
رواية حصونه المهلكة
الفصل الرابع والعشرون 24 والخامس والعشرون 25
بقلم شيماء الجندي
طرقت "ندي" أعلي باب المكتب بهدوء ثم فتحت الباب و دلفت إلي الجد المُسن المُنتظر قدومها بهدوء يتكئ بذقنه إلى العكاز يراقب حركتها الهادئه بصمت تام ...
وقفت هادئه على غير عاده تنتظر حديث الجد الذى دعاها منذ فتره وجيزه إلي غرفه المكتب منذ الصباح الباكر حدقت به باندهاش لصمته و كادت تتفوه لتبدأ الحديث لكن دخول عمتها اصمتها عن الحديث لتستمع إلى صوت الجد الهادئ يقول أخيراً :
- تعالي اقعدي جنبى ياندى أنا و عمتك هنقولك كلمتين ..
انصاعت له و اتجهت إليه ترافقه بجلسته فوق تلك الأريكة تراقب ملامحهم الهادئه لتتفوه عمتها و هى تعتدل بجلستها فوق الكرسى أمامهم :
- ندي حبيبتي احنا مش عارفين نتكلم معاكِ من ساعه ما رجعتى بالسلامه ، يعني قعداتك معايا خفيفه اوي ، ايه رأيك تغيري جو هنا شويه ؟!!
عقدت حاجبيها واردفت بدهشه :
- اغير جو فين ياعمتو اللى اعرفه إننا بنجهز للحفله السنويه للمجموعه هنسافر دلوقت ؟!!!
تنهد الجد و هو يربت على خصلات حفيدته فور أن اعتدل قليلاً ليواجهها بنظراته الحانيه و أردف بلطف :
- للأسف ياندي أنا مضطر أسافر ؛ لأنى محتاج جلسات علاج و هاخدها فى لندن عمك مراد جاي معايا و عمتك قاعده هنا إيه رأيك تيجي معايا ؟!!
نظرت لهم بهدوء ثم قالت بصدمه تشير إلى نفسها باستنكار :
-أنا ياجدو ؟!! اجي معاكم ، طيب و عمتو مش هتروح ليه اعتقد حضرتك ترتاح معاها اكتر مني ..
ابتسم الجد لتظهر تجاعيد وجهه اللطيفه و داعب وجنتها بحنو قائلاً بلطف :
- مستغربه ليه ياقلب جدو هى أول مره تسافرى معايا ؟! و مين قالك إنى مش هرتاح معاكِ ؟!!
بللت شفتيها و تساءلت بصدمه واضحه :
- طيب و فهد عارف كده ؟!! ده كان لسه بيرتب معايا اننا نسافر يومين كده ..
أردفت "سمر" فور أن أطلقت تنهيده حاره :
- لا ياندي بس جدو هيقوله ...
نكست رأسها لحظات تفكر بهدوء و الجد و العمه فى حاله ترقب صامته بانتظار ردها .. لترفع رأسها بعد فتره وجيزه تردف بهدوء :
- تمام معنديش مشكله لو فهد وافق ...
ثم وقفت تستأذنهم الإنصراف لتخرج تاركه إياهم بحاله صدمه لقد توقعا مماطله و رفض لكنها ادهشتهم لأول مره ...
أنا لا أريد الاستقامة التامه الكمال للواحد الأحد ، لكنى كالطفل أقف أحيانا مُعانداً من حولى للسير بمفردي فأتعثر و اسقط صارخاً ببكاء مرير ليس ضعفاً ؛ إنما هو كمداً لذاك الفشل البديهى فلا تعجب إن رأيتنى أقف شامخاً مجرد أن تمسح أمى دمعاتى و أعيد تجربتى و أنا على يقين بتعثرى، هكذا الحياه وقفات و عثرات و أنا تعودت نسج قوتى من بقايا ضعفى .. فلا تعجب !!!
#شيماء_الجندى
#حصونه_المُهلكه
-***-
جلست "أسيف" فوق الفراش ترفض محاولات صديقتها المقربة "فرح" بالهبوط معها إلى عملهما لتصيح "فرح" بتذمر :
- يووه يا أسيف إيه البواخه دى قومي بقااا البسي ده أنا جيالك مخصوص لحد هناااا ...
زفرت بغضب تنفخ وجنتيها ثم تعتدل بجسدها فوق الفراش تقول بارهاق من إصرار صديقتها :
- يااافرح قولتلك مصدعه و مش بقدر انزل و اناااا مصدعه متتعبنيش بقا أكتر و امشى ..
نظرت إليها بحزن لطردها لها لكنها انتقلت إلي جوارها تربت على ظهرها هامسه باعتذار :
- متزعليش مني ياأسيف أنا مش عاوزاكِ تقعدى لوحدك و تفكرى كتير عشان بتتعبي و تصدعى أكتر .. و بعدين أنا مش بعرف أنزل المرسم منغيرك .. هقوم امشى و اطمن عليكِ لما تصحي ....
خجلت "أسيف" من فعلتها مع تلك الفتاه الحنون و أمسكت يدها تهمس باعتذار و أعين تائهه دامعه :
- متزعليش منى يافرح أنا حقيقي مش قادره انزل و فعلا طول مانا لوحدي بفكر ، و مش عارفه اعمل ايه ..
عادت الرفيقه الحنون تجاورها تربت على خصلاتها بلطف قائله بتبسم :
- ياقلب فرح أنا مش بزعل منك حد يزعل من ملاك زيك ؟!
صرخت مقلتيها بالحزن تقول بصوت مبحوح على مشارف البكاء :
- مبحبش الكلمه دى بقيت بتتعبنى .. كلهم بيقربوا مني عشان كده يافرح ..
أدمعت أعين الأخرى و هى تراقب كمد صديقتها الحميم الرقيقه و تهمس لها محتضنه إياها :
- ايه الكلام ده يابنتى اللى يقرب منك تيم ياكله بسنانه و أنتِ عارفه كده .. اللى فات مات ياأسيف لازم تنسى عشان تطلعي لقدام مش ترجعي لورا ... و بعدين أنتِ ملاك و نص كمان ..
تنهدت بحرارة و همست لها هى الأخرى :
- تيم أول مره يخبي عليا حاجه كده و ده زعلنى أوى ، مبقتش عارفه اعمل ايه بجد ....
ظلت تربت علي جسدها تمسح دموعها باناملها الحره هامسه لها :
- أنا معرفش حصل ايه لده كله ياأسيف بس اللى أنا متأكده منه إن تيم عمره مايأذيكِ أبدااااا ده روحه فيكِ
رانت "أسيف" بالصمت لحظات ثم رفعت رأسها تزيح خصلاتها خلف أذنها قائله بارهاق :
- هقولك كل حاجه يمكن تفهمى و تفهمينى ...
مر الوقت تسرد لها تفاصيل ليلتها الماضيه و ما قصه عليها طبيبها و أخيها ... تابعتها "فرح" بملامح مصدومه لتهمس بصدمه :
- يعني فهد كااان عارف مكانكم ؟!! و عاوز يعالجك قبل ما تطلقوا ؟!!! طيب طلقك ليه ؟!
عقدت "أسيف" حاجبيها و أردفت باستياء :
- معرفش تفاصيل الطلاق كل اللى أعرفه إن تيم جاب الورقه ليا بعد كان يوم و بس كده ...
لترد "فرح" بهدوء و لطف :
- طيب فين مشكلتك بقي تيم و مكنش يعرف .. يزيد طبيعي ينجذب ليكِ بس اللى مش طبيعى إنك مكنتيش اتعافيتي ياأسيف متزعليش مني ، بس هو كده شبه استغل خوفك من فهد و احساس الذنب عنده هو اللى كان مخليه مش بيكلمك و بيتجنبك ، أما فهد حقيقى محتاره فيه ، يعنى ياأسيف أنا متحطش مكانك ولا أعرف سبب انفصالك من أول شهر جواز بس هو اللى عمله ده كله مايغفرش ليه غلطته عندك و ..
قاطعتها تصيح بأعين متسعه تهز رأسها بالسلب و يديها معاا :
-لالاااا أنتِ متعرفيش عمل ايييه و كل ده ما يغفرششش ..
عقدت "فرح" حاجبيها و تساءلت بصدمه من رفض صديقتها القاطع هكذا :
-ياأسيف محاولاته كتير و فكره إنه بيحاول يعالجك دى صدمتني كنت فاكره انفصالكم باتفاق لكنه شكله عكس كده ...
عقدت حاجبيها تردف بغضب و صوت مرتفع قليلاً :
- لااااا ياااافرح انتيييي مش فااااهمه جوازنا كان غلط و اتصلح و خلاااص انتهي و أنا بكرهه مهمااا عمل ...
مالت "فرح" برأسها قليلاً و اردفت بغضب من اصرار صديقتها :
- ليييه كل ده خااانك ؟!! ضربكككك ؟!!! أيه السبب فهد مثالى
انتفضت واقفه تصرخ بغضب ماقته على صديقتها :
- مثااالى ليكيييي روحى خديييه و شوفي بيعمل إيه بنفسككككك ....
فرغت "فرح" فاهها بصدمه جليه تراقب صديقتها التى تقف و عينيها تقدح بألم و غضب واضح للعيان رُباااه ماذا فعل ذاك الفهد لتتحول هكذا من مجرد حديث ؟!!!
وقفت "فرح" تعتذر مسرعه و قد أدركت أنها نبشت بحرج عميق الأثر بتلك البريئه اقتربت منها بأعين دامعه تهمس لها :
-أسيف اسفه والله مااقصد اضايقك خلاص بلاش نتكلم عنه تانى اوعدك مش هتكلم تانى ...
هدأت تدريجياً تراقب حال تلك الرفيقه التى تطالعها بقلق واضح و حزن طاغى ، و لأول مره تتجرع كأس رفيق الدرب الصالح ....
قالوا يوماً اختر الرفيق قبل الطريق .. أتذكر صديقى ؟! أتذكر حين توكأت عليك يوماً ما و أنا أنزف دماء أوجاعى و طعنات الغدر تحرق أحشائى و أنحائى ، لم تؤلمنى تلك الجروح كما آلمتني دفعتك لىّ بعيداً كأني وباء ، لم تؤلمنى ندوب روحى كتلك النظرات القاسيه التى انطلقت أسهم غدرها تتناثر فوق ما تبقى من طريقى لتُعركلنى ... لكنى عاهدتك حينها أننى بلحظه وصولى نهايه دربى لن ألتفت لأري ماذا فعلت تلك السهام بك؟!!! و أنا على عهدى و وعدى ما حييت ...
#شيماء_الجندى
#حصونه_المُهلكه
اتجهت "أسيف" إلى المرحاض بعد اتفاق مع صديقتها أن تتجهز للذهاب إلى عملها ...
وقف حائراً خارج غرفه شقيقته و هو يطرق الباب للمره التى لا يعلم عددها لم يتمكن من رؤيتها منذ أمس حيث طلبت منه أن يتركها بمفردها لترتاح و هى تتجنب النظر إليه لكنه قلق للغايه !
زفر بارهاق ثم طرق الباب للمره الأخيره و دلف إلى الداخل لتتسع عينيه حيث يرى تلك الفتاه القصيره تتلوى بجسدها برقصات شبه بهلوانيه و هى تتحرك باتجاهه تعطيه ظهرها و تصم أذنيها بتلك السماعات ...
فرغ فاهه لا يستطيع السيطره على ضحكاته و هو يشاهد هيأتها الغافله عن تواجده اقتربت للغايه منه كاد أن يرفع يده و ينزع عنها سماعات أذنيها لكنها تعرقلت فجأة و صرخت برعب أن تسقط أرضاً .....
مد ذراعه مسرعاً يسند جسدها لتتعلق تلقائياً برقبته شاهقه بعنف تكتم بقايا صرختها لتشتعل وجنتيها على الفور و يتلون وجهها بالأحمر القانى و لا زالت عينيها البنيه الجميله متسعه تحدق به بصدمه و عقلها لا يستعب أنه يضحك الآن هكذا أمامها و هى بأحضانه !!!!!!
حدقت به بوله واضح و قد طاحت تلك الضحكات الرجوليه بما تبقي من عقلها .. بدأ صدرها يعلو و يهبط بتوتر و خجل فور أن بدأ هو يهدأ و يحاول نفض هيأتها الكوميدية عن عقله .. توقفت ضحكاته أخيراً ينظر إليها أثناء استقامته بها فى حين أنها لا زالت تتشبث بعنقه و قد سيطرت الصدمه على خلاياها فلم تقوَ على استيعاب أى شيء سوى أنها باحضانه بالقرب من ذاك القلب القاسى الذى امتلك فؤادها بلا عناء ابتلعت رمقها ثم راحت عينيها تتفقد ملامحه الرجوليه برويه و كأن ذاك الرجل ألقى تعويذه سحريه من نوع خاص ليمتلك حواسها ......
رفع يده عن خصرها و قد توترت ملامحه حيث يرى ذاك اللهيب بعينيها الجميله حمحم و كاد أن يرفع يده لإزاحة يديها المتشبثه بعنقه حين طالت فتره تواجد تلك الفاتنه بأحضانه عن اللازم !
انفتح باب المرحاض بنفس اللحظه و خرجت "أسيف" تجفف خصلاتها بالمنشفه الصغيره لتتسع عينيها حين وقعت على هذا المشهد الصادم !
أخيراً أفاقت تلك المُتيمه و انزلت يديها عنه و قد اشتعلت وجنتيها ناهيك عن اشتعال جسدها بذاك القرب المُهلك رفعت عينيها لترى تلك النظرات المصدومه بأعين صديقتها خشت أن تفسر موقفها بشكل خاطئ و أنها تستغلها لتصيح و هى ترفع يديها أمام وجهها بلهجه دفاعيه :
- أنا كنت هقع والله ياأسيف و هو لحقنى ....
نظر إليها الأشقاء بصدمه من ذاك الخوف المبالغ به .. حدق بها "تيم" بابتسامه هادئه ثم تدارك الوضع يقول بلطف متجهاً إلى شقيقته يقول بصوته المبحوح :
- آسف أنا قلقت عليكِ مكنتش اعرف ان عندك ضيوف ...
وضع تلك القبله الحانيه أعلى مقدمه رأسها ثم أزاح خصلاتها المبلله يحتضن وجهها بكفيه قائلاً بحنو بث تلك الطمأنينة و الدفئ بداخلها و أصاب تلك المتابعه بابتسامه صامته بالقشعريره :
-أنتِ بخير ! لسه زعلانه منى ؟! أنتِ متهونيش عليا أبدا ياأسيف مفيش حاجه ممكن تقلتني غير زعلك كده ...
لم تتحمل تلك النظرات من ذلك الرجل كم هو رائع هى حزينه لشعورها أنه تآمر مع رجل آخر حتى إن كان لأجل مصلحتها لكنها تحبه إنه شقيقها الرائع الحنون كما تصفه تلك الفرح المشجعه لها بنظراتها لإنهاء خصامها الغير عقلانى ...
نظرت إليه ثوانٍ معدودة ثم اشرق وجهها الجميل بابتسامه بشوش و أحاطت خصره تدس جسدها الصغير باحضانه تقول بهدوء هامسه بأذنه :
- مقدرش أزعل منك ابداااا ياتيم أنا مليش غيرك ...و مش هحب حد قدك ....
خرجت من أحضانه ترمق تلك الخجوله بطرف عينيها و قد اشتعلت برأسها فكره ما لتقول بصوت واضح :
- تيم ممكن اطلب منك طلب ؟!!
رد باندهاش :
- طبعاً ياحبيبتي ..
أشارت إلى صديقتها بطرف عينيها و قالت بهدوء :
- ممكن توصل فرح المرسم أصل هاخد عربيتها اروح مشوار و عربيتى في التوكيل أنت عارف ..
لم يتثنَ له الرد عليها حين صدرت تلك الشهقه العفويه من تلك الفتاه الجميله مما جعله يشيح وجهه متبسماً بلطف ...
رأيكمممممم مهم جداااا ياقمرات ♥️♥️ وماننساش الڤوت وانتي طالعه🙈😂♥️
🫂🫂🫂🫂🫂🫂🫂
25=الفصل الخامس والعشرون "لي وحدي!"
جلست "فرح" منكمشه بجسدها داخل سيارته و ذاك التوتر اللعين يعبث بخلايا جسدها حيث مشهدها بأحضانه الذى يتكرر للمره التى لا تعلم عددها نظرت ناحيته بطرف عينيها و هى تشعر باليأس الشديد حين وجدته يطالع هاتفه بيد و الأخرى أعلي المقود موزعاً نظراته بين الطريق و بين هاتفه أسبلت عينيها بحزن عميق تفرك أصابعها لتتنهد قائله بانزعاج طفيف :
أسفه تعبتك ...
إلتقطت أذنه نبره الانزعاج الواضح ليعقد حاجبيه و يلقى نظره عليها قائلاً باندهاش :
لا مفيش تعب ..
أجابته باماءه قصيره من رأسها و ابتسامه مقتضبه و عدلت من وضعيتها تطالع الطريق بصمت قاطعه هو باندهاش واضح و قال :
-فرح أنتِ متضايقه مني في حاجه ؟!!
