
الفصل الخامس 5
بقلم صفاء حسني
عمل فهد اتصال، وبعد قليل دخل وحملها بفستانها الأحمر. وهي كانت زي طفلة بين إيديه، ونزل بيها وحطها في خلف العربية. وطلب من السواق يطلع، وكان السواق مستغرب. وفهد كان متجنن من تصرفه، رغم إنه كان غرضه يتفق معها ويستغلها هو كمان، لكن شعر بالعجز قدامها. وصل إلى فيلته، وحملها ودخل بيها وطلب من الخادم يجهز غرفة.
نظرت له أسماء وهي حاسة بالغيرة، لكن لما دخلها غرفة قريبة من المطبخ، شعرت بالفرحة والحيرة. هل فعلاً هتكون زوجته؟ ومن تكون البنت دي؟
نامت نغم نوم عميق، وهو كان زي المجنون. كل ما يتذكر نظرة عيونها وبراءتها وهي بين أحضانه، لدرجة إنه تصور في لحظة إنها ممكن تكون بتلعب عليه. كان عقله محتار.
بعد فترة من التفكير، دخل واحد من الخدم اللي يعتبر مربيه، وسأله: "مالك يا ابني؟ شايفك زي الثور كده، رايح جاي، بتبحث عن مكان؟ ومين البنت دي؟"
نظر له فهد وهو يلومه تارة ومحتاج يحكي له تارة تانية. قعد وحكى له اللي حصل، وهو مستغرب ليه متوتر كده ومن إمتى أصبح عنده مشاعر.
ضحك الرجل الكبير وقال: "إنت زعلان يا فهد عشان صعبت عليك البنت وجبتها بدل ما تستغلها. سبحان الله! زعلان إن الطفلة البريئة دي بكلمتين مست قلبك وحركت القلب الحجر لقلب أبيض."
فاق فهد على نفسه وصارخ وقال: "مفيش حد يقدر يغيرنا، فاهم؟ وهخليها تنفذ الغرض المطلوب، لكن الأول هتقعد هنا على إنها خادمة، ومحدش يقولها حاجة. وهي أصلاً مكنتش في وعيها يعني ممكن تخاف."
ابتسم الرجل الكبير على قلقه عليه وسأله: "هي اسمها إيه البنت دي يا ابني؟"
تذكر فهد البطاقة الشخصية بتاعتها اللي كانت تحت مخدتها، وهو بيرفعها فتحها ونظر على الاسم وقال: "اسمها ملك يا عمي إبراهيم."
ضحك عم إبراهيم وهو ينطق اسمها برقة ونعومة، وتركه وهو يدعو الله أن تكون ملاكه الحارس اللي أوقعه الله قدامه عشان يتغير ويعوضه عن اللي عملته فيه أسماء.
نزل عم إبراهيم وتركه، اتقلب فهد على السرير، لكن قبل ما تغف عيونه، سمع فهد صوت صريخ، ورأى النور من غرفة ملك اشتعل. قام من على السرير وخرج من غرفته اللي تطل على الحديقة واتجه لمصدر الصوت، لأن غرفة ملك كمان تطل على الحديقة والنافذة على غرفة نوم فهد. لأنه فهد عنده غرفة مستقلة بكل شيء، وأمامها مسبح. خرج لمصدر الصوت ووجده جاي من غرفة ملك. خرج واتجه لباب الغرفة.
في نفس الوقت، كان عم إبراهيم لما سمع صوتها طلب من بنته أسماء تدخل تشوف البنت الجديدة مالها. ودخلت وجدتها ترتعش وتخرج أنين وبكاء، وكان يعلو وينخفض مع بعض من الخوف. و"التخريفة" اتجه نحوهم وهو يتساءل...
وفي نفس الوقت، كان في بيت اعتماد شاب يتجه نحو غرفة نغم بعد ما حط حباية في الكوب بتاعها باتفاق مع الجرسون. ولما دخل الغرفة، وجد بنت تانية نايمة، صرخ وقال: "فين نغم؟"
ضحكت البنت: "نغم مين؟ مفيش حد بالاسم ده."
صرخ الشاب وكان على آخره: "يعني إيه مفيش حد اسمه نغم؟ أوعى تكون العقربة اعتماد أخدتها عندها في الأوضة. أنا حذرتها لو قربت منها حدبحها."
ضحكت البنت وقالت: "فوق يا مهاب! مالك، مش أول بنت تعمل معاها كده اعتماد ولا آخر بنت. إنت نسيت إنت شغال إيه هنا وإيه البيت ده. ده بيت دعارة، البنات للمزاج والشباب للعب القمار، وكل واحد دخل البيت ده معرفش يخرج منه إلا بأمر من اعتماد في إنسي."
نظر لها مهاب: "فخورة أوي يا هدير وإنتي بتقول عن شغلك البت المفعوصة ده. قدرت تحمي نفسها ومحدش قدر يقرب منها، وإنتي فخورة؟"
اندهشت هدير وغضبت: "مهاب، متمثلش عليا. أنا شفتك وإنت حطيت لها حباية في كوب الخمر، عشان تستفرد بالبت. فمتمثلش إنك واعظ. إنت مفيش بنت عصلجت معاك، عشان كده مركز معها والنار أكلتك لما طلبتها تقعد مع الزبائن، عشان كنت عايز تقطف إنت الأول. فمتمثلش إنها صعبتك عليك ومتخفش أوي، مش هيحصّلها حاجة، يبقى إنسي وتعالى نام جنبي."
نظر لها مهاب: "إنسي مين؟ انطق قولي، رد فين نغم؟ أوعى تكون نقلتها المستشفى. أنا فعلاً حطيت لها حباية عشان تتعب، لكن أنا اللي كنت هنقلها."
شهقت هدير: "وليه عملت كده وتودّي نفسك في داهية؟ والله البت دي سحرتكم فيها إيه؟ جننت البيت كله، حتى الباشا اللي جيه من نص ساعة قلب الدنيا على دماغ اعتماد وأخدها."
شهق مهاب وسألها: "إنتي بتقوللي إيه؟ يعني ظني في محله واعتماد باعتها قبل ما أهربها؟ يا خسارة، أنا كنت حطيت لها الحباية عشان بتعمل أعراض التسمم، وينقلوها المستشفى وأعرف أهربها."
ضحكت هدير: "غيرك سبقك، رايح نفسك بقى وتعالى نام واشكر ربنا إنها اتباعت قبل ما تتقفش أو تموت، عشان استحالة اعتماد كانت هتخرجها من هنا، ولو كانت شكّت فيك كان حيبقى آخر يوم في عمرك!"
اتنهد مهاب بحزن وقال: "أنا اللي مش عايز أعيش هنا، وتوبة من شغلنا."
سمعته اعتماد ودخلت وهي بتصرخ: "ده آخر يوم في عمرك، هو إنت فاكر بعد ما عرفت أسرارنا هسيبك تمشي؟ وكنت عايز تجيب لي مصيبة، أنا هموتك!" ومسكته من هدومه.
صرخ مهاب فيها: "مبقتش أخاف منك يا بومة إنتي، وآه نفسي، البسك مصيبة وأحرر البنات من تحت إيدك!"
غضبت اعتماد وأمرت الشباب يموته، لكن هو كان سبقهم ودفعها جامد فوقعت على الأرض، ثم أخرج مطوة من جيبها وطعنها 10 طعنات.
وهو بيضحك: "حررتكم منها!" وأصبح يجري ويدق على كل غرفة ويصرخ: "ماتت اعتماد، اهربوا!"
دخل فهد وهو خايف تكون أسماء قربت من ملك وسأل: "إيه اللي بيحصل هنا؟"
. خادمة في قصر الفهد
الكاتبة: صفاء حسني
ردت أسماء وهي تنظر له وقالت: "البنت الجديدة سخنة نار وبتخرف."
شعر فهد بخوف ولهفة غير مبررة نحوها، واتجه للسرير وجلس جنبها، ولمس وجنتها، وجدها فعلاً دافئة. صرخ فيهم وهو عاجز وبيسأل: "فين أبوكي يا أسماء؟"
دخل عم إبراهيم بإناء فيه ماء ساقع وقال: "أنا هنا يا ابني، لازم ننزل لها الحرارة دي قبل ما تتصل بالدكتور."
صرخ فهد وهو مرعوب وقال: "أنا أخدها على المستشفى أحسن."
رفض عم إبراهيم: "يا ابني، البنت دي شربت حاجة غريبة على جسمها، وده سبب السخونة، والأفضل على ما الدكتور يجي ويفهمني هنعمل إيه تكون حرارتها نزلت."
أخذ فهد الطبق منه، وبدأ يعمل لها كمادات، وصرخ فيه وقال: "مستني إيه؟ اتصل بفارس."
انصدم إبراهيم: "فارس ابن عمك؟ إنت قطعت علاقتك بيه، لم نصحك تسيب الشغل ده."
اتنهد فهد وقال: "إنت عايز تفهمني إنك مش بتتكلم معاه، وإنه دايماً بيسألك عني وعلى أحوالي؟"
هز إبراهيم رأسه بحرج وقال: "منكرش يا ابني، لأنه فعلاً مثل الأخ ويعزك دون مصلحة."
هز فهد رأسه وقال: "عارف، عشان كده أكتر واحد بثق فيه، رغم لسانه وكلامه الكتير، لكن دكتور شاطر وهيدلني أعمل إيه، ولو هتحتاج تروح مستشفى أو لا، لكن لو سأل..."
ردت أسماء قبل ما يقول وقالت: "هقول بنت خالتي، وجات تساعدني في البيت بعد وفاة أمي عشان الشغل كتيرة."
نظر لأسماء بطريقة غريبة، ووجه حديثه لإبراهيم: "يلا يا عم إبراهيم، أرجوك."
بالفعل اتصل إبراهيم بفارس.
جلس فهد جنب ملك، وبدأ يضع لها الكمادات ويتنقل من قطعة لقطعة، وهي جسمها بينتفض وتهلوس ببعض الكلمات وهي بتنادى على أبوها وأمها...
يظهر شاب ذو عيون زرقاء ذو لحية خفيفة، شعر بني وكثيف وطويل بعض الشي، طول بعرض. كان يرتدي بالطو الأبيض ويتجول في المستشفى.
جاء اتصل، نظر للهاتف، ولما رأى رقم عم إبراهيم رد على السريع: "خير يا عمي إبراهيم، فهد بخير؟"
اتلجلج إبراهيم وقال: "محتاجين ليك يا ابني."
أغلق فارس قبل ما يفهم باقي الكلام بعد ما قال: "جي فوار مضي."
حمل حقيبته.
اقتربت الممرضة تسأله: "والنبطشية يا دكتور؟"
صرخ فارس خوف على فهد: "سلميها لأي حد من الدكاترة، ابن عمي وأخوي مريض، مش هقدر أسيبه."
هزت رأسها بالموافقة وقالت: "سلامته ألف سلامة."
الكاتبة: صفاء حسني
في مكان آخر، تظهر سيدة تتحدث مع شاب وهي وهو جنب بعض في عشة صغيرة وشبه عاري، وتسأله: "إمتى هتروح تجيب أمضت إلا ما تتسمي ملك يا فهمي؟"
اتعدل فهمي وتحدث وقال: "يعني ده وقته تجيب السيرة ده بذمتك؟ أنا ما صدقت اتلميت عليكِ وحشتيني، مش قادر أشبع منك."
ضحكت بدلال: "وإنت كمان والله، بقالي فترة مش عارفة أطلع من البيت، كانت البت ملك شايلة كل البيت وكنت متكلة عليها، أما الهبلة بنتي إيدك منها والقبر. لو كانت البت دي بنتي وبنتي مكان ملك..."
ضحك فهمي: "ومادام بتحبيها أوي كده ليه طلبت نعمل كل ده؟"
خرج فارس وركب سيارته بسرعة حتى وصل للمنزل.
اتجه بلهفة: "فهد أخوي مالك؟"
سمعه إبراهيم وشاف فزعه وقال: "إنت قفلت يا ابني قبل ما أكمل كلامي، الحرارة لبنت اخت مراتي لسه جايه من البلد النهاردة، ومش عارف إيه اللي حصل لها."
اتنهد فارس وهدى: "يعني فهد بخير صح؟"
خرج فهد واتجه نحوه وضمه وقال: "بخير يا فارس، مكنتش عارف إني غالي عليك كده."
ضربة فارس على كتفه ضربة خفيف وقال: "إنت أخوي فاهم، دمك يجري في عروقي، أنا انفجعت وعقلي كان بيجيب مليون حاجة، حرام عليك بجد، أنا كل يوم خايف لاسمع ان حد اتعرض ليك."
ضحك فهد وقال: "متنساش إني مش سهل متخافيش، المهم مش وقته، تعالي شوف ملك."
اندهش فارس وسأل: "مين ملك دي اللي أهم منك؟"
سحبه فهد قبل ما يبدأ في التحقيق بعنف وقال: "مش وقته، تعالي معايا."
ودخلوا على الغرفة، وقعت عيون فارس على ملك، اتجه نحوها، وبدأ الكشف الخارجي، نظر في عينيها ووجهها اللي بدا يتغير لونه للأزرق، صرخ فارس: "ده حالة تسمم، وانتشر في جسمها!"
شهق فهد وقال: "إنت بتقول إيه؟ اعمل أي حاجة لو كنت غالي عليك، أنقذها."