الفصل الواحد والثلاثون 31
بقلم نورا عبدالعزيز
___ بعنــــوان " لأجل البقاء " ___
خرج الجميع من الغرفة وكان كلا منهم فى شروده التام، "قُسم" فى حالة من الذعر على حبيبها ولا تتوقع أنه يمكنه لا يمكنه رؤيتها والظلام الذي يعيش به، أم والدته فى كانت فى حالة من الغضب أكثر من الحزن فكيف كان يخفي عنها مرضه كل هذه الفترة الطويلة وكأنها عدوة له ستقدم على أذيته بهذا الخبر وأخيرًا كان "عُمر" الذي لا يعرف كيف سيواجه رئيسه بعد أن فضح أمره وهذا الأمر وحده سيكلفه حياته، مسكته "نورهان" من لياقته بقوة تيقظه من شروده وقالت بنبرة غليظة حادة:-
_ حسابك معايا بعدين يا عُمر، عشان تخفي عني مرض أبني بالطريقة دى طول الفترة دى
_ أنا كنت بعمل شغلي يا دكتورة
قالها وهو يبعد يديها عنه بالقوة فرفعت سبابتها فى وجهه بقوة صارمة وقالت:-
_ أطمن على غفران وبعدها أحتمل أقطع رأسك
غادرت من أمامه إلى حيث غرفة ابنها، نظر "عُمر" إلى "قُسم" التى جلست على أقرب مقعد فقدميها لم تعد تقوى على حملها بعد هذا الخبر الذي وقع على قلبها وعقلها فى آنٍ واحدٍ، جلس قربها فى هدوء ليسمعها تُتمتم بحزن وعيني باكية:-
_ يعنى غفران عمره ما شافني!! أنا مش مصدقة ولا مستوعبة حاجة زى دى
تنهد "عُمر" بهدوء ثم قال بنبرة خافتة:-
_ معرفش هتصدقي ولا لا بس غفران بيه كان شايفاك بوضوح ودا اللى خلي حالته معجزة أو مستحيل تتصدق، مكناش عارفين أزاى قادر يشوفك ويميزك من بين الكل
رفعت نظرها إليه بذهول حاد فهل مرضه يتلاشي معها فقط، سألت بفضول أكثر عن حالة زوجها وما يعيش به:-
_ أزاى وهل يعقل دا؟ فى حد أعمي يشوف حد وحد لا
_ صدقيني أنا والدكاترة أحترنا جدًا فى حالته، لما دخلت عليه الأوضة فى الفندق أول مرة شافاك فيها وصفك ليا بأدق التفاصيل كأنه شايفاك قصاده بجد ودا اللى صدمني لما رجعت كاميرات المراقبة وكُنتِ فيها فعلًا نفس العيون الخضراء والنمش ورموشك الطويلة وحواجبك الرفيعة وخدودك، وصفك ليا بأدق تفاصيلك ودا اللى خلاه زى المجنون وأمر بقطع رؤوسنا لو مجبناكيش من تحت الأرض
عادت بذاكرتها إلى تلك الليلة البعيدة التى دلفت فيها إلى غرفته خطأٍ، خطأ لكنه غير مجرى حياتها كاملة، تبسمت "قُسم" بعفوية وعقلها يتدخل إلى الغرفة لترتشف القليل من العصير الموجود بجواره ثم خلعت حذاءها وتسللت بفراشها، وعقلها الصغير بدأ يدور أكثر لكن دفئه جعلها تتشبث به، تمتم "غفران" بصوت خافت:-
_ كندا حبيبة قلبي
_ قُسم، أسمي قُسم
قالتها بخمول شديدورأسها تستكين على صدره فحملق بوجهها مع إضاءة الغرفة الخافتة ليسأل بفضول:-
_ شكلك عامل أزاى
رفعت رأسها عن صدره قليلًا لترمق وجهه الحاد بجذابيته القوية وقالت:-
_ بنت جميلة عيوني خضراء زى العشب الجميل
رفع يده إلى وجهها يلمس وجنتها بأنامله الدافئة وكلاهما تحت تأثير المخدر الموجود بالعصير، تبسمت بثمالة وبسمتها تشرق كأشعة الشمس مُتابعة وصف وجهها:-
_خدودي بنمش بني ناعم زى الحرير وبيضة زى اللبن الصافي
كأن يشعر بكل كلمة تقوله مع إحساس يده التى وصلت إلى عينيها فقالت:-
_ رموشي طويلة وثقيلة تخلي عيوني تسحر أكثر وأكثر
سألها بعقل غائب عن الوعي ويديه تلمس فكها يداعبه بقوة حتى وصل إلى شفتيها الصغيرتين ليسرق منها قبلة دافئة تُسحر قلوبهما لكن سرعان ما غاصت فى نومها على صدره تقاطع قبلته الناعمة ...
ضحكت "قُسم" وسط بكاءها الشديد بعد أن تذكرت ما حدث فأخبرت "عُمر" بضعف شديد يمزق قلبها لأشلاء مثنورة على صدرها المحترق من الألم:-
_ مكنش شايفني يا عُمر، غفران عمره ما شافني.. أنا اللى وصفتني له، وصفتني بأدق تفاصيلي ومكنتش أعرف أني بوصفني لعيوني المريضة وعقله صدق دا
أتسعت عيني "عُمر" على مصراعيها بصدمة قاتلة حلت به وقد أستوعب عقله الآن ما حدث وحيرة طبيبه "روبرت" فى حالته، ليقول:-
_ معقول
_ المريض بيتعلق بقشاية وأنا كنت القشاية اللى كذب كذبتها وصدقها
قالتها بأنهيار تام ووقفت لتسير نحوه غرفته وهى تتذكر تلك القبلة التى سرقها منها لأول مرة وكيف سكنت بين ذراعيه بأمان فى ليلتها الأولى معه والآن تجننه من الشوق إليها...
_________________________
"فى اليوم السابق"
دخلت الممرضة إلى غرفة "أنس" تحمل معها الحقنة لتُصدم عندما رأته مُعلق فى حديد النافذة مشنوقًا لتصرخ بهلع شديد بعد أن سقطت أرضًا من هول الصدمة ليدخل العساكر المسئولين عن مراقبته على صوت صراخها فصُدموا من المشهد الذي أمامه وأتصله على "خالد" يبلغوا بما حدث فى المستشفي..
كان "يحيي" على وشك الجنون وكيف قُتل "أنس" نفسه ليقول الطبيب بهدوء:-
_ حالة الإكتئاب اللى وصلها أنس الفترة الأخيرة كفيلة أنها توصله للأنتحار ودا اللى حذرت العساكر منه وأنه ميغيبش عن نظرهم لكن مسمعوش مني
تأفف "يحيي" بضيق شديد من موت "أنس" بعد وفأة سيغلق التحقيق الذي فتحه من جديد ولن يثبت شيء مما حدث ماضيٍا
_________________________
[[ أستـــراليـــــــــــــــــــا ]]
فى محل للورود جميل رائحته الذكية تملأ المكان مع الموسيقي الإيطاليا الهادئة كانت "تيا" تتجول بين الورود ببطنها المُنتفخة من الحمل تتحدث فى الهاتف مع والدتها "نورهان" وقالت:-
_ يعنى مات!!
أومأت "نورهان" بنعم إليها لتتوقف "تيا" محلها بحزن يخترق قلبها على موت "أنس" ممزوج ألمها بالخذلان فهل وصل لشيء بخيانتها سوى الهلاك؟ تحدثت بحزن وصوت مبحوح واضح فى نبرتها الخاتفة:-
_ مأخدتش حاجة من خيانته ليا غير الهلاك يا أمي، طمعه موصلهوش لحاجة غير الموت، طمع فى الحُب منها حب عمره ومكتفاش بالحُب.. لا، طمعه صورله أنه لازم يتجوزني عشان المال والمكانة والسلطة ودى بنت عائلة الحديدي أكبر عائلة فى البلد، مفكرش أنه يختار بين الحُب أو المال مكنش قنوع ورضي بحاجة واحدة تسعده وتخلى حياته جنة، وهمني بحبه وكسر قلبي ودمرلي حياتي بخيانته ووصل لأي فى الأخر، خد أى فى النهاية ؟ حصد أى من كل دا؟ ياريت البني أدم يرضي باللى عنده
تحدثت "نورهان" بنبرة هادئة قائلة:-
_ أكيد يا تيا، أكيد لو كان رضي بيها مكنش عاش فى قصر ولا كان هيغير عربية كل شهرين ثلاثة ولا كان هيعرف يعيشها فى الشيخ زايد ولا يجيبلها الألماظ، هو بس حب يأمن حياته
ذرفت الدموع من عينيها وجعٍ وقالت بقهرة وبحة فى حنجرتها:-
_ مؤذي فى حياته ومؤذي فى مماته، أتحرم من ابنه اللى فى بطنها واتحرم من ابنه اللى فى بطني، وخلاني كاره البلد اللى عاش فيها، الله يسامحه بجد الله يسامحه على كل حاجة وكل مرة كان بيأذيني ويخوني فيها
تنهدت "نورهان" بلطف شديد ثم قالت ببسمة خافتة:-
_ مش مهم دلوقت، طمنيني عنك؟ أخبارك أى والحمل أخباره أي؟
_ الحمد لله يا ماما، كنت عند الدكتورة من يومين وطمنتني جدًا ، طمنيني أنتِ عنكم؟ أخباركم أى؟ وغفران وقسم عاملين أى؟
قالتها "تيا" بعد أن جلست على المقعد فتنحنحت برفق وهى تخفي عنها مرض أخاها فقالت:-
_ الحمد لله وقُسم حامل
تحدثت بفرحة تغمرها وبسمة تنير وجهها الجميلة:-
_ بجد، الله فرحتيني أوى، أنا هبقي أتصل بيهم عشان أباركلهم بنفسي
قاطعها دخول رجل فى الثلاثينات من عمره لتغلق الخط مع والدتها وأقتربت منه ليقول:-
_ عايز بوكيه ورد
دُهشت من لهجته العربية وقالت:-
_ حضرتك بتتكلم عربي، تحب الورد أى؟
نظر إليها وهو يرفع نظارته الشمسية عن عينيه البنية يرمقها بنظرة دافئة وسأل:-
_ أنتِ بتحبي أى؟
_ أكيد زهرة التوليب
تبسم بخفة عليها وقال:-
_ يبقي خليه التوليب
تنحنحت "تيا" بلطف وأستدارت لتأمر العاملة بأن تصنع له ما يريد وعادت إلى مكتبها بتوتر من هذا الرجل وظلت ترمقه من خلف الزجاج تتفحصه فكان طويل القامة يرتدي بدلة زرقاء وفوقه بالطو طويل يصل لركبتيه باللون الأسود، شعره الأسود مُصفف للأعلى وهكذا لحيته السوداء الكثيفة، لا تُصدق وسامته لكنها تحاشت النظر إليه غارقة فى أحزانها بموت "أنس" حتى دلفت العاملة تحمل الباقة فسألتها "تيا" بأستغراب شديد باللهجة الأنجليزية قائلة:-
_ أي دا
لتُجيب العاملة بلهجتها الأنجليزية هاتفة:-
_ طلب منى أقدمه لحضرتك
نظرت "تيا" إلى الخارج ولم تجد هذا الرجل فنظرت إلى الباقة وكان بها بطاقة ورقية لتقرأ ما بها
( لم أجد شيء يليق بكِ كالورود فلا يليق بكِ البكاء، من معجب ولهان)
ضحكت "تيا" على هذا الرجل الغامض الذي قدم لها باقة زهور لأنها تبكي ووضعت الباقة فى مزهرية زجاجية على مكتبها....
___________________________
[[ المستشفي ]]
كانت "قُسم" تحتضن يده اليسري فى يدها وتتمني أن يستعيد "غفران" وعيه حتى وأن كان لم يراها وقلبها يحتله الحزن مما يعيشه وكيف وهم نفسه بأنه يراها، كيف تحمل رؤيتها لسنة كاملة بهذا الوهم، قلبها يتمزق وجعًا وعقلها يصرخ من الجنون، عينيها لا تكفي عن البكاء فى غيابه حتى فتح باب الغرفة ودلف "عُمر" فجففت دموعها سريعًا وخرجت له، قدم لها "روبرت" طبيبه الذي جاء من فرنسا لفحصه ثم تحدث بهدوء:-
_ كنت عايز أخد رأي حضرتك فى حاجة كدة؟
نظرت "قُسم" إليه بدهشة وقالت:-
_ أولًا نالا عملت العملية ونجحت وحسب أوامر غفران بيه فى حالة مرضه أو حصله حاجة مقدرش أخد تعليمات من حد غيرك
لم تفهم شيء سوى أن "غفران" ترك لها كل المسئوليات والأحمال على أكتافها فى غيابه فتابع "عُمر" بلطف:-
_ أعمل معها أى خصوصًا أن كندا وعفيفي مع السلامة؟
هزت كتفيها للأعلي بحيرة شديد ولم تفهم سؤاله فقالت:-
_ معرفش، ممكن تبعتها على القصر لحد ما أطمن على غفران
أومأ إليها بنعم ثم قال بحزم شديد:-
_ شيء تاني ، عفيفي أشتري أسهم من شركة غفران بيه لتهديده وبكرة أجتماع مهم جدًا بخصوص الأسهم دى مع داغر والد عفيفي وناوي على شر للى حصل لأبنه وبحسب القانون حضرتك لازم تحضري
أتسعت عينيها بذهول من حديثه وقالت بعبوس:-
_ أنا معرفش حاجة فى شغلكم وهبهدل الدُنيا لو روحت ؟
_ غفران بيه يوم كتب كتابكم عين حضرتك نائب رئيس مجلس الإدارة للشركة ومش بس كدة كتب 35% من أسهمه بأسمك يعنى حضرتك دلوقت نائب رئيس مجلس الإدارة وأكبر مساهم فى المجموعة بعد غفران بيه والوحيدة اللى يحق لك قيادة المجموعة فى غيابه
أتسعت عينيها على مصراعيها من هول الصدمة التى لحقت بها وكيف وضعها "غفران" فى هذا المأزق وحدها؟، كيف ستجازف فى المخاطرة بشركته وهى لا تعرف شيء عن عملهم، بل أنها مجرد مُعلمة أطفال؟، لاحظ "عُمر" حيرتها وعجزها فقال بهدوء:-
_ أنا هعرف حضرتك بالخطة اللى مقررها غفران بيه وهتعمليها والموضوع هيعدي عادي، متقلقيش وبلاش توتر
نظرت خلفها على غرفة "غفران" فى صمت حائرة فى هذه المسئولية الكبيرة التى تركها على عاتقها...
جلست "نورهان" فى المكتب مع "روبرت" يخبرها عن حالة ابنها لتُصدم أنه يعاني من هذا المرض من سنوات طويلة وبسببها لتدمع عينيها قهرًا فلم يؤذي ابنها أحد غيرها، تحدثت بنبرة خافتة:-
_ اتصرف يا دكتور، غفران لازم يشوف حتى لو أضطرت أنك تشتري له عيون فاهم
تبسم الطبيب بخفة على كلمتها وقال بهدوء:-
_ مُتأسف لكن حتى العيون الجديدة مش هتفيده بحاجة، عمى الوجوه مرض ملهوش علاج فى العالم كله
تركها وغادر المكان فنظرت "نورهان" إلى "عُمر" بحزن شديد ليسألها بجدية:-
_ هتقتلي مين ولا هتشتري العلاج أزاى؟
رفعت حاجبها إليه بتعجب من سؤاله فقال بمكر شديد:-
_ أوعي تكون فاكرة أن غفران بيه مش عارف جرائمك، طول الوقت وهو مُدرك كويس أوى أن اللى هو فيه من أفعالك وأن ربنا أختار يعاقبك فيه هو، هترشي مين المرة دى ولا هتهددي مين بالموت عشان تشفي أبنك؟
أبتلعت لعابها فى صمت وعينيها تحديق به بغيظ قاتل فى هدوءها ولسانها يأبي النطق بكلمة واحدة أمامه وهو يواجهها بالحقيقة ليتابع الحديث بجحود:-
_ وصلتي لأي بسيطرتك وشرك، خسرتي ولادك الأُثنين واحدة هربانة برا البلد عايشة وحيدة وتعيسة والتاني أعمي بفضل أمه ومبيكرهش فى حياته قدك ... كسبتي أى ؟ عاد عليكِ كل دا بأي؟ سوى ملك وأنس ولا كندا ولا عفيفي وغيرهم كتير .... حصدتي أي فى كل دا؟
وقفت من مكانها غاضبة وتضرب المكتب بيدها بحزم شديد ثم قالت بصراخ:-
_ عُمر!! حافظ على كلامك معايا وألا
أقترب خطوة منها بلا خوف ولم يبقي بينهما سوى خطوة واحدة تفصل بينهما وقال بتحدٍ:-
_ وألا أي؟ هتأمرى بقتلي أنا كمان... أنا لو مكانك أقضي الباقي من عمرى على سجادة الصلاة بدعي أن يكملها عليا بالستر ويغفرلي
كزت على أسنانها بقوة حتى أنه سمع صرير أسنانها القوي وغادر المكتب .....
_______________________
[[ شركة الحديدي للسيارات]]
تنفست "قُسم" الصعداء بتوتر شديد فهمس "عُمر" فى أذنها بلطف يطمئنها:-
_ أتنفسي براحة ومتقلقيش لأني معاكِ
أومأت إليه بنعم حتى توقف المصعد أمام الطابق المخصص للأجتماعات فترجلت من المصعد لتجد "سليم" يقف ينتظرها أمام باب المصعد فتبسمت وهى تستقيم بظهرها بثقة رغم قلبها المُرتجف من القلق، تقدمت للأمام ببدلتها النسائية البيضاء عبارة عن تنورة طويلة تصل لأسفل ركبتيها وقميص نسائي أحمر اللون فوقه سترة طويلة تصل لأعلى الركبة بقلق مُغلقة بأزرار من الألماظ وشعرها الكستنائي مُصفف على ظهرها والجانب الأيمن وعنقها به عقد من الألماظ على شكل ثُعبان، وصوت حذاءها الأحمر ذو الكعب العالي يطرق أذان الموظفين والجميع يتحدث عن جمال هذه السيدة وفى خطواتها للأمام كانت تلاحظ الشارات التى يضعها كل موظف فوق قميصه بتعريف أسمه ووظيفته لتدرك كم كان يعاني زوجها من مرضه وهو لا يمكنه التعرف على الأشخاص سوى بهذه الشارة فتنهدت بهدوء وفتح الأمن باب الغرفة ودلفت بوقار إلى الغرفة لترى "داغر" والد "عفيفي" يجلس على الحافة الأخرى للطاولة يرمقها بنظرات حادة فتبسمت بلطف ثم جلست على مقعد زوجها ليبدأ الاجتماع ...
__________________________
[[ المستشـــــفي ]]
فتح "غفران" عينيه بتعب شديد من غيبوبته القصيرة التى دامت لثلاثة أيام، كانت الغرفة هادئة ولم يجد زوجته بجواره أو "عُمر" فقط، حارسه الشخصي الذي يجلس على الأريكة يلعب فى هاتفه فأعتدل وهو يجلس على الفراش ليسرع الحارس نحوه قائلًا:-
_ غفران بيه ألف حمدالله على سلامتك
مسح وجهه وعينيه تحملق بهذه الشارة حتى يتأكد من هوية حارسه فقال بضيق:-
_ أنا بقالي قد أي هنا؟
_ 3 أيام
قالها الحارس فى هدوء مما أقلق "غفران" فطلب الطبيب الذي أخبره عن تضخم الورم برأسه ويجب استئصاله ضروريًا فسأل بقلق:-
_ لازم!!
_ للأسف لازم لكن
رفع "غفران" رأسه إلى الطبيب فتابع حديثه بنبرة هادئة أكثر:-
_ العملية خطيرة جدًا مع مرض حضرتك وممكن تسبب عمي تام، وحتى لو رفضت برضو الورم لو تضخم أكثر من كدة هيأثر على الشبكية وهسبب عمي بخلاف أنه ممكن يأثر على الجهاز العصبي والمخ
أتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة ألجمته وقال بفزع:-
_ مرضي!! حد عرف به؟
_ كلهم
قالها الطبيب ببرود وهو لا يعري أهتمام لمن عرف بقدر حالته الصحية فأغمض "غفران" عينيه بضيق شديد من كشف سره الآن وهذه كانت كارثته الوحيدة الآن وليس مرضه أو الورم الذي برأسه وخطورته، أشار إليه بأن يغادر ونظر إلى الحارس وهو يقف يبدل ملابسه، سأل بحدة:-
_ قُسم فين؟
قدم له الحارس جهاز التابلت وقال:-
_ فى الشركة مع عُمر
نظر إلى كاميرات المراقبة الموجودة بغرفة الاجتماعات وكانت فتاته تترأس المكان وتقود الأجتماع ليغلق أزرار قميصه ويغادر المستشفي مع حارسه مُتجهًا إلى الشركة وعينيه لا تفارق الشاشة ليسمع "داغر" يقول:-
_ أنا بملك أسهم عفيفي ابني اللى هى أكبر منك لأنك لا تملكي سوى جزء من أسهم غفران
تبسمت "قُسم" بمكر شديد ثم قالت:-
_حضرتك معاك شهادة وفأة ابنك؟
نظر إليها بتعجب فقالت بمكر:-
_ على حد علمي أن الشرطة مسلمتكش جثته وأخر اللى أتعرف أنه أتنقل إلى المستشفي يعنى فى سجلت القانون هو حي يُرزق ودا معناه إنك مالكش أى حق فى الورث اللى بتتكلم عنه ولحد ما يظهر عفيفي أو تظهر جثته وتم أوراق الورث حضرتك ممنوع من دخول الشركة نهائيًا ولا بأى صفة
نظرت إلى الرجال ليتحركوا تجاه "داغر" يطردوا من الشركة بأمر منها لتستغل "قُسم" الموقف ووقفت من مكانها لتذهب خلفه وهى تتذكر حديث "عُمر" عن تهديد "عفيفي" لزوجها بهذه الأسهم لإنقاذها فقالت بهدوء:-
_ داغر بيه
ألتف لكي ينظر إليها فأقتربت منه أكثر وهمست فى أذنيه قائلة:-
_ لو عايز تعرف مكان ابنك الغالي تروح مع المحامي تتنازل عن الأسهم لـغفران وتسجل فى الشهر العقاري
أبتعدت عنه لتراه مصدومًا ويفتح عينيه على مصراعيها وهكذا فمه وكيف لهذه الفتاة البريئة أن تهدده مُباشرةً بلا خوف هكذا فقال بتلعثم شديد:-
_ أنتِ بتكلمي جد
_ أكيد
قالتها ببسمة مُخيفة ظهرت على وجهها مما جعله يتسائل بذهول:-
_ مش خايفة، أنتِ المفروض تخافي بعد دخول غفران المستشفي
صرخت بوجهه بثقة وغرور يحتلها قائلة:-
_ متهددنيش لأني مش ضعيفة عشان أخاف ولا جبان وأفتكر أن اللى واقفة قصادك هى مرات غفران الحديدي وإذا اتجرأت وهددتني مرة تاني متلومش ألا نفسك
تركته ومرت من أمامه غاضبة بينما تبسم "عُمر" على جراءتها وشجاعتها فى تهديده كأنها ورثت الثقة والغرور من زوجها العنيد، فتح باب المصعد لترى "غفران" أمامها فأتسعت عينيها على مصراعيها بذهول وفرحة لرؤيته أمامها يقف على قدميه فركضت نحوه تعانقه بلهفة وأشتياق فتبسم بينما يديه تطوقها بأحكام ليُغلق المصعد أبوابه بعد أن منع "عُمر" سليم" بالصعود، أبتعدت عنه بأشتياق وهى تلمس وجنته الناعم بأناملها وقالت:-
_ يا روح قلبي.. خوفتني عليك
قاطعها بقبلته الناعم التى ألتهمت شفتيها بقوة لتبادله نار الشوق بمشاعرها وقلبها يخفق بجنون إليه يخمد نيران شغفه وهى بين ذراعيها تتحسس صدره بأناملها وراحة يدها الصغيرة وهو كاد أن يعتصرها بين يديه من العشق وكأنه فارقها للسنوات طويلة، أبتعدت عنه كي تلتقط أنفاسها التى كادت أن تنقطع من قوة قبلته وحدقت بعينيه الرمادية الجميلة وقالت:-
_ غفران
_ بحبك
قالها بنبرة دافئة تُثر ما تبقي من صمودها أمامها حتى أذاب قلبها العاشق كاملًا بنعومته، تجولت عينيها بين عينيه بحُب وأنفها تستنشق عبيره بهيام، مرر يده على وجنتها الناعم لتُجيب على كلمته بهمس:-
_ وأنا بحبك يا غفران
لم يتمالك أعصابه وجنون قلبه بها أكثر ليدفعها على الحائط بقوة يسرق قبلاته منها بشغف لتتألم "قُسم" من دفعه بعد أن أرتطام العمود الحديدي بظهرها من الأسفل فنتج وجعًا أكبر ببطنها، أبتعد عنها وهى تتألم وتأني بخفة مُتشبثة به فسأل بقلق:-
_ أنتِ كويسة؟
هزت رأسها بنعم رغم ألمها لينحني بلطف وحملها على ذراعيه فتمتمت بخفوت:-
_ نزلني يا غفران الناس هتتفرج علينا
لم يبالي لها حتى فتح المصعد أبوابه وخرج بها تحت أنظار مؤظفينه الذين تهامسون بالكثير من رؤيتهم لهذا المشهد الرومانسي، وضعها بسيارته وصعد بجوارها ثم تمدد على الأريكة ورأسه على قدميها فضحكت على تصرفاته الغريبة وقالت:-
_ أي الشقاوة دى كلها ؟
أغمض عينيه بهدوء مُمسكٍ بيدها الصغيرة بين يديه وقال:-
_ من الأحسن أنكِ تسكتي خالص لأني مانع نفسي عنك بالعافية
نظرت إلى السائق بخجل شديد ونفذت ما قاله خوفًا من تهوره وكيف فقد زوجها وقاره وهيبته وأصبح طائشًا كالمراهقين هكذا؟!!، وصل للقصر ليأخذها إلى الأعلى وسط أنظار خدمه المندهشين من طريقته فقالت بتعجب:-
_ غفران مالك؟ الناس كلها بتبص علينا
لم يُجيب عليها بكلمة واحدة حتى وصل إلى غرفتهما وأنزلها على الفراش فأبتلعت لعابها خجلًا منه وقالت بتلعثم:-
_ غفران ... بص.... أصلا..
قاطعها بقبلته لتهرب منه هذه المرة ونزلت من فوق الفراش بعد أن سقط هو عليه فنظر إليها وقال بتذمر شديد:-
_ ما بلاش الفرهدة دى
_ أحم أنا هروح أطمن على نالا
قالتها وهربت من أمامه ليشد شعره من الغيظ وهو يقول:-
_ ياااا هى نالا كانت بنتها
أخذ نفس عميق وألقي بجسده على الفراش ينظر إلى السقف بشرود فى القادم كجراحته وإجهاض "قُسم" التى ترفض الجراحة تمامًا فأتصل بـ "فاتن" وقال:-
_ حضري العصير لـ قُسم ومتنسيش تحطي المنوم
أغلق الهاتف وهو يفكر فى رد فعلها حين تستيقظ وتجد أنه قتل طفلها بدون علمها لأجل إنقاذ حياتها وهل ستغفر له هذه الخديعة أم ستصبح حياتهما الزوجية فى خطر ؟؟...
يُتبــــــــــــــــــع .......