رواية جفت ورودها الحمراء الفصل الثاني 2 والثالث 3 بقلم وسام اسامة


رواية جفت ورودها الحمراء

الفصل الثاني 2 والثالث 3

بقلم وسام اسامة


كانت تجهز طعام الفطور وهي شاردة تمامًا..عقلها يُفكر في غريب..وقلبها يملكه غريب منذ زمن..نقطة ما داخلها كانت تتسائل لِمَ غريب يرفض الحب..او يرفض حبها !

لِمَ يهرب من مشاعرها وينفي وجود الحب ..يخبرها أن تلك المشاعر ماهي إلا تراهات اخترعها الإنسان ليتعايش مع الطرف الأخر ويتقبل عيوبه


وهو سيتزوجها بكل الأحوال..لا حاجة لوجود التراهات بينهم...تنهدت بقوة وهي تقول..

-آااه ياغريب اااه..إن كان الحب تراهات ..فقلبي ممتلئ لآخره بتراهاته لك..وإن كان الحب كذبة..فأنا لا أعيش سوى على هذة الكذبة..وإن كان حقيقة فقلبي لا يخطئ في حبك ابدا


قطع شرودها صوت هاتفها الصغير وهو يصدر أزيز مزعج ينبأها عن إتصال..لترى اسم المتصل ثم تجيب...

-مرحبًا ياهالة..صباح الخير


-صباح النور ياسندوسة..الفتيات يرتدين ملابسهن هيا جهزي نفسكِ لأني سأبدء في إعداد الفطور


عضت سندس شفتيها بحرج لتقول بخفوت..

-هالة أنا اعتذر..لن استطيع المجيئ..غريب رفض

سنعوضها في يومٍ اخر


-ولم رفض شيخ العرب غريب..مامبررة هذة المره !


-هالة لا داعي لسخريتك..لن تفيد بشيئ

لن استطيع المجيئ..استمتعن أنتن وانا سأجلس لاقرأ قليلاً


تأفافت هالة بغضب لتقول..

-سندس لا يجوز مايفعله خطيبك..انتِ معزولة عن الجميع بسببه..لا هاتف نستطيع الحديث معكِ جيدًا

ولا خروج من الدار...وحتى جلسات حفظ القرآن منعك عنها..متى سيضعك في محجر ويخفيكِ عن الجميع !


تنهدت سندس لتقول بخفوت..

-غريب يخاف علي ياهالة

هو لا يتفاهم في شيئ يخص الخروج من الدار

وانا لا أحب أن اعصيه أو اجادله


صمتت هالة قليلاً لتقول بجمود..

-إن كان شيخ العرب يرفض خروجك..فنحن سنأتي اليكِ بعد أن ننتهي من جلستنا


إبتسمت سندس بمحبة لتقول..

-سأنتظركن ياعزيزتي


-اقرأي في الكتاب الذي اعطيتكِ إياه

عله يفيد ولعك بالورود يازهرة القرنفل


ضحكت الأخرى بقوة لتقول..

-ذكرتني أن أهتم بورودي الجميلة..هيا الى لقاء


-انتظري واجيبيني على سؤالي أولاً

لِمَ تعشقين الورود لهذة الدرجة


-سأخبركِ حينما تأتي هيا الى لقاء


اغلقت الهاتف وركضت سريعًا لشرفة غرفتها المطلة على الحديقة الداخلية لدارهم..وامسك 


انهت إهتمامها اليومي بالورود..ثم جلست على فراشها وامسكت دفترها وبدأت بالكتابة

"منذ دقائق سألتني هالة لِمَ انا مهووسة بالورود..ولكن إجابتي لن تعجبها..لأنها تتعلق بغريب كما كل شيئ بحياتي

احب الورود بسبب غريب..حُبي له يذكرني بمراحل نمو الوردة..نبدء بأول مرحلة...وهي البذور


بذور حب غريب داخل قلبي..وزرع اسمه في كياني

وربط ارواحنا معًا..وكذالك مصائرنا


"مراحل نضوج الورد بماء الحب.."

او بمعنى اوضح..مراحل زرع غريب داخل السندس


1- البذور.

 


كانت مجرد طفلة تلهو بين الأطفال..وتركض خلف الخراف وجدائلها المائلة للون الشمس بفعل زيت الزيتون وحرارة الشمس التي يتعرض لها شعرها بإستمرار


وجنتاها السمراوتين المشعتين بالحمرة ووجهها المستدير جعل منها طفلة لذيذة تود لو تضم وجنتها برفق من فرط شقاوتها


وقف عمها وهتف بقوة...

-الى الداخل ياأولاد..وكفى باللعب بالخراف ياسُندس

واذهبي لتنظفك أمك هيا


عبست ووقفت أمامه بعيون الجرو الحزين..

-عمي أنا لا ألعب بهم..انا ألعب معهم

لا اريد أن أدخل الآن


زمجر الواقف جوار عمها راجي قائلا بحدة..

-اصمتي يافتاة ولا تردي على من هو أكبر منكِ


نطق بها إبن عمها غريب البالغ من العمر خمسة عشر عامًا بملامحه المراهقة التي تبدء بمرحلة النمو

لتنكمش سندس خوفًا من صياحه


ليقول راجي برفق وهو ينظر لغريب..

-ياولدي لا تفزعها منك..انها مجرد طفلة في الثامنة

لا تجعلها تخاف منك من الآن


نطقت سندس بجبن...

-انا أخاف منه كثيرًا ياعمي

يصرخ بي دائما ولا يود أن ألعب مع البقية


ضحك راجي وامسك وجنتها قائلا...

-لا تلوميه ياصغيرة..هو يحافظ على ماهو ملكًا له من الآن

يود أن تكون زوجته فتاة مؤدبة لا تلهو دائما


نطقت الصغيرة بجهل..

-زوجته كيف ياعمي


أشاح غريب وجهه بعدم رضا..ليقول راجي..

-زوجته بمعني الفتاة التي سيكمل معها حياته

وينجبوا أطفال صغار يمرحون حولهم..ويكون هو سندها وهي حبيبته


لم تستوعب سندس أيًا من كلماته لتقول..

-سنشتري أنا والأخ غريب أطفال من بائع الأطفال


ضحك راجي ليقول بحزم..

-نعم ستشترون أطفال..ستكون سندس لغريب وغريب لسندس..والآن كوني فتاة مطيعة وكفى لعب واتجهي لوالدتك كي تحممك


إبتسمت بحماس وهي تقول..

- اتفقنا


ثم ركضت تقول بصوتٍ مرتفع...

-سندس لغريب وغريب لسندس وسنذهب لنشتري أطفال

هييييي سندس لغريب وغريب لسندس


وكانت تلك الكلمات هي البذرة التي زُرعت داخل التربة

كي تنبت وردة كبرت على الحب واللهفة

ولكن هناك مراحل عدة مرت بها تلك البذور حتى تصبح الآن وردة في ريعان ربيعها وجمالها"


أغلقت دفترها أخيرًا عندما دلفت والدتها التي قالت بهدوء..

-ألن تذهبي لصديقاتك !


-لا ياامي..سأتين هن الىّ بعدما يُنهين جلستهن

انا سأقرأ قليلًا الى أن يحين موعد قدومهن


لتقول حكيمة بضيق..

-غريب رفض ذهابكِ !


-وما الجديد ياأمي..نعم رفض


-يالله..اخبريني كيف ستتحملين العيش بمفردك

لا تخرجي مع رفيقاتك..ولا تذهبي لأخواتك..ولا تذهبي في أي مكان عدا بيت عمك فقط..كيف تتحملين يابُنيتي


زاغت عيناها لتقول بخفوت..

-غريب يخاف علىّ ياامي..وأنا لا امانع خوفه

ومالجديد في الأمر..منذ طفولتي وانا لا اخرج من الدار إلا للضرورة..لما لا اتحمل الآن


تنهدت حكيمة وجلست جوارها تقول بقلق..

-لأنكِ الآن في ريعان شبابك يابنيتي..في العشرين من عمرك..سن الزهور..كيف تقضيه بين أربع جدران

وشهور قليلة وتصبحي زوجتك وتتحملين مسؤليات على عاتقك..إذًا يجب أن تسرقي المتعة قبل زواجك

لا أريد أن تضيعي شبابك كما اضعتي طفولتك ومستقبلكِ


لا اريدكِ أن تكوني نسخة مني ياابنتي

يجب أن تحظي بوقتٍ سعيد قبل أن تدخلي بيت غريب

والذي سيصبح سجنك الأبدي


تحدثت سندس بحزن...

-امي لم تنظرين لغريب تلك النظرة الظالمة

بالتأكيد لن يسجنني في بيته..بل سيعوضني عن كل هذا 

انا احب غريب ياامي..ولا أرى اي تحكم او ظلم فيما افعله بحياتي


-وتركك للمدرسة ليس بظلم !

وعزلك عن الجميع ليس ظلم

ومعاملتك بجفاء ليس ظالم

هل اعماكِ حبك لهذه الدرجة ياسندس

انه كـ أباكِ يابنيتي ..سيضيع عمرك هباءا


انهت حكيمة كلماتها والدموع تجري على وجنتيها على حال ابنتها..وعلى حال قلبها ومستقبلها مع غريب

لتقول سندس بطيبة وهي تعانقها...

-لا تقلقي ياعزيزتي..كل شيئ على مايرام

انا سعيدة مع غريب..وسأكون اكثر سعادة وانا في بيته

انا احبه ياأمي..احبه للغاية


صمتت حكيمة بألم وهي لا تجد رد على حديث سندس

إبنتها غارقة في حب غريب لأذنيها..حتي صارت صماء عن الحقيقة..وعمياء تجاه مايجري

الزهرة غرقت لآخرها في ماء الساقي..ومصيرها الموت لا محال.

                                    """


وجفت ورودها الحمراء..


                              الفصل الثالث

قلب غريب الكتاب بين يديه وهو عابس الوجه يتوعد لعاكف ..طلب منه كتاب عن السياسة ليجلب له ذاك المخبول أخر عن الحب والعشق !


دخل عاكف المحجر وهو يحدق في هاتفه ويضحك بإندماج على مايعرض في شاشة الهاتف

ليجد شيئًا صلب يصتدم في وجهه بعنف وترك ندبة حمراء فوق عينه اليُمنى...ليصرخ عاكف بغضب...

-هل فقدت عقلك ياغريب كدت تُصيب عيني


وقف غريب بحدة ليقول..

-تستهزء بي ياعاكف..تستغل كوني لا أُجيد القرائة وتجلب لي كتاب عن العشق يامخبول


تأوه عاكف وهو يمسد تلك الندبة ويقول بضيق..

-تضربني وتلقيني بغضبك ايضًا !

لم اكن اسخر منك..بل اخدم تلك المسكينة سندس


جعد غريب وجهه بجمود ليقول..

-وما دخل سندس بالكتاب..هل هي من طلبت منك ذاك الخبل لتقنعني بتلك التراهات


جلس عاكف على أحد الأحجار الضخمة ليقول بتأنيب..

-بل انا من اردتك أن تصدق تلك التراهات..اردتك أن تعطي سندس نصف ماتعطيك..كفاك تحجرًا ياغريب

النساء تعشق الغزل والحب..وانت لا تجيد سوى الأوامر والصمت


-هل اشتكت لك لتعظني !


-لا لم تشتكي..سندس لا ترى تقصيرك حتى

ولكن هالة ترى ووالدتنا ترى وكذالك الجميع ياغريب

حتى أنني سمعت ابي يخبرك أن تتصل بها كل فترة لتطمئن على حالها


تنهد غريب ليقول بهدوء...

-لا دخل لك ولا لخطيبتك هالة ولا لأمي ولا لأبي ولا للجميع..انا اعرف كيف اعامل زوجتي


-غريب..هل تود ترك سندس

ان كنت لا تريدها سنجد حل ياأخي

سنحاول تسوية الأمور و..


قاطعة غريب بدهشة..

-اترك سندس !

ولِمَ اتركها من الأساس..كُتبت لي منذ أن كانت بعمر الثامنة

فتاة اعرف طباعها وأحفظ شخصيتها أكثر من كف يدي

من أين لك بهذا الحديث الفارغ


غضب عاكف ليقول بحدة...

-يارجل لم أعد افهمك..لا تود تركها

ولا تود أن تعاملها كما يجب..ماذا تفعل الفتاة تقتل نفسها


-لا..لن تقتل نفسها

سأعلمها الأدب من جديد كي تكف عن الشكوى 

وإخباركم بما يدور بيننا


وقف عاكف سريعًا يقول..

-اخي اقسم لك أن سندس لم تحادثني ابدا

الفتاة تخجل من خيالها هل تظن انها قد تتحدث معي


أجابه غريب بهدوء واثق..

-أعلم انها لم تحادثك مباشرة..سندس لا تحادث الرجال

علمتها منذ صغرها ألا تحادث سوى والدها وعمها وشقيقها وانا


ارتاح عاكف قليلاً ليقول بمهادنة...

-ها انت تقول انها لا تحادث أحد..


قاطعه غريب بحدة...

-ولكن تحادث خطيبتك تشتكي لها ولأمي ولأبي

درسها الجديد ألا تخبر أحد بما يدور بيننا

وانت..كفاك تدخل في كل شيئ..كونك اخي لا يسمع لك بالتدخل بما بين زوجين أفهمت


هز عاكف رأسه بإبجاب وقال..

-فهمت


-ماذا فعلت في  


ثم غادر سريعًا ليضع عاكف يده على وجهه ويهمس...

-غبي ياعاكف..الآن سيصب كل غضبه على تلك المسكينة


بينما اتجه غريب لدارهم ليغتسل ويغير ثيابه التي طُبع عليها رمال الأحجار..واتصل بعمه يُعلمه انه سيأتي الى بيتهم بعد الغداء..ليرحب به العم ويدعوه أن يشاركهم غدائهم..رفض دعوته بتهذيب..واخبره أنه سيكون حاضرًا بعد الغداء


وافق العم وأغلق غريب الإتصال ليجد والدته تقف خلفه باسمة وهي تقول..

-هل اشتقت لسندس بهذة السرعة


-شيئا كهذا


-ولم تقولها وانت عابس هكذا

يابني إبتسم وفك عقدة حاجبيك هذة


لم يجيبها غريب وظل يعبث في خزانته لتقول..

-أتعلم بما تذكرني عقدة حاجبيك


كرر خلفها بإهتمام...

-بما تذكرك !


-تلك الترابيس الصدئه التي تعلو الأبواب


نظر لها عاتبًا وقال..

-اهونت عليكِ ياأمي أن تصفيني بترابيس صدئه


إقتربت وحاوطت وجهه بحنان لتقول...

-لم اقصد ياعزيزي كنت امازحك فقط..ولكن هذا لا يمنع أن عبوسك بشع


ضحك غريب ليقول..

-جائت لتكحلها اعمتها


شاركته الضحك لتقول بعدها...

-متى ستحدد مع عمك موعد زفافكم


-لا اعلم..ربما في القريب

والآن هيا أود أن اتناول الغذاء  ولكن قبلها سأصلي الفريضة قبل أن تفوتني ياأم غريب


خرج من الغرفة ومن الغرفة لخارج المنزل كي يذهب للمسجد..لترفع عفاف يداها وتقول بحنان...

-هداك الله وأصلح حالك وهدى بالك ياغريب

ادى غريب صلاة العصر ثم تناول غدائه مع عائلته

ليتجه بعدها الى بيت عمه ليجلس معه قليلاً

ليقول عمه بجديته المعهودة...

-كيف حال العمل ياغريب


-كل شيئ على مايرام ياعمي

العمال أنهوا عصر الزيتون واستخلاص الزيت

كما أنهم بدأو بتصديره للتجار


-جيد

ليقول بصوتٍ مرتفع...

-القهوة ياسندس


ماهي إلا دقائق ودلفت سندس بالقهوة ذات الوجه الثقيل كما يحبها غريب...ركز غريب على سندس وبسمتها الجميلة..ووجهها الأسمر البهيي

سندس جميلة حينما تبتسم فتتورد وجنتيها

ورائعة عندما تعبس وتضيق عيناها


من حسن حظه أن سندس كُتبت له دونًا عن باقي شباب العائلة..سندس تجمع بين الجمال والهدوء والطاعة واللطف

عيبها الوحيد تفكيرها في الحب والغزل..دون ذالك تبدو مثالية


شرد في ذاك اليوم الذي اعترفت بحبها له كما تزعم

حينما عُقد قرانهم..وكان لابد من جلوسهم والعشاء بمفردهم..حينها بدأت تسرد ذكريات لهم..وكانت تصفها بالذكريات الذهبية حينما قالت بخجل..

-تذكر حينما كنت عالقة في بيت الخراف والمطر منعني من الخروج وجئت أنت لتخرجني وانا في حالة بكاء هيسترية


عقد حاجبيه حينها ليقول...

-لكن هذا منذ خمس سنوات تقريبًا..لِمَ تذكرتي الآن !


إبتسمت لتقول..

-وايضًا حينما صعدت على الجرار وتحركت به بحماقة

وكدت ادهس جرو جارنا..وانت ايضًا انقذتني واوقفت الجرار


عقب على تلك الذكرى بهدوء...

-وبعدها وبختك حتى بكيتي وركضتي على دراكم


عبست لثوان قبل أن تقول بلين..

-وبختني لأنك كنت تخشى علىّ دائمًا

كنت ولازالت حارسي وبطلي


توردت أكثر لتقول وهي تنظر له بعيونها اللامعة..

-كنت أعلم دائما انك جواري..لن اتعثر طالما أن يدك لا تتركني ابدًا..ولن ارتطم بالأرض لأنك تحاوطني من كل إتجاه...لذالك أنا احبك ياغريب..احبك منذُ الصغر

وحتى الكبر


كان يسمع حديثها وهو صامت..واجم..لايدري كيف يخبرها أنه لا يؤمن بتلك الكلمة..بل لا يصدقها حتى

ليقول بهدوء...

-في الماضي سمعت شيخًا كبير يقول ان الحب ماهو الا كلمة تبرر انجذابنا الجسدي أو الفكري لأحدهم

وآخرون يحاولون التأقلم مع الشركاء بإسم الحب

وهناك البعض يقولونها للإحتفاظ بالشريك..ولكن الحقيقة أن تلك الكلمة واهية..لا وجود لها

يوجد إحترام ومودة..لكن تلك التراهات ليست في قاموسي ياسندس...وايضا لا أحب ان اسمعك تقولين تلك الكلمات..مفهوم


كانت دهشتها واضحة..ليست دهشتها فقط بل خيبة مُرة

ودموع تتوافد على وجنتيها..وذالك لم يمنعها أن تحرك رأسها بإيجاب وهي تردد بخفوت...

-مفهوم


إستفاق من شروده على صوت عمه وهو يقول...

-قهوتك بردت يابني..أين كل هذا الشرود

-لا شيئ فقط تذكرت امر ما بالعمل

سلمت يداكِ ياسندس


بادلته سندس بإبتسامة صافية وهي تقول..

-هنيئا لقلبك ياغريب


نظر غريب الى والدها ليقول..

-أود الجلوس مع سندس ياعمي من فضلك


وقف عمه وهو يقول بجدية..

-خذ راحتك يابني..واسرعوا بتحديد الزفاف..انت جاهز وكذالك سندس..خير البر عاجله


ثم خرج من المجلس ليشير غريب الي المقعد المجاور له ويقول لسندس...

-تعالي ياسندس اجلسي جواري


وقفت سندس بإستحياء واتجهت له لتجلس جواره

ليقول غريب بجدية...

-سأسلك سؤالاً ياسندس ولا أريد الكذب


ردت بلهفة خائفة...

-لم اعتاد الكذب ياغريب


اشتد وجه غريب ليقول بصبره النافذ..

-لا تقاطعيني ياسندس..حينما انهي حديثي تحدثي

اظن انكِ تعلمين أداب الحديث..مفهوم


طرقت رأسها ارضًا بحرج لترد..

-مفهوم


-سندس انا رجل تربيت على القوة والحزم..وتعلمت أن كل شيئ جيد طالما بين إثنين..ولكن حينما يخرج لثالث ويتحدث به رابع..ويجادل به ثالث يصبح الأمر مهزلة والخصوصية منعدمة..لذالك ودون كثرة حديث مايحدث بيننا لا يخرج لثالث..وان فعلتِ ستنالين عقابك مني

مفهوم ياسندس


-ولكن انا لا أقول اي شيئ عنا لأحد..لا اذكرك سوى بالخير و..


قاطعها غريب بحزم...

-اخبرتكِ أن لا تكذبي..تتحدثين مع خطيبة عاكف

وتتحدثين مع والدتك ووالدتي وابي لا تكذبي ياسندس

قولي مفهوم وفقط


ردت سندس بعيون لامعة من الدموع...

-اقسم أنني لا أكذب انا


زجرها بحدة قائلا..

-قولي مفهوم ياسندس


اطرقت رأسها ارضًا لتقول بضعف ونبرة مهزوزة من البكاء..

-مفهوم


صمت غريب ونظر اليها مليًا وهو يتابع دموعها التي تسقط تائهة..ورأسها المنخفض..وهمهماتها المكتومة

ليقول بعدما تنهد...

-اذهبي وامسحي دموعكِ واغسلي وجهك ياسندس


رفعت عيناها الذهبية له وهي تستجدي حبه وحنانه

كانت ترجوا أن يربت على كتفها ويقول بلطف..

" لا تحزني "


ولكن خاب أملها ووقفت تجر أذيال خيبتها لتغسل وجهها كانت والدتها تتابعها من خلف الباب بحسرة..لتهمس..

-اااه ياسندس..تمنيتك لتوفيق الذي يهواكِ وبتمنى لو تكوني زوجته ويعطيكِ من السعادة اضعافًا

ولكن قلبك ساقكِ للذي سيسقيكِ من الألم ارتالًا


اتجهت سندس لغريب من جديد وجلست جواره بصمت ليقول غريب...

-لابد من تحديد موعد زواجنا..اي يوم يناسبك !


ردت بخفوت..

-كما تريد أنت وابي


عقد حاجبيه ليقول بدهشة..

-وكيف سنحدد أنا واباكِ إن كان هذا الأمر انتِ الأعلم به


-اليوم الذي ستحددونه أنا جاهزة له


تنهد غريب وهو يمسح على وجهه وكله حرج..كيف يوصل لها الأمر..تمتم بخفوت وهو يشيح وجهه عنها...

-يوم الزفاف يحددنه الفتيات لأسباب خاصة بهن

اااا....اممم..كيف أوصلها لكِ


دُهشت سندس من حيرته لتقول..

-انا لا افهمك


مسح على خصلاته الطويلة وقال بجدية...

-اسألي الخالة حكيمة وهي تخبرك..وحينما تحددي ماالمناسب لكِ هاتفيني


هزت رأسها بإيجاب ووقف ليقول بعدها..

-سأذهب الآن وتذكري حديثي ياسندس..مابيننا لنا

ما يحدث بيننا لا يجوز أن يعلمه الغير

مابين سندس وغريب يظل لهم..مفهوم


وقفت تقول بطاعة إعتاد عليها...

-مفهوم


هز رأسه بإيجاب وكاد أن يذهب ولكن إقترب منها ومال على وجنتها ليطبع قُبلة طويلة يستشعر فيها دفئ بشرتها

وابتعد ليقول بعدها بحدية تحمل بين طياتها بعض اللين..

-لا تبكِ مجددًا ياسندس


كانت سندس متخشبة بمحلها وجسدها يرتعش دون توقف وانفاسها تضمحل داخل صدرها أثر تلك القبلة وذاك القرب بينهم..ورائحة المسك الذي يضعه احتلت رئتيها لتحرك رأسها بإيجاب..ليبتسم غريب ويربت على وجنتها وغادر


بينما سندس مدهوشة من ذاك القرب اللذيذ..والأول مره يقترب منها غريب ويبعثرها من قبلة على احد وجنتيها

غريب يملك جاذبية خطيرة على قلبها..وقدرة عظيمة على تغيير حالها من حزن الى سعادة تجعلها تُحلق في سماء الحب


اتجهت سريعًا الى غرفتها وارتمت على الفراش وهي تهمس بحب شديد..

-ياالله كم احبك ياغريب ..الحب لغريب..وغريب فقط


ثم امسكت دفترها و وسجلت ماحدث بينهم منذ دقائق

ثم تابعت كتابة مراحل حبها لغريب


"ثاني مرحلة لإنبات ورود الحب في قلبي لغريب..مرحلة بداية وردة عودها لازال أخضر ضعيف..عود يهزه الكلمات..وتحركه هواء العواطف والإدراك..مرحلة تشبه قول أحدهم لشخص ما " انت لازلت عود أخضر "


كنت أنا ذاك العود الأخضر حينما بدأت بذور الحب تأخذ كفايتها داخل أرض غريب


المرحلة الثانية

2- الإنبات


تحدثت عفاف باسمة وهي تمسد على رأس سندس وتقول...

-كبرتِ ياسندس..واستطال شعرك ووصل لخصرك..إلتف عودكِ لتكوني "ست البنات"...هنيئا لك ياغريب..إن شاء يتزوجك غدًا


خجلت سندس وأنزلت رأسها أرضا لتقول حكيمة بجدية..

-الفتاة لازالت صغيرة ياعفاف اتمت عامها الثالث عشر فقط لم يحن وقت زواجها


تجاهلتها عفاف لتقول...

-بسم الله ماشاء الله..صغيرة وصارت كالقمر

ولدي محظوظ بها ياحكيمة


-شكرًا لكِ ياخالتي

عانقتها عفاف لتقول بلطف..

-ياقلب خالتكِ انتِ...


ثم مالت على اذنها لتقول..

-اخبريني يا سندس..هل تميلين لغريب


رددت سندس بخجل..

-ماذا تقصدين بتميلين !


إبتسمت حكيمة بدهاء لتقول..

-اقصد هل تحبين غريب..سعيدة أنه سيكون زوجك

وحبيبك !


- حبيبي !


-نعم حبيبك ياسندس..عندما تصبحين زوجته سيكون حبيبك ورفيق دربك وكل شيئ بالعالم..هيا اخبريني هل انتِ سعيدة !


-سعيدة ولكن..أليس الحب حرام وعيب ياخالتي

ابي وامي يقولون هذا دائما


تحاشت عفاف نظرات حكيمة الفضولية لتقول...

-لا ياقلب خالتك..ليس حرامًا او عيب..ولكن إن كان هذا الحب للرجل الذي سيشاركك حياتك فهو حلال

بمعنى أن كلمة الحب تكون لغريب..وغريب فقط


هزت سندس رأسها بإيجاب لتردد بخفوت..

-الحب لغريب فقط


 قلبها صار يخفق لأول مره أثر تلك الكلمات الغريبة على سمعها..هي لا تسمع كلمة حب سوا بالأفلام..وحينما يراها والدها ترى تلك الأفلام يغلق التلفاز ويصرخ بها


حتى والدتها تمنع عنها تجمعها مع اي فتاة كي لا يتحدثن في أمور "الكبار"...الحب حرام وممنوع في منزلهم

والآن علمت انه يجوز أن تحب غريب إبن عمها الواجم


        الفصل الرابع والخامس من هنا 

   لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات