
رواية خطوبة بعقد إيجار
الفصل الرابع 4
بقلم صابرين شعبان
صمت سيف طويلاً و هو يفكر في حديث شقيقته ، واضح أنها متعلقة به و لكن ألم تجد غيره لتحبه ..؟ كيف سيقول لها عن أسباب رفضه .. فهو لا يستطيع أن يخبرها ما يعلمه عنه و ما فعله في تلك الفترة في الخارج ..تنهد سيف بضيق مستسلما ..« حسنا سأوافق مبدئيا على الخطبة و لكن أعلم أنه إذا فعلت شئ أو حدث منك شئ ضد شقيقتي تأكد أنني سأنهى الأمر و لن يهمني إذا كانت شقيقتي متعلقة بك أم لا ففي النهاية ما يهمني مصلحتها فقط ، سأعطيك فرصة واحدة لتثبت لي أنك تستحق شقيقتي الصغيرة ،مع كل عيوبك التي أراها و من الواضح أنها لا تراها ..و لكني سأعطيها هى الأخرى فرصة لتعرفك على حقيقتك و تقرر هل ستبقى مستمرة معك أم لا ..»
نهض عامر كاتما غيظه و هو يدعي الهدوء فأظهار غضبه ليس في صالحه الآن ..« أذن سأتى غداً و أبي لطلب يد هدية ، متى يناسبك الوقت »
أجاب سيف بهدوء و لامبالاة ..« وقت ما تريد أن تأتي ستجدني منتظرا فأنا في إجازة من العمل هذه الفترة »
أومأ عامر برأسه موافقا ..« حسنا سأتي غداً في الثامنة لنتحدث و نتفق إذا لم يكن لديك مانع »
قال سيف ..« لا ..لا مانع لدي أنه وقت مناسب »
عامر وهو يستعد ليذهب ..« إذن سأرحل الآن »
سيف ..« تفضل ساراك و والدك غداً »
خرج عامر و هو يلقي نظرة مرحه عليها و كأنه يقول ..« أحسنت العمل يا فتاة»ذ
أقفل سيف الباب خلفه بهدوء و التفت لهدية التي أحنت رأسها خجلا ..فقال بقوة ..« لا تظني أني قبلت به أنا فقط لا أريد أن أظلمك في شئ فأنت قبل كل شئ أمانة والدي إلي و سأراقبك دوماً لأتأكد أنك بخير »
أقتربت تحتضنه قائلة بحنان ..« حفظك الله لي أخي لا حرمني الله منك »
شعث شعرها القصير بمرح ..« هيا أذهبي للنوم فغداً يوماً طويل و لديك دراسة »
قبلته هدية على وجنته ..« تصبح على خير أخي »
أبتسم بحنان ..« و أنت بخير حبيبتي هيا أذهبي للنوم »
دخلت غرفتها و أغلقت بابها بهدوء تاركه سيف يتصارع مع أفكاره و هواجسه من ذلك العامر الذي أتى كالإعصار ليأخذ أخته البريئة و هو بعيد كل البعد عن البرائه .. ذلك الرجل سيئ السمعة من أين تعرف عليها و أدخلها مداره ..هو لم يصدق لثانية أنه يريد حقا الزواج من شقيقته الصغيرة .. فهى لا تناسبه بالمرة و تناسب محيطه الاجتماعي و خبرته يخشى ما يخشاه أن يكون علم ما يخفي و يريد عقابة بشقيقته ..لا ..لن يسمح له بذلك و لو على رقبته و حياته ..حسنا سيد عامر سننتظر و نرى هل تلاعبني أم فقط هى مصادفة تعرفك بصغيرتي ..
★
جلس عامر على مائدة الإفطار يمسك بفنجان قهوته يرتشف منه القليل قائلاً ..« صباح الخير أبي »
كان شهاب يتصفح بعض الجرائد كعادته على مائدة الإفطار و هو يتناول طعامه بهدوء طوى الجريدة و هو يشعر باللهفة للحديث مع ولده .. « صباح الخير عامر ، أخبرني الآن ما تريد أخباري به عن ما حدثتك به أمس »
أبتسم عامر بسخرية..فواضح أن والده كان يحلم أمس بالحديث معه و الدليل على ذلك عدم إنتظاره لينهى فطوره .. وجد عامر أنه يجب أن ينهى الأمر مع والده إذا كان يريده معه اليوم و هو ذاهب لخطبة هدية يجب أن يخبره عنها و عن خلفيتها حتى لا يتفاجأ هذا إذا وافق بدون جدال معه ..قال عامر بهدوء ..« أبي لقد قررت أن أتزوج كما تريد »
شهاب بلهفة و ريبه ..« حقا بني تتحدث الصدق ..من هى هل أعرفها »
أستمر عامر بتناول بتناول طعامه و كأن الأمر لا يعنيه مما أستفز والده كثيرا فنهره بقوة ..« عامر تحدث الي لقد قلت هل أعرفها »
رفع عامر رأسه عن طبقة ينظر لوالده بهدوء ..« لا لا أبي لا تعرفها و، ولكنك ستتعرف عليها اليوم حين تأتي معي لخطبتها »
شهاب بدهشة ..« اليوم ..؟ و اليوم تخبرني ..¡¡ »
تذمر عامر فهو لا يعلم كيف يرضى أبيه..« أبي أليس هذا ما كنت تريده»
أجاب شهاب بحزم..« أجل أجل بني و لكن على الأقل أتعرف عليها أولاً»
رد عامر بصوت هادئ حتى لا يثير حنق أبيه فيرفض القدوم معه ..
« ماذا تريد أن تعرف عنها أبي سالني و أنا اجيب سأخبرك بكل شئ عنها»
سأل شهاب بضيق فهو لن يستطيع أن يسيطر على أي شئ يخص ولده أبدا ..« حسنا عامر..ما إسمها »..؟
أجاب عامر ..« هدية فهمى .طالبة في السنه الثانيه معهد سياحة و فنادق لديها تسع عشرة عاماً سمراء قصيرة و لديها أخ يدعى سيف في الثلاثين من عمره والداها متوفيان و ليست ثرية أو ذكية أو خارقة الجمال هى فتاة عادية أبي.. أبي هل تريد أن تعرف عنها شئ آخر »
صمت شهاب قليلاً ثم هز كتفيه بلامبالاة ثم سأله بهدوء ..« هل تحبها »
مرر عامر أصبعه على حاجبه الأيسر فهو لا يريد أن يكذب على أبيه فأجاب ببرود متجاهلا إجابة سؤاله ..« هى مناسبة لي و هذا يكفي »
شعر شهاب بضيق عامر من سؤاله فقال بحده يتفرس ملامحه ..« هل تقول أن فتاة في التاسعة عشرة مناسبة لك و هى مازالت تدرس أيضاً كيف ذلك »
زفر عامر بضيق ..« أبي ألم تريدني أن أتزوج ها قد قررت أن أفعل و سأنفذ طلبك ماذا تريد مني أكثر من ذلك أخبرني »
رفع شهاب يده يوقف أسترساله ..« كفي بني أنا لا أريد منك شيئاً ..حسنا عامر سأتي معك لخطبتها كما تريد لارى من هذه المناسبة لك دونا عن باقي النساء »
رد عامر ..« حسنا أبي اليوم في الثامنة مساءً سأتي لاصطحبك بعد العمل »
أومأ شهاب موافقا ..« حسنا بني أتمنى لك السعادة مع من تختارها هذا كل ما اتمناه في هذه الحياة أن أراك سعيدا و قد أنشأت عائلتك الخاصة و مستقر في حياتك »
نهض عامر ليستعد للرحيل ..« أعلم أبي ..حسنا سأذهب الآن حتى لا أتأخر عن العمل هل تريد شيئاً قبل أن أنصرف »
أبتسم شهاب ..« لا بني سأنتظرك لتأتي و تصطحبني اليوم فأنا متحمس للأمر كثيرا »
أبتسم عامر لرؤية أبيه فرحا كطفل صغير سيحصل أخيراً على لعبته المفضلة شعر بالذنب تجاه خداعه لابيه و لكنها الطريقة الصحيحة و الوحيدة حتى تهدأ الأمور في الفترة القادمة ..« حسنا سأنصرف ..الى إلى اللقاء أبي »
هز شهاب رأسه مودعا عامر بصمت و هو يمني نفسه اليوم برؤية تلك الفتاة التي غيرت رأى ولده في الزواج و جعلته يفكر في إنشاء عائلة أخيرا...
★
أمسكت حقيبتها و و أرتدت حذائها الرياضي و هى تخرج من غرفتها قائلة بمرح ..« أخي ..سيف هل تريد شيئاً قبل أن أنصرف أنا ذاهبه للمعهد »
أشر لها سيف لتأتي ..« تعالي هدية أجلسي و تناولي فطورك و بعدها أنصرفي كما تريدين »
جلست على طاولة الطعام تقول بمداعبة ..« هذا اليوم سيسجل في التاريخ ..أخي سيف بنفسه قد أعد لي الفطور ..سيكون هذا يوماً مميزا بالتأكيد أخشى أن تمطر اليوم أخي و نحن صيفاً..»
ضحك يشعث شعرها كعادته ..« أجلسي يا شقيه ..»
تذمرت هدية ..« أخي أبتعد عن شعري لما تشعثه لي دائماً .. أنت تغار لأن شعري أنعم من شعرك أليس كذلك »
أجابها بغرور ..« و لكن يظل شعري أنا أطول من شعرك يا فتاة »
تذمرت هدية ..« هذا لأني لا أتركة يبكُر أعدك من اليوم لن أقصة مرة أخرى و سأدعه يطول حتى يتخطى ظهرى »
نظر إليها سيف بتفحص مبتسم بهدوء متذكرا هذا البغيض عامر فواضح أن أخته تريد أن تتغير من أجله ..« هيا تناولي فطورك حتى لا تتأخري عن دراستك »
تناولت هدية طعامها مسرعة و هى تأخذ رشفات سريعة من كوب الشاي الذي وضعه سيف أمامها فضحك عليها متعجبا ..« على مهل يا شقيه ستحترقين أنه مازال ساخنا »
أبتسمت بمرح ..« أنت تعرف أني أحبه هكذا ساخن »
ضحك سيف هذه الصغيرة حقا غريبة « أعلم..!! و لا أعرف كيف تطيقين تناوله هكذا و هو يتصاعد منه البخار لقد أحرق يدي و أنا أضعه أمامك فقط ..أنت غريبة حقا يا فتاة » !!
أبتسمت هدية بشرود و هى تتذكر حديث عامر عندما نعتها بغريبة الأطوار ..هل هى غريبة حقا!! هل هى لا تشبه باقي الفتيات ..نعم هى تحب قص شعرها كالصبية و ترتدي الچينز كالفتيان ..و لكنها أيضاً تحب أن تضع الحمره كالفتيات و ترتدي الأثواب الجميلة التي تظهر أنوثتها و لديها منها الكثير في خزانة ملابسها ..نهضت و هى تمسك حقيبتها من على المقعد القريب و تتجه لسيف تقبله على وجنته قائلة ..« إلى اللقاء حبيبي أراك حين أعود »
ودعها سيف ..« إلى اللقاء حبيبتي أعتني بنفسك »
رحلت هدية و تركته يقوم بتنظيف الطاولة و بعد أن أنهى كل شئ أمسك بكوب الشاى خاصته و أتجه للأريكه يجلس براحه يرتشفه على مهل و هو يقوم بتشغيل جهاز التلفاز و يستمع لبرامج الأخبار ..شرد سيف و هو يتذكر ما حدث منذ أربع سنوات في الخارج عندما كان يعمل كان قد تعرف على فتاة في مثل عمره تقريباً إسمها رؤى كانت تعمل في الخارج مثله هى الأخرى كانا قد تعرفا على بعضهما و تقاربا حتى قرر أن يرتبط بها و كان سيحادث والديه في الأمر و لكن ظهر عامر في الصورة وقتها هو لم يقابلة و لم يعرف بوجوده حتى كانت فقط تتهرب منه متعلله بعملها أو مقابلة صديقاتها كان دائماً يشعر أنها تخفى عنه سر ما و لكنه لم يعرف ما هو في ذلك الوقت و لذلك قرر مراقبتها خوفاً و قلقا أن تكون واقعه في مشكلة ما و لم ترد أخباره بها حتى رأهما معا كانت تبدو مضطربة و هى تدخل معه غرفته في ذلك الفندق الكبير لقد حفرت ملامحه حفرا داخل عقله بعدها واجهها بما رأى حقيقة رؤيتهما معا أخبرته بكل برود و ملامحها تنطق باليأس أنها تحبه و قريبًا سيتزوجان و لكنه لم يفعل لم يتزوجها و لكنه تركها و عاد لمصر تاركا إياها في الخارج كانت قد ظهر عليها التعب و قد شحب وجهها و هزل جسدها لقد أصبحت كالشبح و هو يرى ملامح اليأس ظاهرة على وجهها لم يقترب منها بناءا على طلبها و حتى لا يزعجها أكثر أبتعد و لكنه كان يطمئن عليها من أصدقاء لهم مشتركين إلي أن علم بعد ثلاثة أشهر أنها فارقت الحياة في حادث مروري هى و جنينها بعد عودة عامر لمصر و تركه لها هى و طفله وقتها صمم لينتقم منه ليس لأنه يحبها بل لخداعة لها و نبزها و تركها تعاني وحدها عواقب فعلته و الآن الآن هو يريد صغيرته طفلته بريئته هدية هل يتركها لتعلم حقيقته وحدها أم يخبرها بما يعلم عنه أم ينتظر قليلاً بعد لا يعلم عقله مشتت عندما يتعلق الأمر بأخته الصغيرة فهو يخشى أن يخطئ بأي تصرف يؤذيها أو يؤذي مشاعرها فهى امانته و كفاها ما عانت من قبل لذلك يجب أن يحميها بروحه إذن سيراقب هذا العامر و يضعه نصب عينيه سيكون لهدية كجلد ثان و لا يدعه يقترب منها نعم بالتأكيد سيفعل حتماً سيفعل ..عاد بذاكرته للأيام الأولى التي تزوج بها والده والدة هدية ..كان في العاشرة وقتها طفل غاضب لفقد أمه و لم يتقبل عقله بعد تركها له و للحياة ككل و دخول أخرى لها و عندما دخلت زوجة أبيه حياته لم يتقبلها أو يتقبل وجودها فقد كان فاقدا لأمه منذ فترة قصيرة و لكن كان المطلوب منه أمام والده أن يتقبلها و يعاملها كأمه و يتقبلها بصمت ..أبتسم عندما تذكر كيف كان يعاملها ما أن يدير أبيه ظهره لهما ..كان يضايقها و لا يكف عن إرهاقها بالعمل في المنزل عندما كان يفسد كل شئ تفعله و لكنها لم تشتكي هذه المرأة القصيرة القامة بشعرها الأسود الطويل الذي يشبه شعر هدية في نعومته لم توبخه يوماً أو تشكوه لأبيه بل فقط أحتوت غضبه و أشتياقة لأمه بحنانها الفطرى و يوماً بعد يوم كانت تتقرب منه أكثر إلي أن علمت بحملها في هديتهم حتى جنت فرحا وسعادة لقد فرح لفرحها حقا كانت تتحدث معه بحماسة و تخطط ماذا سيفعلان عندما تأتي الصغيرة فهى كانت تردد دوماً أنها تريد فتاة فهى لديها صبي كانت تعتبره ولدها أيضاً كان والده يمازحهم مدعيا الغيرة منه لتقاربهم و أنتظارهم لقدوم الصغيرة بحماس أبتسم عندما تذكر ذلك اليوم يوم مولد هدية كان أول من حملها بين ذراعيه كانت مغمضة العينين و شعرها الأسود الكثيف يغطي وجهها الصغير الأحمر لقد وقع في حبها من النظرة الأولى و عاهد نفسه على حمايتها دائماً و ساعدته زوجة أبيه على زرع مسئولية الصغيرة فيه منذ قدومها و أنها مسئوليته لأنه أخيها الأكبر نظر للصورة على الحائط كانت تجمعه و والده و زوجته و هدية قبل أن يسافر للخارج ..أبتسم للسعادة الظاهرة على محياهم في الصورة و هو يغمغم بخفوت ..« أشتقت إليك أمي أشتقت إليك و أنا في حاجتك الآن لتخبريني ماذا أفعل أمي فأنا أخشى عليها كثيرا و لا أريدها أن تتأذى ليتك كنت معي أنت و أبي لأخبرتماني ماذا على أن أفعل ليتكم كنتم معي » أطفأ التلفاز و هو يستلقي على الأريكة و يغرق في النوم و صورة رؤى تأتي لتداعب أجفانه حسنا سيترك كل شئ لحينه لن يتعجل الأمور فقط عليه حماية هدية جيداً ..
★
وقف حازم أمامها و هو يبتسم بهدوء قائلاً ..« مساء الخير أنستي »
تلفتت هدية حولها ثم نظرت إليه بريبه و هى تستمع لنعته لها بأنستي ما هذا الاحترام المفاجئ منه قالت بتذمر ..« ماذا تريد حازم و ماذا يريد سيدك مني الآن »
أبتسم حازم بهدوء ..« لا شئ أنستي فقط أرسل لك معى هذه الأشياء و هذه الورقة لأعطيهم لكِ » مد لها علبتين كبيرتين فتجاهلتهم و مدت يدها تخططف الورقة بحنق فضتها و هى تمر بعيناها سريعًا على الكلمات التي خطها عامر بخطه السئ كخط الطبيب كورتها و ألقتها على الأرض تحت نظرات حازم الدهشة من تصرفها ..أمسكت بالعلبتين ثم قالت لحازم و هى تبتسم بهدوء ..« قل له حازم.. أن هدية تقول لك شكراً و لتذهب إلى الجحيم أيها المتسلط »
أنصرفت من أمام حازم المندهش ثم ما أن أبتعدت حتى أنفجر ضاحكا و هو يقول بمرح ..« سيد عامر ينتظرك أوقات صعبه مع هذه الفتاة و لكنها حقا تعجبني » تحرك مغادرا للعودة للمكتب ما أن عاد حتى طرق الباب بهدوء منتظرا الأذن بالدخول رفع عامر رأسه ما أن دلف حازم عن الأوراق التي أمامه متسأل ..« هل سلمتها الأشياء حازم »
أومأ حازم برأسه و هو يغمغم بخفوت ..« نعم سيدي لقد أخذتها »
سأله ببرود ..« هل قالت شئ »
تنحنح حازم و هو يهرب بنظراته من سيده..« لا ..لا سيدي لم تقل شئ»
شك عامر في الأمر فسأل بأمر ..« حازم »
تنهد حازم قائلاً بإستسلام ..« تقول لك سيدي أذهب إلى الجحيم »
حثه عامر على الحديث ..« وا» فأكمل حازم « أيها المتسلط»
تنفس عامر بعمق يحاول السيطرة على غضبه مر بإصبعه على حاجبه الأيسر عدة مرات دليل على ضيقه الشديد ثم قال بصوت حاول إخراجه هادئا ..« حسنا حازم أذهب الآن شكرا لك »
خرج حازم و أغلق الباب خلفه عاد بظهره يستند لمقعده يزفر بضيق متوعدا ..« حسنا يا فتاة سنرى من منا سيذهب إلى الجحيم أولا أنا أم أنتي أيتها الوقحة..
★
فتحت هدية الباب بالمفتاح خاصتها حتى لا تزعج أخيها إذا كان نائما دخلت بهدوء وجدت طاولة الطعام معده للغداء ..أبتسمت و هى تبحث عنه ألقت ما بيدها على المقعد و دلفت للمطبخ بهدوء وجدته يطهو الطعام على الموقد أقتربت منه تسير على أطراف أصابعها تريد أن تفزعه فضحك بمرح قائلاً ..« غبية حقا لتظني أنك ستخدعيني يا فتاة ،لدي أذنان حساستان أسمع بهما حتى صمتك ..علمت بقدومك منذ وضعتي مفتاح بالباب »
أقتربت تحتضنه من الخلف و هى تشتم رائحة الطعام قائلة..« يال هذه الرائحة الجميلة ، أريد أن أعرف أخي متى تعلمت الطهو هكذا»
كان مازال يقلب الدجاج مع بعض الخضروات على النار و هى تحتضن خصره بيديها تستند بذقنها على ظهره أجاب بلامبالاة و كأنه أمر غير هام بالنسبة له ..« و أنا في الخارج لا تنسي أني مكثت هناك عامين وحيداً و هذا جعلني أتعلم مجبرا و ليس برغبتي و إلا سأتناول هذه الأطعمة الغربية الغريبة التي يتناولونها هناك و تمتلئ بها المطاعم لديهم و لن أخبرك عما عانيته حقا لقد تناولت من تحت يدي أطعمة تنأى الكلاب الضالة عن تناولها صدقيني » ضحكت هدية بمرح تضمه أكثر أطفأ الموقد و أستدار إليها يضع ذراعه حول كتفيها ليخرجها من المطبخ ..
« هيا أذهبي و بدلي ملابسك و تعالي لنتناول الغداء معا حتى تعدي نفسك لاستقبال ذلك الخاطف و أبيه »
ضحكت هدية و هى تشعر بالذنب لكذبها على أخيها فيما يخص عامر ..هل سيسسامحها عندما تدعي أنها لم تحبه حقا و تتركة بعد ستة أشهر هل سيتقبل الأمر ببساطة أم سيشك في الوضع ككل و يبحث في الأمر بحاسته الصحفية فأخيها ليس ممن يستسلمون و يتركون شئ يفلت من تحت يدهم و يمر مرور الكرام بدون فهمه قالت مبتسمه ..
« حسنا سأذهب و أتي لمساعدتك في وضع الطعام فأنتظر »
أخذت أشيائها من على المقعد لتدلف لغرفتها وضعت العلبتين على الفراش الصغير في منتصف الغرفة تنظر إليهم بشرود ..مدت يدها لتفتح العلبه الكبيرة فشهقت بخفوت و عندما وجدت ثوب لونه أحمر صارخ قماشة الحرير ذاده جمالاً أمسكته بيدها وضعته على جسدها تنظر إليه بفضول ثوب طويل بأكمام شفافه و قبه منخفضه تظهر الكثير من صدرها تنظر في المرآه أمامها وجدته مقاسها عقدت حاجبيها بضيق كيف علم مقاسها ذلك الوقح ..أعادت الثوب لعلبته وضعته في خزانتها تخفيه عن نظرها هذا الأحمق هل يظن حقا أنها سترتدي شئ جلبه لها قبل خطبتهم المزعومة تلك هل يعتقد أنها معدمة حتى يأتيها بملابسها غبي ..أقفلت الخزانه على العلبتين و فتحت جانبها الآخر تلقى نظرة متفحصة على أثوابها المعلقة كلها جديدة لم ترتديها كثيرا و بعضها لم ترتديه بعد فهى ليست عملية لدراستها و هى قليلاً ما تخرج أو تسهر خارجا لترتدي إحداها ..أغلقت باب الخزانه مغمغمه ..« ليس الآن فلأذهب لتناول الغداء أولا ثم أعود لأختار ماذا سأرتدي لاستقبال هذا المتسلط و أبيه ..الذي حذرها في الورقة على حسن التصرف أمامه هذا البغيض و كأني فتاة من الشارع بدلت ملابسها و ذهبت لتساعد سيف في اعداد الباقي من الطعام و وضعه على الطاولة ، مر وقت الغداء سريعًا و هى تنهي تنظيف الطاولة و تعد الشاي لها و لأخيها الذي كان يشاهد التلفاز ..جلست بجانبه ترتشف من كوبها و تشاهد معه الأخبار قالت هدية بمرح ...« أخي ألا تمل من مشاهدة الأخبار لم لا تنسي مهنتك كصحفي داخل المنزل »
أبتسم سيف الدين ..« فقط قولي أدر القناة أخي و لا داعي لمحاضراتك عن مهنتي »
ضحكت هدية ..« أخي كيف تفهمني لهذا الحد »
شعث شعرها كعادته ..« لقد ربيتك على يدي هاتين أنا أعرفك كراحة يدي ..هيا أذهبي لتستريحي قليلاً قبل قدوم خاطفكي »
نهضت مقبله رأسه ..« لا حرمني الله منك أخي »
أبتسم سيف ..« و لا منك يا ابنة أخيكي ..هيا هيا أذهبي »
دلفت لغرفتها أستلقت على الفراش الصغير تتنهد براحه بعد فترة ليست بالطويلة نهضت من فراشها و فتحت خزانة ملابسها لتنظر ماذا تريد من أثوابها قامت بتفحصهم ثوب تلو الآخر تنظر إليهم بتقيم حتى وقع في يدها ثوب فضي لامع يتخلل قماشة خيوظ ذهبية رفيعة كان يصل لركبتها بدون أكمام ضيق عند الخصر لينسدل بنعومة حول ساقيها كانت قد جلبته في لحظة جنون انثى و هى تتسوق و رفيقاتها فهو لا ينفع سوى للسهرات ..هل مازال على قياسها ..حسنا فلتجربه لترى نظرت في ساعة يدها كانت قد تخطت السابعة ..تنهدت قائلة
« حسنا فلنستعد لإستقبال خطيب الستة أشهر »
★
تقدم سيف الدين ليفتح بعد سماعه جرس الباب أستقبل والد عامر بابتسامة عريضة و هو يرحب به داعياً إياه للدخول متجاهلا عامر الواقف خلف والده دلف شهاب خلف سيف لغرفة الجلوس يدعوة للجلوس ثم التفت لعامر يدعوة للجلوس هو الآخر حتى لا يثير قلق والده ..« تفضل سيد عامر في موعدك تماماً كالعادة »
أبتسم عامر بسخرية و هو يجلس على المقعد بعد أن جلس والده على الأريكة و سيف أمامه ..« شكراً لك سيد سيف ..تعرف لا أستطيع التأخر على هدية »
تنحنح شهاب عندما شاهد غضب سيف من تلميح عامر عن أخته ..قال بهدوء يحادث سيف ..« أين هى العروس أريد أن أرى من غيرت رأى ولدي في الزواج و جعلته يتعجل هكذا بعد إلحاحي عليه أن يفعل لوقت طويل »
أبتسم سيف. في وجه والده فهو يرى أن الولد ليس كوالده حسن الخلق فهو في مهنته خلال عمله بعد عودته لم يسمع عنه شئ مشين أو يسئ لسمعته ..« أتيه سيدي بعد قليل .تعرف الفتيات الصغيرات لا يفكرن سوى بمظهرهن أكثر من أي شيء آخر »
عقد عامر حاجبه بضيق و هو يرفع أصبعة بتوتر يمرره على حاجبه.هذا الحقير يلمح أمام والده لفارق العمر بينهم أبتسم مستفزا قائلاً ..
« فلتتدلل هديتي كما تريد من أفضل مني ليدللها »
شاهد شهاب الحرب الباردة التي تدور بين الإثنين و غضب سيف لحديث عامر لا يعلم ما يدور بين هذان الاثنان يبدوان كجروين يتصارعان على عظمة و من الواضح أن هذه العظمة هى العروس لطف شهاب من التوتر السائد بقوله المرح ..« هيا سيف أذهب و أجلب عروستنا لقد أشتقت حقا لأتعرف عليها »
نهض سيف مبتسما في وجه شهاب ..« حسنا سيدي بعد أذنك »
خرج سيف تاركا شهاب يلتفت لعامر متسألا ..« ماذا يحدث هنا عامر »...