اتسعت عينيها و توترت ليتسلل ذاك اللون الأحمر إلى وجنتيها حيث بدت حائره من تلك الملاحظه الواضحه كيف تُجيبه الآن ؟!! لم يكن عليها أن تُظهر مقتها لتصرفه الطبيعى بتلك الطريقه أبدا ... ابتلعت رمقها تلملم خصلاتها و تهز رأسها بالسلب بصمت تام دفعه لزياده اندهاشه معتقدا أنه فعل ما يغضبها و يجعلها ترفض الحديث دون شعور ، ترك هاتفه جانباً و أوقف السياره لترفع عينيها بصدمه من فعلته حيث ذاك الطريق الهادئ فقط حركه السيارات الماره ما تشغله قليلاً ...
أردف متجاهلاً صدمتها من فعلته معتدلاً بجسده ليواجهها بصوته الرخيم قائلاً :
-فرح مالك ؟!!
و كأن عقلها و قلبها ينتظرا تلك الكلمه لتنفجر باكيه تخبئ وجهها بين يديها بوهن من ذاك الإحراج و الضغط الذى يمارسه عليها ماذا تقول ؟! أحبك ؟!! هل تصارحه بما تكنه بصدرها و تخسر صديقتها المقربه البريئه ناهيك عن كرامتها هل تتوسل محبته ؟!!! هل تترجى قلبه الأشبه بالصخر أن يرى ما بها ؟!! كيف لم يرَ ولهها به ؟!! كيف و كيف ؟!!!
أتسمع ؟!! أتسمع ذاك النبض الخائن الذى يصرخ بين جنبات فؤادي بحروف اسمك علك ترأف ، علك تُجيب توسلاته !! لقد عاهدت نفسي مراراً ألا أشتهى تلك المحبه من قلبك مجدداً ، لتأتي هامساً بأحرف اسمى من شفتيك و تتسلل تلك النبره تدغدغ أحشائى و يرتعش بدنى ضارباً بعهدى عرض الحائط ، صرت كالطفل الذي يراقب النجوم ليلاً متمنياً ألا يأتِ نهار جديد و يُزيل ذاك البهاء ...
صدمته للغايه و هى تحاول كتمان تلك الشهقات الصادرة من شفتيها الصغيرة ، رُباااه هل خبأت نهر بعينيها لينفجر بتلك الطريقه من مجرد سؤال ؟! كيف له أن يعمل لتهدأتها الآن ؟!! انتبه أخيراً إلى يدها التى تذهب إلى مقبض الباب ليُمسك يدها ضاغطا على زر التحكم المجاور له يقول بصدمه :
فيه إيه يا فرح ايه اللى حصلك ؟!! أنا ضايقتك طيب ؟!!
ارتفعت شهقاتها و نفذ صبرها معه لتصرخ باكيه بوجهه بنبره متألمه :
لاااا مضايقتنيش انتتتتت مش فاهم ولااا هتفهممممم افتح البااااب ده خلينى انززززل بقاااا !
ماذا يفعل الآن هل يطاوعها و يتركها بمنتصف طريق فارغ ! لن تسمح رجولته بذلك ، لكن هو يعلم مابها تلك الجميله حقاً قد تسببت بأرق تفكيره و انشغال عقله كيف له أن يوضح لها ما يشعر به !! أحاط وجهها بكفيه على حين غره و قد قرر التصرف معها كما يتصرف مع شقيقته هي تماثلها كثيراً علها تفهمه !!
اتسعت عينيها البريئه و توقفت شهقاتها حين فاجأها بإحاطه وجهها بين كفيه و إبهامه الذى يسير فوق خدها يمحي تلك الدمعات اللعينه التى تثير غضبه رغم أنه يراها لأول مره تطلع إلى قسمات وجهها بهدوء يراقب رده فعلها ليبلل شفتيه مقرراً البوح بما يُقلقه و يشعر به معها محاولاً انتقاء ألفاظه حتى لا يجرح تلك الصغيره :
فرح أنا عارف شعورك ناحيتى بس أنا مش هنفعك ، تجربتى الأولى لسه ليها أثر بيوجع فيا أنا كده ابقى بخدعك صعب أثق فى أى حد و أنتِ جميله و صغيره و مليون واحد يتمني ترتبطي بيه بس أنا صعب ...
كيف له أن يتحدث بتلك القسوة ! كيف له أن يزيد من احراجها و كأنها تتوسل مشاعره هكذا ؟!!! عقدت حاجبيها نادمه على لحظات انهيارها الحمقاء حيث أودت بنفسها إلى صدمه بالغه من كلماته التى اشعرتها بالخجل من عرض مشاعرها و انفضاح أمرها هكذا ، إذا كان يعلم جيداً لقد كانت تظن أنه لايدري لكنه ماكر للغايه ...
عادت برأسها للخلف تسحبها من بين يديه ثم ابتعدت بجسدها عنه تردف بصوت مبحوح :
ياريت توصلني او تنزلني .....
فقط !! لم تجيبه بكلمه واحده و ماذا ينتظر لقد أخطأ بما قاله و انتهى الأمر ....
و حين صرخت بكم مستنكراً إهمالكم مكنونات صدرى و مشاعرى كان ذلك فقط من فرط محبتى ، كنت أريد فقط عناق ! عناق يزيل وجعى و يهون آلامى المبرحه لكن لجهلكم بي ثمناً يدفعه قلبى المكلوم و روحى المبعثره !!!
[حصونه_المُهلكه]
84%D9%83%D9%87?eep=6&tn=NKF)
شيماء_الجندى
-*-
جمعت "أسيف" خصلاتها جانباً تزفر بارهاق من تلك الأفكار التي لا تتركها و شأنها !
لقد اختلطت مشاعرها حين تذكرت الآن ذاك الطفل الصغير الباكى ، لا تعلم لما لا تغيب صورته عنها ! حسنا قد أخطأ الفهد الكبير لكن ماذا عن ذاك الصغير الذى يؤرق أحلامها ؟! و أفكارها الآن !!!
لم تشعر بدخول ابن عمها إلا حين جلس أمامها يطرقع بأصابعه أمام عينيها يلفت انتباهها قائلاً بابتسامه بشوش :
طردتينى امبارح من الاوضه و رغم إنى اتمرمطت طول اليوم عشان أروح أقرب حمام ف القصر الطويل العريض ده إلا اني مسامحك ...
راقبت جلسته فوق المقعد بأريحية تامه بهدوء ثم تنهدت تقول بنفاذ صبر :
-نائل ابعد عني النهارده ....
حدق بها بابتسامه هادئه و أردف ببرود :
-كان نفسي بس اصلك متوصي عليكِ من الراس الكبيره ..
عقدت حاجبيها تقول باندهاش :
-ايه الراس الكبيره أنت بتقول ايه ؟!!
حمحم يراقب ملامحها بتوتر قائلاً و لا زالت ابتسامته العريضه تُزين وجهه :
-اقصد فهد وصانى اطمن إنك فطرتى ...
انتقلت عدوي التوتر إلى ملامحها تسأله باقتضاب :
هو قاعد فى الچيم و باعتك ليا ؟!
هز رأسه بالسلب و هو يقول بهدوء :
-لا هو اختفي من امبارح و مشوفتش وشه الحمدلله و يارب يطول ، بس سابلي الوصايا العشر عليكِ و قالى إنه هيطلع عين أهلى لو معملتش اللى قاله قولت اسيب عين أهلى فى حالها و اجي انفذ اللي طلبه .. ها ايه تاني ؟!
حدقت به بصدمه تردد باندهاش واضح احتل قسمات وجهها :
-اختفي ؟! يعني راح فين ساب القصر قصدك ؟!
ابتسم بخبث و هو يُرقص حاجبيه قائلاً بسخريه :
جرا ايه يا سوفي يروح انقره يبقي فيه سكره ؟!! ماهو كان متلقح قدامك رايح جاى يرزعك آسف .. سامحيني .. حقك علياا ، دلوقت بتسألى عليه ؟!!
عقدت حاجبيها تردف بغضب وحده :
ايه انقره و سكره دى ؟!! أنا بسأل عشانك قاعد بقالك ساااعه بترغي في أى كلام و معطلني و اقولك تقولي متوصي عليكِ و كلام فارغ !!!!
رفع حاجبيه بصدمه وهو ينظر لهدوء الأجواء حوله قائلاً باستنكار :
معطلك إيه ياأسيف ده أنا مش شايف فى إيدك فرشه سنان حتى مش رسم ، قاعدالي على المكتب و سرحانه و تقولي معطلك ؟!
ضرب كفاً بالآخر يكمل بسخرية :
-اطلبيلنا فطار بدل الزهق ده و خلصينا عقبال مااشوف حاجه اشربها .. فرح فين صحيح شوفتها مع الواد تيم الصبح ، البت بسكوته ابعديها عن أخوكِ أنا ب..
قطع كلماته حين اندفعت "فرح" من الباب تُلقي ما بيدها جانباً تداري وجهها بخصلاتها متجهه إلى المرحاض بخطوات أشبه بالركض تغلقه خلفها جيداً ....
وقفت "أسيف" تقول بصدمه :
-فيه ايه!!
اتجهت إلى المرحاض و وقفت تقرع الباب بقلق تسمع رد ابن عمها قائلاً بسخريه :
-بركاتك ياعم تيم !!! البت فرفرت من توصيله اومال لو كنت طولت معاها شويه كانت رجعت ميته .. ؟!
تأوه حين تلقى تلك القطعه الخزفيه الصغيره الموضوعه للزينه من إبنه عمه فى حين تزجره بنظرات شرسه قبل أن تفتح "فرح" الباب و تطل عليهم أخيراً بوجهها المرهق و ملامحها الشاحبه و قطرات المياه تتساقط منها بإهمال تُمسك المنشفه بيدها المرتخيه بجانبها وضعت يدها أعلى باطنها تقول بصوت مبحوح :
-أسيف معلش كلمى روان تيجي تاخدنى أنا شكلى أكلت حاجه غلط تعبتني ..
اندهشت "أسيف" تراقبها بشك قائله بحزن :
-أنتِ كنتِ تمام الصبح ، أنتِ اتكلمتى مع تيم ؟!! طيب لما شافك كده ازاي ما أخدكيش المستشفي تعالى نروح نشوف ليه حصل كده و ...
قاطعتها بهدوء تجفف وجهها قائله بانهاك شديد و وهن :
-لا ياأسيف أنا تعبت بعد ما نزلت من العربيه قولت اتمشى شويه بس واضح الشمس تعبتني كلمى روان من فضلك ، مش محتاجه مستشفي عشان خاطري ما تتعبنيش ..
اطاعتها "أسيف" و اتجهت إلى هاتفها تسمع همس ابن عمها قائلاً بتساؤل :
-مين روان دي ؟!! دكتوره ؟!
هزت رأسها بالسلب قائله بهدوء و هى ترفع الهاتف لأذنها :
-لا دي بنت خالتها .. واسكت شويه بقاا
تنهد يتجه إلي المطبخ صائحاً بصوت مرتفع :
-اعملك حاجه سخنه يافرح ؟!!
أغلقت "أسيف" المكالمه تصرخ به :
-وطي صوتك يانائل .. اروح الصيدليه اجيبلك حاجه يافرح ؟! متسبنيش قلقانه كده ؟!
أغمضت الأخري عينيها تهمس بصوت مبحوح متألم :
-لا ياأسيف شويه و هبقى تمام .....
كنت أود أن أشاركك صديقى بتلك الصفعات التى يكيلها القدر لىّ ، لكنى أخشى ... أخشى أن تمل حديثي و تكل من آهاتي المكتومه ، فلا تلومننى كتمانى و لا تلومننى إرهاقى إن أردت اللوم على أحد لتذهب إلى ذاك القدر المُخادع و اصفعه نيابه عنى مُخبراً إياه أنى لا أُهزم أبداااا ...
حصونه_المُهلكه
شيماء_الجندى
-*-
وقف ذلك الرجل الأشيب يفرك لحيته يبتسم بلطافه لمحدثه الأجنبي مُنهياً اجتماع عملهم بهدوء منتظراً انصراف ذاك الوفد ثم إلتفت إلى "تيم" يقول له :
اومال فين فهد ؟!
تنهد "تيم" يقول بهدوء وصوت صارم قليلاً :
-فهد هيبقي معانا فى الاجتماع الجاى لأن العقود هتتمضى زي ما أنت عارف و امضته مهمه ..
ليتنهد المدعو "فارس" و يقول بهدوء :
اه طبعا أنا اندهشت إنه مش متواجد معانا فى اتفاق زى ده و الحفله السنويه هتعملوها و لا ايه اصل مفيش دعوات وصلت لحد دلوقت اوعوا تنسونى أزعل أوى ...
ابتسم "تيم" له يقول بهدوء ناظراً إلى هاتفه بترقب و كأنه ينتظر مكالمه أحدهم :
-لا متقلقش أنت على رأس القائمه يافارس باشا ..
ابتسم له الآخر و قد ترآى له انشغاله قائلاً :
طيب أنا مش هعطلك هستني الدعوه متنساش ...
صافحه بهدوء منطلقاً إلى الخارج تاركاً إياه ليطلب شقيقته فوراً تنهد يستمع إلي صوتها الهادئ تُجيبه باندهاش :
-خير ياتيم فى حاجه ؟!!
عقد حاجبيه يردف باندهاش :
-حاجه عشان متصل بيكِ ياأسيف ؟!
وصلته الاجابه :
-لا ياحبيبي مش قصدي بس أصل مشغوله مع فرح هخلص و اكلمك ..
وقف علي الفور عاقداً حاجبيه يقول بصوت غاضب :
-ليه مالها فرح ؟!! اشتكت منى ولا ايه ؟!
أتاه صوت شقيقته المندهش :
-اشتكت إيه ياتيم و أنت عملت ايه يعنى هى اللى طلبت منك تنزل تتمشي و تعبت خالص و طلبنا روان جايه تاخدها عشان رفضت تروح مستشفيات ..
دلو مياه مثلج انسكب فوق ذاك الرجل الذى فرغ فاهه لا يفقه ما تقوله شقيقته لكنه أردف بهدوء و هو يلملم اشيائه قائلاً :
-أنا جايلك ياأسيف مش هينفع كده ...
ثم أغلق و لم ينتظر ردها متجهاً إلى الخارج يهمس من بين أنفاسه الغاضبه :
-الله يسامحك ياندي ...
-*-
عوده إلى المرسم ..
دلفت "روان" تقول بحماس و صوت ضاحك يشع بهجه :
مساءكمممم لذيذ ...
رفع "نائل" وجهه يقول بضحكه قصيره :
-ده ايه المساء القمر ده .. معاكِ نائل شريك أسيف هنا .. اتفضلي اقدر أساعدك ؟!
عقدت حاجبيها و نظرت تجاه "أسيف" الجالسه تحتضن ابنه خالتها تهز رأسها بيأس من أفعاله لتصرخ "روان" و تدفعه بصدره بقوه تُزيحه من طريقها ليتأوه بوجع تغاضت هى عنه قائله بقلق :
-فرح ؟!!!! جرالك ايه ؟!!!
اجابتها "أسيف" بهدوء :
-اهدي ياروان هى بقيت أحسن شويه تعبت من الشمس بتقول ..
جلست علي الجانب الآخر ترد عليها بقلق :
طيب و بعدين يا أسيف ناخدها مستشفي .. ؟!!
ردت الأخرى بتنهيده حاره تقول :
من بدري مش راضيه ياروان و تعبتنى .. على العموم تيم قال إنه جاى و ..
صمتت حين خرجت صديقتها من أحضانها تقول بانزعاج طفيف :
-ياجماعه قولت أنا بخير بس محتاجه ارتاح فى البيت هتوصلينى ولا ايه ياروان ؟!!
صاح "نائل" قائلاً بحماس :
-حلو أوى تعالى اوصلك أنتِ و روان ..
أشارت "روان" إليه باستنكار تقول :
-مين الحشري ده ياأسيف ؟!!
رد عليها بابتسامه سمجه يسبق ابنه عمه :
أنا نائل لسه متعرف عليكِ من شويه قبل مااخد بوكس فى صدرى منك ..
ابتسمت بسماجه مماثله تقول ببرود :
-اهلا يانائل ممكن تسكت بقااا شويه ..
كاد أن يجيبها لكن اندفع "تيم" للداخل لتقف "فرح" مسرعه تقول بهدوء فى حين تنسحب جاذبه يد إبنه خالتها تستند إليها بوهن :
أنا همشى ياأسيف و اطمني روان معايا حصل حاجه هتكلم باباها يجيلنا .. يلا ياروان ..
انسحبت و لم تنتظر اجابه أحد تاركه الجميع بحاله يُرثى لها كلا منهم بأفكاره المُرهقه للعقول ....
عليك الاعتياد أن التجربه السيئة ما هى إلا تهذيب لنفسك و وجدانك لتتجنبها فيما بعد و ليس لتغرق داخل أوجاعها....