رواية ضراوة ذئب
الفصل الخامس5 والسادس6
بقلم ساره الحلفاوى
سمعت صوت قفل الباب فـ إتقبض قلبها أكتر، لفِت لقتُه بياخد إيديها و بيمشي بيها ناحية أوضة في آخر الشقة، دخلت وقعدت على السرير بتفرُك صوابعها، فـ فتح الخزانة وخرّج بيچامة كانت إلى حدٍ ما مُحترمة لإنه عارف إنها مش هتقبل تلبس حاجة من الحاجات الفاضحة اللي في الدولاب، بيچامة بـ نُص كُم و برمودا!، ياريتُه إكتفى بالبيچامة، ده خرّجلها طقم داخلي راقي جدًا باللون الأبيض و حطه جنبها و قال ببرود:
- قومي خُدي شاور دافي و إلبسي البيچامة دي!!
إتصدمت من جرائتُه و قالت و وشها إستحال للأحمر:
- على فكرة مينفعش كدا!! إنت .. إنت بتعمل حاجات قليلة الأدب و آآ!!
- أنا جوزك! وبعدين قلة الأدب لسه جاية!!!!
بصِت للأرض و رجعت بصتلُه و قالت بحرج:
- و يا ترى ده لبس مين؟
- لبسك!
قال ببساطة، فـ قطّبت حاجبيها و قالت:
- يعني قرار إنك عايز تتجوزني ده مجاش صُدفة! دي خطة بقى!!
قال بنفس البرود:
- متسأليش أسئلة مالهاش لازمة، قومي غيّري!
و خرج من الأوضة كلها، فـ مسكت البيچامة و الطقم الداخلي بتبصلُه برهبة حقيقية، دخلت المرحاض و قفلت الباب على نفسها كويس، نزعت كُل ملابسها و دخلت تحت الدُش، بتحاول تلغي أي أفكار تيجي في دماغها تزود الرعب في قلبها، ليه دونًا عن كل البنات هي تبقى زوجة للوحش اللي برا ده!!
خرجت من تحت الدُش و لبست الهدوم، نشفت شعرها بالفوطة و سابتُه ينزل على ضهرها اللي كان واصل لآخرُه، إرتجفت و هي مش مصدقة إنها هتطلع كدا و لسه مش مستوعبة فكرة إنه بقى جوزها، خرجت من الحمام بصعوبة بعد تردد كبير خرجت و حمدت ربنا إنه مش في الأوضة، و بعد مرور ساعة و هي ضامة رجليها لصدرها منزوية في آخر الفراش العريض، قامت و فتحت الباب دورت عليه في الصالة و المطبخ و لما ملقتهوش إبتسمت بسعاده و دخلت الأوضة بسُرعة قفلت كل الأنوار و نامت و دثرت نفسها بالغطا من رأسها لأخمَص قدميها!!!
صحيت اليوم اللي بعدُه و أول حاجه دورت عليها بعينيها كان هو، قامت ودوّرت في الشقة كلها وملقتهوش، لحد م فقدت الأمل و دخلت تعمل حاجه تاكُلها و لحُسن حظها التلاجة كانت مليانة بأكل يشهي الأنفس، أكل لأول مرة بتشوفه، و أكل حُرمت منُه، أكلت لحد ما شبعت و بعدها حشِت بالخجل لإنها كلت كتير و همست لنفسها بحُزن:
- ليه كلتي كُل ده؟! دلوقتي ييجي يشوفك واكله ده كلُه .. هيقول إيه عليكِ!!
و إسترسلت بغرابة:
- هو راح فين!!!
• • • •
يومان .. ثمانية و أربعون ساعة من دون حتى أن ترى طيفُه، كُل م تصحى و متلاقيهوش تنام تاني، للحظة حسِت بإهانة فظيعة، إتجوزها ليه مدام مش عايز حتى يقعد في المكان اللي هي قاعدة فيه، عينيها وارمة من شدة البكاء، مش عارفة هي بتبكي ليه، بتبكي إنه مش موجود! دي مُستحيلة! جايز بتبكي لإنها حسِت إنها لوحدها مش معاها حد بين أربع حيطان كاتمين على نفَسها، حضنت مخدتها و إنهارت في العياط أكتر، من إمبارح و هي بتحلم بكوابيس غريبة، و تصحى مخضوضة متلاقيش حتى حد يناولها كوباية مايه، فـ تعيط شوية زي الأطفال و ترجع تنام تاني، لحد م صحيت في صباح اليوم التالت سمعت صوت كركبة برا، خافت جدًا و ضمت الغطاء لصدرها بتغطى جسمها الظاهر من منامية حرير باللون الأحمر حمّالات واصلة لأعلى رُكبتها، قامت بسُرعة ولبست روب القميص اللي كانت لابساه فـ غطَّى الروب لحد آخر رجلها، طلعت من الأوضة و الذُعر باين على وشها، لقتُه واقف في المطبخ مديها ضهرُه بيفضي حاجات من الكيس، و صوته الرجولي قال بهدوء:
- متخافيش! ده أنا!
إزاي عرف إنها واقفة وراه؟! زفرت نفس عميق إلا إن الضيق إحتل ملامح وشها و هي بتقول بحدة:
- كُنت فين؟
إبتسم ساخرًا و هو لسه مشافهاش و قال:
- وحشتك؟
قرّبت منُه و صرّخت فيه و هي بتقول بصوت يشوبه البُكاء:
- رُد على سؤالي!!! جيبتني هنا و رمتني زي الكلبة و سيبتلي شوية أكل في التلاجة عشان عارف إنك هتغيب!! و مدام إنت مش عايز تقعد معايا لييه تتجوزني من الأول!!!
لفِلها ولسه كان هيتكلم إلا إن لسانه إتكبل بسلاسل من حديد لما شاف أُنثى مُبهرة فاتنة واقفة قُدامه، لابسة روب أحمر إتفتح شوية من عند نهديها فـ ظهرهم بـ سخاء، شعر بُني كستنائي نفس لون عينيها مُبعثر شوية إلا إنه مازال مُحتفظ بنعومته، ملامح ملائكية و وش أحمر من أثار النوم، عيون بتلمع من العياط اللي على وشك إنها تعيطُه، عينيه بتشرب تفاصيلها، تفاصيل مُهلكة، إزاي حد ممكن ياخد كل القدر من الجمال ده لوحدُه، إزاي سابها اليومين دول أصلًا!! عينيه ثبتت على شفايفها اللي بتترعش و هي بتقول بصوت مخنوق غافلة تمامًا عن نظراتُه اللي بتاكُلها:
- إنت عارف أنا شوفت إيه في اليومين دول؟ عارف كنت بحلم بكام كابوس في اليوم و اقوم مخضوضة معيطة عشان قاعدة لوحدي و آآآ
مقدرش يتحمل، في لحظة كان محاوط وشها بين إيديه بيُقبل شفتيها المُكتنزة بنهم، قُبلة جامحة مُتعدية على حُرمة شفتيها مُنتهكة عُذريتها إنتهاك كامل، بيخطف شعور أول قُبلة و أول لمسة، يُسر إتصدمت، مقدرتش تتجاوب معاه وفي نفس الوقت مكانش عندها القوة الكافية عشان تبعدُه، صوابعه اللي بتتغلغل خُصلاتها و اللهفة اللي كانت في قُبلته و إيده التانية محاوطة خصرها بقوة بتقرب جسمها من جسمُه، حطت كفيها على صدرُه بتحاول بضعف تبعدُه و كل اللي عملتُه إنها زودت لهيب الشوق في قلبُه أكتر، مكانتش عارفة إن بلمسة إيديها على صدرُه و الضعف اللي إتملك منها هيخلوه يفقد السيطرة على نفسُه أكتر، لما حَس بنفسها بيروح بِعد، فـ لهثت بتحاول تاخد أكبر قدر من الأكسچين تاني، و هو كذلك، إتفاجئت بيه ساند جبينه على جبينها مغمض عينيها و هي غمضت عينيها و حاسه برجفة في قلبها، فـ هي بتختبر لأول مرة في حياتها لمسة راجل ليها، حَست بإيدُه بتحرر عُقدة رُباط الروب، فـ همست بخوف حقيقي و هي لسه مغمضة عينيها:
- أنا خايفة!!
نزل بعينيه لجسمها و زي م توقع الأنوثة الفتّاكة اللي كانت مخبياها ورا العباية، و لما سمع جُملتها بهدوء وقّع الروب الحريري من على كتفها و قال بهدوء:
- مش هأذيكي!!
هو عايز يصارحها إن هو نفسُه خايف، خايفه عليها منُه، خايف من رغبته فيها و شهوته تإذيها، فـ سمعها بتقول برجفة و حُزن:
- من أول ما شوفتني .. و إنت بتإذيني!!!
ميّل و شالها بين إيديه و مرَدش عليها، هو دلوقتي مش في دماغُه أي حاجه غير إنه عايز الجمال ده كله دلوقتي يبقى بين إيديه، نيّمها على السرير و طَل عليها بكتفُه العريض ساند إيدُه جنب راسها، نزل بشفايفُه لدقنها و طبع قبلة تليها قبلة، جانب ثغرها و خدها و جفونها المُغمضة و هي حاسة بشعور غريب بتختبرُه في بطنها لأول مرة، شعور شبه تحليق فراشات باللون الوردي، قُبلاته كانت حنونة لدرجة هي نفسها متخيلتهاش، عِرف إزاي يخليها تسلملُه نفسها و بإرادتها، عِرف أزاي يمتلكها بدون أدنى مُقاومة منها تُذكر، بالعكس .. في بعض اللحظات إتفاجئت بنفسها بتتجاوب معاه، لحد مـ بقت قُدام ربنا مراته فعلًا مش قولًا و بس!
• • • • •
صحيت هي من النوم الأول، كان لسه نايم على بطنُه وضهره العريض في مواجهتها، إتأملت ملامحُه الرجولية الوسيمة جدًا، عيون مُحاطة برموش كثيفة و لو فتحهم هيكشف عن لون زيتوني بديع، أنف حاد مع شفايف حادة مرسومة، و شعرُه كان إسود زي اليل كثيف لدرجة إن جالها رغبة في إنها تغمر أناملها الرقيقة في شعرُه بس خافت يصحى، حاولت تقوم فـ تآوهت بألم و هي حاسه بوجع رهيب جواها، و ده لإن ساعات رغبتُه كانت بتلغي أي ذرة عقل فيه و يقسى شوية عليها، مقدرتش تقوم فـ إستسلمت و فضلت نايمة جنبُه لابسة قميصُه اللي هو بنفسُه ساعدها تلبسه، غمضت عينيها و في جزء جواها بيأنبها على إستسلامها المُخزي ليه، إلا إن جانب تاني بيقولها إن ده جوزها، و إن اللي حصل طبيعي، خدت نفس عميق حاسة إن عقلها هينفجر، لحد م حسِت بتململُه و إنه على وشك يصحى، فـ مثلت النوم بسُرعة عشان تعرف هيعمل إيه، إتفاجئت بيه بيمسح على شعرها و بيبوس جبينها!!! إتصدمت، و لولا إنه قام يدخل الحمام كانت فتحت عينيها بدهشة، ده مسح على شعرها! ده عمل نفس الحركة اللي أبوها زمان كان بيعملها، و مش بس كدا ده كمان طبع قبلة على جبينها، إبتسمت بإتساع و إستنتُه لحد م يطلع، لما طلع حاولت تتعدل في قعدتها إلا إن غصب عنها تآوهت بألم، فـ قرّب منها و و قعد قُدامها و هو بيبُص على جسمها بيتأكد إنها كويسة:
- مالك؟
تمتمت بخجل:
- موجوعة شوية!
و فركت صوابعها من كُتر الخجل، إتنهد و هو عارف إن في بعض اللحظات مكانش رقيق معاها و على العكس تمامًا، فـ قال بنفس نبرتُه الهادية:
- عايزاني أساعدك في حاجه؟ أسحَّمك؟!
رفضت مُسرعة بشكل قاطغ و الخجل بيتملك منها أكتر:
- لاء لاء!! أنا هقوم و هبقى كويسة!!!
حط إيدُه تحت ركبتها و التانية على ضهرها و شالها بحذر، ضمها لصدره و دخل بيها الحمام و نزلها بهدوء على أرضية الحمام، فـ بصت في الأرض و إيديها بتترعش كعادتها، مسك إيديها و قال و هو بيبُص لعنيها:
- ليه إيدك بتترعش على طول؟
قالت بحُزن:
- لما كشفت قالولي ضعف في الأعصاب وأنيميا!!
بَص لـ وشها و رجع بَص لإيديها اللي بين إيديه، و مشي بإبهامه على جلد كفها للحظات، و بعد عنها شوية ظبطلها الماية الدافية في البانيو و قفلُه عشان يملى، و بصلها و قال بهدوء:
- أقعُدي في البانيو و هتحسي إنك أحسن!!
أومأت بـ وداعة، فـ قال و هو بيبعد خصلة ثائرة ورا ودنها:
- لو إحتاجتي حاجه إندهيلي!!
- حاضر!
قالت و هي عارفه إنها مُستحيل هتندهلُه! فـ طلع من الحمام و قفل الباب وراه، حررت هي أزرار قميصُه اللي خلت ريحتُه مُلتصقة في جسمها، و نزلت في البانية بتإن بألم و الماية بتغمُر كل جزء في جسمها، رجّعت راسها لورا و حسِت بإسترخاء حقيقي، لما حسِت إنها بقت كويسة قامت، إغتسلت و لفت حوالين جسمها فوطة و خرجت، لقتُه واقف في البلكونة بيشرب سيجارة مديها ضهرُه، خدت لبسها وطلعت تغير في أوضة تانية من خجلها، و لما خلّصت طلعت من الأوضة فـ لقتُه قاعد على السرير باصص قُدامُه بشرود، راحت و قعدت جنبُه بتلقائية، فـ بصلها وقال:
- بقيتي أحسن؟
- الحمدلله!
قالت بهدوء، فـ أوما براسُه و قال:
- هنقعد يومين هنا، و هنرجع القصر، هترجعيه مراتي مش خدّامة!!
- و مامتك؟!
قالت بـ توجس، فـ هتف بحدة:
- حاجه متخُصهاش!! مش مُهتم أساسًا بموافقتها!!
لما بيتعصب، بتحس بـ إن في بركان على وشك الإنفجار، سكتت تمامًا بتُدرك إنها لسه بتخاف منُه، بصلها و قال بضيق:
- سيرتها متتجابش بينا!
- حاضر!
قالت بخفوت و هي باصّة لصوابعها، تأمل جمالها النابع من رقتها و براءتها، هي فعلًا بريئة مكانتش بتمثل، بريئة لدرجة إنه حاسس إنها لسه طفلة خام مش فاهمة ولا عارفة حاجه!! غمّض عينيه و هو بيعترف إنه لأول مرة يجرب النوع ده من البنات، نوع نضيف .. بِكر زي ما بيقولوا! و الغريبة إن البريئة الطفلة اللي جنبه كانت مخلياه في أسعد لحظات حياته و هي في حُضنه و من غير أي مجهود منها!! كُل ده كان بيدور في عقلُه لحد م نطقت برفق:
- تحب تفطر إيه؟
- هطلُب فطار و غدا، متتعبيش نفسك!
قال بهدوء، فأومأت و مجادلتوش، رفع أناملُه و تحسس وشها الناعم زي بشرة الطفل، و همس بصوته الرجولي ذو البحة المميزة:
- إنتِ ليه جميلة كدا؟
مقدرتش تنطق، كل اللي عملتُه إنها سندت راسها على صدرُه وحاوطت خصرُه بأرق حُضن كان ممكن يتخيل إنه يتحضنه في حياتُه، حُضن كانت عايزه تحضنهولُه من أول ما مسح على شعرها زي أبوها و باس راسها، حاوط جسمها بدراعُه و مسح على شعرها تنازليًا، فـ رفعت راسها و همستلُه بخفوت و هي بتمسح بإبهامها على دقنُه:
- اليومين اللي مشيت فيهُم، كُنت فين؟
بصلها بهدوء، و إلتقط قُبلة من كرزتيها و همس بنفس طريقتها:
- في الڤيلا و فـ شُغلي!!
- ليه مشيت وقتها؟
قالت و الحزن إتغلغل لنبرتها، فـ قال برفق:
- هتصدقيني لو قولتلك إني خوفت عليكي؟ كنت عارف إنك كنتي كارهاني وقتها، و أنا مكُنتش هقدر أستحمل إننا نبقى تحت سقف واحد و ملمسكيش! و في نفس الوقت مكُنتش عايز أخدك بالعافية! لإن مش زين الحريري اللي يُجبر واحدة تبقى معاه في السرير! عشان كدا سيبتك يومين تهدي!
سندت راسها على صدرُه، و همست حزينة::
- كُنت كل ما أقوم من النوم و ألاقي إنك لسه مجيتش أنام تاني!
- كُنت واحشك؟
قال مُبتسم بغرور، فـ إبتسمت هي كمان و قالت:
- لاء مش قصة واحشني .. بس مكُنتش حابة أقعد لوحدي!!!
رفع أحد حاجبيه من إجابتها اللي مرضتش غرورُه، و قرص أرنبة أنفها و هو بيقول:
- لا والله؟
- ممم!!
غمغمت مُبتسمة، فـ زقّها على السرير لـ ورا فـ شهقت بخضة و هو مُطل عليها بجسمُه العريض و بيقول بحدة:
- إنتِ أد اللي قولتيه ده!!!
إنكمشت بخوف و قالت:
- زين!!!
أنامله إمتدت لمعدتها و بدأ بدغدغتها فـ تعالت ضحكاتها بتترجاه يوقّف:
- زيــن!!! زيــن كفاية عشان خاطري مش قادرة، خلاص كنت واحشني كفاية بقى!!!
قالت وسط ضحكاتها اللي خلتُه يحس إن روحه بتنتعش، وقّف دغدغة و إبتسم و ميّل عليها مُلتقطًا شفتيها بقُبلة نهِمة!!!
• • • • • • •
دخَل الڤيلا ماسك إيديها، الخدم بصوا بإستغراب و صدمة و ريَّا اللي كانت نازلة من على السلم بصتلُهم بذهول و هي بتمتم و عينيها مُثبتة على إيديهم:
- إيـه ده! إيـه الـلـي بيـحصـل!!!
إعتلت وشُه إبتسامة صفراء، و مشي ناحية أمه و مراته في إيدُه و بصوته الجهوري:
- كُـــلـــه يــجــمــع هــنـا قُــدامــي!!!
و بالفعل إجتمع الخدم مُتراصين امامه، بصلهم بهدوء و قال مُبتسم:
- أنا إتجوزت يُسر إمبارح! و بقت على إسمي! يُسر الحريري!!!
البعض شهق مصدومًا، و البعض ناظرها بحقد، و الوحيدة اللي إبتسمت بفرحة كانت رحاب، ريَّا إتجهت ناحيته و صرّخت في وشُه:
- يعني إيه!!!! يعني إيه تربُط إسم عيلة زي عيلة الحريري بواحدة خدامة متسواش حاجه!!! رُد عليا يا زين يعني إيه اللي بتقوله ده!!!!!
إختبئت خلف ضهرُه، و مسكت في دراعُه، الحقد نبع من عينيه و هو بيبُصلها بقسوة و بيقول بنبرة اقسى:
- زي ما سمعتي، و مبقتش خدامة، بقولك بقِت حــرم زيــن الحــريــري!!!
بصتلُه ريَّا و عينيها حمرا من شدة الغضب، و إتحولت عينيها من على زين لـ يُسر و صرّخت فيها:
- وقّعتيه إزاي يا بــنــت الـكـلـب!!!!
- ريَّــــا!!!!!
هدر في وشها بحدة وهو بيجيب يُسر ورا ضهرُه، يُسر اللي دموعها نازلة من الإهانة اللي بتتعرّضها، إلا إن رد زين عليها أثلج صدرها لما هدر بقوة:
- كـلامـك مـعـايـا!!! و مش مرات زين الحريري اللي تتشتم بأبوها!! إعملي حسابك إن أي إهانة هتتوجلها يبقى كإنك بتوجهيها ليا، و إنتِ عارفة كويس إني مبسامحش في أي إهانة تتوجهلي!!!
غمّضت عينيها لما سحبها وراه لجناحُه، كانت بتمشي وراه و الرؤية متشوشة قُدامها من دموعها، دخلوا الجناح و رزع الباب فـ إنتفض جسمها، قعدت على السرير و عينيها الدامعة بتراقب تحرُكاته، كان بيروح و ييجي في الأوضة لدرجة إنُه مسك كوباية إزاز خبطها في الحيطة، إرتعش جسمها و بصتلُه برهبة، وقف قُدام الحيطة وخبط بكفُه بقسوة عدة مرات و هو بيصرخ:
- بــكــرهَّـا!!!!! بــكــره وجــودها!!! بــكــره ريـحـتـها!! نــفَــسـهـا مـبـقـتـش طـايـقُـه!!!
قامت وقفت قُدامه مصدومة بتحاول تستوعب الحالة اللي هو فيها، قرّبت منُه بسُرعه و مسكت كفُه اللي إتجرح قربتُه لصدرها و باستُه بحنان و رجعت حاوطت وشُه بإيدها التانية و قالت برفق:
- ششش إهدى .. إهدى يا حبيبي!
مسحت على وشُه برفق و صوت نفَسُه العالي حسسها إنها واقفة قدام بُركان، قرّبت منُه وقبّلت جانب ثغرُه و سندت أنفها على وشه مغمضة عينيها و قالت بحنان:
- إهدى!!
غمّض عينيه، و لأول مرة في حياتُه يحِس بحد بيحتويه للدرجة دي! هو عاش طول عُمرُه محروم من حنان الأم اللي كانت أنانية نرجسية مبتفكرش في حد غير في نفسها وبس!
قُبلتها، تربيتها على وشُه بحنو، و بشرتها الرقيقة المُلتصقة بـ خشونة بشرتُه، صوتها الهامس الأنثوي و هي بتحاول تهديه، عوامل خلتُه يهدى تمامًا، زي الطفل بين إيديها، لدرجة إنها خدتُه من إيده و قعدتُه على السرير، قعدت على ركبتها عشان تقلّعُه الشوز فـ مسك دراعها و قال بصوت مُنهك:
- قومي يا يُسر .. بتعملي إيه!!
- عايزه أقلّعك الجزمة! ينفع؟
قالت وهي بتربت على كفُه اللي ماسك دراعها، فـ مسح على خدها برفق وقال:
- مكانك مش تحت رجلي يا يُسر!!
قالت مُبتشمة:
- م أنا عارفه يا زين! بس أنا عايزه أعمل كدا!
و بالفعل بدأت تقلّعُه الجزمة، و رجعت قعدت جنبُه، حررت أزرار قميصُه بهدوء و فتحتُه، و قالتلُه بخجل:
- هحضّرلك الحمام لحد م تغير هدومك!
- طب م تكملي جِميلك!
قال و هو بيلف شعرها حوالين إصبعُه، نفت براسها و قالت بخجل:
- لاء مش هينفع بقى كفاية كدا!!!
و قامت حضّرتلُه الحمام، فـ غيّر هدومه و دخل الحمام لقاها جوا بتولعلُه شموع، إبتسم و حضنها من ضهرها دافن أنفُه في رقبتها، إبتسمت بإرتباك فـ قال بهدوء:
- بتولّعيلي شموع كمان!
قالت مُبتسمة:
- أيوا، عايزاك تقعد في البانيو و تريّح أعصابك شوية!
أخد نفس عميق و قال بشرود:
- أعصابي مش هترتاح غير و إنتِ في حُضني!
إبتسمت و حطت إيديها على دراعُه اللي مليان عروق وقالت:
- م أنا في حُضنك أهو!!
تسللت إيديه لمعدتها بتدغدغها فـ ضحكت و قال بخبث:
- ده حُضن ع الماشي! أنا عايز الحُضن التاني!!
قالت و سط ضحكتها:
- هروح أغيّر هدومي و إنت خُد الشاور!!
و وقفت على أطراف أصابعها و باستُه برقة على خدُه و مشيت، فـ إتنهد و هو حاسس إن إحتياجُه ليها مبيقلش بالعكس بيزيد!
• • • • •
غيّرت هدومها لـ قميص باللون الإسود حريري و فوقُه روب واصل لرُكبتها، طلع هو من الحمام لقاها بتلملم الإزاز، فـ قال بضيق:
- سيبيهُم يا يُسر!!!
بصتلُه بإستغراب و قالتلُه:
- هلمُهم على طول!
- هبعت حد يلمُهم!
قال بإنزعاج، فـ غمغمت:
- مش محتاجة يعني يا زين!!!
- يُسر قولتلك سيبي الإزاز!! ولا مش قادرة تنسي إنك كُنتِ خدّامة هنا!!!!
يُتبع♥
الفصل السادس
- يُسر قولتلك سيبي الإزاز!! ولا مش قادرة تنسي إنك كُنتِ خدّامة هنا!!!!
رمى جُملته في وشها زي القُنبلة الموقوته، إتصدمت من كلامُه، و رفعت وشها بتبصلُه بذهول، أدركت الجُملة بعد لحظات و أدرك هو صعوبة اللي قالُه بعد لحظات مُماثلة، إبتسمت بألم و هي بتكمل لملمة الإزاز وقالت:
- و دي حاجه تتنسي؟!
و رمت الإزاز في الباسكت، إتجهت للسرير و نامت على طرفُه بهدوء مديّالُه ضهرها، حاسة بقلبها بينزف، و روحها مميّلة لقُدام من شدة الألم اللي حاسه بيه!
ضلِّم الأوضة و لأول مرة في حياتُه يندم على حاجه قالها، غمّض عينيه لما قعد على السرير مميِّل لقُدام، مشبك صوابعه في بعض بيسب نفسُه في سرُه على اللي قاله، و بعد دقايق إستلقى على السرير و لَف لـ ضهرها اللي في مواجهتُه، مسك دراعها برفق وشدّها عشان تبقى قُريبة منُه و لفها في مواجهته فـ بصتلُه بعيون خالية من المشاعر، مسح على شعرها و وشه قريب جدًا من وشها، همس قُدام شفايفها وقال:
- متزعليش، مكنش قصدي أقول اللي قولتُه ده!!
قالت بهدوء:
- مش زعلانة! بس تعبانة و عايزه أنام!
إتنهد و همس:
- و أنا تعبان و عايزك!!!
قبل ما تنطق كان بيلتهم شفايفها بـ قُبلة رقيقة مُشتاقة، مقدرتش تبعدُه لإنها عارفة إنه محتاجها، مقدرتش توجعُه و تبعدُه عنها زي ما وجعها و بعّدها عنُه بجُملة مكانش قاصدها زي ما بيقول!!
• • • • •
صحيت يُسر حاسه بعطش شديد، بصتلُه و هو نايم بعُمق، فـ مسحت على خُصلاته برفق، و قامت لبست الروب بتاعها و خرجت من الغرفة لمطبخ الجناح ملقتش فيه مايه ساقعة فـ إضطرت تنزل للمطبخ الرئيسي، الڤيلا كانت ضلمة جدًا، فـ بصعوبة وصلت للمطبخ و فتحت أنوارُه و مافيش أي حد فيه كلُهم كانوا نايمين، فتحت التلاجة و طلعت إزازة مايه ساقعة، شربت بعَطش رهيب ، إلا إن جسمها إتنفض والإزازة وقعت من إيديها لما سمعت صوتها القاسي بيقول:
- نازلة بتتمشي في الڤيلا و لا أكنها ڤيلة أبوكي!!!
بصتلها بهدوء و مرَدتش، جابت الإزازة من على الأرض و غطتها ودخلتها التلاجة تاني، و عدت من جنبها عشان تمشي من المطبخ إلا إنها لقت قبضة على ذراعها بكُل قسوة بتغرز ضوافرها فيها و بتقول بحدة:
- مش أنا بكلمك يا زبالة إنتِ!!!
بصتلها يُسر بتحاول تتحامل على ألم دراعها و قالت بهدوء:
- حضرتك عايزه إيه؟!
زقتها ريَّا على الرُخامة فـ تآوهت يُسر بألم من حرف الرُخامة اللي إرتطم بضهرها، عشان بعدها تحِس بـ ألم أقوى من ألم ضهرها و هو ألم كلامها و هي بتقول بقسوة:
- إنتِ فاكرة إيه يا بت إنتِ؟ فاكرة إنه إتجوزك عشان حبِك؟ فوقي! زين إبني مبيعرفش يحب حد! ميعرفش حاجه إسمها حُب أصلًا! زين متجوزك عشان حلوة شوية! عشان شكلك و جسمك! و أول ما هيزهق منك أوعدك إنه هيرميكي بطول دراعُه و هيسيبك جنب أوسخ حيطة!!!
بصتلها بعيون مافيهاش ذرة شعور، حاطة إيديها على ضهرها، إتعدلت في وقفتها و مرّدتش عليها بل سابتها ومشيت، طلعت على السلم درجة درجة و بتفكر في كلامها، هي عارفه إنه محبهاش، جايز يكون فعلًا متجوزها رغبة مش أكتر ، إتنهدت و دخلت الجناح و الألم العاصف بضهرها مش بيخِف أبدًا، نامت على السرير بصعوبة بتبُصله بألم، و خايفة يكون فعلًا مبيحبهاش، قرّبت منُه و حطت راسها على صدرُه العاري محاوطة خصرُه، صحي على حُضنها ليه فَ مسح بإيدُه على ضهرها، أنِّت هي بألم فـ غمغم بإستغراب بصوته الناعس:
- في إيه؟!
قالت و أنفاسها عالية من شدة الألم:
- مافيش حاجه! إتخبطت في ضهري بس!!!
قام قعد نُص قعدة و قالها بضيق:
- إتخبطي إزاي يعني! لفي!!
نفت براسها و قعدت قُصاده و قالت بخجل:
- لاء مافيش داعي أنا كويسة!!!
- لفي يا يُسر!
قال بحدة، فـ إتنهدت و لفت مديالُه ضهرها و هي قاعدة، رفع القميص لقى كدمة حمرا خلتُه يتصدم، تحسسها برفق و قال بحدة:
- دي بقت كدمة! مبتاخديش بالك من نفسك ليه يا يُسر!!!
قالت بحُزن:
- اللي حصل حصل يا زين خلاص!!
زفر بضيق و فتح دُرج الكومود خرّج منُه مرهم للكدمات، رفع القميص تاني و مسكُه بإيد و بالإيد التانية فضّى القليل على الكدمة و وزّعُه بصُباعه برفق عشان متتوجعش، لحد م جلدها إمتصُه، نزل القميص و سند دقنُه على كتفها بيمسح على طول دراعها و بيقول:
- خُدي بالك بعد كدا!!!
أومأت بهدوء، فـ تسائل:
- إيه اللي نزلك المطبخ أصلًا؟!
- كنت عطشانه!
قالت بهدوء، فـ ضمها لصدرُه من ضهرها و قال برفق:
- ماشي!
و إسترسل فارد رجلُه حوالين رجلها:
- خليكِ نايمة كدا بقى عشان ضهرك!!
قالت بخجل:
- لاء لاء!! هنام على بطني و مش هيوجعني إن شاء الله!
إبتسم على خجلها و قال بهدوء:
- خلاص اللي يريحك!!
و بعّد إيدُه عن جسمها فـ قامت بحذر و نامت على بطنها، خافت روب القميص يتحرك فـ قالت لـ زين اللي كان بيراقب كل تفصيلة صغيرة بتصدر منها:
- زين مُمكن تغطيني؟
إبتسم و فرد الغطا على جسمها، سند بـ مرفقه على السرير جنبها و حط راسه على كفُه المقفول و غلغل أنامله بشعرها و هو بيقول:
- لسه مكسوفة مني!!!
شعرها كان على وشها بمنظر خلّى قلبُه يدُق دقات عنيفه، و إبتسامتها و هي بتقول:
- محسسني إننا متجوزين من عشر سنين!! أكيد بتكسف أنا ملحقتش!!!
مرَدش عليها و مسح على خدَّها و قال بفتون:
- جايبة الجمال ده منين؟!
كانت هترُد إلا إنها شردت بحُزن و تمتمت:
- مكنش ده رأيك من أسبوع، قولتلي لو شوفتني قدامك عريانة .. مش هتبُصلي!!
قرّب منها وباس راسها و تنهد، و مسح على ضهرها من فوق الغطا و هو بيقول:
- كلام يا يُسر! كنت بكدب عليكِ، من أول لحظة شوفتك فيها .. شدتيني!!!
- طب ليه كل مرة كنت مصمم توجعني بكلامك!!
قالت بحُزن لدرجة إن عينيها لمعت بدموع مكبوتة، فـ قال بهدوء:
- مش يمكن عشان أنا أصلًا موجوع!!
قالت بلهفة:
- مين وجعك؟!
- يلا يا يُسر عشان تنامي!
قال و هو بيمسح على شعرها، و طفى ضوء الأباچورة اللي جنبُه، فـ إتنهدت و غمغمت بلُطف:
- أُحضني!!
إبتسم و هو حاسس إن بنتُه اللي نايمة جنبُه، حضنها فعلًا من ضهرها و قبّل كتفها العاري و خلف رقبتها بعد ما جمّع شعرها كلُه على هيئة كعكة، لما إتأكد إنها نامت نام هو كمان .. بس الخوف اللي في قلبُه من إنه يتعلق بيها أكتر من كدا منامش!
• • • • •
- قوليلي .. حاسه بإيه دلوقتي؟
قال و هو واقف قُدام المرايا بيشمّر عن قميصُه الأبيض المُلتصق بـ عضلاتُه، زمت شفتيها بحُزن و قال بضيق:
- زعلانة!!!
لفِلها و قال بإستغراب:
- ليه مالك؟
هتفت حزينة:
- ملحقتش تقعد معايا يا زين!
إبتسم و قرّب منها، مسك دقنها و رفع وشها ليه و ميّل طبع قبلة على شفتيها و هو بيهمس أمام وشها:
- شُغلي يا يُسر! بحبُه و مقدرش أعيش من غير ما أشتغل!
- بتحبني؟!
قالت بتلقائية بريئة، إتصدم من سؤالها! بتسألُه ليه دلوقتي! بتسألُه سؤال هو نفسُه ميعرفش إجابتُه، سِكت، معرفش يقولها إيه، هو عارف إنه مبيحبهاش لإنُه متأكد إن قلبُه إسود مبيحبش حد، هو متجوزها جواز رغبة، رغبة فيها و الرغبة مينفعش معاه تبقى حُب!!!
إرتجف بؤبؤ عينيها و هي بتبُصله وسكوته خلّاها تعرف الإجابة، قامت وقفت قُدامُه و قالت و الحُزن كلُهم متشكل على ملامحها:
- طب ليه إتجوزتني؟!
- يُسر أنا هتأخر!
قالها و هو بيمشي من قدامه إلا إنها مسكت دراعُه و قالتلُه بإنكسار:
- مش هعطّلك! أنا عايزة إجابة على السؤال ده و هسيبك تمشي!!
بصلها بضيق و قال:
- يعني إيه إتجوزتك ليه يا يُسر؟! الناس بتتجوز ليه؟
قالت بألم:
- عشان بيبقوا حابين بعض!!
قال ساخرًا:
- إنتِ فاكرة إن السبب اللي بيخلي أي إتنين يتجوزوا هو الحب؟
أومأت دون رد، فـ قال بهدوء:
- عشان بريئة .. أسباب كتير تخلي أي إتنين يتجوزوا!
- طب قول متجوزني ليه!
قالت و في نبرتها رجاء يجاوب! فـ قال بهدوء:
- إتجوزتك عشان مش عايز أوسّخك! مش عايز أعمل معاكِ حاجه غلط!!!
جحظت بعينيها بتترجم كلماتُه، فـ قالت مصدومة:
- رغبة يعني؟!
- أيوا يا يُسر!
قال و هو بيتأمل صدمتها اللي على وشها، فـ تمتمت بصوت بيرتعش:
- مبتحبنيش يعني؟
- أنا مبحبش حد!!
قال بكل برود مش واعي لأثر كلماته على قلبها، نزلت إيديها من على دراعُه و قعدت على السرير، و أومأت براسها شاردة في نقطةٍ ما:
- تمام!!!
بصلها للحظات، و مشي! مشي و هو مُتأكد إن اللي قالُه ده هو الصح حتى لو وجعها، دي الحقيقة و الحقيقة مينفعش توجعها!
• • • • •
نزلت على السلم بعد م لبست عباية تشبه عباية الإستقبال، و سايبة شعرها، مافيش تعبير على وشها غير الجمود، قعدت على السفرة لما خدامة من الخدم قالتلها إن الفطار جاهز، كانت ريّا بتترأس السُفرة و بتاكل من غير ما تبُصلها، أكلت يُسر هي كمان و مبصتلهاش، لحد ما قطعت ريَّا الصمت و قالت:
- مالك يا عروسة! إبني مزعلك ولا إيه! قوليلي لو مزعلك مش هسكُت .. هروح أشكُره!
قالت ساخرة في آخر كلماتها، فـ بصتلها يُسر و إصتنعت الإبتسامة:
- متقلقيش يا حماتي!!! إبنك معيشني في هنا!!
- موقتًا!
قالت بجمود و هي بتاكل بهدوء، فـ بصت يُسر لطبقها بضيق، كملت ريّا مُبتسمة:
- هيزهق منك قريب، و هيرميكي!!!!
حسِت إن كلامها حقيقي خصوصًا لما إعترف النهاردة إنه متجوزها رغبة و الرغبة تنطفئ، و الشوق يخمد، و اللهفة تتلاشى، لمست ريّا في يُسر نقطة واجعاها أساسًا، مقدرتش يُسر تتحمل كلامها و سابت الأكل بعد م أكلت يادوب معلقتين و قامت!
طلعت جناحها و من غير م تحس إنهارت في العياط، إترمت على الأرض و خبطّت بإيديها مُنهارة في البكاء و الصراخ بتحمد ربنا إن جناحه عازل للصوت، عياط مُستمر مش قادرة تتحكم فيه، ساعة ورا التانية لحد م نامت مكانها، نامت لساعات بتهرب من واقع واجعها، دخل زين بالليل بعد م رجع من شغلُه، و لاقاها على الحالة دي، نايمة على الأرض خُصلاتها مبعثرة و إرتجافة صغيرة تضرب جسدها بين الحين و الآخر، إتخض و ميّل عليها شالها بين إيديه، حطها على السرير فـ صحيت و لما أدركت إنه قريب منها بعدت عنُه بتزحف لورا لآخر السرير، إستغرب و قال:
-إيه اللي كان منيمك على الأرض؟ و بتبعدي عني ليه؟!
- ولا حاجه!! بس .. إتخضيت!!
قالت و هي بتبصلُه بتوتر، فـ هتف بهدوء و هو بيفتحلها دراعُه:
- طب تعالي!!!
نفت براسها و لأول مرة ترفض حضنُه، و قالت بهدوء:
- هقوم أغيّر عشان العباية دي خنقاني أوي!
و قامت بالفعل مُتهربة من حُضن مش هتحس فيه غير برغبتُه ناحيتها، إستغرب و نزل أيده، مش هينكر إنه إدايق، لاء ده إتعصب!، غيّر هو كمان قميصُه و ظل عاري الصدر مع بنطال قطني، قعد على الكنبة و أشعل سيجارتُه، لحد ما طلعت هي من غرفة تبديل الملابس لابسة بيچامة كارتونية مُحتشمة، إبتسم لما شافها فـ بادلتُه إبتسامتُه وقال بطفولية:
- والله إتبسطت لما شوفتها في الدولاب، مكُنتش أتخيل إنك هتجيبلي بيچامة زي دي!!
قال بلُطف:
- شوفتك فيها مش عارف ليه!!
إبتسمت و إتجهت ناحبة السرير و نامت عليه، فـ إتضايق و ضلِّم الأوضة، نام على الطرف التانية وشدها من معدتها لصدرُه فضهرها أصبح مُلاصق لصدرُه، غمضت عينيها و قالت بهدوء:
- نعسانة أوي يا زين!
قال بهدوء:
- م أنا عارف .. هسيبك تنامي!!!
ضمت إيديها وحطتها تحت وشها، لملم هو شعرها الطويل كعكة عشوائية و ثبّت أنفُه على تجويف عنقها بيستمتع بـ ريحتها، حَس إنها نامت فـ قال مُبتسم:
- في حد ينام بالسرعة دي!
• • • •
صحيت من النوم بتفرُك عينيها بنعاس أثر النافذة المفتوحة و الشمس بضوءها القوي داعب عينيها، بصت لـ زين اللي كان واقف قدام المراية بـ شورت طويل باللون الإسود يشبه المايوه الرجالي، بيُنثر عطرُه الفخم، فـ قالت بإستغراب:
- إنت رايح فين؟
لفِلها و قال بإبتسامة:
- هننزل البسين! يلا قومي مش عايز كسل!!!
فردت إيديها جنبها بـ نعاس حقيقي و قالت بنبرة مُتضايقة:
- بسين إيه دلوقتي!! ده أنا نعسانة نعس!!!
ولإنها كانت مغمضة عينيها مخدتش بالها إنه مشي ناحيتها و بسُرعة كان شايلها بين إيديه!!! صرّخت بخضة و إتشبثت في عنقه مواجهة لصدره العاري، إبتسم قُدام وشها المخضوض و قال:
- قولتلك قومي بمزاجك .. مقومتيش، يبقى تقومي غصب عنك!!
سندت راسها على صدرُه و قالت برجاء:
- زين أنا نعسانة، سيبني أنام شوية و لما أقوم ننزل البسين!
مشي بيها كإنها مبتتكلمش، دخل أوضة تبديل الملابس واللي كانت مليانة خزانات لبس كتير جدًا، راح نِحية دولابها و نزلها وقّفها قدامه محاوط خصرها بإيد و الإيد التانيه فتح الدولاب، فـ ضربت بقدمها في الأرض عدة مرات من عِندُه، إتصدمت من كم لبس السباحة اللي جايبهولها، و كلهم مايوهات متليقش بيها .. كلهم بكيني!! شهقت و بعدت خطوتين فـ إلتصقت بصدرُه أكتر و قالت:
- مستحيل ألبس قلة الأدب دي!!!
خرّج مايوه إسود one piece، فـ لفتلُه وقالت مصدومة:
- زين إنت واعي للي بتعملُه؟! إزاي هلبس مايوه زي ده قُدام الحرَس بتوعك و الناس اللي في القصر!!!
رفع أحد حاجبيه و قال ساخرًا:
- شايفاني بقرون؟
و إسترسل:
- أولًا هتنزلي بيه فوقيه روب شتوي مش هيبان منك حاجه يعني محدش من القصر هيشوفك! ثانيًا الحُراس واقفين برا الڤيلا عينيهم مبتجيش جوا الڤيلا و لو ده حصل هطلّع عينُه في إيده و أنا واثق إنه مش هيحصل! ثالثًا أنا لو شاكك إن في حد هيشوف بس طرَفك كدا مكُنتش هخليكي تلبسيه!
إطمنت شوية لكلامُه، إلا إنها قالت بخجل:
- طب و إنت بقى! إنت فاكر إنه عادي بالنسبالي ألبس قلة الأدب دي قُدامك؟!
قال بخبث:
- لاء أنا جوزك لو قعدتي مـ.لط قُدامي عادي!!!
- زيــن!!!
قالت بضيق، فـ إبتسم و ناولها المايوه فـ كانت هتاخدُه إلا إنه بعُده عن إيديها و قال بمكر:
- طب م أساعدك؟
- كمان!!
قالت مصدومة و شدتُه من إيديه و حطته ورا ضهرها و قالت بضيق:
- يلا إطلع برا!!!
- بتطرُديني؟!
قال بيمَثِل الدهشة، فـ أومأت بغضب طفولي، فـ قرَص أرنبة أنفها و طلع فعلًا، قفلت الباب وراه و بصِت للمايوه و هي بتقول:
- هلبسُه إزاي ده دلوقتي؟
خرجت بعد رُبع ساعة مش عارفة تغطي إيه ولا إيه، هي في الحقيقة لبستُه في خمس دقايق وباقي العشر دقايق بتفكر فيهم هتطلع إزاي!، حاولت تقنع نفسها إنه جوزها و إنه عادي يشوفها كدا، لحد م خرجت فعلًا و وشها كلُه ألوان، لقتُه قاعد على الكنبة مستنيها و في إيدُه سيجارة، أول ما شافها صفّر بإعجاب و قام وقف قُدامها و عينيه بتمشي على جسمها، كانت هتعيّط و رفعت إيديها عشان تحُطها على عينيه اللي بتاكلها إلا إنه مسك إيديها بإيده الفاضية و قال بتحذير:
- بتعملي إيه!!
- متبُصش!!
قالت غاضبة، فـ قال بخبث:
- بحاول .. مش عارف!
سابها و دخل أوضة تبديل الملابس و أخد روب تقيل جدًا باللون الإسود، فـ لفِتلُه عشان و هو جاي ميشوفهاش من ضهرها، راح ناحيتها وحط السيجاره بين شفايفُه و مسك الروب لبسهولها فـ لبستُه بسُرعة، ربط رُباطُه بإحكام وبعد خطوتين و هو بيشيل السيجاره و بينفث دخانها بعيد عن وشها و بيبصلها بتدقيق، مسك دراعها ولفّها شوية فـ بصتلُه بإستغراب بينما هو قال مُتضايقًا:
- ضيَّق من ورا!!
قالت مستغربة:
- إيه المُشكلة كلهم في القصر ستات!
قال بحدة:
- بقولك ضيَّق .. حتى لو كلهم نسوان!!!
قالت بضيق:
- نسوان!
وضربت كف على آخر، فـ قال بضيق أكبر:
- إلبسي فوقيه عبايه مفتوحة!!
قالت مصدومة:
- هيبقى شكلي معفن أوي يا زين!!
- مش مهم!!
قال و هو بيتجه لـ أوضة تبديل الملابس و أخد عباية من عبايتها السودا المفتوحة، و لبسهالها فوق الروب، فـ قالت و هي بتحاول تسيطر على ضحكتها:
- زين شكلي بشع والله!! طب م أقلع الروب بقى و أقفل كباسين العباية وخلاص!!!
- قال بحدة:
- و هنبقى عملنا إيه م هي هتفضل ضيّقة من ورا بردو!!!
مسك إيديها و لفّها فـ زفر بإرتياح لما لاقاها مش مبينة تفاصيل جسمها، و رجع لفها ليه تاني و قال مبتسمًا:
- كدا كويس، يلا تعالي!
ومسك إيديها وخرج من الجناح و هي وراه، نزلوا من على السلم و كل العبون حواليهم و أولهم ريّا اللي كانت قاعدة بتتسوق أونلاين و أول ما شافتهم وشها قلَب 180 درجة!، مكانش هامُه حد و قبل ما يخرج من الڤيلا ندَه على رحاب فـ جات بسُرعة فـ قالها بجمود:
- رحاب إقفلي ستاير الڤيلا كُلها! مش عايز حد يبُص برا الڤيلا و اللي هيبُص قوليلي على طول!!
أومأت رحاب و شرعت في تنفيذ أمرُه و قفلت الستاير بالفعل بإحكام، خرج من القصر و هي في إيدُه، وقفوا قُدام البسين اللي يُسر كانت خايفَه منُه، لفِلها زين و قال بهدوء:
- البسين عميق شوية هنا عشان أنا طويل! فـ خلي بالك!
خوِّفها أكتر، شال العباية من على كتفها فـ وقعت على الأرض، و بَص بعينيه لـ وراها و إتأكد إن الستاير كلها نازلة، حَل رُباط الروب و رجَّعه لـ ورا من عند كتفها فـ وقع جنب العباية، مسكت دراعُه وقالت برهبة:
- زين أنا خايفة!!
- متخافيش!!
قال بهدوء و ميّل عليها شالها بين إيديها و نزل على سلم البسين، حاوطت رقبتُه و هي فعلًا خايفه، و أول م الماية غمرت جسمها مسكت في رقبتُه أكتر و قالت برُعب:
- زين إياك تسيبني!!!
إبتسم و مرَدش عليها، نزِل رجليها فـ إتشبثت برقبتُه أكتر و صرّخت:
- مش لامسة الأرض يا زين والله ما لامساها!!!!
لأول مرة يضحك من قلبُه بعد سنين! ضحك لدرجة إنها كانت هتُقع منها لولا إنها ماسكة في رقبتُه و محاوطها خصره برجليها بهلع، و عشان هي لأول مرة تشوفُه بيضحك فـ ضحكت معاه مُتناسية خوفها، لحد مـ بطّل ضحك و مسح على شعرها من قُدام بيبعدُه عن عينيها و قال و لسه الإبتسامة مرسومة على وشُه:
- م أنا عارف إنك مش لامسة الأرض، قولتلك البسين عميق جدًا!
- طب أعمل إيه أنا دلوقتي!!
قالت بحُزن!، فـ قال و هو منزل عينيها لرجليه اللي محاوطة خصره و قُربها الكبير منُه و قال:
- خليكي كدا!
إحمّر وشها و لكن بعد ثواني قالت بحماس:
- بقولك إيه!! نيمني على المايه كدا!!!
قال بإستغراب:
- إيه جُرعة الشجاعة اللي خدتيها في لحظة دي!!
قالت متحمسة زي الأطفال:
- طب يلا بس!!
و فردت رجليها و سابت إيديها شوية و لولا إنه ماسك خصرها كان زمانها إتسحبت لتحت، فـ قال بمكر:
- لاء إرجعي زي ما كُنتي عشان مسيبكيش تغرقي!!
قالت بمكر أكبر:
- سيبني و مش هغرق!!
و في لحظة كان ساب جسمها فـ نزلت لتحت وبسُرعه رفعها فـ شهقت و فضلت تكُح محاوطة رقبتُه و هو بيبتسم و بيحرك إيدُه على ضهرها بهدوء، بصتلُه بضيق لدرجة إنها صرّخت فيه زي الأطفال:
- ليـه سيـبتني!!!
- إنتِ اللي قولتي!!
قال ببساطة، فـ رمقتُه بحُزن فـ هتف:
- يلا عشان أنيمك على المايه!!
إختفى حُزنها وفردت دراعها في الهوا تلقائي فـ ضحك ضحكة رجولية و شالها بين إيديه و نيّمها على المايه و هو لسه ماسكها غمّضت عينيها بإستمتاع و قالت:
- الــلــه!!!! شعور حلو اوي!!
و بالراحة إبتدى يبعد إيديه عن جسمها، و تلقائيًا رفع عينيه للڤيلا و لبرا عشان يتأكد إن مافيش حد شايفها، و فعلًا مالقاش حد بيبُص، بصلها و رجع شوية و قال بخبث:
- فتّحي عينك كدا!
فتّحت عينيها لقِته بعيد عنها و مش ماسكها، فـ إبتسمت و قالت بفرحة:
- إيه ده إنت بعيد! يعني أنا نايمة على الماية لوحدي!!
- شوفتِ!
قال بإبتسامة، قلقت شوية فـ غمضت عينيها وقالت:
- متبعدش أوي!
- متخافيش!
قال و هو بيتجه لمكان بعيد عنها عشان يمارس أكتر هواية بيحبها و هي السباحة، إبتدى يعوم بمهارة فـ فتّحت عينيها و إبتسمت لما شافتُه بيعوم، و للحظة حسِت بحاجه بتسحبها لتحت، حتى الصريخ مكانتش قادرة تصرّخُه، موجة سودا بتبلعها لجوا و هي مُستسلمة تمامًا، و للحظة مشي شريط حياتها قُدامها، غمّضت عينيها و تساقطت دمعاتها و هي بتُدرك إن دي النهاية، زين مُندمج في السباحة و مش واخد بالُه منها، و شوية الهوا اللي باقيين في رئتيها على وشك النفاذ، إستسلمت لمصيرها لكن أكتر حاجتين كان نفسها تعملهم تشوف جدتها .. و تُحضنُه قبل ما تموت! حُضن أخير!
يُتبع