
عشق لاذع
الفصل الثامن عشر ج2 18
بقلم سيلا وليد
وصل صهيب إلى منزل جواد بعد علمه بمغادرة ابنته منزل زوجها، توقف صهيب أمام جاسر:
-بنتي فين ياجاسر؟!..تسائل بها بعينان تطلق لهيبًا
تراجع جاسر بخطواته متجهًا للخارج
-بنتك سافرت ومعرفش راحت فين، المفروض تسألها متسألنيش، دا لو حضرتك ماتعرفش..قالها وتحرك مغادرا
اقف عندك يلا..اقترب منه بخطوات سـلحفية وجذبه من تلابيبه، يجز على أسنانه
-بنتي فين وليه مشيت من غير ماتعرفك، انت مش جوزها، ولا ايه فهمني، قالها صهيب وهو يهزه بعنف
تجمد للحظات بين ذراع عمه ونظراته ضائعة
-معرفش ، رجعت ملقتهاش، واخدت كل اوراقها، ليه تكسرني ياعمو كدا، انا حبيتها وهي داست اوي
قالها واستدار متجها للمغادرة
-بس يكون في علمك مش هسامحها، جنى كسرتني ياعمو..قالها وتحرك كالذي يهرب من عدوًا متربص له
ولكن توقف على صوت صهيب الذي زلزل الجميع
-طلعت مش أد الأمانة يابن اخويا، صرخ على جواد الذي خرج كالمخمور يتخبط بسيره..توقف بجسدٍ مترنح ينظر بعينان متسائلا:
-صوتك ياصهيب، اتجه إلى جواد وكالذي مسه جنًا
-صوتي، واللي ابنك عمله دا اسميه إيه
-عمو صهيب أهدى لو سمحت، واكيد هي حبت تبعد شوية علشان تهدى
قالها أوس لهدوء حدة الموقف الذي اشعل المكان بأنفاسهم الملتهبة...اقترب صهيب من أوس
-تعمل إيه لو عز دخل عليك وقالك مش لاقي اختك ..لكزه بقوة قائلاً:
-ماترد ، ساكت ليه!! انا عايز بنتي ياجواد، قالها صارخًا
قاطعهم صوت غزل صائحة
-مالك ياصهيب ،ليه محملنا هروب بنتك ، كفاية بقى كل حاجة على جاسر، نظرت لمقلتيه
-هي كل واحدة هتتخانق مع جوزها تهرب، ليه محمله كل اغلاط جنى
جلس جواد يضع رأسه بين راحتيه عندما اشتد الحوار بينهما، مما جعل صهيب يثور وكأنه تحول لمارد قائلا:
-اومال مين السبب ياغزل، بنتي كانت عايشة في أمان الله لحد ماابنك دخل حياتها
جلس شاردا يضع رأسه فوق ركبتيه، وحوارهما الأخير يخترق روحه، لماذا وصل بهما الحال إلى هنا
أطبق على جفنيه عندما امسكه صهيب من تلابيبه يصرخ به
-بنتي فين يلا، عملت فيها ايه، هموتك يابن جواد
تدخل عز وأوس لأبعاد جاسر الذي وقف مسالمًا لما يحدث له
صرخت غزل تدفع صهيب بعدما وجدت حالة ابنها ، تنظر لجواد الذي انكمش بجلوسه، كأنه فقد احساس ماحوله
رفعت سبباتها أمام صهيب
-انا ساكتة وبقول دي بنتي ودا ابني، بس توصل لبنتك انها تمشي ومنعرفش مكانها ..وكمان احتمال تكون برة البلد، فاعذرني ياصهيب بيه، دي مش عاميل واحدة متربية
صاعقة نزلت على الجميع من حديث غزل ، مما جعل صهيب يتراجع بخطواته للخلف، تكورت عيناه بالعبرات قائلًا بصوت مرتجف:
-بنتي مش متربية ياغزل
اه صاحت بها بصوتًا كالرعد في سماء الشتاء واستأنفت وعيناها على جواد
-فيه واحدة تعمل في أهلها كدا ، طب هي اتخانقت مع جوزها مجتش بيت عمها، بلاش عمها أصله ابو جوزها، مجتش بيت ابوها ياباشمهندس، ايه يا صهيب علشان بنتك هتسكت على الغلط
استدار لجواد يشير بيديه على غزل
-سامع مراتك بتقول ايه، مراتك بتقول بنتي مش متربية، رفع نظره لجاسر
-مراتك مش متربية
نهض جاسر متجها للخارج، أسرعت غزل خلفه بعدما وجدت حالته التي تدهورت من حديثها ..
جاسر..توقف يواليها ظهره يكور قبضته فلآن يشعر بألمًا مفرط يغزو كل خليه بجسده ، روحه تتمزق ونيران بصدره تكاد تحرق عظامه
-رايح فين ياحبيبي؟!
أطبق على جفنيه وحاول تنظيم أنفاسه
-رايح اشوف حد يساعدني ادور على مراتي ياماما، شايف بابا مش هيعمل حاجة ، بس لو عرفت أنه هو اللي ساعدها صدقيني وقتها عمري ماهسامحه ابدا
إستدار لوالدته، وانسابت عبراته تحرق وجنتيه
-مراتي هربت، انتي فاهمة معنى الكلمة ايه، زي ما حضرتك قولتي من شوية، هيقولوا عليها مش متربية
بس وحياة وجعي دلوقتي لأعلمها ازاي تعمل فينا كدا ..قالها واستدار، ولكنه توقف على صرخات ربى باسم والدها
تحرك سريعا للداخل بينما توقفت غزل بمكانها، ودقات قلبها تنبض بعنف تهز رأسها
-لأ..اكيد جواد كويس، لا انا سمعت غلط، تحركت بخطى متعثرة، وكأنها تتحرك على بلور يشحذ قدميها ، وصلت للداخل، وجدت ربى تقوم بعمل اسعافات اولية، وصلت إليها
عيناه الزائغة وشفتيه التي ارتجفت بإعوجاج
هوت ساقطة وجسدها ارتعش من حالته
-حبيبي ايه اللي حصل..احتضنت وجهه
-جود حبيبي خليك معايا، غزالتك هنا اهو، نظرت لأبنتها
-اسبرين بسرعة ياروبي، بابا داخل على جلطة..قالتها وعيناها كزخات المطر، فتحت قميصه وبدأت تضغط على صدره
-حبيبي جود سامعني، خد نفس براحة، مررت أناملها المرتعشة على شفتيه
-جواد سامعني، اغمض عيناه عندما فقد الكلام..اقترب صهيب منه وبدا على وجهه الحزن والخوف على حالة اخيه، قلبه بدأ يصفعه على ماقاله لأخيه ، وضمير ذنبه يحرق احشائه
ساعد جاسر وأوس جواد على تسطحه وكذلك عز الذي شعر بالأسف ينظر إلى عمه بقلبا ينزف ألمًا..، وقامت غزل بعلاجه الأولي انتظارًا سيارة الإسعاف
رفع كفيه ووضعها على رأسها قائلا: بصوت متقطع
-أن..ا.ا ..ك..و..ي..س ياغزل..احتضنت كفيه ثم قبلته وبكت بشهقات مرتفعة
-ألف سلامة عليك ياحبيب غزل ، كدا تخوف غزالتك عليك
وضعت رأسها على صدره تبكي
-جواد اتماسك علشان خاطر غزالتك، عارفة الحمل تقيل عليك، بس أنا ماليش غيرك ..بكت وبكت إلى أن جفت دموعها، جلس جاسر بجوارها من ناحية، والجانب الآخر ، احتضنها أوس يضمها لأحضانه
-ماما بابا كويس مش كدا..قالها أوس الذي يطالع والده ، أومأت رأسها تملس على وجهه
-أكيد كويس، لازم يكون كويس ، جوادي مستحيل يوجع غزالته، اقتربت تطبع قبلة على جبينه
-مش كدا ياجود، كان قد ذهب بنومه بعدما أعطته بعض العقاقير التي تحد من الأذمة القلبية ..وصلت نهى التي لم تكن تعلم بما صار ، وقفت توزع نظراتها على الجميع متسائلة:
-فيه إيه..ذهبت ببصرها لجاسر الذي يضع رأسه بحضن والده يبكي بصمت
❈-❈-❈
اقتربت تطالع جواد
-ماله جواد ياغزل..كانت مازالت جالسة بين أولادها، وعبراتها تنساب بصمت فتحدثت وعيناها تحاوط زوجها
-خدي جوزك وابنك وامشوا من هنا يانهى، مش مستعدة أخسر جوزي علشان طيشان بنتك واستهترها
نهضت متحاملة على نفسها تغرز عيناها بأعين صهيب
-يارب تكون ارتحت دلوقتي ياصهيب، من دقايق كنت ممكن أخسر جوزي، ودلوقتي روح دور على بنتك بعيد عني
-ماما!!صاح بها أوس غاضبا
ممكن تهدي، حضرتك شايفة حالتنا كلنا
نزعت كفيها من يد ابنها تشير بسبباتها محذرة إياه
-محدش يقولي اهدي، انزرفت عبراتها تشير على زوجها
-من دقايق بس كنت هخسر ابوك ليه
استدارت لصهيب وهتفت بنبرة مستاءة :
-علشان بنت عمك اللي زعلت مع جوزها وقال ايه سابت البلد ومشيت، ايه التهريج دا يانهى، هو كل اللي تتخانق مع جوزها تسيبله البيت وتهرب
ضيقت نهى عيناها متسائلة:
-تقصدي ايه؟!
قاطعهم وصول سيارة الإسعاف
-لازم ابوكم يروح المستشفى ، لازم اطمن قالتها بعدما سمحت للخادمة بإدخالهم .. دقائق ووصلوا للمشفى للأطمئنان على حالة جواد
مرت عدة ساعات بعد الكشف والتحاليل، تم حجز جواد بالعناية بعدما فقد الحركة والكلام
عند جنى ..وصلت إحدى المصريات التي اعتنى بها بيجاد لمرافقتها
توقفت أمام جنى
-أي حاجة حضرتك محتاجها اطلبيها
-بقالك كتير في تركيا؟!
اجابتها نورة المرافقة
-عشر سنين يامدام..اومأت برأسها وتحدثت:
-اعمليلي عصير فروالة باللبن لو سمحتي، على فكرة أنا حامل
ابتسمت إليها قائلة :
-ألف مبروك ، ان شاء الله تفرحي بيهم
فاستأنفت
-وباباهم هنا في تركيا..هنا شعرت بنبضها يدق بعنف في جنبات صدرها
فهزت رأسها بالنفي
-جوزي في مصر، يومين ولا حاجة ويرجع
رسمت ابتسامة ونهضت بخطوات هذيلة
-هدخل ارتاح شوية جوا هاتيلي العصير هناك
ابتسمت لها وتحركت للداخل..ولجت جنى إلى غرفتها ثم اتجهت إلى فراشها جلست عليه تضع كفيها على أحشائها
-إن شاءالله هنبقى كويسين، وخلي بابا يرتاح مننا، ذهبت بذاكرتها لحديثه
-أنا روحت اجيب شنطة هدومي، خفت تعمل حاجة في البيت، وكمان خفت تيجي هنا وتشوفيها وتتعبي، والله راكان كان هناك كمان
تمددت تحتضن نفسها كالجنين وانسابت عبراتها
-بحبك أوي يابن عمي، وكأن حبك تعويذة مش عارفة أخرجك من قلبي
جذبت كنزته التي جلبتها معها، تضعها على أنفها تستنشق رائحته كالمدمن
بكت بصمت عندما فقدت السيطرة على نفسها تريده بالحال ..همست اسمه وهي تحتضن كنزته كأنها تحتضنه
-ليه تعمل فينا كدا ، مش هقدر اعيش من غيرك..همست اسمه بتردد
"آسفة بس كان لازم اعمل كدا، عايزة اعرف انا إيه في حياتك"
دلفت نورة بعصيرها وجدتها تبكي بصمت
-مدام جنى مال حضرتك ، تعبانة؟!
اعتدلت تزيل عبراتها وأجابتها:
-ابدا تعبانة شوية، ممكن تجيبي فوني من تحت..اومأت نورة وتحركت للمغادرة
بالأسكندرية عاد بيجاد من رحلة تركيا مساء اليوم التالي ، ولج يبحث عنها وجدها بالأعلى تهاتف ربى..دلف يضع كفيه بخصره يهز رأسه مستاءً
أشارت إليه بالهدوء ثم أكملت حديثها
-يعني خرج ولا بتضحكي عليا، اجابتها على الجانب الآخر
تنهدت تفرك جبينها قائلة:
-للأسف ياغنى بابا محجوز من إمبارح، شعرت بتحركه خلفها، استدارت إليه ربى ولكنه تحرك متجها لغرفة العناية، استدارت واكملت حديثها:
-البيت والع بسبب اللي حصل لجنى
أنهت غنى اتصالها بعد دقائق معدودة ثم توجهت لزوجها الذي خرج للشاطئ، جذبت حجابها وخرجت ، توقفت خلفه
-بيجاد!!
زفر يعبأ رئتيه بالهواء ثم استدار إليها بهدوء كي لا يحزنها
-ايه اللي حصل لباباكي!!
خطت إلى أن وصلت أمامه مباشرة تنظر لمقلتيه
-بابا تعبان أوي يابيجاد خايفة عليه..ابتسامة ساخرة على وجهه
-خايفة!! لا لسة الخوف جاي فعلا، انتي مش مستوعبة نتيجة اللي عملناه
تنهدت تسائله:
-جنى عاملة ايه ..أولاها ظهره ينظر لموج البحر الثائر أمامه
-معرفش ازاي وافقت على المهزلة دي، تحركت واتجهت إليه
-مهزلة!!..قالتها مستنكرة ثم اردفت
-وياترى لما الراجل يحرق قلب الست اللي هي بتعشقه دي تبقى ايه يا كابتن
امسكها من أكتافها يتعمق بعيناها
-غنى إنتِ مصدقة إن جاسر ممكن يكون متجوز جنى زي ماهي قالت
مسحت على وجهها وتنهيدات متألمة
-لأ طبعا، اخويا مش واطي يابيجاد ، بس برضو لازم افوقه، لازم يبعد عن زفت الطين فيروز دي
دنت منه وتوقفت أمامه مباشرة تحتضن ذراعه:
-ايه اللي يخلي راجل يسيب مراته تعبانة ويروح لطليقته ويكذب عليها ، ايه اللي يخليه يقسى على جنى بالطريقة دي، ليه مااحتوهاش يابيجاد
تراجع ينظر للبحر يهز رأسه رافضا كلماتها:
-بردوا مكنش ينفع تعمل كدا، أنتِ غلطي أوي لما ساعدتيها، وغلطك دا هيزعل منك الكل
عقدت ذراعيها على صدرها وأجابته
-متقنعنيش يابيجاد ، لازم جنى تبعد عن جاسر علشان يقدر يفوق، ويفكر ازاي يلزم فيروز عند حدها
سحبت نفسا وزفرته على عدة مرات
-بيجاد جنى طيبة وبريئة اوي، حرام اللي بيحصل معاها دا، وبتحبه أوي، انا كنت معاها لما انهارت ، دي اتعالجت من حبه يابيجاد، عايز أكتر من كدا إيه، تكورت عيناها بالعبرات
-صعب اوي على الست لما تعشق واحد وصورته تهتز ، لا مش مجرد أنها اهتزت، دي جواها انطفى واتكسر قلبها، أزالت عبرة نزلت عبر وجنتيها
-مش علشان أخويا اقف معاه يابيجاد، لازم يعرف أنها حبته بكل كيانها وهو خذلها، ومش معنى الخذلان أنه خانها ، أنا قصدي مكنش كان صريح معاها ، اقنعني أن واحد يعمل في حبيبته كدا ..تفتكر انا لو مكان جنى كنت ممكن اعمل وخصوصا لما قالها اهم حاجة عندي الولد..فتح فمه للحديث ولكنها أوقفته مشيرة
-عارفة بيقولها كدا علشان اللي حصل منها ، بس بردوا ميردش بالطريقة البشعة دي
تعرف اللي صعبان عليا في دا كله بابا وبس، لأن عمو اتخانق معاه وطبعا حملوه المسؤلية
رفعت كفيها على صدره
-حبيبي أنا قصدي اصلح العلاقة وتكون أقوى من أي ريح، جنى هتبعد وتعرف أنها مش هتقدر تعيش بعيد عنه، وبعد كدا هتفكر مليون مرة قبل أي قرار، وثانيا جاسر بعد كدا هيكون شعورها أول حاجة عنده
جذب رأسها يطبع قبلة على جبينها -عايزة انزل القاهرة، لازم اطمن على بابا، وعايزة اعرف جاسر بيفكر في ايه، وعامل ايه دلوقتي ، رفعت رأسها -أنا هقوله على مكانها بس لما يثبت أنه بيحبها فعلا..اومأ برأسه ثم
خطى للداخل وهو يتحدث
-مش متفائل ياغنى، وربنا يستر وجواد الألفي ميقلبش عليا أنا في الآخر
عند ياسين بعد إنتهاء حفل الزفاف، حاول مهاتفة جاسر إلا أن هاتفه مغلق
استقل سيارته وهي بجواره متجهًا لشقة جاسر بالرحاب ..كان يقود السيارة بصمت مميت، أنفاسه تحرق صدره، دقائق ووصل إلى وجهته..ترجل من السيارة متجها إلى البناية، توقف بعدما وجدها مازالت بالسيارة تبكي بصمت ..تراجع إليها يفتح باب السيارة بعنف قائلا
-ايه البرنسيسة مصدقة إنها عروسة ومستنية افتحلها الباب
جذبها بعنف، يجرها خلفه بخطواته الواسعة المهرولة، وهي تتحرك خلفه بأنفاسًا متسارعة، تبكي بصمت..فتح باب الشقة ودفعها بقوة حتى سقطت على الأرضية أمامه ..نزل بجسده يتكأ على ركبتيه ينظر لزمردتها قائلا
-هتقعدي هنا لحد مااشوفلك حل، اسمع نفسك هدفنك، إنتِ هنا زي اي أثاث في الشقة ..أزالت عبراتها بعنف وتوقفت تنظر إليه باشمئزاز
-براحة على نفسك، متصدقش انك جوزي حق وحقيقي، دي مسرحية يابابا، ولو ابويا واخويا باعوني مش معنى كدا إني ضعيفة، انا اعرف اخد حقي كويس اوي
استشاط داخله من لسانها السليط..اقترب يضغط على كفيها
-أنا لو مكانك اروح أدفن نفسي بالحيا، قليلة رباية وبجحة..دنى يهمس بجوار أذنها بهسيس
-بس متخافيش انا هدفنك بالحيا، لان اللي ذيك خسارة في الحياة
قالها واستدار للخارج وهو يحاول تنظيم أنفاسه المتسارعة..وصل إلى سيارته بخطوات متعثرة، كلما يتذكر ماصار اليوم..جلس بالسيارة لبعض الدقائق حتى استعاد تنفسه والسيطرة على غضبه، رفع هاتفه الذي أعلن الرنين
-أيوة ياأوس..
-ياسين تعالى على المستشفى، بابا اتحجز هناك
❈-❈-❈
بعد شهرًا بالمشفى
فتح عيناه بإرهاق وألمًا بائن بملامحه مسدت على خصلاته التي ظهر به تلك الخصلات البيضاء مما أعطته هيبة ووقار فوق هيبته وتسائلت:
-جوادي حبيبي حاسس بإيه دلوقتي
-عايز جاسر..قالها بتقطع ..انحنت تطبع قبلة على جبينه
-حمدالله على سلامتك ياقلب غزل ، قبلت كفيه تمسد عليه
-بلاش ترهق نفسك حبيبي دلوقتي، بعدين تتكلم معاه
-ابعتي جاسر ياغزل ..احتضنت وجهه
-طب علشان خاطر غزل عندك بلاش توجع قلبي عليك
اغمض عيناه فخرجت لتحاكي ابنها بعد إصراره
بمنزل جواد وخاصة بغرفته بالأعلى
جلس على المقعد يضع رأسه بين راحتيه ، يتذكر كلماتها الأخيرة
تراجع للخلف وهو مغمض العينين
فتح عيناه عندما استمع إلى همسها بإذنه
-جسور حبيبي ، ياله علشان متتأخرش على شغلك قوم ياكسلان
دارت عيناه بالغرفة مع تعرقه الذي شعر به، نهض متجها للمرحاض بعدما شعر بالأختناق..صورتها بكل مكان، همسها بأذنه، توقف أمام المرآة ينظر لحالته ، شعر بنيران تحرق أوردته مما أفقده الثبات وقام بلكم المرآة فتناثرت بالأرجاء
هوى بمكان كيف فعلت به ذاك، من تلك الفتاه، أيعقل أنها التي عشقها بكل كيانه، أيعقل أنها تلك البريئة التي تربت داخل احضانه، تلك التي وشم بقلبه حبها
ظل لدقائق وحرب شعواء كادت أن تقضي عليه، حتى خارت قواه، وصرخ كالمجنون يصفع رأسه بالجدار يهتف بألمًا يشطر قلبه
-ليه..ليه ياجنى تموتني بالشكل دا..قام بدفع كل ماقابله، حتى استمع أوس لصراخه، فهرول سريعا يبحث عنه، دفع باب المرحاض، وقف مصدومًا مما رآه من حالة الفوضى التي انتابت المكان
رفع جاسر رأسه بعدما شعر بوجوده، فدلف لكابينة الاستحمام يستدير بجسده
-اطلع برة عايز اخد شاور، ازاي تدخل عليا كدا اتجننت
اقترب منه اوس، ينظر لحالته الرثة ، فجذب رسغه
-ممكن نتكلم، فيه حد بياخد شاور بهدومه، تعالى عايز اتكلم معاك
نفض كفيه وارتفعت أنفاسه
-قولتلك برة، عايز اخد شاور
هز رأسه يلوح بيده
-تمام اهدى، هخرج ..قالها أوس وتحرك للخارج
وصل جاسر بعد قليل إلى المشفى..طرق على غرفة والده ثم دلف للداخل..وجد والدته تساعده بالتسطح فوق فراشه..تحرك إليه كغصن مكسور يتمايل مع الريح..نظرات متألمة لوالده على ماتوصل إليه..اقترب منحنيا يطبع قبلة فوق جبينه
-باشا مصر منور الدنيا دايمًا ياحبيبي..ربت على كفيه ثم اتجه ببصره لغزل:
-غزل سبيني مع جاسر شوية ..جذبت المقعد وجلست تهز رأسها
-انسى ياجواد، مش هتحرك من مكاني حتى لو عملت ايه
-غززززل ..قالها جواد بصوت متقطع حتى شحب لونه..نهضت تنحني بجسدها امامه
-مش هتحرك من هنا ياجواد، وياريت ماتتعبش نفسك معايا، انا مش هسيبك ولا لحظة، ثم رفعت نظرها لابنها
-ومتنساش أن دا ابني يعني من حقي اعرف عايز تقوله ايه
أطبق على جفنيه متنهدا من عنادها ، أشار لجاسر بالجلوس ..ابتسم جاسر على والدته
-لأ مسيطرة يازوزو ..رمقته بنظرة غاضبة
-اسكت يالا ابوك بيتحول بسرعة ..ابتسامة تجلت على ملامح جواد ..طالعها بنظراته العاشقة مبتسمًا ثم أردف :
-تعرفي يازوزو انا خايف من الموت علشان هيحرمني منك، دا بس اللي مخوفني مش أي حاجة تانية، معرفش ازاي ممكن جواد وغزل يفترقوا..رفع كفيه المغروز بالإبر ومسح على وجهه يستغفر ربه
اما هي فكانت عيناها عليه، لحظة توقف بها الزمن مع جميع حواسها حتى عجز لسانها عن الحديث، وتحجرت عيناها بعبراتها..ارتجف جسدها عندما سحب كفيها
-حبيبتي مالك ..طالعته بعينين هالكتين من الوجع الذي تسلل لجسدها
-أكيد هتاخدني معاك ياجواد، مفيش حبيب بيسيب حبيبه يتعذب من بعده
رفعت كفيها تلمس وجهه وهنا انسابت عبراتها
-إنت مش هتسبني لوحدي ياجواد مش كدا، اشتهت الموت بكل جوارحها بتلك اللحظة قائلة:
-أنا عايشة وبتنفس علشان انت عايش وبتتتفس ياجواد، تفتكر غزالتك هتعرف يعني ايه الحياة من غير جوادها
أشار بيديه ..فألقت نفسها بأحضانه هنا خارت قواها، لما لا ..هنا قلعتها الحصينة التي تحميها وتلقي همومها، هنا عشقها وحياتها، ..مسد على رأسها
-جواد مايعرفش حياة من غير غزالته
ابتعد جاسر بنظراته بعدما فقد السيطرة على عبراته، حتى توقف متجها إلى النافذة ينظر للخارج وترك لعيناه العنان يتذكر مهلكة روحه، تمنى لو كان بينه وبينها جسرا لحطمه ليصل إليها ليعلمها كيف يكون العشق، ولكن كيف وهو الذي لا يعلم إلى اين تركته بعدما ذبحته بسكينا بارد
استمع لصوت والده..استدار برأسه ورسم ابتسامة
-محبتش اكون عزول ياحضرة اللوا مع غزالتك..شايفك شوية وهتطردني ياابو الجود..خايف على صحتك ياحج
أشار بيديه
-تعالى يالا وبطل كلام ..واللي غيران مننا يعمل زينا مش كدا يازوزو
استدار يضع كفيه بجيب بنطاله متجها إليه ..
-يعني عايزني اعمل زيك، ابتسامة ساخرة على ملامحه
-قولتلك زمان ياباشا، مفيش غير جواد الألفي واحد، وبرضو مفيش غزل جواد الألفي واحد، يمكن حاولت أقلدك، أو يمكن اتوهمت بقصة الحب الاسطوري، اويمكن فكرتها غير أي حد ..
أشار له بالجلوس وذراعه يحاوط غزل التي جلست بجواره على الفراش تضع رأسها بأحضانه
- مايمكن هي قالت زيك كدا، ايه اللي حصل بينك وبين مراتك وصلكوا لكدا ياجاسر، قبل ماتتكلم عايز أكدلك حاجة مهمة ياريت تاخد بالك منها في كل خطوة
-جنى محبتش غيرك، واول واحد قلبها دقله انت ياحمار، ويوم ماتعمل كدا اعرف انك وصلتها للجنون يابن جواد، البنت فعلا حبتك اوي يالا ..ولو منها استخسر الحب دا فيك
تراجع بجسده للخلف وظلت نظراته الصامتة على والده ، أكملت غزل
-اوعى الكلمتين اللي قولتهم لعمك ياحبيبي يأثروا عليك، مراتك مفيش احسن منها، واكيد انت مش مستني اقولك ايه عن تربية بنت عمك ..دي متربية جوا حضن ابوك ياعبيط، انا قولت لصهيب كدا علشان عارفة انك غلطان ياجاسر، لما البنت توصل لكدا اعرف انك عملت اللي يقهرها
جاسر..!!أردف بها جواد ، رفع نظره لوالده بكتفين متهدلين وعينين تنتفض من الألم والحزن
-بابا انا معملتش حاجة، من يوم ما خرجت وقابلت فيروز وهي العلاقة بينا متوترة، حاولت تقتل ولادي
شهقة خرجت من فم غزل تضع كفيها على فمها
-إنت بتقول ايه، جنى مستحيل!!
ابتلع غصته قائلا بتنهيدة عميقة مملوءة بالألم كأنها اشواك تخربش جوفه:
-أنا ليه بيحصل معايا كدا..هي مفكرة اني خاين وكذاب، بس أنا مش كدا
- بس أفعالك كدا ياجاسر..قالها جواد ونظراته متعلقًة به ..اقنعني ايه اللي خلاك تروح طليقتك وتقابلها في بيتك، جاسر انت ايه علاقتك بيها يابني، فهمني عايز ايه من فيروز يابني ، وليه مش بتبعدها من حياتك للابد، ولا يكونش حنتلها يابن جواد، وقتها صدقني انسى انك ابني ..تنهد جاسر ناظرا لوالده
-اتصلت بيا يابابا، انا معرفش نواياها ايه، راحت عندي البيت ودخلت على أساس أنها مهندسة ديكور، يعني كان ممكن تعمل اي حاجة ، خفت تيجي على بيتك وتتواجه بعمو صهيب وعز غير جنى، خفت على جنى ، قولت هشوفها عايزة ايه، هي قالتلي انها هتسافر، فقولت جنى مش هتعرف حاجة ، لكن طبعا ليس الأماني بالتمني ياحضرة اللوا،
-ليه قعدت معاها الوقت دا كله ياجاسر
هز رأسه مجيبا
-بابا أنا مكنتش مع فيروز الوقت دا، انا كنت مع راكان جه بعدي بدقايق وقعدنا شوية كان محتاج حاجة في قضية ابن الشربيني، ودرسنا القضية مع بعض ومشينا، غير أن الولد اللي حاول يهجم على جنى لقيوه مقتول، كان عايز يتأكد مني .
-وبعدين ايه اللي حصل ؟!..تسائل بها جواد، ثم استأنف
-ليه لما رحت المزرعة جنى قالت سوء تفاهم..أطبق على جفنيه يتذكر تلك الأيام
فلاش
ولج بيجاد ملقيا السلام
-السلام عليكم ..ياترى حمايا العزيز عامل ايه ، شايفه بقى كويس على المستشفى
ابتسمت غزل تحتضن كفيه وعيناها عليه
-لأ عمك عايز يعرف بنحبه اد ايه..رمق بيجاد جاسر الذي ظهرت على ملامحه الحزن فتسائل
-جاسر ممكن نتكلم شوية..رفع جواد نظره لبيجاد وطالعه بهدوء، ثم تسائل
-سر يعني يابيجاد، أبوه مايعرفوش
نهض جاسر، يجمع أشيائه
-عندي شغل..بعد اذنكم ..تحرك للخارج بعدما انحنى يطبع قبلة على جبين والده
توقف بيجاد أمامه
-عايزك في موضوع مهم
ربت على ظهره وتحرك قائلا
-بعدين يابيجاد..قالها متجها لسيارته
طالعه جواد بغموض
-شد كرسي وتعالى جنبي هنا يامنحرف
قالها جواد ونظراته متعلقة برود أفعاله
-اقعد يلا..وهات اخرك ..حمحم بيجاد
-بقولك ياحمايا، هو انت تعبان ولا بتمثل علينا، نهض من مكانه يضع الماسك على وجهه قائلا
-نام ياحمايا، علشان ترجعلنا بسرعة اصلك وحشني
بالخارج توقف جاسر أمام
راكان لزيارة والده
-ازاي حضرة اللوا يكون تعبان وماتقولش يابني ...
-معلش دماغي كانت مشغولة، ادخل جوا بيجاد ..امسكه راكان من ذراعيه
-مالك يابني..هز رأسه وتحرك
-مفيش تعب بابا مأثر علينا كلنا
قالها وتحرك من أمامه سريعا..ولج راكان للداخل بعد طرقه
-ألف سلامة على حضرتك ، لسة عارف والله من الدكتور يونس
ابتسم جواد يطالع غزل التي توقفت
-اهلا ياحضرة المستشار مفيش لزوم لتعبك دا ..قالتها وهي تتناول منه بعض الزهور
جلس راكان بعد سلامه لبيجاد
-ألف سلامة لحضرتك ، عرفت أن حضرتك هتخضع لعملية صحيح دا ولا إيه ...هز رأسه بالنفي
-مبقاش في العمر اد ماعدى ياراكان
-ايه اللي بتقوله دا ياعمو، بكرة تخف وتنخانق زي زمان متخافش،
-خلي عندك أمل في ربنا ، إن شاءالله شدة وتزول، طالع جواد بيجاد
-بيجاد محدش يعرف بموضوع العملية، حتى غزل، فهمني طبعا
استدار برأسه بعيدا عندما تجمعت الدموع بعيناه، لم يعتقد أن صحته تسوء لتلك الدرجة ..استدار راكان بنظراته لبيجاد
-عامل ايه يابيجاد، من وقت ماكلمتني ماسمعتش صوتك..ياترى الست رجعت لجوزها في تلك الأثناء كان جواد أغمض عيناه عندما شعر بألمًا بشقه الأيسر..ولكنه فتح عيناه متسائلا
-هو إيه الموضوع
بتركيا
تغفو على الأريكة بعد خروج العاملة لزيارة والدتها بإحدى المستشفيات ، استمعت لطرقات على باب منزلها، اعتدلت جالسة تهذي بكلمات
-مين هيجي دلوقتي ممكن نورة نسيت المفتاح؟!
أغمضت عيناها بوهن فقوتها اليوم ضعيف متلاشية بل أصبحت منعدمة بعد سوء حالتها
ثُقلت رأسها فوضعتها مرة أخرى على الوسادة، ولكن عاد الطرق مرة أخرى
نهضت متحاملة على نفسها تتحرك بخطوات واهنة إلى أن وصلت لدى الباب ، وضعت رأسها على الجدار تأخذ أنفاسها التي أصبحت منعدمة
فتحت الباب بوهن ..رفعت نظراتها لذاك الذي يقف لدى الباب بنظراته الشمسية لم ترى ملامحه واضحة، لكن رائحته ملئت المكان حتى وصلت لرئتيها ، فهمست بضعف
"جاسر"!! خلع نظارته
اذيك يامدام جنى..تقابلت نظراتهما للحظات حتى أصبحت الأرض تدور بها وغمامة سوداء تحيطها
دنى منها ورغم اشياقه الكامن بجنبات قلبه إلا أنه همس لها
"مرحب مدام جنى المحترمة"
هنا تلاشت الرؤية تماما وهوت بين ذراعيه فاقدة للوعي
تلاقها يضمها بقوة لأحضانه وفرت دمعة غادرة رغما عنه من حالتها وضعفها البين عليها
حملها كطفل رضيع ووضعها بهدوء على الأريكة يجثو على ركبتيه أمامها ثم انحنى يشبع روحه الضائعة منذ خروجها من حياته، شهرين بين الحياة والموت، شهرين فاقد لروحه ونبضه، الان فقط أعاد روحه الغائبة، آلان فقط نبض قلبه وعادت من غيبات الجب
وضع رأسه بصدرها وآهة عميقة من ثنايا روحه
-ليه تموتينا كدا، قوليلي أعمل ايه ، عقلي بيقولي ارميكي واعاقبك بأصفاد وقلبي بيقولي خدها في حضنك وداوي جرحها ..مسد على خصلاتها مرر أنامله على ملامحها الشاحبة
-مش قادر ، والله ماقادر اعمل فيكي حاجة رغم اللي عملتيه، مش عايز غير اضمك وبس تمدد بجوارها دون تفكير
يضع رأسه بالقرب من أنفاسها، وكفيها يتحرك بحرية على جسدها كأنه خريطة حياته يراجعها، وصل لعنقها المرمري وتلك القلادة التي بها صورتهما، ابتسم ساخرا على جنان طفلته
أخذت أنامله ترسمها كأنه نحاط أجاد فن النحت..تسابقت أنفاسه حتى وصل لتلك الجمرتين من نيران العشق لقلبه كما وصفها ، لم يفكر قليلا ، فألقى العقل ودنى يحتضن شفتيها دون وعي كالمخمور الذي به حاله من السكر، وكيف لا يشعر بشفتيها وهي التي تسكب له عشقها، ويروي بها عطش روحه ..تسارعت أنفاسه مع دقات قلبه عندما فقد سيطرته ورغبته بها، فهب من مكانه كالملسوع، اخيرا فاق العقل على القلب يصفعه ..بحث بعينيه بارجاء المنزل ، ذهبت عيناه للدرج، صعد للأعلى حتى وصل لغرفتها، قابلته رائحته التي تعبأ الغرفة وتلك الكنزة له توضع على الفراش..كور قبضته بعنف لا يعلم ماذا عليه فعله
اتجه للمرآة وجلب قنينة عطرها ثم تحرك للأسفل، دقائق يحاول إيقاظها حتى رفرفت بأهدابها ، همست باسمه وهي تراه كالحلم يرفعها ب ذراعه
ولكنها لم تفق كاملا، استمع لفتح باب المنزل ولجت الخادمة مع الطبيبة
-اتفضلي يادكتورة قالتها الخادمة..تسمرت الخادمة من وجوده، فاقتربت متسائلة
-حضرتك حضرة الظابط جاسر
ضيق عيناه متسائلاً:
-إنتِ مين..أشارت لجنى الغافية على الأريكة
-أنا جليسة مدام جنى، اتجه بنظره متسائلا عن الطبيبة
أشارت للطبيبة بالتقدم
-دي دكتورة حياة متابعة مع مدام جنى..أشار إليها بالتوقف
-عرفتها ازاي؟!
أجابته سريعا بعدما وجدت بملامحه الشك
-دي من مشفى المنشاوي بتركيا لا تقلق سيدي
اومأ لها فحمل جنى متجها للأعلى ثم تحدث
-خمس دقايق وهاتيها، وصل لغرفتها يضعها على فراشها بهدوء كأنها قطعة أثرية نادرة، ثم طبع قبلة على جبينها
-فوقي بس وشوفي هعمل فيكي ايه مهلكتي..اتجه لأسدالها وألبسها إياه بعدما وجد تلك المنامة التي تصل لركبتيها وبدأ يتحدث بغضب
-لأ وبتفتح الباب بقميص نوم، ماشي يازفتة جنى، والله ماهرحمك
أنهى عمله وألقى عليها ذاك الدثار الخفيف منتظر الطبيبة التي صعدت وقامت بالكشف عليها
-انها ضعيفة ولم تهتم بغذائها ، للأسف سيدي، سيدة جنى بتنتحر
دقات عنيفة كادت تصيبه بمرحلة جنون طاغية عندما استمع لحديث الطبيبة، فتسائل بأنفاسًا محرقة
-الحمل السبب في حالتها دي، ولا في حاجات تانية
أعطته تلك الورقة التي تدون بها بعض العقاقير واجابته بعملية
-منذ استلمت حالتها من كابتن بيجاد وانا أخبرته أنها لا تهتم بنفسها، أنها حامل بتوم، والوضع هنا يكاد يكون صعبا عن الفردي، ارجو الاهتمام بمزاجيتها، واريد متابعة الأجنة على الايكو كي نطمئن إنها بشهرها الخامس ببدايته،
إبتسامة لاحت على وجهه فاقترب يمسد على خصلاتها بحنان
-لأ إحنا هننزل مصر دلوقتي وتكمل هناك
اومأت بعملية وتحدثت قائلة:
-هي هتفوق بعد نص ساعة، المحلول دا فيه مغذي
حضرتك مصرية
هزت رأسها بإبتسامة
-نعم بالتأكيد..بعد إذنك ..نظر للخادمة
-وصلي الدكتورة..تحركت الطبيبة للخارج، بينما هو جذب مقعدًا وجلس بجوارها ..بحث بعينيه بأرجاء الغرفة، تلك الغرفة التي كانت مأمنها بعيدًا عن أحضانه ..وجد دفترًا مزينًا بجانب لوحة من رسومتها، نهض متجهًا إليها، فتح اللوحة أولا
ابتسم ثغره وهو يجدها ترسم نفسها بشكلها الجديد وبطنها المنتفخة قليلًا
حرك أنامله على صورتها إلى أن وصل لأحشائها، فاستدار ينظر إلى نومها، وتحرك متراجعا، يجلس بجوارها على الفراش، وعيناه تتفحص بطنها ولكن ليس كما رآها بتلك اللوحة
جثى أمام الفراش ، ووضع كفيه الذي ارتجف على بطنها يحركها بهدوء واضعًا رأسه بالقرب يهمس لأطفاله كأنهم يستمعوا إليه
-عاملين إيه حبايبي، شوفتوا مامي عملت ايه، لازم تتعاقب علشان بعدتكم عني ..قالها بعيون لامعة بطبقة كرستالية..نهض ممسكا ذاك الدفتر الذي بيديه وجلس يفتح وريقاته
❈-❈-❈
بسم الله على قلبي المحطم، وبسم الله على ملهمي الذي مازالت رائحته تفوح بداخلي
بعد السلام والتحيه عليكما
وبعد أن تبخرت أشواقي لتلك الأحضان التي اشتهيها، واعتدت روحي
التي تفوح بها رائحه الالم
اجل علمت انها من مهلك روحي
أ فلا أحد غيره معذبي ومهلكي
استيقظت ذات صباحًا بعد أن لافحت الشمس وجههي لتخبرني كيف لكِ أن تغفو عيناكي وخليلُ قلبك يبعد المسافاتِ،
فتحت عيناي التي انطفأ بريق العشق بها تبحث عنك بين الأركانِ،
حبيبي الذي ضاقت بي الدنيا بعده
كيف لي ان اصف لك أشواقي وعذابي
كيف لي ان اصف ذاك النبض الذي اختبأ بين اضلعي يؤلمني من فراقك
أجل مهلكي انا الذي حفرت الألم بداخلي، انا الذي ضعت بين دموعي وآهاتي
من ذا يبلّغك بأنّي مُتعبُة؟
والشوقُ في جنباتِ قلبي يلعبُ
من ذا يُبلغك بكُلِّ بساطةٍ
أنِّي بدون وجودك أتعذّبُ
جاسري وحنين أشواقي مني اليك روحي تتعذب، ألم يدلك قلبك أنني متلهفة لرؤياك
ألم يدلك قلبك عاشقي بل مهلكي أن روحي لقُربَك تتعطش
نعم في غيابك تقتلني اللهفه
حتى تأتيني بالأحلامَ متلهفا
تداعب وجهى بمعطف الدفئ
تملأ شوقي ببسمة ثغرك المترنم وبصوتك وهمسك اتنعم بقربك
فلقد أدمنتك وكفى وأحن إلى لقـائك كل صباح ومساء
وتبكي مقلتاي
إن حل الغروب
وما واللهِ دمعي بـاختياري
ولكن العيون لهـا نحيب
أكاد أجـن ممـا يعتـريني
فعيشي دون نبضك لا يطيب
ولي روح تكاد تذوب وجدا
ومن لـفراق عينك لا يذوب
فان تكون غائبـا عني زمانـا
فإنك عن خيالي لا تغيب
أحبك ثم احبك مهلكي بل جاسري وحبيب عمري ومالقلبي إخياري سوى هواك المعذب
أهلاً بداءٍ أنـتِ منه دوائـي!!!
قلب بتلك الصفحات التي تغزوها دموعها وبأنامل مرتعشة تحسس كلماتها التي سطرتها بدموع عيناها
رفع نظره إليها
وآآهة حارقة خرجت من قلب عاشق يتعذب بكلماتها، يكفي لكِ مهلكتي عذابي وعذابك، علينا تصحيح درب الحياة حتى لو رسمناها بآلام
داعب وجنتيها بأنامله وتحدث:
-ليه العذاب دا كله، ليه توجعيني وتوجعي نفسك ..هونت عليكي تبعدي كدا، لدرجادي مش واثقة في حبي
دنى يهمس بجوار كرزيتها
-وجعتيني أوي أوي فوق ماعقلك يصورلك، على أد عذابك اللي شوفته دلوقتي مايجيش نقطة في بحر من وجعي ياجنجونة، نفسي اعاقبك اوي بس قلبي مش متحمل اشوف وجعك، بس لازم ادوس عليه زي ماانتِ دوستي ووجعتيني أنتِ مش بس وجعتيني إنتِ دبحتيني
بس ملحوقة يابنت عمي، اهلا بيكي في عشق جاسر الصامت ..استعدي مابقاش فارق معايا حاجة والفضل يرجع لك يامدام جنى ..حكمت واصدرت حكمك وانتظري مني العقوبة