رواية أحفاد الجارحي الفصل السابع 7 والثامن 8 الجزء الرابع بقلم ايه محمد


رواية أحفاد الجارحي 

الفصل السابع 7 والثامن 8 الجزء الرابع 

بقلم ايه محمد


…….هل ستكف عن سماعها أم سأقتص منك ! ……….

حاولت بشتى الطرق الصراخ ولكن شعرت بأن صوتها قد تخلى عنها ! ، هوى الدمع من عيناها بخوف فبدأت أنفاسها بالتقطع ،علمت بأنها بمكانٍ مغلق بأحكام فبدأ الشك يتسرب لها بأنها قد دُفنت ومازال قلبها ينبض بالحياة ! ،سرت بجسدها قشعرة مريبة فماذا أن كان الأمر صحيحاً ،تسللت البرودة لجسدها فتسللت رائحة الموت لأنفها ممزوجة برائحه غامضة خيلت لها أنها رائحة لبناء جديد الأنشاء فعلمت أنها دُفنت منذ قليل ، على صوت بكائها ومعه يزداد ألم الجرح الحديث فهمست بصوتٍ خافت _أنا فين ؟ …خرجوني من هنا …


ثم أحتضنت جسدها برعب وهى تزيد بالبكاء

_ “عدي” ….

وطاف الدمع بها لتعلم حقيقة مؤكدة أنها ميتة بأي حال ، أغلقت عيناها بضعف فى أستسلام تام لذلك المصير المؤلم فأذا بصوتٍ خافت يتسلل لها ،جاهدت “رحمة” لسماع ما يحدث بالخارج ولكنها فشلت بذلك حتى صوتها الضعيف فشل فى الصراخ لعل من بالخارج يستمع لها ربما لا تعلم أنها وضعت هنا عمداً ! …

تمددت أرضاً بضعف فحاولت ألتقاط أنفاسها بصعوبة ولكنها لم تستطيع لنقص الهواء بالقبر المغلق فأذا بنسمة هواء عليلة تتسلل لها لتنعش روحها ،أستدارت بعيناها بضعف فجسدها هزيل للغاية لترى أمامها عدد من الرجال يهدمون باب القبر الحديدي ،بدت الرؤيا مشوشة لها فلم تستطيع رؤية وجه من يهمس لها بكلمات لم تصل لمسماعها ….

**************

صاح بفزع ويديه تحتضن صدره بألم

_”رحمة”

أفاقت “آية” على صراخه فأقتربت منه بلهفة _أنت كويس يا حبيبي ؟ ..

أزال حبات العرق المتلألأة علي جبينه قائلاٍ بأستغراب وهو يتأمل الغرفة

_أنا جيت هنا أزاي؟ ..

أجابته بأبتسامة هادئة

_”ياسين” نقلك من المستشفي بليل رفض أنك تبات هناك ..


أشار لها بتفهم فأستند على الوسادة خلف ظهره قائلا بتردد

_”رحمة” فين ؟ ..

ضيقت عيناها بحزن ولكن سرعان ما علمت بأنه يقصد إبنته فقالت ببسمة عذباء

_مع “نور” يا حبيبي بتأكلها هروح أجبهالك ..

أشار لها برأسه بهدوء فخرجت لتجلبها له أما هو فأغلق عيناه بقوة كأنه يهدأ من ذاته ليكون على أستعداد باللقاء بها ، ولجت “نور” للداخل وبيدها الصغيرة قائلة بأبتسامة تنبع بالحنان وهى تتأمل ملامح الصغيرة

_أكلت ونامت على طول .

إبتسم “عدي” بسمة بسيطة وهو يشيعها بنظرات عميقة تعني الكثير ،تركتهم بمفردهم وغادرت ، تأملها “عدي” بنظرات متفحصة لملامحها الملاكية الصغيرة ،مرر يديه على وجهها برفق

_فيكِ شبه منها كبير ..

حاولت الصغيرة فتح عيناها فتراقبها بتلهف كأنه لأول مرة يرى طفلاً صغير فأحتضنها لصدره بأشتياق لمعشوقته لعل آلآمه تستكين قليلاٍ …

وضعها لجواره ثم داثرها جيداً ليحاول جاهداً بالنهوض بعد أن قرر أنهاء فترة راحته المؤكدة من الطبيب فليس بالعاجز ليظل كذلك ، أقترب من الشرفة المطلة على المسبح الخاص به فأستند بجسده على بابها ونظراته تشيع كل ركن خاص بحديقة غرفته ، أمام عيناه كانت تتوزع ذكرياتها فشعر بنسمة باردة تخطفه لبئر حفر بذكريات العشق المتيم ولكن أنقلبت للسوء حينما تذكرها ! ، تاك الدمعة المتوسلة التى سكنت عيناها ولم يشفق هو لها ! …كم كره حاله كثيراً وود أن يحتضنها بقوة ولكن مهلا …لا هى على قيد الحياة …يشعر بها ….يشعر بأنفاسها …أنهي تفكيره بأن أقترب من خزانته ليجذب جاكيته بقوة ثم جذب مفاتيح سيارته وهرول للأسفل بخطي غير متناسب مع حالته …


تفاجئ به “حمزة” فحاول اللاحق به أو أيقافه ولكن لم يتمكن فأخرج هاتفه وأستدعى “أحمد….وعمر” ليلحقوه بسرعه كبيرة …

*********

ألقي “جون “الهاتف بغضب جامح ليردد بغضب للحارس الذي يقف جواره

_أين ذلك المعتوه ألن يخبرنا بأنه سينهي المهمة حتى هاتفه لم يجيب على مكالماتي

_ربما لا يكون على قيد الحياة ..

قالها “ياسين الجارحي” بثقة ليكون هلاك ذاك الرجل الذي وقف يتأمله بصدمة وذهول فكيف تمكن من الدخول لمكتبه الخاص الممتلأ بالحرس ،لمعت عين “ياسين” بالثقة فأقترب منه بخطاه المتزتة ليرفع قدميه على المقعد الذي كان يجلس عليه ليكون مقابله ،أزدرد ريقه بصعوبة كبيرة وهو يرى ألد أعدائه أمام عيناه ،حاول الرجل المكلف بحماية هذا الأحمق بالتداخل ولكن سرعان ما صرخ حينما أستقرت رصاصة الحرس الخاص “بياسين الجارحي ” بصدره بينما يقف هو ويتأمل “جون” بثبات غير عابئ لما يحدث حوله من نزاع ، طوف الحرس الخاص به الغرفة وكلا منهم يحمل سلاحه الخاص فتعلقت نظراته بهم برعب ،حُطم الصمت حينما خرج صوت “ياسين” الحازم وعيناه تكاد تحرقه

_لا عليك “جون” ألتقط أنفاسك يا رجل ألست مشتاق لرؤيتي فأنا أعلم جيداً كم تعشق هذا الوجه ..

كاد أن يقتل من الخوف فأبتسم “ياسين” قائلاٍ بثبات يحمل لهجة ساخرة


_أرى وسام الشجاعة يكاد يتلف منك هل أصبت بالعين “جون” ! ..

ثم تحولت ملامحه لجدية قاتلة ليرفع يديه بتحذير

_أستمع إلي جيداً سأدعي الحرس يتركونك ليس ضعف مني ولكن لأنني لا أحب سفك الدماء مثلما تحب أنت لذا كن بعيداً عن عائلتي والا قتلتك بنفسي ..

ثم تركه وغادر ليلحق به الحرس كظله الأهوج ليستقر “جون” أرضاً ويلهث كمن ركض درج مكون من مئات الطبقات ليجول الخوف قسمات وجهه وتردد سؤاله برعب …هل كان علي علم بما أخطط له ؟! …..

ربما الآن علم بنفوذ عائلة “الجارحي” وخاصة كبيرهم …

**************

بالمقابر …

هبط من سيارته بعدما صفها بأهمال ،فتقدم بين المقابر بتوتر ورجفة تستحوذ علي قلبه ،أقترب من مدافن عائلة “الجارحي” فأغلق عيناه ليحتمل ما سيحدث حينما يرى أسمها يغلف البوابة الفاصلة بينه وبينها ، أكمل خطاه ليقف أمام المقابر بعينٍ تأبي الخضوع لما تراه …

أشعة الشمس تتسلط بقوة على المقابر لتبرز أسمها بأتقان فى المدفن الخاص بالسيدات ، تخشبت قدماه للحظات فيبدو أنها حقيقة مزعومه ، سمح لذاته بالأنهيار فسقط أرضاً على ركبتيه يكبت دموعه بمحاولات مستميته باتت بالفشل ليحتضن وجهه بيديه وصراخ مكبوت


_لييييه ….ليه خدتها مني لييييه …

هوى الدمع علي وجهه كالطفل الصغير ليكمل بألم

_أنا كنت بقسي على نفسي قبل ما اعاملها كدا …كنت خايف اليوم دا يجي وأكرهها وأكره الطفل اللي هتجيبه وأهو جيه …

وزادت دمعاته بقوة لدقائق معهودة جاهد فيها أن يعود لذاته لتغمسه تلك النخيل التى زرعتها “آية” به فعاد لأيمانه قائلا بألم لما تفوه به

_اللهم لا أعتراض على قضاءك …أن لله وان إليه راجعون ….

وأخذ يدعو لها بدمعات نابعة بالعشق الطاهر القوي ،ربما لا يعلمه أحد سوى هذا القلب الذي عشق حد الجنون ..

نهض من محله ليقترب من القبر بعدما قطف زهرة حمراء من المزروعه بجوار المقابر ليضعها أمام قبرها ، مسح تلك الدمغة الخائنة من عيناه فأغلقهما بقوة لتزاوره تلك الجملة العجيبة فى ذاك الوقت ! ..

“أنا بحس بيكِ يا “رحمة” بسمع قلبك وهو بينبض …بحس بنفسك وهو خارج” .

فتح عيناه بأستغراب لما يذكره عقله بكلماته ؟! ..

رفع يديه بألم ليضعها على البوابة الصغيرة الحمراء الخاصة بقبرها وأغلق عيناه مثلما فعل منذ قليلاٍ ، لم يحتمل ما أستمع إليه فسحب يديه سريعاً ونظراته متحجرة عليها …

طافه أحساسه بأنها مازالت على قيد الحياة توقف للحظات يحجر قلبه بيديه ليصرخ بألم


_لا أنتِ عايشة يا “رحمة” ..

وتطلع جواره بجنون فوقعت عيناه على حجر صغير فجذبه بعين تتأمله بتردد لما سيفعله …

بالخارج ..

توقفت سيارة “أحمد” جوار سيارة “عدي” فهبط “عمر” قائلا وخطاه يتسارع للداخل

_مش قولتلك أكيد جيه هنا .

لحق به “أحمد” سريعاً ليصعق كلا منهم حينما رأوا “عدي” يحاول فتح باب القبر ، أسرع إليه “عمر” ليدفشه بصدمة

_أنت مجنون أيه اللي بتعمله دا ؟

أقترب مجدداً قائلاٍ بصراخ

_زي ما شوفت “رحمة” عايشة وهثبتلك دا

جذبه “أحمد” بغضب

_كفايا بقا يا “عدي” فوووق من الوهم دا أحنا كلنا مقدرين حالتك لكن لحد هنا وكفايا اوي

تطلع له بنظرة تحمل الألم

_محدش مقدر ولا حاسس بيا أبعد من طريقي

جذبه “عمر” وقد بدى الغضب على ملامح وجهه أضعاف ليقول بسخرية وهدوء مصطنع

_خلاص يا “أحمد” سيبه

تطلع له بذهول فأشار له “عمر” مسترسلاً حديثه ويديه تشير للقبر

_كمل يا “عدي” كمل وأعصى ربك وأنت عارف كويس أن دي حرمة ميت كمل

حل الحزن بوجهه فلم يكن يوماً يفكر بأن يعصى ربه وها هو يعرض نفسه لهذا الذنب العظيم ، لم يجد ذاته الا وهو يلقي بالحجر من يديه ثم يخطو بثبات للخروج من المقبرة ،لمحها بنظرة أخيرة قبل أن يكمل طريقه بخطى بائسة …محطمة …كأنه كسر بأتقان ،لحق به “أحمد” و”عمر” بحزن يطوف بالوجوه ، صعد “عدي” بسيارة “أحمد” فعلم “عمر” بأنه لن يتمكن القيادة فصعد هو لسيارة “عدي” ليعود بها للقصر خلف سيارة “أحمد” ..


***************

بمكتب القصر ..

لاحظ “ياسين” أن “يحيي” يتتابعه من الخارج للمكتب وكلما ولج لمكان يلحق به فزفر بنفاذ صبر

_ قول اللي وقف على لسانك وخلصني ..

إبتسم “يحيي” قائلاٍ بسخرية

_ طول عمرك فاهمني وأكيد كمان فاهم اللي حابب أقوله ..

رُسمت البسمة على وجهه فتطلع له بنظرات تحمل المرح

_عارف بس حابب أسمعها منك ..

تعالت ضحكات “يحيي” بخبث

_هتفضل زي مأنت يا “ياسين” مغرور

أعاد تلك الخصلة المتمردة علي عيناه قائلاٍ بجدية

_بعد العمر اللي قضيته مع “آية” مبقاش عندي غرور يا “يحيي” ..دا كبرياء وبعرف أزاي أستعمله مع أعدائي كويس ..

ثم تحاولت نظراته لشرارة من جحيم

_أنا أتغضيت عن تصرفات الحيوان دا لحد ما يشوف بنفسه من هو “ياسين الجارحي” لكن لو صدر منه جديد بعد مقابلتنا دي أعتبره فى قايمة ضحايا الجارحي ..

إبتسم “يحيي” قائلاٍ بمكر

_الشقاوة فينا بس ربنا يهدينا ..

أكتفي ببسمة بسيطة ثم توجه للخروج فلحق به فأستدار “ياسين” بغيظ


_لسه فى حاجه تاني ؟

أجابه ببسمة واسعه

_أه رايح فين ؟

تطلع له بنظرة مطولة فبعد هذة الاعوام مازال يحتفظ بمشاكسته ،قطع الصمت قائلاٍ بجدية

_هطلع أشوف “مليكة” الاول وبعين أعدي على “عدي”

أشار له بتفهم ليصعد معه للأعلي متوجهاً لغرفته …

*********

ولج “عدي” لغرفته بصمت ليتمدد على الفراش بأرهاق ذهني ملموس ، تطلع له “عمر” بحزن فداثره بالغطاء مشيراً لأحمد بجدية

_روح أنت يا “أحمد” وأنا هفضل جانبه ..

رفع يديه على كتفيه كنوع من المواساة فأبتسم له “عمر” بسمة مصطنعه تخفى ألماً كبير ، غادر “أحمد” ليتابع العمل باستخدام حاسوبه الشخصي لحين تخطي تلك الازمات ، جلس “عمر” بالقرب من “عدي” ونظرات تفيضه بحنان ….

أستمع لصوت دقاق على باب الغرفة فأذا بها “نور” تدلف بنظرات حزينة لرؤية “عمر” بتلك الحالة فقالت بصوتٍ منخفض بعض الشيء

_هيعدي الازمة دي بخير بأذن الله ربنا كريم وأكيد هينسيه كل حاجه ..

تطلع لها بألم

_يارب يا “نور” أنا بتعذب وأنا بشوفه كدا ومش قادر أعمله حاجه ..


رفعت يدها على يديه والدموع تسري على وجهها ، أنتبه لها “عمر” فأزاح دمعاتها ببسمة جاهد لرسمها _أنا كويس يا حبيبتي متقلقيش .

أحتضنته بقوة كأنها بحاجه لذاك العناق فهى تحتاج له لجوارها يخفف حزنها لفقدان شقيقتها ورفيقة الدرب ولكن أخيه الأحق بذلك ، أبتعدت عنه ببسمة صغيرة ثم توجهت للفراش القابع عليه “عدي” لتحمل الصغيرة قائلة بسعادة وحنان

_أنتِ صاحية يا قلبي ..

وتوجهت له قائلة ببسمة رقيقة

_شوفت الملاك دا يا “عمر”

حملها بين ذراعيه فكانت الظروف قاسية لدرجة جعلته يلتهي فلم يهتم لرؤياها ، ابتسم قائلاٍ بفرحة

_ما شاء الله

وقبل يدها الصغيرة بحنان وحزن بآنٍ واحد ،تراقبت “نور” ملامحه بأهتمام فكانت سعيدة برؤيته هكذا معها فكم كانت تود أن تخبره بأنها تحمل بجنينه ولكن ربما الوقت لن يسمح بذلك بذا أكتفت بمراقبته بصمت ، ناولها “عمر” الصغيرة لتحملها وتخرج لغرفتها …

**********

بغرفة “معتز” ..

تعالت بالبكاء بين أحضانه فأخرجها ليجفف دمعاتها بحنان _طيب ممكن تفهميني بتبكي ليه الوقتي ؟ ..يعني لأي سبب خوفك من الولادة ولا موت “رحمة” ؟! ..


تطلعت له “شروق ” بدموع تكسو وجهها _الأتنين مش مصدقة أن “رحمة:” ماتت يا “معتز”

رسم الحزن على ملامحه فقال بأيمان قوي

_ربنا يرحم موتنا وموتى المسلمين جميعاً ..

أكملت برجفة تسرى بجسدها _وخايفة أموت وأنا بولد زيها

جذلها لأحضانه سريعاً قائلا بغضب _متقوليش كدا تاني وبعدين الاعمار بيد الله وحده

رددت بخفوت _ونعم بالله …

وأستقرت بين أحضانه تبكي بغزارة كلما تذكرت لحظات جمعتها بصديقتها الغالية …

*********

بغرفة “مليكة” …

كانت سابحة بملكوت أخر ، تتمدد على الفراش بشرود يجتازها ليقطعه صوت طرقات على باب الغرفة فسمحت للطارق بالولوج ظناً بأنها ستري واحدة من أبناء أعمامها ولكنها تفاجئت بأبيها يقف أمامها بثباته الطاغي ، تحملت على ذراعيها ببسمة رسمت بجمال لتهمس بخفوت _بابا ! ..

أقترب منها “ياسين” بأبتسامة عذباء ليمرر يديه على شعرها الطويل بحنان _عاملة أيه يا حبيبتي ؟

أجابته بذهول من وجوده بغرفتها لأول مرة _الحمد لله بقيت أفضل لما شوفت حضرتك .

رفع عيناه المذهبة بأستنكار _مش عارف أنتِ طالعه بكاشة لمين ؟

تعالت ضحكاتها بسعادة فأسترسل حديثه وعيناه تطوف بالغرفة بأستغراب _أمال “ياسين” فين ؟ ..غريبة يعني يسيبك فى الحالة دي ! …


بدأ الخوف يلوح بملامح وجهها فشعر “ياسين” بنظراتها التى تطوف الباب الفاصل بينها وبين غرفة مكتبه بأرتباك لتنقل صورة له عما يجول بخاطرها ، لمعت نظرات الغضب بعيناه فتركها وتوجه ليفتح ذاك الباب المغلق ، وقف “ياسين الجارحي” أمام المكتب بنظرات غضب حينما وجد “ياسين” غافل على مكتبه وأمامه عدد من الملفات تاربخها يعود لما قبل ذلك ليعلم بأنه يعمل هنا منذ مدة طويلة ، وقفت لجوار أبيها بخوف فأقتربت من زوجها تحركه برفق _”ياسين” .

فتح عيناه سريعاً وهو يتفقدها بفزع _فى أيه يا حبيبتي ؟ ..حاسة بحاجة ؟ ..

لمح بعيناها الخوف فتطلع لمحل نظراتها ليتفاجئ “بياسين الجارحي” أمام عيناه ، نهض مردداً بذهول _عمي! ..

خرج صوته الغاضب _برافو عليك يا “ياسين” لا بجد أنا فخور بيك ..

وضع عيناه أرضاً بخزي فتطلع “ياسين” لأبنته بحذم _أخرجي بره ..

كادت بالأعتراض ولكن نظراته جعلتها تنصاع له فتركتهم بمفردهم ، أقترب ليقف أمامه ليلقي بالملفات أرضاً بغضب

_هي دي الثقة اللي أدتهالك يا “ياسين” أنا كنت بأخد كل كلامك ثقة قولي هرجع أثق فيك تاني أزاي ..

رفع عيناه إليه قائلاٍ بأحترام

_حضرتك مكبر الموضوع أنا أ…


قطعه حينما رفع يديه ليصمت ليكمل هو

_الموضوع كبير لوحده ..

وتركه وكاد بالتوجه للخروج ولكنه أستدار قائلاٍ بسخرية

_غبي اللي وصفك أنك شبهي للأسف أنت بتشبه “يحيي” كتير ..

وتطلع له قائلاٍ بنبرة عميقة

_أنا عمري ما ضحيت بحياتي وثانية مع اللي حبيتها عشان حد …ممكن أضحي بنفسي عشانكم كلكم لكن وقتي معاها دا شيء يخصني لكن أنت بتضيع نفسك من غير ما تحس يا “ياسين” ودا الفرق اللي بيني وبين “يحيي” …

وتركه وغادر …تركه وكلماته تعبئ رأسه لتحيي شيئاً ما تعمد بها “ياسين” أن يجعله ينتبه لها …نعم هو بعيد عن زوجاته لم يشاركها أبسط حقوقها به …علم الآن بما يريد “ياسين الجارحي” قوله فأبتسم بفخر لذاك الرجل العظيم …

**********

بغرفة “عدي” …

تبلل وجهه بحبات العرق ،فكبتت أنفاسه كأنه يرى كابوساً او يستمع لنداء ما …فحديث القلوب غامض لا يفقه سوى العشاق …

عدي……عدي ….

صرخات محملة بالآهات ، نداء مختوم بالآنين لعله ….يستمع لها ….ينصت لصوت قلبها الخافق بعشقه هو …لعله يعلم بأنها هنا! …مازالت على قيد الحياة …


بكت بصوتٍ مزق الأغلال المكبلة بجسدها الهزيل لعله يعلم بوجودها ..بكت وخوفها يزداد أضعافٍ مضاعفة من المجهول…

فتح عيناه بلهفة وقلبه يكاد يتوقف من الآلم ليصرخ بقوة :_”رحمة” …”رحمة”..

بحث عنها بالغرفة كالمهوس فنزع عنه الغطاء بجنون يصيح بصوتٍ مرتفع :_”رحمة”…

أفاق “عمر” سريعاً بعد أن غفو على مقعده فأسرع إليه قائلاٍ بهدوء :_أهدى يا “عدي” دا مجرد حلم مش أكتر ..

دفشه بعيداً عنه وهو يحاول الخروج من الغرفة ليسرع إلي الغرفة “أحمد” و”رائد” و”جاسم” في محاولة بائسة لشل حركته …

أستند “عمر” على الأريكة بصعوبة ليستعيد قواه المتنزعة لقوة “عدي” البادية فتطلع له بحزن وكسرة تعرف الطريق لقلبه لأول مرة علي رؤية أخيه …

حاول “جاسم” تهدئته ولكن هيهات فصرخ “عمر” بجنون

_فوووق يا “عدي” ” رحمة “خلاص ماتت …

أسرع إليه “رائد ” قائلاٍ بحذم

_مش كدا يا “عمر” الله أنت كدا هتهديه يعني ! …

زفر بضيق

_بس على الأقل هفوقه من الجنون دا …

صعق “جاسم” و”أحمد “حينما دفشهم “عدي” بقوة ليقترب بسرعة البرق حتى صار أمام أخيه ،عيناها تكاد تحرقه بطوفان بث الرعب بأجسادهم فهو الآن كالمغيب لا يعي ما يفعله …


رفع يديه ليحيط برقبته ومن ثم رفعه بقوة و”عمر “بصدمة لا مثيل لها ،أسرع إليه “أحمد” قائلاٍ بصراخ

_لا يا “عدي” سيبه …

حاول كثيراً ولكن لم يستطيع فتطلع “لجاسم” …ورائد” المتصنم محله قائلاٍ بغضب

_أنتوا لسه مكانكم ! ..أتحرك منك له ..

وبالفعل كانت كلماته كافيلة بعودتهم لأرض الواقع فهرولوا إليه مسرعين فى محاولة مستميتة لتخليص “عمر ” ، بترت الحركة وتصنمت النظرات حينما وجدوا من يقف أمامهم بثباتٍ فشل على الدوام بالتخلي عنه .

تعلقت نظرات “عدي” “بياسين الجارحي” لثواني ليخرج صوته الحازم وعيناه متعلقة به بتحدي

_سيبه …

كلمة مختصرة كانت كافية بعودة “عدي” لواقعه الأليم فأخذ يتطلع لوجه أخيه الشاحب بصدمة من أمره …كيف تمكن من فعل ذلك!! …تراجع للخلف بعدم تصديق وصدمة تجتاز أواصره ،سقط “عمر” أرضاً وهو يحاول ألتقاط أنفاسه بصعوبة بينما تراقب “أحمد …و”رائد… و”جاسم “رد فعل “ياسين” بخوفٍ شديد ….

حل الصمت بالغرفة بأكملها ليقطعه صوت “ياسين “وعيناه تقابل عين “عدي” _أخرجوا ..

وبالفعل ما أن أنهي كلماته حتى خرج “عمر” بمعاونة الشباب ليظل “عدي” بمفرده مع “ياسين الجارحي”! …


جلس على الأريكة محتضن وجهه بيديه ليخرج صوته المنكسر:_متسألنيش عملت كدا أزاي ؟ ..

بقي ثابتٍ محله يتابعه بعيناه المذهبة بتفحص وصمت ليكمل “عدي” بصوتٍ نقل له آنينه _أنا بحس بيها على طول .. اللي أنا فيه دا مش جنون صدقني “رحمة” عايشة أنا حاسس بيها …سامعها وهى بتناديني ..حاسس بكل نفس خارج منها …

مستحيل يكون كل دا جنون مستحيييل …

وصرخ بألم وهو يضغط على موضع قلبه :_ياررب …الرحمة بجد مش قادر …

وخر أرضاً يبكي كالطفل الصغير …تحرك “ياسين” بضع خطوات لينحني بوقاره التابع له فوضع يديه على كتفي إبنه …رفع عيناه ليجد والده أمامه فقال بضيق _عارف أنك مش بتحب تشوفني ضعيف بس أنا فعلاٍ مش قادر …

لم يتمالك ذاته فأرتمي بأحضان والده ليحتضنه “ياسين” بقوة وعين تلمع بكبرياء الألم ليخرج صوته المعتاد بالثبات _كل دا هيعدي بس وأنت أقوي …

وأبعده عن أحضانه قائلاٍ بحذم _لأنك إبن “ياسين الجارحي” ..دي كافيلة تخليك تقوم من تاني …

كاد الحديث فقطعه بأشارة يديه قائلاٍ بهدوء بعدما وقف بطالته القابضة _ تأكد أن محدش هيحس بيك غيري عشان كدا لازم تفوق لنفسك لأن الجنون للأسف هيكون لقبك ..

وتركه وخرج ليظل هو محله يتردد كلماته بعقله فيجعله كالصفعات المتتالية لأفاقته ، مرت الدقائق وهو ثابتٍ محله لتعاود الآلآم أختراق صدره من جديد ….


…”عدي”….”عدي” …

يا الله قلبه لم يعد يحتمل الآنين فربما أن شعروا بألمه وأستمعوا لما يستمع له لما نعتوه بالجنون!! …

وقف يصرخ بجنون بعدما وضع يديه على أذنيه ليكف الصوت عن أخترقهما _كفاياااااا ….كفاااااااياا …

لم يشعر بذاته الا وهو يحطم الغرفة بأكملها ،صوت تحطيم الزجاج ربما يبعث له راحة ما ولكن بنهاية الأمر خر محطماً مثل تلك الشظايا الملقاة أرضاً ليحتضن قلبه ويترك الآنين يرتعاه لمعت تلك الحقيبة أرضاً لتلفت أنتباهه فجذبها بذهول أزدادت لصدمات متتالية حينما رأى محتوياتها ..كانت بضعة كلمات تركتها له “رحمة” خوفاً من أن تلقي هتفها فتركت له كلمات عبئت بعشقه …

***********

أستردت وعيها من جديد لتجد ذاتها بغرفة متهتكة يملأها الغبار ، أستندت على جذعها لتجلس مستقيمة لتبدأ رؤيتها بالوضوح ، تطلعت للغرفة برعب أزداد حينما رأت ما ترتديه من ثياب …

حاولت النهوض ولكن صاحت بألم حينما سقطت على أثر السلاسل الحديدية التى تقيد قدماها ويديها فجعلتها كالأسيرة ، شعرت بالرعب حينما لمحت جوارها العديد من زجاجات الخمر الفارغة فأحتضنت جسدها بيدها الهزيلة لتكبت شهقاتها برعب أزداد حينما أستمعت لصوت أقدام تقترب منها فأذا بشاب بأخر الغرفة يقف ويتأملها ببرود ، الظلام دامس على بعد كبير فأقترب لتبدأ الأضاءة الخافتة بكشفه ،جف حلقها فشعرت بأنها قد حملت بمخالب صقر ألقي بها بمياه عميقة دفنت بها سنوات عتيقة من الآنين لتردد بصدمة _أنت ؟ ..


جذب المقعد ليجلس أمامها ببسمة ماكرة كريهة _ أممممم فاكراني أهو أفتكرتك نسيتيني بعد العز دا

أزدردت ريقها بصعوبة وتراجعت للخلف برجفة جعلتها كالصنم لتتعالى ضحكاته الخبيثة قائلا بتسلية _كنتِ فاكرة أنك مش هتشوفيني تاني بس للأسف يا حبيبتي القدر رجعني ليكِ

ثم ألقي بمقعده ليقترب منها قائلاٍ بنبرة كفحيح الأفعي _عشان أنتقم منك ومنه …

بكت “رحمة” بضعف محاولة تخليص وجهها من بين يديه ولكنه تعمد أن يغرس أظافره لتصرخ ألماً ليكمل حديثه بغرور _كنت جانبك على طول ومرقبك خلاص كنت هنفذ أنتقامي منك بس لما عرفت بخبر حملك النار غلت فى عروقي لأنك المفروض تكوني مراتي أنا وإبنك دا يكون مني مش منه ملقتش طريقة غير أني أنتقم بطريقة كلاسيكي أضرب 3عصافير بحجر واحد ..

تطلعت له بعدم فهم فأكمل بغرور _أقنعت الدكتور بعد عذاب أنه يغير تحاليك والأشعه اللي عملتيها عشان يوهم الكل أن حملك فيه مشاكل وبكدا موتك هيكون طييعي ..

تطلعت له بصدمة بلدت حواسها الا دمعتها المتكورة بضعف ليسترسل حديثه بتفخار _صحيح الدكتور كان تمنه غالي بس قام بالمهمة ومثل الدور صح …

صاحت بصوتٍ يكاد يكون مسموع من شدة البكاء _أنت أنسان مريض..

تعالت ضحكاته وهو يزداد بألمها ليمتلأ وجهها بالدماء _المريض دا هيوريكِ أسوء أيام حياتك يا “رحمة” ..


ودفشها بقوة لترتطم بالحائط فيزداد نزيفها حتى جرح بطنها أثر الجراحة صار يؤلمها حد الموت ، تكورت على نفسها بصراخ ودموع لينخفض لمستواها مشيراً بشماتة _تو تو الآلم لسه جاي وبعدين أنا عايزك قوية كدا عشان تقدري تتحملي صدمة موت إبنك …

رفعت عيناها له بألم مشيرة له بأنه كاذب فأشار لها بتأكيد _ دا كان خارج الخطة ارادة ربك بقى ان البت اللي تكون عايشة والولد يموت ..

داهمها الألم فبكت بجنون فأكمل بفرحة لرؤيتها هكذا _الشيء الوحيد اللي أثر فيا هو “عدي” ..

أنتبهت له حينما لفظ أسم معشوقها فأكمل بحزن مصطنع _مستحملش اللي حصلك فضرب نفسه بالنار ولاقي وجه كريم ..

صرخت به بجنون _أنت كدااااب

نهض ليكون أمام عيناها بعدم مبالة _اللي حصل أنتِ عرفتيه ..

وتركها وهم بالرحيل ولكنه أستدار قائلا ببسمة شماته _عايزك تتأقلمي مع المكان هنا لأنك هتقضي عمرك فيه مهو مستحيل حد يدور على حد ميت ومدفون فى قبره ! ..

وتعالت ضحكاته اللعينه ليغادر الغرفة فأغلقتها رجاله بقفل سميك ، أما هي فكانت كمن قذفها بين النيران تبكي بقوة وضعف وصراخ …قلبها يرفض تصيق ذلك …لا تعلم اتصرخ لفقدان إبنها أم لمعشوقها أم لما حدث بها …أرتمت أرضاً بآنين …الرؤيا تتلاشي بعيناها والألم ينهشها كوحش جائع …الظلام يسحبها بلا رأفة ..كل ما رددته بضعف وعيناه تنغلق أسمه الحامي لها على الدوام …مع كل حرف يقشعر له نبض القلب وتنقله هواجس الارواح _ ..”عدي” …


عاشقان أجبرهم القدر على تقبل موت كلا منهم ولكن مازال القلب ينبض …مازالت الروح هائمة …مازال هناك نفساً يهلل بالحياة ..آذن ما يقوله العالم بأكمله مجرد أوهام فالعاشق على قيد الحياة هكذا ما سيثبته عشق “عدي ورحمة” ليختم بالامجاد ويلون بأنشودة العشق واللقاء …


يتبع…🌺


رواية 

رواية أسياد العشق (أحفاد الجارحي 4) الحلقة الثامنة

….أقتربي …..فأستمعي ماذا يهمس القلب ؟ …..

_عارفة أنك دلوقتي بتتألم لغيابي عنك ومتأكدة أنك بتحارب عشان تكون موجود جانب أولادنا واثقة أن ربنا هينجيهم من الموت ،عارفة أن اللي أنت فيه دا صعب أوي بس محدش ييختار نهاية لعمره بس اللي أنا متأكدة منه أن وصول الرسايل دي بيك هيكون بعد موتي وزي ما عهدت نفسي لو قومت على رجلي من جديد هحرقها بنفسي ….عايزاك تتأكد من حقيقة واحدة يا “عدي” أني بحبك ، أنت دايماً كنت فى دعواتي وهتفضل أغلى أمنياتي …..


…”رحمة” …

طوي الورقة بين يديه والألم يتربع بين كفوف العينان فيجعله كخيمة من الآنين ،أحتضن كلماتها بين يديه مستنداً برأسه على الحائط من خلفه فكأنها ظهرت بالوقت الصحيح ،أغلق عيناه بقوة يستجمع قوته …نعم هو بحاجة لها ليكمل دربه المتناثر بأشواك فقدانها ،يعلم جيداً بالمعاناة التى عليها أجتيازها ولكنه سيحتملها لأجل صغيرته ، نهض عن الأرض وبداخله أصرار بأن يستكمل طريقه لأجلها ….

************

تخفي القمر بين ستاره الأسود المخيف على أرجاء القصر بأكمله كأنه يشهد على وعد قطعه “عدي الجارحي” بأصرار ليمضي لأجل صغيرته ،سطعت الشمس بنورها الساطع لتنير العالم بأكمله .

بقصر “الجارحي” ..

الهدوء سائد على طاولة الطعام العملاقة رغم أنها بالعادة تعج بالحديث في عدم وجود “ياسين الجارحي” ! ….

تطلع “رائد” لأبناء العم بحزن يتسلل بين مقلتيه لرؤيتهم هكذا ، المرح أصبح مدفون فلم يعد له وجود ! …

نهض “عمر” يلملم أغراضه قائلاٍ بهدوء

_أنا هنزل المستشفي عندي جراحه كمان ساعة .

إبتسم له “رائد” بخفة

_خد بالك من نفسك ..

أكتفي ببسمة بسيطة له ثم غادر بصمت ،زفر “جاسم” بملل_وبعدين يا شباب هنفضل ساكتين كدا كتير ؟ ..


أستدار “معتز” بأهتمام

_والمفروض نعمل أيه ؟ ..”عدي” عنيد جداً ومش هيسمع لحد ولا هينسى “رحمة” بسهولة

همس “أحمد” بحزن

_ربنا يرحمها

فرغ فاهه بصدمة وهو يتأمل ذاك الوسيم ذو العينين المذهبة يهبط الدرج بطالته المعهودة بالكبرياء والثبات ،نظاراته السوداء التي تلزم عيناه كأنها فى تأهب لأخفاء سحرهم الخاص ،هتف “حازم” وعيناه تراقب الدرج بعدم تصديق

_شباب

أنتبهوا له جميعاً فراقبوا ما يتطلع له ليكون الذهول البادي على وجوههم حينما أقترب منهم “عدي” بملامح تنم عن الثبات ،جلس على المقعد المقابل “لاحمد” كعادته ،شرع بتناول الطعام بضيق من نظراتهم المسلطة عليه فوضع الملعقة من يديه قائلاٍ بلهجة تحمل السخرية

_شايفين شبح ؟..

“جاسم ” بأبتسامة واسعة

_أهلا برجوعك يا وحش

“حازم” بمرح

_رجوع مين يابا دا فى الأيام العادية مقعدش القعده دي !…الحكاية دي مطمنش ..

رمقه “أحمد” بنظرة نارية

_أنت تخرس خالص

ثم أستدار بوجهه “لعدي” بسعادة حقيقة سطعت بصوته بعدما وضع يديه على يد “عدي” _هو دا اللي نعرفه عنك يا “عدي” أنك أقوي من كل شيء ..


ظهرت شبح بسمة بسيطة على وجهه فغمر الصمت القاعة مجدداً …

************

بمكتب القصر ..

تطلع له بأنصات حتى أنهى حديثه ليشير له بأستغراب :_بس يا عمي اللي بتقوله دا صعب فلنفترض أنه حقيقة تأكدها أصعب بكتير من الشك ! ..

إبتسم “ياسين الجارحي” والهدوء يسود على ملامحه فأستند على المقعد واضعاً ذراعيه أسفل رأسه ،عيناه هائمة بسقف الغرفة بتلذذ لما يستمع إليه من وجهات نظر إبن رفيقه …

ترقبه “ياسين” بذهول فكاد أن يجن من فكرة فهم ما يجول بخاطره ،تحل بالصمت طويلاٍ إلي أن قرر قطعه بكلماته المبسطة بعد أن نهض ليرتدي جاكيته_ النقاش معاك ممتع ، ثم أشار له بيديه_ اللي طلبته تعمله لأني مبثقش فى حد غيرك فاهمني يا “ياسين” ..

أشار له بتفهم ولحق به للخارج ، وقف محله يتأمل طاولة الطعام ببسمة ثقة متخفية لرؤية “عدي” يجتاز ما به بقوة ،أقترب منه فنهضوا جميعاً حتى “عدي” وقاراً له …

تراقبه قليلاٍ ثم قال بغموض_المتوقع

طالت النظرات بين الأب وإبنه والجميع بحالة من الأستغراب لما يحدث بينهما فقطع الأجواء صوت الخادم قائلاٍ وعيناه أرضاً _سيادة العميد وصل يا بيه وبيقول أن فى معاد مع حضرتك ..


أشار له “ياسين” بهدوء _أستقبله وشوفه يشرب أيه ؟

_اللي تؤمر بيه يا بيه ..

كلمات مصرحه قالها الخادم وهو يهم بالرحيل بينما سادت نظرات “عدي” بالأستغراب فقال والذهول يصاحبه _العميد ! …

تطلع له بعينان تنبعان بالثبات_ عندك مانع من وجوده ؟

أشار له نافياً ثم لحق به ليرى ماذا هناك؟ .

وضع كوب القهوة على الطاولة ثم نهض ما أن رأى “ياسين الجارحي” قائلاٍ بعملية مصافحاً إياه _البقاء لله يا “ياسين” بيه

أشار له بتفهم _مشكور

ثم أقترب من “عدي” قائلاٍ والحزن يرافقه _شد حيلك يا “عدي” ..

أكتفى ببسمة صغيرة ولكنها تحمل آنين لآهات كثيرة …

أشار “ياسين” للمقعد فجلس العميد وملامح وجهه غامضة للغاية ما بين التردد بالحديث والصمت لا يعلم من أين يبدأ بحديثه فقال بأرتباك ونظراته مسلطة على “عدي”_أنا عارف أنك فى ظروف صعبة يا “عدي” وخاصة بعد وفاة زوجتك بس صدقني الوضع اللي أحنا فيه يمس أمن المركز بأكمله ..

ضيق عيناه بذهول _أيه اللي حصل يا فندم ؟ ..

أجابه والحقد يلوج به_بيحاولوا يستهدفوا كل اللي ليه دخل بالقضية حتى “مازن” حياته معرضة للخطر وخاصة بعد ما رفض يصرح أنك أنت اللي مسكتها فاكر أن بكدا بيكون بيحميك بس للأسف أنتوا الأتنين معرضين للخطر دا


صاح “ياسين” بغضب _مين الكلاب دول

أستدار بوجهه بأهتمام _منظمة أرهابية ملفها مفتوح من سنة تقريباً والغريب فيها أنهم عارفين تحركات الشرطة خطوة بخطوة …والقضية كل شوية بتتقعد أكتر لحد ما “عدي” مسكها وبدأ بطرف الخيط لكن للأسف موت زوجته وقف حاجات كتير أوي ..

صاح ببعض الغضب وعيناه على ولده _موت زوجته مش عائق أدام الأبرياء ضحايا لمجرمين زي دول

ثم رفع عيناه على “عدي” الذي بادله النظرات لفهم ما يود قوله ، طال الصمت لثواني معدودة حتى قطعه “عدي” حينما وقف عن مقعده قائلاٍ بعزم _بكره الصبح هكون على مكتبي يا فندم وأوعدك أن فى خلال 5أيام هيكون زعيمهم على مكتب حضرتك والا مستهلش أكون فرد من عيلة “الجارحي”…

وتوجه للأعلى والدماء تكاد تنفجر من عروقه ، إبتسم العميد بأعجاب_كنت متأكد من رد فعله ..

تطلع له “ياسين” بأهتمام وقد تلونت عيناه بغضب كاد بالفتك به_أنا قبلت أساعدك من البداية تحت شرط واحد وأنت للأسف معملتش بيه ..

وضع عيناه أرضاً بخجل بعد قطع عدد من الوعود_بعتذر من حضرتك يا “ياسين” بيه بس الخطوة الأخيرة مكنتش محسوبة خالص ..

رمقه بنظرة نارية _مفيش عندي أخطاء وأنت عارف ….أنا جازفت بأكتر شيء ممكن يأثر على البيت اللي أنت فيه دا ومش ذنبي أن حضرتك معاك فريق غبي ..


أشار له بخيبة أمل _أنا معترف فعلا بغلطي بس المرادي أوعد حضرتك بأن الأمور هتكون بخير

أشار بعيناه الغامضة _أتمنى دا

نهض عن مقعده وهو يهم بالخروج _أن شاء الله عن أذن حضرتك ..

بقي ثابتٍ محله ليشير بيديه للخادم الذي لبي طلبه المفهوم فأوصل العميد للباب ، هبط “يحيي” فتعجب لوجود العميد بمثل ذاك الوقت فأقترب ليجلس جوار “ياسين” بأستغراب_العميد بيعمل أيه هنا ؟ .

تطلع له قليلا ثم قال _بيعزي “عدي” ..

ثم زفر ليستند برأسه على الأريكة بشرود طال لدقائق ،راقبه “يحيي” جيداً فقال بتعجب_مالك ؟

إبتسم بسخرية _ياااه كلمة صغيرة بس شايلة جواها كتير أوى ..

ضيق عيناه بعدم فهم فأكمل “ياسين” بنظرات نارية _محتاج أكون هادي وأنا بتعامل مع كل مشكلة على حداها سواء خاصة بيا أو بالأولاد الحاجه الوحيدة اللي فى زيادة هى عدد الأعداء للعيلة دي ولازم أحس بالخوف اللي لأول مرة بحس بيه لأنه الموضوع ميخصنيش لوحدي يخص كل ركن فى القصر دا ..

إبتسم “يحيي” قائلاٍ بلهجة تحمل بعض المشاكسة لأخراجه مما هو به_مش حابب تطلع معاش وتستريح بقى ؟

إبتسم بسخرية _معتقدش بس أوعدك افكر ..

تعالت ضحكات “يحيي” ليقطعها سريعاً حينما قبض على جانبه بألم فأسرع إليه بقلق _نفس الوجع ؟


أجابه بأرتباك _لا أنا بس لسه مفطرتش

ضيق عيناه بشك وهو يراه يهرب من نظراته فنهض مسرعاً قائلاٍ بأبتسامة مخادعه وهو يلوح له _هفطر فى المقى هنزل مع “أحمد” و”جاسم” أخلص شوية أوراق وراجع على طول ..

قاطعه “احمد” الذي أقترب منهم قائلا بأحترام _أحنا جاهزين يا عمي ..

رفع يديه على كتفيه ببسمة صغيرة _وأنا جاهز يا حبيبي ..

ولحق به ليختفي طيفه تدريجياً تحت نظرات “ياسين” الغامضة …

***********

بالأعلى …وخاصة بغرفة “عمر” …

سكنت الصغيرة بين ذراعيها فقربتها لصدرها بحنان ؛فزفرت “شروق” بضيق_نفسي أعرف هى بتسكت معاكِ أنتِ ليه ؟

تعالت ضحكات “دينا” قائلة بصعوبة بالحديث _لما تولدي هنبقى نشرحلك ..

أنقبض قلبها فرفعت “اسيل” يدها على كتفيها بمرح _أنتِ مكبرة الموضوع على فكرة ..

وضعت “مليكة” يدها على بطنها المنتفخة هى الأخرى بتذكر لما حدث فلمع الدمع بعيناها فأسرعت “تالين” بتغير الأجواء _هما حابين يفضلوا شبه الكرنب كدا مش فى دماغهم حد يلطش المزز منهم دا “حازم” بيقولي أن “ياسين” أول ما بيدخل الأجتماع الرجالة بيبصله قبل الستات ..


أنتبهت له “مليكة” والغيرة تسري بعيناها ،فأكملت “تالين” ببسمة مكر_ولا “معتز” “حازم” بيقول بيطلب بالأسم من ال…

قطعتها “شروق” بحدة _مين اللي بيطلبه وفين وليه ؟؟

تعالت ضحكات “آية” بعدم تصديق لما يحدث حتى “نور” إبتسمت وعيناها هائمة بالصغيرة بين يدها …

**********

بغرفة “مروج” ..

بقيت جوارها طويلاٍ والقلق ينهش قلبها ،مسدت على شعرها بحنان بعدما رأت شحوب وجهها ،هوت دمعة خائنه من عيناها فأزاحتها برجفة سرت بيديها ،أقترب منها “عز” بنفاذ صبر

_تاني يا “يارا”

تمسكت بيديه المحتضنه لكتفيها بدموع _غصب عني يا “عز” مش قادرة أشوف بنتي كدا

جذبها برفق لتقف أمام عيناه ليقربها لصدره بحنان _فترة وهتعدى بأذن الله وبعدين أنتِ مشفتيش فرحتها لما الدكتور قالها أنها حامل ..

رفعت عيناها إليه بضيق_قولتله ؟

تطلع لها بثبات _لازم يعرف يا “يارا” مش زوجها وبعدين أنتِ ليه محسساني انه ضربها بالنار دا ظابط ودا شغله مش شايف أنه أذنب يعني ! ..

قطع حديثهم طرقات باب الغرفة التي أعلنت عن وصوله ففور أن أخبره “عز” حتى ترك عمله وأسرع إليها بفرحة بدت بعيناه ،ولج للداخل فاشار له بأبتسامة بسيطة _تعال يا حبيبي ..


أقترب “مازن” منهما وعيناه مشتته بالنظر على وجه معشوقته فبعد أن رأها نائمة طال بالنظر إليها شوقاً فهو يعلم جيداً بأنه ربما لا تسنح له الفرصة لذلك …

لاحظ “عز” نظراته الحاملة لهمسات مزجت بين الآنين والعشق فجذب يديها قائلاٍ بلطف _خاليك معاها شوية ..

كادت “يارا” بالأعتراض ولكنها أنصاعت خلف معشوقها بصمت ، أقترب منها ببطيء فكان يقدم قدماً وينتظر رد فعل منها فأقترب أكثر حينمت تأكد من غفلتها ، مرر أنامله على وجهها بأشتياق ثم همس بألم

_وحشتيني ..

ثم إبتسم بسخرية وهو يجذب المقعد ليكون على مقربة منها

_أخر حاجة كنت أتوقعها أني أكون بعيد باللحظة دي ! …

طبع قبلة علي يدها بحنين

_كنت أتمنى أكون جانبك وأشاركك فرحتك يا “مروج”

ثم رفع يديه بخفة على موضع جنينها _ مكنتش أتوقع أن جزء من شغلي هيكون السبب فى بعدي عنك ..

تمردت خصلة من شعرها الأسود على عيناها فأزاحها برفق ،شعرت بأنفاس تقترب من وجهها فتلفحها كالنسمة الممزوجة بين البرودة والحنين ،بدت ملامحها بالأنزعاج ففتحت عيناها لتنصدم من رؤياه ..


صعقت للغاية فتراجعت للخلف بفزع وهى تراه أمامها! ،رؤية وجهه أصبح الأروع لها بعدما كان المحبب لديها ،رفعت يدها على عيناها لتصرخ بقوة وجنون :_أبعد عني …أخرج من هنا …

شعر ببرودة تتسلل لجسده لتجعل دقات قلبه كلوح الثليج …ليدور سؤالا بخاطره هل تلك الفتاة معشوقته!! ، ربما شعر الآن بأختراق خنجر بقلبه فلم يعد يقوى الوقوف ..

ولج “معتز” للداخل سريعاً ؛ فركضت إليه لتختبئ خلف ظهره ،شددت يدها الضعيفة على كتفيه فنقلت رجفتها إليه قائلة بصوت مرتجف _خليه يخرج يا “معتز “…

دمعات عيناها كالسهام المصوبة بحرافية إليه ،حاول “معتز” أن يهدئها قليلا ولكنه فشل …..

لم يعد يحتمل رؤيتها هكذا فرفض البقاء بعد أن أشار “لمعتز” بأنه سيغادر وبالفعل غادر الغرفة بصمت وآلآمه تكاد تكتظ من عيناه …

:_قولتلك هتتعب فى الأول …

قالها “عدي” وهو يقترب منه بعيناه الغامضة ليرفع عيناه له بآنين صادح

_كنت فاكر حبنا أقوي من كدا

إبتسم بتهكم :_والمعني ؟ ..

زفر بألم ليطول صمته فيقطعه بعزيمة

_مش هستسلم يا “عدي” هحارب عشانها ..عشان حبي ليها وإبني اللي فى بطنها مستحيل هسيب دا كله لمجرد سوء فهم ! ..


أقترب منه بخطاه الثابت ليرفع يديه على كتفيه بأبتسامته الفتاكة

_دا وسام عيلة” الجارحي” اللي للأسف الشديد أنت بقيت منها ..

تعالت ضحكاتهم الرجولية ليسودها الوعد بعدم أفتراق العشق مجدداً ولكن هل سيسطيع أن يتحدى زمان وجهها بحقيقة بشعة كهذة ؟ …وخاصة بعد أن نصب الفخ للأيقاع به؟! ..

غادر “مازن” وبداخله فجوة تتسع شيئاً فشيء فكادت أن تسلب أنفاسه ولكنه بحاجة لأن يستمد قواه ليعافر من جديد ….

*************

بغرفة “ياسين الجارحي” ..

ولجت للداخل فوجدته يتمدد على الفراش بشرود كأنه يضع مخطط هائل لحرباً ما ، أقتربت منه بأستغراب _أنت هنا يا حبيبي أفتكرتك بالشركة ! ..

لم يستمع لها فكان يغمره الفكر للغاية ،أقتربت منه بأستغراب فأغلق عيناه ببسمة سرت على وجهه حينما تسللت رائحتها له ،وضعت يدها على كتفيه بلهفة _”ياسين” أنت كويس؟ ..

فتح عيناه ببطيء كأنه تعمد سحر عيناها بما يمتلكه قائلاٍ بصوتٍ كعزف الجيثارة _بعدي المرحلة دي بكتير لما بسمع صوتك بيردد أسمي

رفعت يدها سريعاً وهمت بالوقوف قائلة بخجل وضيق

_دا وقت مناسب للكلام دا !


جذبها لتجلس أمام عيناه ليحرر شعرها من خلف حجابها المحتشم_حبي ليكِ مالوش وقت ولا مناسبة معينة ..

حاولت التهرب بعيناها بعيداً عنه فحاولت جاهدة أن تتذكر ما كانت تود قوله ،فركت يدها بأرتباك فتأملها ببسمة تسلية _أممم نسيتي اللي كنتِ هتقوليه تقريباً للمرة المليون …

تطلعت له بغضب فأبتسم قائلاٍ بمكر_أتعودت على كدا عموماً أنا جانبك أفتكري براحتك ..

وشدد من أحتضانه لها فأبتسمت بعشق خاص له قائلة بخجل _أكيد لازم أفتكر لأني اللي بعوزه منك بيكون مهم ..

إبتسم هو الأخر فحمل هاتفه بتعجب بعد أن على بصوت هاتفه فألتقطه ليقرأ ما به فألتقط جاكيته يرتديه بهدوء ثم توجه للخروج قائلاٍ ببسمته الساحرة_أفتكري براحتك ..أنا تحت فى المكتب

وتركها وهبط لمكتبه بعد أستلامه لتلك الرسالة الهامة من كبير الحرس …

***********

بغرفة “نور” ..

بقيت بمفردها تغني الأناشيد للصغيرة بسعادة تملأ قلبها فقطعها صوت طرقات خافته على باب الغرفة ،سمحت للطارق بالولوج فدلف “عدي” وعيناه أرضاً _كنت حابب أشوف على “رحمة”

إبتسمت بسعادة _”عدي” ! …أتفضل ..

أنصاع له وترك باب الغرفة مفتوح على مصراعيه ثم ولج ليجلس على المقعد المقرب له ،وضعت “نور” الصغيرة بين يديه فأبتسم بحنان ليطبع عدد من القبلات على وجهها ،أنكمشت ملامح الصغيرة لذقنه النامية بعض الشيء رغم أنها تزداده جمالا ، همس لها بحنان _هتخلص منها عشانك


قضى دقائق معدودة وهى بين ذراعيه فكم أراد أن يظل جوارها هكذا ولكن لا ينبغي له التواجد هنا كما عُلم ، نهض قائلاٍ بحرج

_ مش عارف أشكرك ازاي على أهتمامك بيها ؟

تطلعت له بحزن

_ايه اللي بتقوله دا يا “عدي” “رحمة” مكنتش صديقة وبس دى كانت أختي وحبيبتي

بدت أنها طعنت قلبه بنجاح فأغلق عيناه بقوة يحتمل تذكارها ،شعرت به فأبدلت الحديث ببسمة جميلة

_وبعدين أنت قولتلي أني أختك وزي “مليكة” نسيت ولا أيه ؟

إبتسم بسمة جانبية بدى كم من وسامة تزف به

_أكيد يا “نور” ربنا يعلم بمعزتكم كلكم عندي زي “مليكة” ..

ووضع الصغيرة بين يديها

_عندي مشوار مهم وكدا أتاخرت

أخذتها منه ببسمة رقيقة وهى تداعبها بحنان ،ألقي نظرة أخيرة عليها ثم غادر بعد أن لمعت عيناه بغموض كأنه يسترد لقبه الغائب للعودة لشيء من الماضي ! …

*********

بمكتب القصر ..

إبتسم بسخرية _وأنت متوقع أني أخاف مثلا! ..

اجابه كبير الحرس وعيناه أرضاً _ العفو يا فندم بس دي الحقيقة حياة حضرتك فى خطر كبير ممكن يبعت حد يقتلك فى أ….


قطعت باقي كلماته حينما صفع “ياسين” مكتبه بقوة_ما عاش ولا كان اللي يكون تهديد ليا الحيوان دا همحيه من على وش الأرض فى ظرف 24 ساعه ..

صوت تحطيم غزا الغرفة بأكملها ،أستدار “ياسين” ليجدها أمام عيناه ،أطباق الحلوى تحيط الأرض بقطع متناثرة ،عيناها مغمورة بالدامع والصدمة فعلم بأنها أستمعت لحديثه …

***********

بالمشفى ..

إبتسم بخفة _يااه داحنا بقينا عال العال

إبتسمت العجوز بتلهف

_بجد يا ابني يعني هتكتبلي على خروج

ضيق “عمر” عيناه بحزن طفولي

_ كدا عايزة تخرجي وتسبينا كدا أنانية على فكرة يعني عشان بيتك ينور المستشفي تضلم !

تعالت ضحكاتها بلمعة سرت بعيناها بعد عودة الضوء بهما

_الله يجزيك يا ابني

إبتسم قائلاٍ بجدية

_ هكتبلك على الدوا دا والممرضة هتصرفهولك بس لازم تاخديه يا أمي مهم جدا

تطلعت له بأمتنان _ربنا يسعد قلبك يا حبيبي وما توقع فى حوجة أبداً

قبل رأسها برضا_تسلمي يا ست الكل …

وأشار للممرضة بأن تظل لجوارها ،أستدار ليغادر الغرفة الخاصة بالمرضي فتصنم محله مردداً بذهول _”عدي” !


كان يستند على باب الغرفة بجسده الممشق ويتابع ما يفعله أخيه فأنتظر حتى أنهى الكشف وبداخله فخر لما يراه من سعادة ورضا المرضي به فعلم الآن لما أراد تلك المهنة ..

أقترب منه “عمر” سريعاً برعب _فى حاجة حصلت فى القصر ؟ ..

طب ماما كويسة ؟ ..

صمته جعله يخمن أكثر فقال وهو يتفحصه بنظرة شاملة

_أنت كويس فيك حاجه ؟! ..

رفع يديه على رأسه بملل لما يستمع إليه ليشير له قائلاٍ بغضب

_هو أنا لازم يكون فى حاجة عشان أجيلك ! ..

_أه .

قالها بفم يكاد يصل للأرض من هول الصدمة ليكمل بذهول وقد أستدل على دلائل

_المستشفي دي معمولة من خمس سنين مشفتش فيها وشك لا من بعيد ولا من قريب فأكيد لازم أشك أن فى شيء مش طبيعي ! ..

تأمله بنظرات صادقة وخجل يكمن بداخله كأنه لا يعلم من أين يبدأ الحديث؟!

_على فكرة أنا كنت حاسس بيك وأنت جانبي طول الجراحه

قطعه بألم نابع بالصدق _كنت مرعوب عليك يا “عدي” أنت عندي كل حياتي مش اخويا بس ..

رفع يديه على كتفيه بندم على ما فعله بالأمس فلم يتمكن من النوم لذا أتي للأعتذار


_متزعلش مني يا “عمر” أنا مكنتش فى واعيي بجد

إبتسم بفخر وغرور فما يستمع له يخلد بالتاريخ

_عيب يا جدع وأنا أسيبك فى ظروف زي دي أحنا مع بعض فى كل الأحوال دا أذا كنا جايين من بطن واحدة وأستحملتك 9 شهور وأنت مرمي جانبي مش هستحملك الأيام دي ..

تحاولت نظرات “عدي” للغضب الجامح فأبتلع ريقه بخوف

_ولا كأني أتكلمت أعتبرني نسمة هوا عليلة …

لم تتبادل ملامحه فجذب دفتر الكشف قائلاٍ برعب مصطنع

_بيقولك عيب تمد أيدك على مؤظف شريف أثناء تأدية عمله النزيه

إبتسم “عدي” قائلاٍ بنفاذ صبر _مفيش فايدة فيك

إبتسم بفرحة لرؤيته يجتاذ أصعب مرحلة فأشار له “عدي” بعدما قرأ رسالة هاتفه بغموض

_لازم أمشي سلام ..

أشار له ومازال بحالة عدم تصديق لزيارته أما “عدي” فخطى أول خطوات صنعها بنفسه لخوض معركة ما حدد الموعد بذاته ليكون له التوقيع …

هبط للكافيه الخاص بالمشفى وعيناه محفورة بنظرات سائدة بين الغموض والثقة بذاته ، بقى قليلاٍ هكذا يتراقبها وهى تحمل أكواب القهوة من المقهي وتتقدم للطاولة التى تخص أفراد الشرطة ،أرتدى نظارته السوداء ثم أقترب منها ببطيء لتصطدم به فهوت الأكواب أرضاً ؛ فصرخت بغضب دون النظر إليه _أنت أعمى ! ..


ونهضت بغضب زاح بعدما رأت من يقف أمام عيناها ، طالة خاطفة للأنفاس بجسد ممشوق وصدراً قوي ،خصلات شعره البني متناثرة علي نظارته السوداء التى تخفى ملامح عيناه بحرافية ، عطره الأخاذ ذو الرائحة المختلفة كأنه خصص له …

بقي ثابتٍ محله يتأملها بنظرة واثقة من علمه بما يجول بخاطرها ! ..

اسرع إليها الشرطي فصاح بغضب دون رؤية وجهه

_مش تفتح يا ح…

بترت كلماته حينما أستدار بوجهها بعد أن أزاح نظارته بغضب لتحل لعنته قلبها ،أرتجف الشرطي فوقف يأدي التحية بأحترام …

أشار له “عدي” فوقف بسكون وهى بهالة من الأحلام أذاً هذا هو الوحش الثائر “عدي الجارحي” الرئيس الخاص بتلك المهمة التى كلفت بها مع مجموعة من الظباط ! ..

لا تعلم بعد بمكره الذي سيفتك بالجميع فربما هناك لقب خفي جوار لقبه المنسوب ! …

…..من هنا نسلك طريقاً أخر بالراوية لنكون على أول سطورها لنجمع عاشقة وعاشق قرر خوض معركة مختلفة من نوعها ولكن ماذا لو كشف لغزاً ما مرتبط “بياسين الجارحي” ؟!!!!!! …


         الفصل التاسع والعاشر من هنا 

    لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات