رواية الشيطان شاهين الفصل الخامس والعشرون 25 والسادس والعشرون 26 بقلم ياسمين عزيز

رواية الشيطان شاهين

الفصل الخامس والعشرون 25 والسادس والعشرون 26

بقلم ياسمين عزيز


الساعة العاشرة ليلا.....

إستيقظت كاميليا على ملمس يدين ناعمتين تداعبان شعرها بحنان إبتسمت قبل أن تفتح عينيها و هي تتخيل والدتها و هي تلاعب شعرها عندما كانت صغيرة لكنها سرعان ما نشلها من حلمها الجميل صوت أكثر شخص تمقته في حياتها...

:"إنت كويسة يا حبيبتي...".

سألها شاهين بنبرة حنونة لأول مرة تظهر في صوته...

إتسعت عيناها برعب و هي تتململ في الفراش محاولة الإبتعاد عنه رغم ثقل جسدها و الصداع الرهيب الذي ألم برأسها بسبب حركتها المفاجئة...

إبتسم لها شاهين عندما لاحظ ذعرها ليبتعد عن الفراش و هو يقول بصوت هادئ متحنبا إخافتها :

"حاولي متتحركيش كثير عشان إنت لسه تعبانة".

إبتلعت ريقها و هي تنظر إليه بحيرة.. عقلها مازال مصدوما لا يستوعب ما يحصل أمامها... هل هو نفسه شاهين زوجها؟ مالذي حصل معه حتى يبتسم لها كم بدا مختلفا و.... وسيما لو لم يكن هو نفسه شاهين الألفي لقالت انه أوسم رجل رأته في حياتها..

لكن لماذا يتحدث معها بلطف و هدوء...يبدو أنها المرحلة الثانية من خطته لإصابتها بالجنون..

عقدت حاجبيها بذعر و هي تتخيل حدوث هذه الفكرة لتتمسك بحافة الغطاء و كأنه سيحميها

من هذا الوحش الذي يجلس بجانبها متربصا بها.

إنتقلت ببصرها إلى الباب الذي كان يطرق بخفوت

دقات متتالية قبل أن يفتح و تطل من ورائه زينب حاملة صينية طعام....

إتجه نحوها شاهين ليأَخذها منها ثم يشير لها بالانصراف.. جلس بجانبها على الجهة الأخرى

واضعا الصينية فوق ساقيه...

نظر إلى الأطباق برهة قبل أن يغمس الملعقة

في صحن الشوربة و يرفعها إلى فمها....

حدقت به ببلاهة و هي تبعد رأسها في آن واحد

غير مستوعبة بما يحصل لتسمعه يخبرها

:"لازم تاكلي عشان تاخذي الدواء... الدكتورة قالت إن جسمك ضعيف و عندك بداية أنيميا فلازم تتغذي

كويس عشان تتحسني....يلا إفتحي بقك..".

قالها و هو يقرب منها المعلقة لتتناولها كاميليا بصمت

أنهت طعامها بصعوبة مع محايلات شاهين المستمرة ليجعلها تاكل اكبر كمية ممكنة من الاكل ثم ناولها بعضا من أقراص الدواء و كوبا من العصير الطازج لتناولهم أيضا بدون مناقشة او كلام...

خرج شاهين من الحمام بعد أن غسل يديه جيدا ثم تمدد إلى جانبها من جديد و هو يتأمل وجهها الفاتن رغم ذبولها...

:"حاسة بإيه؟؟ في حاجة بتوجعك؟؟".

ردد شاهين سؤاله العجيب على مسامعها لتضحك كاميليا في داخلها باستهزاء على تمثيله الرائع حسب

ظنها، أخذت نفسا عميقا و هي تشجع نفسها على مسايرته حتى ينكشف قناعه و يعود من جديد إلى مظهره الحقيقي...

:"كويسة"..

أجابته بصوتها الناعم بنبرة خافتة لا تكاد

تسمع ليبتسم لها قبل أن يقول

:"فادي طول النهار مبطلش سؤال عليكي و منامش غير لما شافك...النهاردة نام بدري عشان لعب كثير مع عمر و مراته....".

أومأت له برأسها بتردد و هي لا تدري ما ينبغي عليها فعله...دقات قلبها تتسارع بشكل مخيف و هي تتخيل يده التي كان يحركها بشكل عفوي أثناء كلامه تصفعها في أي لحظة....

تأوهت بخفوت عندما حاولت الاعتدال في مكانها

لتتفاجئ بيديه التي تسللت وراء ظهرها ليساعدها على الجلوس و يضع ورائها وسادة أخرى قائلا

:"لو عاوزة حاجة ثانية قوليلي بس متتحركيش

لوحدك إنت لسه تعبانة.."

فركت يديها بتوتر قبل أن تتحدث بصوت متقطع :"

ممكن تنادي زينب عشان... تساعدني....آخذ شاور".

ربت شاهين على يديها بحنان ممررا أصابعه على

على بشرتها الناعمة ليشعر بتذبذبها و إرتعاشها

تحت لمساته قائلا :

" ثواني و الحمام يكون يكون جاهز... ".

اومأت كاميليا له بالايجاب و هي تضم كفيها

إلى بعضهما مطئطئة رأسها بصمت... لم تنظر إليه

حتى عندما وقف من أمامها لكنها إستشعرت

إبتسامته المرتسمة على شفتيه قبل أن يستدير

إلى الحمام وراءه...

عقدت حاحبيها عندما سمعت صوت المياه المصطدمة برخام البانيو لتتساءل كامليا في نفسها

بحيرة :"يا نهار إسود داه دخل عشان يحضر الحمام

بنفسه.... اكيد مخطط لحاجة جديدة الطاهر الزفتة

فتحية كان معاها حق عاوز يجنني بالبطيئ قبل

ما يرميني في مستشفى المجانين.... لالا انا لازم أتصرف...لازم ألاقي طريقة أهرب بيها و إلا حيكون

مصيري زي مها دي... ياترى هي فين و عاملة إيه؟؟

طردت أفكارها جانبا عندما لمحته يخرج من باب

الحمام متجها نحوها... رفعت عينيها نحوه ليتجده

ينحني نحوها و يحملها بخفة بين ذراعيه و كأنها

لاتزن شيئا

تعلقت بعنقه بخوف متسائلة :"إنت بتعمل إيه؟؟ نزلني...

ضحك بمرح و هو يدخل بها إلى الحمام من جديد و يضعها بلطف على حافة البانيو قائلا بمشاكسة

:" بساعد أميرتي الصغيرة عشان تاخذ شاور قبل النوم.. يلا حساعد عشان تقلعي هدومك.....

قاطعته بذعر قائلة :"لالا خلاص انا ممكن أكمل لوحدي..."

همهم شاهين بنفي :" تؤتؤ حساعدك... مفيش إعتراض يلا...

إنحنى ليفتح أزرار قميصها البيتي غير مبال باعتراضاتها....لتعض كاميليا شفتيها تمنع دموعها من النزول...

شعر بها شاهين ليضمها إليه يخفي جسدها عن عينيه

متمتما في أذنها بخبث:"مكسوفة ليه...انا شفت كل حاجة قبل كده على فكرة...".

أدمعت عينيها من الاحراج و هي تضم قميصها المفتوح تخفي به جسدها عنه، تجاوزها ليفتح الخزانة ليعبث بعلب الشامبو و سوائل الاستحمام

الكثيرة ليختار من بينها ما يروقه...

أمسك بثلاثة علب ليسكب إحداها في حوض الاستحمام و يفتح صنبور المياه من جديد

حتى تتشكل رغوة كثيفة على سطح المياه....

نظر شاهين قليلا نحوها قبل أن يغلق عينيه قليلا و هو يقول :"دلوقتي حغمض عينيا و لما أفتح ألاقيكي دخلتي جوا البانيو...حعد من واحد لخمسة يلا....

واحد.... إثنين......


أسرعت كاميليا لتخلع باقي ثيابها ثم تقفز داخل حوض الاستحمام تخبئ جسدها تحت الرغوة البيضاء... فتح شاهين عينيه ثم أمسك بعلبة شانبو

يقرأ تعليماتها بصوت عال :"لشعر حريري و إنسيابي....أكمل حديثه و كأنه يفكر بصوت عال متهيألي مش محتاجاها عشان إنت شعرك حلو لوحده بس ريحتها حلوة خلينا نجربها.....

سكب بعضا منها على شعرها ثم غرف بعض المياه النظيفة ليبلل بها شعرها و يدلكه بنعومة و حذر...

إستمر في مساعدتها دون كلل او ملل و كأنها طفلة صغيرة حتى إنتهت ليسارع في الاخير بلف جسدها بمنشفة كبيرة و يحملها نحو غرفة الملابس....لتجفف شعرها و ترتدي ملابسها..

بعد عدة دقائق طويلة كانت تتمدد بنعاس تحت الغطاء السميك تراقب شاهين و هو يمشط شعره

و يرش بعضا من عطره ذو الرائحة النفاذة قبل

إن يتوجه إلى السرير و يتمدد بجانبها...

لم تعترض حتى عندما جذبها إلى أحضانه الدافئة

لتتوسد صدره العريض..

إمتدت يديه نحو الغطاء ليجدبه بحرص و يغطيها

بعناية... قرب فمه من رأسها ليقبل جبينها عدة مرات

قبل طويلة قبل أن يهمس :"الحمد لله حرارتك

بقت عادية نامي دلوقتي عشان بكرة حنسافر

المزرعة...عمر مصمم نروح هناك عشان يغير جو

هو و مراته....

رجعت كاميليا بذاكرتها عدة أسابيع إلى الخلف و تحديدا تلك الأيام المريعة التي قضتها في ذلك

المكان الكريه....و تلك الحيوانات المخيفة تأففت في داخلها و هي تتخيل ما سيحدث لها من عذاب هذه المرة. لكن أمام صديقتها ... لم تشعر بأجفانها التي

إنغلقت تدريجيا لتنسحب رويدا رويدا و تغط في سبات عميق بسبب تأثير الدواء.

في غرفة عمر.....

رمت هبة هاتفها جانبا بعد أن شاهدت عمر و هو

يدلف الغرفة و على وجهه علامات التعب...

إبتسمت على مظهره المتذمر ليرتمي بجانبها قائلا

:"إضحكي.... إضحكي انا حيلي إتهد و انا بلاعب فادي بيه طول النهار عشان أنسيه صاحبتك... و هو

مش راضي...اموت و أعرف هي كانت بتتعامل معاه

إزاي".

هبة بضحك :"فعلا هو متعلق بيها جدا من أول يوم جات فيه الفيلا و تقريبا هو السبب ان صاحبك

إتجوزها...".

إلتفت عمر نحوها و هو يرفع حاجبيه بشقاوة قائلا

:" بكره حنسافر المزرعة و حوريكي سيزار و دايمون.

قطبت هبة جبينها باستغراب متسائلة:"مين سيزار و دايمون دول؟؟

عمر بضحك :" دول اللايجر يا حبيبتي...حلوين اوي

حتتعودي عليهم و حتحبيهم جدا....

هبة بسخرية :"نعم...هبلة انا عشان العب مع اسود... "

عمر بضحك :" أحلى هبلة في حياتي و الله...".

جذبها نحوه ليمددها على السرير و يضع رأسه في حضنها مغمغما بنعاس مصطنع :" نيميني في حضنك يا بيبة...

هبة وهي تفك ذراعه من حولها :" هو إنت طفل صغير عشان أنيمك في حضني... إوعي بلاش دلع ....

عمر بصوت طفولي :" لا هنا حلو...

إنفجرت هبة بالضحك و هي تتطلع بتعابير وجهه الطفوليه و عينيه التي كانتا ترمقانها باستعطاف

ليلين قلبها عليه و تقبل جبينه بحنان جعل عمر يبتسم بفرح و يمرغ وجهه داخل أحضانها مستنشقا

رائحتها بشغف..

______________________________________

صعدت ليليان الدرج المؤدي إلى غرفتها بخطوات بطيئة مترددة.... فتحت باب الغرفة لتجد أيهم ممددا

على السرير يتصفح هاتفه باهتمام...

قلبت عينيها بسخرية قبل أن تغلق باب الغرفة بهدوء

و تتجه نحو التسريحة لتنزع حجابها و ترتب شعرها

هز أيهم رأسه نحوها يتابع تحركاتها باهتمام...

إستنشق رائحة عطرها الهادئة التي وصلت إلى أنفه

بتلذذ قبل أن يقاطع تأمله صوت رسالة على هاتفه...

:"حبيت أطمن عليك عشان النهاردة لاحظت إن حضرتك تعبان شوية". هند

إبتسم بخبث و هو يرسم عدة مخططات في

رأسه متناسيا وجود زوجته بجانبه و التي كانت تراقب جيدا ما يفعله.

تمددت ليليان على السرير ثم جذبت الغطاء عليها

باحكام و تغمض عينيها محاولة النوم و تجنب التفكير في واقعها....

لكن هيهات فما تعانيه في حياتها اكبر من تنساه بسهولة نظرات زميلاتها الطبيبات و كذلك الممرضات اليوم اللواتي كن يرمقنها بشفقة لا تبارح خيالها و لو للحظة...و تلك المسماة هند التي كانت تبتسم لها بلؤم عندما مرت بجانبها في الرواق.. هناك شيئ يعلمه الجميع عداها....

ظلت أفكارها تجرفها يمينا و يسارا حتى غرقت في نوم عميق...

صباح اليوم الموالي....

إنطلقت سيارات الألفي خارج بوابة الفيلا متجهة نحو المزرعة... سيارة يقودها عمر و بجانبه هبة و سيارة يقودها السائق و في الخلف تجلس ثريا و فتحية و معهما فادي الذي كان يراقب بحماس الطريق من بلور السيارة اما السيارة الأخرى فيقودها سائق و في الخلف يجلس شاهين و بجانبه كاميليا و خلفهم سيارات الحراسة الخاصة.

رفع شاهين الوشاح الصوفي الذي كانت تلفه زوجته على كتفيها و ظهرها قائلا :"بردانة..."

نفت كاميليا برأسها و هي تجيبه :"لا...العربية دافية"

أومأ لها و هو يتحسس جبينها للمرة العاشرة هذا اليوم فهو منذ أن إستيقظت صباحا و هو يعاملها

كطفلة إختار لها ملابسها و ساعدها في نزول الدرج

و تناول فطورها متجاهلا إعتراضها و سخرية عمر منه و نظرات هبة ووالدته المتعجبة.....

جذبها نحوه لتتكئ برأسها على كتفه براحة و هو يمسد شعرها بأصابعه ليشعرها بالأمان و الانتماء له هو وحده.

في مستشفى البحيري.....

داخل غرفة أحد المرضى تقف ليليان بجانب السرير و هي تضع يديها في جيبي معطفها الطبي الأبيض

و تبتسم بسعادة لذلك الصغير الذي نجى من الموت بأعجوبة بعد تعرضه لحادث مروري رفقة والده و الذي لحسن حظه نجى هو الاخر و يقبع في غرفة أخرى غير بعيدة عن غرفة إبنه...


ليليان بمرح :"إيه أخبار البطل النهاردة.. ؟؟

الطفل ببراءة :" انا كويث بث عاوض اثوف بابا هو

كمان ضربه الراجل الثرير....

كتمت ليليان ضحكتها على ظرافة هذا الصغير

الذي كان يتكلم بلهجة جادة و كأنه رجل كبير

لتجيبه هي الأخرى بجدية مماثلة لكنها مصطنعة

:"متخافش بابا كويس بس هو نايم دلوقتي

نص ساعة كمان و حتيجي ماما عشان تشوفك".

أومأ الطفل بطاعة لتربت ليليان بحنان على رأسه قبل أن تلتفت إلى الخلف بسبب صوت الباب الذي

فتح لتدخل الممرضة و التي أعطيتها ليليان تعليماتها

بشأن الأدوية التي يجب أن تعطيها للصغير قبل أن تغادر.....

في مكان آخر كانت شيماء تراقب من بعيد تلك

الشمطاء هند كما أسمتها و التي إتجهت منذ قليل إلى الاسانسير و هي ترفع رأسها بتكبر....

لوت شيماء ثغرها بحنق و هي تتمتم داخلها بتصميم:" الحية دي اكيد رايحة فوق للدكتور أيهم....

حقول لمريم يمكن تنفعني بفكرة".

أخرجت هاتفها لترسل رسالة لمريم لتخبرها بما رأته

منتظرة ردها قبل أن تتحرك و تكمل عملها....

وصلت هند إلى مكتب أيهم الذي إستقبلها

بابتسامته الرائعة التي تزين وجهه الوسيم

هند بصوت ناعم :" صباح الخير يا دكتور أيهم إزاي

حضرتك؟.

أيهم بابتسامة :"تمام يا دكتورة هند إتفضلي ".

تصنعت عند العبوس قبل أن تجلس بأناقة على الكرسي المقابل و هي تقول بنبرة معاتبة أجادت تصنعها

:" انا بكره الرسميات جدا على فكرة و خاصة مع الناس القريبين مني...ممكن تناديني هند لما نكون لوحدنا طبعا".

ختمت كلامها بغمزة ليضحك أيهم بقوة قبل أن يجيبها :" تمام يا هند...اصلا ماعادش تنفع الرسميات

خاصة بعد اللي حصل ما بينا إمبارح....

طأطأت هند رأسها بخجل مصطنع و هي تتذكر قبلتهما يوم أمس في مكتبه... فركت يديها بتوتر قبل أن تتحدث بصوت خافت :"أنا آسفة بس....

قاطعها أيهم بصرامة :"و تتأسفي ليه؟ بالعكس إنت عبرتي على حاجة جواكي ".

هزت رأسها نحوه تتطالعه بنظرات خبيثة تخفيها تحت قناع البراءة :" يعني مش زعلان مني....

أيهم بنفي و هو يقدم لها أحد الملفات :"دي تفاصيل المؤتمر بتاع ألمانيا.. الاسبوع اللي جاي إيه رأيك تروحي معايا بدل الدكتور أنور....

أخذت هند من يده الملف لتتصفح الأوراق باهتمام واضح قبل أن تهتف :"بجد دا انا أكون محظوظة جدا عشان أحضر المؤتمر الطبي داه....

رفعت رأسها نحوه ترمقه بابتسامة قبل أن تسترسل

في كلامها :" بجد حتاخذني معاك يا دكتور أيهم ".

أيهم بإيجاب :" طبعا إنت دكتورة شاطرة جدا و تستاهلي فرصة زي دي.... ".

إرتسمت إبتسامة الانتصار على شفتي هند قبل أن تعود من جديد لتتصفح الأوراق باهتمام.

بعد نصف ساعة كانت هند تتجه نحو مكتبها أخرجت هاتفها من جيبها لتتصل بأيعد الذي أجاوبها فورا بصوت بدا عليه الضيق :

"أيوا يا دكتورة هند ".

هند:" متهيألي سمعت كل حاجة بنفسك يا دكتور".

أسعد بصوت متألم :"أيوا سمعت و تأكدت كمان قبل

ما أسمع حوارك معاك.... المستشفى كلها بتتكلم عليكم".

قهقهت هند بصخب قبل أن تجيبه بصوت واثق

:" الناس كلها سمعت إلا مراته الهبلة لسه نايمة هاي وذانها..

قاطعها أسعد بجدة و هو يلكم سطح مكتبه بقوة هاتفا بحنق :"إحترمي نفسك و إياكي تجيبي سيرتها على لسانك القذر داه... انا عارف كويس إنت غايتك إيه بس ميهمنيش.. انا كل اللي يهمني ليليان.... ليليان و بس ".

أغلق هاتفه في وجهها و هو يشتمها بغضب :" عمري ماشفت في حقارتهم هما الاثنين بس إيه لايقين على بعض جدا... انا لازم اتصرف مش حسيب ليليان تحت رحمة الواطي جوزها...

______________________________________

دخلت السيارات إلى بوابة المزرعة الكبيرة لتشهق هبة بإعجاب و هي تخرج رأسها من نافذة السيارة لتتأمل المساحات الخضراء الشاسعة التي كانت

تمتد لأميال بعيدة ليضحك عليها عمر و هو يجذبها

إلى الداخل قائلا :" بتعملي إيه يا مجنونة أقعدي مكانك.....

هبة بحماس :" المكان تحفة يا عمر مش قادرة أستنى

عشان اشوفه كله....

توقفت السيارات أمام الفيلا لتفتح هبة باب السيارة بسرعة و تسير باتجاه عمر الذي مازال يضحك على

جنونها أمسكت يده لتحثه على السير نحو الحدائق الخضراء التي سلبت أنفاسها بجمالها الطبيعي

الخلاب ليوقفها عمر هامسا في اذنها :"يا مجنونة مش دلوقتي إستني شوية ندخل جوا نرتاح شوية

و بعدين حنطلع كلنا مع بعض".

عبست بحنق و هي تلتفت لترى بقية العائلة يخرجون من السيارات إستعداد لدخول الفيلا.... أومأت له بموافقة ليحيط عمر كتفيها بذراعه و يتجها إلى الداخل....

نزل شاهين من السيارة ثم مد يده لمساعدة كاميليا على النزول... سارا إلى السيارة الأخرى ليفتح الباب و يحمل فادي و ينزله على الأرض ثم حمل والدته ووضعها على الكرسي المتحرك الذي أخرجته

فتحية من صندوق السيارة الخلفي....

دفع الكرسي ببطئ أمامه ثم إلتفت إلى فتحية قائلا

:"خذي فادي لأوضته عشان يغير هدومه...."

أومأت له بطاعة ثم أمسكت فادي من يده لتدخل به الفيلا....لحقتها كاميليا بسرعة إلى الداخل لتدفعها

بعيدا عن الصغير و هي تهمس لها بغضب :"مش

قلتلك قبل كده مش عاوزة أشوفك قدامي و لو صدفة... سيبي الولد و إياكي تقربي منه ثاني ".

فتحية بصوت منخفض :" بس البيه هو اللي أمرني و انا مقدرش أقله لا...".

إستدارت كاميليا لتجد البقية يدخلون الفيلا... شاهين

يدفع كرسي والدته بحذر أمامه و ورائهما عمر و هبة يتحدثان بهمس و يضحكان....

شاهين بتساؤل :" في إيه؟؟


كاميليا بتلعثم :"و لا حاجة.... انا كنت بقول لفتحية

إن أنا حهتم بفادي...".

شاهين بهدوء:"بس إنت تعبانة... سيبيها حتاخذه فوق تغيرله هدومه و حتنزله... ".

حدقت كاميليا بفتحية عدة ثوان قبل أن تختطف يد

فادي منها بحركة سريعة قائلة بنفي :" لا مفيش داعي... انا حبقى أعمله كل حاجة ".

لم تنتظر حتى تسمع جوابه لتجر الصغير ورائها

تاركة شاهين يبتسم بخبث قبل أن يشير للاخرى

بالانصراف.

أمضت هبة كامل اليوم و هي تتجول في المزرعة

فاستمتعت بمشاهدة الحيوانات و ركبت بلاك، حصان عمر و لعبت مع اللايجرز هي و فادي عكس كاميليا التي رفضت الاقتراب منهم و إكتفت بالجلوس مع ثريا لمشاهدتهم من بعيد...

و في المساء حضر لهم الخدم وليمة كبيرة في الحديقة.

بعد بعض الوقت إستأذنتهم ثريا للذهاب إلى النوم

فهي متعودة دائما على الخلود إلى النوم في وقت مبكر كذلك فادي الذي داهمه النعاس بين أحضان

كاميليا و التي أصرت على أخذه بنفسها إلى غرفته

و الاهتمام به و قد لاحظ الجميع ذلك فهي طوال اليوم كانت تعامل فتحية معاملة غريبة و لاتسمح

لها بالاقتراب منها او من الصغير..

دلفت هبة غرفة نوم فادي لتجد كاميليا تدثره بالغذاء، جلست على حافة الفراش تنتظرها حتى تنهي ما تفعله.

نظرت لها كاميليا بتعجب متسائلة:"مالك يا هبة

عاوزة حاجة؟؟

هبة بإيجاب:" أيوا عاوزة أتكلم معاكي شوية

في كلام كثير اوي لازم نحكيه لبعض إنت إحكيلي

على حياتك الجديدة بعد الجواز و انا ححكيلك

عني انا و عمر..... "

قاطعتها كاميليا فجأة بصوت خافت :" هبة إنت معاكي موبايل صح "

قلبت هبة عينيها بعدم إعجاب لأسلوب صديقتها

ظنا منها ان تحاول مماطلتها لتجيبها بملل :" أيوا "

أخرجت الهاتف من جيبها لتختطفه كاميليا من يدها ثم تتجة بسرعة إلى الباب تغلقه باحكام و تضغط أزرار الهاتف بارتعاش..... بعد ثواني سمعت صوت

نور و هي تقول :" أهلا ياهبة إزيك...

قبضت كاميليا على الهاتف بيديها الاثنتين و هي تضغط بعنف على شفتها السفلى محاولة عدم البكاء عند سماع صوت أختها بعد ثلاثة أسابيع طويلة

كاميليا بصوت متحشرج:" انا كاميليا يا نور..... إزيكيا حبيبتي واحشاني....

قفزت نور من مكانها لتصرخ بصوت متحمس :" كامي

إزيك إنت يا قلبي واحشاني عاملة إيه و ليه تلفونك مقفول طول الوقت.....

مسحت كاميليا دموعها التي إنهمرت بصمت ثم تحدثت بصعوبة :"انا كويسة يا نور متقلقيش.... انا كنت برا مصر ووصلنا النهاردة....و خذت تلفون هبة عشان أكلمكم.... ماما فين عاوزة اكلمها ".

نور بفرحة:"ماما في المطبخ إستني شوية حخليها تكلمك....

كاميليا باندفاع :" لا يانور خلاص يا حبيبتي انا حبقى أكلمكم وقت ثاني....سلميلي عليها و قوليلها

إن انا كويسة و بابا و كريم كمان ".

نور :"حاضر حقلها بس إنت حتيجي إمتى عندنا؟؟

كاميليا بحزن حاولت أن تخفيه:" مش عارفة بس قريب إن شاء الله يلا مع السلامة يا نور حكلمك بكرة... ".

أنهت المكالمة بسرعة دون أن تسمع جواب نور

مخافة ان يسمعها أحد الخدم و ينقل الاخبار لزوجها.

تنفست الصعداء و هي تبتسم لهبة رغم الدموع التي

كانت تلمع في مقلتيها...لتسارع الأخرى باحتضانها

رغم عدم فهمها لما يحصل معها.

بعد أن هدأت كاميليا إبتعدت عنها لتجلس على حافة

الفراش بجانبها.

هبة بعدم فهم :"أنا مش فاهمة حاجة إنت ليه كدبتي

على نور و قلتيلها إنك كنتي برا مصر...

كاميليا بصدق :" عشان شاهين أخذ تلفوني مقدرتش

أكلمهم من يوم ما تجوزت...

شهقت هبة غير مصدقة لما اتفوه به صديقتها متسائلة :"بس ليه؟؟

كاميليا بنبرة مستسلمة:" منعني إني أكلم عيلتي او أي حد أعرفه...".

هبة باستدراك :"و انا إلى كنت فاكراكي بتقضي شهر العسل عشان كده قافلة موبايلك ".

تنهدت كاميليا بحزن قبل أن تردف بصوت مختنق :" انا مقدرش أحكيلك كل إلي حصل معايا بالتفصيل بس اللي أقدر أقولهولك إني شفت كل أنواع العذاب و الذل معاه...كل اللي حكيتلك عنه زمان ميجيش نقطة في بحر اللي عشته في الأيام اللي فاتت... حاسة إني كابوس فظيع و مش قادرة أصحى منه

بس إللي مهون عليا إني قدرت أنقذ عيلتي من الفقر

و أمنت مستقبل نور و كريم عشان ميتعذبوش زيي...

أجهشت كاميليا بالبكاء و هي تتذكر كل العذاب الذي تعرضت له لتضمها نور إلى صدرها محاولة تهدئتها...

.

:"مش عارفة أقلك إيه يا كامي أنا و الله مكنتش أعرف إن كل داه حصل معاكي.... بس... بس انا شايفاه بيتعامل معاكي كويس داه بيهتم بيكي أكثر من إبنه حتى...

إبتعدت عنها كاميليا و هي تمسح عينيها الباكيتين قائلة" متغركيش المظاهر اللي إنت شفتيه غير الحقيقة....إحنا تأخرنا و لازم ننزل بس أرجوكي

متحيبيش سيرة لماما او نور مش عاوزاهم يقلقوا

عليا...".

أومأت لها هبة بالموافقة رغم حزنها الشديد على

صديقتها الوحيدة التي كانت تعاني لوحدها طوال

المدة الماضية....

في الأسفل......

دخل شاهين و عمر إلى داخل الفيلا بسبب البرد الشديد في الخارج.... جلسا في الصالون يتحدثان

في أمور العمل و الشركات لحين مجيئ الفتيات....

نفخ شاهين بملل و هو ينظر إلى درج الفيلا كل دقيقة متجاهلا سخرية عمر منه :" الحب ولع في الذرة.... و الله عشت و شفت شاهين الألفي واقع....

فينك يا أيهم عشان تشوف اللي أنا شايفه".

رماه شاهين بالوسادة قبل أن يهتف بحنق :" لا خفة... بقلك إيه خليك ساكت أحسن انا اللي فيا مكفيني دلوقتي".

تفادي عمر الوسادة بحركة سريعة و هو يقهقه باستمتاع... لاحظ إبتسامة شاهين التي إرتسمت فجأة على شفتيه لينظر إلى حيث ينطر هو ليجد كاميليا و هبة تنزلان الدرج....

جلست هبة بجانب عمر و قد إرتسمت على وجهها

علامات الضيق ترمق شاهين بنظرات غاضبة و كأنها سهام نارية تمنع نفسها بصعوبة من الانقضاض عليه و إشباعه ضربا و لكما على إيذائه لصديقتها....

تنحنحت قليلا قبل أن تتحدث :"هو ممكن الليلة تبات

❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥

الشيطان شاهين › الفصل السادس و العشرونت


أشعل شاهين سيجاره لينفث دخانه بغضب و هو يجلس في شرفة جناحه.. منذ نصف ساعتين و هو يجلس وحيدا ينتظر صعود كاميليا التي تعمدت

البقاء و السهر قليلا مع هبة لتختار معها بعض الملابس و الأغراض الخاصة بالعروس من الانترنت ...

نظر لساعته ليجدها الحادية عشر ليلا.. زفر بحنق و هو يطفئ بقية السيجارة داخل المنفضة البلورية و يقف متجها إلى الخارج و في داخله عزم على أن يجرها من شعرها إلى هنا بعد أن يلقن صديقتها درسا لن تنساه حتى لا تتجرأ مرة أخرى و تأخذها منه....

ما إن إمتدت يداه إلى مقبض الباب ليفتحه حتى فتح فجأة و أطلت من ورائه كاميليا ليبتسم

شاهين بفرح كطفل صغير يرى امه....

أسرع ليحتضنها بقوة غير مبال بدهشتها التي ظهرت جليا على ملامح وجهها الفاتنة...

إبتعد عنها ليحاوط وجهها بين يديه يتأملها بعشق حقيقي و كأنه لأول مرة يراها لا يدري مالذي أصابه حتى أصبح لت يطيق فراقها و لو لدقيقة واحدة

هتف بعد صمت طويل قائلا بعتاب:"كل داه تأخير... قاعدة مع صحبتك و سيباني هنا لوحدي..".

إبتسمت كاميليا بسخرية و هي تجيبه بتحفظ :"كنت بطمن على فادي عشان كده تأخرت... انا آسفة".

قالتها بنبرة خافتة تدل على ضعفها أمامه ليسارع شاهين بتبديد ذلك الشعور بقوله :"لا متتأسفيش... خلاص محصلش حاجة بس.....إنت وحشتيني اوي في الساعتين اللي إنت قعدتيهم مع صاحبتك".

نظرت له بعدم تصديق لبرهة من الزمن قبل أن تزيح عيناها عنه و تبعد يداه برفق قائلة:"معلش انا تعبانة ممكن نتكلم بكرة...".

أكملت جملتها و هي تتثائب بتعب و تتجه نحو الحمام لتستحم و تغير ملابسها تاركة شاهين يتلظى

بنار الشوق و يمنع نفسه بصعوبة عنها...

كان يبذل مجهودا كبيرا حتى لا يتعامل معها كما في السابق فلو انها تصرفت معه كهذا منذ اسبوع لكانت أمضت بقية ليلتها في المستشفى...

تأفف للمرة الالف قيل ان يفتح باب الحمام و تخرج منه كاميليا ترتدي بيجامة قطنية طويلة باللون الأزرق السماوي كلون عيناها....

وضعت المنشفة على كرسي التسريحة ثم أخذت

مطاطة شعر لتلف شعرها على شكل كعكعة مهملة ثم تعود ادراجها إلى السرير متجاهلة زوجها الذي يقف مكانه يراقبها بصمت و غضب دفين...

:"تصبح على خير".

رددت بصوت هادئ مما جعله يتوتر اكثر.. هو الذي قرر ان يبدأ صفحة جديدة معها و أن يتقبلها كحبيبة

بعد أن تغلغل عشقها و ملكت قلبه و عقله و روحه لكن كعادته كعادة أي شخص اناني مثله لايفكر سوي بنفسه ولا يهتم سوى براحته... لا يهمه رأي تلك المسكينة هل ستوافق او سترفض فهو كما تعود يأمر و هي عليها فقط أن تنفذ....

تمدد بجانبها على السرير ثم نزع الغطاء عنها قليلا قائلا :"ساعتين مستنيكي عشان في الاخير تقوليلي تصبح على خير....".

وصل إلى مسامعه صوت تأففها قبل أن تستقيم في جلستها قائلة بطاعة :"حضرتك عاوز إيه؟؟".

هز حاجبيه و هو يرمقها بعدم رضا على اسلوبها

المستفز معه قبل أن يتشدق بوقاحة :"عاوزك...".

أغمضت عينيها بضيق واضح و هي تصر على أسنانها

بحنق قبل أن ترفع اصابعها تفتح ازرار قميصها

قائلة :"تحت امرك".

أمسك يدها بسرعة يمنعها عن إكمال ما تفعله قائلا بتبرير :"قصدي عاوز اتكلم معاكي....".

حدقت به ببلاهة غير مصدقة لما تسمعه منذ متى و هو يتحدث معها...كل ما كان بينهما هو الأمر و الطاعة....

أطول جملة سمعتها منه لا تتجاوز عشر كلمات إما يأمرها او يهينها فيها

فكيف يريد الان التحدث معها.... لاحظ شاهين إستغرابها ليهتف بهدوء و هو مازال يحتفظ بيدها داخل كفه

:" عاوز نبتدي صفحة جديدة انا و إنت... كأي زوجين طبيعين بيحبوا بعض".

شهقة قوية و عينان متسعتان بذهول هذا كل ما صدر عنها ردا على كلامه الغريب.... حب ماذا يقول هل ذكر كلمة حب و هل للشيطان قلب حتى يحب

و هو الذي عذبها و اهانها لأيام و و ليال طويلة يأتي الان و ببساطة و يريد البدأ من جديد....

:" مش فاهمة حضرتك تقصد إيه؟؟ "

تمالكت نفسها و هي تجيبه بنبرة متلعثمة دون أن تحيد عيناها عنه ليس شجاعة منها و لكنها في تلك اللحظة لم تكن تعي بما يدور حولها..

إبتسم شاهين و هو يتناول يدها الباردة بين يديه الدافئتين قائلا بصوت حنون :"مفيش واحدة تقول لجوزها حضرتك...تقوله يا حبيبي ياروحي... ياقلبي اي حاجة من الكلام الحلو داه...

كاميليا بتعجب:" و هو حضرتك معتبرني مراتك

يعني....انا هنا جارية مشتريها بفلوسك.... نسيت؟؟؟ ..


نفخ شاهين بضيق و قد فهم ما تقصده ليقاطعها بتفسير :"كاميليا....الكلام داه كان ماضي و عدا و انا قلتلك من شوية نفتح صفحة جديدة و ننسى اللي فات انا عارف إنه صعب عليكي إنك تتقبليني

بعد كل اللي شفتيه مني بس انا حخليكي تنسي

كل اللي فات....عوضك على كل الألم و العذاب اللي شفتيه في الأيام اللي فاتت إنت بس حاولي تنسي َو كل حاجة حتبقى تمام.....

حملقت فيه بصدمة ممزوجة بغضب شديد قبل أن تدفع يديه عنها و تقفز من السرير صارخة بعنف :"يا بجاحتك يا أخي إنت عاوز تجنني صح دي خطتك الجديدة عشان تتخلص مني بس ليه كل داه ليييييييه صرخت بجنون قبل أن تستأنف حديثها مرة أخرى..... انا عملتلك إيه عشان تعمل فيا كل داه طب.... طب عاوز تتخلص مني إقتلني و خلاص

و صدقني و الله.... مفيش حد حيدور عليا عيلتي و إنت عارفها ميقدروش يوقفوا قصادك و يحاسبوك.... إقتلني و ريحني ارجوك و الله معادش فيا حيل استحمل اكثر من كده.....

كانت تصرخ بانهيار و هي تجذب خصلات شعرها بعشوائية... وجهها أحمر بشدة و شفتاها ترتجفان

لا إراديا....أكملت كلامها و هي تحدق به بتركيز

منتظرة ردة فعله او بالأحرى عقابها....لكنها لم تعد

تبالي حتى لو قتلها هذه المرة....

لم يستغرب شاهين من ردة فعلها فقد كان يتوقع إنفجارها في اي لحظة ظل جالسا في مكانه يتطلع فيها ببرود مستفز قبل أن يتحدث بتأني:"كاميليا إهدي... مينفعش اللي إنت بتعملي داه إنت لسه تعبانة.....

كاميليا بجنون اكبر و هي ترميه بالوسادة :" ملكش دعوة بيا خالص و متعملش نفسك قلقان عليا...إنت اصلا اول مرة تنطق فيها إسمي.... فاكر كنت بتناديني إيه.... ها خدامة، جارية....

ضحك شاهين باستمتاع على جنونها رغما عنه... هي منهارة الان و تحتاج لأن تتكلم و تصرخ حتى تخرج كل ما يعتمر قلبها من حزن و ألم لا يريد منعها رغم انه يمنع نفسه بصعوبة كبيرة عن الوقوف و أخذها بين أحضانه في هذه اللحظة جتي ياخذ عنها بعضا من المها..

كاميليا بصدمة من برودة اعصابه :"بكرهك و حفضل اكرهك لآخر لحظة في عمري...

قاطعها بحدة و قد إكتسى الغضب ملامح وجهه الوسيمة:" كاميليا....إياكي تقولي الكلمة دي تاني إنت فاهمة ".

أخفت خوفها ببراعة و هي تجيبه:" أيوا.... طبعا إظهر على حقيقتك بقى مش بتعرف غير تدي الاوامر.... خلاص اوكي..... حاضر نبتدي صفحة جديدة و نحب بعض في أوامر ثانية يا شاهين بيه".

قالت كلمتها الأخيرة بصوت مختنق قبل أن تسير باتجاه باب الغرفة للخروج...

توقفت مكانها و هي تكفكف دموعها بيدها بعد أن إعترض طريقها واقفا أمامها بجسده الضخم...فتح ذراعيه ليطوق كتفيها بنعومة قبل أن يتكلم بصوت هادئ :" إديني فرصة أخيرة و انا حخليكي تنسي

اللي فات...أنا بس كنت محتاج وقت عشان

أكتشفك بس للاسف الثمن كان اذيتك.....ليكي حق

تقولي و تعملي  اللي إنت عاوزاه و لو عاوزة تنتقمي

مني انا جاهز لأي حاجة و راضي بأي حاجة تعمليها

فيا المهم إنك....تسامحيني"

قالها بصوت خافت و هو يغمض عينيه بقوة...لم يتعود على إظهار ضعفه أمام احد خاصة هي... لكنه

يريدها ان تسامحه و ان يبدأ معها من جديد و عليه أن يتنازل قليلا عن عرش الغرور و الكبرياء الذي يحيط به نفسه لاجلها.. 

هذه الصغيرة التي تقف  أمامه و التي تصل  بطولها  إلى كتفيه تستحق ان يضحي من أجلها لاينكر أنه تفاجئ

من ردة فعلها عندما أرسل لها فتحية للايقاع بها لم يكن يتوقع انها ستتجاوز أول إختباراته الصعبة ببرائتها و طيبة قلبها....

لو كانت أخرى مكانها لسارعت إلى الارتماء في أحضان من هو أقوى منه مقابل خروجها من جحيمه

ذلك المنافس القوي الذي أوهمها بوجوده و معرفته بها يعرض عليها بكل بساطة ان ينقذها و ان يوفر لها حياة أفضل مقابل خيانة زوجها... رغم انه يستحق لكنها رفضت و بقيت حتى تحمي إبنه.

سمح ضحكتها الساخرة ليفتح عيناه ليجدها تحدق

فيه بنظرات غامضة قبل أن تقول بجرأة :"للدرجة دي صعبة الكلمة.... مش قادر تعترف بغلطك على العموم انا حقلك إيه هي الحاجة الوحيدة اللي حتخليني اسامحك...

تراجعت قليلا إلى الخلف مبتعدة عنه و هي لا زالت تتفرسه بعيناها الدامعتين التي تخلل بياضهما إحمرار خفيف....

طلقني.... و رجعني بيت أهلي و انا حرجعلك كل فلوسك اللي... آه.. ".

صرخت بألم عندما شعرت بذراعيها تكادان تنكسران من شدة ضغطه عليهما رفعت عيناها نحوه لتجد

شيطانا يقف أمامها لا إنسانا....كان ينظر لها و كأنه

على وشك ان يقتلها في أي لحظة.

:" إخرسي... إياكي تجيبي سيرة الطلاق ثاني على لسانك.... إنت فاهمة ".

هزها بعنف و هو يصرخ بغضب أعمى مكملا:" إنت

مراتي و مش حسيبك لآخر يوم في عمري".

دفعها بعنف إلى  الوراء ليرتطم ظهرها و رأسها بالحائط لتنفرج شفتاها بآه متألمة أفاق على إثرها

شاهين من جنونه....

ليقترب منها مرة أخرى متفقدا إياها قائلا بلهفة :" إنت كويسة.... وجعتك صح انا آسف مكنتش في وعيي....تعالي ".


قادها بلطف نحوالسرير و يده تقبع وراء ظهرها دون أن يلمسها لتسير كاميليا إلى  جانبه بصمت بعد أن أدركت أنه لا جدوى من الحديث معه....

دثرها جيدا بالغطاء الصوفي ثم ذهب ليغلق باب الشرفة قبل أن يعود و يتمدد بجانبها في الجهة الأخرى من السرير تاركا مسافة بسيطة بينهما

حتى لا يضايقها أكثر.

_________________________________________

في فيلا البحيري.....

تناولت ليليان قرصا آخر من علبة المهدئ التي شارفت على الانتهاء ثم أمسكت كوب المياه تترشفه بتوتر بسبب إرتجاف يداها.

وضعت الكوب على المنضدة و هي تحاول تنظيم أنفاسها بهدوء منذ ساعتين و هي تحاول النوم بلا فائدة

فكلما أغمضت عينيها تتذكر ما حدث معها اليوم...

كانت جالسة كعادتها في مكتبها بعد ان أنهت جولتها التفقدية المعتادة لتفحص المرضى و الاطمئنان عليهم... لتسمع صوت الباب يطرق لتاذن لمن في الخارج بالدخول....لم تستغرب عندما وجدته الدكتور اسعد فهو منذ قليل أخبرها بأنه يود المجيئ و التحدث معها في أمر هام جدا ....

جلس على الكرسي المقابل للمكتب بعد أن القى عليها التحية.

ليليان بابتسامة صغيرة و هي ترفع سماعة الهاتف :"تحب تشرب إيه يا دكتور؟".

اسعد  :"لا مفيش داعي تتعبي نفسك".

ليليان :"تعب إيه بس.. انا حطلبلك قهوة مضبوط زيي".

أومأ لها بالايجاب و هو يتأمل ملامحها الفاتنة و خاصة غمازتيها اللتين تزينان وجنتيها كلما إبتسمت.

وضعت ليليان سماعة الهاتف ثم إلتفتت إلى أسعد الذي وجدته يتفرسها بنظرات غريبة....تنحنحت لجلب إنتباهه لينزل عينيه عنها فورا قائلا بحرج :" آنا آسف يا دكتورة..... الظاهر إني سرحت شوية..".

ليليان و هي تخفي ضيقها :"حصل خير...إيه هو بقى الموضوع المهم اللي حضرتك عاوز تكلمني فيه".

أسعد بجدية :"بصراحة الموضوع اللي انا كنت عاوز اكلمك فيه مينفعش يتقال هنا في الشغل بس كمان مقدرش اطلب منك إننا نتكلم في مكان ثاني غير هنا...الموضوع يخص الدكتور أيهم جوزك....".

ليليان بتعجب و قد بدأت دقات قلبها بالتسارع :" ماله أيهم...حصله إيه؟؟ ".

أسعد بغضب ممزوج بسخرية :" متقلقيش هو كويس و  محصلوش حاجة....انا بصراحة ترددت كثير قبل ما آجي أتكلم معاكي بس.... كمان مقدرتش اشوفك كده و معملش حاجة بالرغم من إن كل الناس اللي هنا عارفين لكن مفيش حد فيهم تجرأ و تكلم معاكي و نبهك عشان خايفين.... الدكتور أيهم جوزك بيخونك مع الدكتورة هند...".

شهقت ليليان و هي تضع كفها على ثغرها تمنع صوت صرختها المتألمة من التحرر....قبل أن تهتف بعنف :" إنت بتقول إيه؟ جبت التخاريف منين؟

وقف اسعد من مكانه لينحني إلى مستواها و هو

ينظر في عينيها قائلا بتحدي:"لا دي مش تخاريف و إنت عارفة داه كويس...معقولة حضرتك عامية للدرجة دي مشفتيش نظرات زمايلك ليكي او مسعتيش همساتهم و هما بيتكلموا عليهم... الكل عارف إلا إنت كل الدكاترة و الممرضات حتى العيانين...و بعدين الدكتور أيهم غني عن التعريف و متعود على كده بس اللي مش فاهمه إزاي يبقى متجوزك إنت و يخونك.... "

تجاوزت ليليان صدمتها ببراعة قائلة بغضب و هي تضرب سطح مكتبها بقبضتها :"انا  ميهمنيش كلام أي حد... و الدكتور أيهم.... "

إبتسم اسعد بسخرية و هي يكمل جملتها :" بيخونك مع ست ثانية و اللي هي الدكتورة هند طبعا  إنت  عارفاها و على فكرة دي مش اول مرة و انا قريب جدا حجيبلك الدليل خصوصا إنه إختارها هي بدال الدكتور أنور عشان تروح معاه مؤتمر برلين.. و لو مش مصدقاني تقدري تتأكدي بسهولة....متزعليش  يا ليليان أيهم داه حقير و زبالة و يستاهل واحدة وسخة زيه...عن إذنك ".

افاقت من ذكرياتها و هي تشعر بغصة كبيرة تكاد تخنقها لقد أكد لها اسعد ماكانت تشعر به...خيانة الزوج ما اصعبه من شعور خاصة لإمراة مثل ليليان جميلة مثقفة.. و الأدهى من ذلك انها إبنة عمه  يعرفها جيدا و يعرف أخلاقها....

لماذا أصر على الزواج منها إذا كانت نيته خيانتها.


فتحت شباك الشرفة ليتسلل هواء الشتاء البارد

عله يخفف بعضا من النار التي كانت تحرق جسدها

بلا رحمة.

مرت دقائق طويلة عليها و هي تقف مكانها حتى شعرت بالبرد الشديد ينخر عظامها.

مسحت دموعها بكفيها قبل أن تعود إلى داخل الغرفة

و هي تحاول التماسك و إخفاء ضعفها فليست ليليان البحيري من تبكي بسبب رجل باعها و خانها....

هي صامتة فقط لأنها تريد التأكد.... تريد دليلا ملموسا يؤكد خيانته لها بعدها تقسم أنها لن تتوانى ابدا عن الانفجار.

ستريه من هي ليليان البحيري فلينتطر قليلا فقط.

في نفس الوقت في شقة أيهم...

لفت هند غطاء المنشفة على جسدها العاري باحكام قبل أن تخرج من الحمام لتجد أيهم قد إرتدى ملابسه

و يقف أمام التسريحة يسرح شعره المبلل....

تقدمت نحوه بدلال مقبلة خده قائلة:"خلاص حتروح...؟؟

إحتضن أيهم خصرها ليق بها منه طابعا قبلة سريعة

على شفتيها قبل أن يجيبها :" لازم اروح البيت دلوقتي...".

هند بخبث :" بس الوقت متأخر.. حتقولهم إيه لما يسالوك... ؟؟

ايهم بغمزة:"أكيد نايمين و بعدين انا كنت فين اصلا

في المستشفى عندي عملية مستعجلة.... "

هند و هي تضحك بصخب :" مممم ذكي اوي يا بيبي

خمس دقايق ألبس هدومي و أنزل معاك عشان توصلني في طريقك"

أيهم بموافقة:" ماشي حستناكي في الصالون....

اومأت له بالموافقة ليغادر الغرفة...لتسرع هند إلى

حقيبة يدها التي كانت تضعها على الكومودينو بجانب السرير  بشكل يظهر انه عشوائي.... فتحتها لتخرج هاتفها و تلتقط عدة صور لها في كامل انحاء

الغرفة قبل أن تغلقة و تعيده إلى مكانه و تحضر ملابسها لترتديها على عجل....

بعد نصف ساعة توقفت سيارة أيهم أمام مبنى راق

لتترجل هند بعد أن ودعت أيهم لينطلق الاخير بسيارته متجها إلى الفيلا....

صعدت هند درجات السلم متجهة إلى شقتها و هي تدندن بسعادة فتحت الباب بمفتاحها الخاص ثم

توجهت مباشرة نحو غرفة نومها....

أخرجت هاتفها لتعيد التحقق من وجود تلك الصور التي قامت بتصويرها في شقة أيهم قبل أن تتصل بأسعد....

اسعد بصوت ناعس:"بتتصلي بيا في الوقت المتأخر داه عاوزة إيه؟؟؟

هند :" سوري فيقتك من النوم بس عشان اقلك إني

خلاص إبتديت في تنفيذ الخطة و قريب جدا العصفور حيوقع في القفص ".

أسعد بتهكم :" طبعا ماهو أعمى و اهبل  عشان يسيب القمر يبص على....

هند بمقاطعة'"بقلك إيه أنا مسمحلكش.... إنت مش احسن مني في حاجة انا و إنت مصلحتنا واحدة و هدفنا واحد فمفيش داعي كل شوية تسمعني الاسطوانة دي....تصبح على خير و متنساش اللي إتفقنا عليه....

أنهت المكالمة دون الاستماع إلى جوابه و هي تشتمه في داخلها بكل انواع الشتائم بسبب سخريته منها

و من حقارتها....

بالرغم من انه هو أيضا شريك معها في خطتها

القذرة في التفريق بين زوجين لكن أسبابه مختلفة

هو يحب ليليان حيا صادقا و إضطر إلى الدخول معها في لعبتها القذرة حتى يستطيع أن يخلص حبيبته من زوجها الخائن لما هند فهدفها هو ثروة أيهم البحيري و إسمه.... تريد الحصول عليه بأي

طريقة ممكنة...

مرت الايام على أبطالنا و لا جديد يذكر... ليليان لم تعد ترى أيهم إلا نادرا بسبب إنشغاله نهارا في العمل بالمستشفى و ليلا مع هند.... و أسعد ينتظر الفرصة

المناسبة حتى يقدم دليل خيانة أيهم ليليان حتى

تستطيع التخلص منه نهائيا.

اما عمر و هبة فقد عادا إلى الفيلا  لإكمال تحضيرات الزفاف بمساعدة كاميليا و شاهين الذي حرص

على تغيير معاملته معها ليثبت لها رغبته في

بدا حياة جديدة و مختلفة معها .

 ❤️‍🔥دمتم ساالمين ❤️‍🔥..


              الفصل السابع والعشرون من هنا 

            لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات