رواية شط بحر الهوى الفصل التاسع والاربعون 49 بقلم سوما العربي

رواية شط بحر الهوى

الفصل التاسع والاربعون 49

بقلم سوما العربي


الوضع مذرى للغايه ، يبدو أنه قد وصل للحد معاها ، برود عيناها يوحي أنه قد فقد بغباءه كل الفرص.


تلك العينان البارده التي يتعرف عليها لتوه فعينا نغم القديمه كانت تشع سعاده و شغف كلما رأته.


صوته يثير بهجه فى وجهها الذى يستحيل للأبيض المشرئب بالحمره ... ذلك الوجه و تلك الملامح التى كانت و لا تزال اجمل من أجمل منظر طبيعي يمتع النظر و العين .


لكن تلك التى تقف الآن بأعين فقدت الشغف و المجون تجاهه لا يعرفها.


ظن فتحها للباب و السماح له بالدخول لهو موافقه غير منطوقه منها .


لكن ما يراه لا يبشر بذلك مطلقاً خصوصاً حينما أشاحت بوجهها عنه و كتفت ذراعيها حول صدرها تسأل بوجوم : أنت لسه هنا بتعمل ايه ؟ قولت لك أرجع على بلدك .


تقدم منها بلهفه يردد : من غيرك مش ممكن.


إلتفت توليه ظهرها و قالت بحزن كبير : فات الوقت يا حسن ، صدقني أنت بتضيع وقت على الفاضي.


أقترب منها أكثر و لف حتى أصبح هو مقابلها يقول برجاء: أنا بعت إلى ورايا و الى قدامى و جيت على بلد لا أعرفها و لا تعرفني و لا عارف أنطق كلمه واحده مع أهلها عشانك ، أنا نمت فى الشارع عشانك ، مش عارف أكل أو أشرب من ساعة ما جيت بردو عشانك ، أنتي مش عارفه أنا إيه إلي بيحصل لي كل ليله و لا بقضيها ازاى بس متحمل عشانك.


أسبلت جفنيها بألم ، لما هو مصمم على إلقاء كل حموله على عاتقها هي .


هو من فعل ذلك بحاله ، هو من وصل بها و بنفسه لتلك النقطه... نقطة الا عودة.


ضحكت بألم ، لطالما أحب ضحكتها ، لكن تلك لم يتمنى رؤيتها يوماً.


خصوصاً وأن ما سيتبعها لن يكن ساراً ابداً .


بالفعل تحدثت بكل ألم و قالت: اشطر واحد فى الدنيا في انك ترمي كل الذنوب الي كنت أنت السبب فيها على الطرف التاني ، أرجع بالذاكرة لورا شويه و افتكر لو نسيت ، أنت خذلتني بدل المره ألف ، أنت مش صعبان عليا خالص ، ياريت تطلع من هنا على المطار و ترجع بلدك لأن المره الجايه أنا مش هفتح لك الباب تاني.


هم للتحدث من جديد كي يرجوها لكنها تقدمت من باب البيت و فتحته ثم هتفت بقوه : إطلع برا يا حسن .


ظل ثابت فى مكانه ، لم يتحرك ، منصدم كلياً من شخصية تلك النغم التي يراها ، لقد كانت كالبسكويت الناعم بين يديه بالقاهره  ، فما الذى تغير ، هل طبيعة الطقس تغير من كلامح شخصيتها فأصبحت بارده كما طقس بلادها .


و أمام صمته التام قالت مجدداً بقوه: قولت لك إطلع برا .


تقدم بخطى حثيثة يتحرك ناحية الباب ، ينظر لها بإستعطاف عل قلبها يرق عليه ، لكنها كانت تنظر بعيداً عن عيناه، لن تتعطي مجال لإبتزازه العاطفي ابداً .


أصبح على أعتاب البيت فأغلقت الباب بقوه ثم سمحت لنفسها أخيراً بإطلاق صراح دموعها المحبوسه فى عيناها و تزحزحت أقدامها من تحتها شيئا؟ فشيئا حتى جلست أرضاً تبكي و تشهق .


المؤلم فى الأمر أنه كان يقف بالخارج يستمع لبكائها ، و يعلم تمام العلم أنه هو السبب لما وصلا إليه الآن و أنه أيضاً يتوجب عليه التحمل.


لن يعود إلى بلادها إلا بها ، أنه العهد الذى اتخذه على نفسه و هو يغادر مطار القاهرة.


سار في الشارع يعد النقود المتبقيه معه ، يعيش على الفاكهه و بعض الحلوى ، الطعام هنا غير مضمون ، لا يعلم مصدره و هل هو حلال أم لا .. و لا يعرف أسامي الاشياء هو فقط يشير للبائع على ما يريد و يأخذه .


أمواله أوشكت على الانتهاء ، لا يعلم كيف يتصرف .


أغمض عيناه بتعب و جلس على أعتاب أحد الدكاكين المغلقه ينظر على بيتها حيث يكمن أمله فى الحياة.


ثم رفع رأسه للسماء يسأل العون و الفرج لكن رغماً عنه غفت عيناه و ارتخى جسده من شدة التعب و الإجهاد مع النوم القليل.


و لم يستفق إلا على صوت رجل عجوز يضربه بشيئ ما.


فتح عينيه متفاجئ و نظر لما يحدث حوله ليجد عجوز تخطى السبعين بجسد ممتلئ بعض الشئ و ظهر محني يضربه بعكازه الذي يتكئ عليه و هو يتحدث بلكنته الألمانية.


لكن حسن لم يفقه كلمه واحده مما يتحدث بها هذا العجوز و ظل يردد: أنا أسف نمت غصب عني.. نمت غصب عني.


زاد العجوز في عصبيته خصوصاً و هو لا يفهم على ذلك الشاب و ظهر ذلك جلياً على ملامحه و هو يشير بعصاه على المحل المغلق .


فتحرك حسن سريعاً بعدما فهم أنه يجلس الأن أمام محله .


أبتعد تحت أعين العجوز الغاضب و تحرك قليلاً حتى جلس أمام بيت نغم مباشرة.


مر اليوم طويلاً و هو على وضعه ينتظرها ربما تخرج و يتحدث إليها من جديد و ذلك العجوز يراقبه ، يراه حينما يقف منتصباً حينما تخرج تلك الشابه الصغيره من شرفتها ففطن أنه عاشق ذوبه الهوى .


ضحك بحنكة و صمت قليلا إلى أن وجد طريقة للتواصل معه مادام لا يفقه لغته .


أخرج هاتفه الذكي و تحدث إلى شخص ما فأتي إليه بعد نصف ساعة و لم يكن سوى حفيده ذو الخامسة عشرة عاماً  يحكي له قصة ذلك الشاب..


و بينما يجلس حسن على الرصيف مقابل بيت حبيبته تفاجئ بذلك العجوز و معه فتي صغير يقفان أمامه .


تحدث الفتى له و هو بالطبع لم يفهم ، لذا أشهر هاتفه فى وجهه و قد اعتمد موقع جوجل للترجمة يكتب ما يريد بالألمانيه و الموقع يترجم فقرأ حسن : هل أنت هنا من أجل حبيبتك ؟


نظر لها بصدمه و هز رأسه إيجاباً.


كتب له الفتى من جديد : بأى لغه تتحدث .


اخرج حسن هاتفه و هو يشعر بانتصار عظيم بعدما أهداه ذلك الفتى الحل المثالي للتواصل هنا ، فعل مثله بالضبط و كتب له : أنا مصري و أنا هنا من أجل الفتاة التي أحبها و لا أعرف أى لغه سوى العربية.


ظلوا على نفس المنوال حتى عرف العجوز و حفيده قصته .


تهلل وجه حسن بفرحه عارمة حينما عرض عليه العجوز العمل لديه و وافق من فوره ، فهو فى هذه الحالة سيحصل على مال جديد من العمل و يضمن وجوده بجوار حبيبته و يستطيع مراقبتها في كل الأوقات .


_____________________


جلس على كرسيه فى حديقة البيت ينتظرها ، تخطت الساعه الثامنه ليلا و هي لم تعد للأن .


رغماً عنه و بلا أى سبب محددد يأكله غيظه بل ينهش أحشائه نهشاً .


ظل يأكل بواطن فمه من الغل و الغضب حتى وثب منتفضاً ما أن استمع لبوق سيارة الأجره يعلن عن وصولها.


تقدم لعندها بخطى ثابتة لكنها مخيفه حقا.


جف حلق زينب ما أن اقتربت بسيارة الأجرة تراه و هو يجلس بترقب متحفز لشيئ ما ثم وقف عن مقعده ما أن فتحت باب السيارة لتردد داخلها : أااااه .. ده جايلى أنا بقااا .


ترجلت من السياره و قد جف حلقها تماماً و هي تراه يقترب بهيئته الغير مبشره تلك ، لم يتثنى لها غلق باب السياره و لا حتى شكر السائق فقد أغلق هو الباب بحدة و عنف و صرف السائق بغلظه .


و ما أن غادرت السياره حتى حاولت التحرك نحو الداخل كأنها غير معنية بأي شيء .


و بفعلتها تلك زادت من غيظه و كأنه ينقصه فتقدم خلفها حتى أوقفها من ذراعها يردد : هوى أنا قدامك .


ابتلعت رمقها بصعوبه و قالت : هو في حاجه يا أستاذ يوسف .


نظر لها من أسفل قدميها حتى شعرها يطيل النظر على مواطن جمالها ثم قال : أستاذ ، بقيت إستاذ دلوقتي.


حمحمت بصعوبة و قالت بإيحاء عله يلتزم حدوده : إحترام الكبير واجب بردو و لا إيه ؟


عادت لتذكره بالفوارق بينهما مما زاد غضبه ، زم شفتيه مهمهما ثم قال: لأ حيث كده بقا تقولي لي يا دكتور يوسف ، ما أنا نسيت أقولك أنى زميل.


زينب : أنعم وأكرم.


أشعلت غضبه على الأخير و هي هكذا تجيب بإقتضاب متجنبه أى خطأ كي لا تغضبه فيطول الشد و الجذب ، النيه واضحه ... ترغب فى سد أى سبيل للحديث بينهما .


تظن أنها هكذا تتجنب المشاكل لا تعلم أنها تزيد من غضبه و غيظه منها .


فلتت أعصابه و قال  : مالك بتقفلي فى الكلام كده ، لا تكوني مفكراني واقف مستنيكي عشان واقع في هواكي .


أتسعت عيناها بصدمه و قالت: أنا ماقصدش 


هتف فيها بغلظه : ما انتي لازم تكوني ما تقصديش لأن دي حاجه بعيده عن أحلامك أصلاً أنا يوم ما أبص أكيد هبص لواحده زيي و من مستوايا ، كيفي مش جاي على الفلاحين نهائي يعني و أنا واقف دلوقتي و مستني سيادتك من بدرى عشان أعرفك أن جايلي ضيوف مهمين و مش عايو أى غلط يعنى لو مش بتفهمي فى الأتيكيت يا ريت ما تطلعيش من أوضتك و تفضحيني .


أغمضت عيناها تحاول إمتصاص غضبها ، لا تحبذ الصمت و لن تفعل .


تفضل رد الإهانة دوماً ، سحبت نفس عميق و أبتسمت بإستفزاز ثم قالت: أنا ملاحظه إن عندك مشاكل مع الفلاحين شكلهم معلمين فيك أوي ، قولي و سرك في بير ، حد منهم عمل فيك حاجه و أنت صغير .


أتسعت عيناه بصدمه ، أصابته فى منتصف جبهته لقد أحمر وجهه و برزت عروقه لدرجة أنها ندمت على ماتفوه به لسانها السليط .


هم ليقبض على عنقها بكفه الغليظ و قد انسحبت الدماء من وجهها من هيئتها ، لتأتي النجده المتمثله بالعم يحيي والده و الذى تقدم سريعاً يسحبها من أمامه و يضعها خلف ظهره مرددا بغضب: يوسف ، في ايه ؟ أنت اتجننت ؟


هتف يوسف بغضب: بابا لو سمحت ما تدخلش .

هز يحيى رأسه بجنون و قال : ما ادخلش أزاى ؟ ده بأمارة إيه يعنى ؟


إلتف لزينب و قال بهدوء: أطلعي أنتي اوضتك يا بنتي .


همت لتتحرك لكن يوسف أوقفها مردداً: مش هتطلع غير لما أنا أخلص كلام .


يحي: بجد ، يعني هتكسر كلمتي ؟


نظر لأعين أبنه و هو يحدث زينب : أطلعي يا زينب .


هرولت زينب سريعاً و يوسف يقف غاضب بشده ، تقدم يحيى من إبنه عدة خطوات ثم قال : يا ريت إلي فهمته يكون غلط .


اهتزت عينا يوسف و سأل: هو إيه إلي فهمته.


يحيى: ولااا ، أحنا رجاله زي بعض يعني لازم تبقى عارف اني فاهمك كويس ، بلاش تنسى إن البنت دي أمانه عندي .


ابتلع يوسف رمقه و سأل مجددا : تقصد ايه يعني مش فاهم .


تنهد يحيى بغضب ثم قال : بتصيع عليا يا أبن يحيى ، بس ماشى ، أقصد إن لو ليك شوق لحاجة قول لابوك و أنا أجيب كل حاجه بالأصول .


رد يوسف على الفور مستنكراً : شوق إيه و أصول إيه ، لاااا دي دماغك راحت لبعيد أوى.


إلتف يوارى توتره بينما يردد : أنا بس كنت بنبه عليها تتصرف عدل قدام ضيوفي مش عايز إحراج قدام صاحبي و مراته مش ناقص شغل فلاحين أنا.


أبتسم يحيى و قال ببساطة : لأ حيث كده أنا هنبه عليها ما تنزلش و يستحسن ماتشوفش وشها نهائي طول ما أنت فى البيت ، إيه رأيك ؟ أنا أهم حاجة عندي راحتك ، ده أنت الولد الوحيد.


اهتز فك يوسف من الغضب الذي فشل فى إخفاءه و قال: أيوه.. يكون أحسن بردو.


ثم تحرك سريعاً ناحية الداخل و يحيى يكبت ضحكاته بصعوبه .


صعد سريعاً و أغلق باب غرفته خلفه  ، جلس على طرف الفراش و هو يغلى من الغضب و يتوعد لها داخله يردد : ماشي ، بتتحداني ، أنا هوريها. 


وقف سريعاً و ذهب لغرفة شقيقته التي انتفضت من على الفراش تردد : فى حاجه يا أبيه .


اقترب منها و قد أختفى المنطق من الوجود بنظره و قال أمراً : أتصلي عليها .


نظرت له نور كأنه معتوه و سألت : هي مين .


يوسف : الهانم الي موانسة معاها .


سألت نور على الفور : قصدك زينب ؟ و هى كانت عملت لك إيه بس ، دى حتى دايما بتحاول على أد ما تقدر تتجنبك .


لم يهدئه حديثها كما قصدت بل زاد من غضبه و قال : لأ خلاص ما تتصليش ، انتي تجيبي رقمها .


توقفت لا تدري ماذا تفعل فصرخ فيها : يالااا .


أعطته رقم الهاتف و بدأ فى الإتصال ، لكنها لم تجيب.


فقالت نور على الفور ربما ينصرف عن صديقتها بغضبه : ماعلش تبقى أكيد نامت .


نظر لنور شزرا ثم قال : تمام أوى.


إلتف مغادراً و لكن ليس لغرفته إنما اتجه لآخر الرواق حيث غرفتها.


فتح الباب يقتحم الغرفه ليجدها هادئه خاليه.


ثوانى و وجدها تدخل من شرفة غرفتها تصرخ في وجهه بعدما أرتعبت من وجوده و هو فقط ينظر لها نظرات مبهمه .


_______________________


جلس على أريكة مريحه فى بهو الفندق يعطي للجالس أمامه مبلغ لا بأس به مرددا : هذا نص المبلغ و النصف المتبقي حين تجلب لي عنها كل المعلومات الخاصة بها منذ ولدت و حتى الآن.


التمعت عينا ذلك السمين الجالس أمامه و هو يرى حجم المبلغ و يقدره دون العد .


مد يده كي يضعه بأحضانه مردداً: أوامرك كلها مطاعه سيد ألبير ، فقط ذكرني ما إسمها ؟


ألتمعت عينا ألبير بشغف و هو يردد : غنوة ، غنوة صالح .


هز الرجل رأسه و قال: أمهلني أسبوع واحد فقط و سأتي لك و معي الخبر اليقين .


ألبير : ثلاثة أيام فقط 


فقال الرجل معترضا : و لكن يا سيدي .


هتف البير بحده : انتهى النقاش ، ثلاثة أيام لا غير ، و الآن أنصرف .


بالفعل أنصرف الرجل سريعاً و أرتشف ألبير المتبقي من قهوته ثم وقف كي يغادر و يصعد لغرفته .


لكنه اصطدم فى جسد صغير ، جعد ما بين حاجبيه و هو ينظر لتلك الفتاه التى رفعت رأسها تعتذر : أسفه سيدى .


هز رأسه بكبر ثم تحرك ناحية غرفته.


أغلق الباب و بدأ فى خلع ملابسه كي يحظى بحمام منعش ، فتش عن هاتفه و لكن لم يجده ، بدأ يتذكر اين تركه .


آخر ما يتذكره أنه كان موضوع أمامه على الطاوله و قد وقف و وضعه فى جيبه إلى أن اصطدم بتلك ال...


صك أسنانه بغضب ساحق و هو يتذكر إبتسامة تلك الفتاة ، بدت كما لو كانت قد ربحت رهان للتو .


ارتدى قميصه مره اخرى سريعاً و خرج من غرفته يقسم ألا يتركها .


_________________________


فتحت الباب و تقدمت و هي لا ترى أمامها من التعب ، اليوم كان كارثي بالفعل .


توقفت و هي تراه يجلس امامها ينتظرها و علامات عدم الرضا باديه على ملامحه.


تنهدت بتعب و هي تتقدم منه ، جلست لجواره مبتسمه رغم تعبها و قالت : حبيبي زعلان مني و لا إيه ؟


أشاح بوجهه بعيدا فقالت : معقول هارون زعلان من غنوته .


إلتف ينظر لها بحده و قال : ما غنوته سيباه طول اليوم مش بتسأل عنه و كمان فوتي معاد المأذون .


ضربت مقدمة جبهتها بيدها و قد تذكرت للتو ثم قالت: أوبس ، أزاى انسى حاجه زي دي بس .. أنا أسفه يا حبيبي.


هارون : لو كان الموضوع مهم عندك كنتي افتكرتيه .


غنوة : و الله مهم و أوي كمان بس لو تفتكر بردو و إحنا قاعدين فى العربيه بعد ما نزلنا من الشركه قولت لك هبقى مشغوله لمدة أسبوع عشان بوقف شغلي الجديد على رجله.


هتف فيها بحده: نعم ، أسبوع ، طب و أنا ، و جوازنا ، ده أهم من أي شغل .


تمسكت غنوة بكفيه ترجوه بإلحاح : عشان خاطري يا حبيبي و لو ليا غلاوة عندك ، تستنى عليا الأسبوع ده بس ، أنا حاطه الي ورايا و الي قدامي في الشغل يعني لو حصل حاجه لا قدر الله هبقى ضعت .


انتفض واقفاً ينظر لها بغضب و ردد مستنكراً: كل فلوسك و تضيعي ؟! أنا مش مرتاح لك يا غنوة ، أنتي ناويه تتجوزيني و لا دي خطه جديده من خططك .


أتسعت عيناها بصدمه ، ثم أغمضتهما بهدوء تحاول إيتلاع كلماته .


سحبت نفس عميق و وقفت حتى أصبحت أمامه تبتسم بهدوء ثم قالت  : ماعلش ، أنا هعدي إلي قولته و هخلق لك ألف عذر ، بس لو سمحت يا هارون بلاش تشكك فيا كل شوية و تخلي الماضي واقف بنا ، انا أصلا بحارب عشان أنساه .


عصف الألم داخله و هو يسب نفسه و لسانه الذى تفوه بما قاله و أحزن حبيبته .


وضع كفه على وجنتها وقال معتذراً : أنا أسف حقك عليا ، بس كلامك عكس الي بتقوليه ، كل شوية بتتهربي من معاد المأذون و قولت ظروف ، بس دلوقتي بتقولي شغلى و لو خسرت هضيع زي ما تكوني بتأمني نفسك بعيد عنى ، ناسيه إن جوزك عنده إلي يكفيكي و زيادة.


غنوة : إلى عندك ده بتاعك 


هارون: و أنا و أنتي إيه ؟


غنوة : أنا اتعودت على الشغل و إني ما امدش أيدى لحد أطلب فلوس.


ردد بصدمه: حد ؟ أنا حد ؟ شوفتي إنك مش صادقه في كلامك.


أدمعت عيناها على الفور و قالت: تاني يا هارون ، بلاش تحرجني كل شويه ، أنا مش وحشه أوي كده ، أنا بني أدمة بردو و بحس بلاش تبقى أنت و الزمن عليا ، معقول مش ملاحظ جناني بيك و أد إيه بحبك ، ده انا بحسك أبني البكري الي بحبه و بموت فيه.


صرخ فيها بجنون : ما هو ده اللي هيجنن أهلي ، التغيير ده هبلني.


زمت شفتيها بتعب ثم قالت : أنت بس الي لسه مش عارف غنوة كويس .


اقترب منها و تناول كفيها قائلا: يا غنوة ، عايز اتجوزك بقا ، أنا مابقتش قادر و انتي مصعباها عليا و بتقولي لازم مأذون  و فرح.


تنهدت بتعب ثم قالت: ممكن الوضع كله غلط ، أنا لازم أرجع بيتي فى الحاره لحد ما نعمل الفرح ماينفعش افضل قاعده هنا كده.


هتف برفض تام : ترجعي فين ده على جثتي ، أنا ما صدقت.


ترك يديها و هو يزفر بغضب ثم قال : خلاص أسبوع أسبوع بس خليكى هنا ، أهو نص العمى و لا العمى كله.


ضحكت بصمت و همت لتتحدث لكن قطع كل ذلك فتح الباب و دخول كاظم و هو متمسك بذراع أشجان يرد بصوت عالى : يا نجف بنور يا سيد العرسان يا سيد العرسان يا قمر و منور على الخلان اه يا نجف اه يا نجف حلو يا نجف .. ااه ... حلو و مدلع من يومك إسم الله عليك ملو هدوووو.


قاطعته أشجان و هى تحاول نزع ذراعها من تحت ذراعه تردد : ما تسيب أيدى بقا هو أنت قافش حرامي.


ردد هارون بحيره متسائلاً :هو في ايه ؟


تقدم كاظم يشيح بيديه و هو يقدم لهم اشجان قائلا : تعالي ، تعالي يا بطتي ، تعالي وريهم .


ضربته في معدته بغيظ فتأوه بألم ثم قال : بوغاشه ، قسماً بالله بوغاشه و عليها زبيب ، اموت أنا فى السمن البلدي.


صرخت فيه أشجان: ما تتلم بقا يا راجل أنت و أنت سايب من بعضك كده خلينا نشوف حل فى الشبكه السوده دي .


كاظم : حل إيه إلى نشوفه بس يا ملبن .


صرخت فيه بغيظ : بقولك ايه ، بقولك ايه ، أنت هتشتغلني ، أنت نسيت اتفاقنا و لا إيه ،بقولك ايه ، المولد انفض خلاص و النمره اتعملت ، يعني كانت خالتي و خالتك و اتفرقوا الخالات ، و دلوقتي خلينا نخلص و نطلق و عيشه تبعد عن أم الخير .


أقترب منها و قال و هو يتحرش بها بعيناه : لأ ده عيشه هتبان فى حضن أم الخير خلاص .


احمرت عيناها و قالت : و لااا .. إنت نسيت اتفاقنا.


كاظم: ولااا .. كل ده ولا.. بس ماشى هعديها لك .. عروسه جديده و بتدلع و كده .. بس إتفاق إيه الى كنتي تقصديه ، أااه قصدك نتجوز قدامهم و بعدها نطلق ؟


أشجان: ما أنت فاكر اهو.


رد كاظم بهدوء : لأ ما أنا راجل واطى أصلا.


هتفت بصدمه : إيه؟


در ببرود : و الله زي ما بقولك كده ، واطي و ماليش كلمة ، ده انا حتي سمعتي معروفة.


اشجان : لااا.. ده انت ماتعرفنيش ، ده انا لحمي مر .. هتطلق يعني هتتطلق .


كاظم : لااابد أن أدخل بكي .


رفعت حذائها و هي تصرخ فيه : تدخل بمين يالي يدخل عليك ملك الموت ، تعالى لي بقا .


بدأت تركض خلفه و هى مشهره حذائها فى الهواء تقسم أن تلقنه درساً معتبراً .


كل ذلك تحت أنظار غنوة و هارون اللذان ينظران لهما لا يفقهان شيئا فسأل هارون: هو في ايه يا عمي .


قال له كاظم و هو يصعد السلم هربا من أشجان التى تركض خلفه : أصل أنا و أشجان اتجوزنا .


أختفى أعلى الدرج و هي خلفه و وقف هارون لجوار غنوة يستمعان لاصوات التكسير و الضرب و هارون يردد: وات ؟


غنوة: مين دول اللي اتجوزوا ؟


________________________


كان يقف منتظرها و كالعادة يسبقها لعنده عطرها الذى أختلط مع رائحة هواء البحر .


إلتف لها لينبهر ككل مره من طلتها ، أختفت إبتسامته و هو يرى الدموع فى عيناها فسأل : مالك يا حبيبتي.


نظرت له تقى بدموع خادعه ثم قالت : أنا هنزل فى أول بلد المركب تقف عندها واخد طياره من المطار أرجع مصر .


وقع قلبه بين قدميه و اصفر و جهه و فكرة أبتعادها عنه تخنقه خصوصاً لو كان إختفائها مفاجئ هكذا و سأل : و نسبيني ، إزاى ده ؟ و ليه ؟


نظرت له و قالت بألم : شكلك نسيت اني مكتوب كتابي يا ضياء ...


توقف الزمن به و هو يقف لأول مرة يجرب شعور العجز و قلة الحيلة.


و هى تنظر له بتشفي تبتسم داخلياً برضا تام....


            الفصل الخمسون من هنا 

  لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات