رواية غفران هزمه العشق
الفصل السابع والعشرون 27
بقلم نورا عبدالعزيز
___ بعنــــوان " عنـــاد طفلـــة " _
تسللت "قُسم" إلى غرفة "غفران" بقلق يجتاحها خائفة أن يشعر بها، وصلت إلى فراشه لترمق وجهه النائم لثواني ثم أخذت الهاتف من فوق الكمودينو وفتحته بأصبع "غفران" وبدأت تتفحص المحادثة بينه وبين "عُمر" حتى وصلت للمحادثة القديمة بينه يوم أختطاف "نالا" و"كندا" لتجد العنوان والموقع الذي أرسلهم "عُمر" فنقلتهما إلى محادثتها ثم مسحتها حتى لا تترك دليل خلفها، هربت من الغرفة وظلت تحملق فى الرسالة كثيرًا، تُرسلها إلى "عفيفي" أم تذهب هي وكل ما يهمها فى هذا الوقت الطفلة التى تصارع الموت ولا ذنب لها فى هذه الحرب، لم تجبر "نالا" كندا" على الخاينة ولم تخبرها أن تتزوج بـ "غفران"، لم ترتكب أثمًا فى أحد حتى تعاقب بهذه القسوة، بدلت "قُسم" ملابسها وأخذت سيارتها لتغادر القصر فجرًا، أنطلق خلفها "سليم" بسيارته مُتعجبٍ لخروجها بهذا الوقت وأتصل رجال الأمن بالقصر بـ "فاتن" التى أستيقظت من نومها على صوت الهاتف تقول بتلعثم وصوت مبحوح:-
_ أيوة
_ مدام قُسم خرجت لوحدها
قالها الحارس لتنتفض "فاتن" من فراشها بصدمة ألجمتها وهى تنظر فى ساعة الهاتف وكانت الثالثة وربع الآن فترجلت من الفراش قائلة:-
_ وأزاى تسيبها تخرج لوحدها، أمال أنت واقف على البوابة ليه؟
أجابها الحارس بقلق من غضب "غفران" حين يعرف هاتفًا:-
_ سليم خرج وراها
_ ربنا يستر من أستهتاركم دا
قالتها وهى تضع الثوب على عباءتها بقلق وخرجت من الغرفة قاصدة غرفة نومه، دقت الباب بلطف قبل أن تدخل ثم دلفت إلى القصر، نظرت "غفران" وهو نائمًا فهزت كتفه بهدوء ثم قالت:-
_غفران بيه، غفران بيه أصحي
_ أيوة يا فاتن
أجابها بصوت مبحوح مُدركًا هويتها من صوتها لتقول بتلتعثم:-
_ مدام قُسم
فتح عينيه مع صوتها حين لفظت بأسم زوجته وقال:-
_ مالها؟!!
_ مدام قُسم خرجت من القصر
قالتها بهدوء ليعتدل فى جلسته بصدمة ونظر فى ساعة الحائط الموجودة على الكمودينو بجوار السرير، سأل بقلق شديد:-
_ خرجت أزاى يعنى؟
_ معرفش، الأمن أتصل قالوا أنها خرجت وسليم طلع وراها
قالتها بهدوء ليفرك عينيه بغيظ من تصرفها وأتصل على "سليم" ليقول:-
_ هى فين؟
كان جواب "سليم" عبارة عن رسالة تحمل بداخلها الموقع المباشرة فظل يحملق بالطريق وهو لا يعرف إلى أين تذهب زوجته فجرًا لكن سرعان ما فاق من نومه تمامًا حين ترجم عقله الطريق الذي تسلكه وأدرك أنها تتجه نحو منزل الصيد الذي يسجن به "كندا" فهلع من فراشه بغضب سافر وزوجته تقرر من نفسها وتتدخل فى أموره ليضع الهاتف من جديد على أذنه قائلًا:-
_ أمنعها يا سليم، إياك كندا وبنتها يطلعوا من البيت فاهم على موتك
أغلق الهاتف وذهب إلى غرفته يبدل ملابسه سريعًا ليذهب إلى زوجته العنيدة...
__________________________
وقع خبر موت "ملك" على أذني "أنس" بصدمة قاتلة ألجمته حتى أنها أسقطته أرضًا على ركبتيه فى مكتب مأمور السجن، لم يتحمل فراقها وكيف سيعيش بدون محبوبته الجميلة لطالما أحبها وسكنت قلبه الصغير حتى تجرأ على زواجها سرٍ ولم يُطلق دون أن يخشي عائلة الحديدي بأكملها وأستمد قوته وجراءته من حُبه لها، تساقطت دموعه بغزارة ويديه تضرب صدره من الوجع الذي حل عليه مع كلمات ضابط الشرطة، حدق الضابط به مُتعجبٍ فإذا كان هو القاتل وطعن زوجته بهذه الوحشية فكيف أنهار الآن أمامه هكذا، ظل يبكي بألم ووجع ولأول مرة يرى رجل يبكي بهذه الطريقة الذي غلب بها الطفل الرضيع الذي فارق أمه الآن، وقف بمساعدة العسكرى وقال بتلعثم شديد:-
_ ملك مماتتش، هى متعرفش تسيبني وتمشي؟ هتخاف تسيبني لوحدي وهى عارفة أني ماليش غيرها، لا ملك عايشة، أنا حاسس بيها هى عايشة و.......
فقد وعيه كليًا من هول الصدمة وقلبه لا يصدق ما سمع وعقله لا يستوعب هذا الفراق، نُقل إلى مستشفي السجن وضابط الشرطة مُتعجبًا لحالته فهذه الحالة ليست سوى حالة عاشق قطع وتين قلبه، خرج الطبيب له وقال:-
_ للأسف هيفضل معانا شوية لأنه دخل فى حالة أنهيار عصبي، واضح أن الصدمة شديدة عليه
نظر الضابط له بأستغراب أكثر وقال:-
_ لو كانت الصدمة عملت فيه كدة أزاى هو اللى حاول يقتلها؟
نظر الطبيب إلى الخلف حيث الغرفة يفكر فهذا السؤال الذي طرحه الضابط وقال بحيرة:-
_ حسب خبرتي كطبيب دا واحد ميقدرش يتحمل فراقها ولا أذيتها أزاى يقتلها، بالنسبة لعقلي هقولك مش هو أكيد يا وحيد بيه لكن بالنسبة لتحرياتكم والأدلة بتاعتكم ونظرتكم كضباط شرطة هو القاتل
تنهد "وحيد" بجدية صارمة لا يصدق سوى عينيه وإحساسه الذي أشفق على هذا الرجل، عقد ذراعيه أمام صدره بضيق وقال بتوتر:-
_ أنا ممكن أصدق مقولة يا ما فى السجن مظاليم لكن أكذب عيني والحالة اللى وصلها قصاد عيني بمجرد سماعه لخبر موتها، لا مستحيل أكذب دا
_ هتعمل أي يا وحيد بيه؟
قالها الطبيب بحيرة بعد أن رأى التوتر والتردد فى عيني هذا الرجل؛ ليُجيب عليه "وحيد" بنبرة خافتة بينما يفرك لحيته البنية بأنامله:-
_ الله المستعان، ربك مبيرضاش بالظلم، دا أسمه العادل وأكيد لو مظلم هينصره ... لما يفوق أبعتلي
أومأ إليه الطبيب بنعم ثم خرج "وحيد" من المستشفي وصعد بسيارته والتفكير سيقتله فأخرج هاتفه وبداخله صوت يصرخ بداخله بألا يقف مكتوف اليدين ويتجاهل ما رآه، أتصل بصديقه فى الشرطة وقال:-
_ أنت نايم يا عاصي؟
_ لا، لا يا وحيد بيه أمرني
قالها "عاصي" بينما أعتدل فى جلسته حين رأي أسم مرؤسه على الهاتف ويفرك عينيه بتعب، تحدث "وحيد" بجدية صارمة:-
_قضية أنس نسيب عائلة الحديدي
_ مالها؟
_ عايزك الصبح تبدأ تحرياتك وتحقيقك من جديد
قالها "وحيد" بنبرة حادة وكلماته الصادمة أفاقت "عاصي" من نومه تمام ليفتح عينيه على مصراعيها وظهر الأهتمام عليه من الحديث المفاجئ ليقول:-
_ نعم!! ، أعيد أي؟ القضية أتحولت للنيابة والنيابة حولتها للمحكمة أسبوع دا
أحتدت نبرة "وحيد" بقسوة وحزم يقول بحنق:-
_ سمعت يا حضرة الضابط ولا لا؟
_ تحت امرك يا فندم
قالها "عاصي" بغضب مجبورٍ على تنفيذ أوامر رئيسه، أغلق "وحيد" الهاتف وأنطلق بسيارته بأريحية خافتة ...
_________________________
حملت "كندا" طفلتها على ذراعيها وخرجت مع "قُسم" من هذا المكان لترى "سليم" أمام باب المنزل واقفًا لتقول "قُسم" بضيق:-
_ أي اللى جابك هنا؟
_ معنديش تعليمات أن حضرتك تخرجي لوحدك
قالها بهدوء وعينيه ترمق "قُسم" التى تأففت بضيق من كلماته وأخذت "كندا" إلى السيارة وفتحت لها باب السيارة لكنها صُدمت حين أقترب "سليم" وأغلق باب السيارة قبل أن تصعد "كندا" فنظرت إليه بذهول من تجرأه على تخطيها لكن قبل أن تتحدث هذه الفتاة العنيدة المتمردة تحدث هو قائلًا:-
_ معنديش تعليمات أنها تخرج من هنا
نظرت "كندا" إليه بصدمة وطفلتها على وشك الموت بين ذراعيها فقالت بترجي:-
_ أرجوك، أنا بس أوديها المستشفي ورجعني تاني مش هتكلم ولا هعارضك
أجابها بنبرة حادة قائلًا:-
_ أسف مينفعش
دفعته "قُسم" من طريقها بقوة وقالت بغيظ شديد:-
_ طيب هتخرج ولو تعرف توقفني أبقي وقفني
أدخلتها إلى السيارة تحت ناظره وهو لا يجرأ على الوقوف أمامها بسبب دلال "غفران" له، صعدت بمقعد السائق وأنطلقت بالسيارة وقبل أن يتابعها "سليم"، ظهرت سيارة "غفران" أمام سيارتها تمنعها من الحركة، حملقت "قُسم" فى عينيه قبل أن يترجل من السيارة بخوف يحتلها بعد أن جاء، أبتلعت لعابها بخوف حين فتح باب سيارته لينزل منها فقالت "كندا" بخوف منه:-
_ أرجوكِ ، متسبيش بنتي، خديها حتى للمستشفي وأحرموني أنى أشوفها عمرى كله لكن متسبهوش تموت هنا
وصل "غفران" إلى سيارتها ومسك مقبض الباب وعيني "قُسم" ترمقه بخوف شديد فمسكت "كندا" يدها من الجهة الأخرى بأستماتة وقالت:-
_ أرجوكِ متسبيش نالا، أفتكري هى كانت بتحبك قد أى؟
فتح باب السيارة بغضب سافر وعينيه يتطاير منها الغضب وبركان ناري بداخله يقتله من تصرف "قُسم"، تحدث بنبرة خافتة لكنها أرعبت قلبها الصغير حين قال بهدوء:-
_ أنزلي
لم تستجيب لكلمته فقال بصراخ يبوح بالقليل من غضبه الكامن بداخله:-
_ بقولك أنزلى
ترجلت من السيارة بعد أن أنتفض جسدها من صرخته، حملق بوجهه وهو يتنفس بصعوبة شديد وقال:-
_ خُدها يا سليم
أتجه "سليم" إلى الباب الأخرى وأخرج "كندا" التى تصرخ بقهرة وطفلتها بين ذراعيها فقالت "قُسم" بعناد:-
_ سيبني أوديها المستشفي
لم يجيب عليها، بل سحبها من ذراعها بالقوة إلى سيارته وقال بغضب:-
_ أركبي
لم تبلي طلبه وظلت كما هى تقف أمامه وتحدثت بلباقة عنيدة:-
_ هوديها المستشفي، خد كندا وأديني البنت
فتح باب السيارة بضيق شديد وقال:-
_ أركبي مش هقولها تاني
_ مش هركب ومش همشي من هنا غير لما اودي نالا المستــــ .....
قاطعها ضربه لمرآة السيارة الجانبية حتى كسرت لأشلاء تحت قدميها وقال بغضب أكبر:-
_ متعنديش معايا يا قُسم، وحسابك فى البيت
أنتفضت رعبًا من غضبه ويديه التى تنزف قطرات دماء بغزارة بينما عينيه يهب منها نار بركاني بلغ أقصي درجات غليانه فقالت:-
_ لا
أجبرها على ركوب السيارة بالقوة وأخذها معه إلى القصر وهى تكتم غيظها بداخلها وعادت "كندا" إلى المنزل مع "سليم" بعد أن فشلت محاولة "قُسم" فى تهريبها...
________________________________
وقف "عاصي" أمام "وحيد" الذي ينظر إلى أوراق التحقيق فهمس صديقه "خالد" الضابط الأقل رتبة:-
_ هو فى أي؟ إحنا ما بنصدق نقفل قضية يجي هو يفتحها؟
نكزه "عاصي" فى خصره بصمت وعينيه تحملق بـ "وحيد" رجل فى منتصف الثلاثينات بجسد عريض وشعر رأسه البني الغامق فُضوضي كأنه لا يملك الوقت ليصفف شعره الناعم الطويل بكثافته ولحيته الكثيفة يحكها كلما قرأ جملة فى الورق بعينيه الواسعتين العسليتين وملامح وجهه الجادة بغلاظتها كشخصيته تمامًا، تحدث "وحيد" بكلماته الهادئة دون أن يرفع نظره عن الورق:-
_ عشان كدة وقف محلك سر يا خالد، أهى حاجة وخلص المهم القضية تتقفل ونعدي... إحنا مالنا بقي برئ يتعدم ولا مجرم يطلق سراحه مش مهم المهم راح بال سعادتك
تنحنح "خالد" بنبرة هادئة مُحرجًا، ألقي "وحيد" الأوراق على المكتب وقال بنبرة غليظة:-
_ أنتوا لو شوية ضباط فى كلية الشرطة مش هتقفلوا قضية دليلكم الوحيد على جريمة القتل أنه الجيران شهدوا على خناقة دارت بين الزوجين يوم الجريمة
_ يا فندم
قالها "عاصي" ليتحدث "وحيد" مقاطعًا إياه بغضب:-
_ يافندم أى وزفت أى؟ أنت مبتتخانقش مع مراتك يا عاصي فى اليوم مرتين ولا حضرتك يا حضرة الضابط مبتتخانقش مع خطيبتك
_ أيوة بس مبهددش بالقتل
قالها "خالد" بضيق ليقول "وحيد" بجدية صارمة:-
_ حضرتك دا راجل متجوز أتنين وواحدة فيهم بنت عائلة الحديدي أكبر عائلة فى البلد والتانية بنت فقيرة وأتقتلت وأقولك المفاجأة بعد ما الخناقة حصلت خرج أنس والصبح سكان العمارة أكتشفوا أن مراته أتقتلت ، بعدها رحتوا تقبضوا عليه لاقته فى بيته عادي جدًا مهربش ولا حاولوا عائلة الحديدي يتصرفوا قبل أنتشار الخبر، لا وأقولك مفاجأة أكبر بعد مدة من التحقيقات المجني عليها توفاها الله ولما طلبتوا تأخدوا كلمتين مرة تانية من تيا الحديدي لاقيته برا البلد سافرت تغير جو بعد صدمتها من خبر جواز جوزها عليها ، دا المذكور فى التحقيق بالنص ..... بالله عليكم يا حضارات الضباط دا مقلقكوش وأنتوا بتكتبوا، المتهم أتقبض عليه فى بيته ومراته هربت برا البلد
اتسعت عيني "عاصي" على مصراعيها بصدمة ألجمته وقال بتلعثم:-
_ حضرتك عارف بترمي التهمة على مين؟
رفع "وحيد" حاجبه وهو لا يهأب شيء ثم قال بغلاظة:-
_ لو كان المتهم هو غفران الحديدي بشحمه ولحمه هرميه فى السجن ، ثم أنا برمي اللى فهمته من اللى قرأته، مهمتكم بقي تعيدوا التحقيق وتقطعه الشك باليقين وتركزوا فى تحرياتكم بقى عن تيا الزوجة الثانية لأن حسب تواريخ الزواج المذكورة ملك هى الزوجة الاولى، وتبلغوني أول بأول باللى توصلوله... أتفضلوا
خرج الأثنين من المكتب بصدمة قاتلة وهم لا يعرفون ماذا يفعلون مع رئيسهم الذي يتهم شخص لن يحدث خيرًا بتفكيره.....
______________________
[[ قصـــــــر الحــديـــدي ]]
ترجل "غفران" صباحًا من الأعلى مُرتدي بدلة باللون الزيتي وقميص أبيض مع رابطة عنق بلون البدلة ويده اليمني محاطة بالشاش الأبيض بعد جرح الأمس، وجد الخادمة أنتهت من تحضير السفرة فجلس على المقعد ووجد "فاتن" على وشك المغادرة ليقول:-
_ قُسم مصحيتش
_ صحيت بس رافضة الأكل
قالتها بهدوء ليترك السكين من يده من جديد قبل أن يأكل شيء وتنهد بهدوء بعد فعلتها أمس هى الغاضبة والمتمردة عليه، وقف من مكانه وقال بكبرياء ونبرة قوية:-
_ سيبها على راحتها
غادر القصر مُتجهًا إلى الشركة دون أن ينتبه إلى وجودها على الدرج من الأعلى وقد سمعت كلماته بوضوح مما أشعل الغضب بداخلها لتقول:-
_ والله لأوريك يا غفران
صعدت إلى حيث غرفته وهى فى أقصي درجات الغضب ليسمع الجميع من الأسفل صوت تكسير شيء، ركضت "فاتن" إلى الأعلى حيث الصوت وكان باب غرفته مفتوح وصُدمت حين رأت "قُسم" تكسر مزهريات الورد وكل صور المعلقة على الحائط، مسكت مزهرية بيضاء منقوشة باللون الأسود فهرعت "فاتن" نحوها وهى تقول بخوف:-
_ أرجوكِ بلاش دى، أنتِ متعرفيش ثمنها كام دى؟ دا يخرب بيتي فيها
تركتها "قُسم" بهدوء وهى تمرر يدها على شعرها وتلتقط أنفاسها بأريحية بعد أن أنفثت عن غضبها وأفرغته فى تكسير كل شيء بغرفته وهتفت:-
_ طيب خلاص ما دام غالية أوى كدة بلاش
أحتضنت "فاتن" المزهرية بأريحية وقد أنقذت من نار العناد المُشتعلة بداخل هذه الفتاة لكنها صُدمت عندما رأتها تحمل المقص فى يدها وتتجه إلى غرفة ملابسه فوضعت المزهرية على الاريكة وقالت بغيظ من تصرفاتها الطفولية:-
_ أنتوا بتتفرجوا عليا، نضفوا الأرض بسرعة
دلفت لتراها تمزق كل بدله وقمصانه البيضاء قد وضعتها فى إناء ملأ بالماء الملون وهكذا بقية القمصان وضعتها فى إناء ملأ بالكلور لتمزق كل شيء يخصه لتمتم "فاتن" بصدمة ألحقت بها قائلة:-
_ أنتِ علمتي كل دا امتى؟
_ من ساعة ما صحيت
قالتها "قُسم" بلا مبالاة وكأنها لم تفعل شيء ولم تحل الكارثة لتصرخ "فاتن" بذعر قائلة:-
_ أنتِ بتقولي أى؟ أنتِ متعرفيش غفران بيه، دا بيكره أن حد يلمس حاجاته لما يسألنى مين اللى عمل كل دا ؟ ااااه
وضعت يدها على رأسها من الصداع الذي أصابها مع الصدمة وكيف ستتحمل غضبه حينما يعلم، أقتربت خادمتان يمسكان بذراعي "فاتن" قبل أن تفقد الوعي من الضغط الذي أصابها ، هرعت "قُسم" للخارج وأخذت المزهرية بعناد أكبر وألقت بها من النافذة بحماس يقتلها لتُصدم عندما صرخ رجل احراسة من الأسفل فنظرت ورأت رأسه ينزف دماء بعد أن سقطت المزهرية على رأسه فأرتجفت خوفًا وقررت أن تهرب من القصر مُجددًا فصرخت "فاتن" بجنون أصابها:-
_ أمسكوها قبل ما تولع فى القصر بينا
ركض الخدم بأكمله خلفها بينما أتصل رئيس الأمن بهاتف "عُمر" ليخبر بما يحدث فى القصر بعد أن سقطت المزهرية على رأس أحد الحرس، سمع "عٌمر" ما حدث ليُدهش من طاقتها وأعطي الهاتف إلى "غفران" يقاطع أجتماعه قائلًا:-
_ تليفون من القصر
نظر "غفران" إلى "عُمر" وكان وجهه يحمل تعابير الدهشة فأخذ الهاتف وقال بينما يغادر طاولة الأجتماعات:-
_ نعم؟
حملق الرجل بوجه "قُسم" وقد مسكها الرجل وتقف أمامه بلا خوف تخرج لسانها تغيظه بطفولية فقال بهدوء:-
_ مدام قُسم
حرك "غفران" رأسه يمينًا بأستغراب وقال:-
_ مالها؟
لم يتوقع أبدًا أن يسمع عن طفولتها الشرسة ما بدأ يقوله رئيس الحرس هاتفًا:-
_ فتح رأس واحد من الرجالة ومسكت المقص وجرحت كل العربيات وكسرت مرايات عربيتين و...
سرقت "فاتن" الهاتف من يده بغيظ وهى لا تقوى على السيطرة عليها فقالت بعجز هى الأخرى:-
_ يا مسيو غفران خربت القصر كله وخصوصًا جناح حضرتك مبقاش فيه حتة سليمة و...
صمتت حينما سمعت صوت ضحكة خافتة منه، خرجت منه ضحكة رغم من صدمته وهو لا يتخيل ما فعلته وكيف ضربت حارس الأمن وجرحت رأسه وسياراته التى تبلغ ملايين، ولما كل هذا الغضب الكامن بداخله ولأجل ماذا تنتقم منه؟ كل هذا فقط لأنه أجبرها على ركوب السيارة معه، قال بتمتم:-
_ يا لها من طفلة
_ نعم!!
قالتها "فاتن" بدهشة وكيف يكن سعيدًا بعنادًا فقال بجدية وحزم:-
_ أديها التليفون
نظرت إليها والحرس يمسكان يديها ثم قالت:-
_ أتفضلي
_ مش هكلمه وخليهم يسيبوني أنا مش حرامي قبضين عليا
قالتها بعناد ونبرة شرسة فضحك "غفران" بينما أجابته "فاتن":-
_ زى ما حضرتك سمعت
_ أفتحي الميك
رمقتها "فاتن" بغيظ وضغطت على الزر كما طلب ليقول "غفران" بجدية:-
_ كسري زى ما تحبي وأحرقي قد ما تعوزي يا قُسم، فداكِ القصر كله لكن إياكِ تتأذي بسبب عنادكِ
أتسعت أعين الجميع على دلاله لها، تابع حديثه الموجه للجميع بنبرة خشنة والغيرة تأكل قلبه من لمسهم لها قائلًا:-
_ أبعدوا أيدكم عنها اللى هيلمسها هقطع أيده، دى مش حرامية بالعكس دى سيدتكم مرات غفران الحديدي وحبيبة قلبه
فور كلمته تركوها بخوف من تهديده وعادوا خطوة للخلف بعيدًا عنها، أغلقوا الهاتف لتعود إلى القصر بينما "فاتن" والخدم على وشك الأنفجار من أفعالها، صعدوا الخدم لتنظيف الفوضي التى أضرمتها فى القصر لتصرخ "قُسم" بهن بغضب وهى تشعر أنه من أنتصر عليها:-
_ إياك تلمسوا حاجة
تركوا كل شيء محله وبداخلها الغضب يقتلها ورغم كل ما فعلته لم تنجح فى أغضابه أو فقده لأعصابه، كانت تريد الأنتقام منه لكن نارها لم تحرق أحد سواها، ظلت تحملق فى كم الزجاج المنثور على الأرض بغلاظة وقالت:-
_ يا أنا يا أنت يا غفران
سارت بين الزجاج المكسورة حتى وصلت إلى صورته الموجودة على الأرض وجلست تحملق بيها وكلما نظرت إليه جن جنونها ...
وصل إلى القصر ليلًا، ترجل من سيارته مع "عُمر" أمام البوابة فرأي الحارس المُصاب وكانت رأسه ملفوفة بشاش طبي وكأن هو أول كارثة فعلتها يراها ليقول "غفران" بجدية:-
_ راضيه يا عُمر
ألتف لكي يغادر من أمام فأوقفه الرجل بنبرته الهادئة:-
_ أنا مش عايز فلوس يا غفران بيه ، يكفي أن مدام قُسم تعرف أزاى تعاملنا وأننا بشر
أستدار "غفران" له وكأنه فهم أن هذا الرجل يريد معاقبة زوجته فقال بحدة:-
_ بشر وعلى رأسنا ويكفي أنكم هنا لحمايتنا لكن فتاتي مش للعقاب
غادر من أمامه وخلفه "عُمر" الذي رن هاتفه برقم "سليم" فأنهي الحديث بكلمة واحدة:-
_ ماشي
نظر إلى "غفران" بينما يضع الهاتف فى جيبه ووصلوا إلى مرأب السيارات وكأنه يبحث عما فعلته زوجته الطفولية ليرى الزجاج أرضًا وقد خدشت سياراته بقوة فلمس الخدش بأغلي سيارة يملكها تجاوز سعر فوق الـ10 ملايين وقال:-
_ طفلة
_ نالا أتحجزت فى المستشفي ولازم تجرى العملية ومحتاج لأبوها عشان يتبرع وكندا أتنقلت من مكانها زى ما حضرتك أمرت
هز "غفران" رأسه بضيق من فعله لها فقد لأجل إرضاء زوجته ثم قال:-
_ بس لأجل قُسم
_ تحب أبلغها بطريقة غير مباشرة أن حضرتك وافقت على علاج نالا
قالها "عُمر" بنبرة خافتة حتى تخمد نيران غضبها وهو يرى الكوارث التى فعلتها لكن "غفران" مرر سبابته على الخدش والغريب أنه كان سعيدًا بتنفيث غضبها وقال:-
_ لا، متقولهاش حاجة خالص، خليني أكتشف جانب جديد فى حبيبتي وأقصي درجات غضبها
أومأ "عُمر" بنعم ثم وصلوا إلى القصر لتستقبلوا "فاتن" وقال:-
_ حمدالله على السلامة، أنا جهزت الجناح الغربي لحضرتك
ألتف إليها مُندهشًا من تغيير غرفته فقالت "فاتن" قبل أن يسأل:-
_ جناح حضرتك ميسمحش أبدًا أن حضرتك تدخله
دُهش من كلماتها ولم يسأل، بل ركض الدرج بحماس ليرى ماذا فعلت به؟، فتح باب الجناح ليجد الفوضي تعم المكان والزجاج بكل مكان، لم يتخيل أنها تفعل هذا الجنون؟، توقف عن التحملق عندما رأى فتاته نائمة أرضًا وسط الزجاج فأقرب وصوت تكسير الزجاج لجزيئات أكثر تحت حذاءه يطرب أذنيه، وصل إليها ليرى صورته فى يدها وهى نائمة مُرتدية فستان نومها القصير المصنوع من القطن وفوقه روب قطني أبيض اللون يصل لركبتيها وشعرها مسدول بفوضوية، قدميها متسخة من الأسفل وبيه بعض العشب الأخضر ليمسح قدميها بيديه بحنان مُدركًا أنها ركضت بالحديقة بهذه الملابس مما أشعل نيران الغيرة بداخله وكيف تخرج أمام الرجال بهذه الملابس وتذكر حديثها صباحًا عن القبض عليها فهل أمسكوها وهى بهذا الجمال مما جعله يكز على شفتيه بأسنانه من الغيظ، حملها بلطف من بركة الزجاج التى تنم بها ووقف بها لترتطم رأسها بكتفه وغطى وجهها شعرها الحرير، رفعها بأحكام قاصدًا تحريكها حتى يظهر وجهها الملاكي، خرج بها من الغرفة وكان الخدم أمام الغرفة ليقول:-
_ نضفوا الأوضة
دل بها إلى الغرفة المجاورة التى جهزتها "فاتن"، وضعها بالفراش برفق ففتحت عينيها ورأته أمامها لتعتدل فى جلستها بعيني شبه مغلقتين وتُتمتم بصوت مبحوح:-
_ أنت بتعمل أى فى أوضتي؟
نظر حوله ثم إلى صغيرته الجميلة وقال:-
_ يعنى مش أنتِ اللى فى أوضتي
نظرت حولها بعد أن فتحت عينيها جيدًا ووجدت نفسها بغرفة جديدة لتقول بعناد:-
_ لا، أنا كنت فى أوضتك التانية أنت اللى جبتني هنا، بس أحسن بتستاهل اللى أنا خربته
رفع يده إلى وجنتها يداعب خصلات شعرها وعينيه تتفحصها مُجيب عليها بنبرة خافتة:-
_ بستاهل
رمقته بعناد وقالت بنبرة شرية وقوية:-
_ أنت بتقول كدة لأنك متعرفش أنا عملت أى؟ فاتن قالتلي أن الفازة بتسوى مبلغ كبير أوى وأنا كسرتها عند فيكَ
أقترب منها برأسه ليشعر بأنفاسها الدافئة مع غضبها الجذاب بوجهها الطفولي، قال بهمس يضرب وجهها بدفء أنفاسه:-
_ فداكِ يا قُسم
أبتلعت لعابها من قُربه الشديد ويده التى تلمس وجنتها وتتسلل إلى عنقها الناعم ببرود أنامله الذي يضرب الكهرباء بعنقها الدافئة فتحدثت بنبرة هادئة وعينيها تحملق بعينيه:-
_ وكسرت عربيتك الطويلة
رفع عينيه بجمال عينيها الخضراء الخلاب وقال بهمس أكثر:-
_ تحت رجلك يا قُسم ، المهم تكوني أرتاحتي بعد كل دا
_ لسه متغاظة منك وحابة أضربك
قالتها بعناد أكثر فضحك بعفوية عليها وهذه الفتاة جريئة بدرجة لم يتخيلها لم تكتفي بجراءتها فى الكوارث التى تفعلها والآن تصبو لضربه ولم يجرأ أحد بالنظر إليه لكنها تطمح بالضرب، ضربت كتفه بقبضتها الصغيرة بقوة وهى تقول بغيظ:-
_ ضحكك دا اللى بجنني ، كأن كل اللى بعمله ولا فارق معاك ودائمًا أنت اللى منتصر وأنا مش عارفة أعصبك
تبسم " غفران" أكثر وقال:-
_ ليشهد التاريخ أنك الأولى اللى أجرتي وضربتي غفران الحديدي، لكن ضربي له عقاب
صمتت بدهشة وهو يتحدث عن معاقبتها لتقول :-
_ تعاقبني، طب جرب وأنا بحرق القصر على رأسك يا غفران لتكن فاكر....
أسكتها بقبلة ناعمة تخمد نيران قلبها المُحترق من الغضب والغيظ ويروض عقلها الطفولي المتمرد، أنتفض جسدها بقشعريرة العشق التى أصابتها بقبلته وشرارة الحُب تغتصـ ـب روحها التى ذابت كليًا بقُربه، تسللت يديه إلى خصرها يجذبها بقوة نحوه حتى ألتصقت به لترتطم يديها بصدره حتى شعرت بنبضات قلبه القوية لأجلها وتحولت قبلته إلى وجنتها وعنقها، حتى شعرت أنه يهزمها مرة أخرى بعشقه لتسمعه يقول بكلمات متقاطعة بين قبلاته الناعمة:-
_ أعملى اللى أنتِ عايزة وقد ما تحبي بس أرجعي لحضني فى الأخرى
تبسمت من ها الأعتراف وهو يقدم لها طريق أنتقامها الجديدة على طبق من فضة دون وعي فهمست بتلعثم وهى تلهث بقوة من أنفاسها التى كادت تنقطع من قوة ألتهامه إليها:-
_ أنتقامي الجاية هيكون طلبي للطلاق
توقف عن تقيبلها بصدمة ألجمته وأبعد قليلًا ينظر بعينيها لتبتسم بأنتصار وشعرت بيده تترك أثر خصرها وقال بجدية:-
_ إياكِ تفكري تلفظي الكلمة دى مرة تاني فاهمة يا قُسم
_ طلقني
قالتها بعنادٍ وتحدٍ أكثر وكأنها وجدت الطريقة الأمثل حتى تضغط عليه وتجبره على الإفراج عن "كندا" وطفلتها فوقف من مكانه وعينيه يتطاير منها الشر ثم قال:-
_ إياكِ يا قُسم وإلا.....
يُتبــــــــــــــــــع .......