عشق لاذع الفصل التاسع عشر 19 ج2 بقلم سيلا وليد


 عشق لاذع

الفصل التاسع عشر 19 ج2

بقلم سيلا وليد

انحنى بجسده وبصوت متحشرج من الخذلان 

-بيجاد كالعادة صح، يعني خلتها تلجأ لبيجاد، اه انت معملتش بس وكلت بيجاد ماهو بيجاد ابنك قبلنا 

-جاسر اتجننت انت بتكلم ابوك يلا 

دفع أوس بغضب واتجه لوالده 

-زي العادة طردتني من الحسبة، بس المرادي اسف ياباشا، اللي هربانة بتكون مراتي، أشار على صدره وأكمل 

-دي كانت روحي وهي وجعتها ولو كنت مفكر هتحميها مني غلطان، 

ودلوقتي انت حكمت عليها قبلي، وحياة خذلاني منكم ماهرحم حد 


تراجع بخطواته للخارج متجها كالمارد الذي يحرق كل ما يقابله وجد بيجاد يتحدث بهاتفه ..امسكه من تلابيبه 

-مراتي فين؟!

استمعت غنى لحديث جاسر، فهرولت إليهما تفصل جاسر عن زوجها 

-جاسر ابعد اتجننت، 

ضغط على عنقه يخنقه 

-وحياة ربنا هموتك يابيجاد فين مراتي ، انا مش جواد الألفي هتحايل. عليك فين مراتي 

صرخت غنى بدخول عز وغزل، هرولت غزل تدفعه بعيدا عن بيجاد، تحول لون بيجاد للشحوب ورغم قوته الجسمانية إلا أنه تركه يفعل ما يشاء 

بكت غنى صارخة به 

-بيجاد مالوش علاقة، انا اللي ساعدت جنى علشان تهرب منك ، ساعدتها علشان تعرف تاخد حقها من سلبيتك دي، دفع بيجاد مستديرا يطالعها بصدمة ورجفة قوية اجتاحت جسده كالزلزال ونظراته المصوبة إليها كجمرة نارية ..انهمرت عبراتها واستأنفت حديثها بعدما اقتربت من جاسر

-عايز منها ايه، وهي شايفة مفيش أمان مع الراجل اللي بتحبه، الراجل اللي بتعشقه شايفة خيانته مع طليقته 

وكل شوية فيديوهات قذرة 

لكمته بصدره 

-ايه اتخرصت ولا علشان بتحبك بتقول هترضى باللي بتعمله، هي مش مكسورة ياحضرة الظابط ، دي بنت الألفي وتربية جواد وصهيب ولو هي مش عارفة تاخد حقها منك يبقى هوقفلك يابن امي وابويا..تذكرت مافعلته فيروز فدفعته كالمجنونة

-دلوقتي بتحبها وعايزها وكنت فين وفيروز بتهنها في الروحا والجاية، كنت فين لما فيروز بعتتلها ناس تسرق شرفها، انحنت تنظر في مقلتيه 

-كنت فين ومراتك عاملالك ليلة رومانسية، وفي الاخر تحطم قلبها بحجج هايفة ..ايه مش عارف الإجابة اقولك كنت عندها ، مراتك مكسورة الخاطر وحضرتك جريت تصدق فيلم هندي ، ماتموت ولا تولع فيروز، انت مالك اصلا..هزت رأسها رافضة ما يفعله ترمقه بحزن 

-جاسر إنت متستهلش جنى لانك محبتهاش، وانا هفضل جنبها وهساعدها تطلق منك ومتفكرش حملها هيذلها ليك، طول مانت كدا متسهلهاش لاني اكتر واحدة عرفت اد ايه هي اتألمت فدلوقتي مالكش مراتت عندنا 

صفعة قوية هوت على وجنتيها حتى شهق الجميع لما رآوه، دنت غزل تقف بين ابنائها وانسابت عبراتها تهز رأسها رافضة مافعله ابنها 

-ليه يابني  كدا..دفعه بيجاد بغضب وكأنه أخرج جيوش شياطينه يلكمه بقوة 

-تصدق انك مش راجل يالا، اللي يرفع أيده على مرات بيجاد المنشاوي يستاهل الدبح 

توقف عز بينهم صارخا محاولا السيطرة عليهم عندما اقترب جاسر يبعد والدته 

-تعالى وريني رجولتك يابن المنشاوي..دفعه عز بغضب

-جاسر..احترم نفسك انت ايه ياأخي مش حاسس باللي بتعمله 

دفع عز بقوة واتجه لبيجاد ولوح بيديه فالهواء مستطردا بهياج 

-بتلعبوا بيا انت ومراتك، اتجه بنظره لغنى 

-انتِ اختي إنتِ، لا وجايلي بتحاولي تلعبي عليا، طب ليه!! انا اذيتك في ايه

شايفة اني كذاب ومخادع، عايزة تطلقيها مني ..طيب لو بنت ابوكي عايز اشوف اخرك يابنت جواد ، ولحد ما اشوف اخرك تطلعي برة البيت دا مش عايز اشوف وشك قدامي ، وياله اعملي اللي تقدري عليه علشان تطلقيها بس لوقتها انسي أن ليكي اخ اسمه جاسر


ثورة حارقة اندلعت بجوف بيجاد، بعدما وجد دموع زوجته ، فاقترب منه 

يلكمه بقوة 

-تعالى وريني رجولتك ياحيوان، ايه بتشطر على اختك 

اندلع الشجار بينهما حتى صرخت غزل فيهما، حاول عز التفريق بينهما ، ولم يشعر بنفسه حينما رفع كفيه يلطم جاسر بقوة على وجهه

-فوق بقى، انت ايه، مش حاسس بعاميلك

لم يتحمل المزيد من الأهانة وأنياب الألم تنهش به، فزاغت أبصاره لوالدته 

-لو باتوا في البيت دا يبقى انسي إن ليكي ابن اسمه جاسر

وصل ياسين على أصواتهم المرتفعة 

توقف متصلبًا مذهولا، وكأنه ولج لأحد الأماكن بالخطأ، اقترب يقف بجوار عز الذي عرقل هجوم جاسر 

-أكيد دا مش بيت جواد الألفي..قالها ياسين مذهولا 

صمتت الألسنة وانفجرت برك الأعين مع الأنفاس المرتفعة ، فأشار لوالدته 

-اختاري ياانا يابيجاد يادكتورة، لأ ازاي صح وهو ابنكم الكبير ازاي صح هتختاروني 

بكت غزل تهز رأسها رافضة حديثه وانشطر قلبها تقترب منه 

-ايه اللي بتقوله دا ياجاسر، انت روحي يابني، وهي نصك التاني 

-لأ ..صرخ بها واندفع متجهًا إليها، يجذبها من ذراعها 

-أنا معرفكيش يابت، سمعتيني أنتِ مش اختي، وياله خدي الحيلة اللي عاملي راجل وامشوا من هنا

تعكزت غزل على عز بجانبها وألم صعب تحمله شق صدرها وانسابت عبراتها تريد الموت لا محالة 

-متعملش كدا ياجاسر، وحياتي عندك يابني أهدى وابعد عن شيطانك

-أنا قولت ياأنا ياهي، مش عايز اشوفها قدامي، والتانية بس اوصلها، والله لاأخليها تتعذب زي ماعذبتني كدا قالها وهو يرمق عز وأستأنف بجبروت 

-خلي راجل فيكم يقرب مني وينقذها مني..حتى البت اللي هناك دي، مش بتقولي  هطلقها مني، وريني شطارتك يابنت طارق، النهاردة اكدتيلي انك بنت طارق وتستهاليه


أغمضت غنى جفونها، وخنجر يغرز بصدرها من توأمها، ابتلعت إهانته فهمست بتقطع 

-حاضر ياجاسر، همشي من بيت ابويا، لأ آسفة ماليش حق زي ماقولت انا بنت طارق مش بنت جواد

ابتلعت غزل شهقاتها وصاعقة زلزلت كيانها عندما استمعت لحديث غنى التي تراجعت وهتفت بقلبًا يدمى


-عندك حق، أنا مين، انا ماليش حق حتى في اسم جواد الألفي زي ماقولت ، انا واحدة عاشت مع أب وأم تانين، اكيد ماليش حق في البيت دا، ومعرفش غير الراجل دا..قالتها وهي تقترب من بيجاد 

-بيجاد مشيني من هنا لو سمحت، مش عايزة اكون هنا لحظة واحدة لو بتحبني 

-تمشي منين يابنت جواد، ايه ابوكي مات علشان تنطردي من بيته في حياته، اللي مش عاجبه يمشي

قالها جواد الذي تحامل بنزوله يستند على الخادمة، يضع يديه على صدره

رمق ابنه بنظرات نارية، ثم رفع كفيه 

-مش هحاسبك على كلامك لأختك دلوقتي ، بس اعرف انك دلوقتي كسرت قلبي يابن جواد ، اللي يهين أخته اللي المفروض حماها ميلزمنيش 


بيجاد قول للمحروس مراته فين، وقوله ياريته يعرف يحافظ عليها، وبدل ماعملي اسد قدام أخته ويطردها من بيت ابوها وهو لسة عايش خليه يعرف يحمي مراته من حتة بنت بتلاعبه وهو في مركزه دا ، ودلوقتي هو اللي خير، ولو مش عاجبك مع السلامة ..دنت غزل من جواد بتخبط 

-ايه اللي بتقوله دا ياجواد

-غزل مش عايز اسمع صوتك، انا مطردتش حد، ابنك اللي حكم، اقترب أوس منه 

-بابا ممكن ترتاح دلوقتي..دفع أوس بهدوء ونظراته على جاسر 

-انت ابني الكبير..ياخسارة ياجاسر..امسكه أوس 

-تعالى ارتاح يابابا، الموضوع سوء تفاهم 


رمق أوس بنظرة اخرسته

-ايه هتحكم على ابوك انت كمان، ابوك مش عاجز، تحرك ببطء حتى وصل إلى وقوف جاسر 

-ابني الكبير اللي المفروض يكون سند للكل ، وقف بكل بجاحة يطرد اخته، ويقولها انتِ مين، بدل ماياخدها في حضنه من غدر الزمن، بيرميها بايده، وعلشان ايه، علشان حبت تساعد بنت عمها اللي هي اختها بردو، ليه مفكرتش أنها بتنقذ مراتك، وعايزة تساعد بس على أد ماقدرت، اقترب خطوة أخرى وأستأنف

-جنى بدل نوت تمشي من غير ماتعرف اخوها ، وأبوها ، يبقى مهما غنى تقولها مكنتش هتسمع منها، وأحمد ربنا أنها لجأت لغنى، ملجأتش لواحدة زي فيروز ، لكمه ببطء بصدره

-الراجل اللي ميحسش بوجع مراته يبقى مايستهلش حبها، وانت متستهلش جنى 

نظر لوالده بمقلتين تغشاها الدموع، وقلب يأن كوتر مقطوع همس بصوتًا حزين

-مستهلهاش يابابا..جذبه جواد من ياقة قميصه

-ايه إثباتك يابن جواد، اقولك أنا ..جذبه يهمس له 

-انك تنام في حضن واحدة وتحب واحدة يالا..دفعه بعيدا يضغط على صدره، مستديرا ،ودلوقتي اعتذر من اختك ياكبير العيلة، قولها أنا آسف غلطت في حقك 

تراجع 

استدار جاسر للخارج سريعا دون حديث

أشار بعينه لعز 

-خليك وراه، متبوش لوحده، وخد العنوان من بيجاد خليه يروح يجيب اختك، اللي محدش هيربيها من أول وجديد 

-ليه ياعمو جنى عملت ايه، حضرتك ماسمعتش اللي غنى قالته 

-أنا مبسمعش ياعز، انا بشوف، واللي اعرفه انه بيحب اختك، وهي طلعت متستهلش الحب دا، ايه ياعز هترضى على نفسك مراتك تهرب منك وتكسرك قدام نفسك يلا قبل العيلة 

خليه يجبها وإياكم حد يقربله، سامعني ياعز، ومتخافش اللي بيحب مبيأذيش، ودا بيعشق مش بيحب، بس جنى لازم تتشد شوية، سبهم يخبطوا في بعض، 

ثم أشار لغنى ..اتجه لغنى وبسط يديه


-مش هتساعدي ابوكي يوصل لاوضته ياغنى..هزت رأسها تتراجع بجسدها لبيجاد 

-عايزة امشي يابيجاد، خدني من هنا 

قالتها ومازالت عبراتها تغرق وجنتيها 

اقترب جواد متمهلا وكأن عبراتها تكوي صدره ينظر لبيجاد فابتعد عنها، ولكنها كانت تتشبث ببيجاد


حاوط جواد وجهها يزيل عبراتها 

-دموعك دي غالية على ابوكي، عارفة يعني ايه غنى حبيبة ابوها تعيط وأبوها عايش، طب سبيهم لما ابوكي يموت..ارتفعت شهقاتها تحتضن والدها 

-بعد الشر عليك يا حبيبي..أخرجها متألمًا 

-عارفة انك غلطانة صح ولا لأ..أومأت برأسها 

-بس مكنش قصدي دا كله يابابا والله، انا قولت ابعدهم عن بعض يعرفوا قيمة بعض، وجاسر يعرف غلطه 


هدأت ملامح جواد فتحدث بهدوء

-غلط ياغنى، اللي عملتيه غلط، انا لما بعدتك زمان عن بيجاد مكنتش مقتنع بس إنتِ لجأتي لابوكي يابنتي، مرحتيش وضيعت عيلة تضرب كلها في بعض، غير علاقة جاسر بعز نار وبنزين، يعني انتي ولعتي الدنيا اكتر..اتجه بنظره لبيجاد 

-اللي مش قادر أفهمه 

-ازاي يابيجاد جالك قلب تبعد واحدة عن جوزها وكمان حامل وانت مجرب الشعور دا، انتوا غلطوا ومش غلط بس لا دي كارثة، متنسوش أنه ظابط 

-بابا أنا اسفة، انا كلمتها والله بس هي رفضت خالص 

مسد على خصلاتها يربط على كتفها 

-خلاص ياغنى، ربنا يستر من الجاي، وجاسر ميتهورش، لسة صهيب مايعرفش كمان، 

اتجه ببصره لغزل التي جلست تحاوط رأسها براحتيها 

-زوزو عايز اطلع اوضتي..بحث عن ياسين 

-ياسين كان هنا راح فين ..أشار أوس إلى الخارج 

-خرج مع عز ..أومأ برأسه وتحرك يجذب غزل متجهًا للأعلى 


بشقة جاسر التي توجد بها عاليا

ولج للداخل ألقى مفاتيحه بغضب، ثم هوى على الأريكة، يضع رأسه بين راحتيه، كلما تذكر مشاجرة جاسر وبيجاد، نيران تشتعل بصدره 


استمع الى صوت سعالها بالداخل ..نهض متحركًا إليها ..طرق على باب الغرفة، ثم ولج للداخل 

كانت تجلس تحتسي مشروبًا دافئًا، نهضت فزعة عندما استمعت لطرقات، ثم دلوفه للداخل 

-إنت إزاي تدخل كدا، اوعى تفكر انك جوزي حق وحقيقي

-هدومك برة يابت انتِ، هدخل على جورجينا 

-أنا هسافر بكرة العريش، وهرجع بعد اسبوعين..لازم نتكلم 

أشار عليها مستاءًا 

-البسي حاجة واطلعيلي، لازم نحط النقط على الحروف 


احتضنت جسدها تتراجع للخلف ، فاستدار للخارج، وعاد بعد لحظات يضع حقيبة ملابسها ..دفعته بغضب

-برة وانا هغير واطلعلك 


كور قبضته متجها للخارج حتى لايصفعها على وجهها 

جلست على الفراش تضع كفيها على صدرها تلتقط أنفاسها ، بعد خروجه، لأول مرة يراها أحدهم بهيئتها تلك

اتجهت بنظرها للمرآة تنظر لملامحها التي تضجرت بحمرة الخجل

نهضت من مكانها وجذبت حقيبتها 

-ودا هخلص منه إزاي، هونت عليك ياكريم تجوزني واحد متخلف زي زفت الطين دا..صمتت للحظة تتذكر اسمه، فهمست لنفسها 

-هو كان اسمه إيه!!

اوووف، متجوزة واحدة نسيت اسمه..خرجت بعد فترة، ذهبت ببصرها تبحث عنه ، استمعت لصوت بالمطبخ..تحركت إليه وتوقفت لدى باب المطبخ 

-عايز ايه، ...وضع بعض الفواكه بطبقه، وتحرك للخارج دون الرد

جلس على الأريكة، وقام بتشغيل التلفاز ، يستمع للأخبار متجاهل وجودها..دفعت المقعد بقدمها ثم توقفت

-انت إيه ياشيخ، بارد ومستفز، دي الرجولة عندك 

رفع سبباته على شفتيه 

-متعرفيش تكتمي خالص، اقعدي زيك زي الكرسي دا، علشان مطلعش جناني عليكي يامحترمة، متعلمتيش تكلمي جوزك إزاي 

-جوز مين يااخويا، بقولك ايه اوعى تفكر انا رضيت بالأمر الواقع اللي حطتني فيه إنت وكريم، اه انا قبلت علشان خاطر بابا، أما أنت متهمنيش ولا شيفاك اصلا

اقتربت منه وتعمقت بمقلتيه قائلة

-عارف لو خيروني بينك وبين افضل من غير جواز، أكيد هفضل من غير جواز، اصلك ماتملاش نظري ياحضرة الظابط 

دفعها بقوة على المقعد وانحنى بجسده عليها يزمجر بصوت كالرعد 

-تعرفي يابت الاحترام ماينفعش مع اللي زيك، بجحة وقليلة ادب، انا لو مكانك أدفن نفسي في التراب


جذب رأسها يهمس بجوار أذنها

-أنا لو مش راجل كنت عملت زي الحقير اللي استغل حقيرة زيك ولوث شرف ابوها في الطين، فخلي عندك شوية من الاحمر واحترمي نفسك، ورشي على نفسك شوية حياء، في الفترة اللي هضغط على نفسي وابلع قرفك 

جذب خصلاتها ومازال يتحدث

-أي غلط منك صدقيني مش هرحمك، انت دلوقتي شايلة اسم ياسين الألفي، اللي مكنتيش حتى تشوفيها في احلامك

دفعته تحاول نزع شعرها من كفيها

-ليه حد قالك بحب احلم بكوابيس، معرفش نافخ نفسك على ايه، قولتلك اللي زيك ميمليش عيني اصلا

صفعة قوية على وجهها

وضع ذقنه على كفيه 

-هتنزل شغلك إمتى ياياسين، انت دلوقتي اتخرجت ، وعلى حد علمي أكيد هتروح سينا 

ولج العسكري بقهوة لكل منهما ..حمحم بصوته 

-اخت حضرتك برة ياباشا، قولتلها تدخل بس هي رفضت ..نهض من مكانه سريعًا ، بينما ظل ياسين بمكانه يتابع بعينه ظنا إنها ربى ..

توقف أمام الباب ينظر إليها بذهول 

-غنى!!..اقتربت منه تحتضنه 

-عامل إيه ياجسور!

سحبها دالفًا للداخل توقفت تنظر بابتسامة 

-دا ولاد الألفي ملين القسم، من شوية قابلت جواد حازم برة 

ضيق عيناه متسائلاً:

-ليه جواد بيعمل ايه؟!

هزت كتفها قائلة 

-معرفش بس اللي فهمته من تقى أنه هيرجع شغله..جذب كفيها وأجلسها على الأريكة بجوار ياسين 

-ايه ياياسو..مبروك ياعم الشهادة، آسفة ياحبيبي جه موضوع بابا ونسينا نحتفل بتخرجك، بس وعد مني هعملك فرح محصلش 

هنا تذكر تلك التي تركها منذ أسبوعين ولم يعلم عنها شيئا سوى من الخادمة 

ابتسامة تجلت بملامحه 

-إن شاءالله حبيبتي ، ايه شايفة قعدتك طولت هنا، كنتي فين وازاي تيجي من غير بيجاد..فركت كفيها تطالع جاسر بصمت 

-لأ كنت عند الدكتور مع ماما نغم فقولت اعدي على جاسر، وبالمرة نتكلم ، مقعدناش مع بعض من وقت اللي حصل 

احتضن جاسر كفيها 

-آسف ياقلبي، عارف مقصر معاكي ومع حبيب خالو..صمت متذكرًا شيئا

-ياترى هي عاملة ايه دلوقتي في حملها، أكيد بطنها بدأت تكبر وهتتعب صح ياغنى

استدارت مبتعدة بنظرها وشعرت بتفتت قلبها ..هنا ندمت أشد الندم على مساعدتها


❈-❈-❈


ربت ياسين على ظهره ثم توقف 

-مش قدامنا غير لما بابا حالته تتحسن وهو اللي هيعرف يوصلها 

مسح على وجهه بعنف:

-عارف ومتأكد فيه حد مساعدها وحد له مركز كمان، دا واحد عارف اني مش هعرف أوصلها 

-بقولك ياجاسر مايمكن جنى في مصر..


-مستحيل تكون في مصر ومتظهرش

انا سربت مرض بابا في كل الجرايد، يعني لو موجودة كان زمانها ظهرت 

مط شفتيه لأمام يطالعه بصمت إلى قطعت الصمت غنى 

-ليه جنى تعمل كدا ياجاسر، ليه تهرب مع إن روحها فيك ..إزاي تهرب من غير ماتعرف عمو صهيب ولا عز


تجمعت عبراته بعيناه ممزوجة بنزيف روحه فرفع نظره لأخته

-علشان وجعتها أوي ياغنى..جلس ياسين مرة أخرى يستمع إليه بإهتمام 


تراجع بجسده يضع رأسه على ظهر المقعد ينظر بسقف الغرفة

-هي مفكرة إنها متهمنيش، ودايمًا شاكة في حبي، دايما بتقارن نفسها بفيروز.. هبلة متعرفش أنها حياتي كلها 

-طب فيروز ياجاسر، ليه مبتعدهاش عنك، ليه مطلقهاش زي ماقالتلك وخلصت نفسك من الوجع دا 

اعتدل يطالعها بتدقيق 

-مين قالك أنها طلبت مني كدا..ابتلعت ريقها بصعوبة، ثم سحبت نظرها لياسين ورسمت ابتسامة 

-لأ هي مقلتش، أنا اقصد يعني لو طلقت فيروز كنت ارتحت 

-طيب ماانا مطلق فيروز، ايه المشكلة 

ماهو طلاقك وانك تروحلها كل شوية دا بيوجعها ياجاسر 

انحنى بجسده يتعمق برماديتها 

-غنى تعرفي مكان جنى!!

نهضت تحمل حقيبتها بيد مرتعشة تهز رأسها

-وأنا هعرف منين..أنا لازم أمشي ، زمان سفيان تاعب النانا بتاعته 

تحركت سريعًا هروبًا من أمامه..نهض يضع كفيه بجيب بنطاله 

-استني ياغنى..ارتجف جسدها تطبق على جفنيها..دنى بخطوات متمهلة 

-مقولتيش جاية ليه..استدارت تلقي نفسها بأحضانه وبكت بشهقات مرتفعة حتى سقطت حقيبتها قائلة: 

-جاسر أنا بحبك أوي، ونفسي تكون أسعد راجل في الدنيا، حاوطها بذراعه 

-حبيبة قلبي وأنا بحبك اكتر واحدة في الدنيا 

اممم ...قالها ياسين ثم اقترب يلكزه بصدره 

-بلاش كلمة اكتر واحدة في الدنيا، عندك مراتك مش عارفين نوصلها 

ازال عبرات غنى يحتضن وجهها

-ليه الدموع دي، دا أكيد علشان بيجاد وحشك مش كدا..رفعت نفسها حتى أصبحت بمستواه وطبعت قبلة على وجنتيه 

-لأ ..مش علشان بيجاد، علشان إنت أحلى أخ في الدنيا كلها 

ارتشف ياسين باقي قهوته 

-أيوة ياختي وأنا ابن الوزة السودا 

دفعه جاسر بعيدا يحاوط غنى 

-اسمها ابن البطة السودا، بس غزالة مش بطة ياحلوف 


لمست وجهه مبتسمة بعدما وجدت ضحكته التي حُـرم منها منذ وقت 


-هتكون أجمل اب في الدنيا..رفع كفيها يقبلهما 

-وانتِ أحلى مامي واخت في الدنيا...

لازم أمشي،  هسيبك تكمل شغل، زمان بيجاد قلقان دلوقتي..قالتها وتحركت بينما توقف ياسين أمامه 

-هوصل اختك، وبعد كدا عايزك في موضوع مهم 

خرجت غنى تضع كفيها على صدرها 

تتنفس بهدوء 

-ياربي اعمل ايه..تذكرت شيئا مهم، فأسرعت لسيارتها، أوقفها ياسين 

-غنى ..استني هوصلك 

-لأ ياحبيبي أنا هعدي على بابا، اكيد بيجاد هيستنى هناك..ارتدى نظارته متجها لسيارته 

-هوصلك، كلمي الشوفير. يروح

تحركت بجواره بصمت 


عند جواد  ،

اعتدل متذكرًا حديث راكان لبيجاد، اتجه بنظره لبيجاد الذي يجلس بجواره يحادثه بمواضيع مختلفة، فتحدث متسائلاً:

-راكان يقصد ايه بالست اللي  ساعدتها 

ابتلع بيجاد ريقه يهز رأسه رافضا


-مش فاهم 

طالعه جواد بتدقيق، ثم هتف 

لما سألت راكان انت بصتله هو وقتها عمل اي نظر بساعة ايده وقال

-آسف، لازم امشي عندي قضية بعد ساعتين، ألف سلامة على حضرتك مرة تانية، وقال اكيد بيجاد هيحكي لك قصة صاحبه ..

-مين صاحبك اللي راكان يقصده، على مااظن انا عارف صحابك كلهم  


صمتًا مريبا بالمكان قاطعته غزل 

-بيجاد هتفضل مع عمك عندي عملية مش أقل من ست ساعات، لحد ماحد 

من الولاد يظهر 


كانت نظراته على بيجاد، فأشار إليها 

-حبيبتي روحي على شغلك متخافيش عليا..روبي هنا وأوس زمانه على وصول 


هزت رأسها وتحركت بعدما طبعت قبلة على جبينه..اتجه ببصره لبيجاد

-سامعك يابن ريان، ويارب يكون اللي في بالي غلط

مسح على وجهه يتنهد، ثم سحب نفسًا 

-جنى في تركيا ياعمو جواد، وقبل ماتتكلم، كان لازم يحصل كدا علشان جاسر اتهور لدرجة وجعت قلبها 

ضغط على صدره معتدلا

-إنت اللي سفرتها صح..هز جواد رأسه وردد

-أيوة مفيش غيرك يقدر يعمل كدا، جنى علاقاتها محدودة، وأكيد لجأت لغنى وطبعا غنى ضغطت عليك 

كور قبضته عندما شعر بمدى الألم الذي اجتاح جسده بالكامل، ألمًا مفرطًا تفرع لكل خلية من جسده حتى تمزقت روحه وهو يربط الأحداث ..رفع نظره لبيجاد الذي طأطأ رأسه بخزي 

-تسافر دلوقتي وتجبهالي خلال بكرة، بكرة الاقيها قدامي يابيجاد، وبعدين نتحاسب 

هز رأسه رافضا حديثه:

-مينفعش صدقني، جنى رافضة ..غنى كلمتها كذا مرة وهي مُصرة وانا خفت عليها ممكن لو أصرينا تمشي ومنعرفش مكانها فين 

انزعج من حديثه، فرفع كفيه الذي ارتعش

-طيب اسكت ومش عايز جاسر يعرف دلوقتي ، لحد ما أشوف هعمل ايه

قاطعهم دلوف أوس، ونظرات مستاءة لبيجاد 

-عامل إيه يابابا اتأخرت عليك ،

-لأ..قالها  وكلمات بيجاد تداهم رأسه يفكر بتلك المعضلة، جلس أوس بجواره ثم انحنى يطبع قبلة على كتفه 

-ممكن حضرتك تبطل تتعصب، وتزعل علشان صحتك، ينفع اللي حصل دا 

حمحم بيجاد ليخفف من نظرات جواد الحادةقائلاً :

-مفيش ازيك يابيجاد..ظل أوس ينظر لوالده دون حديث 

ضيق جواد عيناه 

-مالك يااوس، مبتردش على جوز اختك وأخو مراتك ليه

رمق بيجاد بنظرة وتحدث بمغذى

-اه جوز اختي اللي قرطسنا كلنا مش كدا يابيجاد

قطب بيجاد حاجبيه:

-بتقول ايه يابني إنت ..دنى يهمس له حتى لا يسمعه جواد 

-مين اللي هرب جنى يابيجاد 


جحظت عيناه ينظر إليه بذهول 

-عرفت منين ؟!

اتجه لوالده دون حديث..نهض بيجاد مقتربا من جواد 

-أوس عرف اني ساعدت جنى..نظر أوس لوالده متسائلًا:

-هو يقصد إيه يابابا، حضرتك اللي طلبت من بيجاد أنه يساعد جنى..هز رأسه رافضا

-لأ ، مستحيل يابابا تكون انك اللي ساعدت جنى، حضرتك عارف جنى دلوقتي في تركيا وشغالة كمان عن طريق يعقوب المنسي..ازاي حضرتك توافق على كدا يابابا، ازاي 

توقف جاسر الذي وصل للتو يستمع إلي أوس مذهولا

خطى بخطوات واهنة يتخبط بمشيه

-ايه اللي بسمعه دا، توجه بنظره لوالده 

وانكمشت ملامحه بألم يهزئ بكلماته

-حضرتك اللي ساعدتها، نظر حوله بتوهان يهز رأسه 

-كنت عارف انك ورا دا بس كدبت نفسي رغم متأكد انها متعملش كدا من نفسها، دنى من والده 

-ليه يابابا..دا حبك ليا، دا حقي عليك

تجمعت عبراته وانحنى بجسده يضع يده على فراش والده 

-ابنك مصعبش عليك، وانت عارف أنه هيتوجع 

اقترب بيجاد 

-جاسر ممكن تهدى وتفهم..كانت نظراته على والده فقط ..شعر بغصة تمنع تنفسه وتحدث بصوت متحشرج

-عارف انك بتحبها وبتخاف عليها، بس عمري مااتوقعت انك بتحبها أكتر من ابنك، عايز تأكدلي أني مستهالهاش علشان رفضت كلامك واصريت على فيروز صح ياحضرة اللوا

جذبه أوس عندما وجد صمت والده 

-جاسر ، أهدى انت مش فاهم حاجه

دفع أوس بغضب جحيمي 

-مش عايز اسمع حاجة سمعتني، قول لحضرة اللوا ازاي قدر يدبح ابنه الكبير


مازالت نظراته لوالده تطعنه بشدة، وقف أمامه مكبل الأيدي مصفد المشاعر يشير لنفسه 

-جاسر في حياتك هوى ياحضرة اللوا، 


رسمت عيناه ملامحه الحادة وبأنفاسًا عالية تحدث جواد :

-اطلعوا برة، عايز جاسر لوحده 

بابا..قالها أوس، أشار له جواد بالخروج 


اعتدل جاسر متراجعًا للخلف فأشار جواد له :

-اقعد واسمعني وإياك تقاطعني 

جلس كالتلميذ المعاقب، ينتظر عقابه، بعدما شعر بفظاظة حديثه مع والده 

سحب جواد نفسا ثم زفره 

-أفتكر من أول الموضوع سألتك ياجاسر ايه اللي بيحصل معاك وحضرتك كالعادة كأني مش ابوك، كنت بتلجا لباسم في مشاكلك ، أما ابوك كان آخر من يعلم، لكن اللي متعرفوش انا كنت مراقب النفس اللي بتتنفسه، حاولت ابعدك عن فيروز ولكن كالعادة رأي ابوك مبتاخدش بيه معرفش ليه، رغم انك كنت أقرب واحد في اخواتك، ليه فجأة بعدت وطردت ابوك من حياتك معرفش، حاولت اقرب منك وكالعادة عملتلي راجل وقولت حياتي ومحدش هيدخل فيها، قولتلك وقتها تمام وانا في ضهرك وهسيبك تتعلم من غلطك، روحت اتجوزت واحدة علشان تنسى واحدة تانية بغباءك معرفتش انك كدا بتظلم الكل حواليك، حاولت تفهم للكل انك بتحبها وأنها هي الهوا لحياتك وقولت ماشي، متعرفش يابن ابوك أن كل حاجة ممكن تكذب بيها غير اتنين العين والقلب

كنا بنشوف نظراتك لبنت عمك وكذا مرة امك قالتلك وعمك وحضرتك عملت فيها مصلح اجتماعي رغم محبتش ادخل وقولت هو حر ، ابني راجل ومستحيل هينضحك عليه، كنت بخاف على أوس وياسين من تهورهم وعمري ماشكيت في ذكائك علشان عارف انك بتحسم كل قرار قبل ماتصدره، لكن كله طلع وهم 

ياسين وأوس طلعوا ارجل منك يابن جواد ..

أشار له غاضبًا 

-دا ياسين الأصغر منك بسنين معملش كدا، لما حب جه وقف وقالي يابابا فيه بنت بحبها وعايز ارتبط بيها، ولولا ظروف كليته كان زمانه متجوزها، انت بقى عملت ايه، حبيت واحدة ورحت اتجوزت واحدة تانية، لا إنت عارف تخرج من التانية ولا عارف تقرب من حبيتك..وماشي توجع في نفسك وفيهم ..ليه مابتاخدش قرار نهائي في فيروز معرفش..ليه ياجاسر بتبعد عن أبوك رغم أن أبوك شايفك سنده، ليه يابني 

-بابا..قالها عندما نهض من مكانه واتجه يجلس أمام والده

-عمري مابعدتك عن حياتي، حضرتك اللي شايف اني دايما سبب مشاكل العيلة..من يوم خطف غنى كنت بحس دايما انك بتلومني كأني انا السبب، برضو مشكلة ربى وعز حملتني المسؤلية، مع اني مكنتش اعرف أي حاجة افتكر ياحضرة اللوا لما دخلتلك قولتلك جواد ابن عمتو بيحب روبي لومتني وكأني السبب في حب جواد وعز لروبي ..كنت عايزني اجيلك بحب بنت عمي اللي ابن عمتي بيحبها ، ابتسامة حزينة تجلت بملامحه 

-كنت هتقولي ازاي تفكر في بنت عمك وانت شايفها مع غيرك ، كان عمرك ماهتوافق على ارتباطنا لاني كالعادة هكون سبب في وجع تاني للعيلة، بابا عارف انك مقولتش كدا بلسانك بس عيونك كانت بتقول كدا  ...كنت دايما بشوف قربك من بيجاد اكتر مني، حسيت إن بيجاد ابنك الكبير مش أنا ابدا، اي حاجة توقف قدامك تتصل ببيجاد، تعالي لي فورًا، حتى علشان تبعد جنى عندي استخدمت بيجاد علشان يقرب يعقوب منها، ورحت عملت لعبة مع عمي صهيب علشان تحاولوا تبعدوها عني 

سالت عبراته بغزارة، يزيلها بعنف يمنع ضعفه أمام والده 

-اه انت كنت صح ..فيروز دمرتني، واتوجعت مافيه الكفاية، بس ربنا ربط على قلبي يابابا، تفتكر أنا ممكن أتنازل عن حبي 


❈-❈-❈


رمقه جواد بعينين تحكي صدمته العنيفة التي هزت كيانه كالأعصار، ابتلع غصة مريرة عبأت جوفه بطعم الصدأ قائلا:

-يااااه ياجاسر لدرجادي شايف ابوك ظلمك علشان تحط افتراضات يابني، دا انت نور عيني وسندي وابني البكري ولو طلبت روحي مش هتأخر ، ازاي كنت هقف قدام سعادتك، ازاي تفكر أن ابوك يفكر فيك كدا


كتم صرخة مصعوقة جاشت به حنجرته، وتشنجت عضلاته ينظر بحزن  لوالده 

-اثبتلي ياحضرة اللوا اثبتلي انك عايز سعادتي .. ..امسك والده كفه ينظر لمقلتيها 

-شايل من أبوك اوي ياجاسر، انت ابني يالا..حكمت عليا، طيب ليه ماسألتنيش، امتى ظلمتك ياحبيبي علشان اقف قدام سعادتك، ليه ياجاسر، دا انا كنت بنسى وجعي واكتمه جوايا علشان ماحسسكش بالحزن من يوم خطف اختك، رغم رفضك كل سنة تحتفل بعيد ميلادك بس كنت دايما بشجع عز وروبي وجنى يعملولك مفاجأت، لكن إنت كنت بتعمل ايه، بتهرب من البيت بأي حجج، ليه افترضت اني بتهمك ، وفي الاخر شايف ابوك ظلمك، 


انحنى يطبع قبلة على يد والده بعدما وجد أثر الحزن على ملامحه 

-مش قصدي يابابا، أنا برد على أسئلة حضرتك ، وحضرتك مصر تعرف ليه اتجوزت فيروز وأنا بحب بنت عمي ، وليه محكتش حبي لجنى..سحب نفسا وزفره مستأنف

-بابا أنا بحب جنى أوي أوي ، وهي كسرتني أوي، جنى شاكة في حبي، مفكرة فيه علاقة بيني وبين فيروز، متعرفش أنها النفس اللي بتنفسه


ومهما تعمل وتقول مش هبعدها، وهجبها وهعاقبها بس وهي في حضني، أشار بسبباته

-بس العقاب هيكون تقيل اوي ياحضرة اللوا، وخلي حد يفتح بوقه قدامي، حتى عمي نفسه، دا لو خليته يشوفها ويقابلها اصلا


-لدرجة دي بتحبها يابن جواد 

ابتعد ببصره عن والده 

-حضرتك جربت وعارف يعني أيه حب يابابا، بتمنى متدخلش بينا ، وزي ماقولتلك مش هرحمها على وجع قلبي 


، عارف انها بنت اخوك، وبتحبها زينا، بس دي مراتي ..عارف يعني ايه مراتي تهرب مني بقالي شهرين معرفش عنها حاجة..لا وبدافع عنها ضدي ، ولو مش عايز تقول هي فين مش عايز تقول براحتك بس هوصلها ..بس متحاولش تقنعني انك متعرفش مكانها


-مش أنا اللي ساعدتها ياجاسر، ولا عمري افكر اعمل كدا، موضوع جنى غير غنى،ولو ساعدتها كنت قولتلك 

قطب جبينه متسائلًا:

-ليه مُصر انك تعمل فيا كدا، انا سمعت اوس ..ليه هيقول كدا إلا إذا حضرتك بتحاول تبعدها مفكر كدا بتحميها متعرفش حتى حضرتك مش هتقدر تمنعني.. 

بابا ..لو سمحت أنا بقالي شهرين مفيش مكان مرحتوش، جنى علاقاتها محدودة، غير إنها مبتعرفش تتعامل مع حد غيرنا، ومستحيل تعمل حاجة دون علمك وعلم عز، وعز بيدور زي المجنون، دا مش تمثيل 


اكتفى بتنهيدة مرتجفة ، واطبق جفنيه، فلم يجد مايعبر عن كلمات ابنه المطعونة

بابا..بلاش تعذبني لو سمحت ، انا مش بيجاد، علشان هسامح بحقي

انقبض قلب جواد فرفع عيناه معتصر حزنه بداخله 


-ابوك كذاب، وبدل مش مصدقه معنديش كلام، وياله أنا تعبت وعايز ارتاح، اطلع برة

ارتسم الحزن على ملامحه، كور كفيه معاتبا نفسه على قساوة حديثه مع والده، فاقترب:


-بابا آسف..استدار بوجهه للجانب الآخر 

قولت برة ياحضرة الظابط

انحبس النفس بصدره ، وشعر بالحزن  ..فتحرك بخطوات متعثرة للخارج ، توقف لدى الباب مستديرا ينظر لوالده الذي أغمض عيناه ..أغلق الباب خلفه مستندا عليه. وقبضة عنيفة اعتصرت قلبه فتحرك يبحث عن أوس..وجده جالسًا بجوار بيجاد 

-قولت جنى في تركيا فين في تركيا 

قاطعهم وصول الخادمة  

-باشمهندس أوس والد حضرتك عايز يشوفك دلوقتي، حالا ..تحرك أوس سريعا لوالده، بينما ظل واقفا يتابعه بنظراته حتى ولج للداخل 

-جاسر لو عرفت مكان جنى هتعمل ايه..ربت على كتف بيجاد وتحرك متجها لغرفة والده دون إيجابه ...تحرك سريعًا ظنا أن والده أصابه مكروها ، ولج للداخل سريعا ولكنه تصنم يستمع لوالده 

-هتاخد العنوان من بيجاد وتروح تجيب بنت عمك قبل ما جاسر يوصلها، عايزها بكرة عندي 

هنا شعر بتحطم قلبه، فخطى للداخل دون أن يشعر به أحدا حتى توقف خلف أوس الذي تسائل

-يعني حضرتك اللي طلبت من بيجاد ؟!

شعر جواد بوجود أحد التفت وجده يقف وعيناه متحجرة بالدموع 

-ليه!!..خايف عليها ولا أنا مش راجل من وجهة نظرك، ولا ايه بالظبط 

-ليه يابابا مُصر تكسرني انت كمان، مش كفاية هي !

ارتفعت انفاسه، يكور قبضته وكأن التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى مع حبيبته، التي غدرت به فأردف 


-صدقيني اللي زيك مااستنضفهمش يمسحوا الشوز بتاعي.. دلوقتي اخرصي واسمعيني، اقسم بالله لو عملتي اي غلط، هخلي ايامك كلها جحيم، وأنتِ شايفة اهو بقالنا فترة ومحدش عبرك باتصال حتى، وانا ممكن اذل انفاسك دي وحاجات عقلك الصغير دا مايتوقعهاش 

سحب نفسا وحاول السيطرة على غضبه ..فجلس وهو يتنفس بعنف ثم اتجه ببصره إليها

-اجهزي علشان بكرة هنروح حي الألفي ، وعلى أننا اتجوزنا على قصة حب ، وان ابن عمك حاول يهدد ابوكي بيكي علشان كدا كتبنا كتابنا واتجوزنا علشان احميك وعلشان بنحب بعض

رمقها مستهزئا 

-إنت تتحبي على ايه، والله ابن عمك جدع، تستاهلي..قومي ادخلي الأوضة مش عايزة وشك الزبالة دا 


❈-❈-❈


بتركيا

تجلس بمكتبها تشعر بالألم، فمنذ يومين وآلامها تزداد ، توجهت للمرحاض عندما شعرت بالغثيان، ظلت فترة لاتقل عن عشر دقائق.. دقائق وهي تشعر بالأغماء، نظرت لنفسها بالمرآة ، تلألأت عبراتها عندما اشتد آلامها..استندت على الجدار إلى أن وصلت لخارج المرحاض الملحق بغرفة مكتبها، تصنمت عندما وجدت ذاك الشخص يقف يضع كفيه بجيب بنطاله 

-عاملة ايه، السكرتيرة قالتلي انك تعبانة وعايزة تمشي

اتجهت إلى مكتبها تجمع أشيائها 

-آسفة ياجاسم بيه، أنا بعت لحضرتك استقالتي، مش هقدر اكمل مع حضرتك 

مط شفتيه وخطى إليها بخطى سلحفية ونظراته تفترسها

-ليه يامدام جنى، كنتي مبسوطة من الشغل معانا 

تراجعت بجسدها بعدما اقترب منها وهتفت دون جدال

-لأ .. خلاص مبقتش عايزة اكمل، تعبانة ومش قادرة، واظن يعقوب قال لحضرتك شغلي فترة بسيطة ، وكمان مفيش بينا عقود تخليني اكمل في الشغل وانا مش عايزاه، فيه بند في العقد اسيب الشغل وقت مااحب


جلس أمامها وعيناه تطالعها بحب فلقد سلبت عقله وأقسم أن ينالها بأي ثمنًا، حمحم عندما زاد افتراسه لملامحها 

-جنى ليه تسيبي الشغل ؟!


زفرت مختنقة ، فلقد قررت تركها العمل بعدما علمت أنه بالشخص المعروف بعلاقاته النسائية 

-مستر جاسم ، انا حقيقي تعبانة ومش هقدر اكمل شغل، غير إن جوزي ممكن يرجع الأسبوع دا من الشغل 

-جوزك!! أومأت برأسها وهي تغلق حقيبتها تهرب من نظراته 

وضع كفيه على المكتب بجوار هاتفها والتقطه

-بس إنتِ قولتي منفصلة..بسطت كفيها 

-ممكن فوني..واه كان فيه اختلاف بسيط بس اتصالحنا الحمد لله، فوني لو سمحت 

نهض من مكانه مقتربا منها 

-يعني مفيش أمل..ضيقت عيناها مبتعدة 

-مش فاهمة كلام حضرتك..لو سمحت فوني 

احتضن كفيها ثم وضع هاتفها ونظراته تتعمق بملامحها 

-لو احتجتي حاجة أنا في الخدمة

نزعت الهاتف وتراجعت سريعا 

-شكرا لحضرتك..اتجهت إلى باب مكتبها ولكن توقفت عندما هتف

-فيه حفلة النهاردة علشان كسبنا الصفقة، اتمنى تحضري وتودعينا فيها 

-آسفة مش هقدر وأنا مش بتاعة حفلات 

تحرك إلى أن وصل وتوقف أمامها ولم يفصل بينهما سوى خطوة، وانحنى بجسده يغرز مقلتيه بعسلها المصفى قائلاً :

-هبعتلك العربية، اتمنى تنوريني، انا محظوظ على الشهرين الحلوين اللي قضناها مع بعض 

فتحت الباب بعنف وهتفت بنبرة مستاءة 

-ايه الشهرين اللي قضناها دا شغل. وخلاص مستقيلة، بعد إذنك، واسفة مش هحضر حفلات 

تحرك بجوارها بعدما ارتدى نظارته متجهًا لمكتبه ، ثم هتف لسكرتيرته

-عرفي الشوفير يبقى يروح يجيب مدام جنى الحفلة 

توسعت عيناها تنظر إليه بذهول 

-أنا قولت لحضرتك مش هحضر..قالتها وتحركت من أمامه تسبه بسرها

-استاهل والله ، علشان اشتغل مع ناس مريضة زيه، غبية ياجنى ، انتى هتتعلمي وتطلعي من غبائك دا إمتى


بعد يومين


تغفو على الأريكة بعد خروج العاملة لزيارة والدتها بإحدى المستشفيات ، استمعت لطرقات على باب منزلها، اعتدلت جالسة تهذي بكلمات 

-مين هيجي دلوقتي ممكن نورة نسيت المفتاح؟!

أغمضت عيناها بوهن فقوتها اليوم ضعيف متلاشية بل أصبحت منعدمة بعد سوء حالتها

ثُقلت رأسها فوضعتها مرة أخرى على الوسادة، ولكن عاد الطرق مرة أخرى 

نهضت متحاملة على نفسها تتحرك بخطوات واهنة إلى أن وصلت لدى الباب ، وضعت رأسها على الجدار تأخذ أنفاسها التي أصبحت منعدمة 

فتحت الباب بوهن ..رفعت نظراتها لذاك الذي يقف لدى الباب بنظراته الشمسية لم ترى ملامحه واضحة، لكن رائحته ملئت المكان حتى وصلت لرئتيها ، فهمست بضعف 

"جاسر"!! خلع نظارته 

اذيك يامدام جنى..تقابلت نظراتهما للحظات حتى أصبحت الأرض تدور بها وغمامة سوداء تحيطها 


دنى منها ورغم اشياقه الكامن بجنبات قلبه إلا أنه همس لها 

"مرحب مدام جنى المحترمة"

هنا تلاشت الرؤية تماما وهوت بين ذراعيه فاقدة للوعي 

تلاقها يضمها بقوة لأحضانه وفرت دمعة غادرة رغما عنه من حالتها وضعفها البين عليها 


حملها كطفل رضيع ووضعها بهدوء على الأريكة يجثو على ركبتيه أمامها ثم انحنى يشبع روحه الضائعة منذ خروجها من حياته، شهرين بين الحياة والموت، شهرين فاقد لروحه ونبضه، الان فقط أعاد روحه الغائبة، آلان فقط نبض قلبه وعادت من غيبات الجب 


وضع رأسه بصدرها وآهة عميقة من ثنايا روحه 

-ليه تموتينا كدا، قوليلي أعمل ايه ، عقلي بيقولي ارميكي واعاقبك بأصفاد وقلبي بيقولي خدها في حضنك وداوي جرحها ..مسد على خصلاتها مرر أنامله على ملامحها الشاحبة 

-مش قادر ، والله ماقادر اعمل فيكي حاجة رغم اللي عملتيه، مش عايز غير اضمك وبس تمدد بجوارها دون تفكير 


يضع رأسه بالقرب من أنفاسها، وكفيها يتحرك بحرية على جسدها كأنه خريطة حياته يراجعها، وصل لعنقها المرمري وتلك القلادة التي بها صورتهما، ابتسم ساخرا على جنان طفلته

أخذت أنامله ترسمها كأنه نحاط أجاد فن النحت..تسابقت أنفاسه حتى وصل لتلك الجمرتين من نيران العشق لقلبه كما وصفها ، لم يفكر قليلا ، فألقى العقل ودنى يحتضن شفتيها دون وعي كالمخمور الذي به حاله من السكر، وكيف لا يشعر بشفتيها وهي التي تسكب له عشقها، ويروي بها عطش روحه ..تسارعت أنفاسه مع دقات قلبه عندما فقد سيطرته ورغبته بها، فهب من مكانه كالملسوع، اخيرا فاق العقل على القلب يصفعه ..بحث بعينيه بارجاء المنزل ، ذهبت عيناه للدرج، صعد للأعلى حتى وصل لغرفتها، قابلته رائحته التي تعبأ الغرفة وتلك الكنزة له توضع على الفراش..كور قبضته بعنف لا يعلم ماذا عليه فعله 


اتجه للمرآة وجلب قنينة عطرها ثم تحرك للأسفل، دقائق يحاول إيقاظها حتى رفرفت بأهدابها ، همست باسمه وهي تراه كالحلم يرفعها ب ذراعه


ولكنها لم تفق كاملا، استمع لفتح باب المنزل ولجت الخادمة مع الطبيبة 

-اتفضلي يادكتورة قالتها الخادمة..تسمرت الخادمة من وجوده، فاقتربت متسائلة 

-حضرتك حضرة الظابط جاسر

ضيق عيناه متسائلاً:

-إنتِ مين..أشارت لجنى الغافية على الأريكة 

-أنا جليسة مدام جنى، اتجه بنظره متسائلا عن الطبيبة 

أشارت للطبيبة بالتقدم 

-دي دكتورة حياة متابعة مع مدام جنى..أشار إليها بالتوقف 

-عرفتها ازاي؟!

أجابته سريعا بعدما وجدت بملامحه الشك 

-دي من مشفى المنشاوي بتركيا لا تقلق سيدي 

اومأ لها فحمل جنى متجها للأعلى ثم تحدث 

-خمس دقايق وهاتيها، وصل لغرفتها يضعها على فراشها بهدوء كأنها قطعة أثرية نادرة، ثم طبع قبلة على جبينها 

-فوقي بس وشوفي هعمل فيكي ايه مهلكتي..اتجه لأسدالها وألبسها إياه بعدما وجد تلك المنامة التي تصل لركبتيها وبدأ يتحدث بغضب 

-لأ وبتفتح الباب بقميص نوم، ماشي يازفتة جنى، والله ماهرحمك 


أنهى عمله وألقى عليها ذاك الدثار الخفيف منتظر الطبيبة التي صعدت وقامت بالكشف عليها 

-انها ضعيفة ولم تهتم بغذائها ، للأسف سيدي، سيدة جنى بتنتحر 


دقات عنيفة كادت تصيبه بمرحلة جنون طاغية عندما استمع لحديث الطبيبة، فتسائل بأنفاسًا محرقة

-الحمل السبب في حالتها دي، ولا في حاجات تانية 

أعطته تلك الورقة التي تدون بها بعض العقاقير واجابته بعملية 

-منذ استلمت حالتها من كابتن بيجاد وانا أخبرته أنها لا تهتم بنفسها، أنها حامل بتوم، والوضع هنا يكاد يكون صعبا عن الفردي، ارجو الاهتمام بمزاجيتها، واريد متابعة الأجنة على الايكو كي نطمئن إنها بشهرها الخامس ببدايته، 


إبتسامة لاحت على وجهه فاقترب يمسد على خصلاتها بحنان 

-لأ إحنا هننزل مصر دلوقتي وتكمل هناك 

اومأت بعملية وتحدثت قائلة:

-هي هتفوق بعد نص ساعة، المحلول دا فيه مغذي

حضرتك مصرية..قالها بعدما تحدثت المصرية 

هزت رأسها بإبتسامة

-نعم بالتأكيد..بعد إذنك ..نظر للخادمة


-وصلي الدكتورة..تحركت الطبيبة للخارج، بينما هو جذب مقعدًا وجلس بجوارها ..بحث بعينيه بأرجاء الغرفة، تلك الغرفة التي كانت مأمنها بعيدًا عن أحضانه ..وجد دفترًا مزينًا بجانب لوحة من رسومتها، نهض متجهًا إليها، فتح اللوحة أولا 

ابتسم ثغره وهو يجدها ترسم نفسها بشكلها الجديد وبطنها المنتفخة قليلًا 


حرك أنامله على صورتها إلى أن وصل لأحشائها، فاستدار ينظر إلى نومها، وتحرك متراجعا، يجلس بجوارها على الفراش، وعيناه تتفحص بطنها ولكن ليس كما رآها بتلك اللوحة 


جثى أمام الفراش ، ووضع كفيه الذي ارتجف على بطنها يحركها بهدوء واضعًا رأسه بالقرب يهمس لأطفاله كأنهم يستمعوا إليه 

-عاملين إيه حبايبي، شوفتوا مامي عملت ايه، لازم تتعاقب علشان بعدتكم عني ..قالها بعيون لامعة بطبقة كرستالية..نهض ممسكا ذاك الدفتر الذي بيديه وجلس يفتح وريقاته 


❈-❈-❈


بسم الله على قلبي المحطم، وبسم الله على ملهمي الذي مازالت رائحته تفوح بداخلي 


بعد السلام والتحيه عليكما 

وبعد أن تبخرت أشواقي لتلك الأحضان التي اشتهيها، واعتدت روحي 

التي تفوح بها رائحه الالم 

اجل علمت انها من مهلك روحي

أ فلا أحد غيره معذبي ومهلكي 


استيقظت ذات صباحًا بعد أن لافحت الشمس وجههي لتخبرني كيف لكِ أن تغفو عيناكي وخليلُ قلبك يبعد المسافاتِ،


فتحت عيناي التي انطفأ بريق العشق بها تبحث عنك بين الأركانِ، 


حبيبي الذي ضاقت بي الدنيا بعده 

كيف لي ان اصف لك أشواقي وعذابي

كيف لي ان اصف ذاك النبض الذي اختبأ بين اضلعي يؤلمني من فراقك 

أجل مهلكي انا الذي حفرت الألم بداخلي، انا الذي ضعت بين دموعي وآهاتي 


من ذا يبلّغك بأنّي مُتعبُة؟

‏والشوقُ في جنباتِ قلبي يلعبُ 


‏من ذا يُبلغك بكُلِّ بساطةٍ 

‏أنِّي بدون وجودك أتعذّبُ


‏جاسري وحنين أشواقي مني اليك روحي تتعذب، ألم يدلك قلبك أنني متلهفة لرؤياك

ألم يدلك قلبك عاشقي بل مهلكي أن روحي لقُربَك تتعطش


نعم في غيابك تقتلني اللهفه 

حتى تأتيني بالأحلامَ متلهفا

تداعب وجهى بمعطف الدفئ 


تملأ شوقي ببسمة ثغرك المترنم وبصوتك وهمسك اتنعم بقربك


فلقد أدمنتك وكفى وأحن إلى لقـائك كل صباح ومساء

وتبكي مقلتاي

إن حل الغروب

وما واللهِ دمعي بـاختياري

ولكن العيون لهـا نحيب

أكاد أجـن ممـا يعتـريني

فعيشي دون نبضك لا يطيب

ولي روح تكاد تذوب وجدا

ومن لـفراق عينك لا يذوب

فان تكون غائبـا عني زمانـا

فإنك عن خيالي لا تغيب 

أحبك ثم احبك مهلكي بل جاسري وحبيب عمري ومالقلبي إخياري سوى هواك المعذب 


أهلاً بداءٍ أنـتِ منه دوائـي!!!

قلب بتلك الصفحات التي تغزوها دموعها وبأنامل مرتعشة تحسس كلماتها التي سطرتها بدموع عيناها 


رفع نظره إليها 

وآآهة حارقة خرجت من قلب عاشق يتعذب بكلماتها، يكفي لكِ مهلكتي عذابي وعذابك، علينا تصحيح درب الحياة حتى لو رسمناها بآلام


داعب وجنتيها بأنامله وتحدث:

-ليه العذاب دا كله، ليه توجعيني وتوجعي نفسك ..هونت عليكي تبعدي كدا، لدرجادي مش واثقة في حبي 


دنى يهمس بجوار كرزيتها 

-وجعتيني أوي أوي فوق ماعقلك يصورلك، على أد عذابك اللي شوفته دلوقتي مايجيش نقطة في بحر من وجعي ياجنجونة، نفسي اعاقبك اوي بس قلبي مش متحمل اشوف وجعك، بس لازم ادوس عليه زي ماانتِ دوستي ووجعتيني أنتِ مش بس وجعتيني إنتِ دبحتيني 


بس ملحوقة يابنت عمي، اهلا بيكي في عشق جاسر الصامت ..استعدي مابقاش فارق معايا حاجة والفضل يرجع لك يامدام جنى ..حكمت واصدرت حكمك وانتظري مني العقوبة


مرر إبهامه على شفتيها  ، لعل وعسى أن يروي ويشبع روحه الغائبة، تملمت تهمس باسمه، أطبق على جفنيه مستمتعا بهمسها لأسمه، شعور الراحة امتلكه حتى أحس بتضخم قلبه واشتعال اوردته، فاعتدل جالسًا على مقعده منتظرًا على أحر من الجمر أن تفتح بنيتها ليضئ قدره بها ولها 


❈-❈-❈


رفرفت بأهدابها عدة مرات ، وآلام تنخر عظامها، اعتدلت تتراجع على فراشها وكأنه كان يرواد احلامها، حتى وضعت كفيها على شفتيها مبتسمة، هبت فزعة بعدما تذكرت وجوده منذ قليل، بحثت بعينها عنه وجدته جالسًا على المقعد ولا يظهر على وجهه أي تعبيرات ..همست بإسمه وهي تضع كفيها على أحشائها 

-"جاسر"

نهض يضع كفيه بجيب بنطاله ثم رفع نظره وتعلقت عيناه بعيناها 

-عشر دقايق تلمي حاجتك، وعشر دقايق تلبسي، ودقيقة نزولك السلم والاقيكي تحت يامدام جنى 


نظر بساعته يطالعها ثم هتف 

-على ماأظن أنتِ مهندسة وتعرفي تحسبي كويس مش كدا ولا إيه ..استدار متجهًا للخارج ولكنه توقف عندما استمع لكلماتها 

-أنا مش همشي معاك فأي مكان، وصل إليها بخطوة واحدة يرمقها بنظرات مبهمة

-بصي يابت انسي اللي قدامك دا جاسر اللي رمتيه وهربتي منه كأن ولا له لازمة، وقتك هيقل وهيبقى عشر دقايق بس وعايزك تتأخري وشوفي هعمل ايه 

دفعته قائلة 

-ابعد عني يابن عمي وعيش حياتك، رجوع مش هرجع معاك 


حاوطها بذراعه حتى أصبحت أسفله وجز على أسنانه 

-وحياتك انا بكلمك بصفتي ابن عمك، أما لو هكلمك بصفة تانية هكرهك في عيشتك، هنزل وعلى الله تتأخري ..أمال وهي تبتعد عندما شعرت بالضعف من قربه فجذب رأسها بقوة حتى اختلطت انفاسهما 

-بلاش افتكر اني الراجل اللي اتخان ومراته هربت منه ، قالها وهو يغرز عيناه بعينها .. فخليكي دلوقتي بنت عمي ، فاهمة ..ارتجفت شفتيها وقلبها يتلهف لقربه، تتمنى أن يخطفها لرحلة عذاب عشقه التي اشتاقتها، شعر بنظراتها الزائغة وصدرها الذي يعلو ويهبط..

همست بتقطع :

يعني ايه ياجاسر، يعني انا خونتك، زي ماخونتني، عايز تطلعني ست خاينة

غرز أصابعه بلحمها وتحولت عيناه للهيب من قعر جهنم

-إنت عايزاني أموتك يابت ولا إيه ..ارتفعت وتيرة أنفاسه وكأنها حولته إلى شيطان 

-خيانة ايه اللي تقصديها اه..قالها بصوت كالرعد، ولم يشعر بنفسه وهو يعاقبها أشد العقاب منقضا عليها كأسد مفترس 

يطبق على شفتيها بقوة آلمتها حتى تذوق دمائها، ورغم مايشير إليه عقله أنه يعاقبها ولكن اشتياقه الكامن بداخله الذي أظهرته فتنتها أمامه حتى ضعف واراد إلتهامها، تراجع بعدما اختنقت ، يطبق على جفنيه من تهوره وضعفه


❈-❈-❈


استدار وهتف متصنع الغضب

احمدي ربنا انك حامل، اتجه ببصره إليها، قولتيلي قبل كدا، انك كرهتيني

وانا دلوقتي مش شايفك غير انك بنت عمي وبس، أشار لها 

- اجهزي ..قالها وتحرك هاربا من نبضات قلبه التي أعلنت عصيانها

توقفت سريعا متجهة إليه: 


- وانا بقولك مهما تعمل مش هرجع معاك سمعتني، انا مش هرجع ، ومن يوم ماسبتك علاقتي بيك خلاص مبقتش موجودة، يعني اللي بينا صلة قرابة وبس، ويوم مااحب أرجع هتصل بعز 

امسكها يضغط على ذراعها بقوة آلامتها

-هبل وحنان مش هرحمك، سمعاني ولا أسمعك بطريقتي،احمدي ربنا اني واقف بتكلم معاكي بالعقل، انا بتعامل معاكي بانك بنت عمي اللي غفلت العيلة كلها ونزلت لمستوى متدني وهربت، ضغط بقوة على ذراعيها حتى انسابت عبراتها 

-خلت جوزها أضحوكة بين الناس، قال ايه غيرانة..دنى يهمس بجوار أذنها حتى لافحت أنفاسه جانب وجهها 

-بنت عمي اللي كنت مفكرها بريئة، طلعت مش متربية وجابت العار لأهلها،..تراجع ينظر لمقلتيها وابتسامة متهكمة لاحت على وجهه 

بتقولي مفيش بينا علاقة، و

-طلبتي الطلاق..حك ذقنه يهز رأسه

-عايزة تطلقي، اقترب خطواته وداعب خصلاتها يضعها خلف أذنها 

-حاضر هطلقك ، انتي عارفة جاسر مايقدرش على زعلك برضو، بس مش دلوقتي، يعني لما يكون ليا مزاج ..

تحرك وهو يهتف 

-الطيارة هتفوتنا ، اجهزي يامدام جنى ، متخلنيش اجي البسك بنفسي، والصراحة اتمنى ذلك ..توقف لدى الباب واستدار يرمقها قائلا

-جنى صهيب الألفي..قالها بإستخفاف وخرج ..استمع لطرقات على باب المنزل ..خرجت الخادمة 

-اهلا بحضرتك..توقف على باب المنزل متسائلا 

-جنى موجودة..قطبت جبينها متسائلة 

-حضرتك مستر جاسم المصري 

ابتسم ثم دفعها بهدوء متجهًا للداخل 

-اه قولي لمدام جنى ، جاسم عايز يقابلك قطع حديثه بعدما وجد جاسر أمامه..اقترب جاسر متسائلا 

-إنت مين؟!

ابتسم جاسم، يمد يديه 

-أنا جاسم المصري للمعمار ، مصري عايش في تركيا..انت بقى مين 

حك جاسر ذقنه ونظررات نارية تحرق من يقترب منها 

-تعرف جنى منين

اتجه ببصره إليها وأجابه وهو يقترب يجلس على الأريكة، يضع ساقًا فوق الاخرى

-مديرها في الشغل 

هز رأسه يكتم غضبه بداخله 

-مديرها اممم...تحدث مباغتًا بسؤاله

-إنت مين ؟!

-جوزها 


بعد عدة ساعات 


هبطت الطائرة إلى الأراضي المصرية، خرج من المطار وهي بجواره دون حديث..وصل لسيارته المصفوفة داخل الچراچ..ارتدى نظارته يشير إليها 

-منتظرة عزومة..نظرت حولها تبحث عن اخيها، فهتفت بتقطع 

-مش المفروض عز يستننانا ..رفع جانب وجهه بشبه إبتسامة ساخرة 

واستقل السيارة خلف المقود..تحركت متجهة إليه دون حديث وركبت تنظر إليه وهو يقوم بتشغيل المحرك 

-عايزة اروح لبابا، لو ناوي تاخدنا على البيت، عايزة اشوف بابا وماما ..تحرك بالسيارة وأجابها وهو ينظر بالخارج

-اللي عايزك يجيلك، إنما أنت كفاية سياحة في كل مكان ..

صاحت باسمه غاضبة

-جاسر..اتجه ببصره يطالعها بنظرة مطولة

-بلاش جاسر دي ، شكلها تقيل على لسانك، ممكن تقولي ابن عمي، ألطف بالنسبة للتعامل بعد كدا 

لم تتحمل المزيد من برود حديثه، فسحبت نفسًا ثم زفرته بهدوء 

-طيب يابن عمي عايزة اروح بيتنا، وزي ما حضرتك لسة قايل من شوية احنا تعاملنا ولاد عم 


أمال برأسه حتى كاد يلمس وجنتيه بخاصته هاتفًا

-وقت مايكون ليا مزاج يابنت عمي، متنسيش إنك حامل في ولاد ابن عمك ..تلألأت عيناها بطبقة كرستالية 

بلاش تعاملني بالطريقة دي علشان منتعبش مع بعض يابن عمي..نظر أمامه دون حديث حتى وصل إلى حي الألفي 

ترجل من السيارة، ثم استدار يفتح لها الباب 

-انزلي يامدام..العيلة الكريمة مستنين حضرة الهاربة من جوزها 


استدار على صوت أوس

-جاسر..حمدالله على السلامة..

ابتسامة ساخرة تجلت بملامحه 

-لأ.. دي تقولها للمحروسة بنت عمك

جذبها بعنف من كفيها..وتوقف أمام منزل والده، بخروج جواد ووصول صهيب بسيارته بجواره نهى

ترجلت نهى سريعًا متجهة إليهم بعدما وجدت ابنتها ..ارتفع صوت صهيب 

-لو اتحركتي من مكانك ..توقفت تطالعه بحزن يسكن بقلبها قبل عيناها فهمست

-بنتي ياصهيب ..ترجل من سيارته واتجه إلى زوجته ..خرج الجميع على صوت جاسر، حتى وصل حازم بجواره جواد ابنه..توقف مذهولا وهو يرى محاوطة جاسر لجنى

توقف يوزع نظراته بينهم 

-ايه مفيش ترحيب ببنت عمي الهربانة، رمق عز بنظرة وارتفع جانب وجهه بشبه إبتسامة

-ايه يازيزو ..اختك الهربانة وصلت، مفيش حمدالله على السلامة للهربانة هانم..ابتعد عز ببصره بعدما رفعت جنى نظرها إليه بعيونًا مترقرقة ..استدارت تطالع والدها بذهول عندما أردف

-وأنا بقولك ماليش بنات، بنتي ماتت

أطبقت على جفنيها فانهمرت عبراتها تغرق وجنتيها..بينما شهقت نهى متجهة إلى ابنتها، امسكها صهيب 

-روحي وورقة طلاقك معاكي 

صاعقة رعدية زلزلت كيانها فهمست بصوت متحشرج

-صهيب ايه اللي بتقوله دا 

استدار مبتعدًا..ثم تحرك متجهًا إلى أوس ..متجاهل جواد وجاسر 

-لو كنت جايبني هنا علشان كدا، انا ماليش حاجة هنا..قالها واتجه متحركًا لسيارته..توقف يرمق نهى 

-هتيجي معايا ولا لأ

طالعت جواد تستعطفه حتى ينقذها ولكن صمت جواد ولم يعري إهتمام لنظراتها ..كانت نظراته على ابنه، محاولا أن يصل إلى مايفكر به


أبعدت ذراع جاسر عن محاصرتها واتجهت لوالدها 

-بابا..أشار بيديه إليها بالتوقف

-أنا ماليش بنات..زي إنت مااعتبرتينا مش موجودين احنا كمان رمناكي

أشار إلى عز 

-ياله ولا هتفضل واقف تتفرج وتنذل بيها أكتر من كدا..مش كدا يابن جواد قالها وهو يطلق جاسر بنظرات غاضبة 


أمسكت جنى كف عز ووقفت تطالعه بجسد كل انش به يرتجف ويرتوي بدموع آلامها..فانفجرت باكية بعيون نادمة 

-عز..نزع يديه بقلبًا مرتجف وطالعها بنظرات معاتبة قائلا

-عز عمره ماقفل بابه في وشك، اتنازلت عن روحي علشانك، بس إنتِ عملتي ايه ..كسرتيني وكأن مالكيش أهل .. ودلوقتي روحي مكان ماكنتي 


دنت منه تريد ان تلقي نفسها بأحضانه

ولكنه تراجع يحدجها برفض قاطع ، ورغم لم يتفوه بها بلسانه إلا أن نظراته كانت ابلغ من أي حديث


تراجعت خطوة تهز رأسها مذهولة ..رفعت نظرها لوالدها الذي استقل سيارته، ينتظر والداتها 

لحظات وتحرك صهيب تاركًا ابنته الوحيدة في ظلام الألم والحزن، 


ظلت نظراتها على سيارة والدها حتى اختفت عن مرمى نظرها، وخلفها سيارة أخيها..انسابت دموعها بصمت تطبق على جفنيها حتى شعرت بتمزقها 


-خلصت مسرحيتك..خد مراتك وارجع على بيتك..قالها جواد مستديرا، ولكنه توقف عندما صاح جاسر

ايه انت كمان مش هترحب ببنت اخوك، وتقولها برافو عليكي كسرتي جوزك ياجنجون، ولا خايف ازعل 


تجمد جواد بوقوفه محاولا استيعاب قساوة ابنه فاستدار بعدما سحب نفسًا وطرده

-مش هرد عليك، عارف ليه، لان اللي واقف قدامي دا مش ابني

-أنا مكنتش جاي هنا، بس هي اللي أصرت، كانت عايزة عمها الحنين ياخدها بحضنه، وعلى فكرة ياحضرة


عايز اشكرك على قرارك، بس بالجملة عايز اعرفك حاجة علشان مترجعش تلومني 

-بنت اخوك من يوم ماهربت ، كسرت قلبي وحبي، ومبقاش عندي ثقة فيها، فهي مهما كانت بنت عمي، بس دا ميمنعش اني ارجع مراتي تاني لعصمتي ..وهي اللي حكمت بكدا، اتجه بأنظاره لجنى

-صح يابنت عمي.. دلوقتي اللي بيربطني بيكي ولادي اللي في بطنك وبس..ووقت مايتولدوا هحررك ، أما قبل كدا متحلميش انتي وعمك

بس طبعا هرجع مراتي بدل انتي اخترتي ..انا كمان هختار 

-كدا عداني العيب ياحضرة اللواء...


               الفصل العشرون من هنا 


تعليقات