رواية الشيطان شاهين الفصل الخامس 5 والسادس 6 الجزء الثاني بقلم ياسمين عزيز

           

رواية الشيطان شاهين

الفصل الخامس 5 والسادس 6 الجزء الثاني 

بقلم ياسمين عزيز


صرخ عمر بنفاذ صبر في وجه الطبيب

الذي يتابع حالته منذ سنتين و هو يلقي

بحزمة الأوراق التي تتضمن تحاليله الطبية

قائلا بغضب:"بقالي سنتين.. سنتين و انا

بسمع منك نفس الكلام....أصبر و استنى،

خذ الدواء داه.. إعمل كده و متعملش كده

سنتين و مفيش حاجة تغيرت...صارحني

و قلي إذا حالتي ميؤوس منها انا حفهم

و حتصرف بس متودينيش و تجيبني زيت

العيل الصغير و في الاخر مفيش حاجة....

متدينيش أمل كذاب يخليني أحلم بحاجة

مستحيلة انا خلاص زهقت و مليت و صبري

نفذ و معادش ليا طاقة.... لا انا و لا مراتي....

إرتمى جالسا على الكرسي ليفرك وجهه بتعب

غير مهتم بنظرات الطبيب المتأسفة لحاله....

مد له الاخر كوب ماء و هو يحاول تهدئته قائلا

بعملية :"إهدى يا أستاذ عمر انا فاهم و مقدر

حالتك بس صدقني النرفزة و الزعل مش

كويسين علشانك...إنت بقالك سنتين بتتعالج

عندنا و الحمد لله حالتك بقت أحسن بكثير

و إن شاء الله حنسمع اخبار كويسة قريب

بس لازم تكون صبور و هادي أكثر من كده في ناس بتقعد تتعالج بين خمس و عشر سنين و أحيانا

أكثر....

رمقه عمر بحنق و هو يضع الكوب فوق

المكتب متمتما بغيض:"لسه بيقولي اصبر

طبعا ماهو مش اللي رجليه في المية...

يلا إكتبلي لو في دوا او تعليمات عشان

عاوز أمشي من هنا انا كرهت ام المكان

داه...

إبتسم الطبيب و هو يخفض رأسه

ليدون بعض الملاحظات بسرعة في ملفه قائلا :"

إنت حتستمر على الأدوية القديمة و إن

شاء الله المرة الجاية حنسمع اخبار كويسة

موعدنا كالعادة كمان أسبوعين ".

صافحه عمر على مضض قائلا:"إن شاء الله".

تنهد بعمق و هو يغلق باب المكتب وراءه

ليسير في البهو بخطوات متثاقلة و قد بدأ

يتملكه اليأس من حالته فكلام الطبيب

لاجديد فيه... في كل مرة يلقي على مسامعه

نفس التعليمات و النصائح...

توجه نحو إحدى الكراسي الموضوعة في

إحدى الزوايا ليجلس عليه بعد أن أحس

بثقل ساقيه و عدم إستطاعته إكمال السير

دفن رأسه بين كفيه و قد تهدلت أكتافه

بعجز...شعر بغصة في حلقه عندما تذكر

هبة التي تنتظره ليهاتفها و يطمئنها

ماذا سيقول لها الآن..

من أين سيأتي بالقوة و الصبر حتى يهدئها

و يقنعها بقرب الفرج إذا كان هو نفسه قد

تعب و بدأ الياس يتسلل بداخله رويدا رويدا

كيف سيواجه والدته و عائلته الذين لا يكفون

عن طرح موضوع الأطفال أمامه دون مراعاة

مشاعره او مشاعر زوجته التي تحاول دائما

إخفاء ألمها و تجاهل إيحاءاتهم حول فشلها

في أن تصبح أما و تحريضهم له أحيانا

بالبحث عن زوجة أخرى تهب له أطفالا...

نزلت دموعه دون وعي منه و هو يناجي

ربه في سره لييسر أمره و يفرج عنه... أدار

رأسه للجهة الأخرى ليمسح دموعه عندما

شعر بيد أحدهم تربت على كتفه ثم تنحنح

لينظف حلقه قليلا لا يريد لأحد أن يرى ضعفه و إنكساره الذي يخفيه عن الجميع

رفع رأسه ليجد هبة تحدق فيه بصمت و عيونها تتفرسانه بلهفة....

ما إن رآها حتى إنهارت جميع

حصونه الواهية ليجذبها نحوه معانقا إياها

بقوة متشبثا فيها كطفل صغير يبكي

في حضن أمه...كتم صوت شهقاته

بيده لكن هبة أحست باهتزاز جسده

في أحضانها لتربت على ظهره بحنان

محاولة مواساته بعد أن فهمت فحوى

الحوار بينه و بين الطبيب في الداخل....

نجحت أخيرا في تهدئته بعد دقائق طويلة

ليبتعد عن حضنها و هو يجفف عبراته

بيديه قبل أن يردف بصوت مختنق:"انا

آسف يا بيبة مش عارف إيه اللي حصلي

فجأة إنهارت و معتش قادر أكتم جوايا...

ناولته هبة منديلا ورقيا ليأخذه منها

و هو يحاول رسم إبتسامة خفيفة

على وجهه لتقول هبة بصوت هادئ

:" متحملش نفسك أكثر من طاقتها

و بعدين انا مليش دعوة بكلام الدكاترة

الفارغ داه... أنا أملي في ربنا كثير و انا

كل يوم بدعي عشان يحقق حلمنا و انا

متأكدة إنه مش حيخيب ظننا...دي

آخر مرة تيجي فيها المكان داه..من النهاردة

مفيش لا أدوية و لا تحاليل، حنسيب كل

حاجة لربنا لو قدر لينا إننا نخلف فالحمد

لله و لو مقدرش نقول بردو الحمد لله.....

ضمت يديه بين يديها و هي تضيف

بنبرة عاشقة حنونة:"مش قلتلي إنك

حتعتبرني بنوتك الكبيرة و مش عايز

من الدنيا حاجة غيري و إلا إنت غيرت رأيك

بقى....

رفعت يده ببطئ إلى شفتيها لتطبع على

باطنها قبلة و هي تنظر في عيني عمر الذي

إرتفعت زاوية شفتيه بابتسامة فخورة

رغم وجهه المتعب إلا أنه شعر براحة نفسية

كبيرة لسماعه كلماتها الحنونة التي تخرجه

في كل مرة من ضيق أحزانه و تعوضه

عن شعوره التقصير ناحيتها

طوال سنوات زواجها به لم تحسسه

و لو مرة واحدة بالنقص تواجه كل إهانات

عائلته بصبر و لاتشتكي له ابدا...

هذه هبة التي عشقها و إختارها من بين

آلاف الفتيات يوما بعد يوم تثبت له

أنه لم يخطئ ابدا عندما وهبها روحه و حياته

و توجها ملكة على عرش قلبه....

لم يشعر بنفسه إلا و هو يحاوط وجهها

بين يديه و يقبل جبينها قبلة خفيفة

قبل أن يجذبها إلى أحضانه ليعتصرها

بقوة و كأنه يخاف أن تختفي..

أخذ نفسا عميقا يستنشق رائحتها بادمان

و هو يتمتم بصوت مسموع :"بحبك يا أحلى

حاجة في حياتي.... بحبك و مش عايز غيرك

في الدنيا....

أجابته هبة:" و انا كمان يا قلب هبة".

_________________________________

بعد اسبوع......

مساء في مستشفى البحيري :

فركت ليليان عنقها بتعب و هي تنحني

برأسها قليلا لتستند بجبينها على سطح المكتب

تنهدت و هي تغمض عينيها بارهاق من احداث

الاسبوع الماضي....عملها الذي إستمر في المستشفى

بعد أن رفض أيهم إستلام الإدارة و إكتفائه بالعمل

بالشركة بعد إنسحاب سيف و عودته للعمل

مع والده لم تذق طعم النوم منذ يومين

لكثرة العمل و الذي إضطرها للمكوث

في المشفى أغلب وقتها و من جهة أخرى

أيهم الذي لا يكف عن ملاحقتها و محاصرتها

في كل مكان بهداياه و مفاجآته الغريبة

باقات ورود و مجوهرات ثمينة و فساتين

ووو...

فتحت أحد ادراج المكتب لتخرج منها

علبة مخملية زرقاء داكنة لتفتحها فيظهر

بداخلها خاتم ألماسي رقيق يخطف

الانظار وجدته صباحا فوق مكتبها و معه

وردة حمراء نسيت حتى اين وضعتها

بسبب إكتظاط مكتبها بباقات الورد

التي تصلها منه كل يوم...


تذكرت الرسالة المرافقة لها و التي كتب فيها

ايهم لها عن رغبته في رؤية الخاتم في يدها

و سيعتبر ذلك دليلا على موافقتها على

الرجوع له و البدء معه من جديد حياة جديدة

مختلفة كليا عن الماضي الأليم الذي لم تستطع

لحد الان نسيانه...

همست بداخلها و هي تعبث بالخاتم الذي

زين إصبعها و كأنه صنع خصيصا لها

:"يا ترى هو فعلا تغير و إلا لعبة من ألاعيبه

القديمة...إزاي حد زي أيهم مغرور و قاسي

و زير نساء حيتغير... بس هو بقى بيصلي

أنا شفته كذا مرة و بسمع صوته كل ليلة و هو

بيرتل القرآن... و بيحفظ ايسم السور القصيرة

بس رغم كل داه مش قادرة أصدق إنه....

يووووه انا تعبت من التفكير تعبت من كل

حاجة.... يا ريته مارجع كان زماني مرتاحة ".

إلتفتت بجسدها للوراء لتضع العلبة

في حقيبته و هي تحاول طرد تلك الأفكار من راسها ثم عادت لتتصفح أوراقها لتغرق

في عملها من جديد رغم إحساسها الشديد

بالتعب و الإرهاق...

هزت رأسها بترقب عندما سمعت صوت

مقبض الباب و هو يدار ليدلف أحدهم دون

طرق الباب و الذي لم يكن سوى طفلها الصغير أيسم

أسرعت نحوه لتلتقط بين ذراعيها قبل أن يسقط

على الأرض بسبب ركضه بخطوات غير

متوازنة و هو يحمل في يده وردة حمراء

في غاية الروعة...فكان مظهره لطيفا

قابلا للإلتهام.... قهقه الصغير بصوته

الطفولي ووالدته لا تكف عن تقبيله و

دغدغته جلست به على الاريكة و هي

تسأله بصوت لاهث :"مين اللي جابك هنا

طنط أميرة و إلا انكل محمد.....".

إستقام أيسم ليقف على الاريكة متعلقا

برقبتها و هو يقول مشيرا باصبعه نحو الباب

:"بابي هنا....

حولت ليليان نظرها نحو مكان إشارته

لتجد أيهم مستندا بجسده على الباب و يتابع

حركاتهما منذ دلوف الصغير و على وجهه

إبتسامة سعيدة...


رفع كفه ليحييها :"اهلا...

ثم خطى للداخل ليبحث عن حقيبة يدها

حتى وجدها معلقة وراء مكتبها ليأخذها

ثم يسير نحوها مكملا كلامه :"يلا خلينا

نروح الوقت تأخر.....

تابعته ليليان بعينيها حتى وصوله أمامها

لتجيبه :"لسه عندي شغل كثير مش حقد....

قاطعها و هو يجثو أمامها ليمسك يدها التي

كانت تضعها على

ركبتيها قائلا بنبرة حنونة مشفقة:"الشغل مش

حيطير و إنت بقالك يومين منمتيش حتى

وشك تعبان و عنيكي مرهقة...محتاجة ترتاحي

عشان تقدري تكملي و انا أوعدك بكرة حاجي

بدالك المكتب و أكمل كل الشغل المتعلق و إنت خذي اجازة...أيسم مشتقالك كثير مش كده يا بابي....

حول نظره نحو الصغير الذي أومأ له بالايجاب

ليقرص أيهم وجنته المكتنزة الحمراء بخفة

قبل أن ينحني نحوه ليحمله و يقف منتظرا

ليليان التي لم تستطع معارضته فهي فعلا

متعبة جدا تشعر بأنه سيغمى عليها في أي

لحظة...

خلعت معطفها الطبي ثم وضعته على الاريكة

قبل أن تسير باتجاه الباب و تخرج بعد أن أشار

لها أيهم بأن تسبقه.... أطفأ الانوار و أحكم إغلاق

الباب بالرقم السري ثم توجها معا نحو الخارج

وافقت ليليان على مرافقته في سيارته دون

جدال بسبب عدم قدرتها على القيادة...

راقبت أيهم من مرآة السيارة و هو يضع الصغير في كرسيه المخصص له في الخلف ثم دلوفه بجانبها

على مقعد السائق..

أشار لها لتضع حزام الأمان

الذي نسيته لتومئ له بالايجاب ثم تلتف إلى

جانبها لتخرجه من وراء المقعد و تضعه حولها....

راقب أيهم ملامحها المتعبة بقلق مؤنبا نفسه

للمرة الالف ففي كل مرة يكون هو السبب في

ألمها و تعبها....سألها بصوت خافت بعد أن

لاحظ أنها تغلق عينيها من حين إلى آخر

:"إنت كويسة؟

أجابته ليليان دون أن تلتفت إليه :" دماغي

مصدعة....

وزع نظراته الخاطفة بينها و بين الطريق

و هو يهتف مطمئنا:"داه من قلة النوم...اول مانوصل

تعشي و نامي على طول ...

أومأت له قبل أن تجيبه:" لا انا حنام على طول

مش عاوزة عشاء...ممكن تنيم أيسم معاك الليلة

دي لو وسمحت؟ .....

أخفي أيهم إبتسامته المستهزءة على آخر كلماتها

ليردف :"طبعا...متقلقيش عليه داه إبني بردو".

تابع قيادته بهدوء و من حين لآخر يلقي

نظرة على المرآة التي تعكس صورة الصغير

خلفه و الذي كان يلعب بأحد الألعاب التي أحضرها

لها أيهم أثناء جولتهم في النهار..

كانت الساعة تشير إلى السابعة و النصف

مساء عندما دلفت سيارة أيهم بوابة الفيلا

نظر نحو ليليان التي أغمضت عينيها باستسلام

لسلطان النوم الذي تمكن منها بشدة...

فتح باب السيارة الخلفي لينزل أيسم و يضعه على

الأرض قائلا له : "حبيبي إنت إسبقني على جوا

و قول للدادة رحمة تخلي باب الفيلا مفتوح عشان

أجيب مامي...أصلها نامت في العربية....

اجابه الصغير ببراءة قبل أن يركض للداخل

:" حاضر يا بابي...

سار أيهم ليفتح باب السيارة الأمامي بهدوء

حتى لا يصدر صوتا مزعجا و يجعل تلك النائمة

تستيقظ... ليحملها بخفة و يدلف بها إلى الداخل

حيث وجز الباب مفتوحا كما توقع...

صعد درجات السلم و هو يشير لكل شخص

من العائلة يراه في طريقه ليصمت تاركا أيسم

يخبرهم انها نامت في طريق العودة من شدة

تعبها في العمل...

أغلق أيهم باب غرفته بعد أن أوصى والدته

بالاعتناء بالصغير و إرسال طعام العشاء نحو

غرفته.... وضع ليليان على الفراش ثم نزع

عنها حذائها و حجابها ثم تجرأ بعد تردد

طويل في فتح اول أزرار قميصها حتى تشعر

بالراحة أثناء نومها..

غادر نحو غرفتها ليحضر لها بعضا من ثيابها

البيتية المريحة بيجاما قطنية باللون الوردي

الهادئ...ثم عاد ليجلس بجانبها ليبدأ في إيقاظها

:"ليليان... قومي يا حبيبتي عشان تغيري هدومك هدوم الشغل حتضايقك و إنت نايمة".

تململت ليليان في نومها لتلتفت للجهة الأخرى

و هي تجيبه بصوت ناعس دون أن تفتح

عينيها :"سيبني انام مش.... قادرة أحرك....

إيدي حبقى اغير بعدين".

ايهم ضاحكا:"إمتى بعدين...يلا بلاش كسل قومي

غيري هدومك و تعشي و بعدين إرجعي نامي ".

همهمت ليليان دون أن تجيبه ليزفر أيهم

بيأس قائلا و هو يهزها :"طيب قومي شوية و أنا حساعدك".

تأففت قليلا قبل أن تستقيم في جلستها و تبدأ في

رفع قميصها بأعين مغمضة...امسك أيهم

بطرف القميص و يساعدها في رفعه ليخرج

رأسها من ياقته الضيقة....إبتلع ريقه

بصعوبة عندما ظهر له جسدها الناعم

الذي لطالما إفتقده ليدير عينيه بسرعة

للجهة الأخرى متحسسا جبينه المتعرق

بيديه الباردتين... تمالك نفسه بصعوبة

و هو يعود من جديد ليساعدها

في إرتداء بقية الملابس ثم يبدأ في

إطعامها رغم تذمرها و رغبتها الملحة في

العودة للنوم....

تنهد بصوت مسموع قبل أن يقف من جانبها

و في يده الصينية متوجها نحو الاسفل..

_____________________________


في فيلا الألفي.....

قبل شاهين جبين كاميليا بعد جولة

حميمية طويلة هامسا بصوت لاهث:"مش عارف... ليه كل يوم بتحلوي أكثر...حطيري عقلي من

مكانه".

إبتسمت كاميليا بشقاوة قبل أن تغمر وجهها

داخل أحضانه قائلة :"أحسن.. حتبقى

مجنون كاميليا".

قهقه شاهين و هو يحتضنها بقوة حتي

تأوهت :"بالراحة حتكسر في إيدك

مش كفاية من شوية كنت حت....

شهقت باحراج و هي تضع يدها على

فمها دلالة على صمتها لتزداد ضحكات

شاهين التي زادت من خجلها مردفا:" كملي

سكتي ليه...كنت بعمل إيه من شوية...

ضربته على كتفه قائلة بحنق:"قليل

الأدب.... انا عارفاك بتدور على حاجة عشان

تمسكهالي ذلة....

حرك شاهين رأسه نافيا :"بريئ و الله...

إنت اللي بتجيبيه لنفسك....

رفعت كاميليا جسدها قليلا إلى الأعلى

لتضع يديها على وجه شاهين هامسة

بصوت خافت :"غمض عينيك....

أطاعها دون تفكير و دقات قلبه تزداد سرعة

ليشعر بأناملها الرقيقة تتحسس وجهه... عينيه ،

وجنتيه، فكه.. و أخيرا شفتيه...

أخذت كاميليا نفسا عميقا قبل أن تبدأ

في الحديث :" عارف... اول ماتجوزنا

كنت بفكر اقتل نفسي....

فتح شاهين عينيه معترضا على كلامها

ليحاول الحديث لكنها أسرعت لتضع

إصبعها على شفتيه و يدها على

عينيه تطالبه بغلقها من جديد و عدم

مقاطعتها:" شششش خليني أكمل...

أومأ لها بالايجاب رغم رغبته في مقاطعة

حديثها لتستأنف من جديد :" كنت بقول

أنا إزاي حساحمل البني آدم داه...كنت

دايما ببقى لوحدي بفكر ياترى آخرتي

حتكون إزاي معاه حيقتلني بعد مايزهق

مني و إلا حيطلقني و يرجعني لبيت أهلي

و إلا ياترى حيعمل معايا إيه؟؟ كنت عايشة

في رعب كل ما بشوفك و كأني شايفة

وحش كبير قدامي مش بيرحم حد ... ما إنت بصراحة كنت عامل زي الوحش بس بعدين

لما بقيت بتحبني كل حاجة تغيرت و لحد

النهاردة انا مش مصدقة إزاي الوحش

تحول لأمير جميل....

قضم شاهين إصبعها الذي كان يداعب

شفتيه بخفة قبل أن يفتح عينيه ليحدق

فيها بنظرات عاشقة قائلا:"أنا كنت قبلك

الشيطان شاهين بس دلوقتي بقيت

الملاك شاهين و داه بفضلك يا ملاكي..".

............................................................

صباحا إستيقظ أيهم ليجد نفسه يحتضن

ليليان التي كانت تغط في نوم عميق..

إبتسم بسعادة غامرة ليتكئ على ذراعه

ليقابله وجهها الفاتن الذي إشتاق ان يبدأ

صباحه برؤيته....

مد يده ليزيح خصلات شعرها الذي

غطت رقبتها و جزءََ من وجهها ليبقى على

حاله يتأملها وقتا طويلا قبل أن يطبع

قبلة طويلة على وجنتها مستنشقا رائحتها

و كأنها إكسير الحياة بالنسبة له....

إستقام من مكانه مكرها ليتجه صوب

خزانته ليخرج ملابسه و يتجه نحو الحمام

ليقوم بروتينه اليومي و يرتدي بدلة رسمية

باللون الأزرق الداكن ثم يغادر نحو المستشفى....

بعدها بساعتين....مطت ليليان ذراعيها بكسل

دون أن تفتح عينيها ثم مدت يدها نحو الطاولة

بجانب السرير بحثا عن هاتفها ظنا منها انها

في غرفتها...

فتحت عينيها اخيرا بعد أن فشلت في إيجاده

لتدور بنظراتها أرجاء الغرفة...إتسعت مقلتاها

بذعر و هي تتلمس ثيابها البيتية لتشتم نفسها

بصوت عال :"يخرب بيت غبائك يا ليليان.. يانهار

إسود دي مش اوضتي و حتى هدومي متغيرة

هو إيه اللي حصل انا مش فاكرة حاجة خالص".

قفزت من الفراش بسرعة قبل أن تتمتم مستدركة

لتعود لتنظيم غطاء السرير بحركة سريعة ثم تتجه

نحو غرفتها لتغير ملابسها و تنزل للأسفل.....

في صالون الفيلا كانت كريمان تجلس مع إبنتها

أميرة تتجاذبان أطراف الحديث....

القت عليهما تحية الصباح..

ليليان :" صباح الخير...ياطنط صباح الخير يا

ميرو".

كاريمان و قد إرتسمت على وجهها إبتسامة

واسعة:"صباح الخير يا حبيبتي...انا مش قادرة

اوصفلك فرحتي قد إيه... و أخيرا ربنا إستجاب

لدعائي و رجعك إنت و أيهم لحضن بعض الحمد لله

ربنا يهنيكو و يهدي سركم....

أضافت أميرة:" احنا كده إطمنا على أيسم

على الاقل حيعيش حياة طبيعية مع أمه و ابوه.....

أشارت لهما ليليان بيديها ليتوقفا عن الحديث

و قد إرتسمت على ملامحها علامات الاستفهام

:" إنتوا تقصدوا إيه معلش أصل انا مش فاهمة

حاجة ".

قهقهت كاريمان بصخب و هي تضع فنجان

القهوة من يدها على المنضدة لتلتفت بجسدها

نحو ليليان و تمسك بكلتا يديها قائلة :"إحنا

نقصد عنك إنت و أيهم..مبسوطين عشان

رجعتوا لبعض".

رمشت ليليان بأهدابها عدة مرات قبل أن

تهتف ببلاهة:" حضرتك مين قال إن إحنا

رجعنا لبعض؟؟؟؟


أميرة بخبث:" محدش قالنا بس إحنا

عرفنا لوحدنا يعني إنت نمتي في أوضته

و أيسم نام عند ماما و بابا... و الدكتور أيهم نزل الصبح ياااه لو شفتيه يا لولو الفرحة كانت

بتنطط من عينيه و بيضحك مين غير

سبب ".

ليليان بغضب مكتوم :"يعني هو اللي قالكم

إننا رجعنا لبعض".

أميرة بتريث:" بصراحة هو مقالش كده

خالص داه حتى سيف قعد ساعة و هو مستلمه

عشان يعترف بردو مفيش فايدة ".

كاريمان بلهفة:" مش مهم... المهم إنهم رجعوا لبعض

و...

ليليان بمقاطعة:"إستنوا بس الحكاية مش كدة....

كاريمان و هي تقطع كلامها:" رجعتوا بس مش

عاوزين تقولوا لحد.... ماشي إحنا مش حنتكلم

في الموضوع داه لغاية ما إنتوا تقرروا....

ليليان برجاء :"يا طنط لو سمحتي....

وقفت كاريمان من مكانها لتستأذن بالمغادرة

قائلة :" أنا طالعة عشان أطمن على سومة

زمانه زهق من اللعب و عاوز ينام... لولو جوزك

راح المستشفى و قال إحتمال إنه يتأخر النهاردة ".

نظرت ليليان في أثر زوجة عمها و هي تصعد

درج الفيلا قبل أن تلتفت نحو أميرة التي

إنشغلت بوضع سماعات الهاتف في أذنيها

كطريقة للهرب من التحدث معها بعد

إن إتفقت مع والدتها أن يضعا خطة تجعلها تعود لأيهم....

نفخت ليليان خديها بضجر بعد أن يئست في

جعلهما تنتبهان إليها حتى تشرح لهما حقيقة

ما حدث البارحة...إستقامت من مكانها لتغادر

نحو المستشفى و في داخلها تتوعد لأيهم....

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

في المركز الرياضي الذي يملكه محمد...

ضرب محمد سطح مكتبه بقوة حتى كاد

يقسمه إلى نصفين بعد أن بلغ غضبه عنان

السماء لحديث نور المستفز و الذي ظل

يتجاهلها طوال الاسبوع الماضي...

:"مش حطلقك يانور و وريني حتعملي إيه؟؟

وقفت من كرسيها لتتراجع إلى الوراء مخفية

خوفها من هذا الوحش الذي إنقلب فجأة

لتردف بصوت مسموع :" و أنا قلتلك مش عايزاك...إفهم بقى.... انا بقالي أسبوع و انا بعيدلك نفس الكلام و إنت مش عاوز تفهم تبقى دي

مشكلتك... طلقني و خلي كل واحد مننا يروح

لحاله زي مادخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف".

حملق فيها محمد بعينين حمراوتين و هو

يشد على أسنانه بقوة قائلا بهسهسة:" و انا

قلت مش حطلقك غير لما إفهم السبب....

نور بصراخ :"و إنت مالك انا حرة... مش عايزاك

و بكرهك....

قفز محمد بحركة خفيفة من وراء مكتبه حتى

أصبح أمامها ليأسرها بينه و بين الحائط

هادرا بصوت مرعد :" إنطقي... في حد ثاني

في حياتك غيري".

صرخ بها و لأول مرة ترى هبة وجه محمد

الغاضب الذي يحاول في كل مرة مهما كان

منزعجا منها أن يتمالك نفسه مخافة أن

يأذيها لكنه لم يستطع هذه المرة فقد فاض

الكأس و إنفجر البركان و لم يعد باستطاعته

العودة إلى الوراء...يريد فقط أن يفهم

سر تغيرها قبل أن يقدم على تنفيذ

أهم قرار في حياته ألا وهو تحريرها منه....

همهت نور بصوت شبه مسموع و هي لا

تستطيع السيطرة على إرتجاف جسدها

من الخوف :"و الله مفيش حد... انا مش

عاوزة ارتبط... ارجوك خليني أمشي انا

مش عاوزة أقعد هنا...".

إبتعد عنها ليتلفت إلى الجهة الأخرى

نافثا الهواء بقوة حتى يستطيع السيطرة

على أنفاسه الغاضبة....

تحدث بصوت مقهور رغم صلابته :"دي عاشر

مرة تهيني كرامتي و رجولتي بكلامك

و انا بسامح و اعدي و أقول صغيرة بكرة

حتكبر و حتتغير بس الظاهر مفيش فايدة

أنا بقى اللى مش عايزك بعد كده على قد

ماحبيتك و عشقتك بقيت بكرهك و مش

قادر أبص في وشك....بكرة حضري نفسك

عشان المحامي حيكلمك نتمم إجراءات

الطلاق...من النهاردة إنت برا حيلتي

حياتي ... كل اللي بينا إنتهى و حاجتي اللي عندك إحتفظي بيها مش عاوز اي حاجة تفكرني بيكي حتى. الدبلة و دلوقتي إطلعي برا و متورينيش خلقتك ثاني ".

سمع صوت الباب و هو يغلق وراءها ليغمض

عينيه بأسى عن حاله مستندا على الحائط

بضع دقائق قبل أن يستقيم متجها نحو

مكتبه متمتما في داخله :" ملعون ابو الحب

اللي خلي الواحد يفرط في كرامته بالشكل

داه...كان لازم أعمل داه من زمان ".

.........................................

بعد خروجها من المركز الرياضي قادت نور

سيارتها نحو الجامعة لتبحث بعدها عن صديقتها

بسمة وجدتها أخيرا لتجذبها من ذراعها

متجهة بها نحو مكان ناء بعيد عن الجميع...

إنفجرت بسمة غاضبة في وجهها بعد أن

حكت لها نور ماجرى معها :"إرتحتي.. اهو حتبقي

مطلقة على صغر سنك....

أجابتها نور بلامبالاة :" أحسن ما ابقى مطلقة

ومعايا عيل او إثنين....

هزت بسمة رأسها بياس من عنادها الفارغ

قائلة بحنق :"يارب طول في عمري عشان

اشوفك ندمانة و دمعتك على خدك و تقولي

ياريت يرجع بيا الزمن ماكنت هببت اللي

هببته.... يا بنتي إنت إيه دماغك دي مصنوعة

من إيه ماتفهميني عمالة تدمري في حياتك

بايديكي بسبب عنادك و غرورك اللي حيوديكي

للهلاك".

نور بضجر :"بقلك إيه بطلي تزني في دماغي

اللي حصل حصل و إنتهى خلاص و انا مش حرجع لمحمد لو إنطبقت السماء على الأرض. خاصة

بعد اللي شفته النهاردة اكدلي كل شكوكي

محمد و اخوه و عمر و اصحابهم حكلهم

نسخة من شاهين الألفي اللي عذب أختي

و هانها و كسرها ايام و شهور... أختي

اللي مفرحتش بجوازها زي أي عروسة

أنا مش عاوزة أفتكر اللي حصل عشان كل

مرة بفكر إيه اللي كان بيحصل معاها زمان

أول ماتجوزت بتمنى الموت الف.... 

❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥❤️‍🔥

طرقت ليليان مرتين باب المكتب قبل أن

تدلف لتجد أيهم منغمسا في العمل و أمامه

كومة من الأوراق يتفحصها بتمعن...

رفع رأسه نحوها ليضيئ وجهه بابتسامة

عريضة ثم قال :"يا اهلا و سهلا نورتي

المكتب...إتفضلي..

وقف من مكانه متجها نحوها ليقف

قريبا منها مشيرا نحو الاريكة لتجلس

عليها قبل أن يعود نحو هاتف المكتب

يطلب لها عصيرا... تأملته ليليان بضيق

و هو يسير من جديد ليجلس بقربها

على الاريكة و نفس الابتسامة مازالت

مرسومة على وجهه...

قطع الصمت عندما تحدث أيهم متسائلا

:"ليه تاعبة نفسك و جاية ما انا قلتلك

حهتم بالشغل النهاردة.... كان المفروض

تقعدي ترتاحي و تشبعي شوية من أيسم".

تنحنحت ليليان قبل أن تجيبه بتردد:"

لقيت نفسي فاضية قلت آجي و كمان

طنط كاريمان مهتمة بأيسم جدا بالأخص

النهاردة".

أتمت كلامها لترمقه بنظرات غير راضية

ليتعجب أيهم الذي هم بسؤالها لكن قبل

ان يتحدث قاطعه طرق على الباب".

ايهم :"ادخل".

دخلت السكرتيرة و في يدها صينية

صغيرة لتضع محتوياتها على الطاولة

و تغادر بعد أن أشار لها..

إلتفت نحو ليليان مرة أخرى مستفسرا

:"في حاجة حصلت؟؟

ليليان بضيق :"يعني مش عارف؟

ايهم بصبر :" قصدك إيه؟؟

ليليان :"قصدي اللي حصل إمبارح و الصبح

كمان ".

فرك أيهم طرف شفته السفلى محاولا

السيطرة على ضحكته ليهتف بتهرب

:" و إيه اللي حصل إمبارح و الصبح؟؟

صرخت ليليان بحنق على طريقة كلامه

المتلاعبة :" بطل تعمل كده...مش بحب اللف و الدوران...إنت عارف كويس انا بتكلم على

إيه و عاوزة تفسير دلوقتي حالا".

أيهم بمشاكسة :" مش حقلك عشان حتزعلي

و انا آخر حاجة عاوزها هي إني أشوفك

زعلانة و متضايقة"

ليليان بتحذير:"أيهم لو سمحت ..

أيهم مقاطعا :" محصلش حاجة.. إنت كنتي

تعبانة لدرجة إنك مكنتيش حاسة بحاجة

نمتي في العربية و انا شلتك و طلعت بيكي

الأوضة و هناك غيرتي هدومك و أكلتي

شوية شوربة و بعدها نمتي للصبح".

ضيقت ليليان عينيها بتفكير قبل أن

تهمس :" بس انا مش فاكرة حاجة...

أضافت بتردد" طب ليه مصحيتنيش على

الاقل عشان اغير هدومي... اووف مش فاكرة

حاجة .

أيهم بتسلية :" إنت ليه مكبرة الموضوع...

كل حاجة خلصت....

ليليان بغضب:"هو إيه اللي خلص؟؟  و كل اللي

في الفيلا فاكرين إننا رجعنا لبعض تقدر تقلي

حنعمل إيه في المصيبة دي؟؟

نفخ أيهم الهواء بنفاذ صبر قبل أن يتريث

قليلا ليرفع كأس العصير نحوها قائلا :"إشربي

العصير و إهدي.. كل مشكلة و ليها حل متقلقيش ".

أشاحت بوجهها بعيدا عنه ليعيد الكوب

لمكانه ثم يقف من مكانه ليسير نحو النافذة

الزجاجية واضعا يديه في جيوب بنطاله

و ينظر للأسفل لحديقة المستشفى....

رمت ليليان حقيبتها جانبا قبل أن

تتجه نحو أيهم الذي إنشغل عنها و كأنه

نسي وجودها او هكذا ظنت بينما

هو في الحقيقة كل تركيزه كان عليها حتى و إن

لم يكن ينظر نحوها....يكفي تهربا فقد

وصل الطريق لنهايته و حان وقت المواجهة....

أغلق عينيه ليتنفس بقوة عطرها الذي لفح

أنفاسه عندما مرت بقربه ليرتجف جسده

بضعف و حنين إليها... كم يرغب في هذه

اللحظة أن يجذبها نحوهه و ينهال على

شفتيها بقبلة عميقة ليرتشف شهد شفتيها

الذي إشتاق إليه بجنون...

يعوض سنين حياته الباردة التي توقفت منذ

أن غادره دفئ جسدها الذي كان ينعم

به و حرم منه بسبب غبائه و غروره....

ضغط شفته اليسرى بقوة حتى شعر بطعم

دمائه في محاولة منه لإخماد فتيل الحرب

الذي اشعله قربها داخله..

كل ذرة في جسده الأحمق تطالب بقربها و أخذها بين ذراعيه الآن يكفيه صبرا و تعقلا فليذهب العقل

للجحيم ففي النهاية هو رجل و هذه الجميلة

التي بجانبه تمتلك من الفتنة و السحر ما

يلهب حواس قديس فمابالك برجل حرم

من الحب لسنوات......

حرك رأسه يمينا و يسارا لينفي هذه الأفكار

المزعجة التي لا طالما أرقت نومه لينتبه

لها عندما وقفت بجانبه...

ليليان بصوت هادئ :"كلما آجي أتكلم معاك في

موضوع تتهرب زي عوايدك...كل حاجَة عاوزها

على مزاجك تضربني، تعذبني، تخوني، و تبهدلني

و بعدين تسافر و تهرب عشان مطلقنيش و دلوقني

راجع و عاوزنا نرجع عشان سيادتك ندمان و ضميرك

صحى و بقيت بتحبني و عاوز تعيش حياة

طبيعية معايا انا و إبنك...و أنا المفروض اوافق

و أقبل بكل حاجة إنت تعملها...و عشان توصل

للي إنت عاوزه بتخلي عيلتك تضغط عليا

بكل الطرق عشان  أقبل... كلهم شايفين قد إيه

بتحاول تنجح علاقتنا و بتعمل كل اللي تقدر

عليه عشان تراضيني و اقبل ارجعلك من ثاني

و لو ماوافقتش حيزعلوا مني...و حيقولوا إن

أنا اللي ظالماك...


إلتفتت نحو لتنظر في وجهه بتمعن قبل

أن تكمل :"لو كنت مكاني حتعمل إيه؟؟؟

أغلق أيهم عينيه بألم قبل أن يجيبها بصوت

مختنق:" مينفعش الشيطان يكون مكان

الملاك...

ليليان بصراخ مفاجئ:"ليه مصر تحسسني

إني لعبة بتحركها زي ما إنت عاوز...طول

عمري معنديش لا رأي و لا قرار...و لا أهمية".

لم يعد يطيق صبرا ليجذبها بذراعه الصلبة

من خصرها نحوه حتى إصطدمت بصدره

لم يعر دهشتها أي إهتمام و لا تراقص

أهدابها التي رمشتها بحيرة و لادقات قلبها

الفزعة التي يجزم انه سمع صوتها...

همس بصوت مسترخي و هو يتمعن بتفاصيل

وجهها الناعم :أنا... آسف... ياريتني كنت مت

قبل ما أزعل العنين الحلوة دي....

أحنى وجهه لتلفحها أنفاسه الساخنة كلهب

حارق زادت من إرتجافها بين يديه لم تستطع

إن تعارضه او أن تتكلم... كلما إستطاعت فعله

هو أن تحافظ على وعييها في حضرته...مشتتة و

خائفة...و كأنها مراهقة صغيرة و ليست إمرأة

ناضجة في سن الثلاثين...

انامله  الخبيرة التي تمسد ظهرها و خصرها

بنعومة فائقة جعلتها تغلق عينيها و تنفصل عن الواقع....

لم تعي حتى عندما أزاح حجابها ليظهر

أمامه عنقها الأبيض بسخاء و ذلك العرق

النابض في رقبتها كم إستفزه ليطبع

عليه قبلة ناعمة أشبه بلمسات الورود...

ليزيد من جنون ليليان التي لو كانت بوعييها

لجلدت نفسها أرحم لها من ان تستسلم أمامه

بهذا الشكل المخزي....

لم تشعر بابتسامته المنتصرة و هو يرى

ذوبان جسدها بين يديه لكن من يلومها

فرجل كأيهم البحيري زير النساء السابق

رغم إبتعاده الطويل عن هذه الأجواء

إلا أن خبرته الكافية و وسامته المهلكة  تجعل

أي إمرأة تذوب أمامه كقطعة ثلج.....

ليستغل هو الوضع و ينحني ليحملها

بين ذراعيه كعروس ليلة زفافها متجها

نحو باب جانبي يحتوي على غرفة نوم مجهزة

كان أيهم قد أضافها في تصميم مكتبه

تحسبا لتأخره في العمل و إضطراره في

تمضية ليلة هنا...

أراح جسدها على السرير بعد أن تأكد

من إغلاق الباب خلفه تحسبا لأي دخيل..

ثم إنحنى نحو شفتيها مقبلا إياها بشغف

و جوع أيام طويلة فيما إمتدت يداه

لتزيح عنها ثيابها التي تخفي مفاتنها عنه

ببطئ و هدوء....

يحب عليه الاستفادة بكل الطرق من هذه

الفرصة  التي قدمت له على طبق من الماس

فإما الان و إما سيضطر لمزيد من الانتظار

و هو الذي لم يعد يكره في من حياته

أكثر من الانتظار....هذا الشعور الذي بات

يقتله عرقا بعرق... يوما بعد يوم.

و كأنها تفترش إحدى الغيوم القطنية...هذا

ماتشعر به ليليان في هذه اللحظة بعد أن

فقدت السيطرة على جسدها الخائن الذي

أصبح في لحظات رهن إشارته...بعد أن

سقط العقل من على عرشه و اصبح القلب

هو الملك... هو الآمر الناهي فلا مكان بعد

الان لما يسمى حدود...

الحب و الرغبة و لغة الجسد هذا ما يميز

هذه اللحظات الفاصلة بين قلبين إنفصلا

منذ سنوات.....

منذ ساعات و لم يكتفيا و كأنهما إتفقا على

تعويض مافاتهما فكلما شعر أيهم بعودة ليليان

لواقعها يسحبها من جديد نحو عالمه الخاص

يقسم انه لن يتركها حتى تخضع له بإرادتها...

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

دخلت الجامعة بخطى مرهقة بعد ليلة

طويلة لم تذق فيها طعم النوم بسبب

شجارها اليومي مع والدتها التي لم تكتفي

بضربها و شتمها لتهاتف شقيقتها و زوجها

حتى يأتيا في ساعة متأخرة من الليل

في محاولة منها للضغط عليها حتى تتراجع

عن قرارها المتهور...دون جدوى.

أخذت طريقها نحو الكافتيريا للحصول

على كوب قهوة كبير عله ينجح في إعادة

نشاطها و حيويتها التين يفتقدهما جسدها

حتى تستطيع الصمود في هذا اليوم الطويل

كطالبة في كلية الطب...

رمت الكوب الورقي في أقرب سلة

مهملات قبل أن تتابع طريقها نحو قاعة

محاضرتها التالية بعد أن فاتتها اول الحصص...

تصنمت مكانها و هي تستمع لضحكات عالية

وراء أحد الأبواب المغلقة بعدم إحكام ليظل

فراغ صغير بين طرف الباب الحائط... بدا

لها الصوت مألوفا لتقترب بتمهل و تسترق

السمع...

لحسن الحظ لم يكن سوى صوت ضحكات

ميار التي بدت و كأنها ستطير فرحا في أي

لحظة و هي تحدث صديقتها المقربة ديالا...

ديالا:"أمال هي فين مجاتش  المحاضرة اللي

فاتت... مش من عوايدها أنها تغيب".

ميار بنبرة سعيدة :"مش حتيجي النهاردة

أنا سألت الغبية بسمة و هي قالتلي إنها

كلمتها إمبارح و قالت إنها مش حتحضر

النهاردة...

أضافت و هي تجلس على إحدى الطاولات

العالية :" أحسن.....بقيت مش طايقة أشوفها

قدامي،انا ماسكة نفسي بالعافية عشان

ماقتلهاش بإيدي.... بس بعدي يقول إهدي

يا بنت و إستني لغاية ما أوصل لهدفي

و بعدين إعملي اللي إنت عاوزاه...

ديالا بابتسامة مصطنعة :" أنا مش عارفة

إنت ليه متمسكة بمحمد... اقصد هو شكله

حلو و شيك و من عيلة غنية بس في

كثير أحلى منه و اغنى منه كمان... ليه

محمد البحيري بالذات؟؟

وضعت نور كفها على فمها تمنع خروج

شهقتها المصدومة  هي تستمع لهذه

الحقائق لأول مرة...إبتلعت ريقها بصعوبة

و هي تستند على الحائط لتوازن جسدها

الضعيف تجاهد لتبقي جميع حواسها

مركزة على ماستقوله تلك الحية ميار....

ميار و قد برقت عيناها بتصميم  :"عشان

مختلف اللي زيه صعب تلاقي منه كثير

في زماننا داه...راجل بجد مش زي العيال المدلعة

اللي إحنا نعرفهم...راجل حقيقي تقدري تأمنيه

على نفسك و إنت متأكدة إنه مش حيخونك

و لا حيغدر بيكي....محمد لو قعدت معاه

سنة في اوضة واحدة مش حيبصلي و لا

حيحط إيده عليا عارفة ليه.. عشان هو كن النوع الوفي اللي لما بيحب يحب بجد......

راجل يحبك و يحتويكي في كل أشكالك

بعصبيتك و جنونك لما  تكوني مخنوقة

و لما تكوني متضايقة...في كل حالاتك مش

حيبص لغيرك مهما كانت الاغراءات

محمد مش زي أخوه أيهم و سيف عمره

ماكان عنده تجارب مع البنات اول واحدة دخلت حياته هي نور...

أنا أعرفه من سنين بسمع اخويا دايما بيتكلم

عليه حبيته من قبل ما أشوفه كان فارس

أحلامي و انا عندي سبعتاشر سنة

عرفته قبلها يعني هو من حقي أنا... هي مش بتحبه

و مش حاسة بيه اصلا...نور متستاهلش واحد

زي محمد...لو كانت بتحبه و متمسكة بيه

مكنتش حقدر أاثر عليها مهما قلت في حقه

و شوهت صورته قدامها  بس

هي كانت محتاجة حد يشجعها عشان

تتخلص منه... الغبية مش عارفة إنها لو لفت

العالم مش حتلاقي حد يحبها و يحافظ

عليها زي محمد البحيري...


ديالا بتعجب :" بس هو مش بيحب غيرها؟؟

ميار و قد إحمر وجهها من شدة الغضب :" عارفة

إنه مش بيتزفت بيحب غيرها بس انا بحبه...

و مش حخليها تتهنى بيه....محمد ليا أنا و حعمل

كل اللي اقدر عليه عشان أخليه يحبني....

هما خلاص حيطلقوا و هو أكيد حيكون محتاج

حد يقف جنبه عشان يخرجه من إحساس

الوحدة و الخذلان و انا بقى حبقى الحد

داه.. حعمل كل اللي اقدر عليه عشان يكون

ليا... ".

ديالا بتفكير :" بس داه مش حب يا ميمي

هو بالنسبة ليكي حاجة صعبة و إنت عاوزة

تحصلي عليها بأي ثمن...و لما تمتلكيها

حتزهقي و ترميها....

ميار بغضب :" إيه التخريف داه...بقلك

بحبه من و انا عندي سبعتاشر سنه... داه

حلم العمر و مش حستسلم غير لما أحققه...

هزت ديالا كتفيها باستسلام من عنادها

قبل أن تسألها :" طيب هما خلاص يعني

مفيش أمل.....

تبدلت ملامح ميار الغاضبة إلى أخرى

سعيدة :"لا النهاردة متفقين يروحوا

المحامي عشان يكملوا الإجراءات... انا

متابعة كل حاجة بنفسي و بستنى

بالدقيقة و الثانية إمتى يبقى حر

و ساعتها حيبقى ملكي....yes yes yes

انا حعمل party بالمناسبة الحلوة دي.. 

أنهت جملتها بضحكة طويلة تعبر عن مدى

سعادتها بانتصارها الرائع الذي حققته دون

معاناة... نصر لم تتعب كثيرا لتحقيقه فلم

يكن يتطلب منها سوى القليل من الصبر

و خطة ذكية حاكتها بذكاء و تمهل شديدين..

و كأن خنجرا حادا تسلل بخفة من بين

أضلعها ليصل نحو قلبها ليقسمه شطرين

دون رحمة او شفقة....لو لم تسمعها بنفسها

لما صدقت...ضحكت بداخلها و عيونها

تنهمر دموعا تعبيرا عن ضياعها و تخبطها

إبتعدت عن باب الغرفة بخطوات حذرة

حتى لا يتفطنا لها...

بعد أن إبتعدت مسافة جيدة ركضت بسرعة

نحو سيارتها متجاهلة نظرات باقي

الطلاب المتعجبة من حالتها...

ألقت مافي يديها في الكرسي الجانبي

للسيارة قبل أن تجلس مكانها   لتضرب

رأسها عدة مرات بالمقود....

رفعت رأسها لتقابلها صورتها بالمرآة ليزداد

جنونها أكثر فأكثر صفعت وجنتيها بكفيها

مرات عديدة ثم جذبت خصلات شعرها

القصيرة حتى شعرت باقتلاع بعض منها

لكنها لم تهتم فالالم الذي كانت تشعر

به بداخلها أقوى بكثير من ألم جسدها....

أرخت رأسها على ظهر المقعد بعد أن

تعبت و هي تتمتم بصوت لاهث :غبية....

غبية...انا أكثر واحدة غبية و حمارة

في الدنيا كلها....إزاي قدروا يوقعوني

إزاي...عقلي كان فين و انا بسمع كلامهم

للدرجة دي انا كنت هبلة و عبيطة.. عندها

حق ماما و الله عندها حق...محمد ميستاهلش

واحدة غبية يستاهل واحدة قوية و خبيثة

زي ميار تقدر توصل للي هي عاوزاه بكل

سهولة طبعا ماهي لما تلاقي واحدة حمارة

زي نور أكيد حتوصل لاهدافها بسهولة....

أخرجها من هذيانها صوت رنين الهاتف...

لتمد يديها بعشوائية تبحث عنه داخل حقيبتها

لم تجد فاضطرت لرمي محتويات الحقيبة

دون إهتمام حتى وجدته....

شهقت بصوت عال و هي تغرس أصابعها

بخصلات شعرها المنكوش عندما رأت

إسمه يزين الشاشة :"داه محمد... أكيد

بيتصل عشان المحامي".

همهمت بغصة و دموعها لاتكف عن الأنهمار

لترد أخيرا رغم عدم قدرتها على الكلام

:"محمد... إنت فين؟؟

أغمضت عينيها سامحة لآخر قطرات دموعها

بالسقوط على وجنتيها المحمرتين بشدة

عندما آتاها صوته الدافئ الحنون رغم

تصنعه الصرامة :"إنت اللي فين يا نور مش

إتفقنا إننا نتقابل عند المحامي.... أنا كلمتك

الصبح بس إنت مرديتيش فاضطريت اروحله

و أجيب الأوراق عشان ناقصة إمضتك....

إرتجاف يديها جعل الهاتف يقع على الكرسي

لتلتقطه مرة أخرى بصعوبة و تحدثه بصعوبة:" أنا حجيلك

دلوقتي الستنر بتاعك....

سقط الهاتف مرة أخرى و تعالى صوت نحيبها

و هي تقود السيارة بعدم تركيز حتى وصلت

بعد نصف ساعة تقريبا إلى المكان....صفت

سيارتها بصعوبة ثم فتحت الباب لتنزل

و تسير بخطوات مرتعشة حتى كادت تقع على الأرض عدة مرات قبل أن تصل أخيرا

إلى أولى الدرجات الرخامية  لباب المركز

الرياضي...

حدقت نور في صورتها التي إنعكست على بلور الباب بضياع...شعر مبعثر و وجه أحمر تملأه الخدوش و بعض الدماء الجافة في أعلى جبينها

الملتصقة بشعرها....حمدت الله في سرها أنها

لم تجد وقتا في الصباح لوضع مستحضرات

التجميل و إلا لكان وضعها أسوأ....

أنهى تأملاتها محمد الذي جذبها بقوة من

ذراعها دون قصد قائلا بلهفة و عيناه تتفرسان هيئتها المزرية:"نور إنت كويسة

حصلك إيه.... مين اللي عمل فيكي كده؟؟؟

إكتفت بالتحديق به و قد إرتسمت على

وجهها إبتسامة بلهاء و هي تؤكد لنفسها

للمرة الالف هذا اليوم أنها غبية...

فمن التي تضيع من يدها رجلا كمحمد...

في غاية الوسامة شعره الأسود الذي يطابق

لون عينيه و بشرة وجهه البيضاء المغطاة

بلحية خفيفة تعشقها.... أما جسده الرياضي

الضخم الذي تمنت في هذه اللحظة أن

يحتضنها داخله حتى تشعر بدفئه و حنانه

الذي طالما غمرها به رغم صدها له....

هز جسدها بخفة عندما لاحظ شرودها و هو

يعيد سؤاله من جديد :"نور... إنت سمعاني

تعالي حوديكي المستشفى....".

أحاط خصرها بذراعه ليساعدها على

المشي لكنها ثبتت أقدامها في الارض

لتوقفه عن السير قائلة بصوت مبحوح

:"مفيش داعي أنا كويسة..".

اجابها بقلق :"كويسة إزاي....وشك

مليان دم و جروح.... قوليلي مين اللي

عمل فيكي كده و إيه اللي حصل ؟؟؟؟

نور ببكاء لم تعد تحتمل طيبته و إهتمامه بها

حتى بعد مافعلته معه :" أنا... انا اللي عملت

في نفسي كده و لو كنت أقدر كنت عملت

أكثر....

محمد بذهول و عيناه تجوبان كامل

جسدها :" إنت؟؟ ليه؟؟؟

إستندت نور عليه بعد أن فشلت في

تصنع القوة ليتلقفها محمد بحركة

خفيفة جعلتها في ثوان بين ذراعيه

لم تقاومه  نور او تعترض عندما

دلف بها إلى الداخل نحو مكتبه...

صعد الدرج بخفة و نور تخفي نفسها

داخل أحضانه حتى كادت تختفي كليا

و قد ساعدها في ذلك جسدها الضئيل

دلف إلى داخل مكتبه ليضغها على

اريكة جلدية سوداء اللون كسائر اثاث

المكتب...


تململت نور لترتاح في جلستها و قد

بدأت تشعر الان فقط بآلام في وجهها

و ذراعيها.... عاد محمد و في يده علبة

صغيرة للاسعافات الأولية ليجلس بجانبها

ويضع العلبة على ساقيه....

أشاحت نور بوجهها بعيدا عن يده التي

إمتدت لتفحصها ليزفر محمد قائلا :"خليني

على الاقل اعقملك الجروح و الكدمات اللي

في وشك....

نور بحرج :" مش عاوزة أتعبك ".

أجابها و قد إرتسمت على وجهه إبتسامة

ساخرة:" متقلقيش مش حتعب في حاجة

بسيطة زي دي...إثبتي و متحركيش وشك ".

بعد دقائق قليلة إنتهى محمد من وضع

آخر شريط لاصق على جرح بجانب شفتيها

لتغمض نور عينيها بقوة و تشرع في البكاء

من جديد...

ربت على ظهرها بيده بينما يده الأخرى

كانت تمسح خصلات شعرها المتناثرة

بفوضوية كابحا فضوله القاتل الذي يحثه

على معرفة ما يحصل معها....

همس لها بخفوت محاولا تخفيف حزنها

::"كفاية عياط يانور و إحكيلي...إيه

اللي وصلك للحالة دي؟؟

صرخت نور ببكاء و قد عادت لها نوبة

جنونها من جديد :" أنا.... قلتلك أنا...

أنا السبب في كل حاجة ".

ضربت وجهها و رأسها بقوة بكفيها

مما أثار  فزع الجالس بجانبها ليمسك

بسرعة كلتا يديها جاذبا إياها نحوه

حتى أصبح وجهها ملاصقا لوجهه لا

يفصل بينهما  سوى إنشات قليلة...

اخفضت نور عينيها رافضة النظر في

وجهه و كأنها خائفة من مواجهته... تشعر

بداخلها بالخجل و الذنب مما فعلته معه

رغم حقارتها و نذالتها معه إلا أنه مازال يهتم لأمرها....يبدو أن ميار كانت محقة فمحمد

مختلف....

تركها عندما شعر بسكونها لتنهد بصوت مسموع

قبل أن يهتف للمرة العاشرة بنفس السؤال لكن

هذه المرة بنبرة مصرة :"نور... إتكلمي انا أعصابي

خلاص بازت و مش قادر أستنى أكثر من كده

يا تحكيلي إيه اللي حصل يا حنزل أكتشف بنفسي".

فركت نور يديها مكان قبضته بتوتر قبل أن تستجمع

شجاعتها و تتحدث باقتضاب :" كاميليا... أختي

لما تجوزت شاهين الألفي كنا مش مصدقين اللي

حصل و.... كنا فرحانين جدا خصوصي انا و كريم

جوز أختنا بقى..... راجل غني و عنده فلوس

كثير و حيساعدنا و يخرجنا من الفقر اللي

إحنا عايشينه.....كنت أنانية جدا و مش

شايفة حاجة الفلوس عمت عينيا....فاكرة

كويس آخر يوم ليها في بيتنا القديم

مكانتش فرحانة زي اي عروسة...كانت بتخفي

خوفها و قلقها علينا كلنا عشان متبوزش

فرحتنا...مكانتش عاوزة تحسسنا بحاجة

كاميليا أختي ضحت بنفسها عشاننا...عشان

تعالج بابا و اقدر انا و اخويا نكمل تعليمنا

اللي كنا مهددين في اي لحظة إننا نسيبه

عشان معندناش فلوس.....

مسحت دموعها قبل أن تتابع...كان بيهددها

يا تتجوزه يا حيدمرنا و طبعا داه شيئ سهل

جدا عنده...و هي قبلت.... قبلت يا محمد

قبلت إنه يعذبها و يهينها و يعيشها أسوأ

ايام حياتها... كان... كان بيغتصبها كل ليلة

و بيضربها و....

توقفت عن الحديث عندما إختنقت بدموعها

لكنها رغم ذلك واصلت :"أنا كنت خايفة... خايفة

مكنتش عاوزة ابقى زيها...انا و الله مش معترضة

عشانك إنت.... بالعكس إنت راجل تحلم بيه

اي بنت.... بس أنا كنت بتخبط يمين و شمال

و مكنتش قادرة احكيلك....السر داه كنت شايلاه

لوحدي.. مقدرتش احكيه لأي حد عشان مينفعش

حد يعرفه....انا مش قادرة أتحمل يا محمد

أنا تعبت و مش عارفة اعمل إيه و عشان

عبيطة أول حاجة فكرت فيها إني مش حتجوز

طول عمري....

أطلقت ضحكة قصيرة مستهزئة مضيفة

:"مش قلتلك عبيطة...

مسح محمد وجهه بحيرة غير مصدق

لما يسمعه...حقائق غريبة اشبه بالخيال

فلطالما تعجب محمد من عشق شاهين

المفرط لزوجته حتى أنه تمنى أن في

يوم من الايام أن تكون حياته مع زوجته

كحياتهما....و هاهي نور الان تصدمه

بحقائق مغايرة للواقع....

إلتفت نحو نور التي لم تتوقف عن البكاء

ليشعر بالشفقة نحوها...بالرغم من انها لأول

مرة تتحدث معه هكذا دون قيود او أقنعة...

لأول مرة يعلم ماتفكر به لا و  أيضا تشاركه 

مشاعرها... يبدو أنه يوم المعجزات بالنسبة لمحمد.....

هتف بصوت هادئ رغم تزاحم الأفكار

داخل رأسه :"طيب انا ممكن أساعدك

في إيه؟؟ مش عارف يعني لو عاوزة تتكلمي

او تفضفضي.. انا موجود....

نظرت نحوه بعينين دامعتين تعكسان

مدى ضعفها قائلة برجاء:" مش عاوزاك

تسيبني.... أرجوك....

إتسعت عيناه بدهشة و هو يرمقها بنظرات

غير مفهومة قبل أن يهتف :"تقصدي إيه؟؟

نور و هي تعض شفتيها بتوتر و دقات قلبها

بدأت تتسارع بسبب خوفها من ردة فعله

:"خلينا مع بعض.. بلاش طلاق عشان

خاطري.... و أنا مستعدة أعمل أي حاجة

إنت عاوزها ".

يحق له ان يرفض فبعد كل مالاقاه منها

جفاءها و صدها له كلما حاول أن يتقدم

بعلاقتهما....لم تهتم به يوما او تشاركه

اي تفصيل من حياتها كباقي الأحباء...

يركض وراءها من مكان إلى آخر حتى

يلفت إنتباهها بالهدايا الفاخرة و دعوتها

للخروج بمناسبة او بدونها.... فماذا قدمت

له هو... قلبها يكاد يخرج من مكانه و هي

تنتظر جوابه...رغم توعدها بداخلها انها

لن تتركه مهما كان جوابه....

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

إستيقظت ليليان من غفوتها القصيرة

لتجد نفسها نائمة على سرير في غرفة

غريبة تحتوي على خزانة صغيرة و أريكة

باللونين الرصاصي....رفعت الغطاء عنها

لتتفاجئ بنفسها عارية... إتسعت عيناها

بدهشة و كانت ستصرخ لو لا ذكريات

الصباح التي تدفقت داخل رأسها في هيأة

مشاهد متفرقة...

تمتمت بانزعاج و هي ترمي رأسها على الوسادة

:"إيه اللي أنا عملته داه؟؟

لفت جسدها بالغطاء ثم بدأت بالبحث عن ملابسها

التي للأسف لم تجدها...عادت لتجلس مرة

أخرى على الفراش مقابل الباب و هي تضرب

رأسها بكفها قائلة بحنق :" عجبك كده اهو

بقيت محبوسة بالمنظر داه..

أضافت بحزن و عيناها تلتمعان بالدموع لشعورها

المرير بالذل و الإهانة

:"بعد ما وصل للي هو عايزه سابني مرمية

هنا زي....أي وحدة من بنات الشارع....

أجهشت بالبكاء و هي تعض أناملها حتى

تمنع خروج شهقاتها.. تزامنا مع دخول أيهم

للغرفة وفي يده عدة أكياس...

رمى الاكياس جانبا ثم إنحنى على ركبتيه أمام ليليان ليدير رأسها نحوه و

يحيط وجهها بيديه....... 


❤️‍🔥دمتم ساالمين ❤️‍🔥..


                الفصل السابع من هنا 

    لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات
×

للمزيد من الروايات زوروا قناتنا على تليجرام من هنا

زيارة القناة