رواية شط بحر الهوى الفصل الواحد والخمسون 51 بقلم سوما العربي

رواية شط بحر الهوى

الفصل الواحد والخمسون 51

بقلم سوما العربي


وقف على أعتاب غرفتها يدق الباب بطريقه ملحة و متواصله ، يتوسلها كي تفتح له الباب لكنها ما زالت رافضه تماماً و هو للأن لم ييأس .


يشعر بثقل وضع على صدره و قلبه ، بروده تخرت عظمه كلما تذكر تلك اللحظة التي أكتشفت فيها الحقيقة الخفيه ، لم يرغب بأخبارها  بكونه متزوج ، هو بالأساس لا يعده زوج أو يأخذه على محمل الجد بل في معظم الأوقات ينسى تلك القصه و صاحبتها .


ظل يواصل توسله و إلحاحه مردداً: چيچي عشان خاطري افتحي لي خليني أفهمك .


لكنها صرخت فيه : مش عايزه أسمعك ، أنت واحد كداب .


ضياء: أفتحي الباب يا چيجي بدل ما أكسره أنا مش شايف قدامي .


تقى : أكسره لو تقدر ، إنت فاكرها سايبه .


صك أسنانه بغضب و قال من بينهم : إنتي فاكره إن إن الباب ده هيمنعني عنك و لا فاكره إني مش هقدر اكسره و أخاف ، أفتحي يا چيچي .


لكنها لم تستجيب ، بالأساس كانت متلذذه بعذابه و توسله لها ، ظلت كما هي ترغب في الإستماع للمزيد .


فردد مجدداً : أفتحي بقا يا حبيبتي ما تتعبيش قلبي معاكي 


صرخت فيه بقهر حقيقي نابع من أعماق قلبها: ما تقولش حبيبتي دي تاني ، إنت كداب ، عمرك ما حبيتني ، عمرك  أصلاً ما حبيت حد تاني غير نفسك


كانت تتحدث بروحها ، روح تقى التى عقد قرانه عليها بدون إرادة منه ، تقى التي حطمها نفسياً و ربى لديها عقده ربما لا حل لها .


و هو يقف بالخارج مازال يرجوها : يا حبيبتي أسمعي مني بس .. أنا مش هقدر على زعلك.. و لا أقدر على بعدك.


لكنها لم تعطيه أي إجابة فواصل : طب أفتحي لي بس نتكلم ، أنا محتاج أشوفك ، من ساعة إلي حصل ما سوفتكيش ، هتجنن عليكي و حاسس روحي ضايعه مني .


أغمضت عيناها و قالت بألم : بكره تنسى .. مسألة وقت مش أكتر .. الي حواليك كتير و هينسوك ، أقلهم كلارا ، مستنيه إشارة منك 


جاوبها بنبرة باكيه ذليلة : و أنا مستني إشارة منك إنتي ، لو بس ترضي عني ، لو بس تسمعيني ، أنا بحبك ، فاهمه يعني إيه بحبك ، أفتحي خليني أشوفك ، حاسس اني تايه من غيرك .


جاوبت برفض تام : لأ.


ليفقد كل السيطره على نفسه و يبدأ في ضرب الباب بكتفه و هو يردد : براحتك بقااا .


ارتعتب من تصرفه و صرخت : أنت بتعمل ايه يا مجنون . 


هتف كالثور الهائج : هكسر أي حاجة تمنعك عني ، أنتي سامعه .


كانت نبرته جنونيه مرعبه ، لشخص يبدو كالمدمن و قد منع عنه المخدر ، لم تكن على علم لأي درجه قد وصل ضياء بالفعل في عشقها و أنها أصبحت إدمانه و لا تعافي منها أو هروب 


شعرت بالباب على وشك السقوط ، فأسرعت تفتح بخوف .

و بحركه خاطفة جذبها من ذراعها بحيث أصبحت فى مواجهته يتنفس بصعوبه ، ينظر لها بجوع و عطش ، قبض بكفه على ذقنها يقربها منه يقبلها بلوعة و إشتياق .


يردد من بين قبلاته : بحبك يا چيچي بحبك .


لا يعلم أن أعترافه لم يكن إعتراف بالحب و إنما إعتراف بالخيانة ، ما أن يقول أحبك حتى تذوب بين يديه وسط قبلاته تستقبلها من زوجها ، لكن ما يلبث إن يتبعها بكلمة چيچي ذلك الإسم المستعار الذي طلت عليه به و عرفتها صديقتها للجميع على أنها چيچي و ليست تقى كاظم الصواف .


شعر بتجمدها بين ذراعيه بعدما كان طائر سعيد من الفرحه و هو يشعر بإستجابتها لقبلاته ، لكن تخشب جسدها بين يديه و أبعدته عنها بصعوبه و هو يردد بلهفة : ما بتعدنيش عنك يا چيچي ، عايز أحس بيكي ، إنتي وحشاني أوي.


يزيد الأمر سوءاً طوال ما هو يناديها بچيچي ، تباً له و لها أيضاً فالألم الذي تشعر به الأن ألم حقيقى لإمرأة خانها زوجها الحبيب .


خرجت من بين أحضانه تردد : أنا مش هقدر أنسى ، مش هقدر .


ضياء : في حاجات كتير بتحصل حوالينا غصب عننا ، أنتي نفسك مكتوب كتابك بالغصب ، بس واضح اني بحبك بطريقة مجنونه و مش منطقية لدرجة أني ماهمنيش و قولت هتجوزك بردو.


تقى : أنت قولت ، كنت صريحه من البداية ، أنت ليه ما قولتش ؟


ضياء : أنتي ما سألتيش .


تقى : نعم ، أنت سامع بتقول ايه ؟ هي دي حاجه تتنسي؟


ضياء : أيوه ، لما تكون جوازه بالغصب و مش فارقه معايا أصلاً يبقى أنسى أنا ناسيها فعلاً لأنها مش في بالي و لا شغلاني .. مش شايفها أصلاً


ضغط على الجرح بقوه حتى نزف ، بالفعل هذا ما شعرت به تقى ، تشعر بقلبها ينزف أمام ذلك البارد فصرخت فيه بقهر : إطلع برا.. برااااا ... برااااا.


كانت تصرخ و على ما يبدو قد فقدت السيطرة على أعصابها ، حاول الإقتراب منها لتهدئتها لكن أقترابه لم يكن يزيدها إلا هياجاً.


و صوت صراخها يملأ المكان من شدته استعدعي نادين من بعيد فأتت مهروله لتصدم من هيئة صديقتها هكذا و ضياء يحاول التحدث إليها و ضمها له.


أبعدته نادين على الفور تحتضنها لها و تقى مازالت تصرخ .


حاول تخطي نادين و أقترب من تقى يردد : عشان خاطري يا حبيبتي أهدي ، تعالي في حضني نتكلم و نتفاهم.


كانت نادين تنظر له مصدومه تراه شخص آخر غير ضياء الذي يعرفه الجميع ، يتوسلها لتقترب منه ينظر لنادين مردداً : سبيني يا نادين أنا لازم أفهمها ، هي لازم تعرف هي بالنسبة لي إيه ، أنا من غيرها ممكن أضيع ، هي ليه مش عايزه تتقبل فكرة اني متجوز ، ما أنا قبلت أنها مكتوب كتابها ، طلبت منها بهدوء تتطلق .


رفعت تقى عيناها له و قالت : يبقى انت كمان تطلق مراتك إلي في مصر لو كنت فعلا شاريني .


صدمت نادين كثيراً ، تلك لم تكن خطتهم منذ البداية و لم تكن خطة جدها أو خالها ،على ما يبدو أن تقى كانت تتبع خطة خاصه بها وحدها .


كذلك ضياء قد صدم ، طلبها كان غير متوقع ، على الأقل له .


بقى كل من ضياء و نادين واقفان أمام تقى كل منهما منصدم بشكل أو بأخر .


و تقى تقف تحاول السيطرة على إهتزاز جسدها المنهار و التوقف عن البكاء تنظر له بقوه واهيه جدا.


مسحت دموعها بعنف و قالت : زي ما هتطلق أنت كمان تطلق.


ابتلع ضياء لعابه بصعوبه و قال : بس... أنا.. أنتي لازم تتطلقي عشان نقدر نتجوز لكن أنا ممكن اتجوز مرتين و تلاته و أربعة.


أتسعت عينا نادين من جحوده و تقى زادت نوبة عصبيتها و صرخت فيه بقهر : و مين قالك اني هرضا بكده.. أنت مفكر نفسك ميين .


حاول الإقتراب منها مردداً : أنا مش هينفع أطلق تقى .


صدمت من حديثه و نظرت له بخفقات قلب عاليه و هو يكمل بأسف : مش هقدر .


زادت دقات قلبها ، رفرفة بسيطة من الفرحه أنشعت قلبها و علت وتيرة أنفاسها جعلتها تنظر له بأمل متسائله : و لا حتي عشاني ؟!


هز رأسه بيأس و أسف ، ألتمعت عيناها من السعادة التي تضاهي الحزن الذى حاولت رسمه على وجهها و هي تطرده من عندها قائله : يبقى تطلع برا و ما شوفش وشك تاني .


كانت تقولها بلين شديد ، أقل بكثير جدا عن المطلوب في موقف مثل هذا ، لكن فرحة قلبها كانت أكبر من الإستيعاب ، حاولت إتقان الدور لكنها لم تنجح على ما يبدو.


حاول التحدث معها مرددا : حبيبتى أفمهيني .


إلتفت توليه ظهرها كي تستطيع التحدث ف الفرحه التي غمرتها كانت فضّاحة و لم تستطع التحكم بها أو كبتها .


وضعت يدها على صدرها تسحب نفس عميق سعيد تبتسم ثم قالت و هى تحاول إستدعاء القوه و الغضب : يبقى مافيش اى كلام بينا و لا أي حاجة ممكن تجمعنا ، يا أنا يا مراتك و أنت إختار ، مش هسمح بأي كلام بينا غير لما أشوف ورقة الطلاق بعيني عليها إسمك و إسمها ، و دلوقتي الكلام خلص ، أتفضل أطلع برا مش عايزه أشوفك.


ظل بمكانه ثابت لدقيقة كامله ربما تحنو عليه لكنها لم تفعل فألتف يغادراً و هو منكس رأسه للأسفل يشعر بالحزن و الضياع .


غادر الغرفه و ذهبت نادين خلفه تغلق الباب تظر لصديقتها التي تلمع عيناها من الفرحه و يشع وجهها سعادة و سألت : ممكن بقا أفهم في إيه بالظبط ؟


_________________________


في بيت الصواف .


خرج هارون من غرفته بعدما تأنق كعادته و هبط الدرج بخفى و هو يشتم رائحة طعام زكيه أخترقت أنفه ، تتبعها حتى أوصلته للمطبخ ، أبتسم و هو يرى غنوة تقف متأنقه هي الأخرى لكن شعرها مفرود على ظول ظهرها .


مال عليها يقبل عنقها قائلا : صباح الجمال و الدلال .


أبتسم له بحب كبير و قالت: صباح الرجاله الحلوه.


عض على شفته السفلى مردداً : لمي نفسك أنا ماسك نفسي بالعافيه .


نظر لها بحده يكمل : و لمي شعرك ده ، عمي هنا .


قوست فمها لأسفل ثم قالت بدلال : لسه ما صحيش  أكيد في أوضته .


ضحك متذكراً مظهره بالأمس و قال: أوضته إيه ، كاظم الصواف اتطرد بالشورت باليل .


شهقت غنوة و ضحكت تردد : أشجان دي رهيبه .


أشهر هارون أصبع السبابة في وجهها منذرا : الست دي مرعبة ، أنا نفسي بقلق منها ، مش عايز خلطه بيها كتير ، كفايه أصلاً السنين إلي عشتيها معاها.


ضحكت غنوة ساخره و علقت على ما قاله : ههههه ، أشجان ، دي غلبانه جنبي ، هي بس جعجاعه و بتهب في وش إلي قدامها ، لكن أنا....


أخدت تملس بيديها على ملامحها الطفولية البريئه تردد : أنا أحب أشكر ملامحي البريئه الي بتدي انطباع عكس شخصيتي .


ضيق عيناه يقول بغيظ و هو يتذكر كل أفعالها و كم مره خدعته : أنتي هتقوليلي .


اقتربت منه تتمسح فيه مردده : بس توبت و الله.


قرصت و جنته تكمل: و وقعت و لا حدش سمى عليا.


صعدت بيدها على طول وجهها و هو يغمض عينيه مستمتع بقشعريره قويه دبت فيه إثر لمساتها ، إلى أن أستقرت يدها على رأسه الأصلع و قالت بشجن : بموووت في قرعتك .


رغماً عنه ضحك ، على أثر تلك الذكرى في الاسانسير و قال لها : مقوية قلبي .


ضحكت هي الاخرى و ذهبت تجلب بقية صحون الإفطار تردد قبلما تخرج من المطبخ : قلبك أسود قوي على فكره .


وضعت الصحون على الطاولة و هو قادم خلفها يبتسم بسعادة على ذلك الجو الدافئ و الذي صنعته و أهدته إياه غنوة فكان أكثر مما تمنى و حلم.


جلس على طرف المائده يقول لها بتحذير بعدما انتبه لدخول عمه من الباب: عمي جاي هناك ، لمي شعرك ده .


هزت كتفيها بدلال و تحركت ببطء شديد تجاه الدرج فصرخ فيها بغيظ : إخلصي .


غمزت له بعيناها و صعدت لجلب حجاب مناسب لملابسها ثم حضرت لعندهم .


بينما جلس كاظم لجوار هارون يشكو عظام ظهره و فقراته : أااااه .. اه يا عصعوصتي .


كبت هارون ضحكته يسأل : إيه ده ، نمت فين يا كظ كظ .


نظر له كاظم بشر ثم قال : في الجنينه.


حاول كبت ضحكته من جديد و هو يربط على كتفه مردداً : ماعلش .. مسيرها تروق و تحلى ، بس ما تنكرش أني حظرتك .


عض كاظم باطن فهمه و هو يردد : على قلبي زي الشهد، مالكش أنت دعوه


هز هارون رأسه بيأس بينما تعلق نظر كاظم على الدرج حيث تهبط أشجان ثم أقتربت منهم بوجه عابس تردد : صباح الزفت ، مش طايقه شكلكوا .


غرق هارون في الضحك و هو يراها تجر أحد مقاعد السفره لتجلس عليه بعد ما قالته و قال: و الكرسي ذنبه أي بس.


نظرت له أشجان بحقد ليقول كاظم: فداها يا هارون ، كله فدا المهلبيه .


اشجان : أبلع لسانك يا راجل أنت ، مش طالبه تلزيق على الصبح .


ضحك هارون بقوه و كاظم يردد بصدمه: تلزيق ؟


بينما أشجان تتمتم : أنا عارفه كان إيه إلى بلانا بيكوا ، ما كنا عايشين في هدو السر و مرتاحين .


و على ذكر السيرة كانت غنوة تهبط الدرج بسعادة بعدما أنهت لف حجابها تقفز الدرج قفزا بشقاوه .


لتراها اشجان و تنظر لها بغيظ ثم تردد بسخريه : أهلاً ، أهي نجاة الصغيرة جت أهي.


أقتربت غنوة مرتبكه تحاول تحاشي نظرات أشجان القاتله ثم قالت لهارون : مش يالا عشان الشغل .


لكن من جاوب كان أشجان التي قالت: مش تاكلي الأول يا ختي ، ده حتى طباخ السم بيدقوا ، مش أنتى إلى عامله الأكل بردو ؟ بقا محضره له الأكل إللهي يطفحوا ، مطرح ما يسري يهري بأذن الله.


ضربت غنوة كفها بوجهها ثم قالت لهارون : طب يلا يا هارون عشان ما نتأخرش 


تقدمت تأخذ بيد هارون لتخرج نهائيا من البيت و أشجان من خلفهما تردد: أهربي إهربي ، هتروحي مني فين ، مسيرك تقعي تحت أيدي.


اغلق الباب خلفهما فالتفت لترى كاظم يقترب منها يخلع منامته


فقالت بغضب: جري ايه يا راجل أنت هتعمل ايه.


كاظم : دقت ساعة الحسم .


حاولت الهرب و هي تصرخ : أنت أتجننت ؟


كاظم : دقة ساعة العمل.


بدأت تركض في البيت و هو خلفها لا تكف عن الصراخ و السب بأقذر أنواع السباب .


_________________________


وقف على أعتاب باب بيته يستعد لاستقبال زواره في محاولة جديدة للظهور بالتماسك لكنها ليست ناجحه بدرجة كبيرة.


أبتسم و هو يستقبل صديقه الذي فتح له ذراعيه  يردد : جوووو .. واحشني جدا.


إغتصب يوسف أبتسامة مجامله على شفتيه و فتح ذراعيه يردد : دكتور هاشم .. البيت نور و الله.


تقدم هاشم يحتضن يوسف ثم قال : منور بيك يا حبيبى .


انتقل يوسف بنظره على سلوى زوجة الدكتور هاشم ثم قال : دكتوره سلوى ، أخيراً عرفنا نتقابل.


تقدمت سلوى تمد يدها بالسلام مردده : أعمل إيه ، الشغل الجديد واخد كل وقتي و البركه فى حضرتك ، منتج طبى بالضخامه دي كلها رامي مسؤليته كله عليا ؟ إيه إلي ممكن يشغل يوسف عن شغله .


إرتبك يوسف قليلاً ثم قال : و لا أي حاجه ، و أنا خلاص دلوقتي فضيت و أكيد هكون مركز في شغلنا .


استدار يشير لهما على الداخل و يردد مرحباً : أتفضلوا اتفضلوا .


ذهب حيث غرفة كبيره للضيوف يطلب مشروب للترحيب و بعدها تحضير مائدة الطعام.


ثم تقدم ليجلس معهم هو و يحيى والده الذي لاحظ توتره الشديد و مجاهدة لمواكبة الموقف .


عينه لا تبارح الباب كأنه ينتظر أحدهم ، و لم يتحمل كثيراً ، و وقف عن مقعده يذهب لعند أخته ، فتح الباب دون إستئذان و سألها : وصلتي لها ؟


ردت عليه نور متألمه من ضرسها : أااه ، هي مين يا أبيه .


صرخ فيها بصوت مكظوم الغيظ : زينب .


هزت رأسها نفيا ثم قالت : طب مش تسأل عني الأول ، صرخ في دروسي كلها مش قادره.


فردد بنفاذ صبر : دكتور هاشم تحت هخليه يكشف عليكي ، قوليلي دلوقتي هي فين .


تأوهت نور من جديد و قالت : هتبعت لي لوكيشن دلوقتي بس ياريت بابا ما ياخدش باله لأنها محلفاني مانزعلوش و كمان محلفاني ما اقولش لحد على مكانها .


يوسف : بطلي أستهبال ، الرسالة أول ما تتبعت تكون عندي فاهمه.


غمزت له رغم ألمها و قالت: شكلك مهتم و لا ايه يا أبيه ؟


يوسف : و لا مهتم و نيله و اخلصي قومي هخلي هاشم يكشف عليكي و تتابعي معاه .


امتعض وجهها تردد : لا شكرا.. أنا حاجزه عند دكتور معرفة واحده صاحبتي.. حاجه كده من الي تشرح القلب الحزين هي ناقصه شغل عواجيز 


اقترب منها يوسف يردد بغضب : أنتي بتقولي إيه يا بت أنتي ، و في وشي كده ، خلاص مابقاش همك ، طب مافيش خروج ، و مش هتتابعي غير مع دكتور هاشم إيه رأيك بقا ، و قومي غيري يالا ، تلات دقايق و الاقيكي على السفره تحت و الرسالة أول ما توصلك توصلني.


خرج من عندها و هو يتمتم بغضب : كنت ناقص أنا.


نظرت لأثره بأمتعاض ، تعلم زوجة ذلك المدعو هاشم فهي صديقة ليوسف من أيام الجامعه و للحقيقه هي لا تطاق ، فهي شخصية تنمو و تترعرر بالتنمر على الآخرين ، ترى نفسها محور الكون ، لا ترغب بتاتاً في التواجد معها بمكان واحد.، لطالما شبعت من تعليقها على حجم جسدها و بعض الحبوب التي تظهر لها فهي صديقة للعائله تتردد كثيرا على بيتهم خصوصاً و هي شريكة يوسف و زوجها مسافر دائماً .


حاولت المرواغة و التباطئ ربما نسوها تماما لكن يوسف أرسل لها اكثر من رساله يتعجلها و كذلك يطلب عنوان زينب .


على السفره 


جلس يحيى ينظر حوله ثم قال : إخواتك فين يا يوسف ؟


قال يوسف و هو يلك الطعام : نرمين في شغلها و نور نازله دلوقتي .


أبتسم يحيى و قال: و زينب ؟ مش هي زي أختك بردو ؟


نظر يوسف لوالده و قال من بين أسنانه : لأ ، و مش عارف هي فين.


تدخلت سلوى تسأل : مين زينب دي يا جماعة ؟


جاوبها يحيى : دي بنت أعز أصحابي و هي ضيفه عندنا يومين.


و بلحظتها كانت نور تهبط الدرج و هي ترتدي فستان ازرق هادئ و تجمع شعرها بكحكه فوضاويه تراهم على السفره ينظرون لها و هي تبتسم بسماجه لا تطيق تلك الجلسه .


لكن من بين كل ذلك جذبها عطر أحدهم ، كان قوي و غريب ، رفعت أنظارها لتقابل زوج من العيون الحاده تنظر لها بتدقيق و كأنها فريسه مغريه.


أرتبكت من نظراته كثيرا و حاولت إشاحة عيناها عنه ، لكنه كان ذو سلطان قوي و أجبارها بتسليط عيناه عليها أن تعود و تنظر له .


له هيبة غير عاديه ، مهيمن لدرجة تفوق الوصف و سؤال يتردد داخلها من هذا ، يبدو وسيم جدا بشارب كثيف يتخلله بعض الشعيرات البيضاء ينظر لها عن كسب .


تقدمت حتى وقفت لجوار أخيها الذي ضمها له يردد : دي نور أختي .


أبتسم هاشم إبتسامة جانبيه و ردد : كبرت نور .


جعدت ما بين حاجبيها و هي تنظر له بإستغراب ، فعلى ما يبدو أن هذا الرجل يعرفها منذ كانت صغيره .


ليقول يوسف : مش فاكراه يا نور ، ده ياما لاعبك و إنتي صغيره ، ده دكتور هاشم.


أتسعت عيناها بصدمه و نظرت له بإزدراء واضح ثم قالت : أهلاً وسهلاً.


نظر لها هاشم بإستغراب ليقول يوسف  : ماعلش يا دكتور هاشم هنتعبك معانا بس نور عندها ألم في دروسها .


قال هاشم بابتسامة و عينه لم تبتعد عن نور : ده انا عيوني لنور .


يوسف : بس بالراحة عليها يا هاشم الله يخليك ، أحسن ترجع تقولي أنا السبب ، الهانم كانت عايزه تروح لدكتور شاب حديث التخرج .


أمتعض وجه هاشم ثم قال : مش هتلاقي عند الدكتور الشاب الخبره إلي مستنياها ، أصل الخبره دي مهمه قوى قوى.


حاولت تحاشي نظراته الثاقبه خصوصاً بعدما جذب يوسف معصمها في الخفاء و همس في أذنها بغيظ  : فين الزفت اللوكيشن .


نور : حاضر حاضر ، هبعته دلوقتي كنت نسيت.


و أخيراً انتهى العشاء و هو في طريقه لعندها ، الغبيه سكنت في شقه مفروشه مع بعض الفتيات و هي لا تعرفهن و لا يعرفونها فقط لتبتعد عنه ، يقسم أنها و الله غبيه 


وقف أمام باب الشقه التي نص عليها العنوان يدق جرس الباب.


ففتحت له فتاه تنظر له بوجه متجهم و حاجب مرفوع تردد : ماحدش طلب أكل .


نظر لها مستنكراً يسأل: أفندم ؟


لترد الفتاه بنزق : شكلك دليفري .


صك أسنانه يردد : دليفري.. ناديلي زينب 


فسألت الفتاه : زينب ؟ زينب مين ، أاااه البت الجديدة.. أاه و الهانم بقا بتعرف رجاله و جيباهم لما لحد البيت كمان .. أنا قولت البت دي مش مظبوطه ماحدش صدقني.


انفلتت أعصاب يوسف و التى جاهد للتحكم فيها و هتف عالياً : اخرسي يا زباله ، و أتكلمي عنها عدل أحسن لك.


خرجت زينب على الصوت العالي لتتسع عيناها و هي ترى يوسف أمامها يصرخ فى زميلتها فسألت بخوف: يوسف ؟ هو في ايه ؟


هتفت الفتاه عالياً : تعالي شوفي الرجاله إلي بتجيلك لحد البيت يا هانم يا محترمة .


ابتلعت زينب لعابها بصعوبه و قالت: ده ، ده مش راجل غريب ، ده...ده خطيبي


قال يوسف ببرود :  لأ إحنا لسه متصاحبين بس 


شهقت الفتاه بصدمه و قالت : يا نهار أبيض .. أنتي طلع ليكي في المشي البطال ، أنا و الله من أول يوم قولت البت دي شمال ، طب عليا النعمة من نعمة ربي ما أنتي بايته فيها .


فقال يوسف : بصراحة عندك حق ، أرمي لها شنطة هدومها برا انتو بنات عائلات محترمات .


بعد عشر دقائق كانت تجلس في سيارته تبكي و هو يقود متأفافاً يردد : ما خلاص بقا ، اعملك إيه يعني، ما انتي السبب .


زينب : أنا ؟


يوسف : ايوه أنتي، أنتي الي عاندتي و مشيتي و عارف بردو لو طلبت منك تيجي معايا كنتي هتعاندي بردو قولت أسوء سمعتك قدامهم عشان يطردوكي و ترعجي معايا.


زينب : أد ايه أنت واطي .


ضحك يردد : بس لذيذ ، و الله لذيذ .


نظرت له بحزن فتوقف على جانب الطريق و على ضوء أعمدة الإنارة مد يده يلتقط يدها قائلاً و هو ينظر لعيناها : ما تزعليش مني ، حقك عليا ، بس انا ما قدرتش أتحمل بعدك و طول اليوم مش على بعضي ، زينب أنا...


تلعثم قليلا و هي كانت متسعة العين مما قال و من كونه يعتذر بالأساس لتكتمل صدمتها حين قال : لو قولت لك تفضلي جنبي هتفضلي .


       الفصل الثاني والخمسون من هنا 

  لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات