
الفصل الرابع عشر 14 والخامس عشر 15
بقلم ياسمين عزيز
بقلك إيه يا هبة انا مش فاضي للكلام الفارغ بتاعك الحاجات اللي انا بعثتها تتلبس في الفرح و مش عاوز كلام ثاني في الموضوع داه ".
صرخ عمر بغضب بعد أن فلتت اعصابه بسبب عناد هبة التي رفضت قبول الأكياس التي بعثها لها عمر مع أحد الحراس....
لتجيبه بصراخ مماثل:"و انا حقبل منك الحاجات دي بصفتك مين؟؟ تعالى خذ الأكياس بتاعتك لحسن أرميها في الزبالة".
قهقهت نور بصخب على كذب هبة التي كانت تتحدث مع عمر و في نفس الوقت عيناها تكادان تخرجان من مكانها من شدة الإعجاب و هي تتلمس ذلك الفستان الذي أقل مايقال عنه انه رائع بلونه الوردي الهادئ و قماشه اللامع ليأتيها صوت عمر
الغاضب و هو يقول :" بصفتي خطيبك و حبقى جوزك قريب إنشاء الله...كز على أسنانه بغيظ قبل أن يكمل..و اتلمي يا هبة و بلاش تستفزيني انا على آخرى أيهم و شاهين حيتجوزوا و انا لسه معملتش حتى خطوبة و كله بسببك...
تجاهلت هبة مايلمح إليه لتهتف محاولة تشتيت أفكاره :" بس انا النهاردة الصبح خرجت انا و نور إشتريت فستان و....
تنهد الاخر بنفاذ صبر قبل أن يقاطعها بهدوء مصطنع:" قصدك الفستان الأحمر اللي انت بعثالي صورته من شوية ...داه تلبسهولي في قوضة النوم لما نتجوز يا حبيبتي...عريان من فوق و مبين ذراعاتك و كمان قصير و لونه ملفت.. هو انت عقلك كان فين و انت بتشتريه، وإزاي أصلا فكرتي إني حسمحلك تلبسي فستان زي داه... انا دلوقتي مشغول علشان الفرح يادوب بكرة و في حاجات كثير ناقصة لازم أهتم بيها ...و لو عاوزة عاوزة حسابك معايا يثقل إبقي متلبسيش الفستان اللي أنا جبتهولك، سلام....
أسقطت هبة الهاتف من أذنها بحركة درامية قائلة بمزاح:"تقريبا الخط إتقفل في وشي...انا تهزأت يا بنات...
قهقهت كاميليا و نور على تعبيرات وجهها المصدومة قبل أن تشاركهما الضحك... بعد لحظات أمسكت الفستان ثم وضعته على جسدها و كأنها ترتديه مردفة بتذمر:" الفستان داه يساوي ثروة داه غير العقد الألماس اللي معاه ...انا مش متعودة البس حاجات غالية و خايفة يضيع مني...
رمقتها نور بتعجب قبل أن تتحدث قائلة:" انت حتبقي حرم عمر الشناوى فلازم تتعودي على حياتك الجديدة من دلوقتي، كل حاجة حتتغير لبسك، أكلك، حتى مشيتك....على فكرة انت كمان يا كاميليا لازم تتغيري.
رمقتها كاميليا بحنق و هي تجيبها:" و على إيه كل داه...يعني لازم انسى اصلي عشان أعجب.. لا يا أختي أنا كده و مش حغير حاجة من نفسي...
حركت نور شفتيها بتقزز قبل أن تتكلم بنبرة مستهزءة:" إنت بالذات يا كامي لازم تغيري أسلوب كلامك البلدي داه...انت حتبقي أحدى سيدات المجتمع الراقي يعني ماينفعش تقولي يا اختي، و الكلام الغريب بتاعك داه... إترقي شوية يا حبيبتي و الا صدقيني حتبقي مسخرة...الكل حينبهر بشكلك الحلو و جمالك الملفت بس انا متأكدة ان انهم حينصدموا لما يسمعوا طريقة كلامك اللي شبه نسوان الحارة....
أمسكت كاميليا بوسادتها ثم رمتها على أختها التي كانت تتحدث و تلقي تعليماتها على الفتاتين بكل تكبر و غرور قائلة بتشمت عندما صرخت الأخرى بألم :"هيه تستاهلي عشان تحرمي تنكري في اصلك يا بنت سعيد... بقى علشان مسكتي في إيدك عشر الاف جنيه بقيتي تتكلمي زي نازك الصلحدار...مين اللي بقالها أسبوع مراحتش المدرسة علشان الجزمة الوحيدة اللي عندها متقطعةو عاوزة واحدة جديدة...
تأففت نور بغيظ من أختها قائلة :" الحمد لله أيام الفقر راحت و انا اشتريت بدل الجزمة عشرة و جبت هدوم ثانية كثير...و عقبال ماننتقل من الحارة الفقر دي على شقتنا الجديدة....و انت تسطفلي انشاء الله عنك ما نظفتي وش فقر بصحيح.. فخورة بأصلك على إيه فهميني... يكونش بابا تركي و انا مش عارفة ياشيخة إتنيلي...
صرخت كاميليا لتقاطع تذمرها :"هبة خوذي البنت دي من قدامي قبل ماأرميها من الشباك و أريح البشرية منها...
لم تهتم نور بكلام أختها كثيرا و هي تسير متجهة نحو باب الغرفة قائلة بتحدي:" انا نازلة انادي واحد من القاردز عشان ياخذ الشنط اللي برا...و لو انك متستاهليش".
ابتسمت كاميليا على أختها الصغيرة التي لم تخفي فرحتها بالحياة الجديدة التي قدمها لهم شاهين الألفي و لم تكن تعلم شيئا على الاتفاق او الصفقة التي عقدها مع كاميليا مقابل الزواج منه....مصدقة كلام أختها التي أخبرتهم بوقوعها في حبه سريعا و انه هو أيضا يبادلها نفس الشعور...فهي دائما ما كانت متأكدة ان أختها قادرة على الحصول على زوج مثالي بسبب جمالها الفتاك رغم هيئتها البسيطة و ملابسها القديمة التي ترتديها دائما....
ألقت نظرة أخيرة على غرفتها الصغيرة التي كانت ممتلئة منذ يومين بالاكياس و الحقائب لتجدها عادت كما كانت بعد أن رتبتها هي و هبة التي اظطرت المبيت معها منذ ثلاثة أيام عندما أخبرتها عن أمر زواجها....
تابعت صديقتها و هي تضع الفستان في الكيس بحرص قبل أن تضعه في خزانة كاميليا الفارغة بعد أن عمدت نور إلى رمي كل ملابسها القديمة في أكياس القمامة...
تنهدت بصوت مسموع لتلتفت إليها هبة قائلة :"لسة بتفكري في نفس الموضوع... يابنتي ريلاكس بكرة فرحك و لازم تكوني جاهزة كل الناس مستنية تشوف مين حرم شاهين الألفي الجديدة...
قالتها هبة بمزاج و لم تدري انها بذلك زادت من مخاوف كاميليا التي شحب وجهها فجأة و بدأت دقات قلبها بالتسارع دليلا على قلقها الشديد....
إكتفت بالايماء برأسها قبل أن تتمدد على سريرها الصغير و تضم ركبتيها إلى صدرها بحماية و هي تقول بصوت هامس:"هبة لو سمحتي انا عاوزة أنام شوية متخليش حد يصحيني ...
رمقتها هبة بنظرات مشفقة قبل أن تضع فوقها غطاءََ خفيفا و هي تجيبها :" طيب نامي شوية و انا حخرج برة مع نور و طنط...لو عزتي حاجة إندهيلي ".
أغمضت كاميليا عينيها بإرهاق فهي تقريبا لم تنم جيدا منذ أيام بسبب تفكيرها المتواصل في حياتها الجديدة....لم تكن تعلم هل ان قبولها للزواج منه كان أمرا صائبا اما أنه تذكرة مجانية للدخول إلى حجيم شاهين الألفي.. لكن هو حتى لم يترك لها خسارت... هو فقد أمرها و هددها بعائلتها التي لم تكن لترضى ان يمسهم أحد بسوء...لطالما تساءلت لماذا يلقبه الناس بالشيطان...حتى إكتشفت ذلك بنفسها و للأسف بعد فوات الأوان.
يوم جديد شمس، جديدة أشرقت على جميلتنا النائمة التي تململت في فراشها الصغير بانزعاج من الأصوات الصاخبة التي تتعالى حولها دون توقف... نفخت وجنتيها بضيق قبل أن تفتح عينيها الزرقاوتين و تتجول أنظارها بالغرفة...
وقع بصرها على هبة و نور اللتان كأننا تتشاجران و كأنهما الوحيدة في الغرفة غير مباليتين بوجودها...
تثاءبت كاميليا بكسل و هي تقاوم رغبة عارمة في العودة إلى النوم و التخلص من كل الالتزامات التي تنتظرها..
انتبهت لها نور لتهرع قافزة بجانبها على السرير و هي تهزها بلطف قائلة:"و أخيرا صحيتي...الساعة بقت تسعة و صاحبتك مكانتش عاوزاني أصحيكي...
نهرتها هبة قائلة بتوبيخ:" انا بس كنت عاوزاها تشبع نوم علشان شكلها كان مرهق جدا و النهاردة حيكون يوم طويل و متعب "
وقفت نور من مكانها جاذبة الغطاء من فوق أختها و هي تشجعها قائلة :" يلا يا كامي فوقي إحنا ورانا حاجات كثير السواق تحت مستنينا علشان نروح الاوتيل...
تجلست كاميليا على السرير مستندة بظهرها على حافته متسائلة:"أوتيل ؟؟؟ انت متأكدة؟؟؟
حركت الأخرى رأسها بإيجاب قبل أن تتجه إلى الشباك تفتحه لتدخل أشعة الشمس و تنير أرجاء الغرفة قائلة بتأكيد:" أيوا...هناك في اوضة عشان تجهزي نفسك .... حتى فستان الفرح وصل يلا بقى قومي بلاش كسل....
صفقت هبة يديها بحماس قائلة:"يا سلام...أنا حموت و اشوفك بفستان الفرح يا كامي...يلا انت فقتي خلاص... قومي إفطري و خذي شاور و انا حجهزلك هدومك علشان تلبسي و نروح...
_______________________
في شقة زكريا
صاح زكريا مناديا على زوجته نعمة و هو يقلب رفوف الخزانة رأسا على عقب و هو يبحث كالمجنرن عن شيئ ما... هرولت نعمة اليه و هي تنشف يديها بمنديل المطبخ قائلة:"مالك يا حج بتنده ليه... و إيه اللي قلب الأوضة كده انت بتدور على إيه؟؟؟
شهقت في أثناء كلامها و هي تتفاجئ بالملابس المرمية على الارضية باهمال و جميع الإدراج مفتوحة على مصراعيها.... توجه نحوها زكريا بعيون حمراء من شدة الغضب ليجذبها من ذراعيها و يهزها بعنف عدة مرات و هو يصرخ بقوة:"فين الشنطة السوداء اللي كانت في الدولاب... إنطقي قبل ما أقتلك و ادفنك مكانك....
أخفت نعمة ارتباكها ببراعة و هي تحاول التملص منه قائلة بثبات :" شنطة إيه يا حج... انت بتتكلم على إيه...
صرخ زكريا مجددا و رذاذ لعابه ينتشر على وجه تلك المسكينة التي انكمش وجهها بتقزز:" شنطة الفلوس... يانعمة إنطقي راحت فين انا كنت حاططها بإيدي في الخزنة اللي جوا الدولاب...
نعمة و هي مازالت تصارعه ليتركها دون جدوى:"يا حج صدقني انا معرفش حاجة عن الشنطة دي و انت أديك قلتها بنفسك انك حطيتها في الخزنة يعني مفيش حد غيرك يقدر يوصلها... انت يمكن أخذتها للبيت الثاني ...".
تركها زكريا عندما بدأ يقتنع بحديثها ليقول بتهديد :"انا دلوقتي حروح هناك و حدور و ياويلك لو ملقيتهاش....".
اومأت له نعمة بإيجاب و هي تفرك ذراعيها بألم ثم تبعته إلى باب المنزل لتتأكد من خروجه قبل أن تهرع إلى الهاتف لتهاتف ضرتها سنبل آغا كما تسميها....
بعد لحضات سمعت صوت جميلة على الجهة الأخرى للهاتف..
نعمة بلهفة:"جميلة... زكريا عرف بالشنطة و بيدور عليها زي المجنون و لما ملقاهاش هنا طلع علشان يدور عليها عندك... انت عارفة حتقولي إيه.
جميلة بهدوء :" متخافيش انا حافظة درسي كويس
و عارفة حتصرف معاه إزاي.... المهم انت اوعي تعترفي بحاجة حتى لو قتلك دي فرصتنا يا نعمة و مش حتتعوض ثاني....إوعي يصعب عليكي داه سنة و الا إثنين و تلاقيه لقى بنت ثانية عشان يتجوزها".
نعمة بهمس :"عارفة، عارفة يا جميلة يلا إقغلي زمانه وصل عندك ".
أغلقت نعمة الهاتف متجهة إلى المطبخ.. أغلقت الباب بالمفتاح ثم صعدت على الكرسي لتصل إلى أحد الرفوف العلوية لتنزل كيسا بلاستيكيا اسود اللون كانت قد اخفته سابقا في إحدى حلل المطبخ حتى لايشك احد بمكانه....
تذكرت ذلك اليوم منذ اكثر من اسبوع عندما كانت تراقب تحركاته كما اوصتها ضرتها عندما دخل و في يده حقيبة جلدية سوداء اللون يخفيها بين ملابسه و هو يتسحب إلى غرفة النوم و يضعها في الخزنة ثم يغلقها بالأرقام السرية التي لا يعرفها سواه غافلا عن تلك التي تراقبه بحذر.... منتظرة الوقت المناسب
لتقوم بسرقتها و اقتسامها هي ضرتها.....
تلمست الكيس مرة أخيرة قبل أن ترجعه مكانه ثم تهرول خارجا للبحث عن مكان مناسب لتخفيه فيه خوفا من أن يقوم زكريا بتفتيش كامل المنزل عند عودته فالمبلغ لم يكن قليلا بل كان أكبر بكثير مما توقعته هي و جميلة لذلك هو لن يمرر ما حدث مرور الكرام و لكنها لم تكن تبالي كثيرا بما قد يفعله لها حتى و لو وصل الأمر إلى الطلاق .
________________
مساء في فيلا شاهين
نفخ أيهم دخان سيجارته بعنف و هو يرمق شاهين الذي كان يقف أمام المرآة منشغلا بربطة عنقه قبل أن يهتف بغيظ:"للدرجة دي مستعجل... مقدرتش تأجل جوازك اسبوع كمان،....
اجابه شاهين ببرود و هو يرتدي جاكيت بدلته السوداء :" إحضر الفرح و بعدين إرجع ثاني كمل شهر العسل بتاعك....
ضحك عمر بخفوت ليرسل له ايهم نظرة غاضبة قبل أن يعود لتدخين سيجارته بصمت...
(عمر)
بعد دقائق التفت لهما شاهين بطلته الرجولية المهلكة و قد انتهى من ارتداء بدلته الفخمة و ساعته و نثر عطره الفاخر لتزيد من وسامته و هالته الواثقة ...
ليصفر عمر مدعيا الإعجاب و هو يهتف بتسلية:" ممم
كالعادة مش بتلبس غير اللون الاسود بس بالرغم من داه لايق عليك يا عريس...
بدلةشاهين
لوى شاهين ثغره بتهكم و هو يهتف بجمود :" طب يلا انت و هو الوقت تأخر و لازم نروح الاوتيل دلوقتي...
اكمل كلامه متجها إلى خارج الفيلا ليتبعه ايهم و عمر للذهاب إلى الفندق لجلب العروس فحفل الزفاف سيقام بالفيلا .
____________________
في غرفة الفندق، انحنت كامليا بتعب لترتدي حذائها التابع للفستان بعد أن أمضت يومها كاملا بين الماسكات و الصبغات و المساجات تحت إشراف ماريان خبيرة الماكياج التي أحضرها شاهين لتهتم بالعروس هي و مساعدتيها سهيلة و منى....
أمسكتها ماريان من يدها لتساعدها على الوقوف من الكرسي و قد لمعت عيناها بنظرات الإعجاب بجمالها الذي تضاعف بفضل مساحيق التجميل الخفيفة التي وضعتها على وجهها و هي تقول:"مشاء الله يا كاميليا هانم زي القمر...انا من زمان ماشفتش عروسة بجمالك
أبتسمت لها كاميليا بخجل قبل أن تجيبها :" ميرسي جدا ليكي.. داه عشان انت شاطرة جدا في شغلك.
حركت ماريان رأسها بنفي و هي تقول :"انا مش بجاملك على فكرة انت فعلا ست حلوة و كل اللي انا عملته اني بينت جمالك أكثر... دلوقتي انا حنده لسهيلة علشان تفتح الباب عيلتك زمانهم مستنيين على نار علشان يشوفوكي....
أومأت لها بايجاب و هي تمسك بفستان الزفاف بيديها و تتحرك إلى الأمام بصعوبة...
فتح الباب لتخرج العروس لتجد هبة و نور ووالدتها بانتظارها و قد انتهوا من إرتداء فساتينهم...
فقد ارتدت نور فستانا رقيقا باللون الوردي الهادي عاري الكتفين بحزام في الوسط تناسب مع لون بشرتها الفاتحة و عمرها الصغير
و حذاء أنيق أبيض اللون اشترته مع الفستان
اما هبة فقد إرتدت الفستان الفخم الذي بعثه لها عمر
شهقت نور بخفة حالما رأت أختها تتهادى في فستانها الأبيض لتقفز عليها و تحضنها بقوة و هي تقول :"طالعة حلوة اوي يا كامي... زي القمر...
أدمعت عيني والدتها و هي ترى ابنتها الكبرى عروسا في غاية الجمال و الروعة لتبعد نور بخفة و تقبل جبينها و هي تتمتم بكلمات التهنئة تلتها ببعض النصائح كسائر الأمهات
بعد دقائق قليلة قرع الباب تلاه دخول شاهين بجسده الضخم و طوله الفارع... إقترب من كاميليا و هو يتفحص كل إنش في جسدها ووجهها بنظراته الجامدة متجاهلا إبتسامة والدتها التي يراها للمرة الثانية بعد مجيئه إلى منزلهم و خطبة كاميليا قبل أيام قليلة...
تأبطت ذراعه بارتعاش و يدها الأخرى تمسك بها فستانها و هي تجاهد ان لا تتعثر به....
اما نور التي أفاقت من دهشتها و هي ترى شاهين أمامها الذي سيطر على من حوله بهيبته و حضوره الطاغي لتميل على هبة و تهمس في أذنها بارتباك :" الراجل داه شكله مرعب يا هبة انا لسه مستغربة إزاي كاميليا مش بتخاف منه...و كمان غامض جدا حتى شوفي ملامحه مفيهاش اي تعبيرات بتدل على أن العروسة عجبته او لا....
ضحكت هبة في داخلها بسخرية قائلة:" و مين قال إنها مش بتخاف منه...دي مش بعيد يغمى عليها في أي لحظة...
أفاقت من شرودها على جذب نور لها للنزول إلى الاسفل و الالتحاق بالعروسين و الحفل....
_
_____________________________________
في حديقة الفيلا.....
التي زينت بكل انواع الزهور الراقية و الشموع المختلفة و احجامها و ألوانها المتناسقة مع الوان الزهور و الطاولات و سائر الديكور الفخم الذي تراوحت ألوانه بين الأزرق الداكن و الأسود و الذهبي ... الوان غامقة غريبة تعبر عن قوة و غموض صاحبها....
بدأ المدعوون بالاقتراب من العروسين لتهنئنتهم بكلمات التهاني والتبريكات المنمقة و ليستطيعوا رؤية العروس عن قرب التي انبهر الجميع بجمالها الاخاذ وبراءة مظهرها و رقتها حتى أن البعض استغربوا في داخلهم كيف لهذا الملاك البريئ ان يقع في براثن الشيطان...
على إحدى الطاولات جلست ليليان مع عائلة عمها و قد تألقت في ثوب بني هادئ و حجاب خمري...استطاعت ان تلفت جميع انظار من حولها بجمالها الفتاك و طلتها الساحرة...
كانت تراقب بحزن زوجها أيهم الذي كان مشغولا كعادته بمغازلة الفتيات و النساء اللواتي ملأن الحفل بفساتينهم الراقية مستغلا وسامته و مكانته الاجتماعية التي جعلت كل الفتيات تتسابقن الإيقاع به بالرغم من كونه رجلا متزوجا.
على طاولة أخرى يجلس عمر مع عائلته و هو لايزيح عينيه عن هبة الذي كان يرمقها بنظرات عاشقة و كأنه لا يوجد غيرها في الحفل...
في منتصف الحفل حمل شاهين طفله فادي الذي الذي بدا أنيقا في بدلة زرقاء اللون شبيهة ببدلة والده ثم سلمه إلى إحدى الخادمات لتأخذه إلى غرفته بعد أن داهمه النعاس
❤️🔥❤️🔥❤️🔥❤️🔥❤️🔥❤️🔥❤️🔥❤️🔥❤️🔥❤️🔥
الفصل الخامس عشر
الفصل الخامس عشر
نزعت نور حذائها باهمال ثم ارتمت على الاريكة القديمة في صاله الشقة قائلة بتعب:"آه ياني يا رجلي حموت من التعب... مش قادرة حتى اروح أوضتي".
ضحك والدها سعيد الذي كان يحمل كريم النائم بين ذراعيه قبل أن يتوجه به إلى غرفته ليضعه على فراشه ليكمل نومة بينما جلست والدتها بجانبها تنزع حذائها و حجابها و هي تقول بسخرية :"طبعا حتتعبي ما أنت طول الليل مقضياها رقص و تنطيط ".
قطبت نور حاجبيها بانزعاج و هي تجيبها :"الله ياماما مش فرح أختي و بعدين لو انا مرقصتش مين حيرقص ها... دي حتى هبة رفضت انها ترقص معايا....حسابها معايا الكلبة لما اشوفها بس و عاملة نفسها صاحبة كاميليا...".
الام :" عشان عاقلة مش زيك مجنونة طول الفرح مقعدتيش على الكرسي".
نور و هي تدلك قدميها المتورمتين :"ما انا قعدت لما فتحوا البوفيه.... ياااع شفتي أكلهم يقرف زي أكل المستشفى اللي بيأكلوه للعيانين كله سلطات و شوربة و حاجات بيضاء مفيهاش لاطعم و لا ريحة انا مش عارفة هما معاهم فلوس كثير ليش مش بياكلوا أكل حلو...مفيش سمك و لا لحمة.. و لا حتى فراخ.....
الام بضحك :" داه أكل الناس الاغنياء هما بيحبوا الاكل الصحي مش زينا يا بنتي".
نور بلهفة و قد تذكرت شيئا مهما:"ماما هو احنا حننقل إمتى.... انا خلاص كرهت الشقة دي و الحارة خصوصا لما شفت الفيلا بتاعة جوز كاميليا.... دي تجنن ياماما ثلاث طوابق بحالها و فيها يجي مية أوضة و جنينة كبيرة أوسع من حارتنا كلها و فيها شجر كثير وورد و كمان في بيسين و ....
الام مقاطعة:" على مهلك يا بت بالراحة...كل داه شفتيه في الفرح....
نور بحماس:" أيوا ياماما و كمان شفت الفيلا من جوا لما ساعدت كاميليا انها تتطلع الأوضة... يااااه يا ماما داه جناح بحاله اكبر من شقتنا دي عندها أوضة كاملة فيها يجي ثلاث محلات لبس و حمام و جاكوزي...و تراس كبير مليان ورد و فيه قعدة كمان هو كان مقفول بس كان باين عشان الحيط كله قزاز لما توقفي قدامه بيبين كل حاجة تحت.... و السرير بتاعهم كبير اوي يكفي عيلة بحالها و الأثاث يا ماما يجنن انا عمري ماشفت الحجات دي غير في التلفزيون....كله كوم و جوزها داه كوم ثاني...كامي محظوظة اوي يا ماما هو آه شايف نفسه شوية بس
من حقه عشان غني ووسيم و.....
قاطعتها ظربة خفيفة من والدتها على كتفها لتشهق نور بألم قبل أن تسمع والدتها تعاتبها : إختشي يا بت داه جوز أختك... إيه الكلام اللي بتقوليه داه اخرسي قبل مايسمعك ابوكي".
نور بتأفف:" الله ياماما هو انا قلت حاجة غلط يعني ماهي دي الحقيقة.... الراجل مز أوي طول بعرض و هيبة كده زي الممثلين اللي بنشوفهم في التلفزيون داه أحلى حتى من أحمد عز و ميشيل موروني..
الام و هي تنهرها :"قومي يابت من قدامي على أوضتك قبل مايجي ابوكي و يمرر عيشتك قال موروني قال. مين داه".
نور بثرثرة:"داه ممثل أجنبى ياماما...حبقى اوريكي صورته بكرة داه داه شبه شاهين جوز كاميليا بالضبط بس مش مغرور زيه...تفتكري ياماما هو بيحب كاميليا بجد.. انا بصراحة حاسة بحاجة غريبة بينهم بس مش فاهمة إيه هيا".
الام بجدية و قد آثارها كلام إبنتها:" حاجة إيه يانور انت سمعتي حاجة حصلت بينهم...إحكي ".
بتعملوا إيه هنا لحد دلوقتي".
قاطعها زوجها الذي خرج للتو من غرفة كريم متجها إلى غرفته....
اجابته زوجته بارتباك :"و لا حاجة يابو كريم دي نور بتحكيلي على حاجات كانت فايتاني في الفرح ".
اومأ لهما بإيجاب قبل أن يدخل إلى غرفته... لتعود نور لثرثرتها المعتادة :" مفيش حاجة ياماما انا بس لاحظت انه مش بيتكلم كثير و كمان منزلش يرقص مع كامي زي كل العرايس داه حتى مسابهاش تنزل من الكرسي....
لم ترد نور ان تقلق والدتها أكثر بعد أن لاحظت تبدل حالتها لتعمد إلى تغيير الموضوع قائلة برجاء و هي تنظر لها بعيني جرو وديع:"
و النبي ياماما قولي لبابا خلينا ننقل على الشقة الجديدة....".
إبتسمت الأخرى و هي تشاهد حماس ابنتها الصغيرة التي نجحت في جعلها تنسى ما تفكر به منذ قليل قائلة :"متقلقيش هو قال انه كمان يومين و حننقل.... بس المشكلة في شغله انت عارفة الاستاذ مؤمن اللي بيشتغل معاه تقريبا هو معتمد عليه في كل حاجة و صعب انه يسيبه بعد السنين دي كلها".
نور بضيق :"و هو احنا حنأجل النقلة بتاعتنا عشان سي مؤمن داه...و بعدين هو بابا يقدر يشتري عربية و بكده يقدر ييجي المحل و يكمل شغله مش ضروري يسيبه دلوقتي بالرغم من انه مش محتاج شغل... متنسيش ان بابا تعبان و محتاج راحة و كمان الفلوس اللي إدتهالنا كاميليا يعيشونا بقية عمرنا ملوك يعني مفيش داعي للتعب داه كله ".
الام :" بس انت عارفة ابوكي مستحيل يقعد في البيت انا بس اقترحت عليه انه يعمل مشروع صغير خاص بيه و يشتغل براحته...مثلا يفتح محل او مكتبه... حاجة على قده ".
ضيقت نور عينيها بمكر ثم إقتربت من والدتها لتقبلها على وجنتها بقوة وهي تلف ذراعيها حول عنقها قائلة بترج:"طيب و بالنسبة لنور حبيبتك...مفيش عربية و الا....
دفعتها والدتها بلطف و هي تنهرها قائلة:"بت أنت إتلمي عربية إيه اللي انت عاوزاها....انت بجد اتهبلتي زي ما قالت أختك و بقيتي بتبصي لفوق أوي....انت كل اللي ليكي عندي انك تختاري الأثاث بتاع أوضتك الجديدة غير كده انسى...و ياريت تركزي في مذاكرتك و بس متنسيش انك في ثانوية عامة و اللي دي كمان حتنسيها....يلا الوقت متأخر و انا تعبانة حدخل انام و حسك عينك تجيبي موضوع العربية داه قدام ابوكي لحسن حيطين عيشتك...
تأففت نور من حديث والدتها و رفضها القاطع ان تلبي طلبها ثم انحنت لتلتقط حذائها متجهة إلى غرفتها و هي تتمتم بتذمر :"اوووف حتى بعد مابقى عندهم فلوس مصرين يحرموني من كل حاجة انا عاوزاها... بس انا مش حستسلم حبقى اقول لكامي اكيد هي اللي حتشتريلي العربية اللي انا عاوزاها".
قفزت نور فرحا بهذه الفكرة قبل أن تتجه إلى خزانتها لتخرج ملابسها البيتية و ترتديها و تغظ في نوم عميق مليئ بالاحلام و الامنيات بحياتها الجديدة.
____________________
في جناح العروسين...
دلف شاهين إلى غرفة النوم بتعابير وجهه الباردة ليجد كاميليا تجلس أمام التسريحة و هي تزيل عن وجهها مساحيق التجميل بمنديل مبلل و قد غيرت ملابسها إلى بيجامة نوم حريرية تتكون من قميص و بنطال باللون الوردي الهادي...
أكمل طريقه ليجلس بهدوء على الاريكة... نزع جاكيت البدلة و رماها بجانبه ثم اتكأ بظهره إلى الخلف واضعا قدمه فوق الأخرى
تابعت كاميليا تحركاته بترقب من خلال المرأة و هي تكمل تنظيف وجهها و نزع الدبابيس التي كانت تملأ شعرها ببطئ مخافة إحداث أي صوت....
راقبته و هو يغمض عينيه لدقائق طويلة حتى انها ظنت أنه قد نام مكانه.. أنهت ماكانت تفعله ثم جلست مكانها تنتظر أوامره...
طال صمته حتى شعرت بالملل و التعب الشديد.. تنهدت و هي تفرك رقبتها المتشنجة بسبب جلوسها طوال ساعات الحفل...لتقرر الوقوف أخيرا و الاتجاه إلى السرير للنوم....
:"قربي...".
اهتز جسدها بفزع و هي تسمع صوته الاجش يأمرها بالاقتراب ليتحرك جسدها نحوه لا إراديا و قلبها يكاد يخرج من مكانه من الخوف....
وقفت أمامه ليشير لها بإصبعه بالجلوس.. جلست على ركبتيها أمامه على الأرضية و هي تتذكر آخر مرة منذ أسبوع عندما أرغمها على الجلوس تحت قدميه كالجواري...إبتلعت ريقها بصعوبة و هي تدعو في سرها ان تمر هذه الليلة على خير....
فتح شاهين عينيه ليجدها تجلس أمامه مباشرة...تماما كما يريدها بالضبط... إبتسم بإنتشاء على مظهرها الخائف قبل أن يأمرها مجددا :"قلعيني الجزمة".
ظلت كاميليا متصنمة للحظات لا تصدق ما تسمعه منه...اتسع بؤبؤا عيناها بصدمة و هي ترفع رأسها إلى الأعلى بتردد لتتفرس ملامح وجهه الباردة لتجده يحدق بها بجمود جعلها ترتجف مكانها غير قادرة على التحرك...
انحنى شاهين إلى الأمام حتى أصبح و جهها قريبا منه، و بدون سابق إنذار وضع مقدمة أصابعه تحت ذقنها بحركة سريعة حتى إصطكت أسنانها ببعضها ليهدر بهدوء مخيف :"لما أقول حاجة تتنفذ... مفهوم...
أومأت كاميليا برأسها بإيجاب قبل أن تضع يدها على معصمه لتبعد كفه عن وجهها و هي تهمس باختناق:" مفهوم ....
أبعد يده لكنه ظل يراقب كل حركة صادرة منها كصقر يراقب فريسته و ينتظر الوقت المناسب للانقضاض عليها...
يدها البيضاء الصغيرة ببشرتها الشفافة التي أظهرت عروقها الخضراء تناقضت مع لون حذائه القاتم لتتحرك بنعومة و رقة رغم إرتعاشها لتزيح عنه الحذاء بصعوبة و تضعه جانبا قيل ان تعود لتخلع الفردة الأخرى غير مبالية بخصلات شعرها الحريري التي غطت جانبي وجهها...
انهت ما أمرها به ثم إستقامت بجسدها لتقف من أمامه... بحركة سريعة وجدت نفسها تجلس فوق ركبتيه و يده تقبض على خصرها بقوة مانعا أي حركة قد تقوم بها...لتشهق بفزع و عقلها لازال لم يستوعب ماحدث...تسارعت أنفاسها و تصلب جسدها عندما شعرت بأصابعه الخشنة تبعد شعرها عن عنقها الثلجي ببطئ ثم يقبله قبلة طويلة.. لم تدري ماذا تفعل و أنفاسه الحارقة تلفح بشرتها...
ابعدت رأسها إلى الوراء بحركة لا إرادية لتسمع زمجرة غاضبة صدرت منه و هو يعيد تثبيتها قبل أن يقول بصوت أجش:"متتحركيش.....
كلماته القليلة التي ينطق بها كفيلة بأن تبث الرعب بداخلها لتتجمد مكانها دون حراك...
عم الصمت أرجاء الغرفة لايسمع سوى صوت أنفاسها اللاهثة
التي تعبر عن ماتشعر به من خوف و ضياع... لاتدري كيف ستمر هذه الليلة الطويلة عليها...خاصة و ان تصرفات زوجها المجنون لايمكن التنبأ بها..
إبتلعت ريقها بصعوبة رغم جفافه عندما إمتدت يده لتحرر أزرار منامتها و شفتيه تقبلان كل جزء من عنقها و كتفها و أسفل فكيها بقبلات خفيفة.....
تحدث بصوت لاهث دون أن يرفع رأسه عنها :"حاسة بإيه....
قبضت كاميليا يديها بقوة لتمنع نفسها من إبعاده عنها مخافة غضبه قبل أن تجيبه بصوت ضعيف يكاد لايسمع :" خايفة اوي....
رمش عدة مرات قبل أن يعود بجسده إلى الوراء و هو يتفرس بتلذذ علاماته التي خلفها علي بشرتها التي إستحالت إلى اللون الأحمر...
أدار وجهها إليه لتفتح عينيها الزرقاء الدمعة بذعر و هي تتحاشى النظر إليه ليهتف بصوت أجش بفعل رغبته التي غزت أنحاء جسده :" حقك تخافي مني... في حالة واحدة بس...لما تخالفي أوامري....
تثاقلت أنفاسه ببطئ و اغمقت عيناه بمزيج من الرغبة و الشهوة التي إعترته عندما قضمت كاميليا شفتيها بحركة عفوية تدل على ارتباكها...
لم يستطع تمالك نفسه و هو يطبق على شفتيها في قبلة عنيفة شرسة تعبر عن مايجول داخله من صراعات....لم يعد يستطيع أن يكتم رغبته التي جاهد طويلا لإخفائها عن الجميع من خلال قناع الجمود و القسوة الذي يرتديه...
لم يخبر أحدا عما يشعر به تجاهها...والدته، أصدقائه... حتى نفسه... تجنب النظر إليها طوال الحفلة حتى لا يتهور و يفتعل فضيحة أمام الجميع
يريدها بكل قوة...
هذه الطفلة الفاتنة التي ظل لليال طويلة يحلم بها منذ أن رآها لأول مرة..كانت أجمل بكثير من تلك الصور....
جسدها الناعم الصغير الذي يرتعش بين يديه يجعله يفقد السيطرة على نفسه...شفتيها الطريتين اللتان تئنان تحت وطأة ضغط شفتيه القاسيتين الخبيرتين...لا يستطيع الإبتعاد عنهما طعمهما كحلوى لذيذة كلما تذوق منها أراد المزيد...
عيناها الفاتنتين اللتين تحدقان به بخوف كقطة صغيرة ضائعة...
صورتها و هي بالفستان الأبيض الذي إختاره لها خصيصا لا تغادر خياله...بدت كأميرة هاربة من إحدى القصص الخيالية....لوهلة لم يصدق انها حقيقية...و ان هذا الجمال كله سيصبح ملك بعد ساعات قليلة...
طالت القبلة و تاه شاهين في عالم آخر...و هو ينهل من نعيم شفتيها اللتين يقسم انه لم يتذوق أشهى منهما...
شعر بضربات خفيفة تضرب صدره و طعم الدماء في فمه ليشتم تحت أنفاسه و هو يسحب نفسه بصعوبه عنها.... لتشهق كاميليا بقوة و تسارع أنفاسها بصوت مسموع بعد أن كانت على وشك الاختناق...قبل أن تبدأ بالبكاء بصمت ....
ركز شاهين بصره على شفتيها النازفتين قائلا بلهاث :"ششش متبكيش... لسه الليلة في أولها....و انا لسه معملتش حاجة".
جاهدت كاميليا لتخرج صوتها لتترجاه عله يرحمها بعد أن إستشعرت الخطر في كلماته ليخرج صوتها على شكل همسات متقطعة:"أرجوك إرحمني... إن... إنت.... قلتل.... لي إن جواز... نا عشان... فادي.. و بس".
إنفجر شاهين في نوبة ضحك هستيرية إهتز لها جسده قبل أن يجيبها بنبرة خبيثة:"طب ينفع أسيب الجمال داه كله من... غير ما أذوقه انت مش متخيلة انا بقالي قد إيه مستني الليلة دي ".
انهى كلماته الأخيرة و هو يقرب شفتيه من أذنها ليطبع عليها قبلة زادت من إنقباض قلبها...
ليواصل هو حديثه الذي لك يخلو من إيحاءات وقحة:" بس متخافيش...ححاول اتحكم في نفسي عشان عروسة و اول مرة ليكي...
اكمل فتح الزرين الأخيرين ثم ازاح قميصها بصعوبة بسبب تشبثها به.... ليكشف جسدها العلوي الذي لا يستره سوى ملابسها الداخلية بلونها الأسود التي تناقض مع لونها بشرتها الثلجية مما زاد في إشتعال جسده و غليان دمائه ليهدر تحت أنفاسه بغضب و هو يبعد ذراعيها الذين أحاطت بهما جسدها لإخفائه من نظراته الجائعة :"الظاهر انك مش بتفهمي بالذوق...و عاوزة الطريقة الصعبة و انا معنديش مانع...
كتف يدها وراء ظهرها بقبضته لتتلوي كاميليا بعنف و هي تفقد آخر ذرة هدوء على أعصابها التي إنهارت فجأة لم تعد تستطيع السيطرة على خوفها منه... لم تعد تطيق البقاء معه لحظة أخرى... تشعر بأن هذه الغرفة رغم كبرها إلا انها تطبق على أنفاسها تدريجيا حتى تزهق روحها تحت وطأة ضغطه عليها...
لتصرخ فجأة بكل قوتها :"إبعد عني مش عايزاك.. إنت بتعمل فيا كدة ليه...بتنتقم مني ليه؟؟ حرام عليك انا مش كده...انا عاوزة ماما رجعني بيتنا...
تلوت كاميليا بهستيرية تريد الفكاك منه بأي طريقة
تشعر بأن لمساته تحرقها و أنفاسه تسلب روحها منها حتى عطره الذي تغلغل إلى حواسها يخنقها بشدة ...ليس هذا ما أرادته ليلة زفافها التي لطالما حلمت بها..اللمسات الحنونة و الكلمات المطمئنة التي يبثها كل رجل لحبيبته ليلة زفافهما...ليهدئ من روعها في تلك الليلة المميزة لكل فتاة....لم تسمع منها سوى التهديد و الأوامر و الإهانة منذ وطئت قدماها هذا المكان الذي كرهته اكثر من أي شيئ في الحياة حتى انها أصبحت تتمنى إحراقه....
ظلت تصرخ و تبعده عنه دون جدوى ليحذبها هو بنفاذ صبر ليدفن وجهها و جسدها داخل صدره و هو يضغط عليها غير آبه بوجع ذراعيها حتى خبت مقاومتها شيئا فشيئا و سكنت حركاتها و لم يعد يسمع سوى صوت شهقاتها الخافتة....
ظل يمسح على ظهرها العاري بيديه صعودا و نزولا قبل أن يهدر بثبات :"اللي عملتيه داه مايتكررش ثاني عشان متتعرضيش للعقاب... انا إديتك عشرة مليون جنيه مقابل إتفاقنا، يعني انت بقيتي ملكي...انا أقدر أعمل فيكي اللي أنا عاوزه فمتخلينيش أفقد أعصابي من اول يوم....تسمعي كل اللي بقلك عليه بالحرف الواحد و مين غير دلع انا لسه بعاملك على إنك مراتي علشان لو عاملتك غير كده مش حتستحملي دقيقة...داه آخر تحذير ليكي ومتنسيش إن حياتك و حياة عيلتك كلها في إيدي.....
انا حدخل آخد شاور و اطلع الاقيكي على السرير... و بالملاية بس.... ..مفهوم.....
__________________________
بدلت هبة فستانها و ارتدت ملابس أخرى بيتية مريحة ثم طوت الفستان بعناية و وضعته بحرص في الكيس و معه الحذاء...إبتسمت بسعادة و هي تضم الكيس إلى صدرها متشبثة به بكلتا يديها.... أول هدية من حبيبها عمر، تذكرت ملامحه الحانقة في آخر الحفل عندما كانت على وشك المغادرة صحبة أخيها الذي أصر والدها على موافقته لها و لم يدعها تغيب عن ناظريه مما أثار غضب عمر الذي لم يستطع الاقتراب منها....
أمسكت بهاتفها الذي أضاء فجأة دون صوت بسبب مكالمة ما...و من غيره سيهاتفها في هذا الوقت المتأخر.
فتحت السماعة ليأتيها صوته المعاتب و هو يقول باندفاع :"
ملحقتش اشبع منك كنت عاوز أرقص معاكي و أعرفك على أصحابي و عيلتي....
تجهم وجه هبة عندما ذكر عائلته لتهتف متسائلة:" عيلتك...
عمر بتأكيد:"أيوا يا بيبة انا حكيتلهم على كل حاجة و هما عارفين...
هبة بترقب:" طيب َ مامتك قالت إيه...
عمر بعدم إهتمام:"إحنا تكلمنا قبل كده في موضوع عيلتي و انت عارفة رأيهم.... هبة انا زهقت من الوضع داه و انت مش بتساعديني بالعكس كل يوم بترجعينا خطوات لوراء بخوفك داه...ميهمناش حد لا عيلتي و او عيلتك يهمنا إحنا و بس...هبة انا بحبك أوي من زمان و انت عارفة كده كويس... انا معدتش مستحمل بعدك عني....أرجوكي حسي بيا بقى ".
أنصت له هبة بإهتمام و قد شعرت بالذنب تجاهه فبسبب ترددها و خوفها من مواجهة عائلتها جعلته يتألم كل يوم...و هو لايستحق ذلك فمنذ ذلك اليوم الذي وجدها فيه و هو يعاملها كأميرة، لم يدخر جهدا في إسعادها كل دقيقة و كأن حياته تعمتد عليها...
تنهدت بصوت مسموع قبل أن تقول بتصميم :"خلاص يا عمر انا بكرة حتكلم مع بابا و حبقى أقلك إيه اللي حيحصل....
تهللت أساريره بعد أن كاد ييأس ليهتف بلهفة حقيقية :" بجد يا بيبة حتتكلمي معاه...يعني أخيرا حنبقى مع بعض...بس يا حبيبتي لازم تحطي كل الاحتمالات يعني يمكن ابوكي يزعل منك أو يحبسك في البيت... او يمكن يمد إيده عليكي و انا بصراحة مش حقبل بداه".
أغمضت عيناها بخوف و هي تتخيل ماقد يحدث غدا مع والدها لكنها استطاعت السيطرة على نفسها و إخفاء قلقها ببراعة و هي تجيبه قائلة :" مش للدرجة دي... انا بقيت كبيرة دلوقتي و أكيد بابا..
قاطعها عمر و قد تفطن لمحاولتها إخفاء الحقيقة ليهدر بحزم:"هبة انا عارف كل حاجة فمفيش داعي تخبي عني.... أبوكي لسه زي ماهو...بيتعامل بإيده قبل لسانه مع أولاده و انا متخيل كويس حيحصل إيه... انت قبل ماتتكلمي معاه إبعثيلي رساله اوعي تنسي عشان لو حصلك حاجة حتصرف".
هبة باقتناع:"حاضر....حقلك قبل ما اتكلم معاه".
إبتسم عمر قائلا ليخفف قلقها الذي إستشعره من نبرة صوتها:" متقلقيش ياقلبي.... انا معاكي لأخر نفس ليا و مش حخلي حد يأذيكي او يلمس شعرة منك حتى لو كان أبوكي...دلوقتي يلا على النوم علشان عارف انك تعبتي اوي النهاردة...متنسيش تحلمي بيا زي ما انا بحلم بيكي كل ليلة...
ضحكت هبة على تصرفاته الطفولية التي تجعله قادرا على تغيير مزاجها ببراعة لتجيبه بخجل :"طيب تصبح على خير".
قاطعها عمر قائلا باندفاع:"لالا إستني رايحة فين؟ هو مفيش حاجة فوق تصبح على خير دي... دايما لوحدها كده".
تصنعت هبة الغباء رغم أنها قد فهمت مايرمي إليه:"تقصد إيه مش فاهمة".
عمر بخبث:"يعني مافيش بوسة بريئة من الخد كده تحت الحساب لغاية ما ربنا يسهل و نتجوز".
شهقت هبة من وقاحته التي فاجأتها لتصرخ به معاتبة:" عمر إحترم نفسك مش كفاية إني بكلمك من ورا أهلي و داه في حد ذاته غلط....
عمر بإعتذار و قد أيقن خطأه:" لالا خلاص يا حبيبتي خلاص أنا آسف و الله كنت بهزر معاكي متزعليش.... يلا تصبحي على خير و حكلمك بكرة الصبح ماشي ".
هبة بضيق :" ماشي سلام....
رمى عمر الهاتف من يده و هو يشد على خصلات شعره بضيق متمتما بحنق من نفسه:" غبي.. غبي.. إرتحت أهي زعلت... اوف لازم الاقي طريقة عشان أصالحها بيها.... تنهد طويلا قبل أن يكمل برجاء... إمتى حييجي اليوم اللي تبقى فيه مراتي و على إسمي ".
إبتسم بإتساع و هو يتخيل ذلك اليوم الذي أصبح يحلم به ليلا نهارا......
________________________
إستلقى أيهم على فراشه بعد أن أخذ حماما منعشا... إلتفت إلى ليليان التي كانت تنام بجانبه بعمق ليزفر بحنق من تصرفاتها الباردة معه....
تتعمد الإبتعاد عنه و تجاهله كلما سنحت لها الفرصة
تذكر فرحتها التي لم تستطع إخفائها عندما أخبرها بضرورة قطع شهر العسل و عودتهما إلى مصر بسبب زفاف صديقه....
نفورها منه و تصلب جسدها في كل مرة يقترب فيها منها...شعور التقزز و الرفض الذي يراه في عيناها كلما لمسها او قبلها...
استقام من مكانه متجها إلى الشرفة ليستنشق أنفاسها طويلة من الهواء النقي محاولا تمالك نفسه و المحافظة على رباطة جأشه فهو في الاخير أيهم البحيري.. القوي الصامد الذي لا يهمه سوى نفسه و من يفكر بها أصبحت زوجته... ملكه و تحت يديه و لايهمه ما تشعر به تجاهه....
_____________________
بعد دقائق خرج شاهين من الحمام يلف على جسده السفلي منشفة بيضاء اللون تاركا جزئه العلوي عاريا... كم بدا ضخما بكتفيه العريضين كالمصارعين... و طوله الفارع و عضلات صدره المنحوتة بدقة...
جال بعينيه أنحاء السرير ليجده فارغا ليقطب جبينه بحيرة كاتما غضبه الذي بدأ يتصاعد رويدا رويدا....
بسبب تلك الصغيرة التي رفضت الانصياع لأوامره، لم يكن يريد أن يؤذيها منذ الليلة الأولى، و ان ترى وجهه الاخر السادي الذي لايرحم كل من يتجرأ على عصيان أمره...و خاصة النساء.
افاق من تخيلاته على صوت خطواتها التي كانت تقترب ليلتفت وراءه ليجدها تخرج من غرفة الملابس و قد إرتدت روب حريري أبيض اللون
تقبض على جوانبه بكلتا يديها....
نمت على وجهه إبتسامة خبيثة و هو يتقدم نحوها ببطئ مستمتعا بملامحها الخائفة و جسدها الذي كان ينكمش كلما إقترب هو منها.... يقسم انها ستقع أرضا في أي تتتتفراشه الوثير و هو يهمس في أذنها بغموض:"عاوزك دايما كده...خايفة مني عشان متبقيش زيها و تفكري تخونيني....
لقراءة جميع فصول الرواية من هنا