تصديق
:" عشان كده البنت إقترحت كرسي العقاب
لا و عاوزاه يقعد كثير يعني أكثر من نص
ساعة ...
لوت كاميليا شفتيها بانزعاج عندما تذكرت
شقاوة إبنها قائلة :"بصراحة يستاهل... آسر
بقى متعب جدا حتى بعد ما يتعاقب بيرجع
ثاني يتشاقى اكثر من الاول.....
شاهين :"داه ولد.. يعني شيئ طبيعي
يكون أشقى من البنت....
كاميليا باستهزاء :"طب ما فادي بردو ولد
ليه مش طالع زيه...
إنحنى شاهين بجذعه ليقف من على السرير
ثم قبل وجنة الصغيرة هاتفا بهدوء:"روحي إنت
دلوقتي و انا جاي وراكي...نعاقب آسر و نروح مع بعض عشان نجيب باربي جديدة إيه رأيك ".
لمعت عينا الطفلة بفرح لتصرخ قائلة
:" و مش ناخد آسل....
شاهين و هو يعيد كلامها بمرح :" مش ناخد آسل
حاضر.....
أسيل مرة أخرى :"و نجيب باربي كبييييلة".
شاهين و هو يومئ برأسه :" حاضر...
طبعت الصغيرة قبلة صغيرة على وجنته
قبل أن تنطلق لخارج الغرفة تحت نظرات
والدها المندهشة... تمتم و هو يستدير
عائدا لكاميليا التي كانت لاتزال ممدة
على الفراش و تراقبهما
:" البنت طالعة شريرة كده لمين؟؟
قلبت الأخرى عيناها بملل قبل أن تهمس بصوت منخفض ظنت انه ان يسمعها
:"حيكون لمين يعني..ماهي طالعالك....
شاهين بخبث:"هو إنت قلتي حاجة اصلي
مش سامعك كويس".
كاميليا بنفي :"لا و لا حاجة قلت إنك
صاحي متأخر و مرحتش الشغل و دي
مش عوايدك يعني".
توقف أمامها مباشرة لترفع رأسها نحوه ثم
حركت رأسها ليصبح على الفراش بدلا من
ذراعها... ضيقت حاحبيها بحيرة عندما وجدته
يحدق فيها بدقة و كانه يبحث عن شيئ ما
حتى شعرت بالتوتر بينما هو فقد إعتلت
شفتيه إبتسامة شقية ليسقط جسده فجأة
فوقها مما جعلها تصرخ فزعة بينما هو فقد
إستند على ذراعيه التين أحاطتا جسدها من
كلتا الجانبين و باقي جسمه فوقها....
همس من قهقهته و هو لايزال يتفرس وجهها
الجميل الخائف :"جبانة....
أجابته من بين انفاسها اللاهثة وهي تحاول
دفعه عنها بدون فائدة :" إنت مش حتبطل
حركات العيال دي.... قوم بقى حتفرمني...
شاهين و هو يتابع محاولاتها الفاشلة في
إبعاده بتسلية :"تؤ... عاجبني المنظر هنا...
توقفت عن مقاومته لتنظر قليلا إلى وجهه
الذي يكاد يلامس وجهها قائلة ببلاهة:"منظر
إيه إنت بتخرف؟؟
تسللت يده نحو وجنتها ليصفعها بطرف
أصابعه صفعة خفيفة لاتذكر قبل أن يهتف
بتهديد مزيف
:"لسانك يا كوكي...
قلبت عيناها بملل و هي تتصنع الشجاعة
مردفة :"مابقتش بخاف خلاص... هات غيرها..
:" بقى كده...ماشي إستحملي بقى نتيجة
جرأتك ".
هتف متوعدا و هو ينحني برأسه نحو
شفتيها لتحرك كاميليا رأسها نحو الجهة
الأخرى بعناد ليزمجر شاهين بانزعاج لحرمانها
له من كرزيتيها اللتين يعشقهما....
