رواية ضراوة ذئب الفصل الثالث والعشرون 23 والرابع والعشرون 24 بقلم ساره الحلفاوى

           

رواية ضراوة ذئب
الفصل الثالث والعشرون 23 والرابع والعشرون 24
بقلم ساره الحلفاوى

- أنا .. أنا أبقى أُم جوزك يا يُسر .. أنا ريّا!!
- أمُه!!!
هتفت مصدومة، لتقول الأخير بتربت على إيديها برفق:
- أيوا أنا يا بنتي، أنا عرفت اللي حصلك و جيت .. جيت أحذّرك!
بصت يُسر لملامح التعب اللي باينة عليها، لكن بعدت إيديها عن مرمى كفها و قالت بتوتر:
- تحذّريني من إيه مش فاهمة!!

- من إبني يا بنتي، إبني جبروت يا يُسر، إبني هان عليه أمه و بالتالي هتهوني عليه! إبني رماني في الشارع و سابني عايشة على الإرصفة رغم الشُقق و الڤلل اللي عندُه، حتى إنتِ يا بنتي قبل ما يحصل اللي حصل ده كُنت بلاقيكي على طول مضروبة و جسمك كلُه علامات، ياما كُنت أقولك سيبيه و عيشي في الشقة هنا لكن كُنتِ بتحبيه، أنا مش طالبة منك يا بنتي غير إنك تحرّصي، و تحُطي عينك في وسط راسك، و تخلي بالك من نفسك يا يُسر و أرجوكي متقوليلوش إنك شوفيني .. عشان .. هيمد إيدُه عليا تاني و أنا شبعت ضرب منُه!!.. سلام يا بنتي!!

في كُل كلامها كانت يُسر عينيها مُتسعة بصدمة حقيقية بتحاول تستوعب الكلام اللي إتقالها في ظرف دقيقتين، لحد ما الست سابتها و مشيت، دخلت يُسر شقتها وقفلت الباب، دخلت على الأوضة اللي نايم فيها بتمشي بـ بُطء و عينيها في الأرض شاردة، لقتُه لسة نايم فـ قعد على الكنبة اللي كانت قُصاده، ضمت ركبتها لصدرها مش قادرة تستوعب إن البني آدم ده كان بيضربها و كان بيضرب أمُه!! حسِت بكسرة في قلبها لإن اليومين اللي قعدتهم معاه خلت قلبها يميل نِحيتُه، إتجمّعت معالم القرف كلها في عينيها و هي بتبصلُه بإشمئزاز، إتململ في نومتُه و فتح عينيه، قام قعد بيمسح على شعرُه بيرجعُه لـ ورا، رفع عينيه ليها و إستغرب قعدتها، فـ سألها بصوتُه النايم:
- قاعدة كدا ليه؟

مرّدتش عليها، كانت بس بتبصلُه بإشمئزاز، إدايق من سكوتها فـ قال بـ حدة خفيفة:
- بكلمك يا يُسر!!!

إرتعش جسدها من مُجرد إن صوته علي شوية، نفّث عن أنفاسُه المُتضايقة و مسك تليفونه مقرر هو كمان يتجاهلها، لحد ما سمع صوتها المُرتعش و هو بيقول:
- إطلع .. برا!!!

بصلها بإستغراب و ساب الفون على السرير و قال بدهشة:
- نعم؟!

- زي ما سمعت، لو سمحت تطلع برا .. و ياريت تبعتلي ورقة طلاقي!
هتفت و هي بتُقف قُصادُه بتحاول تمَثل القوة الواهنة، الكلمة نزلت عليه زي الصاعقة، قام من على السرير و هدر فيها بعُنف:
- طـلاق!!!
مشي نِحيتها بخطوات سريعة خلِتها تتخض و تُقعد على الكنبة و تغطي راسها و وشها بإيديها بـ رُعب منُه، وقف مكانُه قُدامها مصدوم من ردة الفعل اللي عملتها، مش قادر يفسّر اللي عملتُه، سِمع همسها الخايف بكلمات صُغيرة مقدرش يفهمها، كل اللي شايفُه إن جسمها بيترعش رعشة خفيفة، و إيديها بتغطي شعرها و وشها، ميِّل علبها لدرجة إنُه قعد قُدامها على ركبتُه قدمُه بس اللي لامسة الأرض، مسك إيدها برفق و شالها من على وشها، فـ بصتلُه بخوف إتبدل بـ صدمة لما لقتُه قاعد عند رجلها، 
صوتُه الهادي و هو بيقول بـ رفق:
- بتخبي وشك مني ليه؟

كل اللي دار في دماغها إزاي، إزاي ممكن العيون تكدب! إزاي الشخص يقدر يمَثِّل حتى في نبرة صوتُه، مقدرتش تنطق غير بهمس خفيف ظهر فيه حُزن:
- عشان متضربنيش!!

- أضربك!!
قالها بذهول و قام شدّها من دراعها عشان تُقف قُدامُه، حاوط وشها الأحمر رافعُه ليه و قال بـ بحنان:
- بس أنا عُمري ما مديت إيدي عليكي!

بصِتلُه بتردد، عينيه مبتكدبش، مينفعش العبون دي تبقى كدابة! ملقتش حل غير إنها تحطُه في إختبار و تشوف هيتصرف إزاي، جمّعت قوتها و قالت بحدة زائفة:
- إنت كداب!! إنت بني آدم مريض و كداب و دايمًا كُنت بتضربني!!

ساب وشها و إتحولت ملامحُه من حنية لـ برود شديد، صفعها برودُه، مقالش غير:
- خلّصتي؟

مرّدتش، ليه مضربهاش!! اللي قالتُه مافيش راجل يستحملُه،  مقدرتش تتكلم و أفكار دماغها مغطيّة على أي صوت تاني، إلا إنها سمعتُه بيقول بنفس النبرة الباردة:
- تاني مرة لو صوتك عِلي بالشكل دة تاني متضمنيش ردة فعلي يا يُسر!!

هتفت بضيق:
- هتعمل إيه!! هتضربني؟ 

إبتسم ساخرًا و قال:
- لاء الضرب ده مش عندي، أنا بعاقب باللي أوسخ من الضرب بكتير!

خافت منُه، رجعت خطوتين و همست:
- مش فاهمة قصدك إيه!

- خليها مُفاجأة! 
قال بنفس الإستنكار في صوتُه، شدها من دراعها فـ إتخبطت في صدرُه شاهقة بـ خضة، ظهر التوتر على وشها لما سألها بصوت حاد:
- مين ملَى دماغك بـ فكرة إني بضربك؟

إتصدمت من سؤاله، فـ إتوترت و قالت بخوف:
- مـ .. محدش!

- مش عايز كدب!
قالها و هو بيرفع دقنها ليه، بؤبؤ عينيها إرتعش مش قادرة تبصلُه، فـ قال و رجع صوته هادي:
- قولي .. متخافيش!!

حاولت تلاقي أي كدبة، لحد ما قالت بخوف و جسمُه القريب من جسمها و ريحتُه اللي إقتحمت خلاياها وتّرتها أكتر:
- إنت .. إنت لما نمت أنا حلمت بكابوس إنك بتضربني .. بتضربني جامد و آآ أنا يعني إفتكرت إنك كنت بتضربني فعلًا قبل ما أنسى كل حاجة!!

شفايفها بترتعش، بتحاول تشيح نظرها عنُه بأي طريقة، إيدُه اللي على ضهرها مخلياها متوترة أكتر و مهزوزة، لقِت أناملُه بترفع دقنها بهدوء، و صوتُه بيؤمرها بنفس الهدوء:
- بُصيلي!

رفعت عينيها ليه، و تاهت جوا عينيه، سمعت صوته بيقول بـ رفق:
- أنا عُمري ما عملتها! 

أناملُه حاوطت وجنتها اليُمنى و إيدُه الأخرى على ضهرها، ميّل طابع بشفايفُه قبلة فوق وجنتها و همس قُدام بشرتها:
- الوش ده مقدرش أمد إيدي عليه، ده ميتضربش .. يتباس بس!

غمّضت عينيها بإستسلام غريب لـ لمساته، هي نفسها مش عارفة ليه مش بتزقُه و لا بتقاومُه، جسمها مُستجيب تمامًا كإنه ما صدّق!، مسك مؤخرة عُنقها و بشوق نزل مُقبِّلًا شفتيها، لم تُبدي إعتراض و لم تتجاوب معه، واقفة مُستكينة عكس الشخصية اللي كانت بتطلب منُه يطلّقها من شوية، بِعد عنها لما حَس بحاجتها للأكسچين، و مشي بإيدُه على وسطها و قال بصوت مُتقطع:
- سيرة الطلاق .. لو جات بينا تاني .. هتزعلي مني!

مسمعتش جُملتُه، كُل اللي كانت واقفة عندُه قُربه منها اللي بتتعرضلُه لأول مرة، همست و هي لسة مغمضة عينيها ماسكة دراعُه و هي نفسها مش عارفة ماسكاه ليه:
- إنت .. قليل الأدب!!

إبتسم و فتح عينيها و بصلها، قبّل جوار شفتيها و همس بخُبث:
- و متربتش!

فتحت عينيها و كانت هتبعد خطوات عنُه لكن شدها تاني لصدرُه و قال بمكر:
- رايحة فين؟!

إتوترت و همست بـ خجل غزى بشرتها:
- إبعد عني!!

- وحشتيني أوي!
قالها بعد ما سند جبينُه على جبينها، سكتت و الكلام مطلعش، نزل لـ رقبتها و باسها بعُمق فـ إتهز جسمها بتقبض على كفها ما بين رغبة إنها تبعدُه و رغبة في قربُه أكتر من الأولى، بِعد عنها و قال بهدوء بعد ما حررها:
- مش حابب أجبرك على حاجة، أنا عارف إنك مش جاهزة .. لما ترجعي زي الأول و تفتكريني .. ساعتها مش هرحمك يا يُسر!

فتحت عينيها لقتُه مشي من قُدامها و خرج من الأوضة كلها، قعدت على الكنبة و حطت إيديها على قلبها بتهمس و هي بتترعش:
- مستحيل .. مستحيل كان بيضربني زي ما الست دي قالت، مستحيل ده يكون بيضربني و بيضربها كمان، هي أكيد كدابة .. أكيد الست دي بتوقّع بينا!!!

حاولت تهدي نبضات قلبها و خرجت تشوفُه، لقتُه قاعد ماسك التليفون بإهتمام، قعدت قُصادُه بتبُص بعيد عنُه، فـ ساب التليفون جنبه و قال بهدوء:
- يلا نِرجع الڤيلا؟

- مـ .. ماشي!
همست بخفوت، قام لَم حاجاتُه و هي لبست حجابها، مَد إيديه ليها فـ مسكت كفُه وقامت معاه، خرجوا من الشقة و ركبوا العربية، يُسر سندت راسها على إزاز العربية، و فجأة سألتُه:
- هو أنا دخلت المستشفى ليه؟

- حادثة عربية!
قال و هو بيسترجع واحد من أسوأ الأيام اللي عدت عليه في حياتُه، إتخضت وبصتلُه و هي بتقول:
- كُنت أنا اللي سايقة؟!!

إتنهد و قال بـ نبرة ندم:
- لاء .. أنا!!

قطبت حاجبيها بغضب وقالت بحُزن:
- و ليه كُنت مُستهتر كدا!!

- غباء!
قال و هو بيمسك إيديها و بيرفعها لـ شفايفُه مُقبلًا ظهر يدها، حاولت تتغاضى عن اللي عملُه و البعثرة اللي أحدثها في مشاعرها، و همست بخفوت:
- كُنت بتحبني؟

- أوي!
قال بإبتسامة خفيفة و هو باصص للطريق، و كمِل:
- و لسه بحبك!

- طب إحنا عرفنا بعض إزاي؟
قالت بتلفلُه ساندة راسها على الكُرسي بتتأمل ملامحُه، أخد نفس عميق و قال بهدوء:
- دي حكاية طويلة يا يُسر، مش في مصلحتك تعرفيها دلوقتي عشان متتعبيش!

- ماشي!
همست بإحباط، و بصِت لكفُه الحاضن كفها محطوط على حجرُه، و إبتسمت غصب عنها، حاسة بأمان رهيب بيغمُرها، وصلوا الڤيلا، فـ نزل و نزلت وراه يُسر، مسك إيديها فـ مشيت جنبُه و عنيها جات على المسبح، قطبت حاجبيها و وقفت بتبصلُه بـ ضيق، مش شايفة غير جسمها و هو بينزل تحت المايّة و إيدُه هي اللي بتحيبها، محسِتش بنفسها غير و هي بتقرّب من صدرُه ساندة راسها عليه حاطة إيديها على جانبي دماغها بتهمس بألم:
- آه .. راسي!

ضم راسها لصدرُه ماسحًا على ضهرها، و ميّل شالها بين إيديه فـ إتخضت و حاوطت رقبتُه و هي بتقول بصدمة:
- إنت بتعمل إيه!!

- شايل مراتي!
قال و هو بيمشي نِحية الباب و خبّط عليه، هزمها وجع راسها فـ سندت راسها على كتفُه بتعب، فتحتله إحدى الخادمات فـ دخل بيها وبخجل و جناحُه، نيِّمها على السرير و مسك راسها باسها بحنان، يُسر بصتلُه بخجل و غمغمت:
- زين آآآ

وقّفها في الكلام بيقول بإبتسامة رزينة:
- زين!! أول مرة تندهيلي بإسمي من ساعة اللي حصل! 

بلعت الكلام بخجل، خجل من كلامُه و من الموقف اللي مخليه شِبه نايم فوقيها ساند كفيه جنب راسها، و إبتسامتُه اللي تكاد تجزم إنها مشافتش في حلاوتها قبل كدا، لقتُه بيقول بحنان:
- قوليلي .. 

- كُنت .. كُنت هقولك يعني إني متشكرة على اللي عملتُه و آآآ
همست بـ نبرة مهزوزة، فـ ميِّل عليها وقبّل صدغها، فـ سكتت، إبتسم و همس في ودنها:
- مش فاهم اللي أنا عملتُه ده إيه، بس متشكُرنيش تاني على حاجه!

إزدردت ريقها و غمّضت لما قبّل جنب عُنقها، و قام من عليها دخل الحمام مانع نفسُه عنها بصعوبة، فـ أخدت أنفاسها مرجّعة راسها لـ ورا حاسة إنها هتتجنن، كل اللي عايزة تعرفُه هي ليه بتستسلم كدا لما بيبقى قُريب منها! ليه مافيش أدنى مُقاومة منها! أخدت أنفاس عميقة و رفعت عينيها ليه لقتُه خرج من الحمام لافف فوطة حوالين وسطُه، شهقت بصدمة و غطت وشها بالمخدة، و صاحت فيه من ورا المخدة:
- إنت بتعمل إيه!!! خارج كدا إزاي!!!

هتف ساخرًا:
- إيه مشكلتك يعني، الله يرحم أيام ما كُنا بنستحمّى .. مع بعض!!

شهقت بصعوق وصرّخت فيه:
- بنـ إيه!!! إنت بتهزر صح!! 

قال بخُبث:
- خلي المخدة على عينك بقى عشان هقلع الفوطة!!!

- يا نهار .. إنت بجد قليل الأدب!!
هتفت و هي بتلزق المخدة في وشها، فـ ضحك من قلبُه، و دخل أوضة تبديل الملابس و ساب الباب مفتوح، لبس بنطلون و فضل عاري الصدر، خرج سرّح شعرُه فـ كانت لسه على حالها بتقول بضيق:
- أشيل ولا إيه!! 

- شيلي يا حبيبتي خلاص لبست من بدري!!
قالها مُبتسمًا، فـ شالت المخدة و رجعت حطتها مصرّخة فيه:
- إنت كدا لابس!!!

- إحمدي ربنا أوي إني لابس البنطلون أصلًا!
هتف بإستنكار، و راح نِحيتها خطف المخدة من على وشها، شهقت و غمّضت عينيها بإيديها، إبتسم و ميِّل عليها و قال و هو بيشد جفنها إيديها:
- إفتحي عينك!!

- لاء لاء!!
قالت بغضب بريء، فـ ميّل عليها بشفايفُه مُقبلًا ظهر يدها بلُطف، تنحنحت بحرج، لتمتم:
- زين!!

- اللي باين منك دلوقتي شفايفك .. عارفة ده يخليني أعمل إيه؟
قال و بعدها بثانية قبّل شفتيها قُبلات رقيقة مُتتالية، أسرعت بوضع إيدها الأخرى على شفايفها، إبتسم و مد أناملُه و دغدغ معدتها فـ ضحكت بقوة شايلة إيديها مرجّعة راسها لـ ورا، نزلها من وسطها و كمِل دغدغتها في معدتها و أعلى معدتها و رقبتها، إترجتُه يبطل بضحك لكن مبطّلش، و نزل بشفايفُه مُقبلًا شفتيها بعشق مش قادر يقاوم كرزتيها أكتر من كدا، محاوط خصرها بـ تملُك!
يُتبع♥
الفصل الرابع والعشرون
- أنا خايفة يا زين!!
همست لما بِعد عن شفايفها فـ حطت إيديها على إيديه الموضوعة على خصرها بتشيلها بالراحة، سند جبينُه على جبينها و همس برفق:
- مني؟
أومأت مغمّضة عينيها و الإحمرار يغزو وجهها، مسك طرف دقنها بإصبعيه، و مال مُلتقطًا قبلة صغيرة من شفتيها الغضة، و همس بحنان:
- طول م إنتِ في حُضني متخافيش .. أنا عُمري ما هأذيكي!

كلماتُه كانت كفيلة تخليها تستلم ليه، مش عارفة إزاي ولا ليه ولا إمتى ده حصل، كُل اللي عارفاه إنه فعلًا مأذاهاش، بالعكس، كان بيتعامل معاها كإنها جوهرة خايف يكسرها، كإن دي أول ليلة بينهم! و لإنها كانت مُعتبراها بالفعل الليلة الأولى كان عامل حساب ده كويس، كان برغم إشتياقُه ليها اللي مالوش حدود .. و برغم رغبتُه فيها اللي واصلة لمراحل فاقت العقل و المنطق، إلا إنه كان بيسيطر على نفسُه في الوقت اللي كان خلاص بيفقد فيه السيطرة، عِلاوةً على خوفها لإن عقلها بيصورلها إن دي أول مرة فعلًا، ده اللي كان بيخليه هادي معاها رغم ثورانُه الداخلي، كُل مرة كانت بتتوجع فيها كان بيمسك إيديها ويبوسها بحنان و هو بيقول:
- وجعتك؟ أسف يا حبيبتي!!
 لما صحيت لقِت نفسها في حُضنه، إترجّ قلبها وكإنها لسه مستوعبة اللي حصل!، إنتفضت من حُضنه بتضُم الغطا لجسمها العاري بتتنفس بسُرعة و عينيها كلها دموع، دموع صامتة إتحولت لشهقات عالية بعياط من قلبها! صحي زين على صوتها مخضوض، قام سند على كوعُه و مسح على شعرها بيصرّخ فيها بخضة و قلق عليها:
- مـالـك!! بتعيطي ليه؟!! 

و نزل بعينيه لجسمها بيقول بلهفة:
- حاجه وجعاكِ؟

بكت أكتر و صرّخت فيه بعُنف وسط عياطها:
- إنـتَ لـيـه عـملـت كـدا!!!

قطب حاجبيه بإستغراب و قال و هو بيعتدل قاعد قُصادها بيسألها بجدية:
- كدا اللي هو إيه؟

عيّطت زيادة فـ قال بحدة:
- يُسر متعيطيش وفهميني في إيـه!!!

- إنت .. إنت إغتصـ.ـبتني!!!
هدرت بخفوت بتضُم الغطاء لصدرها أكتر و بتنكمش أكتر، الكلمة خلتُه يتصدم موسّع عينيه، مقدرش يتحكم في إنفعالاتُه لما مسك دراعها وشدها ناحيتُه بغضب بيقول:
- أنا إيه؟! إنتِ واعية للهبل اللي بتقوليه ده ولا مش فاهماه!!!

متكلمتش و عيطت أكتر بتتحاشى إنها تبُص لعينيه، شدد على دراعها بحدة و قال بعُنف:
- مصحياني على عياطك و بتزعقي فيا و تقوليلي إغتـ.ـصبتك!!!
أي حاجه حصلت على السرير ده كانت برضاكِ يا يُسر، و لو إنتِ مش مُتقبلة ده فـ إتفلقي!!! 

و نفض دراعها بغضب جحيمي و قام دخل الحمام لإنه مش ضامن ردة فعلُه معاها، دفنت يُسر وجنتها اليُمنى داخل المخدة نايمة على بطنها بتبكي بحُرقة، لحد ما حسِت إن حرارتها عِليت و الصداع مِسك في راسها، فـ بطلت عياط سوى من شهقات خفيفة بتخرج منها كل حين و آخر، غمّضت عينيها بـ تعب، لما لَقتُه خرج من المرحاض لفِت نفسها بالغطا و قامت تمشي نِحية الحمام ساندة على الحيطة حاسة بدوخة فظيعة، كل ده كان تحت أنظارُه، غضبُه منها كان عاميه عن التعب المرسوم على وشها، دخلت الحمام و شالت الغطا اللي كان حاجب جسدها العاري تمامًا، دخلت البانيو و سابت الميا تنزل على جسمها، ريحتُه لازقة فيها مبتطلعش، بكت أكتر و إغتسلت كويس و طلعت من البانيو مسكت فوطة باللون الأبيض لفِتها على جسمها، كانت فاكرة إنه مشي لكن كان واقف في نُص الأوضة بيتكلم في التليفون، لما خرجت بصلها بضيق و لَف وشُه و هو بيقول:
- طيب يا فريدة هنبتدي شغل online دلوقتي عشان مش حابب آجي!

و قفل معاها، دخلت يُسر أوضة تبديل الملابس مُنكسة رأسها بحُزن، و هو قعد على الكنبة الوثيرة فارد رجلُه و على حجرُه اللاب توب، إبتدى شُغل فـ يُسر طلعت من الأوضة لابسة باندا تقيل و لامة شعرها، كان شكلها طفولي خصوصًا إنها كانت زعلانة، خطف نظرة عليها و رجع بَص للشاشة من غير تعبير على وشُه، قعدت هي على السرير ساندة وشها على إيديها بتتأمل الفراغ، لحد ما إتخنقت و طلعت قعدت في البلكونة بتبُص حواليها، إبتسمت و هي شايفة الورود اللي واضح إنهم بيتلقوا رعاية من نوع خاص عشان يبقوا بالجمال و اللون الزاهي ده!

فضلت قاعدة مُبتسمة لحد ما حسِت بالجو قلَب، رعد و برق مُخيف جدًا ضرب السما، و رعد هز جسمها من قوتُه، يُسر إنتفضت من على الكُرسي بـ خضة حقيقية، دخلت الأوضة لكن الصوت مكانش طبيعي كان عالي جدًا، دوّرت بعينيها عليه ملقتوش، عينيها لمعت بالدموع بخوف و خرجت من الأوضة دوّرت في الجناح لكن بردو ملقتوش، وقفت بتمتم بإسمه بخوف شديد:
- زيـن!!!

نزلت من الجناح على السلم بتجري و هي بتدوّر عليه، ملقتوش في الصالة، جريت على المطبخ لـ رحاب بتقولها والدموع مغطية وشها:
- فين .. زين!!

هتفت رحاب بقلق:
- في مكتبُه يا يُسر!!

- مكتبُه فين!!
قالت و جسمها بيترعش و لسه صوت الرعد موقفش، فـ شاورتلها عليه، جريت يُسر و إقتحمت المكتب بـ صدرٍ يعلو و يهبط، و أنفاس عالية جدًا، و أعيُن مذعورة و دقات قلبها وصلت عنان السماء، زين إستغرب دخولها المُفاجيء و قام وقف و هو بيقول بـ ضيق:
- في إيه؟!

مسمعتوش .. قفلت الباب و جريت عليه رمت نفسها في حُضنه محاوطة خصرُه و ساندة خدها على صدرُه بتتشبث في لبسُه بقوة و هي بتغمغم بـ خوف إختلط بالحُزن:
- أنا خايفة .. خايفة أوي، مبحبش صوت الرعد و لا شكل البرق، آخر مرة .. آخر مرة كانت بعد موت ماما و بابا بـ يوم واحد، قضيت لوحدي ليلة من أسوأ الليالي و أنا قاعدة في زاوية في أوضتي بعيط و صوت الرعد و منظر البرق مش قادرة أنساه! 

لزقت جسمها في جسمُه بتقول بعياط فطر قلبُه:
- أنا خايفة يا زين .. خايفة أوي، متسبنيش!!!

ضمها لـ صدرُه بحنان بيمسح على شعرها بيهديها بـ صوتُه:
- إهدي .. مش هسيبك أبدًا!!

- تـ .. تعالى!!
همست و هي بتخرج من حُضنه بتشدُه برفق نِحية الكنبة، قالت بعيون كلها دموع:
- نام هنا!

إستغرب بس نام فارد جسمُه، مسكت هي في قميصُه و فردت جسمها فوق جسمُه نايمة على بطنها على صدرُه و وشها تحت دقنُه، حاوط قدميها داخل قدميه بيمسح على شعرها و رغم إنها بطلت عياط لكن الشهقات الخفيفة اللي بتصُدر منها و إنتفاضة جسدها بين الحين و الآخر خلتُه يهمس في ودنها بـ هدوء:
- ششش .. إهدي يا يُسر، متخافيش!!

غمّضت عينيها فـ مسح على شعرها بحنان، لحد ما حَس إنها نامت تمامًا، حاوط خصرها برفق و بدِّل الأدوار فـ بقت هي أسفلُه، قبّل جبينها و قام يكمِل شغلُه مُدركًا تأثيرها عليه، فـ رغم غضبُه منها إلا إنها قدرت بـ حضن فقط تمحي أي غضب كان جواه! 

صحيت بعد حوالي ساعة، بصِت حواليها لقِت المكتب فاضي لكن صوت الرعد إختفى، قعدت على الكنبة ضامة ركبتيها لصدرها بحُزن ظنًا منها إنه سابها و مشي، فضلت قاعدة لحد ما لقت الباب بيتفتح و بيدخُل زين اللي كان بيجيب ورق شايلُه في مكان مهم و رجع، لما لاقاها صاحية حط الورق على مكتبُه و خد خطوات نِحيتها و قال بهدوء:
- إنتِ كويسة؟

رفعت راسها نِحيتُه و أومأت من غير ما تتكلم، و رجعت بصِت في الأرض و همست بـ حُزن:
- معلش أسفة إني جيت و عطّلتك!! 

و قامت كانت لسه هتمشي لولا إنه مسك دراعها و وقّفها قُصادُه بيقول بضيق:
- إنتِ مش هتبطلي جنان بقى؟

بصتلُه بعيونها الدامعة و قالت بألم:
- ربنا يريّحك من جناني يا زين!

توسعت عينيه و هزّها بحدة و هو بيقول:
- لاء ده إنتِ هبلة بقى!! مالك يا يُسر إيه الحساسية الزيادة عن اللزوم دي!!

- أنا .. أنا عايزة أرجع بيت تيتة!
قالت و دموعها بتنزل على خدها بتشيل إيدُه بعيد عن إيديها، إتنهد بغضب و مسح على وشُه و هو بياخُد خطوات بعيد عنها فـ تراجعت هي كمان بقلق منُه، لقتُه إداها ضهرُه و سند بكفيه على مكتبُه مميّل عليه بيحاول ينظّم أنفاسُه قدر المستطاع و يهدي نفسُه، إستغلت الفرصة و حاولت تهرب من المكان لولا صوتُه اللي صدح خلاها تتنفض و تقف مكانها:
- أُقــفــي عــنــدك!!!

وقفت مكانها بخوف إختلط بغضب من زعيقُه فيها، فـ سكتت للحظات و رجعت غمغمت بحدة:
- إنت بتزعقلي كدا ليه!!

لفِلها وقرّب منها بخطوات عنيفة فـ شهقت و رجعت لازقة في الباب فـ شاور بإيدُه بغضب حقيقي:
- و أديكِ بالجزمة كمان!!! أنا مش عايز دلع و مياصة، إنتِ مش هتطلعي من البيت ده غير لو أنا مُت .. و حـتـى لـو مُـت هتفضلي فيه بردو!!

- أنا مش عايزة أفضل معاك أنا حُرة!!
هدرت بغضب واقفة قُصداه رافعة وشها ليه، ،نزل بعينيه لـ شفايفها ليُهجم عليهما يُقبلها بعُنف غاضب محاوط رقبتها، حاولت تبعدُه حاطة إيديها على صدرُه لكن خفِت مُقاومتها ليه لما إتحولت قبلتُه لحنان مُنقطع النظير خلّاها تنزل إيديها من على صدرُه بـ بُطى مُستسلمة له، و لولا إنه كان محاوط خصرها بدراعُه القوي كان زمانها وقعت من تأثيرُه عليها، بِعد عنها لما حَس بإحتياجها للهوا، فـ إتنفست بسُرعة مغمّضة عينيها، نزل بشفايفُه جنب أذنها و همس بها بخُبث:
- واضح فعلًا إنك مش عايزة تفضلي معايا!!!

فتحت عينيها بغضب و كانت هتزُقه من صدرُه لولا إنه قبض على كفيها بيقول و الغضب إترسم على وشُه:
- إيـدك!!!

بصتلُه بغيظ و قهرة و صرّخت في وشُه:
- يعني إنت بس كُنت بتثبتلي كدا صح!! أنا بكرهك يا زين!!

إبتسم و قال بمكر مقرّب وشُه منها:
- وأنا بحبك يا عيون زين!!

- إنت عايز مني إيه!!
همست بألم و إتحول الغضب في لحظة لـ وجع، فـ قال و هو بيتشرّب ملامحها بعينيه:
- عايزك! 

- ليه بتوجعني؟
همست و قد تجمّعت العِبرات في مقلتيها بتبصلُه، فـ قبّل جوا ثغرها و همس قُدام شفايفها:
- ده أنا أموت قبل ما أفكر أوجعك!!

أسرع قلبها مُنتفضًا بلهفة هاتفًا:
- بعد الشر عليك!

حمدت ربنا إنها قالت في سِرها، فضلت بصّالُه لحد ما سألها بـ رفق:
- قوليلي أنا وجعتك في إيه؟ 

ثم تنهد و إسترسل:
- قوليلي و أنا بنفسي هعالج الوجع ده!!

إتنهدت و هي حاسة إنها إبتدت تحبُه، هو فعلًا من أول ما شافته موجعهاش .. حاولت تختلق أي حاجه فـ همست بتبُص لكفيه القابضة على كفيها:
- شايف ماسك إيدي إزاي؟

و رفعت وشها ليه و قالت بحُزن:
- إيدي وجعاني!!

رفع يداها لشفتيه ليُقبل رسغيها بعشق قُبلتان مِتتاليتان، إبتسمت تستشعر ملمس شفتيه فوق بشرة يداها، رِجع بصِلها و قال بحنان:
- إيه تاني يا عُمري واجعك؟

بصتلُه بحُب لأول مرة بعد اللي حصل، و همست بخجل بعد ما نزِلت عينيها:
- إنت .. إنت بوستني بطريقة وحشية و آآ!!

إبتلع باقي كلماتها بجوفُه مُقبلًا شفتيها بـ رقة وحنان مكوبًا وجهها بين كفيه بعشق حقيقي، دابت بين إيديه و إتفاجإت بنفسها بتحاوط عنقُه تُبادله قبلته بقلة خبرة منها، رغم صدمتُه إلا إنه حَس بقلبُه طاير من الفرحة، مقدرش يبعد إلا لما هي حاولت تبعدُه بخفة عشان تقدر تتنفس، سند جبينُه على جبينها و أنفها مُلتصق بأنفُه لسه محاوطة عنقُه مش قادرة تبعد عنُه، و لا هو قادر يبعد، همست بتقَطُع و هي مغمضة عينيها:
- زين!!

- قلبُه!!!
همس بإبتسامة عاشقة، فـ قرّبت منُه أكتر و كانت لسه هتتكلم لولا إن تليفونُه رَن، تأفف بضيق فـ إبتسمت و قال و هي بتشيل إيديها من حوالين رقبتُه بتقول بإبتسامة:
- تليفونك يا زين؟

- يولع!!
قال بغضب و هو بيشدد على ضهرها عشان متبعدش، إبتسمت و قالت و الرنين مازال مُستمر:
- لحسن يكون في حاجه مهمة!!

إتأفف بضيق و سابها و فتح التليفون، فتح السبيكر و هو ساند على سطح المكتب بإيديه بيقول بصوت كلُه ضيق:
- خير يا فريدة!!

هتفت فريدة صوتها الأنثوي:
- زين بيه .. أنا أسفة يا مستر بس كُنت بفكّر حضرتك إن فاضل على الـ meeting خمس دقايق!!

- فاكر يا فريدة لسه مخرّفتش!
هتف بحدة فـ همست الأخرى بحرج:
- أكيد يا مستر أنا مش قصدي .. أسفة على الإزعاج!!

قفل معاها بضيق و قعد على المكتب ساند رجلُه على الأرض، لقاها واقفة بتبصلُه بضيق فـ مَد إيدُه نِحيتها و قال بهدوء:
- تعالي!!

راحت مسكت إيده و وقف قُدامُه و قالت بضيق:
- مين فريدة دي؟

قال بإبتسامة:
- السكرتيرة بتاعتي!

هتفت بغيرة:
- و ليه فريدة يعني .. ليه ميبقاش فريد!!

ضحك من قلبُه و قرّبها منُه و قال بخُبث:
- بتغيري؟

- لاء!
قالت مُسرعة بتنفي ده حتى لنفسها، لكن نيران قلبها كانت واضحة، فـ قال مُبتسمًا:
- ماشي يا يُسر .. كُنت هتقولي إيه قبل ما فريدة ترِن!

قرّبت منُه أكتر و حطت سبابتها فوق شفتيه و همست بضيق بريء:
- متقولش فريدة!! متنطقش إسمها! قول يُسر  .. يُسر بس!!

ثبِّت أصبعها فوق شفتيه و قبلُه، ليُبعدُه هامسًا بخُبث:
- واضح فعلًا إنك مبتغيريش!

ضربت الأرض بقدمها و هتفت بحُزن:
- بغير يا زين .. بغير عليك و مبحبش أي واحدة تكلمك أو تكلمها، في نار في قلبي مُجرد ما نطقت إسمها!!

حاوط خصرها و قرّبها منُه جاعلًا جسدها بين قدميه، ليهتف بحنان:
- تغور فريدة في ستين داهية، أنا معنديش غير يُسر بس!!

إتنهدت و هديت شوية لحد ما قالت برفق:
- ماشي .. هسيبك دلوقتي تحضر الإجتماع!

و كانت هتمشي بس مسك إيديها و قال بهدوء:
- خليكي هنا!

همست بإبتسامة:
- هطلع الجناح هروّقُه و أغير الباندا ده و هاجي!!

أومأ لها بهدوء و ساب إيديها، سابته و مشيت و طلعت الجناح، فتحت باب الأوضة اللي كانت مضلمة فـ إستغربت لإنها لما مطفتش النور قبل ما تنزل، لما فتحت النور شهقت بصدمة بترجع لـ ورا و هي بتقول بخضة:
- إنتِ .. إنتِ بتعملي إيه هنا! و دخلتي إزاي!!

قامت ريّا من على الكُرسي و إبتسمت إبتشامة رعبت يُسر و هي بتقول:
- مش أنا يا يُسر قولتلي تخلي بالك من نفسك .. تقومي إنتِ تسلميلُه نفسك!!

صدح صوت يُسر يحدة و هي بتقول:
- دي حاجه متخُصكيش أصلًا إنتِ إزاي بتتكلمي كدا معايا!!

و إسترسلت:
- و بعدين إنتِ ست كدابة إنتِ أصلًا شكلك مش أمُه!! 

شهقت يُسر لما لقت ريّا نزلت على وشها بـ صفعة خلِت وش يُسر يلتف للناحية الأُخرى، حطت يُسر إيديها على خدها بصدمة، ندمت ريّا على إنفلات أعصابها لكن سُرعان ما أدمعت عينيها تصرخ بها بوجع:
- بعد ما تعبت فيه و ربيتُه و كبّرتُه و رماني كإني كيس زبالة تيجي إنتِ تقوليلي مش أمُه!! لاء أنا أمُه يا يُسر و ده من سوء حظي للأسف!! أنا أسفة إني ضربتك بس أنا موجوعة يا يُسر!! موجوعة يا بنتي في نار قايدة في قلبي منُه!! ساعديني يا يُسر، ساعديني عايزة آخُد حقي منُه!!

حاولت يُسر تفوق من صدمة القلم اللي خدتُه، و جارِتها في كلامها و قالت بهدوء عكس اللي في قلبها من ضجيج:
- و عايزة تاخدي حقك منُه إزاي؟

هتفت ريّا و الشر بدأ يلمع في عينيها:
- أنا مش عايزة غير إنك تخليه يمضي على ورق بيع و تنازل لشقة واحدة بس من شُققه أقعد فيها بدل قعدتي في الشوارع!!

هتفت يُسر بعد لحظات:
- أنا هتكلم مع زين .. و هخليه يتنازلك عن شقة زي ما بتقولي لكن من غير ما أخدعُه!! 

صرّخت فيها ريّا:
- إياكِ .. إياكِ تعملي كدا!! 

وأسرعت بتقول مبررة إنفعالها:
- ده إنتِ .. إنتِ بس لو جبتيلُه سيرتي مش بعيد يضربك يا بنتي و أنا خايفة عليكي، خايفة يمد إيدُه عليكي زي ما بيعمل دايمًا!!

- بس زين عُمرُه ما ضربني!!
هتفت يُسر بـ ثقة، فـ هدرت ريّا بحدة:
- و إنتِ إيه عرّفك و إنتِ أصلًا فاقدة الذاكرة و مش فاكرة حاجه!!!

هتفت يُسر مُبتسمة لإنها وصلت للنقطة اللي عايزة توصلها:
- و إنتِ عرفتي منين موضوع إني فقدت الذاكرة ده!!!

سكتت ريّا لحظات بتشتم نفسها على غباءها، حاولت تقول أي حاجه فـ أسرعت قائلة بتوتر:
- أنا .. أنا متابعة أخبارك يا بنتي و لما عرفت اللي حصل جيت أنبهك عشان ميضحكش عليكي و آآ

قاطعتها يُسر بحدة:
- إسمعي يا ست إنتِ!!! لو عقلك مصوّرلك إني مُمكن أأذي جوزي بأي شكل تبقي ست مجنونة!!! عُمري ما هأذيه لو حصل إيه، أنا بقالي أسبوع معاه مشوفتش منُه حاجه وحشة، عُمره ما مد إيدُه عليا و لا وجعني بكلمة، و مستحيل شخص زي زين يكون كان بيضرب أمُه و لا راميها و اللي إنتِ بتقوليه ده!! أنا مُتأكدة إنك عملتي بلوى سودا خلِتُه يعمل فيكِ كدا لأني واثقة في قراراته!!

نفذت آخر قطرة صبر عند ريّا، مقدرتش تتحمل و وقع القناع من عليها، راحت نِحية يُسر و كانت هتضربها بكُل قوتها لولا صوت زين اللي صدح من تحت بينده عليها، ريّا إترعبت و بسُرعة جريت من البلكونة و يُسر متعرفش نزلت إزاي، حاولت يُسر تهدي نفسها و حالة الرعب اللي دخلت فيها، دخل زين الجناح  و منُه للأوضة، لاقاها واقفة مديالُه ضهرها بتترعش بخوف، لفّها ليه و قال بقلق:
- إتأخرتي ليه!!

إتصدم لما شاف علامة حمرا على خدها اليمين، رفع وشها ليه و قال و صوته بدأ يِهدى و ملامحُه جمدت و هو بيقول بصوت يشبه في هدوءُه هدوء ما قبل العاصفة:
- إيه اللي في وشك ده؟

قالت بتلعثُم بتتحاشى النظر لعنيه:
- مـ .. مافيش .. إتخبطت!!!

- إرفعي عينك و بُصيلي!
هتف بحدة فـ رفعت عينيها بخوف، لَف وجنتها له و قال بغضب:
- مين اللي ضربك!!!!

مرعوبة تقولُه الحقيقة يعمل حاجه تضرُه، حاولت تهديه و هي بتقول برفق:
- زين إهدى .. أنا بجد وقعت و إتخبطت على الأرض!!!

- كـدابـة!!!
هدر فيها بقسوة فـ رجعت ورا بخوف من ملامحُه اللي بتستوحش، مسك دراعها و قرّبها منُه بحدة و قال بعُنف:
- مين كان هنا؟!!!

- إنتَ بتشُك فيا يا زين!!
همست مصدومة، فـ صرّخ في وشها بعصبية خوّفتها منُه:
- رُدي عـلـى مـيـتـيـن أُم الســؤال!!!

الدموع إنهمرت من عينيها و صرّخت فيه بعياط:
- مامتك .. مامتك اللي كانت هنا يا زين!!!

و نفضت إيديها بعيد عن إيدُه سايباه واقف مصدوم ماشية خطوات بعيد عنُه، لما فاق من صدمتُه رجع مسك دراعها و شدّها ليه بعُنف و قال بحدة:
- بتقولي إيه!!! الست اللي بتقوليه عليها أمي دي ميتة أصلًا من شهرين!!!

جفت الدموع على خدها و بصتلُه بصدمة موسّعة عينيها و غمغمت:
- ميتة!!! ميتة إزاي!! لاء .. مش .. مش ميتة والله كانت لسه واقفة هنا قُدامي دلوقتي!!

و أكملت بعياط:
- صدّقني يا زين أنا مش بكدب عليك فـ حرف واحد، حتى إسمها ريّا .. و كانت جاية عايزاني أمّضيك على ورق تنازُل ليها بس أنا موافقتش، و هي اللي .. اللي ضربتني كدا!!!

بصلها للحظات نظرات مفهمتش منها حاجه، فـ بعدت عنُه و قالت بتكتم عياطها جواها:
- لو لسه شايف إني بكدب .. يبقى خلاص اللي تشوفُه!!

وقعدت على السرير باصّة لأناملها بألم مش قادرة توصفُه، مسح على وشُه بعُنف و خرّج تليفونُه من جيب بنطلونه عمل مُكالمه و حطُه على أذنه، أول ما السكة إتفتحت صوتُه صدح بشكل عنيف خلّاها تنتفض:
- عـابـد!!! حالًا تدورلي في موضوع ريّا اللي ماتت، و إياك بعد كدا تجيبلي معلومة مش مُتأكد منها بنسبة مليون في المِية، هي ساعة واحدة اللي ليك عندي .. ساعة تكون عرفتلي هي ماتت فعلًا و لا عايشة!!!

و قفل معاه، رمى تليفونُه على الكنبة بعُنف فـ إزدادت دمعات يُسر هطولًا، خرج من الأوضة و دخل البلكونة وقِف فيها بيحاول يتلاشى إنه يشوفها و يشوف دموعها، إستلقت يُسر مكانها حاطة إيديها تحت وشها بتكتم عياطها، مقدرتش تغمّض عينيها و تنام، فكرة إنه شَك فيها مطيرة أي ذرة نوم من عينيها، غمرت وشها في الملاية بتكتم عياطها عشان ميوصلوش، بعد حوالي ساعة سمعت صوتُه بيزعّق في التليفون و بيقول بعُنف:
- و لما هي عايشة معرفتش من شهرين لـيــه!!!!!

غمّضت عينيها بحُزن، حسِت بيه بيدخل الأوضة، وقف قُدامها و بعدها قعد على كاحليه بيمسح على شعرها، و بيندهلها بـ هدوء:
- يُسر!!

فتحت عينيها بصتلُه للحظات، لحد ما ودت وشها النِحية التانية و قالت بجمود:
- إبعد .. عني!!

إتنهد و قام قعد قُصادها، ميّل على وشها و قبّل خدها الأحمر و مسد عليه بأناملُه و هو بيقول بشرود:
- و رحمة أبويا .. القلم ده ما هيعدي كدا بالساهل!! 

قامت قعدت قُدامه و هدرت فيه بألم:
- زين سيبني .. سيبني أنا مش عايزة أتكلم معاك!!!

و حطت إيديها على قلبها بتقول بألم حقيقي:
- أنا .. أنا حاسة إن قلبي بينـ.ـزف من الوجع!!!

مسك راسها و ضمها لصدرُه حاطت إيديه على إيديها الموضوعة على قلبُه و إتنهد و قال بندم:
- أنا أسف يا حبيبتي أسف، أنا عايزك تعذُريني!!

قاطعتُه بتبعد عن حُضنه بحدة و بتزُقه من صدرُه مصرّخة فيه:
- أعذُرك!!! أعذُرك إنك شكيت إني جايبة حد هنا في الأوضة!!

مسح على وشُه و قال بإرهاق:
- يُسر أنا مكنش قصدي كدا!!!

وقفت قُدامُه و قالت بضيق و صوت عالي:
- أومال كان قصدك إيه! إنت قصدك كان واضح أوي يا زين باشا!!

و إسترسلت بعياط:
- أنا مش هعيش معاك لحظة واحدة بعد اللي حصل!!!

و كانت هتطلع من الأوضة لولا إنه شدّها من دراعها فـ خبطت في صدرُه رفعت وشها ليه بتبصلُه بحقد بعينيها الحمرا، إتفاجإت بيه بيسند جبينُه على جبينها و بيهمس بألم:
- لسه عايشة يا يُسر .. أكتر ست بكرهها في الدنيا طلعت لسه عايشة، بعد ما كُنت فاكر إني خلاص خلصت منها .. طلعت لسه بتحوم حواليا و حوالين مراتي و وصلت لجناحي و أذتني في أغلى بني آدمة عندي!!..



تعليقات