رواية خادمة في قصر الفهد الفصل السادس عشر 16 بقلم صفاء حسني

رواية خادمة في قصر الفهد
الفصل السادس عشر 16
بقلم صفاء حسني

بسم الله الرحمن الرحيم
"وازاى تتجوز بنت قاصر ماكملتش ١٨ سنه، انت بتهزر صح؟ لو فعلاً... هانبلغ عليك انك استغليت وظفيتك عشان تجبر طفلة على الزواج منك، و كمان لفقت لي تهمه عشان انا الوحيدة اللي اعترضت."

جات ممرضة تطلب من الجميع الهدوء وطلبت أمن المستشفى. نظر لهم فهد منتظرين قليل ووجه كلامه وهو يضحك:

"حلوة دي يعني بتلفى وبتدورى عشان تخرجى منها بريئة، طيب لو سألوك تقرب ليها ايه هتقولي ايه؟ روحي شوفى نفسك والقضايا اللي عليكي."

اقترب العم منه وسأله:

"انت فعلاً اتجوزتها يا ابني واللا بتقول كده عشان تدافع عنها؟"

ربت على كتفه وقال:

"اقسم بالله أنه تم كتب كتابي عليها من اول يوم دخلت فيه بيتي، وكنت متفقة معايا أنها هتيجي تبلغك قبل ما تتعب."

اتنهد العم وسأله:

"طيب هي تعبت بسبب ايه؟"

رد فهد وقال:

"حصل حريق في المطبخ وهي بتعمل الاكل."

ضحكت ليلي وقربت من عم ملك:

"انت هتصدقه يا راجل، ده بيضحك علينا، بذمتك في واحد في مستواه وعنده خدم وحشم، يشغل مراته خادمة؟"

ضحك فهد وقال:

"مراتي ودخلت تعملي اكلي عندك مانع؟ مش بحب اكل الا من ايديها."

اتكلمت ليلي بغيظ:

"وازاى يكتب كتابه من غير ولي أمر؟ دي قاصر."

ضحك فهد بسخرية:

"ولما بعتيها لبيت اعتماد، ماكانتش طفلة صغيرة وقاصر؟ الكل شهد عليكي انك بعتي البنت، وفهمي اعترف بكل حاجة عملتيها، وانا ماليش كلام معاكي، كلامي مع عمها سلام بقى من غير مطرود." وشاور بعنيه لامن المستشفى ياخدوها.

ثم طلب من الجميع الهدوء والا نسحاب وقال:

"انا عارف انكم بتعزو نغم الا اسمها الحقيقي ملك، لكن هي دلوقتي في ظروف صحية صعبة، ومش عارف بجد ايه مدى الخطورة عليها لو حاولنا نفكرها."

قطع حديثه الدكتور:

"بالفعل عندك حق، المريضة عقلها أصبح مثل الورقة البيضاء لا تتذكر شيء لان بسبب الكدمة ضغط على مركز الذاكرة."

اتنهدت هبة ونزلت دموعها وسألته:

"يعني هي نسيت انا مين ونسيت كل حاجة ما بينا؟ طيب لو فكرتها بيا ممكن تفتكرني؟ هي وحشتني اوي."

اقترب فارس من هبة اللي منهارة وقال:

"ان شاء الله تفتكر كل حاجة، لكن في البداية اكيد كل واحد يقولها هو مين وهنبدا معها ذكريات جديدة مع الوقت بإذن الله هاتفتكر."

أكد الدكتور على كلام فارس:

"وياريت لو ذكريات جميلة أو حتى مزيفة، بلاش موقف تكون فيها وجع أو ذكريات تضغط عليها وتفكرها بحاجة هي بتهرب منها، لانها واضح انها وضعت في ضغط شديد الفترة الأخيرة وعقلها رفض يستوعب أو يتذكر كل ما حدث."

هزت هبة راسها وهي حزينة:

"طيب ايه اللي لازم أقوله وايه... لا."

رد فهد عليها وقال:

"انتي بنت عمها مش اكثر او اقل، بلاش سيرة وفاة أهلها أو أي حاجة ولدتك عملتها."

 
): فهم الشباب الرسالة جيداً، إلا أن مهاب لم يُصدّق موافقة ملك على الزواج إلا بوجود عرضٍ مُحدّد. فسألها:
 
مهاب ): إنتِ قولتي إن نغم وافقت على الجواز منك عشان تنقذها من بيت اعتماد، صح؟
 
فهد : (هز رأسه)  أيوة، ده اللي حصل.
 ويرجع للماضي، وهو يتذكر 
 بعد أن تمّ التحقيق مع فهمي، عاد فهد غاضباً، لكنه عاد بعد قليل ليجدها نائمة، والدموع تملأ عينيها، وشعرها مُنسدِل على جسدها. اقترب منها، ومسح دموعها، ولمس شعرها بلطف.
 
ملك ): (قامت مفزوعة) إيه ده؟ إنتَ عملت إيه؟ رجعت تتأكد إني... إني..  (بصوتٍ منخفض) عاهرة بجد؟
 
فهد : (اعتذر) أنا آسف، مكنتش أقصد أجرحك. معرفش ليه خايف عليكي، وليش مصدّقك عن أي حد تاني. رجعت عشان أقولك إن الشباب كلهم بخير، وعندي عرض ليكي. لو وافقتي، هتساعديني، وهتساعدي الشباب يبدأوا من جديد.
 
ملك (: (اتعدّلت من نومها وهي مبتسمة) موافقة.
 
فهد : استغرب! إزاي عرفتِ العرض الأول عشان توافقي كده؟
 
ملك : (ابتسمت بهدوء) أي حاجة تخليهم يكونوا كويسين، وأحميهم زي ما حموني، أنا موافقة.
 
فهد : (تنهد) تتجوزيني يا ملك؟
 
 أصابت ملك الصدمة، فسكتت لحظة لتستوعب الأمر.
 
فهد : (وضح لها) جوازنا هيكون عقد على الورق بس يا ملك، مجرد اتفاق.  هتكملي تعليمك، مش تمريض، هتقدّمي على ثانوية عامة، وأنا هساعدك، وهوفر لك كل حاجة: مدرسين، كتب خارجية، كل حاجة. ولما تتفوقي، تدخلي أي كلية مجموعك يسمح لك بها.
 
اتنهدت ملك وسألته:
ليه أنا؟ اختارتني من كل البنات عشان تساعدني، وإيه المقابل؟
 
اتنهد فهد وقال:
زي فكرة العرض اللي عرضته عليكي في بيت اعتماد.
 
هزت راسها ملك وقالت:
آه، يعني إنتَ محتاج واحدة لمهمة معينة؟
 
هز رأسه فهد:
بالظبط. المهمة دي خاصة بشغلي. كنت محتاج بنت نتفق نتجوز سنة، مقابل إنّي أخرجها من إيد اعتماد. خلال السنة دي، كنت بدربها على كل حاجة، وهتشتغل في الشركة، ويكون ليها مستقبل.  المقابل إنّها تسيب شغل اعتماد، وتبدأ حياة جديدة.
 
انصدمت ملك وسألته:
مع كل بنت كنت بتعمل كده؟ وليه اللفّة دي؟ ما تقبض على اعتماد على طول؟
 
اتنهد فهد وقال:
لو قبضنا عليها، كل المجموعة هتدخل السجن، ويكون عندهم سوابق، ومش هيلاقوا شغل. مع كل بنت كنت باخدها، كانت بتعمل لي مأمورية، وبالمقابل بتختار المكان اللي تبدأ فيه حياتها. ومفيش واحدة فيهم كنت بلمسها.
 
قال فهد:
ممكن تيجي معايا؟
 
سألته ملك:
على فين؟
 
مسك ايديها وسحبها إلى غرفته. كانت ملك خائفة، لكنها تماسكت، وسألته:
الأوضة دي بتاعة مين؟
 
ابتسم فهد وقال: "غرفتي، متخافيش. تعالي". ودخل مخزن الملابس، وضغط على زر في الحائط، ففتحت غرفة صغيرة أخرى.
 
شهقت ملك من الصدمة: "إيه ده؟ أوضة جوة حيطة! بتاعة مين دي؟"
 
بدأ يشرح لها: "ده مكتبي السري. كنت لما أجيب البنت، كانت بتنام على سرير، وأنا بنام جوة الغرفة دي، وأخلص شغلي على اللاب توب. كانت بتخلص مهمتها من غير ما أمسّها، وبعد كده بحطّها على طريق المستقبل وهي شريفة. لكن المرة دي، المهمة خاصة بي أنا. كنت محتاج بنت بمواصفات معينة".
 
ضحكت ملك بسخرية: "طيب، ليه مافكرتش تتجوز واحدة تحبك وتحبك، وتكون من بيت حسب ونسب؟"
 
ضحك فهد، وفي ضحكته وجع: "مفيش حب في الحياة، مجرد وهم الإنسان بيزرعه جواه. وأنا معنديش ثقة في واحدة، مهما كانت بنت مين. المهم عندي إنها تقنع الموجودين إنها بنت ناس".
 
اتنهدت ملك، وقالت برقة: "كنت حاسة إن ورا شخصيتك دي وجع، لكن مادام ساعدتني وساعدت غيري، وهتساعد الفريق، أنا موافقة". وبضحكة طفولية: "رغم إني أشك إنّي أشرفك، لكن عندي شرط".
 
غضب فهد بسرعة: "إنتِ كمان هتشرطي؟ انسي الموضوع".
 
اتقمصت ملك وقالت: "إنتَ ليه متسرّع كده؟ مش كنت تسمعني الأول".
 
نظر لها فهد وقال: "قولي وخلصيني. اعملي حسابك، أنا في الموضوع ده خسران، عشان هستحملك الفترة دي كلها على ما يجي وقت المهمة".
 
سألته باستفهام: "هو إيه المهمة اللي تشرط على واحد زيك يكون متجوز؟ دي حرية شخصية، ومن إمتى أي مكان بيشترط ده؟"
 
اتنهد فهد وقال: "ده ما يخصّكش، لكن عارف إنك حشرية، هاقولك وأمري لله. أبويا كان عنده شركة بيديرها في إيطاليا، عشان هو ضابط شرطة، ممنوع يشتغل أي شغل مع شغله، وكان ورث قرشين، فاشتراك مع واحد في إيطاليا، ومع الوقت قابل موظفة هناك، وحبها واتجوزها، وهي كانت شغالة في الشركة، وبعد كده مسكت الإدارة. أبويا قبل ما يموت، شرط إن ماليش حق أمسك الشركة أو أديّرها إلا لما أكون متجوز، وطبعًا من شهر سافرت وقعدت مع المساهمين أقنعهم إني مش موافق على الشرط، قالوا إني هاأخسر حقي، وكنت عندي استعداد أرفض، لكن..."
 
ابتسمت ملك، وقطعت كلامه وقالت: "وعشان فهد بيه مش بيتلوى دراعه، وافق يلعب اللعبة دي، صح؟"
 
تنهد فهد، وابتسم قائلاً: "صح يا غلباوية، والمفروض خلال خمس سنين أكون متزوج، وكمان تكوني متعلمة، عشان وقت ما ينتخبوا مديرة للشركة، مراتي تكسب، وآخد الشركة منها".
 
اتنهدت ملك، وهي مستغربة، وسألته: "هي المديرة دي تبقى مرات أبوك؟"
 
نفى فهد قائلاً: "لا، مش مراته... سيبك... موافقة؟"
 
استغربت تردده، وبعدها فهمت، وقالت: "هو أنت عايز تاخد الإدارة من أمك، وفيه خلاف ما بينكم، فعندك استعداد تضحي بشغل والدك وتعبُه في إيد واحدة غريبة عشان تكسرها... لو الموضوع كده، طبعًا مش موافقة".
 
غضب فهد قائلاً: "هتوافقي غصب عنك، ورجلك فوق رقبتك. أنا أنقذتك من اعتماد، وفي عقد اتكتب ما بينا، وإنتِ مضيتِ عليه، والعقد ينص إنك عشان تخرجي من عند اعتماد لازم تكوني زوجتي، وإنتِ من لهفتك إنك تخرجي وافقتِ ومضيتِ، نسيتي ولا أفكرك؟"
 
غضبت ملك قائلةً: "عقد باطل على فكرة، عشان مكنتش في وعْيي، وأنا أُجبرت أُضيّع. اعتماد أجبرتني قبل ما أخرج أقابلك، وكنت فاكرة فهمي هو اللي بعتها، مكنتش أعرف إنه عقد جواز مدني".
 
ابتسم فهد قائلاً: "والله برافو عليكي، إنتِ كمان عارفة إنه عقد جواز مدني، وعارفة إنك بالذوق بالعافية إنتِ مراتي، آه. محدش يعرف لحد ما أنا أقرر أقول، وهتفضلي شغالة عندي، وهقدم ورقك في المدرسة تخلصي الثانوية العامة، أسفِرك إيطاليا تاخدي جامعة من هناك في سنتين تلاتة، وفتحت شركة هنا باسمك، "نغم مول"، وأصحابك يشتغلوا فيها لحد ما تخلصي تعليمك، تستلميها، سنتين هتكوني بقيتي سيدة أعمال وقتها، أعرف أقدمك لهم".
 
شهقت ملك قائلةً: "إنتَ مرتّب كل حاجة بقي، وكأني حجر شطرنج بتحركه على كيفك".
 
ضحك فهد قائلاً: "برافو عليكي، يعني إنتِ مش عندك شروط، لكن فضل مني أوافق على شرطك، في المقابل، زي ما قولت لك، الشركة هنا يكون باسم الشباب واسمك، والحصة الأكبر ليكي، يشتغلوا هما في حلال، وتكوني إنتِ خلصتي تعليمك، وقتها لما أقدمك للشركة هناك تكوني واقفة على رجليك، وشركتك شغالة، وكمان دارسة من عندهم".
 انصدمت ملك، وسألته: "كل ده علشان تكسر أمك وتخرجها من الإدارة؟ وإيه اللي يضمن إنّي أعيش خمس سنين، أو لقدر الله، ولدتك أو حضرتك؟ مين عارف هو عايش كمان شوية ولا لأ؟ إنتَ بجد مريض! أنا هسيبك، أروح أعمل الأكل، عشان مش لاقية حاجة أقولها".
 
رجع فهد للواقع وهو يتنهد، واستمع لحديث الدكتور: "أهم حاجة دلوقتي إنها تعرف بس أقرب الناس ليها. مين يقرب ليها يدخل يعرف نفسه عليها".
 
ردّت هبة قائلةً: "أنا بنت عمها، وده بابا عمها، وده جوزها".
 
هزّ الدكتور رأسه قائلاً: "تمام، اتفضلوا".
 
دخل فهد وهو مش عارف هَتتقبل إزاي إنها مراته، ولو اتقبلت أقولها إيه؟ ده اتفاق، ولا أعتبر إن الاتفاق ده محصلش، كأن لم يكن؟ هي فعلًا كان عندها حق، مين يضمن عمره؟ لو مكنتش قُلت لعمها، لكن دلوقتي مجبور.
 
دخلت هبة قائلةً: "حمدالله على السلامة يا ملوكي، أنا هبة بنت عمك".
 
ابتسمت ملك قائلةً: "هو الدكتور قالي العب لعبة معاكم".
 
نظر لها فهد بغضب قائلاً: "نعم؟ لعبة إيه يعني؟ إنتِ فاكرة الكل هيرضى عليا؟"
 


تعليقات
×

للمزيد من الروايات زوروا قناتنا على تليجرام من هنا

زيارة القناة