حاوط رأسها بيديه مثبتا إياها حتى لا تتحرك
ثم خفض رأسه ليقبلها قبلة خفيفة
رغما عنها قبل أن يبتعد عنها لتصرخ
كاميليا مدعية الغضب :" مش حتبطل
عادتك دي أبدا...
شاهين بمكر :" أبدا...بتكون أحلى لما بتكوني
متضايقة ".
مسحت كاميليا وجهها مكان قبلته قائلة بتلاعب:"
قصدك لما بتكون غصب... ".
إستند شاهين على إحدى جانبيه
مرتكزا على ذراعه بينما ذراعه الأخرى
مازالت تحاوط خصر كاميليا الممدة بجانبه
هاتفا بحيرة :"غصب؟؟
كاميليا وقد تحول مزاحها للجدية :"أيوا
غصب عني...عشان إنت لسه في حاجات
كثير لسه بتعملها غصب عني و مش فارق
معاك إن كنت موافقة و إلا لا...زي الشغل
مثلا بالرغم من إني قلتلك إني مش عاوزة
اشتغل بس إنت مش بتسمعني.....
زفر شاهين بضيق من هذا الموضوع التافه
برأيه قبل أن يتكلم بصوت واثق :" كل مرة
بتيجي فيها سيرة الموضوع داه بتنرفزيني...
مكنتش عارف إنك زنانة كده...
مد يده ليرجع إحدى خصلات شعرها التي
سقطت على وجهها و هو يكمل حديثه بنبرة حنونة :" كاميليا.... حبيبتي
أنا مش بجبرك تشتغلي و لاعاوز أغصبك
على حاجة إنت مش عاوزاها بس...انا بحبك اوي لدرجة إني بقيت عاوزك
تكوني معايا دايما في البيت وفي الشغل مش بستحمل تغيبي عن عيني أكثر من ساعتين...
أعمل إيه بقى حاولت كثير بس مااقدرتش
بقيت بنفسك و كل يوم بيزيد حبك في
قلبي الضعف....انا عشت طول عمري مابخافش
من حاجة حتى... الموت بس دلوقتي بقيت
بخاف... خايف تحصلي حاجة و اسيبك
في العالم الوحش داه لوحدك... عشان كده
عاوزك تكوني قوية عشان تقدري تواجهي
الدنيا من بعدي
في عالمنا داه الناس بقت ذيابة... وحوش
و القوي بياكل الضعيف و مفيش حد حيحن
عليكي و حيساعدك مين غير ماتكون ليه مصلحة ....
و لو مكنتيش قوية بما فيه الكفاية الكل
حيدوس عليكي مين غير شفقة و لا رحمة
عرفتي بقى انا ليه مصمم تيجي
معايا الشركة... عشان تقدري تفهمي الشعل
و تقدري تديري الشركات لو حصلي حاجة و....
توقف عن الحديث بعد أن وضعت كاميليا
أناملها على ثغره توقفه عن مواصلة الحديث
قائلة من بين دموعها :"بعد الشر عليك...إنت
ليه بتتكلم كده؟؟ إنت بتخوفي عليك ليه هو
إنت مخبي عليا حاجة...
حرك شاهين أصابعه على وجنتيها ليمسح
دموعها قائلا بنبرة عاشقة :" مفيش حاجة
يا حبيبتي بس انا بحسب كل الاحتمالات
إنت لازم تكوني مستعدة لكل الاحتمالات
مفيش حد ضامن عمره و بعدين الموت علينا
حق.. ساعتها إنت حتلاقي نفسك فاهمة
الشغل و مش حتحتاجي مساعدة حد....
كاميليا و هي تدير رأسها بعنف رافضة
كلامه و قد زادت حدة بكائها :"لا مش
عاوزة.... مش عاوزة.. إنت لو جرالك حاجة
حموت نفسي مش حقدر اعيش من غيرك....
شاهين بحنو :" بعد الشر عليكي يا قلبي....
مسحت كاميليا دموعها بعنف قائلة :"إنت
مخبي عليا حاجة... شاهين عشان خاطري
صارحني....
شاهين بابتسامة :" تؤ صدقيني مفيش
حاجة انا بس كنت ببررلك انا عاوزك تروحي
معايا الشغل ليه....إهدي بقى بلاش عياط عالصبح....
كاميليا و هي تنهض قليلا لتصبح جالسة
على الفراش :"إنت بتخوفني ليه؟ لو على
الشغل حاضر انا حسمع كلامك بس ارجوك
بلاش تخوفني إنت عارف ان انا مش حستحمل...
نهض شاهين الاخر ليجلس بجانبها جاذبا
إياها لتصبح بأحضانه قائلا مربتا على ظهرها بحنان :" أنا آسف حقك
عليا انا مش عارف جرالي إيه عشان اتكلم
في موضوع زي داه بس كان لازم اوضحلك
عشان يبقى عندك سبب قوي يخليكي تروحي
الشغل و تقفي على رزقك بنفسك ...
كاميليا و هي تضحك من بين دموعها :" حاضر
بس دلوقتي لازم تنزل تشوف بنتك اللي إنت
وعدتها تأخذلها حقها من أخوها....
شاهين و هو يزيد من إحتضانه لها مستمتعا بدفئ جسدها :"تصدقي نسيتها... انا بصراحة مش
بعرف اتعامل مع العيال....و عاوز مساعدتك...
كاميليا و هي ترفع رأسها نحوه قائلة :"انا
ححللك المشكلة دي بس على شرط...متجيبش
سيرة الموت و الفراق دا ثاني على لسانك ابدا....
شاهين و هو يقبل جبينها :"حاضر اللي تؤمر بيه
ماي برنسس...و دلوقتي انا جعان و عاوز افطر....
كاميليا بابتسامة :"ما انا كنت طالعة عشان اصحيك عشان تنزل تفطر ....
شاهين من بين ضحكاته :"و انزل ليه؟؟و أحلى فطار قدامي...
توقف عن الضحك يتأملها بابتسامة ماكرة قبل
إن يتابع بخفوت :" الظاهر مفيش شغل النهاردة....
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
في منزل عمر.....
إستيقظت هبة من نومها بعد إفتقادها لذلك
الدفئ الذي كان يغمرها طوال الليل...رفعت
الغطاء بهدوء تزامنا مع دخول عمر يحمل
صينية مكتضة بجميع انواع الطعام....
إبتسامة عريضة شقت وجهه عندما رآها
ليضع الصينية على أقرب طاولة ثم يسارع
نحوها قائلا بلهفة :"صباح الورد والياسمين
يا حبيبتي.... حاسة بإيه النهاردة...
طأطأت هبة رأسها لتضع يدها على بطنها
قائلة بصوت مبحوح من أثر النوم :" كويسة
متقلقش....انا خروج اغسل وشي...
تجاوزته متجهة نحوالحمام ليزفر عمر بحزن
و هو ينظر في أثرها متمتما بيأس:" مكنتش
عارف إن قلبك إسود كده... دي اول مرة تعاملني بالشكل الوحش داه...
هز رأسه و هو ينظر ناحية الصينية قبل أن تعود إبتسامته من جديد هاتفا :"بس انا مش حيأس
و حخليها تسامحني...
قاطعت تأملاته خروجها ليراقبها بصمت و هي
تتجه نحو التسريحة لترتب شعرها و مظهرها
متجاهلة النظر نحوه و كأنه ليس موجودا....
مما أثار حنقه...ليقف من مكانه متوجها نحوها
ليقف وراءها و يحدق في صورتها المنعكسة
بتمعن مما آثار توتر هبة التي إستدارت
بغية الذهاب... لكنها تفاجأت بذراعين
حديديتين تثبتانها مكانها لتعود كما كانت
مقابلة للمرآة....
شعرت بيدي عمر تلتفان حول خصرها متحسسا
بطنها بلمسات رقيقة و صوته الحنون يهمس
في أذنها:"صباح الخير.... انا بابي عمر إنت سامعني
طب قلي إمتى حتكبر و تيجي الدنيا عشان
نلعب سوى... حشتريلك العاب كثير اوي و حاخذ
كل يوم جمعة للملاهي و ناكل ايسكريم و...
ماما لا.... نخليها في البيت أحسن عشان
لما نرجع نلاقيها محضرالنا أكل حلو....و اااااه ليه
كده بس يا حبيبتي سيبيني اتكلم مع الواد
براحتي....
تأوه عمر بزيف بعد أن نكزته هبة بمرفقها
على بطنه لينحني واضعا ذقنه على احد
كتفيها لتنظر له هبة من خلال المرآة قائلة
بحنق :"بقى عاوز تاخد إبني و تطلع تفسحه
في الملاهي و تسيبوني قاعدة في البيت
لوحدي مستنية حضراتكم لحد ماتيجوا....
أجابها عمر من بين ضحكاته السعيدة
لنجاحه في إستفزازها و إجبارها على
التحدث معه :" الظاهر في هنا حد غيران....
بس معلش حبقى أقنعه عشان ناخذك
معانا بس موعدكيش ها....
هبة عدم رضا :" لا كثر خيرك و بعدين مين
قلك إنه ولد مش يمكن يكون بنت...
عمر بفرحة تلمع من عينيه :" يا ريت تكون
بنوتة وحسميها هبة الصغيرة.. و بردو حاخذها
للملاهي و حشتريلها فساتين كثير و اعملها شعرها
و....
عقد حاجبيه فجأة لتوقف عن الحديث برهة
من الزمن قبل أن يسترسل :" هو مش بيقولوا
إن الست لما تكون حامل بتبقى نفسها تاكل
حاجات كثيرة... إنت مش بتتوحمي على
حاجة معينة؟
نفت هبة برأسها قائلة:" لا بس.... جعانة شوية..
إبتسم عمر ثم رفع يده لظهرها ليقودها
برفق نحو السرير... أجلسها ثم أحضر الصينية
و جلس بجانبها...
شرع في إطعامها رغم ممانعتها
إلا أنه تحجج بأنه يقوم باطعام الطفل و ليس هي
لتستسلم هبة و تتناول طعامها مستمتعة
بأحاديثه الفكاهية حول مشاريعه المستقبلية
مع الطفل رغم أنه لم يرى النور بعد...
هي فعلا غاضبة منه و لاتزال تشعر ببعض
الحزن من كلامه الليلة الماضية و لكنها
لم ترد كسر فرحته أكثر....
تعلم انه لم يقصد ماقاله و ان كل ماتفوه
به كان بسبب شعوره باليأس و الخوف و
انها هي أيضا كانت ستفعل نفس الشي لو
كانت مكانه....
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
في كلية الطب....
و تحديدا في الكافتيريا... جن جنون ميار و هي
تستمع لكلام ديالا التي أخبرتها بعودة محمد و نور
لبعضها بعد تراجع الأخيرة عن رغبتها في الانفصال
لأسباب غير معروفة....
ضربت ميار الطاولة أمامها بقوة مما آثار
إنتباه جميع الموجودين داخل الكافيتيريا
الذين نظروا إليها بأعين متعجبة من صراخها مراقبين ما تفعله..
:"يعني تراجعت في قرارها...إيه السبب
و إنت سمعتي منين؟؟ صرخت ميار بنفاذ
صبر في وجه صديقتها المرتبكة.
نظرت ديالا حولها بخجل عندما وجدت
نفسها محط أنظار الجميع لتشعر بالندم
من إخبار هذه المجنونة الجالسة أمامها
تترقب ما تقوله بأعين متقدة حقدا و غضبا
أمسكت يدها محاولة تهدئتها هامسة بصوت
خافت :"ميار ارجوكي وطي صوتك...كل الموجودين
بيبصوا علينا... طب خلينا نمشي من هنا و انا ححكيلك كل حاجة بالتفصيل..
نفضت ميار يد الأخرى بعنف و هي تسب
و تلعن بصوت عال غير عابئة بأحد فهي كل ماتشعر به هو غضب حارق جعلها تخرج عن وعييها لمجرد تخيل ضياع محمد من يدها بعد أن كانت على بعد قاب قوسين من الحصول عليه :" اقسم
بالله يا ديالا لو طلع كلامك غلط لكون مورياكي
وش عمرك مشفتيه قبل كده...
جمهت ديالا أغراضها بسرعة ثم هرولت
خارج المكان تفاديا لفضائح اكثر...جذبتها
ميار من يدها لتأخذها إلى مكان فارغ نسبيا
من الطلبة قائلة :" دلوقتي عاوزاكي تحكيلي
كل اللي حصل بالتفصيل."
ديالا بضيق من لهجة ميار الآمرة :"بقلك
إيه كفاية الفضائح اللي عملتيها جوا.... انا
صبرت عليكي عشان مقدرة حالتك لكن إهانة
أكثر من كده مش حقبل... كفاية و روحي إسالي
بسمة هي اللي حكتلي كل حاجة الصبح.. عن
إذنك".
رمقتها بنظرة مشمئزة قبل أن تغادر المكان
تاركة ميار في حيرة...
:"و انا حستنى لما الاقي الغبية بسمة
اووف من غبائك ياميار انا حتجنن حتجنن
حصل إزاي داه هي مش كانت خلاص حتتطلق...
كانت ميار تسير في ارجاء الجامعة بحثا
عن بسمة او ديالا حتى تفهم منهما ما يحصل
لكنها للأسف لم تجدهما...
إستندت على سيارتها تراقب الطلبة الذين
كانوا يخرجون من الجامعة في مجموعات و فرادى
تبحث عن ظالتها لتلمح من بعيد بسمة قادمة
مع إحدى الفتيات...
أشارت لها ميار ثم إتجهت نحوها قائلة بابتسامة
مزيفة :"إزيك يا بوسي..عاملة إيه ؟؟ بقالي
كثير مش بشوفك...
بسمة و هي تبادلها إبتسامة صفراء :" اهلا
يا ميار إزيك..
لم تهتم ميار بجفائها و لا بسخريتها الظاهرة
فهي مضطرة لتحملها من أجل مصلحتها الشخصية
:"كنت عاوزة أسألك عن نور اصلي مش
شايفاها اليومين دول..
تمتمت ميار بتحفز منتظرة جواب الأخرى
التي أجابتها على الفور :"مش عارفة
بس آخر مرة كلمتها قالتلي إنها مع جوزها
اصلهم رجعوا لبعض و عن قريب حيحددوا
موعد الفرح.... عقبالك يا ميمي ".
هتفت بسمة بشماتة و هي تتفرس ملامح
ميار المصدومة و التي حاولت إخفاء إنزعاجها
من كلام الأخرى دون فائدة لتهرع سريعا نحو سيارتها و تختفي بداخلها...
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
في النادي الرياضي....
إستندت نور على حائط الغرفة تتنفس
بقوة بعد أن أطفأت جهاز المشي هاتفة بتذمر
:"يخرب بيت الرياضة على اللي بيلعبوا
رياضة... يانهار اسود حموت... مقدرتيش
تستمري اكثر من عشر دقايق فوق الهبابة
دي.....
إلتفتت نحو باب الغرفة بعد أن سمعت
ضحكات محمد الخافتة.... إستقامت
في وقفتها بعد أن رأته متجها نحوها
و هو يحمل كوبي عصير طازج...أعطاها
أحدهما ثم توجه نحو إحدى الآلات ليجلس
فوقها مقابلا لنور...
:"بقى انا جايبك أوضة الرياضة الخاصة
بتاعتي عشان تتدربي... أغيب خمس دقائق
و آجي الاقيكي بتشتمي في الآلات....
لوت نور شفتيها بضيق قائلة :" عشان
تعبت....
محمد بصدمة و هو ينظر لساعته :"بس إنت مكملتليش عشر دقائق على بعض...انا مضبطلك
الوقت بنفسي..بقلمي ياسمين عزيز
وضعت نور كوب العصير ثم تقدمت للأمام
قليلا لتجلس على الأرض أمام محمد على
ركبتيها تحت أنظار الآخر المتعجبة مما
تفعله...
A
رفعت جسدها قليلا لتضع يديها فوق
ركبتي محمد قائلة بصوت رقيق :" محمد
حبيبي...انا عمري ما مارست رياضة قبل كده
غير في المدرسة...عشان خاطري مش عايزة
أنا اصلا وزني 48 يعني عاوزني أخس
أكثر من كده حرام و الله....
تحدثت بتذمر محاولة إقناعه للعدول عن قراره
بجعلها تتمرن ساعتين كل يوم عنده
في النادي في أوقات فراغها و ذلك بعد
إتفاقهما بتنفيذ كل مايطلبه منها خلال هذا
الاسبوع بعد أن طلبت منه فرصة أخيرة
لإصلاح أخطائها معه...
لوحت بيدها أمام وجهه بعد أن وجدته
شاردا ينظر إليها و على وجهه إبتسامة بلهاء
فهو لم يسمع من كلامها سوى كلمة حبيبي
و التي كان وقعها على سمعه كأحدى السنفونيات
النادرة...
إنتبه لها و لصوتها المعاتب :"محمد إنت رحت
فين؟ بقالي ساعة بكلمك؟
تنحنح محمد قائلا :" آسف سرحت شوية
كنتي بتقولي إيه؟؟
نور :"كنت بقلك انا مش عاوزة أتمرن هنا...
و...
محمد مقاطعا و هو يضع إبهامه تحت
ذقنها :" تؤ ثاني كلمة قلتيها كانت إيه؟؟
لم تجبه نور بل ظلت صامتة تنظر
نحوه باستغراب ليكمل محمد :" قلتي
حبيبي.... مش كده؟؟
هزت رأسها بالموافقة و هي تبتلع ريقها بتوتر
خاصة بعد أن لمحت إبتسامته الخبيثة التي إعتلت
ثغره....
محمد بهمس و هو ينحني نحوها :"اول
مرة تقوليهالي ...بس حلوة اوي لدرجة
إني عاوز اسمعها مرة ثانية..ممكن ؟؟
رمشت نور بارتباك و هي تتراجع للخلف
إستعدادا للوقوف من امامه...لكنها بدل
ذلك وجدت نفسها تجلس فوق ساقيه
بعد أن جذبها محمد بيد واحدة...قائلا
بلهجة معاتبة:"عاوزة تمشي و تسيبيني
يانور...
قضمت نور شفتيها بحركة عفوية جعلت
من محمد يفقد آخر ذرة من تعقله ليحيط
رأسها بيده مقربا وجهها منه مقبلا إياها
قبلة طويلة متذوقا شهد شفتيها بتمهل
لأول مرة في حياته....
لطالما رغب في فعل ذلك منذ اول يوم
رآها فيه و هي تتشاجر مع أخيها....
للحظة ظن أنها تبادله القبلة ليزداد شغفه
و رغبته أضعافا حتى أفاق على يديها الصغيرتين
تدفعانه بضعف عنها ليزمجر بغضب مثبتا
يديها الاثنتين بيده الحرة رافضا إبتعادها
عنه فمن يقبل الخروج من الجنة بعد أن
ذاق نعيمها هكذا كان شعور محمد بالضبط...
شعر بارتخاءها ليبتعد عنها مكرها لتشهق
نور بقوة و تتنفس الهواء بعنف بعد أن كانت
على وشك الاختناق.... تململت تريد النزول
من فوق ساقيه لكنه ثبت جسدها بذراعه
مانعا تحركها إنشا واحدا و أنفاسه اللاهثة
تضرب جانب وجهها و رقبتها لتدمع عيناها
من شدة الخجل التوتر....و الالم.
رفعت يدها بصعوبة لتحررها من بين يديه
و تمسح دموعها قبل أن ينتبه لها محمد
لكنها لم تكن تدري أنه كان يراقب أدق تفاصيلها
ليمسك بوجهها يديره نحوه مرة أخرى متفحصا
عينيها الدامعتين....
إنتبه لتراكم بعض الدماء فوق شفتيها ليهتف بلهفة :"أنا آسف....عشان أذيتك بس كان غصب
عني مقدرتش أمسك نفسي أكثر من كده".
حاولت نور بأقصى جهدها أن تتحكم في
رغبتها في الانفجار بالبكاء قائلة بنبرة مختنقة
:"إنت ليه... عملت كده؟".
اجابها بنبرة واثقة رغم إحساسه بالذنب
لأذيتها:"نور... حبيبتي.... انا جوزك يعني اللي
عملناه داه... لا عيب و لا حرام و كان لازم
يحصل من زمان ".
نور بعد أن إنفجرت بالبكاء:"بس انا مش عاوزة
كده....
كتم محمد ضحكته من ردة فعلها الغريبة
فهو لم يفته شعورها الشديد بالخجل و التهرب
من النظر إليه لكنه يعذرها فهي لطالما كانت
مشاعرها جافة او فلنقل منعدمة الاحساس تماما....
لذلك يعلم محمد أن طريقه صعب و طويل
للنجاح في تغييرها و الحصول على قلبها....
و جسدها معا..
مرر أصابعه على وجنتيها ليمسح دموعا
نابسا برقة :"قصدك إيه مش فاهم؟؟
اجابته بتلعثم :" اللي كنت بتعمله اااا قصدي
كنا بنعمله "...
إستنشقت الهواء بقوة بعد أن شعرت به يكاد
ينفذ من رئتيها مع إرتفاع حرارة جسدها
قبل أن تجيبه رغم محاولاتها الكثيرة للتهرب
َمنه :" و لا حاجة.... انا عاوزة أروح بيتنا....
محمد بخبث:" قصدك بيتنا انا و إنت...
نور باندفاع:"لا لا....بيتي أقصد بيت بابا ".
محمد ضاحكا :"طب إهدي و إنت بقيتي
شبه الفرولاية...و لعلمك بقى إنت لازم تتعودي
عشان داه حيكون النظام من هنا و رايح....
و مفيش مرواح النهاردة إحنا إتفقنا حنقضي
النهار مع بعض و إلا إنت غيرتي رأيك...
نور بارتباك :" طيب خليني أقوم اكمل تمرين.
محمد بنفي و هو يقف من مكانه حاملا
إياها بين ذراعيه :" إيه داه هو إنت وزنك
كام؟؟
نور :"مش عارفة؟؟ يمكن خمسين..اااه
قذفها محمد قليلا للأعلى ثم عاد ليتلقفها
من جديد مقهقها على صراخها و مظهرها
الخائف قائلا بمزاح:"قصدك خمسة كيلو...
بس معاكي حق إنت مش محتاجة رياضة
إنت محتاجة شوية دلع و.....نور إحنا لازم
نتجوز ".
توسعت عينا نور بدهشة مما سمعته الان
و هي تتفرس ملامح محمد
التي تغيرت فجأة فمنذ قليل كان يمرح لكنه
في لحظة واحدة تحول ليصبح شخصا
آخر...
أنزلها ليقفا متقابلين أمام النافذة ليمسك كتفيها
بيديه الاثنين موجها إياها نحوه حتى تنظر
داخل عينيه مكملا بتصميم :" آخر الأسبوع
داه....و لو مش عايزة يبقى الأحسن كل واحد
فينا يروح لحاله...".
يتبع ♥️❤️♥️❤️
❤️🔥دمتم ساالمين ❤️🔥...